- إنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي حصل له من الكمال وعلوّ المقام في الوصال ما لا يُدرَك له غاية، ولا يُوصَف مطلقاً قال: (جُعِلت قرّة عيني في الصّلاة) ..، ولهذا كان يقوم حتى تتورّم قدماه الشريفتان.
- ولذلك كانت الصّلاة أفضل ما يُتَقَرَّب به إلى الله تعالى كما قال تعالى: (وَاقْتَرِبْ) .. أي بكثرة صلاتك وسجودك لتزداد قُرباً، فإنّ الوارِدَ على حسب الوِردِ.
- فمن ظنّ أنّ ما وصل إليه هو الغاية، فما أضلَّه عن السّبيل وأبعدَه عن الطريق المستقيم.
- بل الكامل هو الذي يرى أنّ ما وصل إليه وتحقّق به من المعارف والأسرار الربانية عبارة عن غَرفة مِن بحرٍ ورَشفَةٍ مِن نهرٍ، بل كلّما ازداد شُرباً ازداد عطشاً ظمئاً. وهكذا أبداً لا ينتهي شُربَه ولا ينتهي عطشه ..
- وهذه هي فائدة المحافظة على الوِرد في الطّريق، لأنّ الوارد لا يكون بغير وردٍ ..
- لأنّ التجلّيات مِن الله تعالى ليس لها حدّ ..
- وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إن لله نفحات فتعرّضوا لها). والتعرّض لها يكون بالوقوف في الباب ناصباً نفسه قائماً على ساقٍ مجتهداً في أداء حقوق الرّبوبيّة مما تطلبه من الخدمة والعبوديّة، كما أمر الله عزّ وجلّ نبيَّه بذلك في قوله: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الشرح7-8 ..، مع أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم كان في عبادةٍ دائمةٍ، وتوجُّهٍ دائبٍ، وقيامٍ مستمرٍّ، ومع ذلك أمره الله تعالى بزيادة النّصب والتوجُّه، والتفرّغ لعبادة ربّه.
- فكيف بك أنتَ وغالب حركاتك وسكناتك لهو وغفلة وإعراض !!! أفتطمع في الكمال والوقوف على الحقيقة بتعبٍ قليلٍ هذا بعيد وبعيد.
- فأين أنتَ مِن هؤلاء الملائكة الكرام المعصومين؟ فقُم واجتهد في عبادتك، ولا تقُل وصلتُ وحصلَ المراد، فتخسر أكثر مما ربحتَ.
- لأنه يجبُ على طالب الحضرة أن يكون في ترقٍّ دائمٍ، وسيرٍ دائبٍ، فإنه كلّما سار ترقَّى، وكلّما ترقَّى ظهر له أنّ ما كان فيه مما كان يراه وصلاً وكمالاًَ نقصٌ عظيمٌ.
- وإلى هذا أشار النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بقوله: (إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة)، لأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم كان دائماً في الترقّي والسّير إلى المقامات العالية والرُّتَب السّامية في الحضرة المقدّسة. وكلّما وصل إلى رُتبةٍ ومقامٍ ظهر له صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ ما كان قبل ذلك كان: نقصاناً فاستغفر الله تعالى منه.
#- ولهذا قال أبو الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه لمّا سُئِل عن معنى هذا الحديث قال: "غينُ أنوارٍ لا غين أغيارٍ".
- وإلى هذا الإشارة بقوله تعالى مخاطبا نبيَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم في سورة الضحى: (وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى) الضحى:4.
يعني بذلك: أنّ ما يحصل لك مِن الترقّي في الكمالات في اللّحظة التالية للّحظة الأولى خير لك منها، وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية له، كما لا نهـاية للكمالات الإلهية والأسرار القدّوسية. (انتهى نقل كلام الشيخ الغماري رحمه الله).
3- حديث أحوال الملائكة في السماء .. لم أجده بنفس اللفظ الذي ذكره الشيخ الغماري رحمه الله .. ولكني وجدته بلفظ
آخر هكذا في الآتي:
- في (حديث فيه ضعف وقد جعله بعض العلماء
مقبولا لأن ضعفه ليس بشديد): قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا فِي السَّمَاوَاتِ
السَّبْعِ مَوْضِعُ قَدَمٍ وَلَا شِبْرٍ وَلَا كَفٍّ، إِلَّا فِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ،
أَوْ مَلَكٌ سَاجِدٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ
مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ إِلَّا أَنَّا لَمْ نُشْرِكْ بِكَ شَيْئًا)
رواه الطبراني وغيره .. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير، وفيه عروة بن مروان
قال الدارقطني: كان أميا ليس بالقوي ..، وذكره بن حجر في تحفة النبلاء على قصص
الأنبياء: بأنه رحاله لا بأس بهم .
- جاء في (حديث صحيح) .. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّه لَيُغَانُ علَى قَلْبِي، وإنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
في اليَومِ مِائَةَ مَرَّةٍ) صحيح
مسلم.
- جاء في (حديث صحيح) .. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ
في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً) صحيح البخاري.
- والله أعلم.
--- اخوكم الوليد -----
ردحذفرحم الله الشيخ صديق الغماري و شكر الله لك هذا النقل الموفق
ياريت الجميع يقرأوا الجزئين ..نسأل الله الثبات.
ردحذفأستاذي الحبيب خالد،
ردحذفلعلّ الشّيخ الغماري رضي الله عنه، لعلّ في كلامه أيضا يقع بعض سوء فهم لأمثالي لولا توضيحكم حول معنى الحضور القلبي الذّي كنت لوقت قريب جدّا أفهم أنّ المقصود به هو العبادات، بخلاف المعاملات. وهنا أنموذج لكلام وارد جدّا قراءته بفهم ربّما مختلف لمقصوده عند بعض السّالكين أستاذي الحبيب :
- " قال: (جُعِلت قرّة عيني في الصّلاة)، ولهذا كان يقوم حتى تتورّم قدماه الشريفتان؛فأين أنتَ من مقامه، ورتبته، ووصله .."؛
- "(واسجُد) فإنّه أفضل العبادة وأحبّها إلى الله كما ورد. ولذلك كانت الصّلاة أفضل ما يُتَقَرَّب به إلى الله تعالى كما قال تعالى: (واقترب) بكثرة صلاتك وسجودك لتزداد قُرباً، فإنّ الوارِدَ على حسب الوِردِ."؛
- " ومع ذلك أمره الله تعالى بزيادة النّصب والتوجُّه، والتفرّغ لعبادة ربّه"؛
- "فكيف بك أنتَ وغالب حركاتك وسكناتك لهو وغفلة وإعراض !!! أفتطمع في الكمال والوقوف على الحقيقة بتعبٍ قليلٍ هذا بعيد وبعيد."؛
- "[...] قالوا: سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك، غير أنا لم نُشرِك بك شيئا). فأين أنتَ مِن هؤلاء الملائكة الكرام المعصومين؟ فقُم واجتهد في عبادتك، ولا تقُل وصلتُ وحصلَ المراد، فتخسر أكثر مما ربحتَ".
فأنظروا يرحمكم الله لهذا الكلام كيف لأمثالي الذّي لولا أن علّمتموه منذ سنوات أن لا يرجو من الغيب إلّا العفو والغفران والرّضا منه ومحبّته سبحانه، وأن لا يطلب وصالا قلبيّا إلّا مع نبيّه صلّى الله عليه وسلّم ومحبّته، كيف لمثلي إن قرأ عبارة "أفتطمع في الكمال والوقوف على الحقيقة" أن لا يريد مكاشفة صفات الله ويطمع فيها، أليست هي من الحقيقة التّي قد يُقدِّر معناها من لا يفهم من السّالكين أنّ الشّيخ يدعوه لأن يرجو الوصول إليها؟ لطفُ الله بنا كبير.
أيضا، العبادة قد تنحصر عند من يقرأ العبارات المذكرورة، قد تنحصر في الصّلاة وسجودها، بل في كلام الشيخ هناك مقارنة مع ما تفعله الملائكة من عبادات وبين ما يمكن فهمه كترغيب واضح لا لبس فيه للسّير على منهاجها إن لم يكن اكثر؛ فالحمد لله أن تعلّمنا منكم سابقا شروحا واضحة في مفاهيم العبادة (معاملات مع الحق ومع الخلق)، فوالله لغاية البارحة ما كنت لأفهم أنّ مفهوم الحضور القلبي الذّي عناه العارفون في كلامهم له معنى آخر غير الحضور القلبي في العبادات مع الله (صلاة، تسبيح...)، وأنّهم إنّما يدعون السّالكين للمجاهدة للحصول على نفس هذا الشّعور في الحضور القلبي حتّى في المعاملات.
ما كنت لأفهم المعاملات مع النّاس طلبا لرضا الله حتّى وأنا مستشعر رقابة الله، ما كنت لأعدّها نوعا من الحضور القلبي بالنّسبة للعارفين؛ ولعلّي لو اعدت قراءة ما كتبه الشيخ الغماري رضي الله عنه لفهمته الآن بطريقة مختلفة، فالأكيد أنّه إنّما كان يخاطب سالكين يميّزون بين العبادات، بل ولعلّهم طلّاب علوم شرعيّة حينها فيفهمون مقصوده حتّى وإن لم يصرّح به؛ فالحمد لله على هذه المدوّنة المباركة وأن أقامكم عليها أستاذي الحبيب، فنعم الرّباط ما أنتم فيه.
جزاكم الله عنّا أعلى مقامات الرّضوان أستاذي الأكرم، اللهم آمين آمين آمين يا رب العالمين.
نعم كما قال نزار نعم الرباط ما أنتم فيه...
حذفوزادكم من أنواره وفضله...
لأنه كلما زادكم زدتمونا...
وغفر لنا ولكم...
اللهم بارك كلام جميل جدا محتاجين نقرأه يوميا لرفع الهمم .
ردحذفجزاك الله عنا خير جزاء يا استاذنا وبارك الله فيك
تذكرت استاذي حادثة سيدنا عبد القادر الجيلاني التيا اخبرتنا عنها لما ضهر له نور وهوا مع مريديه في الطريق يقول له ..لقد وصلت وواسقطنا عنك فرض الصلاة..فرد عليه سيدنا عبد القادر الجيلاني..انك الشيطان نعوذ بالله منك ..فلو ان فرض الصلاة يسقط لكان اولى بالرسول عليه افضل الصلاة والسلام...ولنا الدعاء باللهم يامقلب القلوب ثبتنا على طاعتك والذكر والشكر والصلاة..حفضك ورعاك الله اساذي العزيز
ردحذف