ما هو المقصود بتسخير الجن ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

ما هو تسخير الجن ؟

ما معنى التسخير ؟

التَّسخير: سياقة إِلى الغَرَض المختصّ به قهرًا، قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} ، فالمسخَّر: هو المقيَّض للفعل.

"يراجع : بصائر ذوى التمييز ص 203 "

سخره تسخيرا: ساقه قهرا إلي غرض معين، واسم المفعول مسخر، وهي مسخرة وجمعها مسخرات.

سخر: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) " 2/الرعد".

إذن يفهم مما سبق أن التسخير هو استخدام الطرف الآخر عن طريق اخضاعه بالقهر الى مطلوب معين ..

******************

:: والسؤال الان ::

:: ما هو تسخير الجن ؟ وكيف يتم تسخيره ؟ ::

هو اخضاعه للعمل معك قهرا أو للإستمتاع به ..

أ- فحضوره قهرا .. وذلك بأمر من الله وهذا خاص بالأنبياء ولم يحدث لا لسليمان عليه السلام .. 

ب- أو للإستمتاع به عن طريق عزائم روحانيه يتم بها استحضار الجن لتنتفع بقدراته في عالم الإنس .. وهذا خاص بعموم الناس ..


* ويكون ذلك عن طريق ثلاث طرق..

* الطريقة الاولى : وهى أن يجعل الله للإنسان سلطان على عالم الجن .. وهذه منحة من الله يعطيها لمن يشاء بلا اسباب .. وهؤلاء هم الأنبياء .. وممن اشتهر عنه ذلك كان سيدنا سليمان الذى أكرمه الله باخضاع الجن له والشياطين بإذنه تعالى  .. 

قال تعالى :( وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ) " سورة الانبياء 82 "

قال تعالى :( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) ) (سورة سبأ 12-13 )


* والمعنى من التفسير الوسيط لطنطاوى : 
 " والمحاريب: جمع محراب. وهو كل مكان مرتفع، ويطلق على المكان الذي يقف فيه الإمام في المسجد، كما يطلق على الغرفة التي يصعد إليها، وعلى أشرُف أماكن البيوت.
قالوا والمراد بها: أماكن العبادة، والقصور المرتفعة.

* والتماثيل: جمع تمثال وقد يكون من حجر أو خشب أو نحاس أو غير ذلك.

وذكر قول القرطبي "وهذا يدل على أن ذلك كان مباحا في زمانهم، ونسخ ذلك بشرع محمد صلّى الله عليه وسلم "  .

* والجفان: جمع جفنة. وهي الآنية الكبيرة. والجواب: جمع جابية، وهي الحوض الكبير الذي يجبى فيه الماء ويجمع لتشرب منه الدواب.

* والقدور: جمع قدر. وهو الآنية التي يطبخ فيها الطعام من نحاس أو فخار أو غيرهما.

* وراسيات: جمع راسية بمعنى ثابتة لا تتحرك.

أى: أن الجن يعملون لسليمان- عليه السلام- ما يشاء من مساجد وقصور، ومن صور متنوعة، ومن قصاع كبار تشبه الأحواض الضخمة، ومن قدور ثابتات على قواعدها، بحيث لا تحرك لضخامتها وعظمها." انتهى بتصرف .

* الطريقة الثانية (طريقة الاستمتاع بالجن) : عن طريق الخلوة والرياضه الروحيه .. مع وجود عزيمة روحانية يقرأها الروحانى أثناء خلوته ورياضته . ويطلب فيها ان يكون لديه مدد روحانى  أو خدمة روحانيه من عالم الجن .. ليفعل بها كذا و كذا ..

- يقول تعالى: (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ) الأنعام128

- ومن ذلك الاستمتاع هو طلب المنفعة بالحماية منهم .. كما في قوله تعالى  ( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً ) الجن6

- وهذا الإستمتاع كما هو ظاهر من آية الأنعام السابقة .. أنه حرام .. أي الاستمتاع بالجن حرام بنص القرآن .

* الطريقة الثالثة (طريقة الأذى بالشيطان) : مثل الطريقة الثانية لأنها نوع من الاستمتاع بالجن .. ولكن هذه الطريقة يكون للإنسان ارادة فعلية في التعامل مع الشيطان .. مع تدنيس الكتب السماوية اثناء رياضته مع طلبه للزنا .. وهذه تسمى بالطريقة السفليه ..

- ومن ذلك .. أولئك الذين يسحرون للناس ..

- كالذين يفرقون بين المرء وزوجه:
قال تعالى : (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)) سورة البقرة 102

* عموما لا تخرج طرق تحضير الجن وتسخيره عما سبق ... 

*********************

والان لدينا سؤال هام 

هل فعلا يسخر الانسان الجن ؟ ام الجن الذى هو يسخر الانسان ؟

* فى الطريقة الأولى : نجد أن الذي سخر الجن لسليمان هو الله .. وليس سليمان هو الذي فعل شيئا ليسخر به الجن ..!!
- وقيل أن الذي كان يسخره سليمان فقط هو الشياطين وليس المؤمنين .. والله أعلم .

يقول تعالى: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) ص36-40

.. وعموما نجد أن سيدنا سليمان كان خضوع الجن المؤمن له طاعة لله .. وكان خضوع الشياطين له عن قهر واذلال وايضا بأمر من الله ..
- فلا تجمع بين سليمان وغيره من الخلق .. لانه كان له نبوة و مُلك خاص به وليس مجرد تسخير جن وشياطين ..

* والطريقة الثانية والثالثة : فأنت تكون مسخرا لأحكام الجن والشياطين بطريقة كاملة .. فهم من يفرضون أحكامهم عليك وأنت من ينفذ الأوامر أولا .. حتى ينفذوا أوامرك ثانيا .. يعني أنت من تكون الخدام الذليل لهم لينفذوا لك مطالبك . 

********************

وختاما نضع سؤال :

لماذا يسعى الانسان ليكون له خدمة من الجن ؟

الاجابة ببساطة .. حب الشهرة والمال أو الانتقام .. والبعض يزعم أنه يسخرهم لحمايته وعلاج الناس ..!!

 

1- فأصل الفتنة هو حب الشهرة في أن يكون له تميز على العالم المحيط به ويشير الناس إليه أنه صاحب كرامة ..!! وغالبا يصاحب ذلك سلب الناس أموالهم بالنصب و الإحتيال عليهم بوهمهم أن بهم أسحار أو جن عاشق راكبهم بيحركهم (شي حا) زي الحمار ..!!

- ومن هذا الصنف .. ستجد بعضهم يخبرك أنه يستخدمهم للحماية أو لعلاج الناس .. !! وهذا شخص ضحك عليه الجن بهذه المقولة .. حتى نسى كلام الله أن المعيذ من العالم الروحاني هو الله وليس الجن .. ولو كان في قلبه الله لكان ذكره الله بهذه الآية: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً ) الجن6 .

 

2- وأيضا البعض يسعى بتسخير الجن للإنتقام نتيجة ما يسكن في نفسه من الغل والحقد والحسد ليؤذي الناس ويخرب حياتهم بطريق خفي انتقاما منهم بسحره أو بتسليط شياطينه ليشبع غله وحقده وحسده فيهم .. 

**************************

أخي الحبيب

- استعن بالله وتوكل عليه .. فالنافع والضار هو الله .. والمعطي والمانع هو الله .. والباسط والقابض هو الله .. والمقدر مكتوب ..  ولن يكون الا ما كان من أمر الله .. فادعوه وفوض الأمر إليه ليكشف عنك السوء .. ولا تكن عبد ذليل لعالم الجن والشيطان إذ لا حول ولا قوة له إلا بقدر ما يأذن الله في ملكه وحسب ما قدره وقضاه سبحانه ..  

قال تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) النمل62

هو الله .. هو الله .. هو الله

.. ففى كتاب الله وسنة نبينا ما يغنينا عن كل شئ ..

*******************************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .