لماذا لم يظهر سيدنا محمد بصورة الراهب والزاهد كبوذا وكنفوشيوس ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا لم يظهر سيدنا محمد بصورة الراهب والزاهد كبوذا وكنفوشيوس ... ؟

سؤال طالما يجول فى النفس حينما نقرأ عن أحد المصلحين فى التاريخ كبوذا .. فنرى فى كلامهم حكمة وبصيرة .. (وكثير من كلامه إضلال لانه ينكر الالوهية اجمالا ) .. وهذا هو كل كلامهم وغالبه عن الحكمه ...فنجد فى النفس روحه عن قراءة هذه الحكم .. 

 فنسأل أنفسنا لماذا لا نجد هذه المعانى دائما فى سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام .. وهو خير الخلق وأعظمهم وأوجههم عند الله تبارك وتعالى .. 

أقول وبالله التوفيق .. 

انه صلى الله عليه وسلم لم يأتى بالحكمة فقط كما أتى بها هؤلاء وإنما أتى بتشريع كونى شامل نواحى الحياة سواء الاجتماعية او السياسية او العلمية او الأخلاقية ..... أى جميع نواحى الانسانية .. وهو ما جعل سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم نور الزمان وشمس العرفان فى الكون .. لان رسالته كانت شاملة وجامعة لقوانين تحكم الانسان بما يجعله يعيش حياة سوية ونقية غير مبتذلة .. 

فهو صلى الله عليه وسلم .. أشبع برسالته جميع غرائز الانسان التى يرتكز عليها فى انسانيته .. وهى العقل والقلب والروح .. 

ولا يوجد نبي ولا رسول ولا مصلح جمع له كل الفضل مثل سيدنا ومولا نا محمد صلى الله عيه وسلم ..

فأنت حينما تقرأ لبوذا مثلا او كونفوشيوس او ما شابه .. فأنت قد تجد شيء من الحكمة .. وإن كانت ليس الحكمة المطلقة ( أى حقائق ربانية ) وإنما حكم دنيوية ( فراسة دنيا ) يمنحها الله لمن يشاء من خلقه اذا اخذ العبد باسباب الوصول الى ذلك مثل الزهد والخلوات وما شابه .. 

أما حكمة محمد صلى الله عليه وسلم .. فهى 

أولا  : أحد أوجه رسالته وليس كل رسالته

ثانيا : هى ليست تتحدث عن فراسة دنيوية وانما عن حقيقة ربانية لما عليه الكون فى الماضى والحاضر والمستقبل .. لأنها رسالة خاتمة وعامة لجميع البشر

وعموما لن نطيل فى الموضوع .. وأختم بكلمات عن السيرة النبوية (نقلا عن كتاب عدة الداعية للدكتور / فرج الوصيف )

يقول الكاتب .. " تجمع السيرة النبوية وهى الجانب العملى للإسلام ممثلا فى شخص النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام .. عدة مزايا تجعل دراستها متعة روحية وعقلية وتاريخية ..

أبرز مزايا السيرة النبوية

1- انها اصح سيرة لتاريخ نبي مرسل او عظيم مصلح .. فقد وصلت الينا عن اصح الطرق العلمية واقواها ثبوتا مما لا يترك مجالا للشك فى قبولها

2- ان حياة رسول الله واضحة كل الوضوح فى جميع مراحلها منذ زواج أبيه عبد الله بأمه آمنه حتى وفاته صلى الله عليه وسلم .. وكل أحواله سنة بعد سنة .. حتى قال بعض النقاد الغربيين : ان محمد هو الوحيد الذى ولد على ضوء الشمس .. اى ان سيرته واضحة فى كل مراحل حياته لا يغيب عنها شيئا

3- السيرة النبوية تحكى لنا سيرة انسان أكرمه الله بالرسالة فلم تخرجه عن انسانيته ولم تلحق حياته بالأساطير ولم تضف عليه الالوهية قليلا ولا كثيرا .. خلافا لما يروية النصارى والبوذيين عن عيسى وبوذا .. ولذلك يتضح لنا الفرق بين هؤلاء وسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام .. فادعاء الالوهية للآخرين جعلهما ابعد منالا من ان يكونا قدوة نموذجية للإنسان فى حياته الشخصية والاجتماعية .. بينما سيظل صلى الله عليه وسلم .. المثل النموذجى الانسانى الكامل لكل من اراد الحياة الكريمة فى نفسه واسرته وبيئته .. وصدق الله ( لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر )

4- سيرةالنبي شاملة لكل النواحى الانسانية في الانسان .. فهى تحكى لنا سيرة الشاب الامين المستقيم قبل الرسالة ، وسيرته كداعية ، و سيرته كرئيس دولة ،و سيرته كزوج و أب ، و سيرته كإمام عادل ، وسيرته كمربي مرشد لاصحابه ، و سيرته كمحارب شجاع ، و جار امين ، و معاهد صادق ، و قائد منتصر ..

اى ان سيرته شاملة لكل النواحى الانسانية في المجتمع مما يجعله القدوة الحسنة الصالحة لكل داعية وكل قائد وكل اب وكل زوج وكل صديق وكل سياسي وكل رئيس دولة .. وهذا الشمول لا نجده في سير المرسلين السابقين ومؤسسي الديانات والفلاسفة المتقدمين والمتأخرين

5- سيرة محمد تعطينا الدليل على صدق رسالته .. فمن عرف قصر المدة التى استغرقتها رسالته حتى وفاته وهى ثلاثة وعشرون سنة أيقن ان محمد رسول الله حقا ، وان ما كان الله يمنحه يمنحه من ثبات وقوة وتأثير ونصر ليس الا لأنه نبيا حقا .. وما كان الله ليؤيد من يكذب عليه هذا التأييد الفريد في التاريخ ..

فسيرة محمد تبين لنا ان ايمان العرب به لم يكن بسبب معجزاته المادية وانما بسبب الادلة القاطعة على نبوته وصدق دعواه .. وكان يكفيه في ذلك المعجزة القرآنية . التى تلزم كل منصف عاقل ان يؤمن بمحمد ويصدق برسالته ) " انتهى كلامه "

هذا وبالله التوفيق

والله أعلم 

اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم