العطاء الإلهي .. والعطاء الرباني .. والعطاء الروحاني .. معرفة وأسئلة وشبهات فى النفس

بسم الله الرحمن الرحيم

العطاء الإلهي .. والعطاء الرباني .. والعطاء الروحاني

أريدك أن تعرف فى البداية أننا نتحدث عن عطاءات .. وليس عن آلهة متعددة .. حتى لا يتشتت دماغ أى قارئ للموضوع ..

فإذا تكلمنا عن عطاء الربوبية او عطاء الالوهية .. فكأننا نتكلم فى الفارق بين اسم الجلالة " الله " ، واسم الجلالة " الرب " .. 

فنظرة الله للعبد بكل صفة من صفاته لها دلالة ولها معنى ولها عطاء خاص .. للانسان

فافهموا ذلك جيدا .. رجاءا .. لأن الموضوع صعب شوية .. ويحتاج تركيز

نعود فنقول ..

يتبادر إلى أذهاننا أسئلة .. ولكن نصرف عقولنا عنها لأننا غالبا لا نجد لها إجابة .. ولكن كيف تكون مؤمنا قويا وتحيط بك الشكوك والشبهات ؟

كثير من الناس لا يميزون بين العطاءات فى الكون .. وبالتالي يحدث لديهم تضارب فى وائع حياتية تحدث معهم .. ولكن حتى لا يكون الموضوع غامضا .. سنشرح لكم الموضوع بمثال صغير ..

هذا المثال هو : جميعنا يرى أن الهنود لهم كرامات ، والمسيحيون لهم كرامات ، واليهود لهم كرامات ، والمسلمين لهم كرامات ، والبوذيون لهم كرامات .. إلى آخر الطوائف الدينية ..

والسؤال الآن : من الذى على حق فى هذه الطوائف ؟

وبمعنى آخر : اذا كانت طوائف غير المسلمين على باطل .. فلماذا يظهر لهم كرامات ؟ 

وقبل أن أجيب على هذا السؤال .. فإن أهل كل طائفة يسألون هذا السؤال لأنفسهم .. أن كانوا هم على الحق .. فلماذا تظهر كرامات على يد الطوائف الاخرى ؟

والإجابة على السؤال من ناحيتين :

أولا : السؤال خطأ .. لأن الحديث عن كرامات نفسية وليست كرامات دينية .. وبالتالي من كانت همته وعزيمته قوية .. كان هو المؤثر فى الآخر ..

وهنا يتبادر للذهن سؤال  : أليس الكرامة النفسية جزء منها يعتمد على الدين ؟

لا .. إلا إن اعتبرنا أن الشيطان له دين .. والبوذية دين .. والهندوسية دين .. ، وكذلك اعتبرنا الحسد وهو عزيمة نفسية .. كذلك نوع من الدين ..!!!

فجميعها عزائم نفسية لها همة وقوة روحية .. من مدد الله .. ولكن كيف ذلك ..؟ ستعرف الآن .

ثانيا : يجب عليك أن تفهم .. أن العطاء الذاتي لله .. له توجهان :

التوجه الأول : عطاء إلهي للمؤمنين فى الدنيا .. وهو خاص بالمؤمنين بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم .. وهذا العطاء يبدأ مدده بالتأييد الإلهي للمؤمن بالتوفيق للإيمان الكامل ..  وقد ينعم الله على بعض خواصه وأحبابه بمكاشفات روحية من عالم الملكوت .. وهو خاص بأهل الصفاء من هذه الأمه المحمدية

ووهناك عطاء التثبيت في عالم البرزخ .. وعطاء الشفاعة والنعيم في الجنة في الاخرة .. 

التوجة الثاني : وهو عطاء الربوبية .. وهو عطاء فى عالم الملك ( وهو كل ما هو موجود أسفل السماء الدنيا ) .. وهو خاص بجميع الخلق .. فالشمس فلا تحجب نورها عن الكافر .. والمال ليس فى يد المؤمن دون الكافر .. والعلوم الكونية جميعها من عطاء الربوبية .. والتي من جملتها العلوم الروحانية ..

الآن .. هل عرفت الأن الإجابة على السؤال ؟

أن كل الطوائف التى تحدث معها كرامات .. أو خوارق عادات .. 

لا تكون إلا عن حالتين :

أولا : طهارة قلب : وهذا الانسان يمنحه الرب تبارك وتعالى كرامة على صحة قلبه ..  ( وفرق بين من طهر نفسه لنفسه .. وبين من طهر نفسه لربه ) وكذلك ( فرق بين من طلب الصفاء لتهذيب نفسه ، وبين من طلب الصفاء لدخول حضرة ربه )

ولكل مقام مقال ..

ثانيا : فساد قلب : وهذا الانسان يمنحه الله مدد الشيطان إهانة على بعده عن الله ..

وفى كلتا الحالتين .. هما من عطاء الربوبية .. فالمدد الطيب والخبيث .. من عطاء الرب وليس من عطاء الإله .. لأن العطاءات ربانية .. ولم يحجب عنها إنسان ..

قال تعالى {كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً }  الإسراء20

تأمل الآية .. قال : ربك .. ولم يقل إلهك .. لأن العطاءات الدنيوية فى غالبها عطاءات للجميع .. لأن الله لا يظلم الناس شيئا .. ويوفيهم جميعهم معطيات الحياة .. حتى لا يقول أحد فى الاخرة : يارب انت حجبت عني كذا وكذا .. 

فاذا رأيت شخصا تصنع على يديه أعاجيب .. فاعلم أنها من عطاءات الرب .. وكل الناس يستطيعون تحصيلها .. 

ولكن الشيء الوحيد الذى لا يحصله احد إلا أمة محمد .. المكاشفات القلبية الملكوتية الحقة التي أخبر عنها الرسول .. وعطاء الآخرة .. الذي بلا حدود .. !!

العطاء الروحاني : هو جزء من العطاء الرباني .. مثله مثل علم الهندسة والطب والزراعة .. وأى علم آخر .. إلا أنه تعتمد على فساد القلب وصلاحه .. ( لأنه يتوقف عليه استحضار قوة روحية طيبة او خبيثة .. ويتوقف عليه مدد الانسان الداخلي لقرين السوء أو قرين الخير ) .. أما سائر العلوم الكونية فتعتمد على بصيرة وقوة العقل .

والآن أريدك أن تعرف شيئا .. لا تنظر إلى شيخا روحاني .. وتظن أنه وليا لله .. ولا تنظر إلى نفسك أيها الروحاني وتظن نفسك وليا لله .. 

فإن ما معك هو مع غيرك الذى على غير دينك .. لأنها عطاءات ربوبية ..

ولا تتهم الآخرين بالباطل ولا تتهم دينك بالنقص .. فقد يكون أحد الاشخاص لديه مواهب روحانية أعلى ممن هم فى دينك .. وهذا أكيد ..

أليس يوجد أطباء مهرة غير مسلمين .. وأطباء غير مهرة مسلمين ؟

فلا تنظر الى الموضوع أنه ديني .. ولكن أنظر إليه على أنه ارتقاءات نفسية للإنسان .. ويمنحها الله لمن يشاء .. سواء خيرا أو شرا ..

فكلها علوم كونية وليست دينية

والعلوم الروحانية تتوقف على القدرات النفسية ( العزيمة والهمة )

أما اذا أردت أن تعرف القدرات الدينية .. فابحث عمن أصبح حاله فى معية الله بالكلية  .. 

هل هذا موجود ..؟ 

نعم .. ولكن أين ؟

استمع لهذا الحديث وانت تعرف ( إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه " رواه البخاري

تنيه لهذا الحديث بالذات فيما يتعلق بالولاية حتى تفهمها بصورة صحيحة : 

أن ولي الله قد وصفه تبارك وتعالى فقال :  {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ .  الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }   [يونس:62-63].

أى يجب ان يتحقق بالإيمان والتقوى ظاهرا وباطنا .. وما عدا ذلك .. فهو ليس وليا لله ..

فالشيخ المبروك .. والروحاني الجامد .. وأصحاب العفاريت .. ممن لا يتبعون النبي صلى الله عليه وسلم .. ليسوا بأولياء ولا حتى صالحين .. وأمرهم إلى الله .. إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ..

فيا أمة حبيب الله .. أفيقوا .. وكونوا أقوياء بعلمكم .. ولا تجعلوا كثيرا من هؤلاء يستولون على عقولكم .. و يكفيكم فخرا قوله تعالى ( واعلموا أن فيكم رسول الله ) 

آه .. لو تعرفون قدر هذ الآية .. آه

 *******************

سؤال فى الختام  : كيف تعرف قوة دينك الروحية ؟

الاجابة : اذا ارتقيت بصفاء حالك مع الله .. وطهرت قلبك .. واخلصت فى طاعتك .. وكنت مؤمنا تقيا .. 

فالآن ستعرف مدى قوة دينك .. بمجرد أن تقرأ آية واحدة  ..

وتذكر .. ان عطاء القدّوس لا يمنحه لعبَّاد النفوس

أى لا يعطيه لمن يعبدون أنفسهم .. وينسون ربهم

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة - ا/ خالد ابوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .