أحوال الجن مع الناس .. هل يستطيع أحد ان يسرق روحانيتك ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

.. أحوال الجن مع الناس ..
:: هل يستطيع أحد أن يسرق روحانيتك ؟ ::

 

- موضوع اليوم .. كلمني في بعض الناس .. وهو يسأل .. فلان عاوز يسرق الروحانية مني .. أو فلان سرق بالفعل روحانياتي مني .. وهكذا ..

فما صحة هذا الكلام وحقيقته ؟

أقول وبالله التوفيق .. بسم الله .

*********************

#- بداية أقول: ما المقصود بكلمة روحانيات .. عند الروحانيين وعند أهل الله المحبين ..؟!

 1- عند الروحانيين:  هي العلاقة مع العالم الناري .. أي مع الجن .. استمتاعا به ويستمتع بهم .. ويبدأ يحدث لهم ارتقاء في صفاتهم النفسية الثلاثة (كبر - عجب - رياء) .. لجذب أعلى القوى الروحانية ليستمتعوا بها .. ويتميزوا بها على الناس .. 

- وغالبا ما تأتي هذه القوى الروحانية في صورة ما يرغب فيه الإنسان .. فالذي يرغب في الدين فيجعلونه من الأولياء .. والي يرغب في الجن يجعلونه قاهر الجن .. وهكذا .. 

- والروحانيون نوعان .. نوع عاهد الجن .. ونوع مسه الجن ..

2- وعند أهل الله المحبين: فالروحانيات يعنون بها أحد أمرين:

أ- روحانيات مُؤانِسة: وهي صفات القلوب التي يرتقون بها إلى الله كالإخلاص والرضا واليقين والتوكل والتوبة وما شابه ذلك .. وهي التي تشرق أنوارها على القلب كلما زكت النفس وتطهرت واحسن في العلاقة مع الله في العبادات والمعاملات .

- فيوآنسهم الله بهذه الصفات في القلب ليبقيهم في معيته سبحانه وتعالى .. وكلما ارتقوا في المعاملة مع الله كلما ارتقت صفاتهم ووجدوا أنسا في قلوبهم ليس لأحد غيرهم .. والإحسان جزاءه الإحسان .. فيقدر عملك يكن مددك .. وبقدر اتصالك يكن وصالك.

 

ب- روحانيات مُجالِسة: وهي تشمل الملائكة نتيجة ذكر الله فيجالسونه .. وقد يحضر من باب المحبة في الله بعض الجن المؤمن أثناء الذكر محبة فيك ليذكر معك .. كما تأتيك الملائكة فتجالسك محبة في الذكر الذي تذكره .. ثم لا هذا ولا ذاك يفتنك في دينك ولا يشغلك به .. لأنه يريدك مشغولا بالله .

 *********************

:: وخلاصة ما سبق ::

1- الروحانيات عند الروحانيين : الغرض اتصال بالجن.

2- والروحانيات عند أهل الله : إما وسائل ارتقاء مع الله بالصقات القلبية .. أو مجالسة في الله محبة لله .. ولا حول ولا قوة إلا بالله لهم في هذا ولا ذاك .. ولا يهم وجود روحانيات المجالسة .. فوجودهم كعدمه لأنهم مشغولون بالله .

#- وعلى وفق ما سبق .. نفهم أن الروحانيات هى روحانيات تسكن بمعانيها في قلب المؤمن أو روحانيات خارجة عن الإنسان كروحانيات المجالسة .. والجميع هو نتاج عمل الأنسان .. سواء خير او شر .. 

 *********************

(فإذا علمت ما سبق .. فهذا أوان الإجابة على سؤال الموضوع)

# هل الروحانيات ممكن أن يسرقها منك أحد ؟ #

#- قلت (خالد صاحب الموضوع):

- ما الذي تقصدة بالروحانيات حتى نعرف أن نجيب عليك ؟

1- لو كنت تقصد بها الصفات القلبية أو الملائكة .. فلا يمكن .. ولا يقول بذلك إلا إنسان غير عاقل .. لأنها نتاج عمل صالح مع الله وعملك لا يسرقه منك أحد .. بل يرفعه ويبارك فيه .. والعمل الطالح (الفاسد) فان الله يحبطه ويسلطه على صاحبه .. فكما تدين لله تدان به ويظهر على أحوالك .

2- ولو كنت تقصد بالروحانيات عالم الجن .. فما يشغلك أن سرقوك أو خطفوهم منك ؟!! فإذا حدث ذلك فلا تشك لحظة إنهم شيطان وقد صرفه الله عنك .. لأن ما كان من الله وهبا فلا يسلبه الله احد منك كسبا .. أفلا تعقلون ؟!!

- ثم لماذا تبحث عن الجن ؟ ولا تبحث عن الله ؟!! فهل المؤمن يبحث عن مدد الله أم مدد الجن ؟!! 

- فإن دل طلبك لمدد الجن ورغبتك فيه ورجاءك منه .. فإنما يدل على أنك مستمتعا بهم ومعتقدا فيهم وراجي منهم .. وأذكرك بقوله تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيم) الأنعام128.

#- فالممدود من الجن مخذول .. والممدود من الله موصول .. فاختار طريقك .. ولا تنسى أن الأنفاس قليلة ويوم القيامة قريب .

*********************

:: فيما يتعلق بعالم الروحانيين: وهما نوعين ::

#- النوع الأول (من عاهد الجن): وهم الذين يتصلون بالجن عن طريق العزائم وخلافه .. 

- فلا أحد يسرق خدمتهم لوجود عهود بينهم وبين الجن .. ولكن من الممكن أن يفسد عليك روحاني أخر ما معك من روحانية .. ويقلبهم عليك .. لأن معه جن أعلى من الذين معك .. وبالتالي يستخدم عليهم الإرسال الروحاني ليضايقهم وبالتالي سيضايقونك ..

- النوع الثاني (من مسه الجن): من يذكرون ويتعبدون ويتريضون بالأسماء الحسنى او يكررون آيات معينه .. طلبا للشهرة وحب الظهور بالكرامة .. فلم يطلب الله فى الحقيقة وانما طلب غير الله .. ولذلك تسلطت عليهم الجن .. وربنا لا يظلم أحد .. والأعمال بالنيات.. فمن طلب الله وجد الله .. ومن وجد غير الله وجد غير الله ..

- فقد يصدف ويقابلهم روحانية من عالم الجن يجالسونهم .. ليس من باب الخدمة والعهود .. وإنما من باب التلبيس عليهم حالهم .

- ومن تلبس عليه حاله ومسه الشيطان .. فمن الأفضل أن يدعو الله أن يصرفهم عنه .. أو أن يسرقهم أحد منه ..!!

*********************

:: وفيما يتعلق بأهل الله المحبين ::

 

- وهم من يطلبون رضا الرب والسالكون الى الله .. ويرتقون بصفاتهم مع الله .. فهؤلاء القوم لا يوجد أحد من الروحانيون يستطيع أن يفسد عليه حاله مع الله أبدا .. لأن من كان مع الله .. فلا يفسد حاله أبدا فى حال المعية الربانية .

- ولا يسلبك أحدا أبدا ما وهبه الله لك .. لأنه نتاج عملك الصالح .. والعمل الصالح هو عملك مع الله .. فكيف يسلبه منك أحدا ؟

- ولكن أنت وحدك الذى تستطيع إفساد حالك مع الله وهجر روحانيتك لك .. وذلك بالعمل السيء وترك الطاعات .. أو تفتن بعالم الجن والروحانيات وتعتقد فيه ..!!

- ملحوظة: قد يأتي السالكون الى الله روحانية من الجن المسلم الصالح الصادق مع الله .. من باب مجالسة الصالحين والاستماع الى القران .. ولكن الفرق بينهم وبين روحانية النوع الثاني من الروحانيين .. هو أن روحانية الجن المسلم الصالح الصادقة مع الله التى تأتي إلى أهل الله من الإنس .. لا تشغل العبد الا بعيوب نفسه وتساعده على الذكر والارتقاء بصفاته القلبية مع الله .. وقد تأتي لطلب العلم من الإنس لو كان من العلماء العارفين بالله .. وهم لا يحكم عليهم أحد ولا يسرقهم أحد لأنهم في معية الله وليسوا في معية العبد ..!!

*********************

:: انتبه يا مؤمن ::

1- لا يستطيع أحد سرقة روحانيات أحد موهوبة من الله .. ولكن عند المتعاملين مع الجن .. فهذا يحدث .. لأنهم اختاروا الجن وكيلا لهم من أنفسهم لأنفسهم .. فتركهم الله وأنفسهم .. يسرقون خديمهم وأولياؤهم من الشياطين والجن .. كالذين يقومون بسبي الناس في الحرب واعتقالهم لخدمتهم ..!!

 

2- أما أهل الله فمحال أن يسلبهم أحد حالهم .. لأن حالهم مع الله .. ولا يسلبهم أحد روحانيتهم سواء المؤانسة أو المجالسة .. لأنهم إنما جاؤوا مدد من الله أو محبة في الله ..  وما أعطاه الله لك وهبا .. فلا يسلبه منك أحدا منك كسبا ..

***************************

* إذا كان الله هو الفاعل بوهب هذا العطاء الغيبي الذي لا أسباب فيه .. فكيف يسلب أحد منك هذا العطآء ؟!! 

- تأمل معي الأدلة التالية:

1- يقول تعالى: (وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يونس107. 

2- ويدل ذلك واضحا في كلام حذيفة بن اليمان حينما تكلم عن الاسراء والمعراج .. وحينما أشار إلى ربط البراق ..قال : ( ويتحدثونَ أنه رَبَطَهُ لِمَا لِيَفِرَّ منه .. وإنما سَخَّرَهُ له عالِمُ الغيبِ والشهادةِ ) .

- وفي هذا دلالة أن ربط البراق ليس السبب لأن البراق ممكن أن يهرب .. لا ..

- لأن البراق مُسَخَّر من الله .. وطالما هو مُسَخَّر من الله .. فعليه تكليف من الله بالبقاء وجوبا وليس اختيارا ..

* فما يمنحه الله لك وهبا (أي مدد منه) .. لا يسلبه منك أحدا أبدا كسبا (أي بقانون الأسباب) .. فلا تنسى ذلك..

- فإذا كان عطاء من الله  قد أتاك من باب اللطف (من تدبير الله الخفي) .. فاطمئن إلى أن لا أحد يستطيع أن يأخذه منك أبدا . 

* ولا تنسى أن العمل الصالح سببا في مدد التوفيق والهداية .. والعمل الفاسد سببا في مدد الضلالة ..

- يقول تعالى في مدد أهل الله: ( بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ) آل عمران125

- ويقول تعالى في مدد أهل الضلال: ( قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدّاً حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً ) مريم75

- فاختار الطريق الذي تريد أن يكون لك مدد فيه .. 

*********************

:: خد بالك يا مؤمن ولا تنسى ::

1- مَن طلب غير الله فلا يلوم سوى نفسه .. ويتم تسليط الدنيا عليه..

2- ومن طلب الله بصدق توجه إليه .. فلا يخاف غيره ولا يرجو سواه .. ولا يفسد عليه حاله مع الله أبدا .. لأنه طلب معيته جل جلاله .. حبا في الله .. 

- وهذه المحبة لله تكون سببا في مجالسة أهل الله له .. وهو ما يسمى بروحانية أهل الحق أو روحانية أهل الله .. لأن روحانية أهل الله أي عالم الأرواح المحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .. لا تأتي بشهوة في نفسك أنت تطلبها .. وانما تأتي لمحبة الله التي وجدوها فيك .. يعني حبا لله .. وما كان لله دام واتصل .. وما كان لغير الله لنقطع وانفصل .. وما يتجلى به الله عليك هو من قدرته وفضله عليك .. فكيف يسلبه أحد منك إلا لو زعمت أن له قدرة فوق قدرة الله ؟!! أفلا تعقلون ؟!!.

*********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها مدونة الروحانيات فى الاسلام - ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  ..