الجزء الثالث : التأثير النفسي للجن أو الشيطان على الذاكرين .. الطالبون الله - الطالبون الروحاني - الطالبون الولاية

بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الثالث

التأثير النفسي للجن أو الشيطان على الذاكرين

الطالبون الله - الطالبون الروحاني - الطالبون الولاية

مرحبا بكم فى الجزء الثالث والأخير من موضوع التأثير النفسي للجن على الإنسان وكان الجزء الأول من هنا ( اضغط هنا ) لمعرفة الرسم التخطيطي لما نتكلم عنه .. والجزء الثاني من هنا ( اضغط هنا ) .... وإن كان لكل جزء رسم خاص به تفصيلا ..

عموما في هذا الجزء نتكلم إن شاء الله تعالى عن .. مدى تأثير الجن على الإنسان في مرحلة الذكر بالذات .. وكيف يسحب الإنسان من الذكر إلى مهاوي التهلكة .. تحت دعوى يلقيها على مسامع الشخص .. اسمها ( أنت في مرحلة الولاية ) ..

فى مرحلة الذاكرين .. تبدأ تظهر أحوال للعبد مثل الهواتف أو ظهور بعض الأنوار .. مع استقامة الحال .. فيظن العبد أنه أصبح من الواصلين والمتصلين .. ويبدأ الجن بالكلام معه .. ويعتقد العبد أن هذه خدمة نورانية !!

والحقيقة أن بداية الذكر تكون في الغالب لله وفيها إخلاص .. إلا إنها تتحول بعد ذلك إلى الرغبة في وجود إشراقات وهمية وأحاسيس غير صادقة وانفعالات ضالة في الغالب .. ومن لم يكن له شيخ فشيخه الشيطان .. وهذه المقولة قيلت للسالكين .. لما يصادفهم من توهمات وخيالات .. فماذا يفعلون .. ؟ .. هل يتركون أنفسهم لما يشاهدون ؟ أم يسئلون أهل الذكر ؟ أم ماذا ؟

صراحة الإجابة صعبة في ظل الظروف التي نعيش فيها .. خاصة لما يتمتع به مجتمعنا العربي الروحاني من نصابين ومشايخ روحانية جهلة .. ( طبعا مع الإحترام للجهل ) !!

ولا أدري كيف أجمع لكم شتات الأمور التي في رأسي .. لإن الفروع كثيرة جدا .. ولكن أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقني لما يحب ويرضى ...

 ونبدأ بعون الله في شرح الرسم السابق .. وبالله التوفيق

.. الذاكرين ثلاثة أنواع ..

الأول 

من طلبوا الله .. منهم مستقيم ومنهم من انحرف

وهم من طلبوا الله بذكره .. ولم يرجو غيره .. ومهما أعترضته فتن .. لا يهتم بها .. لأن مراده الله .. وغالبا يوجه داخليا .. بما يفعل و بما لا يفعل .. ولا خوف على من لم يرى خيالات أو كشوفات للعالم الآخر .. أو لا يسمع هواتف ..

وقد يحتاج الذاكر إلى شيخ .. خصوصا في الكشوفات والخيالات التي قد يراها .. ولذلك ينحرف الكثير من الذاكرين في هذه المرحلة الكشفية بالذات .. لجهلهم بما يحدث فيها .. فيحدث الإنحراف .. ويبدأ فى الإعتقاد فى نفسه وأنه قد وصل لمرحلة طيبة من الوصول إلى الله .. ويبدأ الجن والشياطين اللعب بعقول هؤلاء ليضلوهم عن السبيل .. 

أوهام الذاكرين وشيطان الكشف

الغريب أن الذاكرين الذين لا يكاشفون ولا يسمعون هواتف ولا خواطر ولا يرون خيالات تكلمهم .. ولا يكاشفون الرؤيات .. فتجد هؤلاء الذاكرين يبدأون بالإصابة بالإحباط والتراجع فى الذكر .. خصوصا وأنهم يجتهدون جدا في الذكر ..ويبدأ وسواس وشيطان الكشف يحيط بعقل هؤلاء ويبين لهم أن من علامات القرب وقبول الذكر هو الكشف وظهور الرؤيات !!

وكأن الرؤيا أو الكشف الروحاني .. هي دليل القرب أو البعد عن الله .. راجع هذا الموضوع ( اضغط هنا ) ، ( اضغط هنا )

وكأن الإيمان بالغيب أصبح ليس علامة القرب الى الله ..

أمر غريب وعجيب .. لقد تلوث هؤلاء بالأفكار التى يقرأونها على النت .. بل وقد سعى البعض إلى المواضيع التي تفتح لهم البصيرة .. !! راجع هذه المواضيع ( اضغط هنا ) ، ( اضغط هنا ) ..

ولو فكر هؤلاء قليلا .. لتيقنوا أن من يطلب الكشف .. فقد طلب غير الله .. أفلا يعقلون ؟!

الثاني

 صنف طلب بالذكر روحانية الجن .. فمنهم خير ومنهم شر

وهم من طلبوا الروحانيات .. فمنهم من تصيبه جماعة طيبة من الجن " لأن نيته خير مع الله " فيأتون لمجالسته نتيجة أنه من الذاكرين ( وليس لأن الذكر هو من أحضرهم ) .. ويبدأون معه بفتح الكشف وما شابه .. ويلزمونه العبادة .. ومساعدة الناس ..

ومنهم من ينحرف ويسلك الشر ويتوهم ويريد أن يكون الحاكم على الجن .. ويظن في نفسه أنه النبي سليمان .. وأن له الأمر والنهى فى عالم الجن وله سلطان عليهم .. ويتعرف على أحوال الناس .. ويكاشفهم ويتجسس عليهم .. وهذا الصنف الشرير صنف ملعون .. وقد ضل ضلالا مبينا .

الثالث

طلبوا الولاية والسيادة على الناس بالكرامات

وهم من يطلب الله بالذكر طمعا فى الولاية والكرامة الربانية .. حتى يقال عنه أنه ولي الله .. او الشيخ البركة .. وهو بالتأكيد قد سلك مسلك الهلاك بعينه .. وهو قد ضل ضلالا مبينا .. بل وقد يجعل من نفسه شيخا فى طريق الله .. ويضل غيره .. وقد جمع الفضل كله ( ضال ومضل ) !! .. وما اكثرهم خصوصا على النت !

والتسليط عليه يكون من أسهل تسليطات الجن على الإنسان .. لأن نفسه الأمارة بالسوء قد هيأت للجن الطريق لأن يلعب بعقول هؤلاء .. وهؤلاء يكونون ما بين ضال ومضل كما قلنا .. أو يجمع بينهما ..

ويتمتع هؤلاء بخصائص نفسية معينة .. مثل حب الذات وتكرار كلمة "انا" والنرجسية ( الإعجاب بالنفس ) والغرور والاستعلاء فى الكلام .. والتصور أنه يخدم الاخرين من بعد ويسيطر على أحوالهم ويساعدهم بمدده وروحانياته .. وهكذا ..

واجمالي الكلام ينحصر فى نقطتين :

بين من ذكر الله وطلب غيره – وبين من ذكر الله وطلب الله

النقطة الأولى : أن هناك من يذكر الله طمعا فى الروحانية الكرامة والولاية والأنوار .. ويبدأ بذكر الأسماء الحسنى بالأعداد الروحانية .. ثم تبدأ تحدث له أمور مثل التخيلات .. ثم يحدث قبض .. ثم انقطاع عن الذكر .. ثم لغبطة فى الحياة يصاحبها عصبية .. ولا يعرف ماذا حدث معه ؟! وهذا يكون الله رحيم به .. أن أوقفه عن الذكر .. حتى يتطهر

ونوع ذكر الله فخالط الجن والاهواء والشهوات وقد ضل ضلالا مبينا .. وهو يحسب أنه يحسن صنعا ..

النقطة الثانية : هو من يذكر الله طمعا في الله ولا يرجو غيره ولا يبتغي غير رضاه تعالى .. ولكن بعد الإلتزام بفترة .. يبدأ تظهر معه مثل لمحات من النور تظهر وتختفي أمام الشخص .. مثل الفلاشات .. وقد تكون مثل لمبة صغيرة تضيء وتنطفيء .. وتكون هذه أول الفتن التي تعرض من العالم الروحاني على الإنسان الذاكر عموما .. والتي يسميها البعض فى المنتديات الروحانية .. بداية الفتوحات ؟!! .. ولا أدري أي فتوحات هذه التي يتكلمون عنها .. عموما ..

ومن أول مراحل الذكر التي تظهر مع المريد .. حالات البسط والقبض .. وقد يتطور الأمر إلى كشف وخيالات .. ثم تبدأ بعد ذلك زلات كثيرة تحدث مع الإنسان .. وتدخله في مساقط العقيدة وشبهات القران والسنة .. إن كان ممن يقرأون .. أو في مساقط العبادة إن كانوا جاهلون .. ولهذه الزلات والسقطات سنذكر ما يعرض على القلوب في هذه الاثناء من شبهات وكيف تتعامل معها .. حتى تقهر شيطانك بإذن الله وتستمر فى طريقك بإذن الله ..

نعود فنقول

نضرب أمثلة للأصناف السابقة حتى يتضح المقال

1- أمثلة على الصنف الأول من سلك سبيل الذكر ولم ينحرف

قال تعالى ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف108

قال تعالى ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الفتح29

وهناك من سلك سبيل الذكر وانحرف مثل بلعم بن باعوراء .. قال تعالى ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) الأعراف175

فهذا بلعم بن باعوراء .. كان وليا لله .. مجاب الدعاء فى بني اسرائيل .. ثم انقلب على موسى واتبع هوى اليهود .. وظن أن ما معه من علم وكرامة ستنفعه أمام موسى .. وزين له الشيطان أحواله فأضله عن السبيل .. وبعد إن كان وليا لله أصبح وليا للشيطان ..

ولهذا قصة طويلة .. نترك للأعضاء ذكرها فى التعليقات ..  

2- أمثلة على الصنف الثاني من الذاكرين .. أمثلة من طلبوا الروحاني .. ( خيرا وشرا )

ففي مثال الخير .. يكفي أن نذكر سليمان عليه السلام وعصا موسى عليه السلام .. وكيف استخدم كلا منهما عطاء الله فى خدمة الله ..

وكذلك الذي عنده علم من الكتاب ، والعفريت الصالح القوي الأمين .. فكل هؤلاء أهل خير واستقامة ..

قال تعالى ( قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ . قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل 40-38

وتأمل الفتنة فى هذا الأمر .. لمن يريدون الروحاني .. فهذا بلاء ما بعده بلاء .. وفى كلام سيدنا سليمان ما يوحي بأن هناك من سيشكر وهناك من سيكفر .. وهذا هو الواقع .. ولكن أكثر الروحانيون جاحدين ونصابين .. للأسف .. !!

وفى مثال الشر .. يكفي أن نذكر سحرة فرعون ، ومن يفرقون بين المرء وزوجة ( وما أكثرهم ) ..!!

ومنهم من يسعى للمخطوطات الشركية والعزائم الملوثة بأسماء الشياطين والطلاسم المؤذية .. قال تعالى فيهم ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ) الأعراف175

فهذه المخلوقات الإنسية بين يديها كتاب الله .. إلا إنها ترفضه وتتعبد بالعزائم المطلسمة ؟!!

والفيصل فى صدق الروحانية التى معك .. هي دلالتها لك إلى فعل الخير .. والاستغفار للمسلمين .. كما الملائكة تماما .. فروحانية الجن الصادقة .. تساعد على الطاعة وتساعد الخلق .. ولا يفتحون كشفا على انسان أبدا .. إلا إن كان فاسدا .. ومن باب الحرص .. ويلزمون صاحب الكشف بعدم إظهار ما كاشفه ..

3- أمثلة على من طلبوا الدين للولاية الكاذبة ..

فالضالون من هؤلاء مثل بعض المنتسبين للصوفية زورا وبهتانا .. وكثير ما يلعب الشيطان بهؤلاء .. ( لا تخلط بين صوفية أهل السنة وصوفية الرقص والطبل ) ..

والمضلون من هؤلاء مثل من يدعي النبوة مثل مسيلمة الكذاب .. ومثل كل من يزعم فى نفسه انه شيخ مرشد للناس لطريق الله وهو يدعوهم لقراءة العزائم والدعوات الغير مفهومة .. ويقول للناس هذه لغة اهل الله .. وهو من الكذابين قطعا ..  

وفى مثل هؤلاء يقول تعالى ( وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة41

.. ختاما ..

إن أحيانا الله تبارك وتعالى .. سأذكر لكم تطبيق واقعي لما كان يحدث معي شخصيا ..

وإن كنت ذكرت طرفا من ذلك سابقا .. ( اضغط هنا ) وهنا ( اضغط هنا ) .. ولكن سنتوسع قليلا بالقدر الذي تحتمله القلوب وتستوعبه العقول .. إن شاء الله تعالى ..

وفى المقالات القادمة إن شاء الله تعالى .. سنتكلم قليلا عن الذكر وما يتصل به من حالات نفسية وشبهات فى الطريق .. 

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة - ا/ خالد ابوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .