بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الثالث
مع القرين في الحديث
القرين والصلاة - القرين والقلب - القرين والوسوسة - القرين والذكر - القرين نوما ويقظة - القرين وراية المَعيَّة
سلام
الله عليكم ورحمته وبركاته .. زائري وأعضاء المدونة .. في الجزء الثالث وليس
الأخير من الفصل الأول لموضوع القرين في الحديث الشريف .. وكان الجزء الاول من هنا
( اضغط هنا ) والجزء الثاني ( اضغط هنا ) ..
ونبدأ
في الجزء الثالث مباشرة دون أي مقدمة .. مستكملين حديثنا السابق .. ولكن يسبق ذلك شكر وتقدير .
شكر وتقدير
.. السادة الكرام أعضاء وزائري المدونة .. جزى الله خير الجزاء كل من دعا بظهر الغيب او بلسان الحاضر وقلبه صادق بالدعاء ..
واسأل الله أن يمدكم بكريم مدده .. وعظيم نعمه .. وواسع غفرانه ورحمته .. آمين
********************************
.. أحاديث
متفرقة ..
.. ترشد إلى القرين الملازم للنفس ..
في هذا الجزء إن شاء الله تعالى .. أحاول أن
أجمع لكم الأحاديث التي تشير للقرين الملازم لنفسك .. وقد تجد أحاديث لم تسمع عنها أو تقرأها (إلا لمن اعتاد القراءة
في الدين ) .. وطبعا لا أضع لكم إلا الصحيح إن شاء الله .. محاولا الجمع بين
الأحاديث والتوفيق بينها .. في الفهم إن شاء الله تعالى ..
وهناك أحاديث
حاولت أن اجد لها شرحا أو تفسيرا .. فلم أجد .. فبذلت جهدي لتوضيح ما خفي من الألفاظ
.. ولتوضيح مراد الحديث قدر استطاعتي .. وأكتب بجوار ما قمت بشرحه : ( قلت : صاحب المقال ) ..
فإن وفقت فمن الله .. وإن كانت الأخرى فأسأل الله الغفران ..
تذكر ما أقوله لك جيدا
وقبل أن ندخل في الأحاديث المتبقية لمفهوم القرين .. فتذكر .. أنه بقدر عملك يكن مددك .. وتذكر أنه إذا استطعت أن تمحو نفسك .. فقد محوت كل قرناءك .. من الإنس والجن .
**************
الحديث الأول : القرين والصلاة
س26:
هل يفسد القرين الصلاة .. ؟
القرين بدوره يقوم بعمله وهو الوسوسة
.. في كل الأحوال .. سواء في الصلاة أو في أي عمل تبتغي به وجه الله .. يحاول
إفساده عليك ..
في الحديث : « إذَا
كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِنْ
أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ » . وفي رواية ( فإن معه شيطان ) وهذا نصها ..
« إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ
إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ
يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ »
شرح الحديث
: (فَإِن
مَعَه القرين)
القرين الشَّيْطَان كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث مَا مِنْكُم من أحد الا وَقد وكل
بِهِ قرين من الْجِنّ الخ يَعْنِي مَعَه شَيْطَانه غلب عَلَيْهِ ويحثه على
الْمُرُور ... )
شرح
السيوطي على سنن ابن ماجه ج1 ص68 مختصرا
شرح آخر : ( فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ) قيل مَعْنَاهُ إِنَّمَا حمله على مروره
وامتناعه من الرُّجُوع .. الشَّيْطَان ..، وَقيل يفعل فعل الشَّيْطَان لِأَن الشَّيْطَان
بعيد من الْخَيْر وَقبُول السّنة ..، وَقيل المُرَاد بالشيطان القرين كَمَا فِي
الحَدِيث الآخر فَإِن مَعَه القرين )
شرح
السيوطي على مسلم ج2 ص190
شرح آخر : ( فإنَّ معه القَرِين ) إشارةَ بأنَّ صاحبَهُ من الشيطان هو الّذي قَادَهُ إلى القطع
لصلاته . وقد ثبت عن النَّبيِّ -عليه السّلام- أنَّه قال: "مَا مِنكُمْ مِن
أَحَدٍ إلا وَلَهُ شَيْطَانٌ" قيل له: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: "ولا
أنا، إلَّا أَنَّ الله أَعَانَنِي عليه فأَسْلَمَ، فلا يَأمُرُنِي إِلَّا
بِخَيرٍ" )
المسالك
شرح موطأ مالك .. ج3 ص105
أما عن شرح رواية ( فإن
معه شيطان ) :
شرح : ( فإنما هو شيطان ) أي إنما فعله فعل شيطان، وإطلاق الشيطان
على مارد الإنس سائغ على سبيل المجاز والحصر بإنما للمبالغة ، فالحكم للمعاني لا
للأسماء .. لأنه يستحيل أن يصير المارّ شيطانًا بمروره بين يدي المصلي )
راجع شرح
القسطلاني على البخاري ج1 ص471
شرح آخر : وذكر القسطلاني شرح آخر أوسع مما سبق على رواية ( فإنما هو شيطان ) أي معه شيطان أو هو شيطان الإنس أو إنما حمله على ذلك
الشيطان أو إنما فعل فِعل الشيطان أو المراد قرين الإنسان فيكون شيطانه هو الحامل
له على ذلك )
راجع شرح
القسطلاني على البخاري ج5 ص293
شرح آخر : (فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَحْمِلُهُ
عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الشَّيْطَانِ
وَتَسْوِيلِهِ .
قُلْتُ : وَهَذَا
إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُتْرَةٌ
يُصَلِّي إِلَيْهَا وَأَرَادَ الْمَارُّ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَيْسَ
لَهُ دَرْؤُهُ وَلَا دَفْعُهُ )
راجع عون المعبود بحاشية ابن القيم
ج2 ص276
أسئلة
على الحديث السابق:
س: هل المرور أمام المصلي سببا لقتل إنسان ؟
فماذا نفعل بمن يحاول قتلنا ؟
ج : معنى المقاتلة في
الحديث على سبيل المبالغة .. ولنذكر شراح الحديث لكلمة (فليقاتله) :
شرح : ( والمقاتلة ) هاهنا: المدافعة في لطف ، وأجمعوا أنه لا
يقاتله بسيف ولا يخاطفه ، في أخرى: ولا يخاطبه ، ولا يبلغ به مبلغًا يفسد صلاته ؛
لأنه إن فعل ذلك كان أضر على نفسه من المارِّ بين يديه )
راجع شرح
صحيح البخاري لابن بطال ج2 ص136
شرح : وَقَدْ اسْتَنْبَطَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ
مِنْ قَوْلِهِ: " فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ " أَنَّ الْمُرَادَ
بِالْمُقَاتَلَةِ: الْمُدَافَعَةُ اللَّطِيفَةُ لَا حَقِيقَةَ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّ مُقَاتَلَةَ الشَّيْطَانِ
إِمَّا هِيَ بِالِاسْتِعَاذَةِ وَالتَّسَتُّرِ عَنْهُ بِالتَّسْمِيَةِ .
راجع نيل
الأوطار ج3 ص10 .. وفتح الباري ج1 ص584
شرح : ( فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ
يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: بِالْإِشَارَةِ
وَلَطِيفِ الْمَنْعِ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ عَنْ الِانْدِفَاعِ قَاتَلَهُ: أَيْ
دَفَعَهُ دَفْعًا أَشَدَّ مِنْ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا
يَلْزَمُهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ بِالسِّلَاحِ، لِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ قَاعِدَةَ
الصَّلَاةِ فِي الْإِقْبَالِ عَلَيْهَا، وَالِاشْتِغَالِ بِهَا، وَالْخُشُوعِ،
هَذَا كَلَامُهُ.)
راجع سبل
السلام ج1 ص217
شرح : " فإن أبى فليقاتله ": أى إن أبى
بالإشارة ولطيف المنع فليمانعه ويدافعه بيده عن المرور، ويعنف عليه فى رده. قال أبو عمر:
هذا اللفظ جاء على وجه التغليظ والمبالغة. وقال الباجى: يحتمل أن يكون بمعنى
فليلعنه، فالمقاتلة بمعنى اللعن موجودة، قال الله تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}
(1)، قال: ويحتمل أن يكون بمعنى فَلْيُعَنِّفه على فعله [ذلك] (2) ويؤاخذه، وخرج
من ذلك معنى المقاتلة المعلومة بالإجماع (3).
راجع إكمال المعلم بفوائد مسلم .. ج2 ص420
س: ما
الحكمة في دفع المار أمام المصلي ؟
في شرح
البخاري : ( فإنما هو شيطان ) ، يريد أنه فَعَل فِعْلَ الشيطان في أنه : شغل قلب المصلى
عن مناجاة ربه والإخلاص له ، كما يخطر الشيطان بين المرء ونفسه في الصلاة ، فيذكره
ما لم يذكر ليشغله عن مناجاة ربه ، ويخلط عليه صلاته .
راجع شرح
صحيح البخاري لابن بطال ج2 ص136
تنبيهات
من كلام الشراح في دفع المار بين يدي المصلي
أولا .. اعلم أن هذا الدفع يكون في حالة إذا وضع
المصلي سترا أو حاجزا أمامه .. فإذا لم يضع فليس له حق المنع
ثانيا .. أن يكون المار من أمام المصلي أبعد من مكان
سجود المصلي غالبا .. وطالما بعيد عن مكان السجود .. فليس للمصلي حق المنع
ثالثا .. في حال الزحام وليس للمار إلا المرور من
أمام المصلي فليمر بسرعة .. لأن الضرورة أستدعت ذلك .
س27 : لماذا وَضَّح وَبَيَّن
الحديث .. بوجود القرين مع الإنسان الذي يمر أمام المصلي ؟
قلت : "صاحب المقال" : وذلك .. لأن هذا
الإنسان المار .. إن كان لم يدرك مروره أمام المصلي .. فالمصلي قد رفع يده ليمنعه
من المرور في أول الأمر .. وكأنه يقول له .. انتبه لا تمر .
ولكن حينما يصر المار على المرور مرة أخرى .. فهنا حالة
إصرار بلا داعي وبلا عذر وبلا مبرر .. وكأنه يريد قطع الصلاة على المصلي عمدا ..
فلذلك قال النبي (فليقاتله) بمعنى فليدفعه دفعا أكبر من مجرد رفع اليد .. وذلك لإصرار
المار على إفساد العلاقة بين المصلي وربه ..
وما يحدث ذلك إلا إن كان هذا الشخص قد غلبته نفسه
الأمارة بالسوء حتى تسلط عليه قرين السوء فغلبه بوسواس يحرضه و يدفعه لقطع وإفساد
صلاة المصلي ..
وإلا لكان الإنسان العادي رجع من أول مرة منعه فيها
المصلي من المرور ..
وهذه وجهة نظري .. و الله أعلم .
*******************************
الحديث الثاني : القرين عند النوم واليقظة
س28: هل يتسلط القرين
عند النوم واليقظة ؟
وانظر إلى الحديث التالي كي تعرف كيف يتسابق
القرين الجني والقرين الملكي على توجيه الإنسان .. قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( إذا أوى الإنسان إلى فراشه ، ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك: اختم بخير ، ويقول الشيطان: اختم
بشرّ ، فإذا ذكر الله تعالى حتى يغلبه - يعني النوم - طرد الملك الشيطان ، وبات
يكلؤه .
فإذا استيقظ ، ابتدره ملك وشيطان ، فيقول الملك : افتح بخير ، ويقول الشيطان :
افتح بشر ، فإن قال :
* الحمدُ للهِ الَّذي ردَّ عليَّ نفسي ولم يُمِتْها في منامِها –
* الحمد لله الذي ( يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن
زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
) فاطر41 -
* الحمد لله الذي ( يُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا
بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } الحج65 –
طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه ) .
شرح الحديث : قلت " صاحب
المقال " : لم أجد شرح للحديث .. ولذلك أجتهد في شرح الألفاظ .. الغامضة ..
* ابتدره : تسارع إليه ..
* اختم بخير : إجعل آخر كلامك عند النوم .. ذاكرا لله
* اختم بشر : إجعل آخر كلامك عند النوم .. في غفلة عن الله
* يكلؤه : يحفظه ..
* افتح بخير : إبدأ يومك بذكر الله والرضا عن الله
* افتح بشر : إبدأ يومك بسخط وغفلة عن الله
* طرد المَلَك الشيطان وظل يكلؤه : فإن قال الشخص الذكر السابق في الحديث ..
فإن هذا الذكر يكون سببا في طرد الشيطان ويظل في حراسة المَلَك .
ملحوظة : الحراسة
والحفظ الملائكي متوقفة على أفعال العبد بعد ذلك .. فقد يذنب العبد فترتفع هذه
الحراسة من عليه .. وقد يزيد فى الطاعات .. فتزيد عليه الحراسة .. (ولا يظلم ربك
أحدا) .. فانتبه .
*****************
الحديث
الثالث : القرين والذكر
س28 :
متى يظهر القرين على الإنسان ؟
( ما مِن راكبٍ يخلو في
مسيرِه باللهِ وذكَره إلَّا ردِفه مَلَكٌ ولا يخلو بشِعْرٍ ونحوِه إلَّا ردِفه شيطانٌ
) .
شرح الحديث
: (ما من راكب) على دابة بعير أو غيره . (يخلو) بالخاء المعجمة . (في مسيره بالله وذكره) عطف بيان للمراد بما قبله أي بذكر الله
خالياً . (إلا
ردفه ملك)
ركب معه خلفه إكراماً له . (ولا يخلو) أي الراكب . (بشعر ونحوه) من لغو الأحاديث . (إلا كان ردفه شيطان) أو الشيطان قرين من أعرض عن ذكر الله {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ
نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا} [الزخرف: 36] )
راجع التنوير
شرح الجامع الصغير ج9 ص468
قلت: صاحب
المقال : في هذا الحديث
توجيه إلى :
1- أن يكون كل حركاتك مع الله .. سواء كنت راكبا سيارتك أو
أي وسيلة مواصلات .. فلا تنسى ذكر الله .. لأنك إن ذكرت فتكون قد صاحبك ملك يكون
قرينك يؤيدك .. وأن لغوت فى الأحاديث كالنميمة والغيبة والأغاني وغير ذلك ..
فسيكون قد صاحبك شيطان قرينا لك ..
ولعل الحديث يقصد ملك وشيطان خلاف
القرناء الأصليين مع الإنسان ..
2- كلمة "يخلو" : تدل على أنه استثمر ركوبك في
سيارتك أو في أي مواصلة تركبها وتكون وحيدا بدون أصحاب أو أصدقاء (حتى وإن أحاطك
الناس) .. فاجعل وحدتك هي خلوتك في ذكر الله .. بدلا من أن تضع سماعات الموبايل
على أذنك وتسمع للأغاني ..
فاجعل سعيك وحركاتك .. كلها مصحوبة
بالذكر .. حتى يصحبك ملك كريم يؤيدك ويحفظك بحفظ الله لك ..
وجهة
نظر ورأي لصاحب المقال :
وأرى أن الحديث يشير إلى القرناء
الأصليين (قرين الخير والشر) الملازمين للإنسان .. لأن المصاحبة ظهرت عند حال
الذكر وعند حال الغفلة .. ولذلك أرجح ان المقصود من الحديث قرناء المتلازمين مع
الإنسان .. ولكن الحديث يوضح كيفية وطريقة تنشيط كل قرين مع الإنسان ..
والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم .
*********************
الحديث
الرابع : القرين وإلتقام القلب
س29: هل
يستولي القرين على قلب الإنسان ؟
( الشَّيْطَانُ
يَلْتَقِمُ قَلْبَ ابْنِ آدَمَ فَإِذَا ذَكَرَ الله خَنَسَ عِنْدَهُ: وَإِذَا
نَسِيَ الله الْتَقَمَ قلبه )
شرح الحديث
: (الشيطان يلتقم قلب ابن آدم) مشتق من القلب الذي هو المصدر لفرط تقلبه
(فإذا ذكر
الله خنس عنده) أي
انقبض وتأخر (وإذا
نسي الله التقم قلبه) وذلك لأن الشيطان سيال يجري من ابن آدم مجرى الدم .. وسيلانه كالهواء في
القدح فإن أردت إخلاء القدح عن الهواء من غير أن تشغله بشيء فقد طمعت في غير مطمع ..
بل بقدر ما يخلو من الماء يدخل الهوى ..
فكذا القلب المشغول
بذكر الله يخلو عن جولان الشيطان ولو غفل عنه ولو لحظة فلا قرين له إلا الشيطان { ومن يعش عن ذكر
الرحمن نقيض له شيطانا } فعبر في الحديث عن هاتين الحالتين بالإلتقام والخنوس على
طريق ضرب المثل للتفهيم .
قال حجة الإسلام:
والتطارد الذي بين ذكر الله ووسوسة الشيطان كالتطارد بين النور والظلمة وبين الليل
والنهار ولتطاردهما . قال تعالى { استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله}
فيض القدير ج4 ص 186
ملحوظة : معنى
تطارد
الخصمان : لاحق كلٌّ منهما الآخر للإمساك به
(راجع معجم العربية المعاصر ج2 ص1394)
قلت : صاحب المقال : المراد بكلام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي
:
أن المطاردة أو الملاحقة
بين الذكر والوسوسة أو الغفلة .. مثل تعاقب النور على الليل .. فالنور يأتي ليمحو
الظلام .. ويأتي الظلام ليمحو النهار ..
ف الذكر والوسوسة مع
الإنسان يلاحق كل منهما الآخر .. فإن الذي يستحوذ عليه الشيطان .. فسينسى ذكر الله
.. ومن سيذكر الله فلا يستحوذ عليه الشيطان ..
فتظل المطاردة والملاحقة
بينهما إلى يوم القيامة .. وأنت نفسك .. فانظر بماذا تأمرها ..؟!!
والله أعلم بمراد الإمام الغزالي .
*******************
الحديث الرابع : القرين ووسوسة القلب
س30: بماذا يوسوس القرين في القلب ؟
- روي : ( إنَّ إبليسَ له خُرطومٌ
كخرطومِ الكلبِ واضعهُ على قلبِ ابنِ آدمَ ، يذكِّرهُ بالشهواتِ واللذَّاتِ ، ويأتيهِ بالأمانيِّ ،
ويأتيهِ بالوسوسةِ على قلبهِ ليشككَّهُ في ربهِ ، فإذا قال العبدُ : أعوذُ
باللهِ السميعِ العليمِ من الشيطانِ الرجيمِ ، وأعوذُ باللهِ أن يحضرونِ ، إنَّ
اللهَ هو السميعُ العليمُ ، خَنَس الخُرطومُ عن القلبِ
) قال الشوكاني رواه الديلمي في الفردوس .. ولكن لا وجود لهذا الحديث في الفردوس .. ولعله قد اختلط عليه الامر .. رحمه الله !!
- وفي قول بن عباس رحمه الله قال : (عند قَوْلِهِ
تعالى: {الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 4]، قَالَ: «الشَّيْطَانُ جَاثِمٌ
عَلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، فَإِذَا سَهَا وَغَفَلَ وَسْوَسَ، وَإِذَا ذَكَرَ
اللَّهَ خَنَسَ) رواه بن أبي
شيبه في مصنفه ..
قلت : صاحب المقال : بالرغم من كونه لم أصل لهذا الحديث السابق الذي ذكره الشوكاني .. وأحسبه ضعيفا .. ولكن اشرحه لعل ياتي من له علما به ويوثقه إن كان له سندا ..!!
- فالمقصود بخرطوم الكلب .. هو أنف الكلب .. وكأن الحديث يريد أن يرشدنا إلى أن الشيطان له حاسة كحاسة الكلب .. يتحسس بها قلب الإنسان .. فإن بدأ يشم بداية تعلقك بالمطامع والشهوات .. فيبدأ بتزكيتها في نفسك .. ويمنيك الأماني الزائفة .. فيجعلك ترتكب المعاصي ويقول لك إن الله غفور رحيم .. حتى لا تتوب ويأتيك الموت بدون توبة .. ثم يبدأ بعد انشغالك في الشهوات وتهوين أمر التوبة في قلبك .. يبدأ بالوسوسة في العقيدة .. لأن الأمر يكون حينئذ سهلا عليه بعد أن أسقطك في الشهوات وأنساك التوبة .. فمن السهل وقتئذ أن يجعلك تنكر وجود الله بالكلية .. كما حدث مع شباب الملحدين ..
- فالمقصود بخرطوم الكلب .. هو أنف الكلب .. وكأن الحديث يريد أن يرشدنا إلى أن الشيطان له حاسة كحاسة الكلب .. يتحسس بها قلب الإنسان .. فإن بدأ يشم بداية تعلقك بالمطامع والشهوات .. فيبدأ بتزكيتها في نفسك .. ويمنيك الأماني الزائفة .. فيجعلك ترتكب المعاصي ويقول لك إن الله غفور رحيم .. حتى لا تتوب ويأتيك الموت بدون توبة .. ثم يبدأ بعد انشغالك في الشهوات وتهوين أمر التوبة في قلبك .. يبدأ بالوسوسة في العقيدة .. لأن الأمر يكون حينئذ سهلا عليه بعد أن أسقطك في الشهوات وأنساك التوبة .. فمن السهل وقتئذ أن يجعلك تنكر وجود الله بالكلية .. كما حدث مع شباب الملحدين ..
والله
أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم .
****************
الحديث الخامس : القرين وسكن القلب
س31: كيف تعمر قلبك بوجود
القرين الملكي فيه ؟
(
ما من آدمي إلا لقلبه بيتان : في أحدهما الملك ، وفي الآخر الشيطان .. فإذا ذكر
الله خنس ، وإذا لم يذكر الله وضع الشيطان منقاره في قلبه ووسوس له )
قلت صاحب المقال :
خنس : بمعنى هرب ، والمقصود بالبيوت .. هو سكن الذكر والغفلة
..
والمقصود بمنقار الشيطان .. أنفه أو خرطومه
كما فى الحديث السابق .. وذلك ليتحسس به مطامع الإنسان وأمراضه القلبية حتى يبدأ
بالوسوسة في هذه المطامع ..
فيتضح من الحديث أن النبي صلى الله عليه
وسلم يبين أن القلب له بيت للقرين الملكي .. وهو بيت الذاكرين .. وله بيت آخر للقرين الشيطاني .. وهو بيت
الغافلين ..
** فإن قويت علاقتك بربك
وكنت ذاكرا له في أفعالك وأقوالك واتقيت الله قدر المستطاع .. فإن أنوار البيت
الشيطاني ستنطفيء .. وأنوار البيت الملكي سيعمر وتكون كالملائكة الذاكرين .. كما
قال صلى الله عليه وسلم فى الذاكرين الله بالقرآن (مثَلُ الماهرُ بالقرآنِ مثَلُ
السفَرةِ الكرامِ
البررَةِ ومثلُ الذي يقرأهُ وهو عليه شاقٌّ له أجرانِ
)
** وإن قطعت علاقتك بربك وأسأت في الأفعال
والأقوال ولم تتقي الله قدر المستطاع .. فإن البيت الملكي ستنطفيء أنواره ..
وسيعمر بيت القرين الشيطاني .. وتكون كالبيت الخرب كما قال صلى الله عليه وسلم ( إنَّ الَّذي ليسَ في جوفِه شيءٌ من القرآنِ: كالبَيتِ الخَرِبِ )
بل وتكون كالميت كما جاء في
الحديث ( مَثَلُ البيتِ الَّذي يُذكَرُ اللهُ
فيه والبيتُ الَّذي لا يُذكَرُ اللهُ
فيه مَثَلُ الحيِّ والميِّتِ )
والله
أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم .
******************
الحديث
السادس : القرين وراية المعية
س32: هل
القرين الملازم هو من يصاحبك خارج المنزل ؟
( ما
من خارجٍ يَخرجُ يعني من بيتِه إِلا بِبَابِهِ رايتانِ : رايَةٌ بِيَدِ ملَكٍ ، ورايَةٌ
بِيَدِ شَيْطانٍ ، فإن خَرَج لِما يُحِبُّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، اتَّبَعَهُ الملَكُ
برايتِه ، فلم يَزَلْ تحت رايةِ الملَكِ حتَّى يَرْجِعَ إلى بيتِه ، وإنْ خَرَج لما
يُسْخِطُ اللهَ ، اتَّبَعَهُ الشَّيطانُ برايتِه ، فلَم يَزَلْ تَحْتَ رايَةِ الشَّيطانِ
حَتَّى يَرْجِعَ إلى بيتِه )
قلت : صاحب المقال : المقصود بكلمة ( راية ) في الحديث هو تعبير
دلالي يشير إلى :
1- أنه يكون تحت رعاية ومعية
الله .. أو تحت رعاية ومعية الشيطان .. والله أعلم ..
2- أن كلمة راية .. تدل على
أو تشير إلى كلمة الحفظ .. وكأن الإنسان في سعيه هو مجاهد في طلب الرزق أو في
معروف أو غير ذلك .. فكأنك الله يرسل من يؤيدك بحفظة فلا يعترضك شيطان فيفسد عليك
حالك ..
والله أعلم
س33: ولكن ماذا
أفعل لنيل محبة الله السابقة حتى أدخل تحت راية المَلَك .. ؟
وإن كان الحديث السابق يوضح
ذلك من خلال إتباعك لما يحبه الله ويرضى الله .. ولكن معنا حديث يوضح أكثر هذه
الكيفية التي تكون بداية رعاية الله وحفظه .. وهذا الحديث هو .. ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا
بِاللَّهِ ، فَيُقَالُ لَهُ: حَسْبُكَ قَدْ كُفِيتَ وَهُدِيتَ وَوُقِيتَ ؛ فَيَلْقَى الشَّيْطَانُ شَيْطَانًا آخَرَ
فَيَقُولُ لَهُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ كُفِيَ وَهُدِيَ وَوُقِيَ ) .
قلت : صاحب المقال : أي أن المعية والرعاية الإلهية لا تكون
مصاحبة للإنسان إلا لمن بدأ حال سعيه من بيته بذكر الله تعالى .. وقال ( بِسْمِ
اللَّهِ ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا
بِاللَّهِ ) ..
س34 : ما المقصود فى الحديث بقوله ( فيلقى الشيطان شيطان آخر ) ؟
قلت : " صاحب المقال " : فيلقى الشيطان .. أي قرين السوء المصاحب أو قرين النفس
السيء .. يلقى شيطان آخر ممن يتسلطون نتيجة موقف معين مثل من يتسلطون في الأسواق
.. فيقول القرين للشيطان الغير ملازم .. ماذا تستطيع ان تفعل مع رجل محفوظ بذكر
الله في قلبه.. وموصول مع الله ظاهرا وباطنا بمدده ؟
أي أصبح مؤيدا بتأييد القرين الملكي باطنا في قلبه مانعا لوسواس قرين السوء
.. وأصبح مؤيدا ظاهرا بقرين ملكي أخر جاء براية الحفظ لإتباعة سنة النبي صلى الله
عليه وسلم ولذكره الله ظاهرا ..
فكأن قرين السوء يقول للشيطان الآخر الذي قابله .. لن تستطيع أن تفعل مع
هذا الإنسان شيئا .. وإلا كنت أنا قرين السوء أستطعت أن أفعل معه شيئا .. فلا ترهق
نفسك أيها الشيطان الآخر .. واذهب إلى غيره لنه مؤيدا من الله .. ظاهرا وباطنا ..
والله أعلم بمراد نبيه صلى الله
عليه وسلم .
س35 : هل كل ذلك لأن الإنسان قال هذا الدعاء السابق ؟
نعم .. ولكن بشروط .. وأهم هذه الشروط هو الإيمان بما دعوت يقينا لا يحتمل شكا بأي حال من الأحوال ..
وإلا لكان كل من قال قد تساوى مدد الله له .. سواء صالحا أو فاسدا .. !!
ولكن كل إنسان بقدر درجته عند الله بقدر ما يكون مدده من الله .. ولا أحد يعلم
درجته عند الله .. ولذلك فالكل يجتهد طلبا لرضى الله حتى النفس الأخير .. فلا تظن
في نفسك أن أعمالك غير مقبولة أو أنك مقصر .. ولا تظن أنك مقبول العمل أو راضيا عم
عملك مع الله .. فأنت لا تعلم من قبل الله منه ومن رد عليه عمله فى وجهه .. قال
تعالى ( هو أعلم بمن اتقى ) ..
** اجتهد مع الله .. واترك الباقي لله .. ولن يخزيك الله أبدا .. فالله رؤوف
بالعباد .. غفور رحيم .. ولكن أبدأ بالعمل ..
ملحوظة : شرح الدعاء السابق .. يحتاج لمقالات طويلة لشرحة .. لأنه يتكلم عن ثلاثة أحوال : ترتب عليها حماية الله ظهرت من خلال هذه الألفاظ .. ( كُفِيتَ وَهُدِيتَ وَوُقِيتَ ) ..
فالأحوال هي :
1- التوحيد المطلق ( بسم الله ) .. فكأنك تقول : أبدأ يومي ذاكرا اسم الله لينير طريقي .. ف (إياك
نعبد وإياك نستعين )
2- التوكل والتفويض ( توكلت على الله ) ..فكأنك تقول : تأدبت مع الله بالأخذ بالأسباب وقلبي
معلق بخالق الأسباب .. راضيا بعطائه سلبا وإيجابا .
3- البقاء بالله في كل حركة وسكون ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) .. فكأنك تقول : متيقنا أن
الفاعل هو أنت يا ألله .. فاطمئن قلبي بعطائك .. فإن كان في ظاهره أو باطنة شرا
فاصرفه عني فليس لي صرفا لذلك الشر عني .. وإن كان خيرا ظاهرا أو باطنا فامنحني
قوة منك لتمدني به هذا الخير ..
** هذه الأحوال أو المقامات القلبية للتنويه فقط .. حتى لا يظن أحدا أن الدعاء النبوي هو مجرد دعاء
يقال .. لا يا سادة .. فالدعاء النبوي له مدد الله المخصوص ..
المصحوب بطهارة نفسية .. وأحوال عرفانية .. ومدود نورانية .. علوية وأرضيه .. بما
لا يحيط به خيالك بل ولم يخطر على بالك .. فهو صلى الله عليه وسلم كرامة الله
للعالمين ..
ألا تريد أيها الباحث عن الكرامات .. عن كرامة من الله ؟ ..
إذن فاتبع نبيك فهذه كرامة الكرامات إن كنتم تعقلون ..
ألا زلت لا تعرف قدر نبيك عند الله ؟ ....
** يا ألله .. أكرمني باتباع نبيك في حركاته وسكناته .. حتى ترضى عن ظاهري
وباطني .. فأكون مرضيا برضاك .. ولا حول لي في ذلك ولا قوة إلا بك وحدك يا الله .
آمين **.
والله أعلم
ملحوظة
: الحديث التالي المظلل باللون الأصفر .. ضعيف لا يؤخذ به .. ذكرته لك حتى إذا
قراته في مكان لا تأخذ به ..
قَالَ: " إِذَا
خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَابِ بَيْتِهِ ، أَوْ مِنْ بَابِ دَارِهِ ، كَانَ مَعَهُ
مَلَكَانِ مُوَكَّلَانِ بِهِ ، فَإِذَا قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ قَالَا :
هُدِيتَ ، وَإِذَا قَالَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ قَالَا:
وُقِيتَ ، وَإِذَا قَالَ: تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ قَالَا: كُفِيتَ ، قَالَ:
فَيَلْقَاهُ قَرِينَاهُ فَيَقُولَانِ:
مَاذَا تُرِيدَانِ مِنْ رَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟ "
************************************
س36:
ولكن هل راية الملك أو راية الشيطان .. المقصود بهما القرين الملازم أم قرناء
آخرون ؟
قلت : " صاحب
المقال " : أرى أن المقصود بذلك قرناء آخرون ممن
يتسلطون على الإنسان بقدر مواقف الحياة التي يمر عليها كما أوضحنا سابقا .. في
الجزء الأول .. بدليل قول النبي ( فيلقى الشيطان شيطان آخر ) .. فالأول هو الشيطان
الملازم والثاني هو الشيطان الغير ملازم .. والله أعلم
س37: هل
هناك نماذج للقرناء المتسلطون علينا في مواقف معينة خلاف قرين السوء الملازم لنا ؟
نعم
.. منها :
** قال تعالى : ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا
لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي
أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ
) فصلت25
** جاء في
الحديث : ( عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عِنْدَ
مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ قَالَ: «كُنَّا إذَا حَضَرْنَا مَعَ
النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا لَمْ يَضَعْ أَحَدُنَا
يَدَهُ فِي الطَّعَامِ حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ طَعَامًا فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا
يَدْفَعُ ، فَذَهَبَ لِيَضَعَ يَدَهُ فِي الطَّعَامِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ، ثُمَّ جَاءَتْ جَارِيَةٌ
كَأَنَّمَا تَدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدهَا فِي الطَّعَامِ ، فَأَخَذَ
رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهَا وَقَالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلَّ
الطَّعَامَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ
جَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِيَدِهِ فَأَخَذْت بِيَدِهِ ،
وَجَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِيَدِهَا فَأَخَذَتْ بِيَدِهَا،
وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا » .
انتبه للحديث السابق : فهو
يدل على تواصل الشيطان مع الإنسان من خارج الجسم وليس من داخله لأن نفس الشيطان
حاول مع الجارية بعد أن أمسك النبي بيد الأعرابي .. فانتبه
** حديث ( إن الله تعالى أمرني أن أعلمكم مما علمني،
وأن أؤدبكم: إذا قمتم على أبواب حجركم فاذكروا اسم الله يرجع الخبيث عن منازلكم،
وإذا وضع بين يدي أحدكم طعام فليسم الله حتى لا يشارككم الخبيث في أرزاقكم ، ومن
اغتسل بالليل فليحاذر عن عورته، فإن لم يفعل فأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه، ومن
بال في مغتسله فأصابه الوسواس فلا يلومن إلا نفسه، وإذا رفعتم المائدة فاكنسوا ما
تحتها فإن
الشياطين
يلتقطون ما تحتها فلا تجعلوا لهم نصيبا في طعامكم)
** حديث : ( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله تعالى عند دخوله
وعند طعامه قال الشيطان لأصحابه: لا مبيت لكم ولا عشاء وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى
عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه قال: أدركتم
المبيت والعشاء )
** حديث : ( أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله
عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، إن الشطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي
!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك
شيطان يقال له خنزب . فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه ، واتفل عن يسارك ثلاثا قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني )
ملاحظة 1: هل كان هذا الشيطان
داخل الجسد ؟ .. لا .. فانتبه
ملاحظة 2 : تتعدد مهام الشياطين
.. بدليل أن شيطان الصلاة اسمه خنزب .. وهذا مهمته افساد الصلاة .. ويقال ان شيطان
افساد الوضوء اسمه الولهان ( جاء اسمه في حديث ضعيف جدا )
** حديث : ( لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا
آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته )
** لأنه يكثر في الأسواق
من الغش والكذب والفتنة وغير ذلك .. أما من اتقى الله فلا مانع .. وبالمناسبة
فكلمة الأسواق تشمل المكان الذي يتجمع فيه الناس ويتم فيه البيع والشراء وتشمل
السوبرماركت الكبيرة والمولات الكبيرة .. وليس فقط أسواق الخضار والفاكهة المعروفة
..
** من خلال ما سبق .. يتبين أن هناك مواقف
يتعدد لها الشياطين سواء عند الصلاة أو عند الطعام أو عند النوم أو عند الغسل أو
عند حتى فضلات الطعام .. أو عند الدخول الى البيت او عند الخروج .. او عند دخول
الحمام او عند دخول الأسواق أو عند المرور بجوار الخرابات لأنها مساكن الشياطين ..
أو أو أو ..
وذكرنا ان الحكمة ..
من التنبيه على تواجد الشياطين حولنا .. هو أن لا يكون القلب غافلا أبدا عن الله في
كل الأحوال التي يمر عليها الإنسان .
*********************************
س38: هل
هناك نماذج للقرناء المؤيدون لنا والحافظون لنا بحفظ الله .. في مواقف معينة خلاف
قرين الخير الملازم لنا ؟
نعم
.. منها :
**
قال تعالى :
( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ
يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ
بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } الرعد11
**
قال تعالى :
( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا
جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ } الأنعام61
**
قال تعالى :
( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } الانفطار10
** قال تعالى : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ
مُرْدِفِينَ } الأنفال9
**
قال تعالى :
( إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ
مُنزَلِينَ } آل عمران124
**
قال تعالى :
( بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ
آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ } آل عمران125
**
قال تعالى :
{ لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ
حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ
أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ
وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ } المجادلة22
**
في الحديث : ( ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى
يمسي ، وإن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح .. )
**
في الحديث : ( مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا حَفَّتْهُمُ
الْمَلائِكَةُ ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَتَغَشَّتْهُمُ الرَّحْمَةُ
، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ ) .
** في الحديث : ( إذا أحب الله العبد نادى جبريل أن الله
يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء أن الله يحب فلاناً فأحبوه،
فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض )
مما
سبق ستجد أن من الله حافظ في كل وقت .. مدد النصر ومدد الغوث ومدد الحفظ ومدد
اللطف ومدد الحضور ومدد القبول ومدد التأييد .. ومدد ومدد ومدد ..
فمدد
الله لا ينقطع أبدا .. شرط أن تقول يارب بإخلاص .. وبقدر إخلاصك يكون خلاصك .
*********************
نختم
هنا كلامنا .. ويتبقى عندنا .. مجموعة صغيرة من الأحاديث .. لم يتسع المقام لذكرها
هنا .. ولذلك تحتم علينا .. أن نجعل لها جزء رابع من خلال الأحاديث النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام .. وعلى الله قصد السبيل ..
وإن
شاء الله نبدأ المقال القادم .. بالقرين والجاثوم .. إلا إن أراد الله لنا أمرا آخر ..
تحياتي
لكم
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا
يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي
من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل
موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه
بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق
لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف ..
صاحب الموضوعات ..
أحسنت أخي الكريم ... وجزاك الله خير جزاء المحسنين
ردحذففوالله لا يخزيك الله أبدا
أختي الكريمة : مروة
حذفأحسن الله إليك بكرامته فى الدارين .. آمين
تحياتي لك
انطق الله مروة بكلمة حق...
حذففوالله لن يخزيك الله أبدا...
لله درك اخي الكريم
ردحذفايدك الله بنصره وزادك من قضله وكرمه
أخي الكريم : .......
حذفوأيدك الله بحبه وحب نبيه .. وأكرمك بالعلم والإيمان .. آمين
تحياتي لك
الله يعينك و يعطيك العافية في الدنيا والاخرة. المسيري
ردحذفأخي الكريم : المسيري
حذفأعانك الله على أمور دينك ودنياك .. وعافاك في صحتك وعفا عنك فى اخرتك .. آمين
تحياتي لك
---- اخوكم الوليد ------
ردحذفاحسن الله لك استاذ خالد وزادك من علمه
أخي الكريم : الوليد
حذفهداك الله وفتح عليك بنور الفهم والإيمان .. آمين
تحياتي لك
نور الله قلبك....كما نورت قلوبنا....بحب حبيبنا ومولانا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم...
ردحذفسيف .....تحياتي لكم
أخي الكريم : سيف ..
حذفطهر الله لك قلبك وغفر لك ذنبك وجعلك من المقربين .. آمين .
تحياتي لك
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
ردحذفحفظك الله يا سيدي الكريم....و دائما سلاحك هو الكتاب و السنة و العقل......
زادك الله علما من عنده....و عرفك به و جعلك من المقربين
تحياتي.....
بارك الله فيك وزادك علما نافعا وحفظك من كل شر ... آمين
ردحذفاخيك م/ أجحمد عمر
الحمد لله رب العالمين
ردحذفوجزاك الله خيرا" كثيرا"
حفضك الله اخي خالد وشفاك و عافك و أيدك بنصره و كفاك شر نفسك و شر خلقه أجمعين من الجن و الإنس و الشياطين
ردحذفاخوك محمد
جزاك الله خير الجزاء ربنا يبارك فيك اخي الحبيب انت منه من الله ربنا يزيدك كمان و كمان اخوك الصغير محمد رضوان مدينه ١٥ مايو
ردحذفالسلام عليكم ورحمة الله اشكرك الأخ الكريم على مجهوداتك والله لا يضيع أجر العاملين
ردحذفاخوك في الله من المغرب
موضوع جميل..شكرا لك استاذنا الكريم.
ردحذف===========
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.
ما شاء الله تبارك الله بارك الله بك أخي وجزاك الله خير الجزاء
ردحذفجزاك الله عنا كل خير ابي الفاضل.. اطال الله في عمرك بالصحة والعافية.. وان تركت لاولادي ورثا.. يتوارثونه.. فاني اوصيهم.. بكتاب الله وسنة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.. والمدونة.. نور لكل من تاه بين هذا وذاك.. حفضك الله.. ايدك الله.. زادك الله من فضله ورضاه.. اللهم آمين
ردحذف(يالله اكرمني باتباع نبيك في حركاته وسكناته حتى ترضى عن ضاهري وباطني حتى اكون مرضيا برضاك. ولا حول ليفي ذالك ولا قوة الا بك وحدك يا الله.. امين
جزاك الله خيرا استاذنا موضوع جميل جدا استفدت منه ربنا يبارك في حضرتك
ردحذف