أوهام روحانية ونفوس كاذبة وقلوب فاسدة وأرواح ضالة .. و مسرحية " يا حول الله يارب .. أنا طيب "

بسم الله الرحمن الرحيم

..:: أوهام روحانية ونفوس كاذبة وقلوب فاسدة وأرواح ضالة .. و مسرحية " يا حول الله يارب .. أنا طيب " ::..

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. ساداتي الكرام .. مع مقال خفيف المحتوى ولكنه كثير المعنى .. وأرجو من الله أن يعينك على فهم ما في هذا الموضوع .. لأنك إن فهمته جيدا فقد تتحرر من أكبر أصنام حياتك .. ألا وهو تعلق النفس بالروحانية .. هذا فيما يتعلق بمن انشغلت عقولهم بالروحانيات .. حتى نسوا الربانيات .. !

وقد لا يعجب الكثيرين ما في هذا الموضوع .. ولكن قبل أن تنفعل .. أعد قراءة الموضوع أكثر من مرة .. ثم احكم بما تريد بعد ذلك .

** هذا المقال أخاطب به كل من هو مبتلى روحانيا حقا .. أو يزعم كذلك .. أو يظن ذلك .. أنه مسحور أو ملبوس أو متوقف حاله .. أو ما شابه ذلك .. فقبل أن تبحث عن كيفية إخراج الجن والعفريت . فابحث لماذا أَذِنَ الله في تسليط الجن والعفريت عليك ؟

أليس كذلك ؟

فاتقي الله في نفسك .. واستغفر الله على ذنوبك التي أدت بك إلى أوحال الروحانيات ..

** فقد أصبحت هذه الفئة الباحثة عن العلاج الروحاني .. يتهمون القرآن ودعاء النبي بعدم الفاعلية معهم .. وهم في الأصل يعيشون في عالم الظلمات يتنعمون بما معهم من ظلمة النفس والقلب والروح .. بعضها فوق بعض .. ثم يتبجحون ويقولون أن عطاء القرآن لا نراه ؟

وكيف سيرون عطاء القرآن والنور النبوي .. وهم من جعلوا القرآن وسيلة لتحقيق رغباتهم وليس وسيلة للتعبد إلى الله .. والبعض الآخر قد هجر القرآن بحثا عن عالم الجن .. ؟

نبدأ بسم الله ..

 *****************************

..:: مسرحية "يا حول الله يارب" ::..

وهؤلاء الناس قد صنعوا مسرحية هزلية رخيصة .. ملخصها في ( يا حول الله يارب ) .. وهي أنهم يضلون الناس ويضلون أنفسهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا .. !!

قولهم " يا حول الله " .. هو المعنى المتغير عن " لا حول ولا قوة إلا بالله " .. لأني أعلم أن بعض المتفلسفة سيقول .. لماذا تقول " يا حول الله " ؟ ..

فلست من يقول هذا .. ولكن بعض الناس تقول هذا .. وأنقل لكم الواقع .. حتى تعيشوه ..

نعود فنقول :

أن هؤلاء الناس اتحدت أهوائهم في صناعة هذه المسرحية .. فمنهم المؤلف والمخرج وهو إبليس ، ومنهم البطل الروحاني المنحرف الذي يكذب على الله ورسوله ويقول أن القرآن يستحضر به الجن !! ، ومنهم مساعد البطل الروحاني الذي استهوته المسرحية وأراد أن يكون له نصيب منها ، ومنهم الكومبارس الذي ارتضى أن يكون ولو خادم لما سبق حتى ولو ظل حمارا لا يفهم شيئا .. بل ويرجو بأن يكون ولو خادما لهؤلاء الكذبة ..!!

ولكن هل تعلمون من هم المشاهدين للجميع .. ؟

هم الملائكة الشاهدة على أعمال هؤلاء وهم السائقون لهم يوم العرض على الله .. ليعرضوها كما هي على رب العالمين ..

ثم تأتي اللحظة على كل واحد بأن تنزل ستارة المسرحية عليه بقبض روحه .. حتى تقوم قيامته حقا ..

** ( بطل المسرحية ).. مجموعة قد تنازلوا عن عبوديتهم لله .. من أجل طلب الجن والعفاريت .. بأكبر أكذوبة في الحياة .. وذلك بأنهم يدنسون القرآن باستحضار الجن العفاريت .. ( كذبوا ورب الكعبة )

** ( المساعدين ) ومنهم من يكرر السور والايات للحضور الروحاني العظيم الذي سيحرسه طوال الليل والنهار بإرشاد من أبطال المسرحية .. ( وكأنهم يملون شروطهم على الله ؟) .. ( لبئس ما يفعلون )

** ( الكومبارس ) الذي يتستر بقراءة القرآن والصلاة وحضور مجالس العلم .. وقلوبهم فاسدة وحاقدة على المجتمع المحيط بهم .. ويتعجبون وينكرون على القدر عجيب صنعه .. ( وكأنهم يريدون جزاء عبادتهم الفاسدة ) .. ( وإنهم لكاذبون ) ..

..:: نسوا الله فأنساهم أنفسهم ::..

وأصبحوا يتجهون لمن له علاقة مع الجن .. لأن القرآن والدعاء النبوي أصبحا محل اتهام .. بعدم الفاعلية !!.. ومن يحاكمهم ؟ مجموعة ممن طمست بصيرتهم بحبهم لأنفسهم حتى عميت قلوبهم .. فتطاولوا على ما هو طاهر ..

وما ذلك إلا لأثبات ما هم عليه من نجاسة باطنية ..

 فما منعهم القرآن عطاءه إلا لفقدهم الطهورية ..

وكلامنا هنا في هذه المقالة مع الفئة الأخيرة وهي فئة الكومبارس والمساعدين .. الذين يتسولون على أعتاب مشايخ الروحانية ويطمعون أن يكون معهم روحانية ..

والجميع تصيبه أوحال الروحانية .. ولا يملك إلا أن يقول ( يا حول الله يارب ) .. ويعيش في إطار المغلوب على أمره  .. وكيف أنه قد أمضى حياته في طاعة الله .. ولكن الأقدار قامت بهزيمته وقهره .. !!

أيها السادة .. هذه المسرحية ليست لها شأن عند الله .. وأحب أن أقول لكم أن المؤلف والمخرج والبطل والمساعد والكومبارس أيضا .. هو النفس الإنساني في المقام الاول .. ثم يأتي بعد ذلك ما تريد تسميته بالشيطان أو الجن أو العفريت أو حتى قرد .. !!

ولكن الحقيقة هي أن النفس هي من أضاعتك .. والسبب .. هو البعد عن الله والإيمان به .

وأصبحنا الآن نرى كثيرا من الناس (كومبارس) .. يظنون أنهم مبتلون روحانيا أو يحسبون ان معهم روحانيات .. ويبحثون عن بطل روحاني ليعافيهم من الأذى الروحاني أو ليفتح لهم قناة اتصال مع العالم الآخر .. ليكون الشيخ قاهر الجن الجبار .. ( وفي الحقيقة هم سفهاء وعبيدا الجن ) !!

والجميع يكذب ويقول .. كل أعمالنا بالقرآن ..؟

فلماذا لم ينفعل معكم القرآن أيها الكذبه ؟

فأي قرءان هذا يمنح عطاءه لناس فسدت قلوبهم وعميت بصيرتهم وضلت أرواحهم في عبودية عالم الجن والإعتقاد في هذا العالم بالنفع والضر .. ؟!!

أفلا تعقلون ؟

****************************

..:: البداية دائما .. الشعور بالوهم ::..

دائما يشعر الإنسان في لحظات الضعف بوجود قوى غريبة تؤثر عليه سلبا في حياته .. وبدلا من أن يقول أن ذنوبه هي السبب .. فيتجه فكره إلى الأمور الروحانية .. !!

ويبدأ رحلة البحث عن شيخ يفرج عنه ما هو فيه ويحل له اللغز الذي يؤرقه في حياته وسبب ما وصل إليه حاله ..!!

وحينما يصل إلى شيخ روحاني وغالبا يكون ما بين جاهل أو نصاب .. فأول ما يقوله له بعد سماع المشكلة ..

فيبدأ يقول له : يااااااه .. أنت انسان صعبان عليه .. كيف تحتمل ما أنت فيه .. ؟ فالذي بك لا يحتمله جبل ؟ وأنت في ابتلاء عظيم ؟

وبعض الروحانيين يزيدون للنساء هذه الجملة : ( أنتي بكي سحر سفلي قوي جدا ) .

..:: اسم الأم وتاريخ الميلاد ::..

وكثير من الروحانيين يطلب اسم الشخص واسم أمه وتاريخ ميلاده ..

طبعا أنتم لا تعرفون لماذا يطلبون ذلك ؟

لسبب بسيط .. حتى يستولون عليك بالتأثير من بعد من خلال التسليط الروحاني .. فتظل تحت سيطرته ليستنزف ما معك من مال .. فإن انتهى منك فإنه ينتقل إلى غيرك ..

وغالبا من يفعل ذلك هم روحانيين الفيس بوك وأصحاب المواقع الروحانية الضالة ..

أيها السادة  : الميلاد واسم الأم .. يستخدم في التسليط الروحاني ..وليس للكشف كما يكذبون عليكم ..

وحتى أقرب الموضوع لعقولكم .. فيكون بسؤالين وهما :

1- كيف يعلمون إن كان بي سحر أو غير ذلك ؟

طبعا عن طريق الجن

2- وكيف عرف الجن الذي معهم أن بك كذا وكذا ؟

أكيد أرسله إليك ليسأل قرينك .. وطالما وصل لقرينك ليسأله .. فما الذي يمنعه أن يتسلط عليك بعد ذلك ؟

** هذا على افتراض إننا نتكلم عن روحاني بجد .. وليس نصابا ..

** وحتى في الكشف الروحاني فإنهم يكذبون ليستولوا على مالك :

فلن تجد اثنين يتفقون على حقيقة ما بك .. بل يستنتجون ما بك نتيجة ما تقوله لهم من خبراتك السابقة ..

فاذهب مثلا إلى ثلاثة روحانيين .. وأخبر كل واحد منهم بقصة جديدة من عندك .. وستجد أن كل واحد منهم قد سيأتيك بكشف جديد تماما ..

أيها السادة : لا تصدقوا كشفا روحانيا أبدا .. إلا إن عرفتم عن هذا الشخص بالصلاح والحال الطيب مع الله ..

..:: التعرف على نوع الأذى .. وفضول يؤدى للضياع ::..

دائما يحلو للناس أن تتعمق في نوع الأذى الروحاني .. ولا أدري لماذا ؟

هل ليستمتعوا بمقولة أن لهم سحرا ويبررون توقف أسباب الحياة ؟

أم ليستعطفوا مشاعر الناس من حولهم ؟

حقيقة لا أعلم .. ولكن ما أعلمه هو أن كثيرا من الناس قد ضلوا ضلالا مبينا في متاهات هذا العالم .. وليس السبب هم المشايخ الروحانية في الأصل ولكن السبب هو ابتعاد الناس عن طريق الله والتوسل إلى الله في رفع الابتلاء ..

فأصبحنا نسير إلى طريق الأوحال بدل من أن نسير على هدى في طريق مستقيم .. فأتعبنا أنفسنا .. ولم نصل في نهاية الطريق إلا إلى الوهم ..!!

ولا نتهم سوى أنفسنا فيما وصلنا إليه .. فالذي أوصلنا لما نحن فيه وعليه .. هو بما كسبت أيدينا ..

نعم ظلمنا أنفسنا ثم تعايشنا تحت مظلة الإبتلاء أو تحت مظلة ظلم الحياة لنا في عدم الإنصاف لنعيش حياة هادئة ..

ولكن لم نسأل أنفسنا لماذا أصبحنا هكذا نعيش في هذه الدوامات الروحانية ؟ ولماذا أذن الله بأن نصاب بهذا الأذى الروحاني ؟ وما الحكمة من وراء ذلك ؟ وهل هذا الأذى الروحاني لحكمة ربانية أم مجرد حدث خارج عن تصاريف القدر ؟

لمذا لا نفكر .. سوى في تحقيق ما ترجوه أنفسنا دائما .. دون النظر إلى ما يرجوه منا الله ؟!!

يا سادة .. نعم هناك انحراف في نفوسنا .. ولن يتم التقويم إلا باللجوء إلى الله ..

 ******************************

..:: أوهام الذكر ::..

حتى عندما نرى من يلتجأون إلى الله .. بالأذكار .. فهم يتوجهون بصورة خاطئة .. ثم يقولون أن الحال لا يغير .. ويصبح العقل في حيرة وفي شك .. !! كيف أذكر الله وأقرأ آية الكرسي وسورة البقرة كلها ولا يتغير الحال ؟ ..

أين الإستجابة من الله .. وأين خصائص هذه السور والايات التي تكلم عنها النبي صلى الله عليه وسلم .. ؟

أين يوجد الخطأ .. فكل أنواع العبادات موجودة .. من صلاة وصيام وقرآن .. ولكن الحال لا يتغير .. !!

في حين أن غير الملتزم دينيا قد يكون حاله أفضل .. بل والكافر حاله أفضل وأفضل .. فلماذا هذا التناقض الغريب في حياتنا ..؟

ولكن إن تأملت قليلا .. فستفهم أنه لا يوجد تناقض .. ولكن يوجد أطماع نفسية فيما لا تستحق أن تحصل عليه ..

كيف ذلك ؟

..:: حل مشكلة التناقض ::..

1- فأنت تظن داخليا حتى وإن لم تجهر بذلك .. أن هذا ظلم في الحياة لك .. مع أنك لو كنت مؤمنا .. لكنت علمت أن الله هو الفاعل الحقيقي للوجود .. والكون كله ما هو إلا أسباب ظاهرية لتنفيذ مراد الله ..

وطالما كنت متفهما أن الفعل في الوجود لا يحدث إلا بأمر من الله .. فكان عليك أن ترجع إلى الله .. وليس إلى الشيخ (فلان) معتقدا فيه ..

وليس معنى كلامي أن لا تذهب لمشورة أحدا أو لطلب المساعدة من أحد .. لا طبعا .. ولكن فرق بين أن تطلب المساعدة وبين أن تعتقد في هذا المساعد !! ..

وفرق بين ان تعتقد في أن الدواء هو الشافي .. وأن تعتقد في أن الله هو الشافي وليس الدواء ..

فهذه هي عقيدة الإنسان المؤمن .. أن لا يرى تأثير في الكون صادرا إلا من حضرة الله تعالى  ..

2-  تقول أين الإستجابة الدينية عند قراءة الأذكار القرآنية .. وأقول لك : هل انت عملت بحق هذه الأذكار حتى تنفعل معك بقوتها المودعة فيها .. ؟

لا طبعا .. هل تعرف لماذا ؟ ..

لأنك طمعت في العطاء ولكن دون أن تعطي .. فقد أعتدت أن تأخذ دون أن تعطي .. أعتدت يصبح لك كل شيء مجانا دون سعي منك .. فالصحة والعافية والرزق ومعطيات كثيرة في الحياة قد أتت إليك دون اجتهاد منك في الأصل .. فظننت أن الحياة ستظل تسير بهذه الوتيرة ..

لا أنت مخطيء سيدي الفاضل ..

فإن أردت خصوصية العطاء فعليك أن تعمل أعمال خاصة حتى تصل إلى خصوصية العطاء .. وللوصول إلى ذلك .. يستوجب ذلك تحقيق آية واحدة فقط وهي ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) التغابن16  .. فهل أنت حاولت ذلك ؟

فمن السهل أن تذكر بلسانك وتقرأ بلسانك .. ولكن كم منا يستطيع أن أن يذكر بقلبه .. وكم من الوقت يستطيع أن يذكر بقلبه ؟!

التقوى تستلزم .. أدب مع الله في كل شيء .. مع النفس ومع الآخر ومع الله .. فهل نحن فعلنا ذلك .. ؟

لا .. فلماذا نشكو وننتحب .. ونتهم الظروف والأقدار .. والبعض خرج من الدين .. لمجرد أنه لم يسأل نفسه سؤلا .. وهو لماذا لم أرى الإستجابة كما وعد الله ؟

لم يسأل .. لأنه اعتاد على أن يشبع رغبات نفسه .. فقط ..

ولكن إن كان الله قد استجاب له في تحقيق ما يريد .. لكان الله قد أصبح الحبيب الذي لا يفارقه .. ولكن هذا الشخص الأحمق لم يفهم أن لو كانت الحضرة الإلهية سمحت بإجابة الدعاء بهذه الصورة التي نتصورها .. لكانت هذه الحضرة الإلهية محل إتهام في عقول الإنسان العاقل ؟

لأن أبسط سؤال للعقل هو .. أهو خالق لي أم العكس .. حتى أطلب منه فيستجيب ؟ فمن الذي يتعبد لمن ؟ ومن يخدم من ؟ وأين خصوصية العطاء في التفرقة بين المخلص والمنافق ؟ ووووو ..

أسئلة كثيرة سيعترض بها العقل على هذا الإله المغلوب على أمره بالإستجابة الدائمة لمطالب الناس .. ؟

يا سادة : نحن لا نتعامل مع بابا نويل ولا خادم فانوس مصباح علاء الدين ..!!

لماذا عجزت عقولنا عن إدراك أننا نتعامل مع الله خالق الكون ..؟

 **********************

..:: نفهم الآيات وفق الأهواء ::..

حتى في فهمنا للآيات نفهم أيضا وفق رغبات أنفسنا وليس وفق المراد الإلهي .. نفهم فقط ما تريده أنفسنا .. وليس ما يريده منا الله .. وإليكم مثال على ما أقول :

يقول تعالى  : ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ {55} إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ {56} لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {57} وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ {58} إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ {59} وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {60} اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ {61} ) .. الايات من سورة غافر .

فالجميع يستشهد بقوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) .. ولكنه يتناسى تماما شرط تحقيق هذا الأمر .. فارجع إلى البدايات وستعرف ما قال لحبيبه صلى الله عليه وسلم .. فماذا قال له :

1- فاصبر

2- واستغفر

3- وسبح بالعشي والإبكار

4- واستعذ والجأ إلى الله في كل أحوالك

5- مؤمنا بصيرا

6- عمل الصالحات

فإن تحقق ما سبق .. فإن الله مجيب الدعاء .. على وجه التحقيق فعلا ..

لأن صفة الإيمان وحدها .. تمنع العقل من أن يسأل لماذا لم يتحقق الدعاء أو لماذا تأخر الدعاء ؟ فالمؤمن يعلم أن الدعاء مجاب في كل الأحوال سواء في الدنيا أو في الآخرة ..

فما دعوت به الله في الدنيا فسيعطيك مقابله في الآخرة إن لم يستجب لك في الدنيا .. فيصبح كأنه استجاب لك .. ولكن بالكيفية التي رآها صالحة لك .. وليس كما أردت انت بنفسك .. وعطاء الآخرة بلا حدود .. والله عزيز حكيم ..

وفي كل الاحوال .. قبل أن تقول ندعو لا يستجاب .. فانظر إلى نفسك هل تحققت بعبوديتك لله .. حتى يستجيب لك ؟

هل استغفرت عما سبق منك وعملت أعمالا صالحة لتمحو لك ذلك ؟

هل أمسكت لسانك عن الغيبة والنميمة

هل أمسكت عينك عن الحرام

هل عملك صالحا تبتغي به وجه الله .. وليس ليستجيب لك الله ؟

هل أحببت الله بقلبك .. أم لأنه يستجيب لك وينفذ طلباتك ؟

هل رضيت بقضاء الله وقدره ؟

لا .. هل تعلم لماذا ؟ لأنك إن ارتضيت ما كنت انزعجت ..

*************************** 

..:: هل غيرت من نفسك حتى تنال التحصين الإلهي ::..

هل لازلت متوهما بأن الآيات لا تأتي بثمارها معك .. أكيد لازلت متوهما .. لأنك في الأصل تكذب على الله .. في كونك مطيعا لله .. والأمر ليس كما تتصور .. فليس لمجرد أنك تقرأ قرآن أو تصلي .. فهذا معناه أنك تستوجب الحصانة الإلهية .. فأنت واهم ..

لأن الأصل هو تطهير القلب مما سوى الله .. ثم تقرأ الايات فتنفعل معك .. فللآيات شفرة عليك ان تفك هذه الشفرة .. بالعمل الصالح المخلص وكذلك بتطهير القلب .. وليس بكثرة الأذكار أو كثرة الصلاة فقط .. لا فأنت مخطأ تماما ..

عليك ان تغير من نفسك .. بأن تكون عبدا مؤمنا .. حتى تنال ولاية الله .. واقرأ معي قوله تعالى ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) الرعد11

فمن أنت لتقول أن الآيات لم تنفعل معي بعطائها ؟ وأين حالك مع الله ؟

كن صادقا مرة مع نفسك وواجها .. فلعلك قد تجد النجاة ..

******************************

..:: كيف تدعو الله .. بلا تعجيل لمطالبك ::..

أدعوه وكأنك تسأله الجنة وتخاف من النار .. بمعنى أن تجعل كل دعواتك الدنيوية ستستجاب لك في الآخرة كما تنتظر الجنة وتخاف النار .. فإن اعتقدت نفسك في ذلك وأقنعت عقلك بذلك سيستقيم لك حالك .. ولن تجد انزعاج في داخلك .. لأنك أصبحت تعلم أن الإستجابة في الآخرة وليست في الدنيا ..

وهذا علاج ناجح جدا في قهر النفس حين تعاملها مع الله ..

** في أثناء عزلتي الطويلة .. كان الخاطر يقول لي : لا تدعو بما تحب ولكن أدعوه بما يحب .. حتى لا يعاقبك بسلب المناجاة ..

.. لماذا ؟

لأن العبودية تفترض أن لا تطلب من مولاك .. ولكن أن تظل خادما لمولاك .. فإن تفضل عليك بشيء فهو من فضله وإحسانه .. وإن منعك العطاء فهو حكمه وقراره .. ولا راد لفعله ولا معقب لحكمه ..

فالدعاء عندي .. هو المناجاة تعظيما لله بحضور القلب لله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ...

قصة : وحينما توفى والدي رحمه الله العام الماضي .. فقد جاء الطبيب ( محاولا تنشيط عضلة القلب التي توقفت )  فتوجهت إلى الله بالقلب .. لينعم على والدي ولو بقليل من الوقت معنا طمعا في كرم الله .. فكأني أسمع بداخلي الخاطر يقول : كيف تطلب من الله برد ما ارتضاه وشاءه ؟ .. وكيف رجوت بقلبك من الله غير الله ؟ .. !!

وما أن سمعت بهذا العتاب .. فقد علمت أن قدر الله نفذ .. وأن لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

ولذلك حينما كنت اتأدب في الدعاء .. كان الخاطر يلفت نظري إلى هذا الحديث ( من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل مما أعطي السائلين ) ..

فكانت الهمة والعزيمة في نفسي هي مطلق التعظيم لله .. دون طلب دنيوي .. والحمد لله رب العالمين .. وحتى إن طلبت أمر دنيوي فيكون بعد أن أجد دفعا قويا من داخلي يدفعني للدعاء وكأنني مجبر لتحقيق أيضا التذلل لله لتحقيق الربوبية قي نفسي ..

أيها السادة لماذا نسيء الظن بالله .. ولماذا ابتعدنا كثيرا عن الله ؟

************************* 

..:: العقول لا تستوعب معنى الأذى الروحاني ::..

إن قلت لأحد أن به مشكلة روحانية أو أذى روحاني .. فلا يعجبه الكلام ؟!!

دائما يريدون تفاصيل .. !!

فبماذا ستنفعهم التفاصيل .. ؟ إن كانوا سيتم علاجهم !!

والغرض من كلامي السابق .. هو :

قاعدة روحانية : أنه كلما قمت بتجسيد المشكلة الروحانية في رأسك .. كلما كبرت المشكلة الروحانية وتجسدت معك بصورة أكبر ..

وكلما أصبح المشكلة الروحانية مجهولة التفاصيل للعقل .. فلن يستطيع العالم الروحاني إختراقك أبدا .. إلا في حالات خاصة جدا ...

** وانظر إلى نفسك قبل أن تعرف أن بك سحرا أو مس أو غير ذلك .. كيف كانت حياتك .. وبعد أن عرفت كيف أصبح حالك .. فستجد أن الحال قد تدهور ..!! والوسواس أصبح متمكنا منك بإنشغال باطنك دائما بالامور الروحانية بدلا من أن تكون منشغلا بعبادتك بالله .. ومتوسلا إليه وراجيا رحمته .. !!

ستجد نفسك قد تهت في غيابات الروحانيين الكذبة وتخرج من إحباط إلى يأس .. ويلازمك الهم والغم .. وتظل تسأل نفسك ماذا فعلت بدنياك حتى يحدث معك كل ما يحدث .. ؟

وفي الحقيقة غالبا أنت لم يكن بك شيء .. ولكنك أنت الذي إنحرفت عن الله باتباع مجموعة من الكذبة .. لأنك ارتضيت أن تعيش في قوقعة منزلك مستعطفا الناس بحديث وقف الحال نتيجة العفريت والجن .. ومستلذا بمسرحية المغلوب على أمره .. والإنسان الذي قهرته أيد العفاريت وأصبح منكسرا .. ولا حيلة له في الحياة بعد الآن .. !!

فهل هذا كلام إنسان صادق أو مؤمن أو مسلم .. !!

تظل تكذب على نفسك .. وتتحول من كذبة إلى أخرى حتى تبرر لنفسك الحال الذي أصبحت عليه ..

** ولكن حتى أثبت لك أنك إنسان تكذب على نفسك .. فأنت لم تسأل نفسك سؤلا واحدا .. وهو لماذا أصبح الحال على ما هو عليه ؟

لقد ألقيت حالك على شماعة الجن والعفريت والشيطان .. وكلهم برآء منك .. لأنك لم تقل أن ما أنت فيه هو بسبب ذنوبك وأعمالك .. وكلام الله واضح وضوح الشمس ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) الشورى30 ..

ولكن ..

أنت أعتقدت في نفسك الخيرية .. ولم يتصور عقلك أن ما أنت فيه بسب ذنوبك وأعمالك الفاسدة ..

وتظل تقول : أنا شخص غلبان ومسكين ولا أؤذي احد .. وطيب جدا ..

أعتقد أن في هذه المقولة ما يدل على فساد حالك مع الله .. لأنه لا يزكي أحدا حاله مع الله .. ولا أحد يعرف حقيقة عمله مع الله ..

 **************************

..:: من قال لك أنك طيب ؟ ::..

** ومن قال لك أنك طيب .. فهل تعرف من هو الطيب ؟

الطيب هو من طاب عمله مع الله .. فهل طاب عملك مع الله .. بالرضا والإخلاص والتوكل وقبول القضاء والقدر وعملت بأسباب المغفرة مع الله .. ؟

هل أنت فعلت ذلك ؟

فلماذا تقول على نفسك أنك طيب ؟

هل تعتقد أن من هم قلوبهم لينة ومنكسرة .. هم الطيبون ؟ .. أنت مخطأ .. فلو جلست مع أي أمرأة ستحكم عليها بمثل هذا الحكم .. وأنهن ملوك الطيبة ..!!

هذه يا سيدي تسمى عاطفة في النفس تميل إلى اللين حين شهود إنكسار في النفس .. نتيجة واقعة ما أو حادثة قد حدثت ..

ولذلك فهذا الأمر هو موجود كصفة إنسانية .. وأيضا حيوانية .. !!

** ولكن حينما نسمع أن الله يقول أن الطيبين للطيبات .. فليس قطعا المقصود بهم .. المنكسرة قلوبهم عاطفيا ولا الباكين على حالهم ولا المستغلبين ولا العاطفيين .. !!

ولكن الطيبين هم من طاب عملهم مع الله .. كما وصفنا سابقا ..

** فرجاء من السادة المعالجين .. أن يجعلوا توصيفهم للمريض كونه في ( مشكلة روحانية أو أذى روحاني ) .. فقط .. وإن أصر المريض على المعرفة .. فليقل له بك مس روحاني أو حسد .. ولكن يبتعد قدر المستطاع عن كلمة ( لبس أو سحر أو وقف حال أو تسليط ) ..

قد كنت مخطأ وأعترف بذلك : فقد كنت أشرح في السابق للناس حقيقة ما بهم .. فقد كنت  أحسب أني أتعامل مع عقلاء .. ولكن تبين لي أن الكثيرين منهم فاقدي الأهلية في التعامل ..  وأراهم يتعاملون مع الأمور الروحانية وكأنها عقاب قوم نوح قد نزل بهم ..!!

**********************************

..:: رفضوا الإستعانة بالله .. وطلبوا الجن ليكونوا لهم أعوانا ::..

وتحت وهم وأكذوبة نفسية جديدة .. يطلب البعض العلاقة مع الجن تحت مظلة القرآن الكريم .. وكأن القرآن كتاب تحضير أرواح ..؟!!
ويشترطون على المشايخ أن تكون العلاقة مع الجن .. علاقة قرآنية .. ؟
أفلا يعقلون ما يطلبون .. أي كذب وأي افتراء على الله .. كبر مقتا عند الله ما يقولون  ويفترون به كذبا في دين المسلمين ..
لقد رفضوا عبودية الله .. فاستعبدهم الجن والشياطين .. وصاروا عبيدا للجن .. يأمرونهم فينفذون .. !!

لماذا لم يسأل طلاب خدمة الجن والشيطان .. أنفسهم هذه الأسئلة ..
لماذا تريد طريق الجن .. وتترك طريق الله ؟ لماذا ترجو أن تكون لك معية من الجن ولا ترجو أن تكون لك معية من الله ؟ لماذا ترجو مدد من الجن والله هو ممد الوجود بالنفع والضر ؟ لماذا لا تسلك طريق سيدنا ومولانا محمد وتتأدب بآدابه ؟

فهل علمت عنه يوما أنه طلب نفعا أو ضرا من جنيا ؟ أو هل سمعت يوما أنه استشار جنيا ؟ أو هل سمعت أنه استحضر جنيا ؟ أو سمعت يوما أنه صاحب جنيا ؟ أو علمت يوما أنه تزوج من جنية ؟

فلا تلوم إلا نفسك بعد ذلك .. ولا يظلم ربك أحدا ..

فأنت طلبت غير الله .. وسلكت غير طريق الله .. فماذا تنتظر بعد ذلك ؟

ولكن انتبهوا أيها السادة .. فقد كان الجن هم من يرجعون إليه يطلبون منه ويرجون منه .. لأنه حبيب الله .. ولأنه المعلم الأعظم صلى الله عليه وسلم ..

نعم قد يكون هناك من معه جن صالح .. ولكنه لم يأتي نتيجة عزائم ولا أقسام ولا توكيلات .. بل جاءوا من أجل الصحبة في الله .. والرغبة في مساعدة الأنس .. والبعض يأتي للمساعدة في المعرفة .. والبعض يأتي للمساعدة في العلاج ..

********************************** 

..:: نفوس كاذبة ::..

وأقول لكم : ولا تقول أبغي المساعدة بالجن .. فأنت كذبت على نفسك .. لأنك لو كنت ترغب في مساعدة أحد لكنت ساعدته ولو بابتسامة أو بنصيحة أو بمعلومة .. ولكنك تريد أن تكون على علاقة بالجن حتى تقول الناس عليك الروحاني العظيم وصاحب القوة  وقاهر العفاريت والجن .. !!

انتبه لنفسك .. فإنها أمارة بالسوء .. ويكفيك شرفا أن تكون عبدا لله .. فابقى في معية مولاك .. حتى يوم القيامة لا ينساك .. وبقدر إخلاصك يدوم خلاصك ..

تحياتي لكم أيها السادة

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة - ا/ خالد ابوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .