عامر البيت والإنذار والعهد والتحذير - وأصناف وأنواع عالم الجن .. مُكَلَّف وغير مُكَلَّف .. كلاب و حيَّات وعقارب وخشاش .. الممسوخ والأبيض والأسود والطيار والرَّحَّالة ..

بسم الله الرحمن الرحيم

..:: الجزء الثاني ::..

( عامر البيت - وأصناف عالم الجن )

.. الإنذار والعهد وأصناف وأنواع عالم الجن .. 

.. مُكَلَّف وغير مُكَلَّف ..

.. كلاب و حيَّات وعقارب وخَشَاش ..

 .. الممسوخ والأبيض والأسود والطيار والرَّحَّالة .. 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. كنا تكلمنا في الجزء الاول عن طريقة الحيطة والحذر أثناء التعامل مع العالم الناري ( اضغط هنا ).. وفي هذا البحث البسيط .. نتعرف على أصناف من هذا العالم الناري من خلال الحديث الشريف .. فمنكم من سمع ومنكم من لم يسمع .. والبعض الآخر قد سمع أو قرأ ولكن بدون توسع .. وأحاول أن أوسع دائرة الفهم عندكم وتوسيع دائرة التصور الروحاني عن الجن من ناحية الدين الإسلامي .. حيث أن المدونة تتكلم عن الروحانيات في الإسلام .. من الناحية الدينية .

واستكمالا للموضوع السابق .. وهو الخاص بالحيطة والحذر في التعامل مع العالم الناري .. أي عالم الجن بأكمله .. سواء مسلم أو كافر .. فأحببت أن أفرد لكم بحثا دقيقا .. حول بعض أصناف الجن التي أتى الحديث بذكرها .. 

سبب تاخر الموضوع البحث عن صور مطابقة لما رواه شراح الحديث .. وطبعا من قبله سفري للقاهرة .. فاعتذر للجميع .. وإن شاء الله الموضوع القادم والجزء الأخير في خلال أيام قليلة .. أسأل الله التوفيق والسداد ..
وكل عام وأنتم بألف خير وصحة .. وأنتم إلى الله أقرب وعلى طاعته أدوم .. آمين .

نبدأ الموضوع والله المستعان ..

***************************

..:: ما هي أصناف الجن في الحديث الشريف ::..

 ** يقول صلى الله عليه وسلم : ( الْجِنُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْلَاثٍ فَثُلُثٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ ، وَثُلُثٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ ، وَثُلُثٌ يَحُلُّونَ وَيَظْعَنُونَ )

** يقول صلى الله عليه وسلم : ( خَلَقَ اللَّهُ الْجِنَّ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ فَثُلُثٌ كِلَابٌ وَحَيَّاتٌ وَخَشَاشُ الْأَرْضِ ، وَثُلُثٌ رِيحٌ هَفَّافَةٌ  ، وَثُلُثٌ كَبَنِي آدَمَ لَهُمُ الثَّوَابُ وَعَلَيْهِمُ الْعِقَابُ )

** يقول صلى الله عليه وسلم : " الجن ثلاثة أصناف : فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء ، وصنف حيات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون " .

** شرح الحديث السابق : (الجن): وفي نسخة : الجنة . (ثلاثة أصناف) أي أنواع في خلقتهن ليسوا كبني آدم نوع واحد وخلقة واحدة . (فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء) لم يعين كيفية خلقتهم هل على صفة الطير أو لا .

(وصنف حيات وكلاب) قال الحكيم : هذا الصنف هم الذين ورد النهي عن قتلهم في خبر: "نهى عن قتل دواب البيوت" ، وخبر : "نهى عن قتل الحيات" .. فإن تلك في صور الحيات وهم من الجن وهم سكان البيوت .

وقوله: (وصنف يحلون) أي كما يحل بنوا آدم يسكنون الأراضي ويضربون الأفنية .. ، (ويظعنون) أي يرحلون من أرض إلى أرض .

التنوير شرح الجامع الصغير ج5 ص305

*************************

..:: حديث أخر يشرح أنواع الجن والإنس ::..

** قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : ( خَلَقَ اللَّهُ الْجِنَّ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ .. فَثُلُثٌ كِلَابٌ وَحَيَّاتٌ وَخَشَاشُ الْأَرْضِ .. وَثُلُثٌ رِيحٌ هَفَّافَةٌ .. وَثُلُثٌ كَبَنِي آدَمَ لَهُمُ الثَّوَابُ وَعَلَيْهِمُ الْعِقَابُ .. )

وَخَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ .. فَثُلُثٌ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَأَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَآذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا .. وَثُلُثٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِي آدَمَ وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ شَيَاطِينَ .. وَثُلُثٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

** قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : ( خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِنَّ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ : حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ وَخَشَاشُ الْأَرْضِ ، وَصِنْفٌ كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاءِ وَصِنْفٌ عَلَيْهِ الْحِسَابُ وَالْعِقَابُ .. وَخَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِنْسَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ : صَنْفٌ كَالْبَهَائِمِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا . وَصِنْفٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِي آدَمَ وَأَرْوَاحُهُمْ أَرْوَاحُ الشَّيَاطِينِ . وَصِنْفٌ كَالْمَلَائِكَةِ فِي ظِلِّ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظَلُّهُ ) . حديث ضعيف .

** شرح الحديث : ( خلق الله عَزَّ وَجَلَّ الجن ثلاثة أصناف : صنف حيات وعقارب وخَشَاش الأرض ) بفتح الخاء أشهر من كسرها وضمها وشينين معجمات وهي خرشاتها وهوامها _ قال جار الله _ : الواحدة خَشاشة سميت به لاتخشاشها في التراب .. من _ خش الأرض _ دخل فيها .

(وصنف كالريح في الهواء) أي يطيرون لهم أجنحة كما تقدم في الجيم في حديث الجن .

( وصنف عليهم الحساب والعقاب ) هم الذين تقدم أنهم يحلون ويظعنون وفيه أن الأولين لا حساب عليهم . ( أي الصنفين الأولين لا حساب عليهم )

(وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف) باعتبار الصفات لا باعتبار الذوات والأول باعتبارهما معاً .

(صنف كالبهائم) زاد الديلمي : في روايته هنا قال الله تعالى: { لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا } [الأعراف: 179] الآية . وقد نزلهم منزلة البهائم حقيقة حتى في الأجسام وهم الكفار فإنهم لما استعملوا أبدانهم في غير ما خلقت له من عبادة الله تعالى كانت كأجسام البهائم حقيقة ..

ولذا قال في الصنف الثاني : (وصنف أجسادهم أجساد بني آدم) فهم يستعملونها في الطاعة ظاهراً ، (وأرواحهم أرواح الشياطين) خبثًا وشرية وهؤلاء هم أشرار العصاة ويحتمل أنهم المنافقون فقط .

(وصنف في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله) وهؤلاء هم خلص المؤمنين وهو الدليل على أنه أريد بالأوسط أشرار العصاة .

قال الغزالي قال وهب: بلغنا أن إبليس تمثل ليحيى بن زكريا - عليهما السلام - فقال: أخبرني عن بني آدم؟ قال: هم عندنا ثلاثة أصناف: أما صنف منهم فأشد الأصناف علينا نقبل عليه حتى نفتنه ونتمكن منه ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة فيفسد علينا كل شيء أدركناه منه .. فلا نحن ندرك منه حاجتنا فنحن في عناء منه .

والصنف الآخر في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلعب بهم كيف شئنا .

والصنف الثالث مثلك معصومون لا نقدر منهم على شيء .. انتهى.

التنوير شرح الجامع الصغير ج5 ص500

****************************

س : لماذا جاء في الحديث أن الجن ثلاثة أنواع فقط .. والواقع الروحاني يشهد بتعدد صوره ؟

جاء تصنيف الحديث الشريف للجن بصورة عامة على ثلاثة أنواع

1- جن طيَّار : وهم الذين لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء

2- حيَّات وكلاب : وهم الجَنَان (الحية البيضاء) ، والكلب الأسود البهيم (الشديد السواد)

3- صنف يعقلون :عليهم التكليف مثل الانسان .. وهم الذين يتنقلون في الأرض ..

من هذه التقسيمات الثلاثة يندرج تحتها كل أنواع الجن ..

فمثلا يندرج تحت المكلفين (العاقلون) .. الجن الغواص والبناء .. وعامر البيت والغيلان وغير ذلك ..

حتى لا يقول أحد لماذا قال الحديث ثلاثة أصناف .. ويوجد أصناف كثيرة .. !!

لا أنت فهمت خطأ .. فالرسول صلى الله عليه وسلم .. قام بوضع التقسيم الإجمالي لعالم الجن .. ولكن التوضيح التفصيلي لكل نوع .. فجاء في بعض الأنواع فقط سواء التي حددها القرآن ( البناؤون والغواصون ) .. أو كالتي جاءت في الحديث مثل ( الجن الأبيض ) ..  من باب توضيح أن هذا العالم متعدد الأنواع والتفصيلات .. التي لا يحصيها إلا الله تبارك وتعالى .. والله أعلم .

*********************************

..:: السيدة عائشة وعامر البيت ::..

** في رواية .. عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَا تَزَالُ تَرَى جِنَّانًا فِي بَيْتِهَا فَأَمَرَتْ بِهِ فَقُتِلَ .

فَأُتِيَتْ فِي النَّوْمِ فَقِيلَ لَهَا : لِمَ قَتَلْتِ عَبْدَ اللَّهِ الْمُسْلِمَ ؟ فَقَالَتْ : لَوْ كَانَ مُسْلِمًا مَا اطَّلَعَ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَيْرِ إِذْنٍ ، فَقِيلَ لَهَا: أَمَا إِنَّكِ قَدْ عَلِمْتِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَطَّلِعُ إلَّا حِينَ تَجْمَعِينَ عَلَيْكِ ثِيَابَكِ ، قَالَ : فَلَمَّا أَصْبَحَتْ تَصَدَّقَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا .

** وفي رواية أخرى .. ( كَانَ جَانٌّ يَطْلُعُ عَلَى عَائِشَةَ ، فَحَرَّجَتْ عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ بَعْدَ مَرَّةٍ ، فَأَبَى إِلاَّ أَنْ يَظْهَرَ ، فَعَدَتْ عَلَيْهِ بِحَدِيْدَةٍ ، فَقَتَلَتْهُ.. فَأُتِيَتْ فِي مَنَامِهَا ، فَقِيْلَ لَهَا: أَقَتَلْتِ فُلاَناً ، وَقَدْ شَهِدَ بَدْراً ، وَكَانَ لاَ يَطْلُعُ عَلَيْكِ ، لاَ حَاسِراً وَلاَ مُتَجَرِّدَةً ، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ حَدِيْثَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟

فَأَخَذَهَا مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ ؛ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأَبِيْهَا .. فَقَالَ: تَصَدَّقِي بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً دِيَتَهُ . )

** وفي رواية أخرى .. ( أن عائشة أم المؤمنين رأت يومًا فى مغتسلها حية فقتلتها ، فأتيت فى منامها فقيل لها : إنك قتلت مسلمًا . فقالت : لو كان مسلمًا ما دخل على أمهات المؤمنين . فقيل : ما دخل عليك إلا وعليك ثيابك . فأصبحت فزعة ، ففرقت فى المساكين اثنا عشر ألفا )

.....:: تعليق ( صاحب المقال ) .. على هذه الرواية ::.....

 بالرغم من روايتها في أغلب كتب الحديث من حيث الإستشهاد بوجود عامر البيت الجني الذي يسكن البيوت .. إلا أني شخصيا لا أقبل هذه الرواية أو الواقعة التي تُروى كأنها حادثة وقعت مع السيدة عائشة .. وإنكاري مبني على أسباب ..

فهذه الأسباب هي :

1- أنها حَرَّجَت عليه واتبعت السنة النبوية في الإنذار .. مرارا .. ومع ذلك لم يستجب للأمر .. تحت دعوى سماع الحديث الشريف من السيدة عائشة .. فكيف تأسف بعد ذلك على قتله لأنها فهمت أنه شيطان .. بنص الحديث النبوي .. ( إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا بِالْمَدِينَةِ .. فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ .. فَحَذِّرُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .. ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدُ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَاقْتُلُوهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ ) وفي رواية ( فإنه شيطان ) .

فكيف تأسف السيدة عائشة على قتله وهو يعتبر من المعتدين ؟

2- في رواية أنها هي من قتلته بحديدة .. وفي رواية أخرى انها أُمِرَت به فَقُتل  .. ؟ .. فمن الذي قتله هي أم غيرها ؟ ففي الرواية اضطراب واضح في المتن .. والرواي واحد .. !!

3- كيف يدخل على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم .. بهذه الصورة التي ينفر منها النفس الإنساني ؟ .. ثم بعد ذلك يحدث انكسار في نفس السيدة عائشة .. وتظن أنها قد تكون قتلت مسلما فعلا ؟

4- كيف يمكن أن تظن أنه مسلما بعد أن قامت بالتحريج عليه والإنذار .. والحديث واضح في أن من لم يرحل بعد الإنذار والتحريج عليه .. فهو شيطان ؟

5- إن هذه الواقعة تفتح باب أن الجن يقتحمون منزل النبي .. لمجالسة أهل البيت بحجة التعليم .. وأنه لا يحق قتلهم ولا قتالهم .. وإن أصابهم مكروه فلهم دية المسلم .. وإن كان هذا حال الجن الذي يقتحم بيت النبي بلا إذن .. فما بال باقي بيوت المسلمين ؟!!

6- تبين من رواية الحديث أن هذا الجني كان يظهر لتلقي العلم وسماع الحديث النبوي من السيدة عائشة .. وتبين من رواية أخرى أنه كان يظهر لها في المغتسل .. فهل كانت السيدة عائشة تقول الحديث النبوي في مكان الإغُتسال ؟ .. حتى كان يظهر لها في المغتسل !!

المغتسل : ( وهو مثل الطست أو الكروانة أو البانيو الذي يستحم فيه الإنسان  أو يغسل فيه حاجاته .. وطبعا ليس المقصود بالمغتسل هو الماء الذي يغتسل به الإنسان .. ولكن المقصود هو المكان المهيأ للإغتسال ) والله أعلم ..

7- سيفتح هذا بابا لعالم الجن بإقامة الحجة علينا .. بفعل السيدة عائشة وفعل الصديق رضي الله عنهما .. في أن اقتحام البيوت أمر مباح .. بدليل هذه الواقعه أو هذه القصة .. ولا يحق لأحد الإعتراض وإن اعترض فعليه الدية ..!!

8- هل غفل عن الصديق رضي الله عنه .. حديث التحريج .. مستحيل بدليل معرفة السيدة عائشة به .. بل كان الاصل في الحديث هو قتل الحيات كلها .. ثم نسخ الأمر بعد ذلك باستثناء حيات البيوت .. فكيف للصديق رضي الله عنه أن يدفع دية لجان اقتحم بيت النبي بلا إذن .. وبعد التحريج عليه أيضا ..؟

9- ومنذ متى والرؤيا يترتب عليها حكم شرعي إلا إن كانت لنبي أو رسول ؟

10- أنها تصدقت ب 12 ألف كدية له .. وأخرجتها في سبيل الله .. وهذا يفتح باب أن فدية الجن هي هذا المقدار .. وهو أمر لم يحكم به شرع .. ولم يروى عن أي صحابي .. ؟ 

حتى وإن كان الصديق رضي الله عنه قد قاس ذلك على دية المسلم الإنسي كما جاء في الحديث ( أن رجلا من بني عدي قُتل .. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثنى عشر ألفا ) ..

إلا أنه لم يروى ذلك عن الدية الجن .. لأن الأصل هو عدم تعرض هذا العالم لنا .. فإن اعترضنا وأنذرناه .. فحق عقاب لأنه شيطان معتدي ..!!

********************************

..:: مجرد رأي خاص ::..

** وعموما قد أظهرت رأيي في واقعة السيدة عائشة رضي الله عنها .. ولا أتردد في كون هذه الرواية مكذوبة عليها .. وقد أوضحت ذلك بما يطمئن له قلبي .. خاصة وأنه ليس بحديث نبوي يُبنى عليه تشريع إلهي .. ( وكل إنسان له حق التصديق بما يشاء )

** لا أكتم عنكم .. كان في قلبي شك من هذه الرواية .. للأسباب التي ذكرتها سابقا .. فبحثت عن طرق الروايات لأحاول الجمع بينها .. ولكن الأمر ازداد غموضا وشكا ..!! والغريب أن أصحاب كتب الشروح يذكرون هذه الواقعة وكأنها أمر طبيعي في الإستدلال على وجود عامر البيت .. !!

************************

..:: سعد بن أبي وقاص .. وعامر البيت ::..

** وسعد بن أبي وقاص ليس بأفقه من الصديق والسيدة عائشة رضي الله عنهم جميعا .. فتأمل بماذا أتذر وحذر الحية التي وجدها تسكن بيته ورأتها زوجته ..

فيروى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ بَيْنَا أَنَا بِعَبَادَانَ إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ زَوْجَتِي فَقَالَ أَجِبْ فُلَانَةً .. وَاسْتَنْكَرْتُ ذَلِكَ .. ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فقالت لي إن (ههنا) الْحَيَّةَ وَأَشَارَتْ إِلَيْهَا .. كُنْتُ أَرَاهَا بِالْبَادِيَةِ إِذَا خَلَوْتُ ثُمَّ مَكَثْتُ لَا أَرَاهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا الْآنَ وَهِيَ هِيَ أَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا قَالَ فَخَطَبَ سَعْدُ خُطْبَةً حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّكِ قَدْ آذَيْتِنِي وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ رَأَيْتُكِ بَعْدَ هَذِهِ لَأَقْتُلَنَّكِ فَخَرَجَتِ الْحَيَّةُ انْسَابَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ ثُمَّ مِنْ بَابِ الدَّارِ فَأَرْسَلَ مَعَهَا سَعْدٌ إِنْسَانًا فَقَالَ انْظُرْ أَيْنَ تَذْهَبُ فَتَبِعَهَا حَتَّى جَاءَتِ الْمَسْجِدَ ثُمَّ جَاءَتْ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَتْهُ فَرَقَتْهُ ثُمَّ صَعِدَتْ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى غَابَتْ .

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ج16 ص264

تعليق ( صاحب المقال ) : أن "عبادان" مدينة صغيرة على حدود العراق تقع مواجهة لمنطقة الحجاز ونجد .. 

- والشاهد في القصة أن سعد بن أبي وقاص قد استخدم لهجة الإنذار والتخويف لطرد عامر البيت الذي تسلل لمنزله ..!!

*****************************

..::الحيَّات و مسخ الجن ::..

** عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :( الْحَيَّاتُ مِنْ مَسْخِ الْجَانِّ كَمَا مُسِخَتِ الْخَنَازِيرُ وَالْقِرَدَةُ من بني اسرائيل )

** عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ( الْحَيَّاتُ مَسْخُ الْجِنِّ كَمَا مُسِخَتْ الْقِرَدَةُ، وَالْخَنَازِيرُ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ )

** معنى المسخ : (مَسَخَ) الْمِيمُ وَالسِّينُ وَالْخَاءُ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الْمَسْخُ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى تَشْوِيهٍ وَقِلَّةِ طَعْمِ الشَّيْءِ، وَمَسَخَهُ اللَّهُ: شَوَّهَ خَلْقَهُ مِنْ صُورَةٍ حَسَنَةٍ إِلَى قَبِيحَةٍ. وَرَجُلٌ مَسِيخٌ: لَا مَلَاحَةَ لَهُ. وَطَعَامٌ مَسِيخٌ: لَا مِلْحَ لَهُ وَلَا طَعْمَ .

مقاييس اللغة ج5 ص323

** مسَخَه اللهُ : حوَّل صورتَه إلى أخرى أقبح منها؛ شوّه صورتَه، أفقده طبيعتَه الخاصّة

معجم اللغة العربية المعاصرة ج3 ص2096

( وجنان الْبيُوت هِيَ الْحَيَّات الصغار وأحدها جَان وَقيل الْبيض الرقَاق وَقيل الْجنان مَا لَا يتَعَرَّض للنَّاس والحيات مَا يتَعَرَّض لَهُم وَقيل الْجنان مسخ الْجِنّ وَقَالَ ابْن وهب الْجنان عوامر الْبيُوت يتَمَثَّل حَيَّة رقيقَة )

مشارق الأنوار على صحاح الآثار ج1 ص156

( قلت : صاحب المقال ) :  معنى أن من الجن من غضب عليه الله فمسخه على صورة الحيات .. ولكن ليس معنى ذلك ان الحيات الموجودة الان هي سلالة جنية .. لأن الحديث يمنع تناسل الممسوخ .. (إنَّ اللَّهَ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًا أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلًا وَإِنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ ) .

وقد يكون مقصود الحديث هو أن الحيات من مسخ الجن .. بمعنى أن من عالم الجن من له القدره على التشكيل وتحويل صورته للرائي كهيئة الحية .. فشبه النبي صلى الله عليه وسلم هذا التغير الصوري للجن .. بالمسخ ..

والله أعلم

*****************************

..:: الكلاب السوداء .. وعلاقتها بالجن ::..

كما جاء في الحديث أن الجن من أصنافهم .. نوع الكلاب .. أي لهم القدرة على التشكل في صورة الكلاب .. ولكن هناك نقطة أحب توضيحها بخصوص الكلاب .. وهو أن النبي أمر بقتل الكلب الأسود البهيم .. ولكن لماذا ؟

يجب أن نفهم أن الأمر بالقتل خاص بالكلب الأسود البهيم الذي يعترض المصلي أثناء صلاته .. فاعتبره صلى الله عليه وسلم شيطان إما لأن الشيطان يتمثل به فعلا ليقطع على المرء صلاته .. وإما لأن ضره أكيد على الإنسان فيجب قتله .. ولنذكر لكم طرفا مما قال شراح الحديث بخصوص الكلب الأسود شيطان .

** ( إن عبد الله بن الصامت سأل أبا ذر رضي الله تعالى عنه عن الكلب الأسود وتمييزه عن غيره من الكلاب فأخبره أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأجابه بأن الكلب الأسود شيطان ، وفسر بأن المقصود من ذلك أن الشياطين تتصور وتتمثل على هيئة الكلاب السود )

شرح سنن ابي داوود ج93 ص3

** جاء في الحديث : (الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ) حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَصَوَّرُ بِصُورَةِ الْكِلَابِ السُّودِ وَقِيلَ هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ غَيْرِهِ فَسُمِّيَ شَيْطَانًا ..

حاشية السندي على سنن ابن ماجة ج1 ص303

** ( وَرَوَوْا أَنَّ الْكَلْبَ الْبَهِيمَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانٌ أَيْ بَعِيدٌ مِنَ الْخَيْرِ وَالْمَنَافِعِ قَرِيبٌ مِنَ الضُّرِّ وَالْأَذَى وَهَذَا شَأْنُ الشَّيَاطِينِ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ )

الاستذكار ج8 ص 496

** ( مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم – "أمر بقتل الكلاب" يعني جاء الأمر بقتل الكلاب في أول الأمر ثم نسخ هذا الأمر كما هو معلوم ، بقي الكلب الأسود البهيم الذي هو شيطان )

شرح البخاري لابن بطال ج2 ص142

يتبين مما سبق أنه كان هناك أمر بقتل الكلاب وتم نسخه بعد ذلك .. بالبقاء على قتل الأسود البهيم فقط ..

ولكن ..

لا يتم قتل الكلب الأسود الذي لا يتعرض لحياة الناس .. ولا يؤذيهم .. ولا يقطع عليهم صلاتهم .. ( لأنهم كانوا يصلون غالبا في الصحراء أو في خيامهم التي قد يتسلل من خلالها أي مؤذي أو ضار ) ..

أما عن الكلب الذي يؤذي الإنسان سواء كان أبيض أو أسود أو أي لون .. أو أفعى أو عقرب أو أي حيوان مؤذي .. فقد أباحت لنا الشريعة قتله .. دفاعا عن النفس .. فكل مؤذي أباحت لنا الشريعة قتاله حماية لأنفسنا ..

فأرجو أن يكون الكلام واضح ..

فالغرض مما سبق هو أن الشيطان قد يتشكل لصورة كلب .. والتشكل يكون لونه أسود بهيم ( شديد السواد ) .

****************************

..:: رأي خاص ::..

هناك معتقد أن عامر المكان .. هو جن يثبت في البيت .. وما من بيت إلا وله عامر يعمره .. وقد يكون عامر سوء أو عامر خير .. وتسمع قصص وحواديت من الروحانيين عن عامر المكان .. وكذلك تسمع القصة المشهورة بأبي دجانة .. والرسالة التي تعلق في البيت .. لتصرف العفريت ..!!

وهذا كلام سنخوض فيه إن شاء الله .. الجزء الثالث ..

- ولكن ما أحب أن أقوله هنا .. هو أن أغلب ظني أن عامر المكان هو نوع أو من الصنف الثالث الذي ذكره صلى الله عليه وسلم .. وهم من الذين يتواجدون ويرحلون .. ومن الذين عليهم الحساب والعقاب .. ومكلفون .. لأن لديهم عقل ويعقلون .. وإلا كان الحديث إليهم نوعا من اللامعقول .. ولكان العهد والإنذار .. ضرب من التوهم النفسي الذي يخاطب الإنسان به نفسه .. والله أعلم بحقائق خلقه .

*****************************

..:: من أين جاءت فكرة الإنذار والعهد ؟ ::..

 ** جاء في الحديث الشريف .. (أنّ فِتًى مِنَ الأنصار كان حديثَ عَهْدٍ بعرسٍ فخرَجَ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزاةٍ فرجع من الطريق ينظرُ إلى أهلِهِ فإِذَا هو بامرأَتِهِ قائِمَةً في الحجرةِ فبوَّأَ إليْها الرمْحَ فقالَتْ ادْخُلْ فانظرْ ما في البيتِ فدخل فإذا هو بحيَّةٍ مُنْطَوِيَةٍ على فراشِهِ فانتَظَمَها برمْحِهِ ثم ركَزَ الرمْحَ في الدارِ فانْتَفَضَتْ الحيَّةُ وانْتَفَضَ الرجل فماتَتْ الحيَّةُ ومات الرجلُ فذُكِرَ ذلِكَ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال إنه نزل بالمدينةِ جِنُّ مسلمونَ أوقال بهذِهِ البيوتِ عوامرُ فإذا رأيتم منها شيئًا فتَعَوَّذُوا منه فإِنْ عاد فاقتُلُوهُ )

** وفي رواية أخرى (إن لهذه البيوت عوامر  .. فإذا رأيتم منها شيئا فحَرِّجُوا عليها ثلاثا .. فإن ذهب وإلا فاقتلوه فإنه كافر )

** وفي رواية أخرى (  إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا .. فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا .. فَآذِنُوهُ ثَلاثًا .. فَإِن بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ .. فَاقْتُلُوهُ .. فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ )

** وفي رواية أخرى ( إِنَّ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ أَسْلَمُوا بِالْمَدِينَةِ .. فَإِذَا رَأَيْتُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ .. فَحَذِّرُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ .. ثُمَّ إِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدُ أَنْ تَقْتُلُوهُ فَاقْتُلُوهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ)

** وفي رواية أخرى  ( إن بالمدينة جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان )

******************************

..:: أقوال العلماء في قتل الحيَّة ساكنة المنزل ::..

**  أحببت أن أجسد لكم ما ذكروه شراح الحديث في شرح الحيات التي تقتل .. وأولها " ذا الطفيتين " .. ويعلم الله كم بحثت حتى وجدت هذه الصورة الدقيقة التي تنطبق على ما شرحوه من تعريفات .. فمنهم من قال بمعنى نقطتين .. ومنهم من قال له خطين متوازيين ومنهم من قال له قرنين .. حتى أني شككت أنه يوجد أفعى لها قرون كما ذكر بعض الرواه .. ولكن بعد البحث والمثابرة كانت المفاجأة أنه يوجد أفعي لها قرون تجدونها في الصورة رقم (3)

** وهذه الصور خاصة بالحيَّة الأبتر .. كما تصورتها من كلام العلماء .. وإن كنت أرى الكوبرا المصرية أقرب لتوصيف العلماء .. ولذلك أفردتها بصورها لوحدها 

..:: عموما آراء العلماء في قتل الحيَّات ::..

1- من العلماء من قالوا بقتل الحيات كلها .. و قالوا بنسخ هذا الحديث السابق بحديث ابن مسعود ( اقتلوا الحيات كلَّهن .. من خاف ثأرهن فليس منا )

2- ومنهم من قال هو خاص بحيات التي تسكن في مساكن بيوت المدينة هي التي يُحرَّج عليها .. فإن لم تذهب .. تقتل .. واستدلوا بحديث (  عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لِأَقْتُلَهَا فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ لَا تَقْتُلْهَا فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَا للَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ قَالَ إِنَّه نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَهِيَ الْعَوَامِرُ )

** واتفق الجميع على قتل الحيات.. في أي مكان خارج المنزل سواء في شوارع المدن أو الصحاري او الغابات أو غير ذلك .. طبعا في حال اعتراضها طريق الناس .. ( وليس معنى الكلام .. بأن نذهب بعزيمة مخصوصة بالكيماوي للغابات لنقتل الافاعي ..!

هذا للتوضيح حتى لا يظن أحد أن معنى الكلام هو إبادة جنس الحيات .. لا .. فالكلام يختص بمن يعترض طريق الناس ويهدد حياتهم .. ) 

والاختلاف بين العلماء في قتل الحيات التي تسكن المنزل .. سواء منزل المدينة أو غيرها من المدن .

شرح لبعض الحديث :

قوله: (( فحرجوا عليها )) : أي قولوا لها :  أنت في حرج أي .. ضيق إن عدت إلينا فلا تلومينا أن نضيق عليك بالتتبع و الطرد والقتل .

قال القاضي عياض : روى ابن الحبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه يقول: أنشدكم بالعهد الذي أخذ عليكم سليمان بن داود أن لا تؤذونا ولا تظهروا لنا )) ونحوه عن مالك.

قوله: ((فآذنوه)) أي فأعلموا و أنذروا .

قال العلماء :  إذا لم يذهب بالإنذار علمتم أنه ليس من عوامر البيوت ، ولا ممن أسلم من الجن بل هو شيطان فلا حرمة له عليكم فاقتلوه ، و لن يجعل الله له سبيلا للإضرار بكم . )

شرح المشكاة للطيبي – الكشف عن حقائق السنن -ج9ص2824

شرح آخر :

(وقال مالك :  أحب إلى أن تنذر عوامر البيوت بالمدينة وغيرها ، وذلك بالمدينة أوجب ، و لا ينذر فى الصحارى . وقال غيره:  المدينة وغيرها سواء فى الإنذار ؛ لأن العلة إسلام الجن ، ولا يحل قتل مسلم جنى ولا إنسى . )

شرح البخاري لابن بطال ج4 ص493

(وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِنْذَارِ هَلْ هُو ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثَةُ مَرَّاتٍ وَالْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ )

عون المعبود ج14 ص109

(وقوله: " فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان  " :  أى إن لم يذهب بالإنذار فقد دل أنه ليس من عوامر البيوت ، ولا ممن أسلم ، وأنه شيطان ، [قتله] حينئذ مباح ، وأنه لا حرمة له بعد الإنذار ، وأن الله لا يجعل له سبيلاً للانتصار ممن قتله كما جعل لجنان البيوت ومن أسلم .

وقوله: " ثلاثة أيام " : ظاهرهُ ما قال مالك : أحب إلىّ أن ينذروا ثلاثة أيام . قال عيسىبن دينار : [ينذر] ثلاثة أيام ، وإن ظهرت فى اليوم مراراً ،ولا يقتصر على إنذارها ثلاث مرات فى يوم واحد حتى يكون ذلك فى ثلاثة أيام ، وعلى قوله فى الأحاديث الأخر : " فليؤذنه ثلاثاً " و " حرجوا عليه ثلاثاً " يحتمل ثلاث مرات ،ولكن الحديث الآخر أنها ثلاثة أيام يفسره . )

اكمال المعلم بفوائد مسلم ج7 ص172

(اسْتِثْنَاءُ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ سَوَاءً كُنّ بِالْمَدِينَةِ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا بَعْدَ الْإِنْذَارِ ، وَهُو  مَحْكِيّ  عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ – رَحِمَهُ اللَّهُ – وَصَاحِبِهِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ يُقْتَلُ مَا وُجِدَ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ وَاسْتَدَلَّ هَؤُلَاء  بِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ « أَنّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – سُئِلَ عَنْ حَيَّاتِ الْبُيُوتِ فَقَالَ: إذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا فِي مَسَاكِنِكُمْ فَقُولُوا : أَنْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْكُنَّ نُوحٌأَ نْشُدُكُنَّ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْكُنَّ سُلَيْمَانُ أَنْ لَا تُؤْذُونَا ، فَإِنْ عُدْنَ فَاقْتُلُوهُنَّ » فَلَمْ يَخُصَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بُيُوتَ الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِهَا )

طرح التثريب في شرح التقريب ج8 ص128

(وَلَا يُفْهَمُ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِي قَتَلَهُا لْفَتَى مُسْلِمٌ ، وَأَنَّ الْجِنّ قَتَلَتْهُ قِصَاصًا ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ ،وَإِنْ شُرِعَ بَيْنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ ،لَكِنّ شَرْطَه الْعَمْدُ ، وَالْفَتَى لَم يَتَعَمَّدْ قَتْلَ نَفْسٍ مَسْلَمَةٍ ، وَإِنَّمَا قَتَلَ مُؤْذِيًا يَسُوغُ لَهُ قَتَلُ نَوْعِه  شَرْعًا ، فَهُوَ مِنَ الْقَتْلِ خَطَأً .. فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إِنّ  فَسَقَةَ الْجِنّ  قَتَلَتْهُ بِصَاحِبِهِمْ عُدْوَانًا، و  إِنَّمَا قَالَ – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنّ  بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا لِيُبَيِّنَ طَرِيقًا يَحْصُلُ بِهَا التَّحَرُّزُ عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِم  مِنْهُمْ ، وَيُسَلِّطُ بِهِ عَلَى قَتْلِ الْكَافِر  مِنْهُمْ.)

شرح الزرقاني على الموطأ ج4 ص613

******************************

..:: لون الجان .. عامر المكان وشكله ::..

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (اقتلوا الحيات كلها إلا الجان الأبيض الذي كأنه قضيب فضة). رواه أبو داود

 (إِلَّا الْجَانَّ الْأَبْيَضَ) وَلَعَلَّ النَّهْيَ عَنْ قَتْلِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْحَيَّاتِ إِنَّمَا كَانَ لِعَدَمِ ضَرَرِهِ (كَأَنَّهُ قَضِيبُ فِضَّةٍ) أَيْ قِطْعَةُ فِضَّةٍ

عون المعبود ج14 ص114

قَالَ أَبُو دَاوُد: فَقَالَ لِي إِنْسَانٌ: الْجَانُّ لَا يَنْعَرِجُ فِي مِشْيَتِهِ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا صَحِيحًا ، كَانَتْ عَلَامَةً فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ.

الجامع الصحيح للسنن والمسانيد ج10 ص188

****************************

..:: صيغة العهد المأخوذ على الحيات ( عامر البيت ) ::..

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا ظَهَرَتِ الْحَيَّةُ فِي الْمَسْكَنِ، فَقُولُوا لَهَا: إِنَّا نَسْأَلُكَ بِعَهْدِ نُوحٍ ، وَبِعَهْدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ أَلا تُؤْذِينَا، فَإِنْ عَادَتْ ، فَاقْتُلُوهَا ).

( قَوْلُهُ (إِنَّا نَسْأَلُكَ بِعَهْدِ نُوحٍ) وَلَعَلَّ الْعَهْدَ كَانَ حِينَ إِدْخَالِهَا فِي السَّفِينَةِ )

تحفة الأحوذي ج5 ص51

(وَصِفَةُ الْإِنْذَارِ ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي لَيْلَى قَالَ : " قَالَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « إِذَاظَهَرَتِ الْحَيَّةُ فِي الْمَسْكَنِ ، فَقُولُوا لَهَا : نَسْأَلُكِ بِعَهْدِ نُوحٍ ، وَبِعَهْدِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ لَا تُؤْذِينَا ، فَإِنْ عَادَتْ فَاقْتُلُوهَا » "..

 وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِهِ: " أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ - «سُئِل عَنْ جِنَّانِ الْبُيُوتِ ، فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُنَّ شَيْئًا فِي مَسَاكِنِكُم ، فَقُولُوا : أُنْشِدُكُمُ الْعَهْد الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُمْ نُوحٌ ، أُنْشِدُكُمُ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُمْ سُلَيْمَانَ أَنْ لَا تُؤْذُونَا ، فَإِنْ عُدْنَ فَاقْتُلُوهُنَّ » "..

وَقَال مَالِكٌ : يَكْفِي أَنْ يُقَالَ : أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ بِاللَّهِ ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ لَا تَبْدُوا لَنَا ، وَلَا تُؤْذُونَا .

قَال عِيَاضٌ : أَظُنُّهُ أَخْذَهُ مِنْ رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، فَقَالَ: «إِنْ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا، فَحَرِّجُواعَلَيْهَا ثَلَاثًا » .

وَقَالَ فِي الْفَتْحِ : مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ لَهُنَّ : أَنْتُنّ  فِي ضِيقٍ وَحَرَجٍ إِنْ لَبِثَت عِنْدَنَا ، أَوْ ظَهَرْتَ لَنَا ، أَوْ عَدْتَ إِلَيْنَا.

شرح الزرقاني على الموطأ ج4 ص613

******************************

..:: وقفه مع حديث ::..

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ لِبُيُوتِكُمْ عُمَّارًا ، فَحَرِّجُوا عَلَيْهِنَّ ثَلَاثًا، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَاقْتُلُوهُنَّ )

( قلت : صاحب المقال ) : وليس معنى الحديث .. أن يشترط وجود عمار .. أو قد يكون الحديث خاص ببيوت المدينة .. لأن الحديث قيل في واقعه خاصة .. وهي واقعة الفتى حديث عهد بالزواج ..

ويكون معناه .. أنه قد يتواجد عمار في بيوتكم .. وقد يبدون لكم .. فإن بدا لكم فحرجوا عليه وان لم يرحل فاقتلوه فإنه شيطان ..

***************************

..:: تنيه هام جدا ::..

كل ما ذكره السادة العلماء من صفات الإنذار والتحذير .. هو خاص بالحيات (الجن العامر) التي تظهر في البيوت .. في شكل حيات ..

وعلى هذا المعنى يفهم كلام العلماء .. وترتب عليهم فقههم .. وفي قتل الحيات كلها إلا ما خص به الحديث .. أو الاستذان .. أو غير ذلك فهو يتعلق بالحيات فقط وليس بعموم عالم الجن .. وهذا كلام العلماء رحمهم الله رحمة واسعة .

****************************

في الجزء الثالث والاخير إن شاء الله 

أسئلة على هذا الجزء الثاني وهي خاصة بعامر البيت .. وقد لا تخطر على بالك ولم تسمعها من أحد من قبل .. وأحسب أنه لم يخوض فيها أي إنسان من قبل .. وهي : 

1- هل نرى حية في منزلنا ونتركه ونسكن الشوارع لنأتي كل يوم لنستأذنه ثلاثة أيام .. فهل هذا يعقل ؟

2- الجن المعتدي روحانيا للإنسان .. هو معتدي .. ويجب التخلص منه .. ( وهذا رأي البعض دون إنذار ولا إعذار ) .. فهل يصح هذا الرأي ؟

3- ما هي علاقة الرفاعية بالثعبان ؟ 

4- ما علاقة عامر البيت برسالة أبي دجانة ؟

5- ما علاقة صرف العامر قبل التحضير ؟

6- ما علاقة الراجين عفو الله وعامر البيت ؟

7- هل يطلع عامر البيت على عورات الإنسان ؟

8- ما علاقة أصحاب المندل بعامر البيت ؟

9- لماذا يتشكل الجن في صور أخرى غير صورته ؟

10- توهم الروحانيين بتغييير عامر البيت السيء بأخر طيب ؟

11- هل عامر البيت هو الخبث والخبائث ؟

12- لماذا عامر البيت يتواجد مع الناس في البيت .. ؟

**************************

.. رجاءا ممن يكتب تعليقا ..

تنبيه : أي تعليق يحمل لهجه مذهبية - أو سؤال أو استفسار بدون ظهور اسم لصاحب التعليق .. فالرجاء من جميع الأعضاء عدم الرد على هذا التعليق .. وسيتم حذف هذا التعليق مهما كان السؤال مهم وفي محله ..

** أما من يريد كتابة قصة أو حكمة أو ما شابة فأنت حر في التعليق .. حتى ولو بدون اسم .. 

** وفي حالة ظهور تعليقات لا تلتزم باب الأدب والحوار والموضوعية وذكر اسم صاحب التعليق .. سيتم حذف هذه التعليقات .. 

وشكرا للجميع حسن تعاونهم ..

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة - ا/ خالد ابوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .