الإلحاد رسول المرأة المتحررة وأهل الهوى والشهوات .. جحود الإله وعبادة الجنس ونظريتهم المادية .. الشرق والغرب بين العقل والعاطفة والمنهج الإلهي .. مناقشة الإلحاد في القرآن والأحاديث .. هل عدم إدراك الشيء الملموس .. دليل على عدم وجوده ؟ .. فقه العارفين ..

بسم الله الرحمن الرحيم

.. الفصل الخامس .. 

من طهارة التوحيد .. في فقه العارفين

***********************

.. الإلحاد رسول المرأة المتحررة وأهل الهوى والشهوات ..

.. جحود الإله وعبادة الجنس ونظريتهم المادية ..

.. الشرق والغرب بين العقل والعاطفة والمنهج الإلهي ..

.. مناقشة الإلحاد في القرآن والأحاديث .. فقه العارفين ..

هل عدم إدراك الشيء الملموس .. دليل على عدم وجوده ؟ 

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. في فصل جديد من فصول الطهارة في فقه العارفين .. وهو الفصل االخامس .. وهو يختص بالفصل السابق له وهو طهارة التوحيد ..

فنتكلم في هذا الفصل عن شيئا قليلا من الإلحاد الديني ومناقشة الملحد الجاحد للوجود الإلهي .. نظرا لانتشاره في ربوع العالم .. جحودا للألوهية .. ورغبة في استباحة مالم يبيحه المنهج السماوي .. أو كما أحب تسمية الإلحاد .. بعبادة الأعضاء الجنسية .. أو عبادة النصف السفلي من الإنسان .. فهذا هو حقيقة الإلحاد .. خاصة في الدول العربية على وجه الخصوص .. هو إباحة الزنا والسُّحاق (المرأة مع المرأة) واللواط والجهر بذلك .. هذه هي الحقيقة .. أيها السادة ..

وعموما لم يأتي قوما في التاريخ انحرفوا عن المنهج السماوي .. إلا وكان الجنس الإباحي هو الصفة الرئيسية للإنحراف .. بل كان السابق هناك تجارة للرقيق الأبيض .. أي تجارة النساء .. سلعة رائجة .. وقد عادت مرة أخرى .. حتى وصل الأمر الآن إلى أقصى حدوده .. خاصة في الدول الإباحية التي تبيح الجنس بترخيص "بعض أوروبا وأمريكا".. ولكن ليس تحت مسمى تجارة الرقيق .. وإنما تحت مسمي تجارة الجنس .. فالمسمى الأول يعتبر عبودية واستغلال للمرأة .. وإنما المسمى الثاني يعتبر عمل تنتفع من وراءه المرأة !! ..

لا تعليق !!

*************************

ولكن لماذا هذا الإجتهاد الإبليسي لنشر الإباحية ؟

حتى يستطيع التواصل بصورة أكبر مع الناس لإفساد حياتهم .. فمع الإباحية من الزنا واللواط والسُّحاق .. يحدث المس الروحاني .. الذي يعتبر وسيلة رائعة لينشر الشيطان من خلالها أفكاره ..

فالوسواس التقليدي .. لا يؤثر بالصورة المطلوبة .. ولكن إن أضيف لهذا الوسواس كشف سماعي أو بصري .. فسيكون هناك قوة لتصديقه .. ولا يحدث هذا إلا بمس روحاني ..

ولأن الشيطان يتسلط على الخيال في الانسان .. ويستغل عواطفه .. فأكثر المصابين بالمس هم من النساء .. وذلك بحكم الطبيعة .. وبالتالي يؤثرون في الرجال بطريقة ما أو بأخرى من ناحيتهم .. سواء اجتماعيا او غير ذلك ..

أيتها الفتيات والسيدات .. الإباحية الجنسية تدفعكم ليس للتحرر وإنما لإستعباد الرجال لكم .. فهل تحبين أن تكوني رقيقا يباع ويشترى فيه ؟! هل تحبين أن تكوني كالمرحاض بالنسبة للرجل يفعل فيه فعلته .. ثم ماذا بعد ذلك !!

ستظلي كالمرحاض ..!!

لأنك لم تحترمي أنوثتك .. فأصبحت محل نظر الرجل البهيم ..

** انتبهوا أيها السادة .. لازال هناك أمل .. من فقد التوحيد .. فقد روحه .. ومن أراد استرداد روحه .. فليعلم أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله .. ثم يعمل بها ..

فاعمل في الحياة على أن تكون إنسان بدلا من أن تكون حيوان ..!!

***************************

..:: المرأة المتحررة .. والمرأة الحرة ::..

** من هي المرأة الحرة ؟

أصبحنا نسمع عن المرأة المتحررة .. وهي التي تستبيح فعل كل ما يحلو لها بلا قيود دينية ولا حتى أخلاق عرفية .. فتشابهت بالعاهرات فعلا .. وتساويا في الفكر .. إلا أن الاولى تستمع والثانية تكتسب من هذا الإستمتاع .. !!

ولم نعد نسمع عن المرأة الحرة ..!! فمن هي المرأة الحرة ؟

هي الرافضة أن تكون عاهرة بأي حال من الاحوال .. وهي التي تأبى أن يتعدد عليها الرجال .. لأن كرامتها الأنثوية تمنعها من ذلك .. وعزتها النفسية تحرم عليها ذلك .. فهي حرة لأنها سيدة نفسها تستطيع أن لا تفعل فعل العاهرات .. أما العاهرة فهي ليست حرة لأنها لم تعد سيدة نفسها .. لقد فقدت كرامتها وعزتها .. ( إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ..

فهل رأيتم أمرأة لا تشعر بالإهانة حينما تغتصب حتى ولو من رجل ؟ فما بالكم من عدة رجال !!

** لأن الحرة تأبي أن يتعدد عليها الرجال بأي حال من الأحوال .. 
فالكرامة والعزة الأنثوية .. أقوى من أن يدركها عقل .. ولكن نسينا الله فضاعت الكرامة وضاعت العزة .. ولم يبقى من الإنسان إلا نفسه الأمارة بالسوء .. التي تطلب الزنا (المرأة مع الرجل في الحرام) والسُحاق (المرأة مع المرأة) .. إلا من رحم ربي .

** والرجال أيضا منهم ما هو متحرر الشهوة و الحرام .. ومنهم ما هو حر الكرامة والعزة .. ولكن الكلام كان عن المرأة نظرا لما هو حادث في حياتنا من انحراف واضح في سلوكيتها .. آسف ولكن هذه هي الحقيقة .

******************************

..:: أهل الهوى والشهوات ::..

بمناسبة معنى كلمة الإلحاد .. وهو الميل عن القصد .. أو الإنحراف عن الطريق الصحيح .. فأصل الإلحاد الديني هو اتباع الشهوات  لهجر تعاليم الدين وعدم التقيد بالحلال والحرام .. والتحرر من قيود النفس الأمارة .. وتحريرها بإشباع الرغبات .. بشتى الطرق ..

تأمل قوله تعالى جيدا ( وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً ) النساء27

ولكن هناك من يظل محتفظا بالدين .. والإكتفاء بفعل المعصية .. كما هو غالب أهل الفن السينمائي .. عسى أن يتوب الله عليه .. إن أصابته عناية الله ..

ومنهم من يستبيح الحرام .. حتى يجعله له إله .. فينكر الدين تماما .. ويصبح بلا دين .. بلا قيود .. وكل شيء مباح .. خسر الدنيا والأخرة ..

** فما أردت قوله هنا .. هو أن أصل الإلحاد هو استباحة أو اتباع الشهوات .. وبعد ذلك جحود الوجود الإلهي .. للهروب من مسئولية الذنب والحساب والعقاب .. !!  

******************************

..:: الإلحاد لغة العصر ::..

** ما معنى الإلحاد لفظا ؟

هو الميل والإنحراف عن الإستقامة .. أو الميل عن القصد السليم .. فقد يكون ميلا عن طريق الحق أو ميلا عن الصواب في الكلام أو ميلا عن الطريق الصحيح أو ميلا عن المنهج السوى .. أو أو أو ..

** ما معنى الإلحاد الديني ؟

يقال فلان ملحد دينيا : أي مال وانحرف عن الحق .. بعبادة أهواء نفسه .. منكرا بالكلية للألوهية والربوبية ..

هذا هو الملحد دينيا .. منكرا لوجود ( لا إله إلا الله ) . ولذلك يقول الحق فيهم .. ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ ) الصافات35

إذن فالإنكار هو صفة الجاحد لله على سبيل العموم .. وما يكون ذلك إلا لإشباع رغباته بلا قيود ولا ضوابط .. يعيش بلا هدف . أي بلا آخرة .. فيأخذ كل ما يستطيع أخذه من الدنيا .. فلا يهمه كيف .. ولكن المهم هو إشباع شهواته البهيمية .. بلا قيود ..

** ويشترك المحجوب إيمانيا (مثل كل غير المسلم)  في الحكم (الغضب الإلهي) .. نتيجة الاستكبار عن قبول لا إله إلا الله محمد رسول الله .. ولكن الفرق بين الملحد وغيره .. أن الملحد أنكر الذات الإلهية مطلقا .. أما المسيحي مثلا فهو لم ينكر الذات الإلهية وإنما ضل عن فهمها .. فهذا يرجى عودته للحق لأن الإيمان المنحرف قد يدفعه للإيمان الصحيح في العقيدة .. أما الملحد فهو بلا إيمان من أساسه ..

** ولذلك يرجى إيمان أهل الكتاب ولا يرجى إيمان الملحد .. إلا من رحم ربي .. وكان الزواج من أهل الكتاب وليس من الملحد .. لأن قوامة الرجل المسلم (الحق) قد تؤثر في المرأة الكتابية فتنصلح عقيدتها بشهادة الإسلام ..

عموما .. نعود فنقول .. ونتكلم قليلا عن الإلحاد في ضوء الكتاب والسنة .. من باب طهارة التوحيد .. مما قد يلتبس عليك من فكر هؤلاء .. خاصة ونحن نعيش عصر الإلحاد والإباحية الجنسية ..

** والشيء لزوم الشيء .. فطالما هناك إباحية فلابد من إنكار وتحرر من الدين .

*****************************

..:: أقم وجهك للدين حنيفا ::..

حينما تقرأ قوله تعالى ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) الروم30 ..

أن القرآن يدعوك إلى الفطرة أو الخِلقة الأصلية .. التي خلقنا الله عليها .. وهي الإعتراف بربوبية الله أو الإسلام الفطري كما جاء في الحديث .. وأن هذا هو الحق .. وأن هذا هو الطريق المستقيم .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون لأن قلوبهم باتت محجوبة عن مولاهم ..

** كلمة "حنيفا" .. تعني مائلا إلى الحق ومعرضا عن غيره .. وكأنها ردا على كلمة الإلحاد التي هي الميل إلى الباطل .. سواء كان إلحاد في الذات أو الأسماء كما سيأتي بيانه ..

( شرح مهم للآية :) ( إذا كان الأمر كما ذكرت لك- أيها الرسول الكريم- من بطلان الشرك فاثبُت على ما أنت عليه من إخلاص العبادة لله- تعالى- وحده ، وأقبل على هذا الدين الذي أوحاه الله إليك ، بدون التفات عنه، أو ميل إلى سواه.

والمراد بالفطرة في قوله- تعالى -: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ الملة. أى: ملة الإسلام والتوحيد.

أو المراد بها: قابلية الدين الحق ، والتهيؤ النفسي لإدراكه . والأصل فيها أنها بمعنى الخلقة .

أى: اثبت- أيها الرسول الكريم- على هذا الدين الحق ، والزموا- أيها الناس- فطرة الله ، وهي ملة الحق ، التي فطر الناس عليها ، وخلقهم قابلين لها.
وفي الحديث: «إنى خلقت عبادي حنفاء ، فاجتالتهم - أى حولتهم - الشياطين عن دينهم » .

وقوله: لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ : تعليل لما قبله من الأمر بلزوم الفطرة التي فطر- سبحانه- الناس عليها.

أى: الزموا فطرة الله التي هي دين الإسلام، وقبول تعاليمه والعمل بها، لأن هذا الدين قد ارتضاه الله- تعالى- لكم، ولا تبديل ولا تغيير لما فطركم عليه وارتضاه لكم.

وذلِكَ الدين : الذي اختاره- سبحانه- لكم، هو الدِّينُ الْقَيِّمُ أى: القويم المستقيم، الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف.

فاسم الإشارة يعود إلى الدين الذي أمرنا- سبحانه- بالثبات عليه، في قوله: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً.

وقوله تعالى -: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ : استدراك لبيان موقف الناس من هذا الدين القيم.

أى: ذلك الدين الذي ارتضيته لكم هو الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقيقة ، بسبب استحواذ الشيطان عليهم، واتباعهم للأهواء الزائفة، والتقاليد الفاسدة.

ثم حرضهم- سبحانه- على الاستمرار في اتباع توجيهات هذا الدين القيم فقال:

مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ. )

التفسير الوسيط لطنطاوي ج11 ص84   باختصار .

***********************************

..:: الدين والفطرة ::..

قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ (سليمة) ، هَلْ تُحِسُّونَ (ترون) فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ »؟

معاني : ( جمعاء) : سليمة مكتملة الأعضاء ، (تحسون) : تبصرون ، (جدعاء) : مقطوعة الأذن أو الأنف أو الأطراف

أي: يغيرانه مثل تغييرهم البهيمة السليمة التي جدعت بعد أن خلقت سليمة

راجع شرح القسطلاني على البخاري ج2 ص450 .. بتصرف في الكلام ومختصرا ..

ولم يقل صلى الله عليه وسلم .. (أو يسلمانه) .. لأنه مولود مسلما لله بفطرته ..

** يقول د/مصطفى محمود في كتابه رحلتي من الشك إلى الإيمان : ( فإذا نحن تأملنا ما يصاحب أفعالنا من تردد قبل اختيار القرار ثم شعور بالمسئولية في أثناء العمل ثم ندم أو راحة بعد تمامه .. فنحن نستنتج أننا أمام حالة فطرية وفكرة ملحة بالحساب وبأن هناك خطأ وصوابا .. وإننا نعلم بداهة وبالفطرة التي ولدنا بها أن العدل والنظام هو ناموس الوجود و أن المسئولية هي القاعدة.

** ويفترض لنا هذا الشعور الفطري القهري لأن الظالم الذي أفلت من عقاب الأرض ، والقاتل الذي أفلت من محاسبة القانون البشري الأرضي .. لابد أن يعاقب و يحاسب .. لأن العالم الذي نعيش فيه يفصح عن النظام و الإنضباط من أصغر ذرة إلى أكبر فلك .. والعبث غير موجود إلا في عقولنا وأحكامنا المنحرفة .

وفكرة العدل والنظام وضرورة العدل تقودنا إلى ضرورية عالم آخر يتم فيه العدل والنظام والمحاسبة ..

كل هذا علم نولد به وحقيقة تقول بها الفطرة والبداهة )

( وهذا العلم الذي نولد به .. وهذه البداهة التي نولد بها .. تقوم شاهدة على كل العلوم المكتسبة وملزمة لها .. فجميع العلوم المكتسبة يجوز فيها الخطأ والصواب .. أما العلم الذي نولد به فهو جزء من نظام الكون المحكم .. وهو الحقيقة الأولى التي على ضوئها نرى جميع الحقائق الفرعية .. وهي المعيا والمقياس .. وإذا فسد المعيار فسد كل شيء وأصبح كل شيء عبثا في عبث وهو أمر غير صحيح .

** وإذا اتهمنا البداهة فإن جميع العلوم والمعارف سوف ينسحب عليها الإتهام وسوف ينهدم لأنها تقوم أصلا على البداهات الأولى .

فنحن هنا أمام أصل من أصول المعرفة ومرجع لا يجوز الشك فيه (لأن هذا المرجع شأنه شأن الحياة ذاتها ) .. نحن أمام متن .. هو لحم المعرفة ودمها .

** وكما نأتي إلى الحياة مزودين بعضلات لنتحرك بها وندافع عن أنفسنا .. كذلك نولد مزودين بالبداهات الأولى لنتحكم إليها في إدراك الحق من الباطل والصواب من الخطأ .

** وأعلى درجات المعرفة .. هي ما يأتيك من داخلك .. فأنت تستطيع أن تدرك وضعك ( هل أنت واقف أو جالس أو راقد) دون أن تنظر إلى نفسك ..

** يأتيك هذا الإدراك وأنت مغمض العينين .. يأتيك من داخلك .. وتقوم هذه المعرفة حجة بالغة على أية مشاهدة .

وحينما تقول .. أنا سعيد أنا شقي أنا أتألم .. فكلامك يقوم حجة بالغة ولا يجوز تكذيبه بحجة منطقية .. فلا أحد أعرف بحال نفسك من نفسك ذاتها ..

وبالمثل شهادة الفطرة وحكم البداهة هي حجة على أعلى مستوى

** وحينما تقول الفطرة والبداهة مؤيدة بالعلم والفكر والتأمل .. حينما تقول بوجود الروح والنفس وبالحرية وبالمسئولية والمحاسبة .. وحينما توحي بالتصرف على أساس أن في الكون نظاما .. فنحن هنا أمام حجة على أعلى مستوى من اليقين .

وهو يقين مثل يقين العيان وأكثر .. فالفطرة عضو مثل العين نولد به )

** ( 1+1=2 .. مسألة لا تقبل الشك لأنها حقيقة ألقتها إلينا الفطرة من داخلنا وأوحت بها البداهة ..

هي معرفة أولى جاءت إلينا مع شهادة الميلاد ..

لو أدرك الإنسان هذا لأراح واستراح ولوفر على نفسه كثيرا من الجدل والشقشقة والسفسطة والمكابرة في مسألة الروح والجسد والعقل والمخ والحرية والجبر والمسئولية والحساب ولاكتفى بالإصغاء إلى ما تهمس به فطرته وما يفتى به قلبه وما تشير به بصيرته ..

** وذرة من الإخلاص أفضل من قناطير من الكتب .

لنصغى إلى صوت نفوسنا وهمس بصائرنا في إخلاص شديد دون محاولة تشوية ذلك الصوت البكر بحبائل المنطق وشراك الحجج )

رحلتي من الشك إلى اليقين ص42-44

***********************

..:: الفطرة والمنهج والعطاء الإلهي ::..

** فالفطرة معرفة إلهية طبيعية في النفس ولولا الفطرة التي في حقيقتها طهارة ممنوحة من الله للعبد مودعة في قلبه وروحه .. هي التي طالما وجهت الإنسان للإرتقاء ليكون خليفة في الأرض .. لأنه لابد للإنسان أن يستمد من الحق ليقيم الحق .. ولابد أن يستمد من العليم ليقيم العلم .. وهكذا ..

** ولكن هذا الاستمداد لابد له من فطرة سوية واستقامة نفسية .. حتى يصبح الانسان مهيأ لهذا الاستمداد ..

وقد يكون الانسان يستمد من عطاء الربوبية أو من عطاء الألوهية .. فعطاء الربوبية للمؤمن وغير المؤمن .. وعطاء الألوهية للمؤمنين وغالب العطاء الإلهي في الآخرة ..

** فاستقامة الفطرة شيء .. والعدل الإلهي شيء آخر .. حتى لا يقول أحد .. لماذا المسلمون متأخرون الآن .. ؟

فهو مخطأ .. لأنه بنفس المنطق يقال له .. ولماذا المسلمون ظلوا متقدمون لمدة ألف عام ؟ في حين كان الغرب يعيش في أوهام الظلمات !!

** ففضل الله وعطاء ربوبيته للجميع للمؤمن والعاصي .. ولكن ستجده يمنح خالص عطاءه لأصحاب الفطرة السوية .. حتى ولو كان مخالف للعقيدة .. لأن عطاء الربوبية مرتبط بالأسوياء فطريا .. ولذلك تجدهم أقرب الناس للإيمان ..

** فلا تجد أبدا إنسان منغمس في الشهوات أو منحرف جنسيا .. وتجده مؤسس لعلم أو مخترع لآلة أو مبتكر لشيء نافع للبشرية .. لأنه إنسان سوى .. فاستحق نعمة الربوبية له ..

** فأهل الخير منتجين للخير .. وأهل الشر منتجين للشر .. والجميع تحت سطوة القهر الإلهي .. لا يخرج عن حكمته وإرادته سبحانه .. ولكنه يمنح كل شخص ما يريد على وفق حكمته .. فلا يعطي السفيه ما يصلح به احوال العباد والبلاد .. وإنما يعطيه للإنسان السوى .. بعيدا عن عقيدته الدينية .. فمن يُحسن العمل ينل الأجر من الله .. وهذا حال الوجود للعطاء الرباني .. فالشمس والهواء والنار والزرع والماء وكل العطاءات الربانية هي للجميع .. فلم يمنعها الحق تبارك وتعالى عن عباده .. وإلا فكيف ستقام الحجة عليهم ؟!!

** فالأمور تحدث كما يريد (بحكمته) وليس كما نريد (بجهلنا) .. واتباع المنهج الإلهي ليس لنا فيه إلا أن نقول : سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ..

*******************************

..:: الشرق والغرب بين قوة العقل والعاطفة والمنهج الإلهي ::..

فالفرق بينا وبين الغرب هو شيء واحد .. وهو الشيء الذي بسببه تنزلت الديانات في عالم الشرق .. أن أهل الشرق يمتازون بالعاطفة القوية والروحانيات النشطة والعزيمة على البحث دائما في المجهول .. ولكن المشكلة إذا لم يكن هناك ضوابط حاكمة على هذه المشاعر والروحانيات .. سيحدث خلط على الإنسان .. وسيعجز الانسان بعقله القاصر أن يميز الفرق بين الحق والباطل ..

** ولذلك ظل المسلمون متقدمون ألف عام .. لأنهم كان فيهم القانون الإلهي هو الحاكم .. فلا مجال للأهواء .. فحدث ارتقاء لحدوث الطمأنينة في النفس داخل المجتمع .. فحدث الانتاج والرقي في العلوم الانسانية التي بنى عليها الغرب بعد ذلك كثير من علومه ..

ولكن حينما هجر المسلمون تعاليم دينهم .. أخذوا يتراجعون حتى أصبحوا يعيشوا في عالم الوهم النفسي والتخبط  بين الحق والباطل .. لماذا ؟

** لأن طبيعته الشرقية العاطفية والروحانية تبحث دائما عن إله .. فإن لم تجد الإله الحق .. فستجد الإله الباطل .. وهو النفس !!

** أما الغرب فالعقل مسيطر عليهم .. فسواء كان يوجد دين أم لا يوجد .. فالإلتزام القانوني حاكم بينهم .. ولكن أيضا بما أن العقل ليس آله عاصمة من الوقوع في الخطأ .. فانحرفوا بالعقل لعدم وجود منهج إلهي .. فأصبحوا يدركون بعقولهم أن إشباع الرغبات من متطلبات الحياة طالما ليس فيها تأثير على الآخرين !! .. فأنت حر مالم تضر .. !!

** وبالرغم من أن العقل الغربي بدأ باستقامة التفكير العقلي بطريقة سليمة .. إلا أنه شيئا فشيئا سمح لرغباته النفسية أن تتحكم في عقله .. فحجب عنه حقيقته الإنسانية التي هي أنه عبد في ضيافة مولاه .. فأخذ يشبع رغباته وشهواته حتى ولو بالقتل والإستيلاء على أموال وأعراض الغير .. فنزل من مرحلة الآدمية إلى مرحلة الشيطانية ..

** فالوقت الذى فكر الغرب فيه باستباحة الآخر .. واستباح لنفسه ما حرم الله .. هو الوقت الذي بات مؤكدا انهياره في أوقات قريبه ..

** ولكن في النهاية سنجد أمر مهم .. وهو أن من يفقد المنهج الإلهي .. فقد حكم على نفسه بقهر الزمان .. وفي الآخرة بالخسران .. ولا يظلم ربك أحدا ..

فالعاطفة والعقل .. أيا ما كان ما يغلب فيهما على الآخر .. فلابد من منهج إلهي .. يدير هذا الإنسان حتى لا ينحرف ..

*******************************

..:: الإلحاد في القرآن ::..

حاولت أن أجمع لكم صور الإلحاد في القرآن بطريقة شمولية .. فقد حاولت أن أجتهد أن أجمع لكم مفهوم الإلحاد بطريقة إجمالية قدر المستطاع .. (حيث لم أجد في كتب العلم تصنيفا أو تقسيما منهجيا يرضيني فكريا .. في حدود ما توافر عندي من مصادر)

عموما .. فوجدت أن الإلحاد ( بمعناه الشامل للكفر وغيره ) في القرآن يأتي في مجملة على صورتين :

1- الصورة الأولى : إلحاد في الذات ..

فمن الناس من أنكرت الإله ووجود الخالق وأن هناك بعث وحساب وعقاب .. ومنهم من عبد إلها وتخيله فَجَسَّده ذاتا ليكون مرئيا أمامه.. ومنهم من جعل من نفسه إلها !!

** فمن الطائفة الأولى التي ألحدت في الذات بالإنكار .. يقول تعالى :

** ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) الطور35

** ( وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) الأحقاف17

** ومن الطائفة الثانية التي ألحدت في الذات بأثبات شركاء أو تصور خاطيء للإله ( مثل من يعبد عيسى أو الجن أو الاصنام أو البقر .. إلخ ..) .. يقول تعالى :

* ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) المائدة17

* ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى{19} وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى{20} أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى{21} تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى{22} إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى{23} ) النجم

* ( وَجَعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ) إبراهيم30

** وطائفة ثالثة : جعلت من نفسها هي الذات الإلهية مثل فرعون والنمرود والشيطان ..  يقول تعالى :

( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) البقرة258

( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) القصص38

( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) يس60

2- الصورة الثانية : الإلحاد في الأسماء والصفات ..
وطالما حدث إلحاد في الذات فسيأتي إلحاد في الأسماء والصفات .. لأن الأسماء والصفات تأتي من مفهوم الذات ..

فالذي يعبد البقر .. ماذا تتصور أن تكون عبادته والاسماء التي يتعبد بها !!

** فهناك من ألحد .. بنسبة الصفات الإلهية لغير الله .. فجعلوا من الأصنام و الجن وغيرهم .. لهم قدرة على النفع والضر بذاتهم ..

** وهناك من ألحد .. بخلط أسماء الله الحسنى بأسماء الشيطان ليفسد على الناس دينهم ويكذب على الله ورسوله ليشترى رضا الجن والشيطان .. وهم أصحاب العزائم الشركية وقد تكلمنا عنهم كثيرا ..

** فمن الصنف الأول الذين نسبوا الصفات لغير الله .. يقول تعالى :

* ( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ) النحل73

* ( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً ) الفرقان55

** ومن الصنف الثاني الذين حرفوا في الأسماء لإفساد دين المسلمين .. والتدليس عليهم إرضاءا للجن والشيطان .. من خلال العزائم المخلوطة بالأسماء الحسنى وأسماء الشيطان .. أو بالتدليس بالآيات ونسبة خدام للآيات والسور ويجعلون لها أوفاقا وطلاسم واستحضارا للجن : يقول تعالى :

* ( وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) الأعراف180

* ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ .. اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) فصلت40

**********************************

..:: القرآن يصف منهج الملحدين ::..

القرآن يصف فكر الجاحد لسماع الحق .. وكأن قلوبهم وآذانهم مغلقة وغير قابله لسماع الحق .. حتى الرؤية عندهم منعدمة .. ويأتون للجدال بهذه الخصائص .. فكيف تطمع فيمن هو كذلك أن يؤمن ؟!! .. وكيف ترجو الخير ممن يجادل بجحود وليس طلبا للحق ..

** حتى أن القرآن يستخف منهم في الختام ويقول لهم .. أفلا تعقلون ؟ .. لأنهم لو أحسنوا استخدام العقل لكانوا عقلوا أنه لا إله إلا الله .. ولكنهم استخدموا العقل لجذب المزيد من متعتهم الشخصية وإشباع غرائزهم الجنسية ..

فاقرأ قوله تعالى وتأمل .. نفسية هؤلاء ..

** ( وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ {25} وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ {26} وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ {27} بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ {28} وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ {29} وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ {30} قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ {31} وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {32} )      الأنعام 25-32

******************************

..:: القرآن يصف الفكر الإلحادي ::..

** من عجيب القرآن أن يعرض علينا الفكر الإلحادي المنكر لعقيدة الدين .. ويسترسل في طريقة هذا الفكر .. ويشرحها .. ثم يقر حقيقة وجودية واقعة ولكنها عن الخلق في حجاب .. وهي أن القدرة الألهية هم يعيشون تحت سطوتها .. وأن لا ملجا ولا منجا منه إلا إليه ..

وكيف أن النفس الأمارة واتباع الهوى .. يؤدي إلى الجحود والإنكار الإلهي ..

فلنتأمل إلى ما قاله القرآن ..

** ( أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ {21} وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {22} أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ {23} وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ {24} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {25} قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {26} وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ {27} وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {28} هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {29} فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ {30} وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنتُمْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ {31} وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ {32} وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون {33} وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ {34} ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ {35} فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {36} وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {37} )    الجاثية 22-37

**********************************

..:: رؤية الله والملائكة ::..

حينما يأتيك الملحد .. يقول لك أين الله وأين ملائكته ؟ .. فنحن لا نرى شيئا .. إذن فهو غير موجود ..

فهو أصبح مستكبرا أن يخضع لمنهج آخر غير شهواته البهيمية فقط .. لم تعد نفسه قادرة على الإنصياع للمنهج الإلهي لأنه سيفرض عليه .. كبح جماح نفسه وتقييد رغباته في إطار شرعي .. وهو لا يريد ذلك .. حتى استولى الكبر على قلبه .. فحجبه عن الله .. ولم يكتفي بذلك .. بل سعى و فَجَرَ فُجْرَا كبيرا بكل قوته ليجذب آخرين وينشر فساده بين الناس وليصرف الناس عن دينهم ..

تأمل قوله تعالى : ( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً ) الفرقان21

***************************

..:: الإلحاد و الأحاديث الشريفة ::..

..:: التحذير من البحث في الذات الإلهية ::..

** ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يأْتي الشَّيطانُ أحدَكُمْ فيقول: مَنْ خلقَ كذا؟ من خلَق كذا؟ حتى يقول: مَنْ خلَقَ رَبَّك؟ فإذا بلغَهُ فليَسْتَعِذْ بالله، وَلْيَنْتَهِ )

قوله: "يأتي الشيطان أحدكم"؛ أي: يوسوس في قلبه، ويقول له: مَن خلق السماء؟ ومَن خلق الأرض؟ ومَن خلق الإنس؟ وعلى هذا يسأله حتى يبلغ إلى أن يقول: من خلق الله، وغرضُه أن يوقع الرجل في الغلط والكفر، لأن الرجل لو فكَّر في كون الله تعالى مخلوقًا، ويعتقده، يكفر به، ولو فكَّر فيه ولم يعتقد كونَه مخلوقًا فلا يكفر، ولكن ربما يحصل في قلبه شكٌّ وتعجُّبٌ في كيفية كونه تعالى غير مخلوق، فيتسلط عليه الشيطان ويوسوس في قلبه إلى أن يوقعه في الكفر، والطريق أن يَسُدَّ الرجل ويغلقَ باب الوسوسة في هذا على وجه قلبه، ويطرد الشيطان بالتعوُّذ بالله من الشيطان الرجيم.

**  وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يزالُ الناسُ يتَساءَلونَ حتى يُقالَ: هذا خَلَقَ الله الخلْقَ، فمَنْ خلَقَ الله؟ فمنْ وجدَ مِنْ ذلكَ شيئًا فليقُلْ: آمنتُ بالله ورُسُلِهِ"، رواهما أبو هريرة - رضي الله عنه )

شرح : يعني: حتى يقول الناس: معلومٌ مشهورٌ عندنا أن الله خلق الأشياء، ولكن لا نعلم مَن خلق الله، فيسأل بعضهم بعضًا أن يخبره: "فمن خلق الله".

قوله: "فمن وجد من ذلك شيئًا"؛ يعني: فمَن سمع هذا السؤال من أحدٍ فليعلم أن سائل هذا السؤال شيطان، فليدفعه عن نفسه بالزجر والتعوذ، وبأيِّ طريقٍ يقدر عليه، وإن وجد هذا السؤال في قلبه فليعلم أنه وسوسة الشيطان فليخرجْه عن قلبه.

قوله: "فليقل آمنت بالله ورسله"؛ يعني: آمنت بما قال الله تعالى ورسله، وصدَّقت الله ورسله بما قالوا، وقد قال الله تعالى في وصف  نفسه : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ . اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) سورة الإخلاص ..

والنصُّ واردٌ بأن الله تعالى خالق الأشياء غيرُ مخلوقٍ ، وهو قديمٌ أبدي ليس له شريكٌ ولا نظير ، وغيرُ ذلك من الأوصاف التي تفرَّد بها الله تعالى وأُورد في القرآن والأحاديث ، فآمنت بما قال الله تعالى ورسولُهُ ، ولم أقل : إن الله خلقه أحدٌ ، أو موصوفٌ بصفةٍ من أوصاف المخلوقات ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا .

** ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاءَ ناسٌ منْ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فسألُوه: إنَّا نجدُ في أنفُسِنَا ما يتعاظَمُ أحدُنَا أنْ يتكلَّمَ بِهِ، قال: "أَوَقَدْ وجدتُمُوهُ؟ "، قالوا: نعم، قال: "ذاكَ صريحُ الإِيمانِ )

شرح : قوله: "جاء أناس"؛ أي: جماعة فسألوه: "إنا نجد في أنفسنا"؛ أي: إنَّا نجد في قلوبنا أشياء قبيحةً دنية؛ أي: يجري في قلوبنا: من خلق الله؟ وكيف هو؟ ومِن أيِّ شيء هو؟ وما أشبه ذلك ممَّا نعلم أنه قبيحٌ لا يليق بنا أن نعتقده؛ لأنَّا نعلم أن الله قديم خالق الأشياء، وليس بمخلوقٍ وليس بجوهرٍ ولا عَرَضٍ حتى يكون من شيء، أو يصفه ويعلم كيفيته أحدٌ، فما حكم جريان هذه الأشياء في خواطرنا؟

"قال: أوقد وجدتموه؟ ": أي: قال لهم رسول الله عليه السلام: أوقد وجدتم ذلك الخاطر قبيحًا، وعلمتم أنه مذمومٌ وأنه غير مَرْضيٍّ لله تعالى؟ الهمزة في (أوقد) للاستفهام.

قوله عليه السلام: "ذلك صريح الإيمان"، (ذلك) إشارةٌ إلى مصدرٍ مقدرٍ، وهو: وجدان قبح ذلك الخاطر، ويحتمل أن يكون المصدر المقدَّر هو التعاظم؛ أي: تعاظُمُكم التكلُّمَ بذلك الخاطرِ من غاية قبحه هو صريحُ الإيمان .

(الصريح): الخالص.

يعني: مَن جرى في قلبه خاطرٌ قبيحٌ وعلم قبحَه، وترك ذلك الخاطر وأنكره، لا إثم عليه؛ لأن إنكاره ذلك الخاطر وعِلْمَه أنه قبيحٌ لا يكون إلا من إيمانٍ خالص، لأن الكافر يصر على ما في قلبه من تشبيه الله تعالى بالمخلوقات ويعتقدُه حسنًا )

راجع الاحاديث بشرحها في كتاب المفاتيح شرح المصابيح ج1 ص168

********************************

..:: الوسوسة بإنكار الذات الإلهية .. ليست كفرا بالله ::..

** ليست المشكلة في الوسوسة ولكن المشكلة فيمن استرسل واستسلم لهذه الوسوسة وقام بنشرها للعمل بها كعقيدة إلحادية ..

** ( عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله تَجاوَزَ عنْ أُمَّتي ما وَسوستْ به صُدورُهَا ما لمْ تعمَلْ به أو تتكلَّم" )

شرح : قوله: "تجاوز": أي عفا وغفر "عن أمتي": احترازٌ عن غير أمته عليه السلام من الأمم.

وسوس يوسوس وسوسة : إذا خطر وظهر في القلب خاطر قبيح، فما يظهر بالقلب من الخواطر الدنيَّة المذمومة يسمَّى وسوسة ، وما كان من الخواطر المَرْضِية الحسنة يسمى إلهامًا .

الضمير في "صدورها" راجعٌ إلى (أمتي) ، "ما لم تعمل" ، (ما) للدوام .

يعني: ما جرى في خاطر الإنسان من قصد المعاصي لا يؤاخذه الله تعالى به إن لم يفعله ولم يقله، فإذا فعله أو تلفظ به أُخذ به )

راجع الاحاديث بشرحها في كتاب المفاتيح شرح المصابيح ج1 ص168

*****************************

..:: الملحد خبالا في جسد الأمة ::..

تكلمت عن الفكر الإلحادي كمقدمة بسيطة وملخصة لفكر واسع النطاق خاصة في مجتمعنا العربي .. خاصة وأن البعض كان ينظر إلى أن الدين فكرة نظرية أو افتراضية .. وعند تطبيقها لم يثبت صحتها .. !!

** ومثال ذلك من يقول دعوت ولم يستجب لي .. فأين الله حينما دعوته ولم يستجب لي ؟

وكأنه أحمق يجيب على نفسه .. فبنفس المنطق .. وهل تم حل لمشكلته بإنكار الإله .. ؟!!

وكأنه أحمق مرة ثانية .. لتصوره في الإله أنه خادم لتنفيذ طلباته ورغباته ؟!! فهل هذا إله يعبد ؟

** فأي توهم في فكر هؤلاء وأي خرافة عقلية يتعبد بها هؤلاء ..

ولكن عزائنا فيهم أن الله يظهرهم لنا ويفضحهم لنا .. ونسأل الله أن يطهر بلادنا منهم أيضا ..

ولا يظن أحدا أن إلحاد هؤلاء دليل على انتهاء الحياة .. لا أنت مخطأ .. ولكنه بداية الطهارة من النجاسة التي كانت تعيش بيننا .. فهم من أهل الخبال .. أي أهل الإفساد بين الصفوف ونشره لبث الفتنة بين الناس ..

فإظهار الله لنا خبيئتهم النفسية .. دليل على إنكسار شوكتهم بيننا .. فهم قد تم فضيحة أنفسهم بأنفسهم .. فقد سلط الله عليهم أنفسهم ليظهروا بها أمامنا .. لماذا ؟

** حتى إذا حانت لحظة الجهاد .. كان بين صفوفنا من ليس خائنا لنا .. ولا محبط للعزائم .. ولا ناشرا للفتنة .. بل عباد مخلصون ..

** واقرأ معي قوله تعالى : ( لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) التوبة47

التفسير الوسيط : ( لو خرج المنافقون معكم -أيها المؤمنون- للجهاد لنشروا الاضطراب في الصفوف والشر والفساد ، ولأسرعوا السير بينكم بالنميمة والبغضاء ، يبغون فتنتكم بتثبيطكم عن الجهاد في سبيل الله ، وفيكم -أيها المؤمنون- عيون لهم يسمعون أخباركم, وينقلونها إليهم. والله عليم بهؤلاء المنافقين الظالمين ، وسيجازيهم على ذلك )

******************************

..:: هل عدم إدراك الشيء الملموس .. دليل على عدم وجوده ؟ ::..

** ( هناك أشياء يؤمن بوجودها العلماء الماديون ويبنون عليها نظرياتهم ولم يرها عالم واحد منهم .. مثال ذلك :

الالكترونات التي يؤمن بوجودها العلماء ويؤسسون على وجودها كثيرا من النظريات والمخترعات

والاثير الذي يتصورنه شيئا موجودا لطيفا ولا وزن له .. غير قابل للضغط وهو يملأ الوجود كله

الجاذبيه التي يعتبرون وجودها حقيقة علمية ويفسرون بها كثير من الظواهر ..

فماذا يقول الماديون في هذه الأمور .. أيستطيع واحد منهم أن يدعي أنه قد رأى شيئا منها .. ؟ فلماذا ينكرون وجود إله لا نراه الآن ؟ إنما نوقن بوجوده عن طريق آثاره وأفعاله )

عقيدتنا ج1 ص91

** يقول د/ مصطفى محمود : ( والمفكر المادي لا يحاول حتى أن يسأل نفسه من الذي وضع في المادة قوانينها الجدلية هذه ..

وهو يرفض الدين لأنه غيبيات .. وهو نفسه غارق في الغيبيات إلى أذنية

بل أن العلم نفسه الذي يتشدق به ويحتكم إليه غرق في الغيبيات هو الآخر

** العلم يتكلم عن الإلكترون على أنه حقيقة .. ولم ير أحد الإلكترون .. ولا نعلم عن الإلكترون إلا آثاره .. أما الإلكترون ذاته فهو غيب

وبالمثل الموجه اللاسلكية لا نعلم عنها إلا آثارها في عمود الإرسال وجهاز الاستقبال ..

لم يرى أحد تلك الموجة الاثيرية ولم يعرف أحد كنهها .

بل الكهرباء ذاتها هي الأخرى طاقة لا شك فيها ومع ذلك فهي مجهولة الهوية تماما .. ولا تعرف عنها إلا مجموعة آثارها الظاهرة من حرارة إلى ضوء إلى حركة مغناطيسية .

فإذا قلنا لهم إن الله بالمثل عرفناه بآثاره وإن هويته غيب .. لم يعجبهم كلامنا !

** بل أن المفكر المادي يقول في جرأة عجيبة .. " في البدء كانت المادة ثم تطورت المادة لكافة صور الحياة والفكر" .. وكأنه كان موجودا لحظة بداية الخلق متربعا في كرسي بلكون يتفرج على ميلاد الدنيا .

هو يتكلم عن غيب ويبدأ من غيب .. ولا يملك إلا افتراضات واحتمالات و نظريات .. ثم يتهمنا نحن بالغيبية .

** هؤلاء هم دراويش المادية ولا وسيلة لأقناعهم .. لأنهم لا يريدون اقتناعا .. وانما هم اختاروا الجمود العقائدي وتشنجوا عليه واستراحوا إلى ما فيه من تبسيط مخل وتلخيص ساذج للحقائق الكونية

وليس أبعث للراحة من اعتقاد الانسان أنه لا مسئولية هناك ولا بعث ولا حساب وان له أن يفعل ما يشاء ولا رقيب عليه ولا حسيب سوى البوليس والمخابرات .)

الشيطان يحكم ص82-83

( إن أمثال هؤلاء الذين يقولون أنهم لا يؤمنون إلا بما أدركته حواسهم يكذبهم واقعهم المادي الذي يعيشونه .. فهم مثلا يؤمنون بالجاذبية وقوانينها ولم يشاهدوها .. بل رأوا آثارها ، ويؤمنون بالعقل ولم يروه بل رأوا آثاره ، ويؤمنون بالمغناطيسية وقد شاهدوا فقط انجذاب الحديد إلى الحديد دون رؤية الجاذب ، ويؤمنون برؤية الألكترون والنيترون ولم يشاهدوا ألكترونا أو نيترونا ..

** فواقع أمرهم يدل على أنهم آمنوا بأشياء لن تدركها حواسهم ولكن آثارها هي التي دلتهم عليها وهم فيها على يقين لا يخالطه شك وهذا يعني بوضوح لأن كثيرا من حقائق الوجود يؤمن بها هؤلاء لإحساسهم بآثارها دون إحساسهم بها ذاتها .

والعقل وليس الحواس هو الذي عرفهم عليها ، وإن كانت الحواس هي الآلهة التي أعطت العقل أدوات الحكم حتى أصدر حكمه ، لكنه لولا العقل ما صدر حكم ولما كانت معرفة .

** بل الحقيقة أن الحواس تعطينا أحيانا صورا كثيرة وهمية . ولكننا نعرف الحقيقة بواسطة العقل وحده ..

فالعصا المغمورة بالماء تبدو مكسورة ، والخطوط المتوازية على المدى البعيد تبدو غير متوازية ..

فمثل هذه الصور تبين لنا بوضوح أن الحواس لولا العقل لأعطتنا أخطاء بدلا من حقائق ولولا العقل لم تكن لنا أي نعرفة.

** فهل كان هؤلاء على صواب عندما حصروا المعرفة كلها بالحواس ؟ وهل كانوا منطقيين مع أنفسهم عندما رفضوا الإيمان بالله لأنه لم تدركه حواسهم مع أنهم بالآثار وحدها آمنوا بكل الحقائق التي لم يشاهدوها والتي تشكل أكبر الحقائق التي عرفها الإنسان .

قبل اختراع الجهاز الذي يكتشف الحقيقة هل كانت الحقيقة غير موجودة ؟ وبالتالي فهل كان إنكارهم لها قبل اكتشاف الجهاز .. علميا ؟

ثم هل كل حقيقة علمية تكشفها الحواس أو الجهاز ؟

أليست الحقائق الرياضية وكثير من الحقائق الكونية لا طريق إليها إلا العقل والتأمل وربط النتائج بالمقدمات ؟

ثم أليست كل قضية تحتاج إلى جهاز خاص يناسبها ؟

** أولا يكفيكم جهاز العقل للوصول إلى الله ؟ ولو أنه كانت لكم قلوب لحدثناكم عن القلب ذاك وكيف أن اهل القلوب عندهم الجهاز الذي يعرف الله حق المعرفة .. معرفة ذوقية لا تعدلها أي معرفة أخرى .. ولكن قلوبكم هذه ميتة .

كتاب "الله" سعيد حوى ص13-14

**********************************

..:: أيها السادة ::..

كان هذا مدخلا استوجب الكلام عنه لمناسبة الكلام عن طهارة التوحيد .. وإن كان لم يكن مقدرا لي سابقا الكلام عن هذا .. ولكن كان هذا هو المراد الآن .. وانتظروا الجزء السادس من طهارة التوحيد .. وهو التالي إن شاء الله تعالى .. وهو خاص بمناقشات المؤمنين العارفين للملحدين .. فأسأل الله أن ييسر إخراجه في أياما قليلة .. آمين ..

وهو جزء قيم جدا إن شاء الله تعالى  ..

تحياتي لكم

***************************

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..