الإعتراف بالذنوب و جماعة الملتزمين بالوهم الإيماني ؟ .. تمثيلية هزلية ونفوس هزيلة ؟ .. معايرة الخلق بذنوبهم .. والنظر إليهم بعين النقص .. حجاب عظيم مع الله ؟ .. يتفاخرون بطاعتهم ويحتقرون المذنبين ؟ نفوس متوهمة .. تتصنع الإيمان بالوهم .. وتتهم الله ؟ .. دعونا ولا يستجيب لنا و نُصَاب روحانيا .. لماذا ونحن ملتزمين ؟.. جفاء وغفلة وحظوظ نفسية ورؤية أعمال ؟.. الإعتراف بالندم لا يفيد .. وقت الموت المحقق ؟.. الفرق بين اعتراف يونس واعتراف فرعون ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الرابع عشر .. من الطهارة في فقه العارفين

..:: التشريفات الإلهية للأمة المحمدية ::..
.. بين طهارة الإعتراف وكرامة الإغتراف ..

* الفصل الثالث *

الإعتراف بالذنوب و جماعة الملتزمين بالوهم الإيماني

تمثيلية هزلية ونفوس هزيلة

نفوس متوهمة .. تتصنع الإيمان بالوهم .. وتتهم الله 

ومعايرة الآخر والنظر بعين الإحتقار للمذنبين !!

جماعة " الميك أب " الإيماني أو المكياج الإيماني ؟

مفلسون يتباكون أم طائعون يبكون ؟

* فهرس هذا الفصل :
* من هم جماعة "الميك أب" الإيماني أو المكياج الإيماني ؟ 

1- من كلام ابن القيم : لا تصح التوبة إلا بالإعتراف ؟

2- دعونا ولا يستجيب لنا .. لماذا ونحن ملتزمين ؟

3- من الإيمان .. ترك الإستعجال في تحصيل الدعاء ؟

4- جفاء وغفلة وحظوظ نفسية ورؤية أعمال .. ثم نقول أين الله ؟

5- معايرة الخلق بذنوبهم .. حجاب من أعظم أنواع الحجب ؟

6- النظر للآخر بعين الإحتقار .. حجاب مع الله ؟

7- يتفاخرون بطاعتهم ويحتقرون المذنبين ؟

8- طائعون أم مفلسون ؟

9- نفوس كاذبة .. تتصنع الإيمان بالوهم .. وتتهم الله !! ؟

10- صدق ابن مسعود .. فإنهم ليسوا مؤمنين وإنما .. !! ؟

11- هل يرون أنفسهم أفضل من رسول الله ؟!

11- هل هؤلاء أسوياء ؟

12- الفرق بين من كان ذاكرا ومن كان غافلا .. فاذكروني أذكركم ؟

13- فالإعتراف بالذنب قلبيا والندم على المعاصي هو طريق إلى الله ؟ .. فاعترف بالرضا قبل أن تعترف بالقهر !

14- الإعتراف بالندم لا يفيد .. وقت الموت المحقق ؟
15- كيف العودة إلى الله ؟

16- الفرق بين اعتراف يونس واعتراف فرعون ؟

 ** السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. مع استكمال الفصل الثالث من الجزء الأول والخاص بطهارة الإعتراف بالذنوب .. وهو الندم .. ونستكمل فيه بعض المسائل لنكون ألممنا بالموضوع شرعيا .. !!

* جماعة "الميك أب" الإيماني : أقصد بالملتزمين هنا في المقال هم جماعة (الميك أب الإيماني) أو المكياج الإيماني .. هكذا أحب تسميتهم ... وهم الذين يزعمون أنهم ملتزمون .. وفي الحقيقة هم على قضاء مولاهم ناقمون وساخطون ويتعبدون على مبدأ سأجرب أقرأ كذا وكذا .. ويحتقرون ويعايرون الآخرين لذنوبهم .. وينظرون لأنفسهم أنهم أهل الطاعة .. ويعيشون مسرحيات نفسية هزلية مثل المسرحية  المشهورة " يا حول الله يارب .. ليه بيحصل معايا كده " !!

** وأُنَوِّه على أنه سيكون إن شاء الله الفصل الرابع القادم هو ختام لهذا الجزء الخاص بمسألة الإعتراف بالذنوب .. بكلام تطيب له القلوب وتتشوق له الأرواح .. لأنه سيكون خاص ( في محراب الإعتراف مع السادة العارفين ) .. كلام ودعوات وأفعال  وقصص .. تظهر لك كيف كان أحوال هؤلاء .

نبدأ بسم الله

توكلت على الله

*******************************

..:: من كلام ابن القيم : لا تصح التوبة إلا بالإعتراف ::..

يقول بن القيم : ( وَلَا تَصِحُّ التَّوْبَةُ إِلَّا بَعْدَ الِاعْتِرَافِ ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ لِرَئِيسِهِ .. وَقَدْ عَتَبَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ:

وَمَا قَابَلْتَ عَتْبَكَ بِاعْتِذَارٍ ... وَلَكِنِّي أَقُولُ كَمَا تَقُولُ

وَأَطْرُقُ بَابَ عَفْوِكَ بِانْكِسَارٍ ... وَيَحْكُمُ بَيْنَنَا الْخُلُقُ الْجَمِيلُ

فَلَمَّا سَمِعَ الرَّئِيسُ مَقَالَتَهُ قَامَ وَرَكِبَ إِلَيْهِ مِنْ فَوْرِهِ ، وَأَزَالَ عَتْبَهُ عَلَيْهِ ..

** فَتَمَامُ الِاعْتِرَافِ تَرْكُ الِاعْتِذَارِ ، بِأَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ :

( اللَّهُمَّ لَا بَرَاءَةَ لِي مِنْ ذَنْبٍ فَأَعْتَذِرُ ، وَلَا قُوَّةَ لِي فَأَنْتَصِرُ، وَلَكِنِّي مُذْنِبٌ مُسْتَغْفِرٌ، اللَّهُمَّ لَا عُذْرَ لِي .. وَإِنَّمَا هُوَ مَحْضُ حَقِّكَ ، وَمَحْضُ جِنَايَتِي ، فَإِنْ عَفَوْتَ وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَكَ . )

مدارج السالكين ج1 ص199

** فانظر رحمك الله .. كيف تأدب ابن القيم مع الله في الدعاء السابق .. وكيف توجه إلى الله .. كلمات رائعة تستحق أن تكتب بأحرف من نور .. للسالكين في الطريق إلى مولاهم .

****************************

..:: دعونا ولا يستجيب لنا .. لماذا ونحن ملتزمين ؟! ::..

تكلمنا عن هذا العنوان سابقا ولكن كان مع الملحدين .. وهذه المرة نناقش هذا الأمر مع من يزعمون الإلتزام .. وهم في الحقيقة متوهمون .. أو كما أحب تسميتهم ( جماعة "الميك أب" الإيماني ) أو المكياج الإيماني .. أي المتزينين بمظاهر الإيمان .. ولكن في الحقيقة هم أهل الجفاء !!

نناقش مع هؤلاء طريقة تفكيرهم .. نرى هل هم مؤمنين حقا .. أم متوهمين ومزينين ألسنتهم وأجسامهم بمظاهر الإيمان .. دون أن يزينوا الإيمان في قلوبهم !!

ويرفضون الإعتراف بذنوبهم .. لأنهم ملتزمين ..!! 

** ثم يعترضون على قضاء الله بأمور منها :

1- لماذا يصابون روحانيا وهم ملتزمين ؟!!

2- كيف لا يستجاب لهم وهم ملتزمين ؟!!

3- كيف غيرهم من غير الملتزمين يعيشون رغدا .. وهم الملتزمين في ضيق وابتلاء ؟!!

4- معايرة الخلق بذنوبهم .. لأنهم هم الملتزمين ؟!!

* والإجابة بسيطة على ما سبق .. وهي :

أنكم غير ملتزمين بالدين أصلا .. لأنكم لو كنتم ملتزمين ما كنتم لتسألوا مثل هذه الأسئلة !!.. ولكنكم ملتزمين بإشباع حظوظ أنفسكم التي لم يكتبها لكم القدر .. وتريدونها عنوة حتى وإن كانت غير مقدرة لكم ..

وملتزمين بعدم الإعتراف بذنوبكم ، وملتزمين بالشكوى الدائمة ، وملتزمين بالإعتراض على قضاء الله ، وملتزمين بمسرحيات "ياحول الله يارب" ، وملتزمين بمعايرة الخلق على ذنوبهم ، وملتزمين بالقيل والقال ..!!

****************************

..:: طائعون أم مفلسون ؟! ::..

** يقول صلى الله عليه وسلم : ( أتدرون من المفلس ؟ ) ..

قالوا : المفلس فينا يا رسول الله من لا له درهم ولا دينار ولا متاع ، قال : المفلس من أمتي يوم القيامة من يأتي بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم عرض هذا أو قذف هذا أو أكل مال هذا وضرب هذا فينقص هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه .. أخذت من خطاياهم .. فطرح عليه ثم طرح في النار .. )

** وبعد كل ما سبق إذا اتصل بك أحدا وقلت له صحح حالك مع الله واعترف بذنوبك حتى تتطهر روحانيا وقلبيا ونفسيا .. تجده يقول لك : الحمد لله أنا ملتزم !!

*******************************

..:: من الإيمان .. ترك الإستعجال في تحصيل الدعاء !! ::..

** يقول تعالى :( قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) يونس89

من تفسير الإمام القشيري :

الاستقامة في الدعاء : ترك الاستعجال في حصول المقصود ، ولا يسقط الاستعجال من القلب إلا بوجدان السكينة فيه ، ولا تكون تلك السكينة إلا بحسن الرضاء بجميع ما يبدو من الغيب ويقال ينبغي للعبد أن يستقلّ بالله «1» ما أمكنه ، فعند هذا يقلّ دعاؤه . ثم إذا دعاه بإشارة من الغيب - في جوازه- فالواجب ألا يستعجل ، وأن يكون ساكن الجأش .

ويقال من شرط الدعاء : صدق الافتقار في الابتداء ، ثم حسن الانتظار في الانتهاء ، وكمال هذا الرضاء بجريان الأقدار بما يبدو من المسار والمضار .

ويقال الاستقامة في الدعاء : سقوط التقاضي «2» على الغيب ، والخمود عن الاستعجال بحسن الثقة ، وجميل الظّن .

ويقال في الآية تنبيه على أنّ للأمور آجالا معلومة ، فإذا جاء الوقت فلا تأخير للمقسوم في الوقت المعلوم .

** شرح الغريب في فهرس التفسير نفسه :

(1) الاستقلال بالله الاكتفاء به وعدم النظر إلى النفس أو الأغيار.

(2) التقاضي على الغيب معناه النظر إلى ما يأتي من الغيب بعين التقليل أو التكثير، البطء أو السرعة.. ففي ذلك إقحام لحظوظ النفس في حقوق الحق.

تفسير القشيري ج2 ص113

** وفي الحكم العطائية : « لا يكن تأخرُ أمدِ العطاءِ مع الإلحاحِ في الدعاء موجباً ليأسك ، فقد ضمن لك الإجابة فيما يختار لك لا فيما تختار أنت لنفسك ، وفي الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد »

وقال أيضاً : « لا يشككنك في الوعد عدم وقوع الموعود وإن تعين زمنه لئلا يكون ذلك قَدْحاً في بصيرتك ، وإخماداً لنور سريرتك » .

********************************

..:: جفاء وغفلة وحظوظ نفسية ورؤية أعمال .. ثم نقول أين الله ؟! ::.. 

يقول الشيخ عبد الكريم بن صالح الحميد :

* جاء في الأثر أنه تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : ( قل لشُبَّان بني إسرائيل: لِمَ تشغلون نفوسكم بغيري؟!، ما هذا الَجَفَاء ؟! .. ولو يعلم المدبرون عني كيف انتظاري لهم ورفقي بهم ومحبتي لترك معاصيهم لماتوا شوقاً إليَّ وانقطعت أوصالهم من محبتي! .. هذه إرادتي للمدبرين عني فكيف إرادتي للمقبلين عليَّ! ) .

* وقد تكلم ابن القيم - رحمه الله - في كتابه النَّفِيس (مدارج السالكين) عن منزلة الإخلاص بكلام عظيم القدْر ، ومن كلامه - رحمه الله - قوله: (يَعْرِض للعامل في عمله ثلاث آفات: رؤيته وملاحظته ، وطلب العِوَض - أي الأجْر - عليه ، ورضاه به وسكونه إليه)  

 ثم ذكر علاج هذه الأمراض وكيف يتخلص منها العبد ليخلص عمله لربه؛ ونحن وإن كان لنا من هذه الآفات النصيب الأوفر لقلة العلم بالله وعبوديته في زماننا وقواطع الذنوب لكن المراد هنا الآفة الثانية (طلب العوض أو الأجر من الله) .

** فقد قال - رحمه الله - في علاج هذه الآفة : ( والذي يُخلِّصُه من طلب العِوَض على العمل عِلْمُه بأنه عبدٌ مَحْض، والعبد لا يستحق على خدمته لسيِّدِهِ عِوَضاً ولا أُجْرة إذ هو يخدمه بمقتضى عبوديته، فَمَا يناله مِن سيِّدهِ من الأجر والثواب تفضُّل منه وإحسان إليه وإنعام عليه لا معاوَضة، إذِ الأُجْرَة إنما يستحقها الْحُرُّ أو عبدُ الغير، فأمَّا عبد ربِّهِ فَلاَ ) انتهى.

** لقد كان اهتمامُ السَّلَف في معرفة معبودهم سبحانه وتصحيح عبوديته أكبر هَمِّهم وأعظم شُغلهم ، ومن هنا ارتفعت مقاماتهم وصَلُحَت أعمالهم .

ولذلك يقول ابن القيم: ( فمِنْ أنفع ما للقلب النظر في حقِّ الله على العبد، فإن ذلك يورثه مَقْتَ نفْسِه والإزراء عليها ويُخَلِّصه من العُجْب ورؤية العمل، ويفتح له باب الخضوع والذُّلّ والانكسار بين يدي ربه واليأس من نفسه، وأن النجاة لا تحصل له إلا بعفو الله ومغفرته ورحمته ) .

** ثم قال - رحمه الله -: ( فهذا مَحَل نظَر أهل المعرفة بالله تعالى وبنفوسهم، وهذا الذي أيأسهم من أنفُسِهِم وعلَّقَ رجاءهم كلَّه بعفوِ الله ورحمته، وإذا تأملتَ حالَ أكثرِ الناس وجدتهم بضد ذلك ينظرون في حقهم على الله ولا ينظرون في حقِّ الله عليهم! ) انتهى.

** ثم قال ابن القيم بعد الكلام السابق: ( ومن ها هُنا انقطعوا عن الله وحُجِبَت قلوبهم عن معرفته ومحبته والشوق إلى لقائه والتنعم بذكره، وهذا غاية جهل الإنسان بربه وبنفسه!.

فمحاسبة النفْس هي نظر العبد في حق الله عليه أولاً ، ثم نظرُه هل قام به كما ينبغي ثانياً.) انتهي

** ثم ذكَر ابن القيم - رحمه الله - ما جاء في الأثر عند الإمام أحمد عن أبي الجلَد أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى - عليه السلام -: ( إذا ذكَرتني فاذكرني وأنت تنتفض أعضاؤك وكُن عند ذكري خاشعاً مطمئناً، وإذا ذكرتني فاجعل لسانك من وراء قلبك، وإذا قمتَ بين يدي فَقُم مقام العبد الحقير الذليل، وذُمّ نفْسَك فهي أولى بالذم، وناجني حين تناجيني بقلبٍ وَجِلٍ ولسانٍ صادق! )

منازل الحور العِين في قلوب العارفين برب العالمين ص77 وما بعدها .. مع بعض التصريف البسيط

*****************************

..:: حجاب من أعظم أنواع الحجب ::..

.. معايرة الخلق بذنوبهم .. والنظر للمذنب بعين النقص ..

كثير من الناس يحلو لها أن تنظر لمعاصي الآخر .. وبدلا من أن يدعون له كما علمنا صلى الله عليه وسلم .. إلا إنهم يتكلمون عليه ويخوضون فيه .. وكأنهم ملائكة كرام يسيرون على الأرض .. بل ويصل بالبعض أن ينظر بعين النقص للمذنب المسلم " خاصة لو ارتكب كبيرة " وكأنه إنسان حقير لا يستحق الحياة !! .. ويقذفونه بألسنة حداد .. والسبب لأنه مذنب !! حتى لو تاب .. يظلون ينظرون إليه بعين النقص والإحتقار .. !! 

* للأسف لقد قابلت هذه المخلوقات في حياتي .. !!

** يقول ابن القيم شارحا كلام مؤلِّف مدارج السالكين :

( وَقَوْلُهُ : وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ عَيَّرْتَ بِهَا أَخَاكَ فَهِيَ إِلَيْكَ )

* يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ : أَنَّهَا صَائِرَةٌ إِلَيْكَ وَلَا بُدَّ أَنْ تَعْمَلَهَا ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ » قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: مِنْ ذَنْبٍ قَدْ تَابَ مِنْهُ .

وَأَيْضًا فَفِي التَّعْيِيرِ ضَرْبٌ خَفِيٌّ مِنَ الشَّمَاتَةِ بِالْمُعَيَّرِ ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا مَرْفُوعًا «لَا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ ، فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيَكَ» .

* وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ : أَنَّ تَعْيِيرَكَ لِأَخِيكَ بِذَنْبِهِ أَعْظَمُ إِثْمًا مِنْ ذَنْبِهِ وَأَشَدُّ مِنْ مَعْصِيَتِهِ ، لِمَا فِيهِ مِنْ صَوْلَةِ الطَّاعَةِ ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ ، وَشُكْرِهَا ، وَالْمُنَادَاةِ عَلَيْهَا بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الذَّنْبِ ، وَأَنَّ أَخَاكَ بَاءَ بِهِ ، وَلَعَلَّ كَسْرَتَهُ بِذَنْبِهِ ، وَمَا أَحْدَثَ لَهُ مِنَ الذِّلَّةِ وَالْخُضُوعِ ، وَالْإِزْرَاءِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالتَّخَلُّصِ مِنْ مَرَضِ الدَّعْوَى ، وَالْكِبْرِ وَالْعُجْبِ ، وَوُقُوفَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ نَاكِسَ الرَّأْسِ ، خَاشِعَ الطَّرْفِ ، مُنْكَسِرَ الْقَلْبِ أَنْفَعُ لَهُ ، وَخَيْرٌ مِنْ صَوْلَةِ طَاعَتِكَ ، وَتَكَثُّرِكَ بِهَا وَالِاعْتِدَادِ بِهَا ، وَالْمِنَّةِ عَلَى اللَّهِ وَخَلْقِهِ بِهَا ، فَمَا أَقْرَبَ هَذَا الْعَاصِيَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ !

مدارج السالكين ج1 ص194

****************************

..:: يتفاخرون بطاعتهم ويحتقرون المذنبين !! ::..

* يتابع ابن القيم كلامه السابق فيقول :

** وَمَا أَقْرَبَ هَذَا الْمُدِلَّ (المفتخر بطاعته) مِنْ مَقْتِ اللَّهِ ، فَذَنْبٌ تَذِلُّ بِهِ لَدَيْهِ ، أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ طَاعَةٍ تُدِلُّ بِهَا عَلَيْهِ ، وَإِنَّكَ أَنْ تَبِيتَ نَائِمًا وَتُصْبِحَ نَادِمًا ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَبِيتَ قَائِمًا وَتُصْبِحَ مُعْجَبًا ، فَإِنَّ الْمُعْجَبَ لَا يَصْعَدُ لَهُ عَمَلٌ ، وَإِنَّكَ إِنْ تَضْحَكْ وَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَبْكِيَ وَأَنْتَ مُدِلٌّ ، وَأَنِينُ الْمُذْنِبِينَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ زَجَلِ الْمُسَبِّحِينَ الْمُدِلِّينَ ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَسْقَاهُ بِهَذَا الذَّنْبِ دَوَاءً اسْتَخْرَجَ بِهِ دَاءً قَاتِلًا هُوَ فِيكَ وَلَا تَشْعُرُ .

** فَلِلَّهِ فِي أَهْلِ طَاعَتِهِ وَمَعْصِيَتِهِ أَسْرَارٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ، وَلَا يُطَالِعُهَا إِلَّا أَهْلُ الْبَصَائِرِ، فَيَعْرِفُونَ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا تَنَالُهُ مَعَارِفُ الْبَشَرِ ، وَوَرَاءَ ذَلِكَ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ ، فَلْيُقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ » أَيْ لَا يُعَيِّرْ ، مِنْ قَوْلِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِإِخْوَتِهِ {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: 92]

** فَإِنَّ الْمِيزَانَ بِيَدِ اللَّهِ ، وَالْحُكْمَ لِلَّهِ ، فَالسَّوْطُ الَّذِي ضُرِبَ بِهِ هَذَا الْعَاصِي بِيَدِ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ ، وَالْقَصْدُ إِقَامَةُ الْحَدِّ لَا التَّعْيِيرُ وَالتَّثْرِيبُ .

** وَلَا يَأْمَنُ كَرَّاتِ الْقَدَرِ وَسَطْوَتَهُ إِلَّا أَهْلُ الْجَهْلِ بِاللَّهِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِأَعْلَمِ الْخَلْقِ بِهِ ، وَأَقْرَبِهِمْ إِلَيْهِ وَسِيلَةً {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74] وَقَالَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [يوسف: 33] .

** وَكَانْتَ عَامَّةُ يَمِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « لَا، وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» وَقَالَ : « مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا وَهُوَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ» ثُمَّ قَالَ : « اللَّهُمَّ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ، اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ » .

مدارج السالكين ج1 ص194 .. ما تحته خط شرح من صاحب المقال .. وكلمة " مدل " : يشير بها لمن يتدلل بطاعته على الطاعة وكأنه هو من وصل لهذه الطاعة بنفسه ..!!

***********************************

..:: تمثيلية هزلية ونفوس هزيلة ::..

..:: نفوس ممثلة .. تتصنع الإيمان بالوهم .. وتتهم الله !! ::..

ومن أعجب ما رأيته في حياتي .. هو الحالات التي تزعم أنها مصابة روحانيا .. وتظن انها ملتزمة بالقرآن ؟!! فكيف يحدث لها ذلك ؟!

وهؤلاء أسميهم جماعة المهرجين والمتلونين بظاهر الدين والممثلين بإمتثال خداع أوهام النفس ..

فهم جماعات الرشوة الإلهية .. هل تتذكرونهم ؟ فقد تكلمنا عليهم سابقا .. ( اضغط هنا للتعرف على موضوع الرشوة الإلهية )

مبدأ هذه الجماعة هو : أنا بعمل لك يا رب .. فاعمل لي بقى اللي عاوزه منك ..!!

** لأن كثيرا من الناس يتعَامُون عن ذنوبهم وكأنهم ملائكة لا يخطئون .. بل ويجعلون من أنفسهم آلهة ليحكمون على ما كان يجب أن يكون وما لا يجب أن يكون .. وأن من المفروض أن يكون كذا وكذا وليس كذا وكذا .. والسبب أنهم يقرأون قرآن ويصلون .. !!

ولهذا السبب جعلوا من انفسهم شركاء لله في ما كان يجب على الله فعله ومالا يجب عليه فعله .. !!

** وحينما يتصل بك أحدا وتقول له : تب إلى الله واستغفر وأكثر من السجود والاستغفار في السجود ..

يقول لك : هو أنت شايفني بعمل إيه يعني ..؟! الحمد لله أنا بصلي وأقرأ قرآن .. و و و و .. !!

** فأقول له : طالما تتصنع بمظاهر الإيمان .. فلماذا لم يؤمن قلبك بأن الفاعل هو الله .. فتخضع لمجريات القدر .. وتسلم تسليما بدلا من الاعتراض على القضاء الإلهي والظهور بمظهر الملتزم مع الله ؟!! حتى تظهر أمام الناس أنك قمت بما طلبه الله منك ولكن الله لم ينصفك .. !!

فما أقبح قلبك .. وما أقبح اتهامك لله وإن كان بصورة غير مباشرة .. وكأنك تريد إظهار الله أنه غير عادل في حكمه فيك ..

** فانظر وتعلم وتأدب منه صلى الله عليه وسلم حيث يتوجه إلى الله فيقول ( ماض فيَّ حكمك .. عدل فيَّ قضاؤك ) ..

** ثم تقول أنك ملتزم .. !!

ملتزم بأي دين .. ؟ إذا كان القرآن والرسول ينكرون عليك فعلك وكلامك ؟!!

فالله يقول : ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم32 ..، والرسول يقول : ( ماض فيَّ حكمك .. عدل فيَّ قضاؤك ) .. و أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول : ( لا آمن مكر ربي حتى ولو كانت إحدى قدمي في الجنة ) .. لأنه يدرك قوله تعالى : ( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )  الأعراف:99 .

** وأنت تتعجب من فعل الله فيك بتسليط الشياطين عليك .. لأنك تظن أنك ملتزم وأنك على خير .. ؟!!

لا يا أخي ما تظن بنفسك هذا الظن ( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) الحجرات12 ..، فظنك في نفسك بالخيرية هو الشيطنة بعينها .. وهو قول إبليس : ( قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ) الأعراف12 .

** فلا تكذب على نفسك وتقول أنك ملتزم .. يقول تعالى :( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) النجم32

** كيف تكون ملتزما .. وتتعجب من مجريات القدر عليك .. وكيف تكون ملتزما ولا تنظر للذنوب التي اقترفتها بيديك .. وكيف تكون ملتزما ولم تبصر كرامة التوحيد التي أنعم بها عليك .. وكيف تكون ملتزما وأنت لم تتبع النبي بقهر نفسك التي بين جنبيك .. فكيف تكون ملتزما ؟!!

** أيها المسكين أنت مريض القلب .. فأحسن إلى الله في توبتك .. وفي استغفارك .. وفي توكلك .. وفي رضاك عن أحكامه .. وفي يقينك به .. وستجد الله يبادلك الإحسان بالإحسان ..

ولكن لا تتصنع وتتجمل بمظاهر الدين .. وتقل لماذا يحدث معي هكذا في الحياة .. وأنت في الأصل قلب منكر لله معترضا عليه .. وإلا ما كنت تنظر لفعلك مع الله في الأصل ؟!!

**********************

..:: صدق ابن مسعود .. فإنهم ليسوا مؤمنين وإنما .. !! ::..

قال ابن مسعود رضى الله عنه : ( إنَّ المؤمنَ يرَى ذنوبَه كأنه في أصلِ جبلٍ يخافُ أنْ يقعَ عليه وإنَّ الفاجرَ يرَى ذنوبَه كذبابٍ وقع على أنفِه قال به هكذا ، فطار  .)

شرح: ( والحكمة في التمثيل بالجبل إن غيره من المهلكات قد يحصل السبب إلى النجاة منه بخلاف الجبل إذا سقط على الشخص لا ينجو منه عادة .. وحاصله أن المؤمن يغلب عليه الخوف لقوة ما عنده من الإيمان فلا يأمن العقوبة بسببها .. وهذا شأن المؤمن أنه دائم الخوف والمراقبة يستصغر عمله الصالح ويخشى من صغير عمله السيئ كذا في الفتح .

قال المحب الطبري : إنما كانت هذه صفة المؤمن لشدة خوفه من الله ومن عقوبته، لأنه على يقين من الذنب وليس على يقين من المغفرة، والفاجر قليل المعرفة بالله فلذلك قل خوفه واستهان بالمعصية. )

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج8 ص64 .. باختصار ..

شرح آخر : (إن المؤمن يرى ذنوبه) أي كالجبال (كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه) لقوّة إيمانه وشدة خوفه فلا يأمن العقوبة بسبب ذنوبه والمؤمن دائم الخوف والمراقبة يستصغر عمله الصالح ويخاف من صغير عمله (وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرّ على أنفه) فلا يبالي به لاعتقاده عدم حصول كبير ضرر بسببه (فقال به) بالذباب (هكذا) أي نحاه بيده أو دفعه وهو من إطلاق القول على الفعل .. فالفاجر لقلة عمله يقل خوفه فيستهين بالمعصية ..

ودل التمثيل الأول على غاية الخوف والاحتراز من الذنوب ، والثاني على نهاية قلة المبالاة والاحتفال بها .)

ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري ج9 ص179 .. باختصار

** فالمؤمن يرى ذنوبه كجبل أحد .. فهذا هو البصير المعترف بتقصيره في حق الله دائما مهما بلغ ..

والذي يعتقد خلاف ذلك فهو الفاجر قلبه مع الله ..

فانظر إلى حالك .. هل أنت مؤمن أم فاجر

فلو كنت مؤمن .. فتوقف عن تمثيلية .. أنا بقرأ قرآن وبصلي وبعمل خير .. ومش عارف ليه حالي كله مشاكل .. !!

أولا : أبصر ذنوبك التي ارتكبتها في حق الله وفي حق العباد .. وأصلح حالك مع الله .. وكن مؤمنا ..

ثانيا : توقف عن الشكوى المصحوبة باتهام غير مُعلن .. بأن الله ظالم في حكمه عليك .. تحت مسمى تمثيلية ( ليه أنا في مشاكل ، وليه بيحصل معايا كده ، وأنا غلبان ومسكين .. وبطيع ربنا وبصلي وأصوم !! ) 

كفاية توهمات نفسية وقلة أدب مع الله ..!!

** ألم تملُّوا من هذه التمثليات الهزيلة .. والمسرحيات النفسية الرخيصة .. !!

ألا تتحرك عقولكم وتتسآئل .. بأن هناك شيئا ما خطأ .. في علاقتنا مع الله ؟!!

أم أن هذا سؤال غير قابل للمناقشة العقلية .. من أساسه .. !!

** ألم تقرأوا في قرآنكم ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) الشورى30

** ألم تقرأوا في قرآنكم ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ) الرعد11

يا ويلكم من رب العالمين .. تحتجُّون بقراءة القرآن ولا تعملون به .. !!

** أيها الإنسان المخدوع من نفسك .. والمُتَّهِم لله في قضاءه وقدره .. والمنكر لذنوبك .. والمتكبر عن الإعتراف بالذل في حضرة مولاك .. فلا تقل لنا أنك تقرأ قرآن وتصلي وتصوم .. ( كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف3 ..

** فأنت قلت انك تقرأ وتصلى وتصوم .. ولكنك لا تفعل بما قرأت ولا بما صمت ولا بما صليت ..

كفاك كذبا على نفسك .. وارجع إلى الله بصدق وإخلاص ورضا وحب وتوكل .. واعترف وتب واستغفر .. وكن إنسانا فعلا كما طلب منك الله ..

********************************

** هل هؤلاء يرون أنفسهم أفضل من رسول الله ؟ **

هل ترى في نفسك أنك أفضل ممن غفر الله له ما تقدم وما تأخر من ذنبه .. وهو سيد الخلق صلى الله عليه وسلم .. ماذا كان يقول في دعاء سيد الاستغفار: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت .. خلقتني وأن عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت .. أبوء لك بنعمتك عليَّ .. وأبوء بذنبي .. فاغفر لي .. فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت )

* فهل أنت أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ؟

** أقول لكم هذا للمُدَّعِين المتوكلين على الغير والمتواكلين على الله .. المكابرين عن الإعتراف عن ذنوبهم .. الظانين بأنفسهم أنهم على خير .. لمجرد أنهم قرأوا قرآن وقاموا بصلاة بعض الركعات .. وقلوبهم حاقدة ومنكرة وحاسدة ومغلولة .. ولا يرضون ولا يشكرون إلا تحت قهر سلطان القدر .. ومع كل ما سبق من جرائم نفسية .. لازالوا يظنون أنهم على خير لأنهم قرأوا قرآن .. !!

ما هذه المخلوقات وما هذه النفوس .. ألا يشعرون أن هناك شيئا ما خطأ ؟!!

*******************************

* اعترف بالرضا قبل أن تعترف بالقهر !! *

..:: الإعتراف بالندم لا يفيد .. وقت الموت المحقق !! ::..

لا يفيدك الإعتراف بالذنب والتوبة .. في وقت تحقق ونزل الأمر الإلهي عليك ..

1- اعترفوا وشهدوا على أنفسهم .. وقت لا تنفع الشهادة والإعتراف .. فيقول تعالى :

* ( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَـئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ) الأعراف37

* ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ) الأنعام130

2- ومثلما حدث مع فرعون : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) ) سورة يونس

* تفسير : ( حملت العزّة فرعون على اقتحام البحر على إثرهم ، فلمّا تحقّق الهلاك حملته ضرورة الحيلة على الإستعاذة ، فلم ينفعه ذلك لفوات وقت الاختيار .

ويقال لما شهد صولة التقدير أفاق من سكر الغفلة ..

** (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) **

أَبَعد طول الإمهال ، والإصرار على ذميم الأفعال ، والرّكض في ميدان الإغترار ، وانقضاء وقت الاعتذار؟ ! هيهات ! ..

لقد استوجبت أن تردّ في وجهك .. فلا لعذرك قبول ، ولا لك إلى ما ترومه وصول .

تفسير القشيري ج2 ص114 .. باختصار وبعض التصريف ..

* تفسير : ( أي: لقد اتبع فرعون وجنوده بنى إسرائيل بغيا وعدوا، فانطبق عليه البحر ، ولفه تحت أمواجه ولججه ، حتى إذا أدركه الغرق وعاين الموت وأيقن أنه لا نجاة له منه ، قال آمنت وصدقت . بأنه لا معبود بحق سوى الإله الذي آمنت به بنو إسرائيل ، وأنا من القوم الذين أسلموا نفوسهم لله وحده وأخلصوها لطاعته .

ولما كان هذا القول قد جاء في غير أوانه ، وأن هذا الإيمان لا ينفع لأنه جاء عند معاينة الموت ، فقد رد الله- تعالى- على فرعون بقوله  سبحانه ..

** (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) .

أي: آلآن تدعى الإيمان حين يئست من الحياة ، وأيقنت بالموت ، والحال أنك كنت قبل ذلك من العصاة المفسدين في الأرض ، المصرين على تكذيب الحق الذي جاءك به رسولنا موسى- عليه السلام- ، والاستفهام للتقريع والتوبيخ والإنكار .

التفسير الوسيط لطنطاوي ج7 ص126 . باختصار .

****************************

الفرق بين اعتراف يونس واعتراف فرعون !!

..:: س : لماذا تقبل الله توحيد يونس عليه السلام ولم يقبل توحيد فرعون ؟ ::..

لما كان هذا الذكر أفضل الأذكار .. فالعدو لما جائته المحنة فزع إليه ، والولي لما جائته المحنة فزع إليه ..

أما العدو .. ففرعون لما قرب من الغرق (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ) يونس90

وأما الولي .. فيونس عليه السلام حيث قالها في الظلمات قال تعالى ( فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ }الأنبياء87

** ثم أن هذه الكلمة قبلت من أحدهما ولم تقبل من الآخر .. والفرق من وجوه :

الأول : أن يونس كان قد سبقت له المعرفة مع هذه الكلمة .. فسبق المعرفة إعانة على قبولها منه ..

وأما فرعون فقد تقدم له سبق النكرة .. وذلك لأنه كان ينادي بربوبية نفسه .. قال تعالى (فَحَشَرَ فَنَادَى . فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ) النازعات 23-24 ..

وأما يونس فإنه كان ينادي بربوبية الله سبحانه .. قال تعالى (إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ ) القلم 48 .. وقال (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ) الصافات 143 ..

** وهذا ينبهك على أن من حفظ الله في الخلوات فإن الله يحفظه في الفلوات (الأَرضُ الواسعةُ المُقْفِرَةُ ) ..

** الثاني : أن يونس قال هذه الكلمة عن الحضور فقال ( لا إله إلا أنت ) ..

وأما فرعون قالها عن الغيبة ( لا إله إلا الذي ءامنت به بنو إسرائيل ) .. فأحال العلم بحقيقة هذه الكلمة على بني اسرائيل

** الثالث : أما يونس فإنه إنما قالها بسبب ما كان عنده من الإنكسار بسبب التقصير .

وأما فرعون إنما ذكر هذه الكلمة لا للعبودية .. بل لخلاص نفسه من الغرق ..

راجع الجزء الثاني من طهارة التوحيد في فقه العارفين

***************************

..:: الفرق بين من كان ذاكرا ومن كان غافلا ::..

* فاذكروني أذكركم *

من له إحسان مع الله .. فسيجد إحسانه مع الله يقينا .. ومن كان مع الله .. كان الله معه .. ومن كان حاله مع الله بالإعتراف .. كان جزاءه أن يُكرم بالإغتراف من رحمته تعالى ..

تفسير : ( أَخرج ابن أَبي شيبة عن الضحاك بن قيس قال: "اذكروا الله تعالى في الرخاءِ يذكركم في الشدة فإِن يونس - عليه السلام - كان عبدًا صالحًا ذاكرًا لله - تعالى - .. فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى: ( فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ... ) الآية ..

وإِن فرعون كان عبدًا طاغيًا ناسيًا لذكر الله - تعالى - فلما أَدركه الغرق قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فقيل له : { آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ } .

التفسير الوسيط مجمع البحوث ج8 ص452

**********************

:: الإعتراف بداية الطريق إلى الله ::

** فالإعتراف بالذنب قلبيا والندم على المعاصي هو طريق إلى الله ..

ولكن الإعتراف بالذنب مع بقاء أثر خفي للمعصية في النفس بالرغبة في الرجوع إليها .. فهو في حد ذاته حجاب عن رفع الدعاء .. فهل تظن أنك تخدع الله ؟

واقرأ معي قوله تعالى : ( سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ) الفتح11

** وهناك أيضا من يعترف وهو داخل في النار ولكن بعد فوات الأوان .. ففي الآخرة يعترف المجرمون بجرائمهم .. ولن يستجاب لهم ؟؟

و ليت كان هذا الإعتراف في الدنيا ..

واقرأ معي قوله تعالى : ( فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك11

واقرأ معي قوله تعالى : ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ) غافر11

*******************************

..:: كيف العودة إلى الله ؟ ::..

سألني شخصا ما : كيف العودة إلى طريق الله .. ؟

حينما تقف مع شخص صديق .. ويتطرق الحديث للدين .. فأعتقد أنه غالبا ما ينقلب معي إلى كظم غيظ .. أو إلى ضحك حتى لا يحدث لعقلي شيئا ..

كان صديقي يشكو ويقول : لي أنه بعيد عن طريق الله .. وكيف يعود للطريق ؟

فقلت له : بأن تسجد لله وتعترف بذنبك وعجزك وفقرك إلى الله .. وقبل أن  ترفع رأسك من السجود .. إن شاء الله يرد عليك حالك .. ولكن قل له ذنوبك بالتفصيل وكأنك تتحدث مع حبيب مقرب لك وتستفيض له بالكلام ..

فقال : أأقول له أني يا رب أفعل كذا مع البنات .. وأشرب مخدرات .. وافعل كذا وكذا .. فتب علي واغفر لي !!

فقلت : نعم .. قل كذلك .. فأنت تعترف لي .. فلماذا لا تعترف لمولاك .. ألم يكن مطلعا عليك حين فعلت ما فعلت ؟ فما الذي يضايقك ؟

ويوم القيامة ستعترف له بذلك على رؤوس الأشهاد .. !! فافعلها في الدنيا عن رضا .. قبل أن تفعلها في الآخرة عن قهر ..

فقال لي الصديق : إيه نظام الكنيسة ده ؟ ناقص تقول لي : اجلس على كرسي الإعتراف أمام شيخ وبعدين يقول لي : غفرت ذنوبك ..!!

فقلت له : الفرق بين المسلم والمسيحي .. أن المسلم محل جلوسه في حضرة مولاه هو السجود ، وأن لا سلطان للغفران إلا للرحمن .. وليس لأحد من العالمين .

فقال : أنا شايف أن هذه عقيدة الكنيسة ؟

فقلت : هل سمعت عن نبي اسمه محمد ونبي اسمه يونس ونبي اسمه آدم .. هل تسمع عن شيء اسمه أنبياء ورسل .. ويوم القيامة ؟

فقال : أنت بتهزَّر ؟

فقلت له : أنت الذي تُهَرِّج .. لأن صلى الله عليه وسلم يقول ( أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي ) يعني أعترف بنعمتك وأعترف بذنبي .. ، ويونس عليه السلام قال هو من الظالمين اعترافا بذنبه فقال :( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ، وآدم عليه السلام قال معترفا بأنه ظلم نفسه هو وحواء .. ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) .. وكذلك إبراهيم وأيوب وعيسى وغيرهم .. حتى الكافر سيعترف يوم القيامة .. !!

فقال : طيب ليه المشايخ مش بيقولوا عن موضوع الإعتراف ده ؟

قلت : أقول لك قال الله وقال الرسول ، وتقول لي قال المشايخ .. !!

فقال لي : هو أنت شيخ يا أبو الخُلْد ؟

فقلت له : لا .. مش شيخ ولا أحب أحد يقل لي يا شيخ ..

!!!!!

******************************

..:: ما أردت قوله لكم ::..

** فما أريد قوله لكم .. أن الإعتراف بالذنوب ركن أصيل في الدعاء والتوجه إلى الله .. وإلا كنت مكابرا .. وظانا في نفسك أنك على خير وتَمُنَّ على الله بعبادتك .. وتستصغر ذنوبك .. !!

** فهذه جريمتك ( معصيتك ) في حق الله ( مهما استصغرت ذنوبك .. فهي جريمة .. لأنك فعلتها في حق العظيم .. فهي كبيرة .. فلا تستهين بمعاصيك مهما صغرت ولا تيأس منها مهما عظمت )

** وتذكر أن ذنوبك إن لم تتب منها فهي ستظل تطاردك كقرين لك ..

واقرأ معي قوله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ) المائدة49

*************************

..:: ختاما ::..

ما كتبته هنا في هذا الفصل قد يكون مؤلما للبعض .. ولكن أنتم لا تعرفون قدر الإتصالات التمثيلية التي أعيشها يوميا .. وكل إنسان يظن في نفسه الخير وأنه الملاك البريء .. وحمامة السلامة التي تحمل غصن الزيتون لخير البشرية .. إلا أن سهام القدر الغادر قد أتت عليه لتقهره وتجعله ذليلا محطما في الدنيا .. وأن قضاء الله غريب لأنه ينصر الظالم ..
ولكن لأنهم يظنون أنهم ناس ملتزمين ( بالميك أب الإيماني ) أو المكياج الإيماني .. فهذا أعطى لهم الحق في أن يتعجبون لما يفعله معهم القضاء الإلهي .. !!

** وهم في الأصل لو انتبهوا لذنوبهم لعلموا أنهم مرضى في علاقتهم مع الله .. قبل أن يكونوا مرضى روحانيا .. فتركوا أصل المشكلة (علاقتهم مع الله) وانتبهوا لفرع المشكلة (علاقة الجن معهم) لأنهم أصبحوا عميانا .. نسوا الله بالرجوع إليه بالذل والإنكسار فأنساهم أنفسهم بتركهم لأوهام الأشرار .. ولا يظلم الله الناس شيئا ولكن الناس هم الظالمون .

** إذا قلت له اعترف بخطاياك وأنت ساجد لله .. فكأنك سببته وشتمته .. وهذا يذكرني بقوله تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ .. أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ .. فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ) البقرة206

** ويقول لك : ألاقي عندك حاجة تخلصني بها بسرعة ؟

فأقول له : إذا أردت الخلاص فعليك بالإخلاص .. فالذي يخلِّصك .. هو من ابتلاك .. هو ربك .. هو الله .. فارجع إليه عسى أن يقبلك في رحمته .. ويرفع عنك ما أنت فيه ..

** الفصل القادم إن شاء الله تعالى .. سيكون ختام الجزء الأول من طهارة الإعتراف بالذنب .. وسيكون ( في محراب العارفين المُقرِّين بذنوبهم وتقصيرهم لله رب العالمين ) .. وسنبدأ بسيد العارفين صلى الله عليه وسلم .. كما تعودنا على ذلك .

نسأل الله السداد والتوفيق .. والمعونة والإخلاص واليقين مع التمكين .. آمين .

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أى موضوع من مواضيعة إلا بإذن من صاحب المدونة - ا/ خالد ابوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .