كيف تؤثر ذنوبنا في مَن يصاحبنا ؟ - وكيف تؤثر ذنوب أصحابنا فينا ؟ - وكيف تؤثر ذنوب من حولنا علينا وهم ليسوا منا ؟!! - زيارة الله .. وإكرامه للعبد - وحق على المَزور أن يكرم زائره

بسم الله الرحمن الرحيم

( الجزء الرابع )

البيان الإلهي الجليل

لأنوار وظلمات " الصاحب والخليل "

( في القرآن و السنة )

:: كيف تؤثر ذنوبنا في مَن يصاحبنا ؟ ::

:: وكيف تؤثر ذنوب أصحابنا فينا ؟ ::

:: وكيف تؤثر ذنوب من حولنا علينا وهم ليسوا منا ؟!! ::

* فهرس الموضوع :

:: الجزء الرابع ::

1- نماذج من فعل النبي مع صحابته ؟

2- من آداب الزيارة للأصحاب والمؤمنين ؟

3- زيارة الله .. وإكرامه للعبد ؟

4- وحق على المَزور أن يكرم زائره .. كرامة من الله للعبد ؟

5- س1: ماذا تفعل ذنوب الصُّحبَة السيئة في أنفسنا ؟

6- الصحبة السيئة .. تجمع البلاء عليك ؟

7- من مجاهدة النفس الأمارة بالسوء .. الابتعاد عن الصحبة السيئة ؟

8- التأثير العام للذنوب على المجتمع المحيط بك .. مع وجود جماعة صالحة ؟

9- لماذا يبتلى الصالحون بالهلاك بما فعله المذنبون ؟

10- من صفات الصاحب الخبيث عموما ؟  

11- انتبه من مصاحبة المتدينون أصحاب الجماعات والطوائف الدينية ؟

12- صاحب هؤلاء .. فإنهم رحماء ؟

13- العلاقة الخاصة بذنوبنا مع ممن حولنا ؟

14- ذنوبنا وعلاقتها بالمحيطين بنا ؟

15- سؤال مهم : لماذا قد تصيب ذنوبنا من حولنا وهم لا ذنب لهم ؟ ؟

16- س : هل سيئات الآخرين تؤثر على الصالحين في الآخرة أيضا ؟ 

17- عارفون بالله .. يتهمون أنفسهم في صحبة الناس ؟

*******************

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل معا ما بدأناه في معرفة الصحبة السيئة والطيبة ..  ونختم موضوعنا بسؤالين مهمين جدا .. نجيب عليهما في موضوعين منفصلين .. ولهما شأن كبير في المعرفة والفهم عن الله وفهم قيمة الصحبة الصالحة ومدى تأثير الصحبة الطالحة أو الفاسدة على الصالحين من خلال القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة ..

هو جزء جدير بالإهتمام به ..

* وسبب السؤالين .. ( كيف تؤثر الذنوب والطاعات للآخرين في أنفسنا ومجتمعنا )  .. هو أني نظرت فوجدت أن الصحبة ما هي إلا مدد من الله أي وسيلة وسببا معينا من الله للإنسان في الحياة .. وطالما مدد فهو يترتب عليه نتائج إما خير وإما شر .. فمن اختار المدد الرباني فهو الذي اختار الصحبة الطيبة .. ومن اختار المدد النفسي فقد اختار الصحبة الغير طيبة .. مصداقا لقوله تعالى : ( مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً . وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً . كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً ) الاسراء:18-20 

* ولكن كيف تؤثر هذه الصحبة فينا .. وكيف يكون المدد الإلهي المصاحب لهذا الإختيار .. فهذا ما سنبحث عنه .. في هذا الموضوع من حيث ذنوبنا وذنوب من حولنا وتأثيرها علينا ..

والموضوع القادم إن شاء الله سيكون عن تأثير طاعتنا في أصحابنا وطاعة أصحابنا وتأثيرها فينا .. وسيكون الختام لهذه الأجزاء .

وتذكروا : أن محبة الله هي منهج عمل مع الله .. بطاعة الله ورسوله .. وباعتزال أهل الباطل ومصاحبة أهل الحق ..

وأذكركم : بأن كلامنا على الصحبة .. تشمل كل أنواع الصحبة . سواء في البيت أو العمل أو السفر أو غير ذلك كما أوضحنا سابقا ..

نبدأ بسم الله

توكلت على الله

*****************************************

..:: نماذج من فعل النبي مع صحابته ::..

هذه الجزئية نبهتني إليها أخت لنا من أعضاء المدونة في تعليقات الموضوع السابق .. حينما أشارت إلى زيارة النبي لأصحابة .. فأحببت أن أوثق لكم ذلك بالدليل .. وليكن الأمر هو ختام لموضوع الصحبة في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم .. وقلنا أن الصحبة تشمل كل من هو قريب منك .. في البيت أو العمل .. فكان من فعل النبي زيارة الأصحاب والدعاء لهم .. وزيارة أمه لأنها صاحبته في الدنيا معروفا .. وإكرام من يأتي من طرف من صاحبهم ..

فكان يود أصحابه .. ويكرم أصحاب من صاحبهم .. لأنهم من طرف أصحابه .

1- زيارة الصحابة والدعاء لهم : ( أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم زارَ أهلَ بيتٍ في الأنصارِ، فطَعِمَ عندَهم طعامًا ، فلما أراد أن يخرجَ أمرَ بمكانٍ من البيتِ فنُضِحَ له على بِساطٍ فصلَّى عليه ودعا لهم ) .

2- يسأل عن أصحابه إذا غابوا عنه : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فقَدَ الرجلُ من إخوانِهِ ثلاثةَ أيامٍ ، سألَ عنهُ ، فإن كان غائِبا دعا لهُ ، وإن كان شاهدا زارَهُ ، وإن كان مريضا عادهُ )

3- محبة الصحابة لزيارته الشريفة لهم : (عن قيس بن سعد بن عبادة - رضي الله عنهما - قال: زَارَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي مَنْزِلِنَا فَقَالَ: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله". فَرَدَّ أَبِي رَدًّا خَفِيًّا. فَقُلْتُ لِأبِي: لاَ تَأْذَنُ لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ: ذَرْهُ يُكْثِرْ عَلَيْنَا مِنَ السَّلاَمِ. فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ الله". فَرَدَّ سَعْدٌ رَدًّا خَفِيًّا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله". ثُمَّ رَجَعَ فَاتَّبَعَهُ سَعْدٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله ! إِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ تَسْلِيمَكَ ، وَأَرُدُّ عَلَيْكَ رَدًّا خَفِيًّا لِتُكثِرَ عَلَيْنَا مِنَ السَّلاَمِ . فَانْصَرَفَ مَعَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَ لَهُ سَعْدٌ بِغِسْلٍ فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ نَاوَلَهُ مِلْحَفَةً مَصْبُوغَةً بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ ، فَاشْتَمَلَ بِهَا ، ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ : " اللهمَّ اجْعَلْ صَلَوَاتِكَ ورَحْمَتَكَ عَلَى آلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ". ثُمَّ أَصَابَ مِنَ الطَّعَامِ ، فَلمَّا أَرَادَ الِانْصِرَافَ قَرَّبَ لَهُ سَعْدٌ حِمَارًا قَدْ وَطَّأَ عَلَيْهِ بِقَطِيفَةٍ ، فَرَكِبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ سَعْدٌ: يَا قَيْسُ اصْحَبْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم – فَصَحِبْتُهُ . فَقَالَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارْكَبْ مَعِي" .. فَأبَيْتُ .. فَقَالَ: "إِمَّا أَنْ تَرْكَبَ وإِمَّا أَنْ تَنْصَرِفَ"، فَانْصَرَفْتُ.) .

* معنى ورس : والورس زرع أصفر ، وقيل : أحمر يصبغ به الثياب ، يزرع باليمن ولا يكون بغيرها .

التحبير لإيضاح معاني التيسير ج6 ص569

4- الوفاء للأموات من أصحابه : ( كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( كلما كان ليلتَها من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ) يخرج من آخر الليلِ إلى البقيعِ . فيقول " السلام عليكم دارَ قومٍ مؤمنين . وأتاكم ما تُوعدون غدًا . مُؤجَّلون . وإنا ، إن شاء الله ، بكم لاحقون . اللهمَّ ! اغفِرْ لأهلِ بقيعِ الغَرْقدِ ) .

5- الوفاء لأمه وأبيه وأخيه بالرضاعة : ( وروى أبو داود عَنْ عُمَرَ بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا فَأَقْبَلَ أَبُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ – أي زوج حليمة السعدية ، أبوه من الرضاعة – فَوَضَعَ لَهُ بَعْضَ ثَوْبِهِ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَوَضَعَ لَهَا شِقَّ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْآخَرِ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَامَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فأصبح لا فراغ عنده ، أمه ، وأبوه ، وأخوه ، وكان يُجلّهم رسول الله بعد أن جاءه الوحي و حمل الرسالة ) .

6- إكرام صاحب الصاحب : ( جاءت عجوزٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : كيف أنت ؟ كيف حالكم ؟ كيف أصبحتم ؟ قالت : بخير ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فلما خرجت قلت : يا رسول الله تُقْبِلُ على هذه العجوز هذا الإقبال ؟ فقال : يا عائشة إنها كانت تأتينا أيام خديجة ، إكراماً لخديجة ، وأن حسن العهد من الإيمان )

******************************

..:: من آداب الزيارة للأصحاب والمؤمنين ::..

بمناسبة الزيارة للأصحاب والمؤمنين .. نذكر لكم شيئا من الآداب في إشارة سريعة ..

1- من أدب زيارة أصحابك أو أهل بيت : ( إذا زار أحدُكم قومًا فلا يصلِّ بهم ، وليصلِّ بهم رجلٌ منهم ) .

2- من أدب الزيارة : ( إذا زارَ أحدُكُمْ أخاهُ فجَلَسَ عِندَهُ ، فَلَا يَقُومَنَّ حتى يَسْتَأْذِنَهُ ) .

*******************************

..:: زيارة الله .. وإكرامه للعبد ::..

* زيارة المريض هي زيارة لله : ففي الحديث القدسي ( إنَّ اللهَ تعالى يقولَ يومَ القيامةِ : يا ابنَ آدمَ مَرضتُ فلَم تَعُدْنِي، قال : يا ربِّ كيفَ أعودُكَ وأنتَ ربُّ العالمينَ ؟ قال : أمَّا علمتَ أنَّ عبدي فلانًا مرِضَ فلَم تَعُدْهُ ؟ أما علمتَ أنَّكَ لَو عُدْتَهُ لوجدتَني عندَهُ ؟ يا ابنَ آدمَ استطعمتُكَ فلَم تُطعمْني ، فقال يا ربِّ وكيف أُطعِمُكَ وأنتَ ربُّ العالمينَ ؟ قال : أمَّا علِمتَ أنَّهُ استطعمَكَ عبدي فلانٌ فلَم تُطعِمْهُ ؛ أمَّا علِمتَ أنَّكَ لَو أطعمتَهُ لوجدتَ ذلكَ عندي ؟ يا ابنَ آدمَ استَسقَيتُكَ فلَم تَسقِني ، قال : يا ربِّ كيفَ أسقيكَ وأنتَ ربُّ العالمينَ ؟ قال : استسقاكَ عبدي فلانٌ فلَم تسقِهِ أما إنَّكَ لَو سقَيتَهُ لَوجدتَ ذلكَ عندي )

* معنى العيادة : زيارة المريض .. ( قال ابن الأثير: وكلُّ مَن أَتَاكَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى فَهُوَ عَائِد، وَإِنِ اشْتَهر ذَلِكَ فِي عِيَادَة الْمَرِيضِ حَتَّى صَارَ كأنَّه مُخْتَصٌّ بِهِ ) .

النهاية في غريب الحديث والأثر ج3 ص317

* شرح ولطيفة : ( وإنما قال في العيادة : (لوجدتني عنده) ، وفي الإطعام والسقي : (لوجدت ذلك عندي) إشارة إلى أن الله تعالى أقرب إلى المنكسر المسكين ، وإرشاداً إلى أن العيادة أكثر ثواباً منهما ) .

شرح المصابيح لابن الملك ج2 ص302

* شرح : ( وقوله : (أما لو عدته لوجدتني عنده) فاشعر كل عائد لمريض أنه جل جلاله عند ذلك المريض، فهو سبحانه أول عواده لئلا يستنكف بعد سماع هذا الحديث مسلم عن عيادة مسلم ، فهو جل جلاله يعود عبده بعوائده الجميلة الحسنة.

 *وكذلك إذا استطعم مسلم مسلما فلم يطعمه ، وهو قادر على إطعامه من غير إخلال بواجب ؛ فإن الله تعالى هو المستطعم له ، إرادة منه سبحانه وتعالى أن يعرفه أنه يستطعمه ، بلسان أجوف يقبل الإطعام ، فإذا لم يطعمه كان الرد منه لربه فيما خلقه  .

 *كذلك المستسقي إذا استسقى أخاه ، فلم يسقه ، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي استسقاه على لسان عبده  .

* وقوله: (لو سقيته وجدت ذلك عندي) أي وجدت ثواب ذلك عندي والجزاء عليه.

الإفصاح عن معاني الصحاح ج8 ص143

* وأذكِّرَكُم ونفسي بحديث النبي : ( من عاد مريضًا ، أو زار أخًا في الإسلامِ ، ناداه منادٍ : أنْ طبْتَ و طاب ممشاك ، و تبوأتَ من الجنةِ منزلًا )

********************************

..:: وحَقٌ على المَزور أن يكرم زائره ::..

* زيارة المساجد وإكرام الله : (عن سلمان رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ، ثم أتى المسجد فهو زائر الله ، وحقٌّ على المَزُور أن يكرم الزائر)

وفي حديث آخر : ( من غدا إلى المسجد أو راح أعدَّ الله له منزلاً في الجنة كلما غدا أو راح ) . والنُّزُل: هو ما يُعدُّ للزائر عند قدومه .

* قلت صاحب الموضوع :  معنى المَزُور : أي الذي يُزار ويُقصد . والمقصود به أن من فضل الله على عباده أن من زاره في بيته قاصدا رضاه وعفوه وغفرانه ودعائه لقضاء حاجته .. أن يكرمه الله في زيارته له ولا يرده خائبا . والله اعلم

* قصة حدثت معي : وكنت حينما علمت بهذا الحديث .. كلما ذهبت للمسجد وقبل أن أدخل أو إذا دخلت أو دعوت في جلوسي للمسجد .. أقول مناجيا الله بحديث النبي .. ( يا رب .. إن النبي قال : وحق على المَزُورِ أن يُكرمَ زائِرَه .. وقد أتيتك زائراً فلا تردني خائبا .. يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين يا أرحم الراحمين ) .. ثم أدعو بما أرجو من الله .. ثم أختم وأقول : آمين .

وبين الإقامة وتكبيره الإحرام .. كنت أدعو فأقول لله .. ( حق على المزور أن يكرم زائره .. فأكرمني بالخشوع بين يدك والفهم عنك بكرامة " ففهمناها سليمان " . آمين . )

وما أدراك ما هو كرم الله .. فافعلها وسترى خيرا إن شاء الله تعالى ..

* ولا تنسى أنك حينما تدعو بذلك فأنت تستمد دعاءك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وحق على المزور أن يكرم زائره ) ..

فالإستمداد : من فعل النبي (الذي هو صدق الإتباع) مهم جدا يا جماعة .. فبدونه سَتُحرِم نفسك من المحبة الإلهية .. ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آل عمران31 .

*********************************

..:: الجزء الرابع والأخير ::..

:: س1: ماذا تفعل ذنوب الصُّحبَة السيئة في أنفسنا ؟ ::

هذا هو أول سؤال من الممكن أن يسأله العقل بعد هذا الموضوع الكثير محتواه الذي تكلمنا عنه في الصحبة الطيبة والغير طيبة .. لأنه كما قلنا سابقا أن روحانية الإنسان تتأثر بالذنوب .. ولكن هل تؤثر ذنوبنا فيمن حولنا ؟ فإذا كانت ذنوبنا تؤثر فيمن حولنا .. فما ذنب هؤلاء الذين يتأثرون بذنوبنا وهم لم يفعلوها ولم يشتركوا فيها بل وقد يكونوا لم يعرفوا بها ؟!!

* ألم يقل الله تعالى : ( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) النجم38 .. أي لا تحمل نفس ذنب نفس أخرى .. فكل نفس بما كسبت رهينة وحبيسه ما كسبته من الذنوب والسيئات .. ؟

فلماذا بعد ذلك قد نعاقب بذنب الآخرين ؟

تعالوا معي نبحث في هذه القضية .. حتى تعلم مدى خطورة الصحبة السيئة .. وستعلم بعد ذلك مدى كرامة الصحبة الطيبة ..

*******************************

..:: الصحبة السيئة .. تجمع البلاء عليك ::..

لا نختلف أن نتيجة الصحبة السيئة .. سيتولد منها معاصي وذنوب .. وللتذكرة أذكركم ونفسي بكلام الله .

1- ﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء فَزَيَّنُوا لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ﴾  فصلت: 25

* شرح : ( فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَينَ أَيْدِيهِمْ : مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا مِنَ الضَّلاَلَةِ وَالكُفْرِ واتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ ، وَمَا خَلْفَهُمْ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ ، فَحَسَّنُوا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَلَمْ يَرَوْا أَنْفُسَهُمْ إِلاَ مُحْسِنِينَ )

أيسر التفاسير ج1 ص4122

2- ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ . وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾

3- ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولاً ﴾  الفرقان: 27-29 .

***************************************

..:: من مجاهدة النفس الأمارة بالسوء .. الابتعاد عن الصحبة السيئة ::..

قد لا يلتفت كثير منا إلى أمر مهم جدا .. وهو أن ملازمة أهل الفساد أو وجودك معهم .. هو في حد ذاته خطر كبير عليك أن تجاهد أن تتجنبه قدر استطاعتك .. لأنه من مجاهدة النفس أن تبعد عن النفس ما يحرك فيها نوازع الشر .. والتي أحد أسبابها مصاحبة أهل الشر ..

* ولكن هناك أوضاع لا يستطيع الإنسان أن يفارق مكانه مع الفاسدين .. مثل تواجده في مصلحة حكومية يكثر فيها الرشوة .. أو مكان يكثر فيه الفساد .. ولكنه ليس له مصدر رزق آخر يستطيع أن يتحول عنه .. فماذا يفعل ؟

يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) المائدة105

* شرح : التفسير الميسر : ( يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ألزموا أنفسكم بالعمل بطاعة الله واجتناب معصيته ، وداوموا على ذلك وإن لم يستجب الناس لكم ، فإذا فعلتم ذلك فلا يضركم ضلال مَن ضلَّ إذا لزمتم طريق الاستقامة ، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر ، إلى الله مرجعكم جميعًا في الآخرة ، فيخبركم بأعمالكم ، ويجازيكم عليها )

* أريدك أن تتأمل قوله تعالى : ( لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) .. هل ضلال الآخرين أثر في نفسية المؤمن أو ضره فعل الآخرين مِن حوله .. ؟

لا .. لأن كل إنسان مرهون بعمله .. فكل نفس بما كسبت رهينة ومن اهتدى فلنفسه ومن ضل فعليها .. ولا يحمل أحد ذنب شخص آخر .

* حتى هنا الكلام مفهوم وواضح .. ولكن لم نجيب على السؤال ..

كيف تؤثر ذنوبي التي فعلتها فيمن حولي ؟ أو كيف تؤثر مجموع ذنوب الآخرين في الصالحين ؟

من خلال تتبع الآثار وجدت أن هناك تأثيرين للذنوب على من حولنا وقمت بتقسيمه إلى .. تأثير عام وتأثير خاص .. لسهولة الفهم .. كيف ذلك ؟

************************************

..:: التأثير العام للذنوب على المجتمع المحيط بك ::..

مع وجود جماعة صالحة أو لا يفعلون المنكر

طبعا تكلمنا سابقا عن فعلته الذنوب بالأمم السابقة التي جحدت الرسل .. ولكن هنا نتكلم من ناحية أن الذنوب سببا للهلاك لأصحابها ولمن حولهم في نفس المكان بالرغم من كونهم صالحين ..!!

أين الأدلة على ذلك ؟

فمن القرآن ..

1- قال الله تعالى: ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً )

( قالت زينبُ بنتُ جحشٍ : فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أنهلِكُ وفينا الصالحونَ ؟ قال : ( نعم ، إذا كَثُرَ الخَبَثُ ) .

* شرح : ( قالت زينب : ( فقلت: أنهلك وفينا الصالحون ) أي كيف يسلّط الله علينا هذه الشعوب المتوحشة فتهلكنا وتقضى علينا وفينا المؤمنون الصالحون، وكأنها أخذت ذلك من قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) " فقال - صلى الله عليه وسلم -: نعم إذا كثر الخبث " أي نعم يهلك العامة بفساد الخاصة ، ولو كان فيهم الصالحون إذا انتشرت الفواحش ، وفَشَتِ المنكرات ، ولم ينكرها أحد ، كما قال تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) .

 منار القاري شرح البخاري ج4 ص180

* شرح : ( و (الخبث) بفتح المعجمة والموحدة الفسق وقيل الزنا خاصة أي إذا كثر يحصل الهلاك العام لكن يبعثون على حسب أعمالهم .. )

الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ج24 ص190

* شرح : ( ( قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعَذِّبُنَا اللَّهُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ) قَوْلُهُ ( وَفِينَا الصَّالِحُونَ ) كَأَنَّهَا أَخَذَتْ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ) قَوْلُهُ قَالَ ( نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَالْمُوَحَّدَة ثمَّ مُثَلّثَة فسروه بِالزِّنَا وبأولاد الزِّنَا وَبِالْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بالصلاح ) .

فتح الباري شرح صحيح البخاري ج13 ص109

* شرح : ( ( الخبث ) : قَالَ الْكرْمَانِي الْخبث بِفَتْح الْخَاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَفَسرهُ الْجُمْهُور بالفسوق والفجور .

وَقيل المُرَاد الزِّنَا خَاصَّة وَقيل أَوْلَاد الزِّنَا .

وَالظَّاهِر أَنه الْمعاصِي مُطلقًا ) .

عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج5 ص237

2- حديث : ( يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا، أَصَابَ العَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ )

* شرح : ( وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَوْتِ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّوَابِ أَوِ الْعِقَابِ بَلْ يُجَازَى كُلُّ أَحَدٍ بِعَمَلِهِ عَلَى حَسَبِ نِيَّته .

وجنح بن أَبِي جَمْرَةَ : إِلَى أَنَّ الَّذِينَ يَقَعُ لَهُمْ ذَلِكَ إِنَّمَا يَقَعُ بِسَبَبِ سُكُوتِهِمْ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَمَّا مَنْ أَمَرَ وَنَهَى فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَا يُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ بَلْ يَدْفَعُ بِهِمُ الْعَذَابَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) وَيَدُلُّ عَلَى تَعْمِيمِ الْعَذَابِ لِمَنْ لَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَاطَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيره إنكم إِذا مثلهم ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا مَشْرُوعِيَّةُ الْهَرَبِ مِنَ الْكُفَّارِ وَمِنَ الظَّلَمَةِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ مَعَهُمْ مِنْ إِلْقَاءِ النَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ هَذَا إِذَا لَمْ يُعِنْهُمْ وَلَمْ يَرْضَ بِأَفْعَالِهِمْ ..

فَإِنْ أَعَانَ أَوْ رَضِيَ فَهُوَ مِنْهُمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْرَاعِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ دِيَارِ ثَمُودَ

وَأَمَّا بَعْثُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَحُكْمٌ عَدْلٌ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ إِنَّمَا يُجَازَوْنَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَمَهْمَا أَصَابَهُمْ مِنْ بَلَاءٍ كَانَ تَكْفِيرًا لِمَا قَدَّمُوهُ مِنْ عَمَلٍ سَيِّئٍ فَكَانَ الْعَذَابُ الْمُرْسَلُ فِي الدُّنْيَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا يَتَنَاوَلُ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَكَانَ ذَلِكَ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى مُدَاهَنَتِهِمْ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُبْعَثُ كُلٌّ مِنْهُمْ فَيُجَازَى بِعَمَلِهِ .

وَفِي الْحَدِيثِ تَحْذِيرٌ وَتَخْوِيفٌ عَظِيمٌ لِمَنْ سَكَتَ عَنِ النَّهْيِ فَكَيْفَ بِمَنْ دَاهَنَ فَكَيْفَ بِمَنْ رَضِيَ فَكَيْفَ بِمَنْ عَاوَنَ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ )

فتح الباري شرح صحيح البخاري ج13 ص61

3- حديث : ( يغزو جيشٌ الكعبةَ ، فإذا كانوا ببيداءَ من الأرضِ يُخسفُ بأوَّلِهم وآخرِهم . قالت : قلت : يا رسولَ اللهِ ، كيفَ يُخسفُ بأولِهم وآخرِهم ، وفيهم أسواقُهم ، ومن ليس منهم ؟ . قال : يُخسفُ بأولِهم وآخرِهم ثم يُبعثون على نيَّاتِهم )

 (3)المراد في آخر الزمان يسطو الأعداء على فتح مكة فيزلزل الله بهم الأرض فتخسف ، ويجعل باطنها ظاهرها.

 (4)مجتمعات الناس للبيع والشراء.

 (5)أي فيهم قوم أخلصوا لله في عملهم ونياتهم .

(6) يحاسبون على أعمالهم إن خيرا ، وإن شرا .

شرح الترغيب والترهيب مصطفى محمد عمارة ج1 ص57

4- حديث : عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت : ( قلتُ يا رسولَ اللهِ إنَّ اللهَ أنزل سطوتَه بأهلِ الأرضِ وفيهم الصَّالحون فيهلِكون بهلاكِهم فقال يا عائشةُ إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ إذا أنزل سطوتَه بأهلِ نِقمتِه وفيهم الصَّالحون فيصيرون معهم ثمَّ يُبعثون على نيَّاتِهم )

5- حديث : عن السيدة أم سَلَمَه رضي الله عنها قالت : ( إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمَّهم الله بعذاب ، قلت: يا رسول الله ، أما في الناس يومئذ ناس صالحون ، قال: بلى ، قلت : فكيف يصنع أولئك ؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس ، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان ) ..

**************************************

..:: لماذا يبتلى الصالحون بالهلاك بما فعله المذنبون ؟ ::..

قد أوضحنا بالدليل القطعي أن الذنوب تؤثر بصورة عامة على المجتمع المحيط بنا .. فقد يكون مدينة أو قرية أو مصنع أو منزل أو مزرعة .. ولكن ما الحكمة من حدوث ذلك ؟

1- قد يكون ذلك بسبب سكوت الناس في ذلك المكان عن الحق .. كما قال صلى الله عليه وسلم : ( والَّذي نَفسي بيدِهِ ؛ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ، ولتَنهونَّ عنِ المنكَرِ ، أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عذابًا من عندِهِ ، ثمَّ لتدعُنَّهُ ، فلا يُستَجابُ لَكُم ) ..

ولذلك نسعى بنشر الحق في المدونة حتى لا تتسلط علينا شياطين هؤلاء الروحانيون الساقطون المنحرفون .. لأننا سكتنا عن تبليغ الحق ولم نظهر باطلهم .. وحتى لا يحرمنا الله من بركة الدعاء وبركة الإجابة عند نزول البلاء .. 

2- وقد يكون لحكمة يعلمها الله .. بأن الصالحين لم يعد لديهم المقدرة على دفع ظلم هؤلاء وأن قانون الأسباب لن يخدمهم .. لكثرة الفساد الذي طغى في هذا المكان .. فينزل العذاب والهلاك على الجميع ثم يبعثون على ما كانت عليه قلوبهم وحالهم مع الله ..

3- وقد يكون لإنذار الآخرين بأن الفساد إذا طغى فعلى الصالحين أن يحترسوا إذا عجزوا عن الإصلاح . ويرحلوا حتى لا يصيبهم فساد الأخرين .

4- وقد يكون إنذار لأهل الفساد أنفسهم بأن الهلاك نازل بهم إن لم يرجعوا عن فسادهم .

* وهذا هو ما قاله العلماء في شروحهم مستوضحين حكمة كلام النبي في الحديث :

* شرح : ( وَأَن الْخبث إِذا كثر فقد يحصل الْهَلَاك الْعَام وَإِن كَانَ هُنَاكَ صَالِحُونَ انْتهى -)

عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج5 ص237

* شرح : ( يهلك العامة بفساد الخاصة ، ولو كان فيهم الصالحون إذا انتشرت الفواحش ، وفَشَتِ المنكرات ، ولم ينكرها أحد ، كما قال تعالى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) .

 منار القاري شرح البخاري ج4 ص180

* شرح : ( قَالَ بن الْعَرَبِيِّ : فِيهِ الْبَيَانُ بِأَنَّ الْخَيِّرَ يَهْلِكُ بِهَلَاكِ الشِّرِّيرِ إِذَا لَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ خُبْثَهُ وَكَذَلِكَ إِذَا غَيَّرَ عَلَيْهِ لَكِنْ حَيْثُ لَا يُجْدِي ذَلِك ويصر الشرير على عمله السيء وَيَفْشُو ذَلِكَ وَيَكْثُرُ حَتَّى يَعُمَّ الْفَسَادُ فَيَهْلِكَ حِينَئِذٍ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ ثُمَّ يُحْشَرُ كُلُّ أَحَدٍ عَلَى نِيَّتِهِ )

فتح الباري شرح صحيح البخاري ج13 ص109

* شرح : ( فان قلت : لم لا يكون الأمر بالعكس كما جاء لا يشقى جليسهم وتغلب بركة الخير على شؤم الشر قلت هو في القليل كذلك بخلاف ما إذا كثر الخبث فان الأكثر يغلب الأقل وحاصله أن الغلبة للأكثر في الصورتين .)

الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ج24 ص190

* شرح : ( وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَوْتِ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّوَابِ أَوِ الْعِقَابِ بَلْ يُجَازَى كُلُّ أَحَدٍ بِعَمَلِهِ عَلَى حَسَبِ نِيَّته .

وجنح بن أَبِي جَمْرَةَ : إِلَى أَنَّ الَّذِينَ يَقَعُ لَهُمْ ذَلِكَ إِنَّمَا يَقَعُ بِسَبَبِ سُكُوتِهِمْ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَمَّا مَنْ أَمَرَ وَنَهَى فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَا يُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ بَلْ يَدْفَعُ بِهِمُ الْعَذَابَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلهَا ظَالِمُونَ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) وَيَدُلُّ عَلَى تَعْمِيمِ الْعَذَابِ لِمَنْ لَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَاطَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيره إنكم إِذا مثلهم ) وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا مَشْرُوعِيَّةُ الْهَرَبِ مِنَ الْكُفَّارِ وَمِنَ الظَّلَمَةِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ مَعَهُمْ مِنْ إِلْقَاءِ النَّفْسِ إِلَى التَّهْلُكَةِ هَذَا إِذَا لَمْ يُعِنْهُمْ وَلَمْ يَرْضَ بِأَفْعَالِهِمْ ..

فَإِنْ أَعَانَ أَوْ رَضِيَ فَهُوَ مِنْهُمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْرَاعِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ دِيَارِ ثَمُودَ

وَأَمَّا بَعْثُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ فَحُكْمٌ عَدْلٌ لِأَنَّ أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ إِنَّمَا يُجَازَوْنَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَمَهْمَا أَصَابَهُمْ مِنْ بَلَاءٍ كَانَ تَكْفِيرًا لِمَا قَدَّمُوهُ مِنْ عَمَلٍ سَيِّئٍ فَكَانَ الْعَذَابُ الْمُرْسَلُ فِي الدُّنْيَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا يَتَنَاوَلُ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَكَانَ ذَلِكَ جَزَاءً لَهُمْ عَلَى مُدَاهَنَتِهِمْ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُبْعَثُ كُلٌّ مِنْهُمْ فَيُجَازَى بِعَمَلِهِ .

وَفِي الْحَدِيثِ تَحْذِيرٌ وَتَخْوِيفٌ عَظِيمٌ لِمَنْ سَكَتَ عَنِ النَّهْيِ فَكَيْفَ بِمَنْ دَاهَنَ فَكَيْفَ بِمَنْ رَضِيَ فَكَيْفَ بِمَنْ عَاوَنَ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ )

فتح الباري شرح صحيح البخاري ج13 ص61

******************************

..:: من صفات الصاحب الخبيث ::..

ابتعد عن هؤلاء فإنهم ظالمون

1- الصاحب الخبيث يصاحبة أصحاب العقائد المنحرفة فيذهبون جميعا إلى جهنم .. واقرأ معي قوله تعالى :  ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) التحريم10

والخيانة هنا ليست خيانة جسدية .. كما يفهم البعض خطأ .. ولكن هي خيانة في العقيدة أي كفروا وكانوا موالين للكفار على أهل لا إله إلا الله  .. فقد ارتضوا مصاحبة عقائد هؤلاء عن اتباع الأنبياء .. فهلكوا مع الكفار ودخلوا النار .

2- من صفات الصاحب الذي يجب أن تتركه : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )  الأنعام68

الخائضون : هم كل من تكلم بالباطل في كلام الله .. مثل ما ينشره الروحانيين الكذبة عن القرآن والرسول .. وكل مَن يستهزأ بمنهج الله .. فأنت مأمور بالإبتعاد عنه حتى يتوب ويرجع عما قاله .. وإلا فاهجره ..

3- من صفات الصاحب الخبيث : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ) النساء140

4- من صفات الصاحب الخبيث : ﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ الأحزاب: 18 .. 
هؤلاء قوم من المنافقين كانوا يُثَبِّطون ويعوقون أَنصار النبي صلى الله عليه وسلم عن عدم اتباع النبي في الجهاد .. وإذا فعلوا ذلك فعلوه رياء وسمعة وخوف الفضيحة .

5- من صفات الصاحب الخبيث في العموم : أن يكون منافقا كاذبا غادرا مَخلِفَا مُخَاصِمَا .. كما جاء في الحديث ( أربع من كن فيه كان منافق خالصا ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر )

وفي رواية فيها زيادة ( وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق ) .

6- من صفات الصاحب الخبيث في العموم هو مَن يهجر الذكر وينساه ويغفل عنه دائما في المجالس : ففي الحديث : ( ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ، ولم يصلُّوا على نبيِّهم ، إلا كان عليهم تِرَةً ، فإن شاء عذَّبهم ، وإن شاء غفر لهم ( .

وفي رواية (ما جلسَ قومٌ مجلِسًا لم يذكروا اللَّه فيهِ ولم يصَلُّوا فيه على النَّبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم إلَّا كانَ عليهم تِرَةً يومَ القيامَةِ .. إنْ شاءَ عَفَا عنهم ، وإنْ شاءَ أخذَهُم بها )

* قلت صاحب الموضوع :

معنى الترة : هو النقص .. والمقصود بها الحسرة والندامة يوم القيامة لما فاتهم من الأجر والثواب .. ولما ارتكبوه من مخالفات حال غفلتهم عن ذكر الله .

والمقصد من قوله ( إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم ) :  هو أن من لم يذكر الله ويصلي على النبي فهو في حال غفلة وطالما هو كذلك فسيرتكب ذنوب ويخوض فيما لا يحق له .. فيكون ذلك سببا لنزول العذاب به يوم القيامة .. ولكن لله الأمر في ذلك .. إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ..  

والله أعلم بمراد رسوله .

********************************

..:: انتبه من مصاحبة المتدينون أصحاب الجماعات والطوائف الدينية ::..

فهذا الصاحب هو الذي يذهب بك إلى ما فيه فساد لباطنك .. فكثيرا يحبون منصب المشيخة فيضلوا خلق كثير سواء روحانيا أو دينيا لما يتفق مع اهوائهم .. فاحترس من هؤلاء جيدا .. لأنه غالبا يتسترون بكلام الله ورسوله .. ويزكون أنفسهم على الله ويحسبون أنفسهم أنهم على خير وغيرهم من المسلمين ليسوا مثلهم في الفضل والكرامة التي هم عليها .. أي ينظرون إلي باقي المسلمين بنظرة (أنا خير منه) .!!

- فلا تغتر بمن يتستر بالملابس الدينية والشكل الديني .. وينطق بكلام الله ورسوله .. فالحرباء تتلون مع المكان الذى تسير بقدمها عليه ولكنها تظل حرباء ولا تنتمي لهذا المكان لمجرد تلونها بشكل هذا المكان .. !!

1- من صفات هؤلاء الذين تحترس من صحبتهم في الدين : ( هو المتعصب لفكر ديني ، والذي يكره المسلمين ويظن فيهم الشرك والكفر والبدعة والضلال .. ويدخل هؤلاء النار و هؤلاء الجنة .. وكأنهم آلهة مشاركة لله في مُلكِه أطلعهم على خواتيم الناس .. !! ويعتقد في نفسه أنه من أهل الجنة ومن يخالف فكره فهو إنسان ضال ومضل ..

2- ويستخدم دائما أساليب الزجر الديني ليرهبك ويخيفك مثل أن يقول لك : لو فعلت تبقى كذا تبقى كافر ومشرك وبدعي ومن الذين خسروا أعمالهم في الحياة ..

3- ومن أميز ما يميزهم هو عبوديتهم لفكرهم الديني وكأنهم أوصياء في فهم كتاب الله وسنة نبيه .. مع أنهم ليسوا أمناء في قول الحق ونقل العلم للمسلمين .. فلا يقولون إلا ما تهواه أنفسهم ومشايخهم فقط .. لأن ما عدا مشايخهم فهم أهل باطل ومرتشون من قِبل الحكام ..

4- وإذا تكلمت معهم انفعلوا عليك وعنَّفُوكَ ، وقد يصل الأمر للتطاول والسَّبِّ والشَّتْم واللَّعنِ .. وإن كان هذا أمر عادي جدا عندهم .. لأن كل من خالفهم فهو يستحق ذلك السب واللعن والشتم ثم يطعنون دينه فيقولون : بدعي ثم بعد ذلك كافر حتى يستبيحوا دمه وماله وعرضه ..!! )

5- ومن أكبر صفاتهم : ( أنهم يظهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويصرفون النصوص الواردة فيه إلى كلام مشايخهم فقط وشتم المخالفين لهم وسبهم ولعنهم واتهام أعراضهم والخوض فيها وكل من خالفهم من المسلمين .. كما كان يفعل الخوارج .

وتجدهم يُكَفِّرُونَ ويَنسِبُونَ للبدعة كل من لم يقل برأيهم ، ولا يرون لأهل العلم والفضل مكانة إلا لمن صاحبهم فقط وباقي علماء الأئمة أهل ضلال ..!! )

( فإذا صادفك أي من هذه الجماعات .. فاهجرهم ولا تجالسهم .. فإنهم سيفسدون قلبك وحالك مع الله .. ولا تُدخِلْهم بيتكَ أبدا .. فإن في بعضهم خائنة الأعين .. !! وإن تستروا بكلام الله ورسوله ..!! )

* وبالإجمال انتبه للآتي *

1- كل مَن انضم لجماعة أو لفرقة أو لطائفة متميزًا على المسلمين وظانًا أنه على الحق وغيره على الباطل .. فاهجرهم فلا خير فيهم لأنهم يعبدون أنفسهم ومشايخهم ولا يعبدون الله ..!!

2- وكل مَن تجده يزجرك ويعنفك ويتهمك في عقيدتك فاهجره فإنه خبيث لا خير فيه يتبع هواه .

3- وكل مَن تجده ينظر لـنفسه ولـجماعته بعين الكمال ولــغيرهم بعين النقص والسخرية والاحتقار .. فاهجره فإنه خبيث لا خير فيه .

4- وكل مَن يصور لك الله على أنه إله جلَّاد يمسك كرباجًا ينتظر من عباده الخطيئة ليعاقبهم .. فاهجره فإنه خبيث لا خير فيه .

5- وكل مَن يقول لك أن طريقته طريقة كرامات .. فأنت قد ضعت تماما قبل أن تبدأ طريقك مع الله . فاهجره فإنه طريق خبيث لا خير فيه .

6- وكل مَن يقول لك أن الفتح هو علاقات روحانية . فاهجره فإنه خبيث لا خير فيه .

7- وكل مَن يقول لك أن مشايخه على الحق المبين فهو منحرف انحراف مبين . فإنه قد جعل مشايخه أوصياء على فهم الكلام الإلهي والنبوي وكأنه يوحى إليهم بذلك .. فاهجره فإنه خبيث لا خير فيه . لأنه نظر لنفسه بعين الإفتخار ولسائر المسلمين بعين الإحتقار .

8- وكلُّ مَن لم يقربك إلى الله .. فإنه يقربك إلى نفسك .. فاهجره فإنه خبيث لا خير فيه .. !!

********************************

..:: صاحب هؤلاء .. فإنهم رحماء ::..

* صاحِب مَن يتّهم نفسه ويرجو الخير لـــغيره ولا يفرّق بين جماعة المسلمين ولا ينظر بعين النقص لــغيره بل يحب الخلق لله .. أملا في توبة الجميع يوما ما ..

( وفرق بين أن تكره المنكر وبين أن تكره فاعل المنكر )  فالأول أنت مأمور به .. والثاني غير مأمور به ( إلا إن كان مُصرَّا مستكبرا مستبيحا للمحرمات ويجهر بالعداوة للدين ) ..

وإلا فكيف ستدعو الكافر طالما أنت تنظر إليه بعين الاحتقار .. وكيف ستساعد العاصي وأنت تحتقره ولا ترجو له الاستغفار .. ) !!

* وصَاحِب مَن إذا رأيته تحب أن تذكر الله أو يذكّرك بـالله أو يجعلك في حالة تحب معها الله .. أو تشعر أنه يقربك إلى الله ..

******************************

..:: العلاقة الخاصة بذنوبنا مع ممن حولنا ::..

:: ذنوبنا وعلاقتها بالمحيطين بنا ::

قلنا سابقا أن الذنوب في المجتمع الذي نعيشه قد تؤدي إلى هلاكه .. ولكن هل تؤدي ذنوبنا إلى التأثير فيمن حولنا .. وأقصد بذلك الأسرة على وجه التحديد .. تعالوا نرى ذلك من خلال الآيات القرآنية ..

يقول تعالى :

1- ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ) النساء9

فمن يخاف على أولاده من الضياع .. فليقل الحق دائما ولا تأخذه الأهواء ولا يميل لأحد على حساب أحد ولا يتكلم على أعراض الناس ويتهمهم بما لم يفعلوا .. فليتقوا الله وليحسنوا ويجتهدوا في قول الحق قدر استطاعتهم ..

والآية صريحة في أن نتاج أعمالنا يظهر على أبنائنا .. فمن عمل خير سيجده في نفسه وفيمن حوله .. ومن عمل سيئا سيجده في نفسه و فيمن حوله .

* وكنا نسمع جدودنا يقولون .. كل إنسان عمله يقعد له في أولاده .. إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا .. وربنا ما يظلم أحد .

* وخص الله من التقوى حفظ اللسان وذلك بالتنبيه على القول السديد .. بالرغم من أن من جملة التقوى هو قول الحق .. ولكنه أكد خصوصية في التقوى وهي القول السديد .. لأنه اللسان سبب وبال الإنسان في الغالب .. كما قال رسول الله في وصيته لمعاذ ( وهل يُكَبُّ الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم ) .. والله أعلم .

2- ومما يرشدك إلى أن ذنوبك دمرتك في محل رزقك .. اقرأ معي قوله تعالى فيما يرويه عن صاحب الجنتين حينما لم يخضع لمنهج الله وجحد نعمة الله : ( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً ) الكهف42

فأصبح الخراب نازل عليه وعلى أسرته .. بسبب ما ارتكبه من ذنوب ..

3- من القصص العجيبة التي تشير إلى أن الصحبة السيئة في الأسرة تؤدي لهلاك أفراد العائلة .. هي قصة الغلام الذي قتله الخضر في قصته مع سيدنا موسى .. وقد برر ما فعله بالآتي : ( وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً ) الكهف80 ..

فتأمل ماذا كان سيفعل هذا الغلام بأسرته بسبب الكفر الذي كان سيصبح عليه .. فكان سيتسبب بإنحراف والديه ودفعهما إلى الكفر أيضا ..

4- وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الرجل ليُحرَم الرزق بالذنب يصيبه ) .. أي بسبب ما يرتكبه من ذنوب ..

وبالتالي يعود ذلك على كل من يصاحبه من الأسرة في المنزل بما يسميه البعض بوقف الحال .. ولكنه وقف حال ذنوب ..!!

5- قد ذكرت لكم قصة خاصة بي في أحد المواضيع .. وذكرت لكم أن ابنتي قد أصابها مشكلة في عينيها .. ودعوت الله أن يبصرني بحالي .. فأبصرت الذنب الذي كنت أفعله فلما أصلحته أصلح الله عين ابنتي بأن سخر لي الأسباب لفعل ذلك ..

فما حدث لإبنتي هو كان مرآة لرؤية ذنوبي أو انعكاسا لذنوبي .. والمشكلة التي ظهرت في العين .. ما هي إلا مشكلة في علاقتي مع الله لارتكاب معصية غفلت عنها . ( ارجع للقصة هنا بالتفصيل )

***********************************

..:: سؤال مهم : لماذا قد تصيب ذنوبنا من حولنا وهم لا ذنب لهم ؟ ::..

قد يدور برأس أحدكم سؤال .. وهو سؤال طبيعي جدا .. خاص بذنوبنا وعلاقتها بالآخرين ممن حولنا إن كانوا لا ذنب لهم فيما فعلناه .. وهذا هو كلام الله يقول ذلك :

1-  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) المائدة105

2- ( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ) الأعراف165

3- ( وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) الأنعام164

* وإليكم الجواب :

1- قد ذكرت لكم من الاحاديث ما يدل على أن الهلاك قد ينزل بجماعة بسبب كثرة الفساد فيهم .. حتى وإن كان بينهم صالحين . ولكن ليس بالضروة أن يحدث ذلك .. ولكنها مجرد أسباب ومسببات قد تحدث وقد لا تحدث .. وفعل الله لا يحتاج لسبب لأنه يفعل ما يريد بحكمة .

2- بيَّنَّا أن الله نهانا عن الخوض في حقوق الآخرين لو كنا خائفين على ذرياتنا .. وذلك كان في الإشارة إلى القول السديد خاصة وتقوى الله بصورة عامة .. فمن ينتهك حرمات الله فليتحمل العقاب .. فقد سبق حذرك الله من أفعالك ووضح لك عاقبة ذلك .

3- قد ترتكب ذنوبا تحرمك الرزق .. مما يتسبب في ضرر واقع على كل أسرتك .. فكنت أنت السبب في ذلك .. وقد حذرك الله من ذلك ..

* فإذا عَقِلتَ ما سبق .. فافهم الآتي :

أن نزول الضرر على من حولك بسببك .. لا ينقص من اجور من حولك شيئا ولا يزيد في سيئاتهم شيئا .. بل الأمر بالنسبة إليهم هو ابتلاء عليهم أن يصبروا عليه ولكنه بالنسبة لك هو عقابا جزاء أفعالك . وكل انسان بقدر نيته وعمله مع الله سيكون حاله مع الله .. فمن كان راضيا فله الرضا ومن كان ساخطا فله السُّخط .

* فلو أخذنا ما حدث مع ابنتي كمثال .. فلا يقال أن الله عاقبها بذنوبي ؟

فقد قلت أن الله عاقبني بذنوبي من خلال ابنتي  .. !!

والفرق كبير جدا ..

فبالنسبة لابنتي هو ابتلاء

وبالنسبة لي هو عقاب

وكل إنسان له قَدَرَهُ مع الله ..

* وكما أشرنا لقوله تعالى ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ) النساء9

* فذنوبنا قد تطول أحبائنا .. كعقاب لنا .. ولكن بالنسبة لمن أصيب فهو ابتلاء له ليشكر أم ليكفر ..

* والبصيرة القلبية تجعلك تدرك هذا الأمر جيدا .. فكل إنسان يعلم ما فعله في حياته .. يقول تعالى : (  بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ . وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) القيامة14-15 ..

* ويقول صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن مرآة المؤمن ) .. فكلا منا يبصر حقيقته من خلال العالم المحيط به .. ( شرحنا هذا الكلام في الأجزاء السابقة )

* أما أن يظن إنسان أن يُترك بذنوبه دون عقاب .. فهذا توهم لا وجود له .. سواء في الدنيا أو الآخرة ..

فطالما هناك خلل .. فسيظهر هذا الخلل على المقربين منك .. ليس عقاب لهم على ذنبك .. وإنما عقاب لك على ذنبك أنت لعلك ترتدع وتتأثر وتراجع نفسك في حياتك مع علاقتك بربك ..

وكما قلت لكم في الآيات والأحاديث التي شرحناها .. أنه قد يتأثر الصالحون بذنوب الآخرين .. فعن أم سلمه قالت .. قال صلى الله عليه وسلم ( إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب ، قلت: يا رسول الله، أما في الناس يومئذ ناس صالحون ، قال: بلى ، قلت : فكيف يصنع أولئك ؟ قال: يصيبهم ما أصاب الناس ، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان ) ..

فالعقاب نزل بأهل الذنوب .. وفيه هلاك للصالحين ولكن لأنهم أهل خير وبركة فكان مقامهم محفوظ عند الله من المغفرة والرضوان .. ولا يحملون من أوزار هؤلاء شيئا .. ولم ينقص من أجورهم شيئا ..

فيجب أن نفهم كيف نتعامل مع الله ..

* اشرح لك الأمر بمعنى واضح :

نفترض أن فلان ارتكب ذنبا مثل الزنا .. فهذا الذنب لا يحتمل إثمه إلا فاعله .. ولكن أثر هذا الذنب قد تظهر آثاره على من حوله .. كيف ذلك ؟

بقلة الرزق مثلا أو ضعف في الصحة .. مما يترتب عليه ضيق في المعيشة لمن حوله .. فتبدأ دائرة الابتلاء معهم .. والعقاب لك .. حتى تتوب وترجع  ..

:: وأختم لكم بقصة توضح لك الأمر وهي قصة مشهورة   ::

( دقّة بدقّة ... ولو زدت لزاد السقّا )

يحكى أنه كان بمدينة بخاري رجل سقّا يحمل الماء إلى دار رجل صانع ، ومضى له على تلك الحال ثلاثون سنة . وكان لذلك الصانع زوجة في غاية الحسن والجمال والبهاء والكمال، موصوفة بالديانة والحفظ والصيانة، فجاء السقّا على عادته يوما و صب الماء في الحباب، وكانت هي واقفة في وسط الدار . فدنى منها السقا وأخذ بيدها يتلمسها ، ثم مضى و تركها .

فلما جاء زوجها من السوق ..

قالت له: أني أريد أن تعرفني أي شيء صنعت هذا اليوم في السوق مما يغضب الله تعالى ؟

فقال الرجل: ما صنعت شيئا يغضب الله تعالى .

فقالت المرأة: بلى والله انك فعلت شيئا يغضب الله تعالى، وان لم تحدثني بما صنعت وتصدقني في حديثك لا أقعد في بيتك ولا تراني ولا أراك .

فقال زوجها: أخبرك بما فعلته في يومي هذا على وجه الصدق ، أتفق لي أنني كنت جالسا في الدكان على عادتي ، اذ جاءت امرأة إلى دكاني وأمرتني أن أصوغ لها سوارا وانصرفت ، فصنعت لها سوارا من ذهب ورفعته ، فلما حضرت أتيتها به ، فأخرجت يدها ووضعت السوار في ساعدها ، فتحيرت من بياض يدها وحسن زندها الذي يسبي الناظر . فأخذت يدها وتلمَّستها وكأني ألبسها السوار .

فقالت المرأة: الله أكبر لم فعلت هذا الجرم ؟ ان ذلك الرجل السقا الذي كان يدخل بيتنا منذ ثلاثين سنة ولم نر منه خيانة أخذ اليوم يدي وعصرها ولواها؟

فقال الرجل: نسأل الله الأمان أيتها المرأة اني تائب مما كان مني ، فاستغفري الله لي.

فقالت المرأة: غفر الله لي ولك ورزقنا حسن العاقبة .

فلما كان الغد جاء الرجل السقا وألقى نفسه بين يدي المرأة وتمرغ على التراب واعتذر إليها .

وقال: يا سيدتي اجعليني في حل مما أغراني الشيطان حيث أضلني وأغواني.

فقالت المرأة: أمض إلى حال سبيلك فإن ذلك الخطأ لم يكن منك وإنما كان سببه من زوجي حيث فعل ما فعل في الدكان ، فاقتص منه في الدنيا ..

وقيل أن الرجل الصانع لما أخبرته زوجته بما فعل السقا معها ..

قال: دقّة بدقّة ... ولو زدت لزاد السقّا!!!

** وهذه القصة تصديق لبيتين قالهما الإمام الشافعي رحمه الله :

عفوا تعف نساؤكم في المحرم ..... وتجنبوا ما لا يليق بمسلم

إن الزنا دين فإن أقرضته ..... كان الوفا من أهل بيتك فاعلم

يا هاتكا حرم الرجال وقاطعا ..... سبل المودة عشت غير مكرم

****************************

..:: س : هل سيئات الآخرين تؤثر على الصالحين في الآخرة أيضا ؟ ::..

.. لا .. لأن كل نفس بما كسبت رهينة .. وكل إنسان في الآخرة يحمل وزره .. بل وقد يحمل وزر آخرين نتيجة أنه أضلهم .. يقول تعالى : ( لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ ) النحل25

* أرجو أن تكون الأمور وضحت ..

********************************

..:: عارفون بالله .. يتهمون أنفسهم في صحبة الناس ::..

فروي عن بكر بن عبد الله المزني رحمه الله يقول وهو في جمع يوم عرفة : " ما أحلى هذا الجمع لولا أنّي فيهم ! " .

وقال غيره : " لولا أنّي معهم لقلت إنّه مغفور لهم " .

وقال مطرّف بن عبد الله في وقفة عرفة: " اللهمّ لا تردّ هذا الجمع من أجلي " .

فمن نحن في هذا الزمان ..!!

***************************

يتبع إن شاء الله الإجابة على السؤال الثاني وهو :

هل هناك كرامات لمجالسة الصالحين وهل أعمالهم الطيبة تؤثر فينا ؟ وهل أعمالنا الطيبة تؤثر فيهم  ؟

*************************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات في الإسلام - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيعه إلا بإذن من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي . ولا يحق لأحد النسخ أو الطباعة إلا بإذن من صاحب المدونة الأستاذ / خالد أبوعوف .