التفرقة بين المسلمين وصناعة أوصياء الدين – جماعات أم ضلالات – هداية أم انحرافات - بين كتم العلم وخيانة الأمانة

بسم الله الرحمن الرحيم

التفرقة بين المسلمين وصناعة أوصياء الدين

– جماعات أم ضلالات – هداية أم انحرافات

بين كتم العلم وخيانة الأمانة

كتبه الأستاذ

خالد  أبوعوف

* فهرس الموضوع :

1- لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ ؟

2- (( سؤال أم اتهام )) ؟

3- لماذا تكون من أهل العذاب الأليم .. وليس من المرحومين ؟

4- لماذا لا ترضى بكونك مسلم ؟ لماذا جماعة ؟

5- العَوَار ظاهرا وباطنا في أنصار وأتباع هذه الجماعات ؟

6- هذه الجماعة تخدع المسلمين باسم الدين .. فاحذرهم ؟

7- خيانة الأمانة العلمية وكتم العلم - صفة لازمة لهم ؟

8- من يتجاهل أقوال أهل العلم ويتعمد إخفائها .. فهو خائن للامانة ؟

9- احذر من هذه النفوس التي يتصف أصحابها بأنه .. مُكَفِّر- مُبَدِّع – سبَّاب – شتَّام – لعَّان – بذيئ ؟

:: الفصل الثاني ::

10- الله يحذرنا من التفرقة في الدين ؟

11- لماذا التعصب والغلو والتفرقة ؟ هل هذا دينك ؟

12- جماعات أم ضلالات ؟!

13- أساليب الزجر الديني ؟

14- نحن أهل السنة والجماعة .. وغيرنا بدعي ومشرك وكافر !!

:: الفصل الثالث ::

15- من أقوال النبي في هذه الجماعات المُفرِّقَة للمسلمين ؟

16- من أقوال الصحابة وعلماء الدين ؟

17- لماذا نحن ممنوعين من تكفير الناس ؟

18- أمسك لسانك ولا تخوض في أعراض العلماء ؟

19- ولا تفتن المسلمين في دينهم ..

20- ختاما -  فارقنا إن كنت من هؤلاء ؟

**************************

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. هذا موضوع بسيط أرد فيه على عجالة على تصور لسؤال أو اتهام من شخص راسلني ينتمي للجماعة المفرقة للمسلمين .. ويهاجمني بلهجة غير طيبة .. عن سبب ما ذكرته عن الصحبة الدينية الغير طيبة التي تحقر المسلمين الذين لا يتبعون آرائهم واهوائهم .. ؟

ولا أدري ما الذي يضايقه .. إلا إن كان يرى نفسه منهم .. أو يرى مشايخه على هذه الشاكلة المؤذية لجماعة المسلمين .. !! أليس كذلك !!

حتى جعلوا من مشايخهم أوصياء على الدين .. فهم فقط من يعرفون وهم فقط من يعلمون .. وباقي علماء المسلمين في ضلال مبين !!

وصدق فيهم رسول لله : ( يظهر الدين حتى يجاوز البحار ، وتخاض البحار بالخيل في سبيل الله ، ثم يأتي من بعدهم أقوام يقرؤون القرآن يقولون .. قد قرأنا القرآن .. مَن أقرأ منا ، أو مَن أفقه منا ، أو مَن أعلم منا .. ثم التفت إلى أصحابه ، فقال : هل في أولئك من خير ؟ قالوا : لا .. قال : أولئك منكم من هذه الأمة أولئك هم وقود النار ) وفي رواية ( أولئك هم شرار الأمة ) .

* وعموما جوابي هنا .. هو ردا على كل من ينتمي لجماعة ويحتقر سائر المسلمين وينظر إليهم بنظرة دونيَّة .. وأنهم على الباطل .. ولكن هو وجماعته على الحق فقط .. لأن الآخرون مشركون وبِدعيِّون .. !!

* وجوابي هو في مقال بسيط دون التوسعة في الكلام .. وهو يرتكز على ثلاث نقاط :

1- أن من يتحزَّب بحزب ديني أو يعتقد في جماعة معينة أنهم على التوحيد الحق وحدهم دون سائر المسلمين ومتهما لهم .. فهو قد فرق بين جماعة المسلمين ..

2- وأن من كفر أحد من المسلمين فهذا الكفر مردود عليه .. ومَن يُكَفِّر دون ظهور الكفر ممن يكفره .. فهو قد استباح دم المسلم وماله وعرضه .. وفرق بين جماعة المسلمين .

3- وأن مَن نقل العلم الديني متحيزا لفرقتة ومتجاهلا أقوال علماء المسلمين في المسألة عمدا مع علمه أنه لهم برهان وحجة ودليل قوي .. لِتَسْييس الناس على هوى فرقته .. فله عقاب يعلمه الله لأنه صاحب بدعة .. قد تعمد التفرقة بين جماعة لا إله إلا الله محمد رسول الله .. كيف ذلك ؟

دعوني أشرح لكم ..

بسم الله ..

توكلت على الله ..

**********************************

(( سؤال أم اتهام ؟ ))

* تصور عن سؤال في المقال السابق : ما العيب في اتباع طائفة أو مذهب ديني ..  ؟

* والمشكلة يا أخي السائل .. ليست في اتباع مذهب أو جماعة .. وإنما في تبعيات هذا الاتباع .. الذي سيذهب بك غالبا إلى تعصب يدفعك إلى لعن وسب وشتم وتكفير من خالَفَكَ .. كما هو الحاصل الآن .. !!

* فأسماء الفرق والمذاهب هي للإشارة إلى منهجية ما هؤلاء القوم ومعرفة أصولهم وضوابطهم وأحوالهم .. فهي ليست ضلال ولا انحراف .. وإنما الإنحراف والضلال هو خاص بمن خان جماعة المسلمين في العلم الديني من أجل أن ينتصر لفرقته بدلا من أن ينتصر لدينه .. وبدلا من أن يجمع بين المسلمين فقد بات يفرق بينهم .. !!

* فإن أَمِنْتَ على نفسك هذه الفتنة .. وتعلمت كيف تقبل الرأي الآخر .. وتعيش معه بضمير سليم وقلب نظيف .. فلا بأس بمن تتبعه طالما أنت متحقق أنه على حق ويجمع ولا يفرق بين جماعة المسلمين .. ويتأدب مع أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله .

* ولكن في ذات الوقت لا تحرم نفسك الإطلاع على باقي كلام العلماء في كل المذاهب .. لأن الله قسَّم رزق الحكمة في الفهم القلبي والعقلي والروحي بين العباد ولم يختص بهم أحد دون أحد ..

وإلا فلماذا قال الله عن سليمان ( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ) الأنبياء79 .. والعلم شيء والفهم شيئا آخر .. وكلاهما أنبياء .. ولكن الفهم عن الله لا يمنعه عن أحد ..

* ولذلك تعددت المذاهب الإسلامية .. لأن الفهم للنص الإلهي والنبوي تم فهمه بطريقة مختلفة من شخص لآخر ..

* فكلمة "مذهب" : معناها الديني .. ما ذهب إليه فلان من فهم للنص الشرعي سواء قرآن أو حديث .

* فإن اهتممت أيها السائل للسؤال السابق بطائفتك فقط .. فستكون كالأعْوَر يبصر نصف الطريق .. بل وقد تضل في هذا النصف أيضا .. لأنك ارتضيت أن تكون أَعْوَر في كتاب الله وسنَّة نبيه .. وفِعلُك هذا شبيه بفعل الخوارج كلاب أهل النار .. يحتقرون كل من خالفهم ويحرِّضون عليه ويقاتلونه ويستبيحونه .. لمجرد أنه خالفهم ..!!

* فكن كما كان السلف الصالح .. يختلفون ويقبلون بعضهم البعض ..!!

وجَمَّع بين المسلمين ولا تفرِّق بينهم .. واحرص على ذلك ..

***********************

..:: لماذا تكون من أهل العذاب الأليم .. وليس من المرحومين ؟ ::..

فإذا لم تجمع بين المسلمين وتمتنع عن فرقتهم .. فأبشر بالآتي ..

* فأنت ممن ينطبق عليهم البشرى بالعذاب العظيم  ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) آل عمران105

* فاعمل على أن تكون من أهل الله المغفور لهم والمرحومين الذين لا يفرقون في دين الله ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَـئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) النساء152

**************************

..:: لماذا لا ترضى بكونك مسلم ؟ لماذا جماعة ؟ ::..

لماذا تتفاخر بكونك في جماعة تصل فيها إلى تقديس مشايخك كأنهم لا يخطئون أبدا .. !! ولا ترضى بأنك تتفاخر بكونك مسلم صادق مع الله تحب المسلمين ؟!

* ولماذا  يا أخي السائل لا تقيم قول الله تعالى : ( أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) ؟ .. الشورى13 .

أمرك عجيب .. تبحث عن الفرقة والإنضمام لجماعة ولا تبحث عن الوحدة ؟!!

* أيها السائل : لا تتبع أو تصدق من يحلف لك أنه من أهل الحق وينكر على باقي المسلمين ذلك .. وكأنهم كفار ملاعين .. فمَن يفعل ذلك فهذه صفات المنافقين .. واقرأ معي قوله تعالى : ( وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ ) التوبة56 .

- والخوارج فعلوا ذلك من قبل وزعموا أنهم أهل الحق .. وحكم عليهم رسول الله أنهم " كلاب أهل النار " .. 

* سؤال : ما الحكمة في تسمية الخوارج بكلاب أهل النار :

( والحكمة من عقابهم بهذا العقاب : أنهم كانوا في الدنيا كلابا على المسلمين ، فيكفرونهم ويعتدون عليهم ويقتلونهم ، فعوقبوا من جنس أعمالهم ، فصاروا كلابا في الآخرة  .)

راجع: فيض القدير ج3 ص509 .

****************************

** العَوَار ظاهرا وباطنا في أنصار وأتباع هذه الجماعات **

:: بُغض من خالفهم وتكفيره ::

 كثيرا نجد ممن ينتمون لطوائف وجماعات معينة .. يخونون في الأمامنة العلمية .. فينقلون العلم عن مذهبهم فقط وطائفتهم فقط .. لأنهم لا يُعلِّمُون العلم الديني .. بل يعلمون كلام مشايخهم !! ..

وإن قلت بغير كلام مشايخهم .. فأنت بدعي وضال ومشرك ومنحرف العقيدة ويحرضون عليك في مساجدهم ويعاملوك معاملة الكفار .. ويضمرون لك أشد أنواع البغض والكراهية .. وكأنك عدو الله ..!!

************************************

..:: هذه الجماعة تخدع المسلمين باسم الدين .. فاحذرهم ! ::..

:: خيانة الأمانة بكتم العلم ::

* من العار كل العار خيانة المسلمين في نقل العلم وإيهام المسلمين أن قولهم هو قول الحق وما عداهم من المسلمين هم أهل الباطل وبدعيون ومشركون ..!! والغريب أن من يتهمونهم هم علماء أفاضل يشهد لهم القريب والبعيد .. ومعهم حجتهم وأدلتهم وبرهانهم .. ولكنهم في نظرهم بدعيون لأنهم خالفوهم .. تماما مثلما كان يفعل الخوارج !!  

فهل مثل هذه الجماعات التي فيها خيانة للامانة العلمية لا يُؤخذ عنها علم أو دين أو حتى نصيحة ..

يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال27 ..

* شرح تفسير الوسيط : ( يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تخونوا الله ورسوله بترك ما أوجبه الله عليكم وفِعْل ما نهاكم عنه ، ولا تفرطوا فيما ائتمنكم الله عليه ، وأنتم تعلمون أنه أمانة يجب الوفاء بها . )

* فنقل العلم للمسلمين أمانة ستسأل عنها أمام الله .. ولذلك كل من يرشد المسلمين ويُسَيِّسَهم إلى فكر أو مذهب أو طائفة معينة متجاهلا علماء الدين في المسألة التي يشرحها .. فهو خائن للأمانة العلمية لجماعة المسلمين .. لأنه أخفى العلم عنهم عامدا متعمدا ليوجه الناس لفكر ديني معين .. ضاربا عرض الحائض بكلام أئمة المسلمين .. فما يهمه هو إرضاء أسياده ومشايخه حتى ولو بالكذب في العلم وخيانة المسلمين في العِلم الديني ..!!

* ويكفي أن نقول لهم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال27 .

* فالذي لا يَعرِض العلم للمسلمين بأمانة ويذكر أقوال أهل العلم في المسألة .. فهو خائن للأمانة العلمية.. وهذا الحكم خاص بمن ينصب نفسه داعية وينسب نفسه لطائفة المشايخ .. ( الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) غافر35 ..

فهؤلاء تجاهلوا سلطان العلم ومنعوا أنفسهم من البحث والقراءة المستمرة لأهل الذكر من علماء الأمة .. واكتفوا ببعض أقاويل لطائفة تسب وتلعن من خالفهم من المسلمين ويضمرون لهم كل شر للمسلمين وكأنهم كفار .. !!

******************************

..:: جماعة الخيانة في العلم الديني تكتم العلم عن المسلمين ::..

* ويكفي فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيَّما رجل آتاه الله تعالى علما فكتمه ألجمه الله تعالى يوم القيامة بلجام من نار ) .

* فمن يتبع منهجية اليهود في التضليل .. ويحجب ويكتم كلام أهل العلم من المسلمين للترويج لفكر طائفته .. فقد كتم علما عن المسلمين وخان أمانته في الدعوة .. ويكون فعل كما فعل اليهود : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) البقرة:159 ..

* بل كن أمينا واعرض كلام علماء المسلمين في المسألة بحيادية ولو بطريقة إجمالية وليس بالضرورة بطريقة تفصيلية .. واختار ما تميل إليه بحكم اجتهادك ..، وكن مؤدبا أمينا ولا تنكر على أحد اختياره طالما هناك رأي آخر معه حجة وبينة ودليل وبرهان .. لا يقل عن برهانك ودليلك وحجتك ..!!

* فاحذر أيها السائل ممن وصفتهم لك وأكثرهم من المُتَمَصْوِفَة والمُتَمَسْلِفَة في هذا الزمان .. فهؤلاء سُمٌ قاتل مميت للقلب .. لأن هذه الطوائف فيها كراهية وبغض لمن يخالفهم من المسلمين .. إلا من رحمه ربي وأدركته عين العناية .. إن ربي رؤوف رحيم .

*****************************

..:: من يتجاهل أقوال أهل العلم ويتعمد إخفائها ::..

* وأقول للجميع أن الذي ينقل كلام بعض العلماء ليوهم المسلمين أن هذا رأي الدين متجاهلا رأي باقي علماء المسلمين في المسألة فهو خائن لأمانة العلم الديني وخائن للمسلمين في إرشادهم .. لأنه كان يعلم أن هناك أقوال أخرى في المسألة صحيحة .. وحجبها عنهم .. واكتفى بالقول عن رأيه : " هذا هو الرأي الصحيح " ؟!! وما خالفه فهو باطل منكر .!! ويكفي قول الله تعالى في أمثال هؤلاء : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال27 .. فضلا عن كونه كاتما للعلم فهذه جريمة أخرى .

ومن يفعل ذلك فهو يتعمد التفرقة بين جماعة المسلمين .. وهم يعلمون ..!!

********************************

:: احذر من هذه الجماعات التي تتكلم في الدين  ::

لذلك قلت لك احذر كل منتمي لطائفة أو جماعة .. وهو الذي لا يقبل إلا طائفته ويفرق بين المسلمين ويخوض فيهم مع الخائضين ..

* فإذا وجدت أحد من هؤلاء المذكورة أوصافهم في كتاب " البيان الإلهي الجليل " في الجزء الرابع .. تحت عنوان "انتبه من الصاحب الديني الخبيث الفكر والقلب " .. اضغط هنا ..

فاعلم أنه غير صالح للعلاقة الآدمية لأنه سيفسد عليك حالك مع الله ومجتمعك .. فانصرف عنه حتى ينصلح حاله ويتطهر فؤاده من الغل الذي يعيش به وسط الناس .. ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) الأنعام68 .. !!

* ومن أوصافهم التي قد تظهر بعد أن تخالطهم وتعاشرهم :

1- من يطعن الناس في أعراضهم ويتهمهم بغير دليل ويلعنهم ويشتمهم ..

حديث : ( ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ ، و لا بالَّلعَّانِ ، ولا بالفاحشِ ، و لا بالبذيءِ )

* شرح : (لَيْسَ الْمُؤْمِنُ) أَيِ: الْكَامِلُ (بِالطَّعَّانِ) أَيْ: عَيَّابًا لِلنَّاسِ (وَلَا بِاللَّعَّانِ) ، وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ صِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فِيهِمَا ; لِأَنَّ الْكَامِلَ قَلَّ أَنْ يَخْلُوَ عَنِ الْمَنْقَصَةِ لَا بِالْكُلِّيَّةِ (وَلَا الْفَاحِشِ) ، أَيْ: فَاعِلُ الْفُحْشِ أَوْ قَائِلُهُ. وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ: مَنْ لَهُ الْفُحْشُ فِي كَلَامِهِ وَفِعَالِهِ قِيلَ أَيِ: الشَّاتِمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الشَّتْمُ الْقَبِيحُ الَّذِي يَقْبُحُ ذِكْرُهُ . (وَلَا الْبَذِيءِ) . بِفَتْحِ مُوَحَّدَةٍ وَكَسْرِ ذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدِ تَحْتِيَّةٍ، وَفِي نُسْخَةٍ بِسُكُونِهَا وَهَمْزَةٍ بَعْدَهَا، وَهُوَ الَّذِي لَا حَيَاءَ لَهُ .. كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ .

وَفِي النِّهَايَةِ : الْبَذَاءُ بِالْمَدِّ الْفُحْشُ فِي الْقَوْلِ وَهُوَ بَذِيءُ اللِّسَانِ، وَقَدْ يُقَالُ بِالْهَمْزِ وَلَيْسَ بِكَثِيرٍ. اهـ.

فَعَلَى هَذَا يُخَصُّ الْفَاحِشُ بِالْفِعْلِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التِّكْرَارُ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ، وَالثَّانِي يَكُونُ تَخْصِيصًا بَعْدَ تَعْمِيمٍ بِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ)

مرقاة المفاتيح ج7 ص3044

2- من يتهم الناس بالفسق والكفر .. بلا دليل .

حديث : ( لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفُسُوقِ ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ )

ومثله حديث : ( وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ )

3- من استباح دم وعرض ومال المسلم ..

حديث : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )

4- من تراه يؤذي المسلم بلسانه ويده ويُصر على المعصية ..

حديث : ( المسلمُ من سلِمَ المسلمونَ من لسانِه ويدِهِ والمؤمنُ من أمنَهُ النَّاسُ على دمائِهم وأموالِهم والمجاهدُ من جاهدَ نفسَهُ في طاعةِ اللَّهِ والمهاجرُ من هجرَ الخطايا والذُّنوبَ )

5- من يخون ويكذب ويحقر من المسلم ..

حديث : ( المسلِمُ أخو المسلِمِ لا يخونُهُ ولا يَكذِبُهُ ولا يخذلُهُ كلُّ المسلمِ على المسلمِ حرامٌ عرضُهُ ومالُهُ ودمُهُ التَّقوى هَهنا بحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحتقرَ أخاهُ المسلمَ )

معنى يخذله : يغيثه وينصره ..

* شرح : ( لَا يَخْذُلُهُ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ الْخَذْلُ تَرْكُ الْإِعَانَةِ وَالنَّصْرِ وَمَعْنَاهُ إِذَا اسْتَعَانَ بِهِ فِي دَفْعِ ظَالِمٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ إِعَانَتَهُ إِذَا أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ وَلَا يَحْقِرُهُ هُوَ بِالْقَافِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا يَحْتَقِرَهُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَصْغِرُهُ )

شرح النووي على مسلم ج16 ص120

6- يغتاب المسلم بكل ما هو مكروه ..

حديث : ( كُنَّا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ فَارْتَفَعَتْ ريحٌ مُنتنَه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّمَ : أَتَدْرُونَ ما هذه الرِّيحُ ؟ هذه رِيحُ الذينَ يَغْتَابُونَ المؤمنينَ )

7- يفسدون بين الناس ويرجون لهم الخسران ويتهمون الناس بما لم يفعلوه ..

حديث : ) ألا أخبركم بشراركم ؟ المشائون بالنميمة، المفسدون بين الأحبة، الباغون البراء العنت(

العنت : هو العَنَت: المشَقَّة، والفَسَاد، والهَلَاكُ، والإثْم، والغَلَط، والخَطَأُ، والزِّنَا: والحديث يَحتَمِل بَعضَ ذلك . " المجموع المغيث ج2 ص509 "

* فإذا كان هذا هو حال من يفرق بين الاحبة أنه من شرار الخلق .. فماذا يكون حال من يفرق بين الأمة ؟!!

* فهؤلاء يبغون العنت للأبرياء .. أي يطلبون الهلاك والتعب والخسران للأبرياء بأن يتهموهم بالفواحش .. أو ينسبوا إليهم ما ليس بحق فيهم رجاء أذيتهم وفضيحتهم ..

ويكفي في هؤلاء أن تعرف أنهم شرار الخلق عند الله .. وكفى بهذا مذمَّة في حقهم .. وأنهم من أصحاب النار ..

9- ليسوا مؤمنين .. بل مسلمين يؤذون غيرهم .. ويتتبعون عوراتهم ليجهروا بفضيحته غلا منه وتشفِّي فيه ..

حديث : ( صعِدَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ المنبرَ فنادى بصوتٍ رفيعٍ فقالَ يا معشرَ من أسلمَ بلسانِه ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبِه لا تؤذوا المسلمينَ ولا تعيِّروهم ولا تتَّبعوا عوْراتِهم فإنَّهُ من يتَّبع عورةَ أخيهِ المسلِمِ يتَّبعِ اللَّهُ عورتَه ومن يتَّبعِ اللَّهُ عورتَه يفضحْهُ ولو في جوفِ رحلِه ) وفي رواية ( ومَن يتَّبِعِ اللهُ عورتَه يفضَحْه في جوفِ بيتِه )

انتبه لكلام النبي السابق .. (يا معشرَ من أسلمَ بلسانِه ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبِه )

* واكتفي لكم بهذا القدر مع ما سبق في المقال السابق .. حتى تتحقق من أوصاف الصاحب الديني الخبيث الفكر والقلب .. الذي يقول : قال الله ورسوله ويحكم على الناس .. وهو أَعْوَر العمل ومفرق بين جماعة المسلمين ..  فهذا في حد ذاته لَعنَةً قد تجعلك تهجر دينك تماما .. لما يظهر عليه من انتهاك لحرمات الله في خلقه لا تُعد ولا تُحصى ..

* ولا يغرك قرائتهم للقرآن كثيرا وحفظهم له ولا يغرك صيامهم وصلاتهم .. فالخوارج في الظاهر كانوا حافظون للقرآن وقارئين له بإتقان وصوامين ومصلين .. ولكنهم في الحقيقة كلاب أهل النار .. أليس كذلك .؟ ومن أدق أوصافهم كما جاء في الحديث : ( يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ )

* فتأمل وصف النبي لجماعة الخوارج .. وهو يقول عنهم أنك تنظر إلى صلاتك وصيامك وقراءتك القرآن فتحتقرها .. لشدة ما تراهم عليه من الصيام والصلاة وقراءة القرآن .. وفي الحقيقة هم كلاب أهل النار .. !!

* ولا تزال هذه أوصاف كثيرا من الجماعات التي تعيش بيننا .. يحقرون صلاة وصيام وقراءة أي مسلم لا ينتمي إليهم .. ويعيبون عليه ويمدحون أنفسهم .. وينفروك عن الصلاة في مساجدهم التي يصلون فيها ..

حسبنا الله ونعم الوكيل .. ونسأل الله أن يتوب عليهم .. أو يصرفهم عن بلاد المسلمين .. آمين !!

* يحتقروك في علمك ويجادلونك ويتطاولون عليك ويجعلوك بدعي ومشرك وضال ومنحرف .. هكذا أخبرنا عنهم رسول الله .. ففي الحديث (يظهر الدين حتى يجاوز البحار ، وتخاض البحار بالخيل في سبيل الله ، ثم يأتي من بعدهم أقوام يقرؤون القرآن يقولون .. قد قرأنا القرآن .. مَن أقرأ منا ، أو مَن أفقه منا ، أو مَن أعلم منا .. ثم التفت إلى أصحابه ، فقال : هل في أولئك من خير ؟ قالوا : لا .. قال : أولئك منكم من هذه الأمة أولئك هم وقود النار )

* وفي الحديث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ : ( امْرَأَةٌ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا ، قَالَ : " لا خَيْرَ فِيهَا ، هِيَ فِي النَّارِ " )

* فلا تغتر بالمظاهر الدينية .. وانظر دائما إلى أعمال من يزعمون أنهم أهل الله مع الخلق ..

*******************************

:: الفصل الثاني ::

..:: الله يحذرنا من التفرقة في الدين ::..

كم تفرقنا بسبب المذهبية وعبودية المشايخ بدلا من عبودية الله رب العالمين .. !!

فمن يقل أنه لا يعبد المشايخ .. فلماذا لا يقبل أقوال العلماء الآخرون ؟!! ..

لقد أصبح كلام بعض المشايخ هو كلام مقدس في قلوب من أصابهم المرض الخبيث .. بل ويزكي هؤلاء المشايخ أنفسهم أمام طلابهم بأنهم أهل الحق .. وما عداهم أهل بدعة !!

لماذا ؟

لأنه غل طائفي في قلوب هؤلاء .. وليس خوفا على الدين .. وإنما خوفا على السلطة الدينية .. التي ستضيع منهم .. لو جهروا بالحق ..

* رجاءا كن واقفا عند قوله تعالى : ( أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) الشورى13 .

وابحث دائما عمَّن يقيم الدين ولا يفرق بين وحدة المسلمين .. ويحب الخير للناس ويرجو لهم رحمة الله ..

* اقرأ معي قوله تعالى .. حتى تعرف أن من يفرق بين جماعة المسلمين .. له عذاب عظيم ..

1- ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) آل عمران105

* شرح التفسير الوسيط :

( ولا تكونوا -أيها المؤمنون- كأهل الكتاب الذين وقعت بينهم العداوة والبغضاء فتفرَّقوا شيعًا وأحزابًا ، واختلفوا في أصول دينهم من بعد أن اتضح لهم الحق ، وأولئك مستحقون لعذابٍ عظيم موجع . )

2- ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران103

* شرح التفسير الوسيط :

( تمسَّكوا جميعًا بكتاب ربكم وهدي نبيكم, ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فرقتكم . واذكروا نعمة جليلة أنعم الله بها عليكم: إذ كنتم -أيها المؤمنون- قبل الإسلام أعداء ، فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله ، وألقى في قلوبكم محبة بعضكم لبعض ، فأصبحتم - بفضله- إخوانا متحابين ، وكنتم على حافة نار جهنم ، فهداكم الله بالإسلام ونجَّاكم من النار . وكما بيَّن الله لكم معالم الإيمان الصحيح فكذلك يبيِّن لكم كل ما فيه صلاحكم ، لتهتدوا إلى سبيل الرشاد وتسلكوها فلا تضلوا عنها .)

3- ( فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) المؤمنون53

* شرح التفسير الوسيط :

( فتفرَّق الأتباع في الدين إلى أحزاب وشيع، جعلوا دينهم أديانًا بعدما أُمروا بالاجتماع ، كل حزب معجب برأيه زاعم أنه على الحق وغيره على الباطل . وفي هذا تحذير من التحزب والتفرق في الدين .)

4- ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) الأنعام159

* شرح التفسير الوسيط :

( إن الذين فرقوا دينهم بعد ما كانوا مجتمعين على توحيد الله والعمل بشرعه ، فأصبحوا فرقا وأحزابا ، إنك -أيها الرسول- بريء منهم ، إنما حكمهم إلى الله تعالى ، ثم يخبرهم بأعمالهم ، فيجازي من تاب منهم وأحسن بإحسانه ، ويعاقب المسيء بإساءته . )

5- ( مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ) الروم32

* شرح التفسير الوسيط :

( ولا تكونوا من المشركين وأهل الأهواء والبدع الذين بدَّلوا دينهم وغيَّروه ، فأخذوا بعضه ، وتركوا بعضه ، تبعًا لأهوائهم ، فصاروا فرقًا وأحزابًا ، يتشيعون لرؤسائهم وأحزابهم وآرائهم ، يعين بعضهم بعضًا على الباطل ، كل حزب بما لديهم فرحون مسرورون ، يحكمون لأنفسهم بأنهم على الحق وغيرهم على الباطل ).

6- ( شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) الشورى13

* شرح التفسير الوسيط : ( شرع الله لكم- أيها الناس- من الدِّين الذي أوحيناه إليك - أيها الرسول ، وهو الإسلام - ما وصَّى به نوحًا أن يعمله ويبلغه , وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (هؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل على المشهور) أن أقيموا الدين بالتوحيد وطاعة الله وعبادته دون مَن سواه، ولا تختلفوا في الدين الذي أمرتكم به, عَظُمَ على المشركين ما تدعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له, الله يصطفي للتوحيد مَن يشاء مِن خلقه، ويوفِّق للعمل بطاعته مَن يرجع إليه. )

7- ( وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال46 .

* شرح التفسير الوسيط :

( والتزموا طاعة الله وطاعة رسوله في كل أحوالكم ، ولا تختلفوا فتتفرق كلمتكم وتختلف قلوبكم ، فتضعفوا وتذهب قوتكم ونصركم ، واصبروا عند لقاه العدو . إن الله مع الصابرين بالعون والنصر والتأييد ، ولن يخذلهم .)

****************************

..:: لماذا التعصب والغلو والتفرقة ؟ هل هذا دينك ؟ ::..

1- التفرقة لا تأتي إلا بسبب البغي والعناد والاستكبار عن سماع الحق والبحث عن الحقائق ( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ) الشورى14..

2- هل هذا هو الإصلاح بين الأخوة .. بان نفرق بين المسلمين ونكفرهم ونجعلهم أهل بدعة ومشركون ؟!!

( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الحجرات10

3- هل من تقوى الله والصدق مع الله .. هو تقديس كلام المشايخ .. وتبديع المسلمين بآراء هذه المشايخ  ؟

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة119

4- هل من قول الحق .. تجاهل كلام علماء كبار وتحقيرهم وتقديس كلام مشايخ آخرين ؟

تأمل ما يقوله سيدنا موسى : ( حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ  ) الأعراف105

5- هل من الأمانة العلمية .. كتم العلم الديني عن المسلمين وتحقير من خالفك من علماء المسلمين وتكفيرهم وتضليلهم .. لأنك تقدس كلام مشايخك ؟!!

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) الأنفال27

****************************

..:: جماعات أم ضلالات ؟! ::..

ما يدلك على أن الجماعات الدينية على انحراف في الدين .. هو كونها جماعات !! ..

لأنهم لو كانوا يريدون الحق كما يزعمون فلماذا التحزب والطائفية إلا لوجد الرغبة في السيادة الدينية .. !! ..، وفي هذا العصر تسمى السياسة الدينية المبنية على تحقيق أطماع نفسية وليس على تطبيق كتاب الله وسنة رسوله ..!!

* الكل يزعم انه أهل السنة والجماعة .. وأنهم أهل الحق .. وأنهم أهل الجنة .. وأنهم الفرقة الناجية .. وأن غيرهم من الفرق المحكوم عليها بالنار ..!!

* فمن أخبرهم بهذا الحكم ؟ هل اتخذوا عند الله عهدا ؟ أم اطلعوا على الغيب في اللوح المحفوظ ؟ أم هو ضربا من الظن .. والظن لا يغني من الحق شيئا ..!! ولماذا يحسنون الظن بأنفسهم ويزكون أنفسهم .. هل علموا حالهم عند الله أم أنهم حكموا على الله بذلك ؟!!

* لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي قال له ماذا يفعل وقت الفتن لو ظهرت .. ( يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ : أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ) .. وهذا حديث يدل على العزلة والصمت وقت الفتن .. ولا تخوض مع الخائضين .

* رجاءا لا تشارك في الفتن .. خاصة الدينية .. فلا تتعصب لطائفة أو لجماعة وكأنهم أوصياء على الدين من دون المسلمين .. ولا تجعل لسانك يتلوث بما يؤدي للفرقة بين المسلمين .. ولا تجعل أصابع يدك تكتب زورا ما تندم عليه لاحقا .. بل التمس الحق مع الجميع طالما معه حجته ودليله وبرهانه .. واجْمَع ولا تُفَرِّق .. وكن عاقلا .. وإياك والتحيز والتعصب لطائفة .. لأنه سيكون فاتك الكثير من الحق .. وارتكبت الكثير من الإثم .. واكتسبت الكثير الغل .. !!

***************************

..:: أساليب الزجر الديني ::..

نحن أهل السنة والجماعة .. وغيرنا بدعي ومشرك وكافر !!

الدين عند البعض ما هو إلا فزَّاعة ووسيلة تخويف وإرهاب للناس .. و يا ليت الأمر كان لوجه الله .. وإنما الزجر الديني لمن خالف جماعة دينية معينة .. وكيف لك لا تستمع لهم ؟!! فعدم تواجدك معهم واتباع أفكارهم ثم ترويجك لطائفتهم .. فهذا في حد ذاته انحراف منك وضلال وأنت تسير على خطى البدعة والشرك ..!! لأنك خالفت جماعتهم التي هي في زعمهم .. أهل السنة والجماعة وحدهم دون غيرهم .. ؟

* رجاءا لا تتبع المفرقين بين جماعة المسلمين .. الذين يتهمون هذا وذاك .. ويستمتعون بتكفير الخلق على المنابر بل وإدخالهم النار !! ..

* فاستمع للجميع واقرأ للجميع .. ولا تجعل أحد يؤثر عليك بأساليب " الزجر الديني " .. مثل أن يقول لك .. لو قرأت لغير الجماعة الدينية فأنت كافر وبدعي ومشرك وضال .. لأن من يقول لك هذا اعلم يقينا أنه منحرف في الدين ومنهجه به عَوَار كبير جدا وانحراف مبين .. وإلا ما كان ليطبق عليك أساليب " الزجر الديني " .. ليجبرك على أن تتبع سياسته الدينية ..!!

إلا إن كنت أنت منحرف عن منهج الدين بالإصرار على المعاصي فعلا .. فهذا شيء آخر !! فالزجر الديني حينئذ مطلوب معك .. !

***************************************

:: الفصل الثالث ::

..:: من أقوال النبي في هذه الجماعات المُفرِّقَة للمسلمين ::..

1- حديث : ( يظهر الدين حتى يجاوز البحار ، وتخاض البحار بالخيل في سبيل الله ، ثم يأتي من بعدهم أقوام يقرؤون القرآن يقولون .. قد قرأنا القرآن .. مَن أقرأ منا ، أو مَن أفقه منا ، أو مَن أعلم منا .. ثم التفت إلى أصحابه ، فقال : هل في أولئك من خير ؟ قالوا : لا .. قال : أولئك منكم من هذه الأمة أولئك هم وقود النار )

2- حديث : (عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا؛ أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ ! فَقَالَ: (وَيْلَكَ ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ ) فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ، فَقَالَ: ( دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ )

* شرح : ( (ذو الخويصرة) تصغير الخاصرة بالمعجمة والمهملة والراء وسبق صفته من أنه غائر العينين مشرف الوجنتين كث اللحية محلوق الرأس )

الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري ج22 ص30

* شرح : ( ( كَمَا يَمْرُقُ ) أَيْ: كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، ( فَالرَّمِيَّةُ ): الصَّيْدُ الَّذِي نَقْصُدُهُ، فَتَرْمِيهِ، قَالَ الأَصْمَعِيُّ: هِيَ الطَّرِيدَةُ الَّتِي يَرْمِيهَا الصَّائِدُ، وَهِيَ كَلُّ دَابَّةٍ مَرْمِيَّةٍ.)

شرح السنة للبغوي ج10 ص226

* شرح : ( (إن له أصحابًا) يصومون النهار ويقومون الليل (يحقر) بفتح أوّله وكسر القاف ( أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون ) يخرجون سريعًا (من الدين) الإسلامي من غير حظ ينالهم منه أو المراد بالدين الطاعة للإمام ( كمروق السهم من الرمية ) الصيد المرمي ولشدة سرعة خروج السهم من الرمية لقوة ساعد الرامي لا يعلق بالسهم من جسد الصيد شيء ) .

شرح القسطلاني على البخاري ج9 ص98

* شرح : ( ( لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ) جَمْعُ تَرْقُوَةٍ بِالْفَتْحِ وَهِيَ الْعَظْمُ بَيْنَ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ وَالصُّعُودِ فِي مَوْضِعِ الْعَرْضِ .

وَقَالَ النَّوَوِيُّ : معناه أن قوما يقرأون وَلَيْسَ حَظُّهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا مُرُورَهُ عَلَى اللِّسَانِ فَلَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ لِيَصِلَ قُلُوبَهُمْ وَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ بَلِ الْمَطْلُوبُ تَعَقُّلُهُ وَتَدَبُّرُهُ بِوُقُوعِهِ فِي الْقَلْبِ )

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ج3 ص177

* شرح : (( لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ) وفيه وجوه :

أحدها: أنه لا يتجاوز أثر قراءتهم عن مخارج الحروف والأصوات ، ولا يتعدى إلي القلوب والجوارح، فلا يعتقدون وفق ما يقتضي اعتقاداً، ولا يعملون بما يوجب عملاً.

وثانيهما: أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها ، وكأنها لم تتجاوز حلوقهم .

وثالثها : أنهم لا يعملون بالقرآن فلا يثابون علي قراءته ، ولا يحصل لهم غير القراءة . )

شرح الطيبي على المشكاة ج8 ص2503

* شرح : ( (فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا) أَيْ: أَتْبَاعًا سَيُوجَدُونَ مِنْ نَعْتِهِمْ (أَنَّهُ يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ) ، أَيْ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً (مَعَ صَلَاتِهِمْ) أَيْ: فِي جَنْبِ صَلَاتِهِمُ الْمُزَيَّنَةِ الْمُحَسَّنَةِ لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ (وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ) ، أَيْ فِي نَوَافِلِ أَيَّامِهِمْ. قَالَ شَارِحٌ: فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَأَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ انْتَهَى. وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ هَذَا النَّهْيُ عَلَى إِطْلَاقِهِ (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَيْ: يُدَاوِمُونَ عَلَى تِلَاوَتِهِ ، وَيُبَالِغُونَ فِي تَجْوِيدِهِ ، وَتَرْتِيلِهِ ، وَمُرَاعَاةِ مَخَارِجِ حُرُوفِهِ وَصِفَاتِهِ (لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ) ، أَيْ: حَالَ كَوْنِهِمْ لَا يَتَجَاوَزُ مَقْرُوءُهُمْ عَنْ حُلُوقِهِمْ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ صُعُودِ عَمَلِهِمْ ، وَنَفْيِ قَبُولِ قِرَاءَتِهِمْ .

قَالَ شَارِحٌ : وَالتَّرَاقِي جَمْعُ تَرْقُوَةٍ ، وَهِيَ الْعِظَامُ بَيْنَ نَقْرَةِ الْحَلْقِ وَالْعَاتِقِ ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ عَنْ أَلْسِنَتِهِمْ وَآذَانِهِمْ إِلَى قُلُوبِهِمْ وَأَفْهَامِهِمْ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَيْ: لَا تَتَجَاوَزُ قِرَاءَتُهُمْ عَنْ أَلْسِنَتِهِمْ إِلَى قُلُوبِهِمْ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا، أَوْ لَا تَتَصَاعَدُ مِنْ مَخْرَجِ الْحُرُوفِ وَحَيِّزِ الصَّوْتِ إِلَى مَحَلِّ الْقَبُولِ وَالْإِنَابَةِ (يَمْرُقُونَ) : بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ: يَخْرُجُونَ (مِنَ الدِّينِ) أَيْ: مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَيَمُرُّونَ عَلَيْهِ سَرِيعًا مِنْ غَيْرِ حَظٍّ وَانْتِفَاعٍ بِهِ، (كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) ، بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ وَهِيَ الصَّيْدُ، وَيُقَالُ: مَرَقَ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، أَيْ: خُرُوجُ السَّهْمِ، وَمُرُورُهُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ وَتَنَزُّهُهُ عَنِ التَّلَوُّثِ بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهِ مِنْ فَرْثٍ وَدَمٍ . )

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج9 ص3796

4- حديث : ( سيكونُ بعدي مِنْ أُمَّتي قومٌ يقرؤونَ القرآنَ لَا يُجاوِزُ حلاقِيمهم ، يَخْرجونَ مِنَ الدِّينِ كما يخرُجُ السَّهمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، ثُمَّ لا يعودونَ فيه ، هم شرُّ الخلْقِ والخليقةِ سيماهم التحليقُ  (

*  شرح : ( شر الخلق والخليقة : أي هم شر سجيَّة وشر خلقاً )

شرح المشكاة للطيبي ج8 ص2510

قلت : مقصود كلام الطيبي .. أنهم شر الطبع والأخلاق .. وملامحهم إذا رأيتهم نفرت منهم .. والله أعلم .

********************************

..:: من أقوال الصحابة وعلماء الدين ::..

1- عن ابنِ عمرَ : ( قال لقد عشتُ برهةً من دهرٍ وإن أحدَنا يؤتَى الإيمانَ قبلَ القرآنِ وتُنزلُ السورةُ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيتعلمُ حلالَها وحرامَها وما ينبغِي أن يقفَ عندَه منها كما تعلمون أنتم القرآنَ .. ثم لقد رأيت رجالًا يُؤتَى أحدُهم القرآنَ قبلَ الإيمانِ فيقرأُ ما بينَ فاتحةِ الكتابِ إلى خاتمتِه ما يدرِي ما آمِرُه ولا زاجِرُه وما ينبغِي أن يقفَ عندَه منه وينثرَه نَثْرِ الدَّقَلِ  )

 *شرح : ( " نَثْرِ الدَّقَلِ " هو - بفتحتين - رديء التمر، أي: رميت بكلماته من غير روية ، وتأمّل رمياكم في ذلك التمر الرديء الذي لا يؤبه به فيرمى )

شرح مسند أحمد للسندي ج5 ص108

 * شرح : ( (يَنْثُرُونَ نَثْرَ الدَّقَلِ) أَيْ يَرْمُونَ بِكَلِمَاتِهِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَتَأَمُّلٍ كَمَا يُرْمَى الدَّقَلُ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ رَدِيءُ التَّمْرِ فَإِنَّهُ لِرَدَاءَتِهِ لَا يُحْفَظُ وَيُلْقَى مَنْثُورًا )

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي ج3 ص177

3- عن جندب بن عبدالله قال : ( كُنَّا معَ النَّبِيِّ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - ونحنُ فتيانٌ حَزاوِرَةٌ ، فتعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعَلَّمَ القرآنَ ثمَّ تعلَّمنا القرآنَ فازدَدنا بِه إيمانًا ) .. وفي رواية الطبراني زاد فيها ( وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان ) .

* معنى حزاوره : أي الغلام إذا بلغ الرشد واشتد عودُه وقوي عزمه .. كما كان سيدنا رسول الله يعلم عبد الله بن عباس رضي الله عنه .. (فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما ، فقال : ( يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف )

وفي رواية الامام أحمد : ( احفظ الله تجده أَمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة، واعلم أَن ما أَخطأَك لم يكن ليصيبك ، وما أَصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أَن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسرِ يسرا )

-  فالخلل كله في أننا لا نتعلم الإيمان ..!! كثير يريد أن يتعلم كيف يجادل في دين الله لينتصر لأهوائه وجماعته وليس لدينه ولبيان الحق والجمع بين المسلمين .. فكثير من هؤلاء لا يقرأ طلبا لله .. وإنما للإنتصار لرأي جماعة حتى يقولوا له "يا شيخ" .. وكثير من هذه الجماعات والطوائف الدينية تتعلم كيف تزرع الغل في نفوسها تجاه كل من يخالفها .. ولا حول ولا قوة إلا بالله !!

2- كلام بن تيمية :

( وَلَا يَجُوزُ تَكْفِيرُ الْمُسْلِمِ بِذَنْبِ فَعَلَهُ وَلَا بِخَطَأِ أَخْطَأَ فِيهِ كَالْمَسَائِلِ الَّتِي تَنَازَعَ فِيهَا أَهْلُ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ).

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَجَابَ هَذَا الدُّعَاءَ وَغَفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ خَطَأَهُمْ . وَالْخَوَارِجُ الْمَارِقُونَ الَّذِينَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ قَاتَلَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. وَاتَّفَقَ عَلَى قِتَالِهِمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ. وَلَمْ يُكَفِّرْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ بَلْ جَعَلُوهُمْ مُسْلِمِينَ مَعَ قِتَالِهِمْ وَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ عَلِيٌّ حَتَّى سَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَأَغَارُوا عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فَقَاتَلَهُمْ لِدَفْعِ ظُلْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ لَا لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ . وَلِهَذَا لَمْ يَسْبِ حَرِيمَهُمْ وَلَمْ يَغْنَمْ أَمْوَالَهُمْ .

وَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ثَبَتَ ضَلَالُهُمْ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ لَمْ يُكَفَّرُوا مَعَ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِقِتَالِهِمْ فَكَيْفَ بِالطَّوَائِفِ الْمُخْتَلِفِينَ الَّذِينَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ الْحَقُّ فِي مَسَائِلَ غَلِطَ فِيهَا مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ ؟ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدِ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ أَنْ تُكَفِّرَ الْأُخْرَى وَلَا تَسْتَحِلَّ دَمَهَا وَمَالَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا بِدْعَةٌ مُحَقَّقَةٌ فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ الْمُكَفِّرَةُ لَهَا مُبْتَدِعَةً أَيْضًا ؟ وَقَدْ تَكُونُ بِدْعَةُ هَؤُلَاءِ أَغْلَظَ وَالْغَالِبُ أَنَّهُمْ جَمِيعًا جُهَّالٌ بِحَقَائِقِ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ . وَالْأَصْلُ أَنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَعْرَاضَهُمْ مُحَرَّمَةٌ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لَا تَحِلُّ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ . )

مجموع الفتاوى ج3 ص283.. وأخذ يسوق الأدلة الكثيرة على إثبات ما سبق .. من الكتاب والسنة .

3- قول شيخ الأزهر : جاد الحق على جاد الحق :

( ليس من حق أحد من البشر ، أيا كان موقعه أو وزنـه .. أن يفـرض اجتهاده أو مذهبـه في تفسير آيات الله على الناس .. باعتبـار أن ذلك هـو الـدين ، وأن غـيره مـن الاجتهادات او المذاهب او التفسيرات الأخرى هرطقة أو طعن في الدين )

أهل القبلة كلهم موحدون ص5

*******************************

..:: لماذا نحن ممنوعين من تكفير الناس ؟ ::..

تكفير أحد لا يكون إلا عن جماعة من العلماء شهدوا على هذا الشخص بأنه كافر بعد مراجعة هذا الشخص والتحقق من أن كلامه فعلا يخرجه من الدين الإسلامي ..

وليس كما كان يفعل يعض المشايخ .. من نفسه في تكفير هذا وذاك .. !! وإلا كان من السهولة أن يخرج كل واحد ويكفر الآخر ..!! طالما ليس على مزاجه وهواه ؟

أقرأ ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

1- حديث : ( ثلاثٌ من أصلِ الإيمانِ الكفُّ عمَّن قالَ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ لا نكفِّرهُ بذنبٍ ولا نخرجُهُ منَ الإسلامِ بعملٍ والجهادُ ماضٍ منذُ بعثني اللَّهُ عزَّ وجلَّ إلى أن يقاتلَ آخرُ أمَّتي الدَّجَّالَ لا يبطلْهُ جَورُ جائرٍ ولا عدلُ عادلٍ والإيمانُ بالأقدارِ )

2- حديث : ( لاَ يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلًا بِالْفُسُوقِ ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ ، إِلَّا ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ ، إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ )

3- حديث : ( وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ )

4- حديث : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )

****************************

..:: أمسك لسانك ولا تخوض في أعراض العلماء ::..

.. ولا تفتن المسلمين في دينهم ..

إذا كثرت عليك الفتن .. واختلط عليك الأمر في معرفة من هم أهل الحق ومن هم أهل الباطل .. فاعتزل الجميع .. حتى يرزقك الله باهل الحق وتتيقن من ذلك .. وافعل الآتي :

1- كما فعل سيدنا إبراهيم : ( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً ) مريم48

2- كما فعل أصحاب الكهف : ( وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً ) الكهف16

3- حديث : ( إذا رأيتَ الناسَ قد مَرِجتْ عهودُهم ، وخَفَّتْ أماناتُهم ، و كانوا هكذا وشبَّك بين أنامِلِه فالْزمْ بيتَك ، وأمْلِكْ عليك لسانَك ، وخذْ ما تعرِفْ ، و دعْ ما تُنْكرْ ، وعليك بخاصَّةِ أمرِ نفسِك ، ودعْ عنك أمرَ العامةِ )

* شرح : ( ( إذا رأيت الناس قد مرجت ) بفتح الميم وكسر الراء ثم جيم هو الاضطراب والقلق والاختلاط أي فسدت (عهودهم) فلم يبق لهم عهد يوثق به (وخفت أماناتهم) بالمعجمة والفاء أي قلت من قولهم خف القوم إذا قلوا (وكانوا هكذا وشبك أنامله) مشتبكين متشابهين لما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - من دخول الأصابع بعضها في بعض أي اختلط بعضهم في بعض حتى لا يتميز الخبيث من الطيب (فالزم بيتك) تسلم من شر لقائهم (وأمسك عليك لسانك) عن الخوض بها مما يخوضون (وخذ ما تعرف من الخير، ودع ما تنكر) وظاهره سقوط إنكار المنكر ويؤيده قوله (وعليك بخاصة أمر نفسك) { لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}  المائدة: 105 . ( ودع عنك أمر العامة ) وفيه دليل أنه لا يجب عليه الإنكار مع ذلك لعدم نفعه أو لما يخاف من شر العامة ) .

التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ ج2 ص58

2- حديث : عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- قال: ( قلت: يا رسول الله، أكلُّ ما نتكلم به يُكتب علينا ، فقال: ثكلتك أمك، وهل يكبّ الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، إنك لن تزال سالمًا ما سكت ، فإذا تكلمت كتب الله لك أو عليك )

3- حديث : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليكرم ضيفه )

* لم يقل في الحديث هنا أن من الإيمان التفرقة بين المسلمين !!

4- حديث : ( طوبَى لمن ملَك لسانَه ، ووسِعه بيتُه ، وبكَى على خطيئتِه )

5- حديث : ( أكثرُ خطايا ابنِ آدمَ في لسانِه )

* فأمسك لسانك .. وما تكتبه على النت .. واعلم أنك مسئول .. وكل من يتبع أساليب الزجر الديني في غير ما قرره الشرع ويتهم المسلمين بأقبح التُّهَم الدينية لينتصر لمذهبه وأفكاره .. فهو إنسان مريض نفسيا وسلوكيا قبل أن يكون منحرف دينيا .. !!

************************

..:: ختاما ::..

فارقنا إن كنت من هؤلاء ؟

لماذا أساليب الزجر الديني مع المؤمنين .. وكل جريمتهم كانت أنهم خالفوك .. !!

* ولذلك هذه المدونة قائمة على اللامذهبية واللاطائفية واللاسياسية .

* نقبل الرأي والرأي الآخر دون فرض أو استنكار أو همجية أو وحشية فكرية أو أمراض قلبية أو تقديس مشايخ وعبودية لهم .. فالحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل والعقل بالعقل .. فأهلا بك .

* وطالما لا تكتم العلم ولا تخون المسلمين في الأمانة العلمية .. وتبحث عن الحق مجردا عن أي طائفية أو تعصب مذهبي أو فكري .. فأهلا بك .

* ومن حقك أن تميل لرأي دون رأي .. دون فرض ولا إلزام على الأخرين بأن تفرض عليهم أن يتبعوك !! .. فأهلا بك.

* ولكن مَن لا يحترم كونه إنسان مسلم يحب المسلم .. ولا يرجو له الخير والمساعدة .. ويفرق بين جماعة المسلمين .. ويكون من هواة الخيانة في نقل المادة العلمية الدينية ويكتفي بنقل آراء مشايخه فقط لينتصر لرأيه فقط .. أو من السَّبَّابين الشَّتَّامين اللعَّانين المتفحشين باذئ اللسان .. أو متعصب لفكر ومشايخ معينين .. ولا يتقبل الرأي الآخر بالرغم من قوة حجته وبيانها ..

فمن كان هكذا وصفه .. فليرحل بهدوء ويبتعد عنا .. ويذهب إلى أصنامه الفكرية وأوثانه من المشايخ الذين يتعبد بآرائهم ..  يجالسهم ويقدسهم ويمدحهم ويظل عليهم عاكفا لهم .. وكأنهم أوصياء على الدين  وعلموا الحق وحدهم وغيرهم على الباطل ..!! 

ولا حول ولا قوة إلا بالله 

*****************************

والله أعلم 

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه المقالة مصدرها - مدونة الروحانيات في الإسلام - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيعه إلا بإذن من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي . ولا يحق لأحد النسخ أو الطباعة إلا بإذن من صاحب المدونة الأستاذ / خالد أبوعوف .