الجزء الثاني - زمن أولياء الجن - الإستعاذة بين أولياء الله وأولياء الجن - الإستعاذة تكون بالقلب واللسان - هكذا فضح القرآن الرقاة المفسدين في دين الله - ما علاقة الإستعاذة بالرقية - انتبه : حتى لا يخدعوك خدَّام وأولياؤه .

بسم الله الرحمن الرحيم

  الجزء الثاني

 ( زمن أولياء الجن )

رسالة في شبهات الرقاة والروحانيين خدَّام الجن

( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً )

( الإستعاذة بين أولياء الله  وأولياء الجن )

الإستعاذة تكون بالقلب واللسان ؟

الإستعاذة بالله .. علم وعمل وحال ؟

سر استعاذة يوسف ومريم عليهما السلام ؟

انتبه : حتى لا يخدعوك خدَّام الجن وأولياؤه ؟

ما علاقة الإستعاذة بالرقية ؟!

كيف كان الناس يستعيذون بالجن في الجاهلية ؟

هكذا فضح القرآن الرقاة المفسدين في دين الله ؟

* فهرس الموضوع :

الفصل الثالث :

1- مدخل مهم قبل إجابة الشبهات - الإستعاذة بالله ؟

2- الإستعاذة تكون بالقلب واللسان ؟

3- فالإستعاذة تتطلب منك يقين في إعاذة الله لك ؟

الفصل الرابع :

4- ما هو معنى الإستعاذة ؟

5- الإستعاذة بالله .. علم وعمل وحال !! وليس لفظ ينطق ؟!

6- الحكمة من الإستعاذة ؟

7- طلب العون والحفظ من الله ؟

8- خواطر رائعة للشيخ الشعراوي حول الاستعاذة بالله ؟

9- سر استعاذة يوسف عليه السلام ؟

10- سر استعاذة مريم عليها السلام ؟

الفصل الخامس :

11- بمن تكون الإستعاذة - المُستعاذ به هو الله ؟

12- المستعيذ - من الذي يستعيذ بالله ؟

13- ما هو الشيء المستعاذ منه ؟

14- ما هي أنواع الشرور المستعاذ منها - كلام رائع لابن القيم ؟

الفصل السادس :

15- هل الاستعاذة تكون بلفظ "أعوذ" فقط ؟

16- انتبه : حتى لا يخدعوك خدَّام الجن وأولياؤه ؟

17- ما علاقة الإستعاذة بالرقية ؟!

18- ما الدليل على أن الرقية عَوْذَة بالله ؟

19- ما الدليل على أن الرقية جاءت بلفظ "أعوذ" ؟

20- وما الدليل على أن كلمات القرآن عَوّذة بالله ؟

الفصل السابع :

21- كيف كان الناس يستعيذون بالجن في الجاهلية ؟

22- حتى لا يخدعك خدام الجن مرة أخرى ؟ فانتبه ولا تنسى ؟

23- الرقاة الفاسدين - واستعاذتهم بالجن بعد فشلهم بالقرآن ؟

24- هكذا فضح القرآن الرقاة المفسدين في دين الله ؟

 **********************************

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . هذا هو الجزء الثاني وقد فضلت أن أضع مقدمة للشبهات بعد المدخل الذي كان في الجزء السابق ..

* وفائدة هذا الجزء والذي يليه هو أن تفهم معنى الإستعاذة .. حتى تعرف كيف تلاعب هؤلاء بكلام الله وكيف يضللوك بالألفاظ ويتلاعبون بك .. حتى تكون معهم في خدمة الجن .. كتابع وضيع تحت أقدام الجن . حتى تنسى ذكر الله ..

بل وقد تنتقل لمرحلة أخرى وهي الشرك بالله .. لا قدر الله .. وحفظ الله جميع المسلمين .. آمين

* وستعرف أنك كمسلم لم تكن تعرف ما هي الإستعاذة من قبل ؟ .. وكأنك لأول مرة تسمع عنها في حياتك ..

* بل سأرتقي بك وبقلبك في الجزء بعد القادم إن شاء الله .. مع كلام العارفين عن الإستعاذة .. حتى تعلم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم .. كانت دائما قلبها معلق بمولاها الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ..

وستجد ما يسرك ويسعدك في الأجزاء الخاصة بالإستعاذة .. إن شاء الله ..

* ولكن رأيت أن هذا الأمر ضروري حتى تكون لك قواعد وأساسات .. حتى تكون قويا في وجه خدام الجن وأولياؤه ..

* والله يعلم وحده كم استغرق من وقت وجهد .. حتى أجمع لكم العلم جمعا .. حتى تكون مؤمنا قويا بالعلم والمعرفة .. ولا تكون من الغافلين .. بل من المطمئنين بالله إن شاء الله تعالى ..

وأرجو من الله القبول .. آمين .

* ورجاء الإنتباه في هذا الجزء .. لأنه يوجد به تفاصيل .. فحاول أن تستوعبها جيدا ..

نبدأ بسم الله ..

توكلت على الله ..

***********************************

:: الفصل الثالث ::

..:: مدخل مهم قبل إجابة الشبهات ::..

(1)

..:: الإستعاذة بالله ::..

سؤال : لماذا نجعل للإستعاذة مدخلا لشبهات خادمي الجن وأولياؤه ؟

لأن الاستعاذة : هي مناط التعامل بين خادمي الإنس وأولياؤهم من الجن .. دفعا للضر وجلبا للنفع منهم ..

يقول تعالى (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) الجن6

* أي كان رجال من الإنس يلجؤون للجن للحماية والعصمة من شر الجن .. (وهذا هو حال خدَّام وأولياء الجن الآن) .. وكأننا رجعنا لزمن الجاهلية الأولى .. !!

* فلجؤهم للجن وطلب الإعاذة منهم .. هو تفويض وتصريح بقدرتهم على النفع .. عن طريق مساعدتهم في طرد الشيطان .. فهذا نفع ..

* ولجؤهم للجن وطلب الإعاذة منهم .. هو تفويض وتصريح بقدرتهم على الضر .. عن طريق خوفهم من الشيطان واستعظامهم لكيد الشيطان وقدرته على الضر .. وانطماس بصيرتهم عن كون (الله أكبر وأعظم) ..!!

* وحتى نتعرف على معنى هذه الآية .. فعلينا الرجوع لتعريف معنى الإستعاذة التي أساس طلب التواصل بين الإنس والجن (طلبا للحماية من الشيطان وأعوانه – والاستمتاع بالمنافع الروحانية الأخرى) .

خاصة وأن خدام الجن وأولياؤه سيقولون لا نستعيذ بالجن ..!!

توهُّمَا منهم وتدليسا وكذبا على الناس في أن الاستعاذة هي لفظ منطوق فقط .. وليس عن علم وعمل وحال قلب ..!!

يا سادة : لا تجعلوا خدام الجن وأولياؤه يخدعوكم بالتلاعب في الألفاظ  كما أوضحت لكم سابقا أنهم يجعلون كلمة "مساعدة" "خدمة" بدلا من كلمة استعاذة .. حتى لا تنفروا منهم وتعرفوا حقيقتهم السوداء ..

فهم يستعيذون بالجن إستعاذة كاملة من دون الله .. ولكن تعالوا نبحث أولا عن الإستعاذة وماهيتها ..

************************************

(2)

..:: الإستعاذة تكون بالقلب واللسان ::..

الاستعاذة تكون بالقلب واللسان .. وليس باللسان فقط .. وهذا هو سبب عدم تفاعل الاستعاذة مع الكثيرين منا .. لماذا ؟

لأن القلب ليس متعلق بالله .. فحجبت عن الانسان الاستعاذة والحماية من الله ..

* ولذلك يقول الله ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) النحل98 - حتى تعلم أن يسمع ظاهرك ومُطَّلِعٌ عليمُ على حقيقة باطنك سواء من صدق لجؤك إلى الله .. أم هي شيء تذكره كمجرد لفظ تنطق به .. لتنهي مشكلة أنت واقع فيها الان .. ثم لا علاقة لك بالله بعد ذلك ..!!

* فالإستعاذة تتطلب منك يقين في إعاذة الله لك .. وصدق توكل على الله في أنه أسبابك المانعة لك من كل أبواب الشر .. فهل أنت كذلك ؟

* واسأل نفسك :

أين الله في قلبك ..؟

هل أنت متعلق به أم لا ؟

هل أنت معتقد فيه يقينا بالنفع والضر أم لا ؟

هل انت مؤمن يقينا أنه يسمعك ويستجيب لك أم لا ؟

هل أنت مؤمن يقينا أنه عليم بما في قلبك أم لا ؟

هل أنت مؤمن يقينا أنه قادر قاهر غالب أم لا ؟

هل أنت عندك حسن ظن بالله في كونه نصيرا ومعينا لك ؟

* هل حينما توكلت عليه وأخذت بأسباب الإستعاذة المنطوقة وقلت (أعوذ بالله) .. كنت متوكلا عليه بأسباب الإستعاذة في قلبك من حيث كونك موقنا في إعاذته لك بلا شك .. مع الرضى بما ستاتي به المقادير .. أم قلتها على سبيل التجربة وظنا منك أنها قد تفيد .. فإن لم تفيد فسيكون مصيرك السخط بما جرت به المقادير ؟

* فبقدر اعتقادك في ربك .. بقدر إعاذته وإغاثته لك ..!!

* تعالوا نبحر مع كلام رائع لعلماء الأمة .. بمذاقات مختلفة .. ومشارب رائعة عن الاستعاذة .. لن تجدها مجموعة في مكان .. قد جمعتها لك مستعينا بالله ومستمدا منه الحول والقوة على إتمام هذا العمل .. حتى تكون على بينة ونور من مفهوم الاستعاذة بالله .. !!

وحتى تفهم كلام الأمة من علماء الشريعة ظاهرا وباطنا .. لفظا ومعنى .. تفسيرا وعرفانا .. عن الإعاذة والعوذ والتعويذ ..!!

ونبدأ بالتعريف بالإستعاذة ..

*************************************

..:: الفصل الرابع ::..

(3)

..:: ما هو معنى الإستعاذة ؟ ::..

1- قال الفخر الرازي رحمه الله :

( [تفسير الاستعاذة] : فِي تَفْسِيرِ قَوْلِنَا: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ» بِحَسَبِ اللُّغَةِ ..

فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: «أَعُوذُ» مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَوْذِ .. وَلَهُ مَعْنَيَانِ:

أَحَدُهُمَا: الِالْتِجَاءُ وَالِاسْتِجَارَةُ ..

وَالثَّانِي: الِالْتِصَاقُ يُقَالُ: «أَطْيَبُ اللَّحْمِ عَوَذُهُ» وَهُوَ مَا الْتَصَقَ مِنْهُ بِالْعَظْمِ ..

فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مَعْنَى قَوْلِهِ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَيْ: أَلْتَجِئُ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِصْمَتِهِ ..

وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي مَعْنَاهُ أَلْتَصِقُ نَفْسِي بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ ) .

التفسير الكبير ج1 ص70

2- قال الشيخ بن القيم رحمه الله :

- (الإستعاذة :  اعلم أن لفظ عاذ وما تصرف منها يدل على التحرز والتحصن والنجاة ..

وحقيقة معناها : الهروب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه .. ولهذا يسمى المستعاذ به معاذا كما يسمى ملجأ )

- (فمعنى أعوذ : ألتجئ وأعتصم وأتحرز)

- (العائذ : قد هرب من عدوه الذي يبغي هلاكه إلى ربه ومالكه وفر إليه .. وألقى نفسه بين يديه واعتصم به واستجار به والتجأ إليه)

بدائع الفوائد – مقتطفات من كلام بن القيم عن الإعاذة  ج2 ص200

3- قال القرطبي رحمه الله :

(مَعْنَى الاستعاذة في كلام العرب ، الاستجارة وَالتَّحَيُّزُ إِلَى الشَّيْءِ .. عَلَى مَعْنَى الِامْتِنَاعِ بِهِ مِنَ الْمَكْرُوهِ..

يُقَالُ: عُذْتُ بِفُلَانٍ وَاسْتَعَذْتُ بِهِ، أي لجأت إليه . وهو عياذي، أي ملجئ . وَأَعَذْتُ غَيْرِي بِهِ وَعَوَّذْتُهُ بِمَعْنًى . وَيُقَالُ: عَوْذٌ بِاللَّهِ مِنْكَ ، أَيْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ)

تفسير القرطبي ج1 ص89

4- قال الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله :

( يُقَال: عذت بِهِ أعوذ عوذاً وعياذاً وَمعَاذًا أَي: لجأت إِلَيْهِ، فالتعوذ والاستعاذة والتعويذ كلهَا بِمَعْنى وَاحِد ).

عمدة القاري شرح البخاري ج15 ص265

5- قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :

( وَالْعَوْذُ: اللَّجْأُ إِلَى شَيْءٍ يَقِي مَنْ يَلْجَأُ إِلَيْهِ مَا يَخَافُهُ، يُقَالُ: عَاذَ بِفُلَانٍ، وَعَاذَ بِحِصْنٍ، وَيُقَالُ: اسْتَعَاذَ، إِذَا سَأَلَ غَيْرَهُ أَنْ يُعِيذَهُ ..

قَالَ تَعَالَى: (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الْأَعْرَاف: 200 .

وَعَاذَ مِنْ كَذَا، إِذَا صَارَ إِلَى مَا يُعِيذُهُ مِنْهُ قَالَ تَعَالَى: (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) النَّحْل: 98 ) .

التحرير والتنوير ج30 ص626

مرة أخرى: قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :

(وَالِاسْتِعَاذَةُ : مَصْدَرُ طَلَبِ الْعَوْذِ ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ فِيهَا لِلطَّلَبِ ..

وَالْعَوْذُ: الِالْتِجَاءُ إِلَى شَيْءٍ يَدْفَعُ مَكْرُوهًا عَنِ الْمُلْتَجِئِ، يُقَالُ: عَاذَ بِفُلَانٍ، وَعَاذَ بِالْحَرَمِ ، وَأَعَاذَهُ إِذَا مَنَعَهُ مِنَ الضُّرِّ الَّذِي عَاذَ مِنْ أَجْلِهِ .

فَأَمَرَ اللَّهُ بِدَفْعِ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ "بِالْعَوْذِ بِاللَّهِ" ، وَالْعَوْذُ بِاللَّهِ هُوَ الِالْتِجَاءُ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ بِالْعِصْمَةِ ..)

التحرير والتنوير ج9 ص231

6- قال الشيخ الشعراوي رحمه الله :

(والاستعاذة : تعني طلب العون والملجأ والحفظ وأنت لا تطلب العون ولا تلجأ ولا تستجير إلا بمن هو أقوى ممن يريد أن ينالك بشر ).

تفسير الشعراوي ج8 ص4537

7- قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

(معنى «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» : ألتجئ إلى الله وأتحصن به، واستجير بجنابه من الشيطان الرجيم أن يضرني في ديني أو دنياى.)

التفسير الوسيط لطنطاوي ج1 ص14

***********************************

(4)

..:: الإستعاذة بالله .. علم وعمل وحال !! ::..

وليس مجرد لفظ ينطق !!

* قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله في كلام بديع عن الإستعاذة :

( اعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ : لَا تَتِمُّ إِلَّا بِعِلْمٍ وَحَالٍ وَعَمَلٍ ..

أَمَّا الْعِلْمُ فَهُوَ :

1- كَوْنُ الْعَبْدِ عَالِمًا بِكَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْ جَلْبِ الْمَنَافِعِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَعَنْ دَفْعِ جَمِيعِ الْمَضَارِّ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ ..

2- وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إِيجَادِ جَمِيعِ الْمَنَافِعِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ وَعَلَى دَفْعِ جَمِيعِ الْمَضَارِّ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ .. قُدْرَةً لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ سِوَاهُ عَلَى دَفْعِهَا عَنْهُ ..

* فَإِذَا حَصَلَ هَذَا الْعِلْمُ فِي الْقَلْبِ تَوَلَّدَ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ حُصُولُ حَالَةٍ فِي الْقَلْبِ ، وَهِيَ انْكِسَارٌ وَتَوَاضُعٌ وَيُعَبَّرُ عَنْ تِلْكَ الْحَالَةِ بِالتَّضَرُّعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْخُضُوعِ لَهُ ..

ثُمَّ إِنَّ حُصُولَ تِلْكَ الْحَالَةِ فِي الْقَلْبِ يُوجِبُ حُصُولَ صِفَةٍ أُخْرَى فِي الْقَلْبِ وَصِفَةٍ فِي اللِّسَانِ ..

1- أَمَّا الصِّفَةُ الْحَاصِلَةُ فِي الْقَلْبِ فَهِيَ أَنْ يَصِيرَ الْعَبْدُ مُرِيدًا لِأَنْ يصونه الله تَعَالَى عَنِ الْآفَاتِ وَيَخُصَّهُ بِإِفَاضَةِ الْخَيْرَاتِ وَالْحَسَنَاتِ ..

2- وَأَمَّا الصِّفَةُ الَّتِي فِي اللِّسَانِ فَهِيَ أَنْ يَصِيرَ الْعَبْدُ طَالِبًا لِهَذَا الْمَعْنَى بِلِسَانِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ الطَّلَبُ هُوَ الِاسْتِعَاذَةُ .. وَهُوَ قَوْلُهُ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ» ..

* إِذَا عَرَفْتَ مَا ذَكَرْنَا يَظْهَرُ لَكَ أَنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ هو علمه بالله ، وعلمه بنفسه ..

1- أما عِلْمُهُ بِاللَّهِ فَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ كَوْنَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَالِمًا بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ اللَّهُ عَالِمًا بِهِ وَلَا بِأَحْوَالِهِ ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ الِاسْتِعَاذَةُ بِهِ عَبَثًا ..

2- وَلَا بُدَّ وأن يَعْلَمَ كَوْنَهُ قَادِرًا عَلَى جَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ وَإِلَّا فَرُبَّمَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ تَحْصِيلِ مُرَادِ الْبُعْدِ ..

3- وَلَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَيْضًا كَوْنَهُ جَوَادًا مُطْلَقًا، إِذْ لَوْ كَانَ الْبُخْلُ عَلَيْهِ جَائِزًا لَمَا كَانَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ فَائِدَةٌ ..

4- وَلَا بُدَّ أَيْضًا وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَنْ يُعِينَهُ عَلَى مَقَاصِدِهِ، إِذْ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ اللَّهِ يُعِينُهُ عَلَى مَقَاصِدِهِ لَمْ تَكُنِ الرَّغْبَةُ قَوِيَّةً فِي الِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ ..

* وَذَلِكَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالتَّوْحِيدِ الْمُطْلَقِ وَأَعْنِي بِالتَّوْحِيدِ الْمُطْلَقِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مُدَبِّرَ الْعَالَمِ وَاحِدٌ ، وَأَنْ يَعْلَمَ أَيْضًا أَنَّ الْعَبْدَ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِأَفْعَالِ نَفْسِهِ ، إِذْ لَوْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِأَفْعَالِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ فِي الِاسْتِعَاذَةِ بِالْغَيْرِ فَائِدَةٌ ..

* فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَبْدَ مَا لَمْ يَعْرِفْ عِزَّةَ الرُّبُوبِيَّةِ وَذِلَّةَ الْعُبُودِيَّةِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ: / (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) )

التفسير الكبير ج1 ص71 .. (قمت بوضع ترقيم لسهولة فهم كلام الإمام رحمه الله).

* قال الفخر الرازي رحمه الله .. بعد ما ذكره من معرفة وعلم بأن الله عليم قادر جواد نافع ضار عزيز ، وأنك عبد ذليل لمولاك .. وتيقنت في قلبك من ذلك .. قال رحمه الله :

( إِنَّهُ إِذَا حَصَلَتْ هَذِهِ الْعُلُومُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ وَصَارَ مُشَاهِدًا لَهَا مُتَيَقِّنًا فيها ..

وجب أن يحصل في قلب تلك الحالة الْمُسَمَّاةُ بِالِانْكِسَارِ وَالْخُضُوعِ .. وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ فِي قَلْبِهِ الطَّلَبُ .. وَفِي لِسَانِهِ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى ذَلِكَ الطَّلَبِ .. وَذَلِكَ هُوَ قَوْلُهُ : (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)

التفسير الكبير ج1 ص72

* قال الفخر الرازي رحمه الله ..

( وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِجِهَاتِ نُقْصَانَاتِ الْعَبْدِ وَلَا نِهَايَةَ لِكَمَالِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ بِاللَّهِ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ فَلِهَذَا السَّبَبِ يَجِبُ عَلَيْنَا فِي أَوَّلِ كُلِّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ وَمَبْدَأِ كُلِّ لَفْظَةٍ وَلَحْظَةٍ أَنْ نَقُولَ (أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) .)

التفسير الكبير ج1 ص73

***********************************

(5)

..:: الحكمة من الإستعاذة ؟ ::..

..:: طلب العون والحفظ من الله ::..

* مع الشيخ الشعراوي رحمه الله وكلام بديع عن مفهوم الإستعاذة

(الاستعاذة: اللجوء والاعتصام بالله من شيء تخافُه، فأنت لا تلجأ ولا تعتصم، ولا تستجير ولا تستنجد إلا إذا استشعرتَ في نفسك أنك ضعيف عن مقاومة عدوك .

* فإذا كان عدوك الشيطان بما جعل الله له من قوة وسلطان ، وما له من مداخل للنفس البشرية فلا حَوْلَ لك ولا قُوّة في مقاومته إلا أنْ تلجأ إلى الله القوي الذي خلقك وخلق هذا الشيطان، وهو القادر وحده على رَدّه عنك؛ لأن الشيطان في معركة مع الإنسان تدور رحاها إلى يوم القيامة .

* وقد أقسم الشيطان للحق تبارك وتعالى، فقال: ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين ) [ص: 82 - 83] .

فما عليك إلا أن تكون من هؤلاء ، ما عليك إلا أنْ ترتمي في حضن ربك عَزَّ وَجَلَّ وتعتصم به ، فهو سبحانه القوي القادر على أنْ يدفعَ عنك ما لم تستطع أنت دَفْعه عن نفسك، فلا تقاومه بقوتك أنت ؛ لأنه لا طاقة لك به ، ولا تدعه ينفرد بك ؛ لأنه إن انفرد بك وأبعدك عن الله فسوف تكون له الغلبة .

* ولذلك نقول دائماً : لا حَوْلَ ولا قوةَ إلا بالله، أي: لا حول: لا تحوُّل عن المعصية. ولا قوة. أي: على الطاعة إلا بالله.

* ونحن نرى الصبي الصغير الذي يسير في الشارع مثلاً قد يتعرَّض لمَنْ يعتدي عليه من أمثاله من الصبية، أما إذا كان في صُحْبة والده فلا يجرؤ أحد منهم أنْ يتعرضَ له ..

فما بالك بمَنْ يسير في صُحْبة ربه تبارك وتعالى، ويُلْقي بنفسه في حماية الله سبحانه؟! )

تفسير الشعراوي ج13 ص8197-8199

* وقال رحمه الله في إعاذة سيدنا يوسف .. في قوله تعالى : {قَالَ مَعَاذَ الله ... } يوسف23 .:

(والمَعَاذ هو مَنْ تستعيذ به ، وأنت لا تستعيذ إلا إذا خارتْ أسبابك أمام الحدث الذي تمرُّ به عَلَّك تجد مَنْ ينجدك ؛ فكأن المسألة قد عَزَّتْ عليه ؛ فلم يجد مَعَاذاً إلا الله .)

تفسير الشعراوي ج11 ص 6908

* وقال رحمه الله في إعاذة السيدة مريم :

(وهناك في قضية السيدة مريم عليها السلام، نجدها قد قالت لحظة أن تمثَّل لها الملاك بشراً سوياً: (إني أَعُوذُ بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً) [مريم: 18] .

فهي استعاذت بمَنْ يقدر على إنقاذها .)

تفسير الشعراوي ج11 ص 6908

* وقال الشعراوي رحمه الله في نزغ الشيطان عند قوله تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأعراف200:

(والاستعاذة : تعني طلب العون والملجأ والحفظ وأنت لا تطلب العون ولا تلجأ ولا تستجير إلا بمن هو أقوى ممن يريد أن ينالك بشر.

* ومعلوم أن الشيطان له من خفة الحركة ، وقدرة التغلغل ، ووسائل التسلل الكثير؛ لذلك فينبغي ألا تستعيذ بمثله أو بمن هو دونه، ولكنك تستعيذ بخالق الإنس والجن وجميع المخلوقات، وهو القادر على أن يعطل فاعلية الشيطان.

* وسبحانه (سميع عليم) .. والسمع له متعلق، والعلم له متعلق، فحين تستحضر معنى الاستعاذة وأنت مشحون بالإيمان وتلجأ إلى من خلقك وخلق ذلك الشيطان ..

عندئذ لا بد أن يهرب الشيطان من طريقك لأنه يعلم أنك تلجأ إلى الخالق القوي القادر وهو ليست له قوة على خالقه، وسبحانه سميع لقولك: «أعوذ بالله» ، عليم بما في نفسك من معنى هذه الكلمة .)

تفسير الشعراوي ج8 ص4537

* شرح لبعض كلام الشيخ : قلت صاحب الموضوع :

( معنى قول الشيخ (السمع له متعلق : أي أن في هذه الاية أن سمع الله متعلق أو مرتبط بما تقوله حينما تقول "اعوذ بالله" ..

ومعنى قوله "العلم له متعلق" : أي أن علم الله في هذه الاية يتعلق أو مرتبط بما في نفسك من معنى هذه الكلمة .) ..

والله أعلم .

******************************

..:: الفصل الخامس ::..

(6)

..:: بمن تكون الإستعاذة ؟ ::..

:: المُستعاذ به هو الله ::

* قال الشيخ بن القيم رحمه الله :

( المستعاذ به : وهو الله وحده رب الفلق ورب الناس ملك الناس إله الناس الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا به ولا يستعاذ بأحد من خلقه ..

بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويمنعهم من شر ما استعاذوا من شره وقد أخبر الله تعالى في كتابه عمن استعاذ بخلقه أن استعاذته زادته طغيانا ورهقا فقال حكاية عن مؤمني الجن : (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) ..

بدائع الفوائد لابن القيم ج2 ص203

* قال الفخر الرازي رحمه الله :

( الْمُسْتَعَاذُ بِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالْأَخْبَارِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: (أَعُوذُ بِاللَّهِ)

وَالثَّانِي: أَنْ يُقَالَ:(أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ)

* أَمَّا قَوْلُهُ (أَعُوذُ بِاللَّهِ) فَبَيَانُهُ إِنَّمَا يَتِمُّ بِالْبَحْثِ عَنْ لَفْظَةِ اللَّهِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ بِسْمِ اللَّهِ 

* وَأَمَّا قَوْلُهُ: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ) .. فَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [النَّحْلِ: 40]

* وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ «كُنْ» : نَفَاذُ قُدْرَتِهِ فِي الْمُمْكِنَاتِ، وَسَرَيَانُ مَشِيئَتِهِ فِي الْكَائِنَاتِ، بِحَيْثُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ عَائِقٌ وَمَانِعٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا تَحْسُنُ الِاسْتِعَاذَةُ بِاللَّهِ إِلَّا لِكَوْنِهِ مَوْصُوفًا بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ الْقَاهِرَةِ وَالْمَشِيئَةِ النَّافِذَةِ ) .

التفسير الكبير ج1 ص76

* قلت : (صاحب الموضوع) :

لي تعقيب وتحقيق على كلام الإمام الرازي رحمه الله ..

- أما التعليق : فهو أن الاستعاذة كما كانت بالذات الإلهية وبكلماته التامات .. فقد استعاذ الرسول كذلك بصفات الله (أعوذ برب الفلق) ، ( أعوذ برب الناس) ، واستعاذ بعزة الله وقدرته كما جاء في الحديث ( أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر)  ..

إلا إن كان مقصد الإمام رحمه الله بأن "أعوذ بالله"  .. أي بالله وصفاته وأسماءه ..

- أما التحقيق على كلامه رحمه الله :

فهو بخصوص كلام ذكره بعد كلامه السابق ذكره عن مفهوم كلمات الله .. حيث قال رحمه الله :

(وَأَيْضًا ثَبَتَ فِي عِلْمِ الْمَعْقُولَاتِ أَنَّ عَالَمَ الْأَرْوَاحِ مُسْتَوْلٍ عَلَى عَالَمِ الْأَجْسَامِ، وَإِنَّمَا هِيَ الْمُدَبِّرَاتُ لِأُمُورِ هَذَا الْعَالَمِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) النَّازِعَاتِ 5

فَقَوْلُهُ: (أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ)

اسْتِعَاذَةٌ مِنَ الْأَرْوَاحِ الْبَشَرِيَّةِ بِالْأَرْوَاحِ الْعَالِيَةِ الْمُقَدَّسَةِ الطَّاهِرَةِ الطَّيِّبَةِ فِي دَفْعِ شُرُورِ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ الظَّلْمَانِيَّةِ الْكَدِرَةِ ، فَالْمُرَادُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ تِلْكَ الْأَرْوَاحُ الْعَالِيَةُ الطَّاهِرَةُ .)

التفسير الكبير ج1 ص76

* قلت : (صاحب الموضوع) :

والرأي ذكره الإمام الرازي رحمه الله عن علاقة الكلمات التامة بالأرواح العالية الطاهرة .. هو أمر قد جانبه فيه الصواب .. :

لثلاث أسباب :

الأول : العلماء أجمعوا على أن معنى الكلمات التامات هي إما القرآن وكتب الله المنزلة وإما صفات الله وأسماءه .. أو أن المعنى يحتمل كلاهما .. والرازي اختار أنه دلالة على القدرة المحيطة والمؤثرة في الممكنات .. وهذا كلام طيب أيضا .. وأضاف الغمام الطيبي معنى آخر وهو ان معنى الكلمات قد يكون المقصود به علم الله الذي لا ينفد ..!!

واختيار العلماء الغالب عليهم هو أن كلمات الله هي القرآن وكتب الله المنزلة .. (سيأتي شرح ذلك) .

الثاني: ما استدل به الإمام أحمد رحمه الله .. ( وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يسْتَدلّ بقوله: " كَلِمَات الله التَّامَّة " على أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق ..

وَيَقُول: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يستعيذ بمخلوق ).

كشف المشكل من حديث الصحيحين ج2 ص415

الثالث : أن الأرواح العالية الشريفة لو كان مقصده بها هي الملائكة .. فما فائدة الإعاذة بها طالما أن أمرها بيد مولاها ولا تتنزل إلا بإذنه سبحانه ؟!!

فما فائدة الإعاذة بها .. ؟

وطالما الروح الإنسان عالية ومشرفة ومكرمة بتكريم (ونفخت فيه من روحي) .. فهذا سبب أدعى أن تتواصل الروح الإنسان بخالقها ومعيذها ..!!

* أحببت أذكر لكم ذلك حتى لا يقول لكم أحد أن الإمام الفخر الرازي قد قال كذا وكذا ..!!

لا .. فقد جانبه الصواب رحمه الله في مسألة "كلمات الله" .. وكلامه لا يصح وذكرت لك الأسباب في رد رأي الإمام رحمه الله ..

وهذا لا يمنعنا أن نأخذ منه علمه ونتقبل منه رأيه طالما يوافق صحيح الكتاب والسنة ومتفق مع العقل ..!!

********************************

(7)

:: المستعيذ ::

..:: من هو الذي يستعيذ بالله ؟ ::..

* الأنبياء والصديقين والصالحين يستعيذون بالله من كل قوى الشر *

:: فهل أنت تستعيذ بالله ؟ ::

* قال الفخر الرازي رحمه الله :

( الْمُسْتَعِيذُ :

وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ (أَعُوذُ بِاللَّهِ) أَمْرٌ مِنْهُ لِعِبَادِهِ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ، وَهَذَا غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ ، فَهُوَ أَمْرٌ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ ، لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَى ذَلِكَ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَعِيذًا بِاللَّهِ ) .

التفسير الكبير ج1 ص77

* قلت (صاحب الموضوع) :

الأنبياء والصديقين والصالحين يستعيذون بالله من كل قوى الشر .. فهل أنت تنتمي إليهم ؟!!

1- فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره مولاه أن يستعيذ به من كل قوى الشر .. فقال له تعالى :

( وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ . وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ) المؤمنون97-98

( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِن شَرِّ مَا خَلَقَ . وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ . وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ . وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ )الفلق1-5

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ . مَلِكِ النَّاسِ . إِلَهِ النَّاسِ . مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ . الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ . مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ) الناس1-6

2- سيدنا نوح عليه السلام قال : ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ) هود47

3- سيدنا موسى عليه السلام قال : ( قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) البقرة67

4- وسيدنا يوسف قال : ( وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ) يوسف23

5- السيدة مريم الصِّدِّيقة قالت : ( قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً ) مريم18

6- وأم السيدة مريم أعاذتها من الشيطان فقالت : ( وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) آل عمران36

* فهل أنت تنتمي إلى هؤلاء الأنبياء والرسل والصالحين .. وتلجأ إلى الله .. ؟ أم أنت ارتضيت أن تنتمي لخدام الجن والشوق والهوى ؟!

* فلماذا البعض يتعمد الجهر بعصيان القرآن ويلجئون إلى الجن ليستعيذون به من دون الله ..!!

ولازلوا يكذبون ويقولون أن الجن الذي معهم هو جن صالح وتقي ونوراني وغير ذلك من الأكاذيب ..!!

* فإذا كان هذا الجن الصالح "المزعوم" ارتضى بعصيان كلام الله هو الآخر وعدم اللجوء إلى الله من الشيطان .. فمن يعيذه من شر نفسه ؟

فلو قال هذا الجن أنه يعيذ نفسه بنفسه من نفسه فقد أثبت بذلك أنه شيطان رجيم ..!!

وإن قال أنه لا حول ولا قوة له إلا بالله .. فهو قد أسقط عنه الإعاذة فكيف تستعيذون بمَن لا يَعوذ ؟

وهنا تكونوا قد أثبتم على أنفسكم أنكم كاذبون ..!!

* قلت (صاحب الموضوع) :

( كيف يكون جن صالح ويتبع العاصين – وكيف يكون إنسان صالح ويتبع الجن ؟ ) أفلا تعقلون !!

* لو تأملنا الآيات السابقة : تفهم أن الإعاذة ليست طلبا من النبي صلى الله عليه وسلم .. بل هي أمر إلهي واجب التنفيذ .. إذا كان يريد الحماية من كل قوى الشر في الوجود والتي منها الشيطان وأساليبه .. في الظاهر والباطن .. !!

فهل الإنسان الصالح يعصي أمر الله ويجحد اتباع رسول الله ؟

هل الجن الصالح يعصي أمر الله ويجحد اتباع رسول الله ؟

* فكيف يتبع الجن الصالح "المزعوم" .. من يعصى كلام الله "الإنسي الذي يستعيذ بهم" .. ويتبع غير سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم "وكيف يرضى هذا الجن "الصالح" بمساعدة من جحد كلام الرسول".. ؟

فهل الجن الصالح النوراني المسلم الآن .. يتبع العاصين لله وكلام الله وكلام الرسول ؟!

أف لكم على كذبكم .. يا خدامي الجن وأولياؤه ..!!

فقد تبين أن الذي معكم هو شيطان رجيم تستمتعون ببعضكم البعض .. وإنكم في ضلال مبين حقا !!

***********************************

(8)

..:: ما هو الشيء المستعاذ منه ؟ ::..

* قال الفخر الرازي رحمه الله :

(المستعاذ منه:

الْمُسْتَعَاذِ مِنْهُ وَهُوَ الشَّيْطَانُ ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الِاسْتِعَاذَةِ دَفْعُ شَرِّ الشَّيْطَانِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَّ الشيطان إما أن يكون بالوسوسة أو بغيرهما ، / كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ) الْبَقَرَةِ275 )

التفسير الكبير ج1 ص79

* قلت (صاحب الموضوع) :

المستعاذ منه كل قوى الشر في الوجود .. وليس الشيطان فقط .. بل كل القوى النفسية الشريرة وكل القوى الشيطانية الشريرة وغيرهما من كل القوى الشريرة العاقلة والغير عاقلة في الوجود .. حتى تظل دائما في معية الله متمسكا به عائذ بجنابه ..

* أين نجد أن الاستعاذة تكون من كل قوى الشر في الوجود ؟

يقول تعالى : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ) سورة الفلق1-2

ودعاءالنبي صلى الله عليه وسلم : ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )

فلفظ "ما خلق" يشمل كل شر خلقه الله في الوجود على الإطلاق ..

********************************

(9)

..:: ما هي أنواع الشرور المستعاذ منها ؟ ::..

* قال الإمام بن القيم عند تفسير سورتي الفلق والناس :

( في هاتين السورتين الشر الذي يصيب العبد لا يخلو من قسمين:

* إما ذنوب وقعت منه يعاقب عليها :

فيكون وقوع ذلك بفعله وقصده وسعيه ويكون هذا الشر هو الذنوب وموجباتها وهو أعظم الشرين وأدومهما وأشدهما اتصالا بصاحبه .

* وإما: شر واقع به من غيره :

وذلك الغير إما مكلف أو غير مكلف والمكلف إما نظيره وهو الإنسان أو ليس نظيره وهو الجني ، وغير المكلف مثل الهوام وذوات الحمى وغيرها ..

* فتضمنت هاتان السورتان الاستعاذة من هذه الشرور كلها بأوجز لفظ وأجمعه وأدله على المراد وأعمه استعاذة بحيث لم يبق شر من الشرور إلا دخل تحت الشر المستعاذ منه )

بدائع الفوائد ج2 ص204

***********************************

..:: الفصل السادس ::..

(10)

..:: هل الاستعاذة تكون فقط بلفظ "أعوذ" ؟ ::..

:: انتبه : حتى لا يخدعوك خدَّام وأولياؤه !! ::

أولا : لا تجعل أحد يخدعك من خدام الجن وأولياؤه .. ويقول لك أنه لا يستعيذ بالجن لأنه لا يقول "أعوذ بالجن" .. لا .. فهو يخدعك ويضللك ويكذب عليك .. لماذا ؟

* لأن الاستعاذة قد تكون بالقول لفظا "أعوذ" ..

وقد تكون معنى " اعتصم واستعين وأدعو وأرجو وأستغيث وألجأ أو ما يدل على ذلك " .. كما جاء في الحديث ( بِسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِه شيءٌ ...... ) .. فهذه استعاذة بغير لفظ الإستعاذة  ..

وقد تكون بالفعل "خلوة لطلب الجن" ..

وقد تكون بالحال "وهي العزيمة النفسية في استحضار الجن" ..

* وكذلك كما تكون باللسان تكون بالقلب (اعتقادك في المُستعيذ به) .. فالمستعيذ بالله هو معتقد في الله أنه معيذه من كل الشرور .. والمعتقد في الجن فهو كذلك .. وكانه جعل مع الله شريكا في ملكه ..!!

* ولا تنسي يا محب الله ..: أن خادم الجن استعان واستعاذ بالجن ليدفع شر الجن .. مع ان القرآن فيه أمر بالاستعاذة من كل شر وبالذات الشياطين يكون فيها الاستعاذة بالله .. ولكنه ارتضى أن يعصي الله ورسول الله ليكون خادما تحت أقدام الجن ليأخذ لقب "ولي الجن" ..!!

فانتبهوا حتى لا يخدعوكم .. أولياء الجن .. !!

ثانيا : قد يظن البعض أن الاستعاذة تكون فقط بأن يقول (أعوذ) .. لا .. فالاستعاذة قد تكون قول أو فعل أو حال .. كما شرحنا سابقا وكما ذكر الامام الرازي من قبل ..

* فالاستعاذة كما قلنا ليست مجرد لفظ .. بل هي طلب من الله باللجوء إليه ليدخلني في حمايته من كل الشرور التي تضايقني وتزعجني وتخيفني ..

فإذا كان قصدك هو صرف مكروه عنك .. ودعوت الله بذلك .. فانت قد استعذت بالله .. حتى ولو لم تقل لفظ (أعوذ) ..

* ولذلك الرقية هي استعاذة بالله من شر ما تجد من المرض .. حتى ولو لم يأتي بها لفظ "أعوذ" ..

فمن أراد تعويذه ربانية .. فليأخذ من رقى النبي صلى الله عليه وسلم ما يشاء .. ومن القرآن ..

*******************************

(11)

..:: ما علاقة الإستعاذة بالرقية ؟!! ::..

1- ما الدليل على أن الرقية عَوْذَة بالله ؟

وأنها قد تأتي بلفظ غير "أعوذ" ؟

* جاء في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها  قالت : (كُنْتُ أُعوِّذُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بدعاءٍ كان جبريلُ يُعوِّذُه به إذا مرِض: ( أذهِبِ البأسَ ربَّ النَّاسِ، تُنزِلُ الشِّفاءَ لا شافي إلَّا أنتَ اشْفِ شفاءً لا يُغادِرُ سَقمًا ) فلمَّا كان في مرَضِه الَّذي توفِّي فيه جعَلْتُ أدعو الدُّعاءَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ارفَعي يدَكِ فإنَّها كانت تنفَعُني في المدَّةِ). )

* فالصحابة "كما السيدة عائشة" كانوا يعرفون أن الرقية هي استعاذة بالله .. هكذا علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

* وهذا في حد ذاته سبب كافي للرد على خدام الجن وأولياءه وطالبوه من دون الله لرقيتهم ..!!

فإذا كان هذا حال المرض العضوي .. فما بالنا بالمرض الروحاني .. ألا نستعيذ بالله ؟!!

* وهناك حديث فيه استعاذة بالله من غير لفظ "أعوذ" .. وهو (مَن قال صَباحَ كلَّ يومٍ و مَساءَ كلِّ ليلةٍ ثلاثًا ثلاثًا : " بِسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِه شيءٌ في الأرضِ و لا في السَّماءِ و هوَ السَّميعُ العَليمُ " ؛ لَم يَضرُّه شَيءٌ )

أليس الحماية بالله من الضرر .. هو استعاذة بالله ؟!

**********************************

(12)

2- ما الدليل على أن الرقية جاءت بلفظ "أعوذ" ؟ ..

فعن عثمان بن أبي العاص قال (قَدِمْتُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، وبي وجَعٌ، قد كادَ يُبطِلُني، فقالَ لي النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: اجعل يدَكَ اليُمنى عليهِ، وقُلْ "بسمِ اللَّهِ .. أعوذُ بعزَّةِ اللَّهِ وقدرتِهِ من شرِّ ما أجدُ، وأحاذرُ" .. سبعَ مرَّاتٍ .. فقلتُ ذلِكَ، فَشفانيَ اللَّهُ )

وعن عبد الله بن عباس قال ( كانَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يعوِّذُ الحسنَ والحسينَ ، يقولُ : أعيذُكُما بِكلماتِ اللَّهِ التَّامَّةِ ، مِن كلِّ شيطانٍ وَهامَّةٍ ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ )

*****************************

(13)

3- وما الدليل على أن كلمات القرآن عَوّذة بالله ؟

* قوله تعالى : (رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ . وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ) الْمُؤْمِنُونَ97 – 98 ، وَقَالَ: (أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) الفلق1 ، وقال (أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) الناس1

* ما جاء في الحديث عن سيدنا علي رضي الله عنه قال (بيَّنا رسولُ اللهُ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - ذاتَ ليلةٍ يصلِّي، فوضع يدَهُ على الأرضِ، فلدغتهُ عقربٌ، فناولها رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - بنعلهِ فقتلَها، فلما انصرفَ قال : لعن اللهُ العقربَ، ما تدعُ مُصليًا ولا غيرَهُ - أو نبيًا أو غيرَهُ -، ثمَّ دعا بملحٍ وماءٍ، فجعلهُ في إناءٍ، ثمَّ جعل يصبُّهُ على أصبعهِ حيثُ لدغَتهُ ويمسحُها، ويعوِّذُها بالمعوِّذتينِ .)

*********************************

..:: الفصل السابع ::..

(14)

..:: كيف كان الناس يستعيذون بالجن في الجاهلية ؟ ::..

:: هكذا فضح القرآن الرقاة المفسدين في دين الله ؟ ::

قلت لكم أنه ليس من الضروري أن يذكر الانسان بلفظ الاستعاذة  فيقول "أعوذ" .. حتى يكون مستعيذ ..!! 
ولكن كما قلنا أن الاستعاذة هي طلب اللجوء للحماية من شر سيصيبك .. وقلنا أن الشريعة الإسلاميه حرمت تحريم قاطع الاستعاذة بالجن بأي طريقة كانت ..

* مرة أخرى وبطريقة أخرى : وحتى لا يخدعك أحد من خدام الجن وأولياؤه (المستعيذين بالجن) .. ويقول لك "نحن لا نستعيذ بالجن" .. فقل له : أنت تستعيذ لأنك لجأت له من دون الله وعصيت القرآن وفعل النبي متعمدا لاستجلاب شهوات نفسك باحثا عن السلطة الروحانية ..!!

فالعرب كانوا يستعيذون بالجن في أسفارهم .. بطلب اللجوء لحماية الجن ولا يذكرون لفظ الإعاذة ..

* فمرة كانوا يقولون نعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهاء الجن ..

* ومرة أخرى يقولون يا عامر هذا الوادي أنا في جوارك (حمايتك) ..

* ومما سبق يتضح لكم أن ما يفعله الروحانيين الان والرقاة الفاسدين .. ما هو إلا امتداد لجاهلية الأصنام ..

* ما أريد توضيحه لكم .. أن لفظ الاستعاذة ليس بالضرورة أن يتم النطق به .. ولكن فعل الانسان يدل على صريح استعاذته أم لا ..!!

* وهذا كما يفعله الرقاة المستعيذين بالجن تماما .. فبعد أن يحرمهم القرآن عطاءه وبركته .. ويظهر عجزهم أمام الحالة ويستعلى عليهم العارض مهما قرأوا من كتاب الله .. فيصيبهم يئس من القرآن الذي يقرأوه ..!!
فيبدأوا يهرعون لأوليائهم من الجن ويقولون : يا عباد الله أغيثوا .. ويطلبون من الجن إعاذتهم من شر هذا العارض .. حيث أن هذا الراقي الفاسد خدام لهؤلاء الجن ..  ويطلب منهم الإعاذة التي لا تحق إلا أن تكون من الله .. لأنه يستعيذ من الشيطان .. والإعاذة من الشيطان لا تكون إلا بالله .. وهكذا قال الله في القرآن العظيم .. إلا إن كان لهم قرآن آخر يجيز لهم ان الإستعاذة بالشيطان تكون بالجن .. فهذا شيء آخر ..!!

فثبت بذلك كذب هؤلاء الضالين المنحرفين عن منهج الله ..

* فحين لجأ للجن فقد أثبت على نفسه أنه فاسد القلب وضال المنهج ومنحرف في علاقته مع الله .. وإلا لتجاوب معه القرآن ببركته ..!!

فلما فضحه القرآن .. بأن منع عنه بركته .. في معركته مع الشيطان .. فاضطر أن يلجأ لغير الله مستعيذا به .. وهم الجن أسياده وأولياءه .. حتى ينكشف ..!!

* وذلك حتى يخبرك الله .. ان القرآن لا ينتفع به عبيد شهوات النفوس الغافلين عن منهج الله .. ولا ينتفع به أولياء الجن وخدَّامه ..!!

* فمن أراد عطاء القرآن ومعية الله وحفظه ..

فليقل يارب أعذني .. ولا يقل يا جن أغثني ..!!

*******************************

..:: الفصل الثامن ::..

(15)

..:: ما هي الكلمات التي استعاذ بها النبي ؟! ::..

يجب أن تعرف ما الذي استعاذ به النبي .. حتى تعرف قدر كلام معلمك رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وتعرف قيمة ما اهداه لك من علم ومعرفة ..

وحتى تكون لك عزيمة قوية حينما ترتقي بمعرفتك بما تقول ..

وحتى تعرف تجيب إذا سألك شخص ما .. ما هي كلمات الله التي تستعيذ بها ؟ ولماذا تقول كلمات الله ولا تقول بالقرآن ؟ ولماذا هي كلمات وليست كلمة ؟ وما معنى تامة ؟ ولماذا هي تامه ؟

فما هي كلمة الله ؟

وما علاقة كلمة الله بالوعد الإلهي ؟

وما علاقة الوعد الإلهي بإجابة الدعاء وعدمه ؟

نكمل المقال القادم إن شاء الله تعالى  ..

*******************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..