الجزء العاشر ( زمن أولياء الجن )- النبي يعلمك كيف تكون وليا لله "تطبيق عملي" - الولايات الرحمانية و الولايات الشيطانية في القرآن - مَن هو ولي الله في القرآن - المعاصي لا تسقط عنك الإيمان - مهما أذنبت فإن الله لا يتخلى عنك - هذا من مخططات الدجال وأعوانه - ما حقيقة أهل التصريف .

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء العاشر

 ( زمن أولياء الجن )

 رسالة في شبهات الرقاة والروحانيين خدَّام الجن

( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً )

( الإستعاذة بين أولياء الله  وأولياء الجن )

 النبي يعلمك كيف تكون وليا لله "تطبيق عملي" ؟

الولايات الرحمانية و الولايات الشيطانية ؟

مَن هو ولي الله في القرآن ؟

كيف تصل لولاية الله الخاصة ؟

انتبه : فالمعاصي لا تسقط عنك الإيمان ؟

انتبه : مهما أذنبت فإن الله لا يتخلى عنك ؟

ما حقيقة أهل التصريف ؟

التخويف : من مخططات الدجال وأعوانه ؟

* فهرس الموضوع :

:: الفصل التاسع والعشرون ::

1- من الولايات في القرآن ؟

:: الفصل الثلاثون ::

2- الولايات الرحمانية

:: الفصل الحادي والثلاثون ::

3- الولايات الشيطانية ؟

:: الفصل الثاني والثلاثون ::

4- ولاية المعبودية ؟

:: الفصل الثالث والثلاثون ::

5- مَن هو ولي الله في القرآن ؟

6- وكيف تكون ولاية الله للمؤمن ؟

:: الفصل الرابع والثلاثون ::

7- هل ولاية الله للعبد عامة أم خاصة ؟

8- كيف تصل لولاية الله الخاصة ؟ وما هي الشروط ؟

9- حتى يتولاك الله بالحماية والرعاية .. فعليك بالعمل والطاعة ؟

10- كيف تحكم على شخص أنه وليا لله ؟

11- هل لابد من الإيمان الكامل أو التقوى الكاملة ؟

:: الفصل الخامس والثلاثون ::

12- انتبه : فالمعاصي لا تسقط عنك الإيمان ؟

13- إبليس يتحدى بالغواية والعصيان .. والله يطمس غوايته بالغفران ؟

14- انتبه : مهما أذنبت فإن الله لا يتخلى عنك ؟

15- هل تتصور أن الله قد يتخلَّى عنك ؟

16- أوهام العاطلين مع الله .. المخالفين لمنهجه ؟

:: الفصل السادس والثلاثون ::

17- النبي يعلمك كيف تكون وليا لله ؟

18- تطبيق عملي لسيد الأنبياء ؟

19- خوفكم من الشيطان وخدام الاسحار هو قلة إيمان ؟

20- من مخططات الدجال وأعوانه ؟

:: الفصل السابع والثلاثون ::

21- كلام خطير .. وتحريف كبير ؟

22- ما حقيقة أهل التصريف ؟

 ***************************

..:: مقدمة ::..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. في موضوع جديد خاص بزمن أولياء الجن .. ونتكلم فيه عن أنواع الولايات الرحمانية والولايات الشيطانية .. أو ولايات الحق وولايات الباطل .. حتى تعلم لمَن أنت مواليا .. وقلبك يسير في أي اتجاه ..

* ونعطيك درس عملي لمن حاولوا أخافة الرسول بآلهتهم .. وكيف كان رده عليهم .. وكيف كان تمسكه بمولاه الملك الحق المبين ..

* ثم نكشف لك بعض من المصطلحات التي قام المنحرفين بتزييفها على غير حقيقتها .. ليسبغوا على أنفسهم مظهر الولاية ..

بسم الله ..

توكلت على الله ..

******************************

..:: الفصل التاسع والعشرون ::..

************************

..:: الولايات في القرآن ::..

(وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) الحج78

الآية السابق ذكرها .. تدل على وجوب الإعتصام بالله .. ولكن حتى يتم ذلك فلابد أن يكون الله هو مولاك وليس غيره هو مولاك ..

* وسيدنا النبي قد أوضح القرآن منهجه وضوحا تاما لمن أراد اتباعه ونيل محبة ربه .. حيث يقول تعالى ( إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) الأعراف196 ..

* وقلنا سابقا أن الولي .. بمعنى القريب منك .. وهذا القريب قد يكون حقا وقد يكون باطلا ..

* ولذلك في القرآن توجد ولايتان .. ولاية الرحمن وولاية الشيطان .. ويندرج تحت كل ولاية ما يناسبها من نوعها .. وقد وجدت في القرآن اثنى عشرة ولاية تتكلم عن موالاة النصر والتأييد والمعونة .. منها ستة ولايات رحمانية وستة ولايات شيطانية ..

* فالولايات الرحمانية :

1- الله ولي المؤمن

2- والمؤمن ولي الله

3- الرسول ولي المؤمنين

4- والملائكة أولياء للمؤمنين

5- والمؤمنون بعضهم أولياء بعض .. "ولاية الدين"

6- والمؤمنون بعضهم أولياء بعض .. "ولاية الدنيا"

* الولايات الشيطانية :

1- الشيطان ولي الكافر

2- والكافر ولي الشيطان

3- الجن ولي الإنس

4- والكافر ولي الكافر

5- والضال ولي الضال

6- والظالم ولي الظالم

* وكأنني اسمع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ) ..!!

وكأن هذه الولايات نشأت من تشابه الأرواح والقلوب .. وكأني أيضا اسمع كلام الله يقول ( تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) البقرة118

* فبقدر صفاء الروح ونقاء القلب .. بقدر ما ستجد ولايتك من الرب ..

وستجده يمدك بالمؤمنين والملائكة ومن حيث لا تدري ولا تعلم .. لأنه قد تولاك لأنك قد جعلته مولاك .

وإليك شرح ما سبق ..

******************************

..:: الفصل الثلاثون ::..

************************

أولا : الولايات الرحمانية

***********

1- والله ولي المؤمن :

* قلت صاحب الموضوع :

أي الله قريب من المؤمن فهو محبه ومعينه ومرشده وموفقه لما فيه الخير وصلاح أحواله .. : ( اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ .. ) البقرة257 ..

ويكفي أن الفارق الرئيسي بين من والاه الله ومن والاه الجن .. هو أن من والاه الله فهو يخرجه من الظلمات إلى النور .. من ظلمة النفس وشواعل الحس .. إلى نور القلب والطهارة من الرجس .. فيخرجه من ظلمة المعصية إلى نور الطاعة .. ومن ظلمة الجهل إلى نور العلم .. ومن ظلمة التعلق بالجان إلى نور التعلق بالرحمن .. ومن ظلمة الضالين المضلين إلى نور القرآن المبين .

* وولاية الله : هي ولاية كونية .. وولاية إيمانية ..

1- فالولاية الكونية (مولى المؤمن والكافر) : وهي من فيض تجلي اسم الله المولى .. فهو بذلك مولى للمؤمن بالرعاية والعناية والنصرة والتأييد في الدارين .. ، وكذلك هو مولى الكافرين في الآخرة سيدا عليهم ومتصرفا فيهم قاهرا لهم .

2- وهناك ولاية إيمانية : وهي من فيض اسم الله الولي .. .. وهي التي يخرجهم بهذه الولاية من الظلمات إلى النور .. وهذه الولاية تنقسم إلى :

أ- ولاية عامة ..

ب- وولاية خاصة ..

 ويتم شرحهم بعد قليل .. إن شاء الله تعالى .

******************

2- المؤمن ولي الله :

(إذا كنت وليا لله .. فاعمل مع الله)

فبدايتك مع الله هي ولاية لله .. فافهم .

* قلت صاحب الموضوع :

المؤمن ولي الله .. أي المؤمن قريب من الله فهو يوالي ويتابع طاعته لله بالإخلاص "إيمانا وتقوى" مع دوام الإستقامة .. حتى تولاه الله برحمته ورزقه الخلاص من رق الأغيار .."فتنزَّل عليه بملائكة الرحمة وأنعم عليه بالسكينة" ..

(أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس62-64

والمؤمن على ثلاث درجات من الولاية مع الله :

1- ولاية الإسلام : وهي التي يوالي فيها الانسان ربه بالعقل .. حال كونه أدرك أنه لا إله إلا الله محمد رسول الله .. فيقيم الفرائض .. ويجتنب النواهي ..

2- ولاية الإيمان : وهي التي يوالي فيها الإنسان ربه بالعقل والقلب ..  فيطمئن قلبه بالله فيما قدره عليه .. وأن ما أصابه ما كان ليخطئه وما أخطأه ما كان ليصيبه .. ويدرك الفرق بين أن يعرف أنه يجب أن يتوكل على الله .. وبين التوكل فعلا على الله .. وبين من يعلم أنه رازق ولكنه قد يضطرب وقت الحاجة .. وبين من يوقن أنه رازق فلا يقلق حين افتقاره لربه من الفاقة ..

3- ولاية الإحسان : وهي التي يوالي فيها الإنسان ربه بالمحبه ( عقلا وقلبا وروحا ) .. وكأنه لا يفارق مولاه .. فيكون شاهدا له في قلبه على الدوام لا يغيب .. فإن عجز عن ذلك فهو يعلم أنه مشهود من مولاه .. ومولاه لا يغيب عنه  أبدا . 

**********************

3- الرسول ولي المؤمنين :

* قلت صاحب الموضوع :

يقول تعالى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ) الأحزاب6 .. أي قريبا إليهم من أنفسهم لأنه سيدهم ومعلمهم ومرشدهم للخير وتزكية النفس .. لأنه يتبع منهج السماء .. فهو مولاهم .. لأنه مرشدهم لوحي السماء الحق ..

* قال الشيخ المراغي رحمه الله : ((النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي النبي أشد ولاية ونصرة لهم من أنفسهم، فإنه عليه الصلاة والسلام لا يأمرهم إلا بما فيه خيرهم وصلاحهم، ولا ينهاهم إلا عما يضرهم ويؤذيهم فى دنياهم وآخرتهم، أما النفس فإنّها أمارة بالسوء، وقد تجهل بعض المصالح، وتخفى عليها بعض المنافع.)

تفسير المراغي ج21 ص130

* وجاء في الحديث الصحيح في مسند احمد عن عمر بن الخطاب أن الرسول قال : ( اللَّهُ ورسولُهُ مَولى مَن لا مَولى لَهُ ) ..

وروى البخاري عن أبى هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة. اقرءوا إن شئتم: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فأيما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دينا أو ضياعا فليأتنى فأنا مولاه» .. أي معينا له على سداد دينه لو كان عليه دين .. ولو كان له أملاك ولا وارث له فلتذهب هذه الاملاك لبيت المال ..

* ومن هذه الأحاديث وغيرها كثير .. كان دأب كثير من العلماء أن يقول : قال مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ...!!

ولكن لما ذهب الأدب بقلة الأدب .. فقد انقطع المدد وانقطع السبب !!

* والعجيب أنه توجد طائفة منحرفة وضالة وحاقدة على الرسول .. تحرم أن يقول أحد (سيدنا ومولانا) .. لسيدنا ومولانا رسول الله ..!!

فحسبهم جهنم بما كذبوا على الله ورسوله والمسلمين ..!! ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ) الزمر60 .. ويقول صلى الله عليه وسلم (مَن كذب علَيَّ متعمِّدًا فليتبوأْ مقعدَه من النارِ) .

وقد ذكرنا كلام الشيخ بن تيمية في فصل سابق فارجع إليه .

***************************

4- الملائكة أولياء الذين آمنوا :

* قلت صاحب الموضوع :

أي الملائكة قريبون من المؤمنين (الذين ارتضوا بالله مولاهم واستقاموا على منهجه) .. يبشرونهم (أي الملائكة) في حياتهم (أي في حياة المؤمنين) .. وذلك من خلال خواطرهم والرؤى الصالحة بالتثبيت وطاعة الله ويؤيدونهم بالحجة والبرهان وفي الآخرة لهم شفعاء ومضيفين لهم في جنات الله كرامة من الله .. ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ . نُزُلاً مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ ) فصلت 30-32

وحين الموت يخبرونهم بالسلام ( الذين تَتَوَفَّاهُمُ الملائكة طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادخلوا الجنة بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [النحل: 32] .

* سؤال هام : طالما أن الملائكة أنصار للمؤمنين .. فلماذا لا نستعين بهم .. وهم الأطهار ودعواتهم مستجابة ؟

* قلت صاحب الموضوع :

ما فائدة طلب الإعاذة من الملائكة طالما أن أمرها بيد مولاها ولا تتنزل إلا بإذنه سبحانه ؟!!

فلا فائدة للإعاذة بها حينئذ .. ؟

وطالما الروح الإنسان عالية ومشرفة ومكرمة بتكريم (ونفخت فيه من روحي) .. فهذا سبب أدعى أن تتواصل الروح الإنسان بخالقها ومعيذها ..!!

فضلا عن أن الملائكة مأموره بمساعدة المؤمنين بالدعاء لهم .. فيقول تعالى ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) غافر7

( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الشورى5

فما حاجتك للملائكة ؟ إذا كان الله قد سخرها لتدعو لك .. كمدد من الله لك ؟!!

ويوضح لنا سبحانه أن الملائكة تتبرأ من الذين اتخذوهم أولياء ... بل الملائكة تتبرأ من هذا الإتهام .. وتكشف لنا حقيقة ما يحدث .. فتقول .. أن هؤلاء الشرذمة يعبدون الجن .. ( قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ ) سبأ41

واعتقد انه ليس بعد كلام الله .. تعليق ..!!

**************************

5- المؤمنون بعضهم أولياء بعض (ولاية الدين) :

* قلت صاحب الموضوع :

أي يحبون وينصرون ويؤيدون بعضهم البعض على الحق .. ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ .. ) الأنفال72

( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة71

ويندرج تحت هذه الولاية (ولاية المؤمنين) .. كل ولاية بين المؤمنين أساسها كتاب الله مثل ولاية الأقارب وولي الأمر وغير ذلك ..

******************************

6- المؤمنون بعضهم أولياء بعض (ولاية الدنيا) :

* قلت صاحب الموضوع :

وهي ولاية الإرث وتبادل المنافع بين الأقارب .. والوصية في الإرث لغير الأقارب (ولاية المعروف) والصدقة وغير ذلك .. (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) الأحزاب6

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله : ( وأولو الأرحام وهم الأقارب، بعضهم أولى ببعض في التوارث فيما بينهم، وفي تبادل المنافع بعضهم مع بعض، لكن إذا أردتم- أيها المؤمنون- أن تقدموا إلى غير أقاربكم من المؤمنين معروفا، كأن توصوا له ببعض المال فلا بأس، ولا حرج عليكم في ذلك.

التفسير الوسيط لطنطاوي ج11 ص 177 .. مختصرا .

******************************

..:: الفصل الحادي والثلاثون ::..

*******************

ثانيا : الولايات الشيطانية

***********

1- الشيطان ولي الكافر :

* قلت صاحب الموضوع :

أي يقترب من الكافر و يحبب له أسباب الإنحراف والغواية والضلال .. وكذلك يحب ويصادق من يكفر بالله ويجحد آياته .. ( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) الأعراف27

(وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ) الأنعام121

*****************************

2- الكافر ولي الشيطان :

* قلت صاحب الموضوع :

أي يحب طاعة الشيطان ويعين على معصية الله .. ( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً ) مريم45

( وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة257

( وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) الأعراف30

* قال الشيخ محمد رضا رحمه الله :

((إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) 
 فَأَوْلِيَاءُ الشَّيْطَانِ هُمْ أَصْحَابُ الْوَسَاوِسِ وَالْأَوْهَامِ وَالْخُرَافَاتِ وَالطُّغْيَانِ، وَالْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، وَالْمُتَوَلُّونَ لِقُرَنَائِهِ مِنْ أَهْلِ الطَّاغُوتِ وَالدَّجَلِ وَالنِّفَاقِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِدَّةِ آيَاتٍ. وَقَدْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ الْجِنَّ وَالشَّيَاطِينَ، لَا بِطَاعَتِهِمْ فِي وَسْوَسَتِهِمْ فَقَطْ، بَلْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَعِيذُ بِهِمْ كَمَا يَسْتَعِيذُ الْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) (72: 6) 

* وَكَانُوا يَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِمْ بِمَا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُعْطِفُهُمْ عَلَيْهِمْ فَيَمْنَعُ ضَرَرَهُمْ أَوْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى نَفْعِهِمْ، كَمَا يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِمُ الدَّجَّالُونَ بِمَا يَظُنُّونَ أَنَّهُ يُعْطِفُهُمْ عَلَيْهِمْ فَيَمْنَعُ ضَرَرَهُمْ أَوْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى نَفْعِهِمْ، كَمَا يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِمُ الدَّجَّالُونَ الْيَوْمَ بِالْبَخُورِ وَالْعَزَائِمِ وَالِاسْتِغَاثَةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (36: 60، 61) )

تفسير المنار ج8 ص331

************************************

3- الإنس خدَّام وأولياء للجن :

* قلت صاحب الموضوع :

ولاية استمتاع وتبادل منافع بين بعضهم البعض "وقد شرحنا الاستمتاع وتبادل المنفعة في فصل سابق .. فارجع إليه" .. ( وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ ) الأنعام128

**********************************

4- والكافر ولي الكافر :

* قلت صاحب الموضوع :

يقول تعالى : ( وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ .. ) الانفال73

فالإنسي الكافر يوالي الإنسي الكافر .. والإنسي الكافر والشيطان يوالي بعضهما البعض .. لموافقة النفوس لبعضها البعض .

*******************************

5- الضالين أولياء لبعضهم البعض :

* قلت صاحب الموضوع :

يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة51

( وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) الأعراف30

فالإنسي الضال يوالي الإنسي الضال .. والإنسي الضال والشيطان يوالي بعضهما البعض .. لموافقة النفوس لبعضها البعض .

**********************************

6- والظالم ولي الظالم :

* قلت صاحب الموضوع :

 ( وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) الجاثية19

فالإنسي الظالم يوالي الإنسي الظالم .. والشيطان والإنسي الظالم يوالي بعضهما البعض .. لموافقة النفوس لبعضها البعض .

******************************

..:: الفصل الثاني والثلاثون ::..

*****************

..:: ولاية المعبودية ::..

* قلت صاحب الموضوع :

وهي الولاية التي تتعلق بعقيدة الإنسان بمولاه .. أما عن ولايات الاستمتاع والهوى مثل من يطلب الجن استمتاعا به غافلا عن مولاه .. فهذا عبد عاصي .. مثله مثل من يتاجر بالمخدرات .. فكلاهما يتاجر بعقول الناس .. ويأكل سُحتا من أموالهم ..

ولكن هذا لا يجعله كافر .. وإنما مسلم عاصي وجاحد لمولاه ..

* فولاية المعبودية نجدها في قوله تعالى : ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )الشورى9

* وأقول لكم ذلك حتى لا يخدعكم خدام الجن والشيطان .. ويقولوا لكم أنهم ليسوا كفار .. !!

فنحن لا نقول أنهم كفار ( إلا لو عبدوا الجن أو نسبوا له صفة ربوبية أو ألوهيه هي مستحقة لذاته العلية مثل الرزاق أو المحيي أو المميت أو المعيذ من الشيطان )  .. ولكن نقول أنهم يفعلون أفعال الكفار .. ومن تشبه بقوم فهو منهم ويحشر معهم .. وتبقى المعصية لازمة له ولعنة مصاحبة له حتى قبره وقيامته .. لأنه استباحها ولم يتب منها .. !!

 * فإذا كانت عقوبة هؤلاء هي الرهق في الدنيا .. فنرى من أحوالهم ما تنفر من النفوس وتستعيذ منه الله من خراب نفوسهم وبيوتهم .. فما سيفعلون في رهق الآخرة .. كما قال تعالى عن وصف رهق الآخرة .. (سأرهقه صعودا) .. !!

******************************

..:: الفصل الثالث والثلاثون ::..

*********************

..:: مَن هو ولي الله في القرآن ؟ ::..

* ما معنى أن نقول أن المؤمن "ولي الله" ؟

* قال الفخر الرازي رحمه الله :

فِي بَيَانِ أَنَّ الْوَلِيَّ ما هو فنقول هاهنا وَجْهَانِ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ فَعِيلًا مُبَالَغَةً مِنَ الفاعل كالعليم وَالْقَدِيرِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ : مِنْ تَوَالَتْ طَاعَاتُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ مَعْصِيَةٍ .

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فَعِيلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَقَتِيلٍ وَجَرِيحٍ بِمَعْنَى مَقْتُولٍ وَمَجْرُوحٍ.

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْحَقُّ سُبْحَانَهُ حِفْظَهُ وَحِرَاسَتَهُ عَلَى التَّوَالِي عَنْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَيُدِيمُ تَوْفِيقَهُ عَلَى الطَّاعَاتِ ..

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) [الْبَقَرَةِ: 257] وَقَوْلِهِ: (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) [الْأَعْرَافِ: 196] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) [الْبَقَرَةِ: 286] وَقَوْلُهُ: (ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لَا مَوْلى لَهُمْ) [مُحَمَّدٍ: 11] وَقَوْلِهِ: (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) [الْمَائِدَةِ: 55]

* وَأَقُولُ : الْوَلِيُّ هُوَ الْقَرِيبُ فِي اللُّغَةِ .. فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ قَرِيبًا مِنْ حَضْرَةِ اللَّهِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ طَاعَاتِهِ وَكَثْرَةِ إِخْلَاصِهِ وَكَانَ الرَّبُّ قَرِيبًا مِنْهُ بِرَحْمَتِهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ .. فَهُنَاكَ حَصَلَتِ الْوِلَايَةُ.

تفسير الفخر الرازي ج21 ص431

* قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله :

فَقَوْلُهُ (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) يَمْنَعُ مِنَ الْقُرْبِ مِنْ غَيْرِ اللَّه تَعَالَى . فَهَذَا يَقْتَضِي تَنْزِيهَ الْقَلْبِ عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِ اللَّه تَعَالَى ، وَقَطْعَ الْعَلَائِقِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَى اللَّه تَعَالَى .

تفسير الفخر الرازي ج12 ص492

* قال الإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله :

* تَنْبِيه : الْوَلِيّ من الْعباد من يحب الله عز وَجل وَيُحب أولياءه وينصره وينصر أولياءه ويعادي أعداءه وَمن أعدائه النَّفس والشيطان فَمن خذلهما وَنصر أَمر الله تَعَالَى ووالى أَوْلِيَاء الله وعادى أعداءه فَهُوَ الْوَلِيّ من الْعباد .

المقصد الأسنى في شرح الأسماء الحسنى ص115

* قال الإمام القشيري رحمه الله :

(اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ)

* ويصح أن يقال إنّ هذه أرجى آية في القرآن ذلك بأنه سبحانه يقول: «بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا» ..

ولم يقل: مولى الزهّاد والعبّاد وأصحاب الأوراد والاجتهاد .. فالمؤمن - وإن كان عاصيا - من جملة الذين آمنوا .

تفسير القشيري ج3 ص406 ..

* قال الشيخ أحمد الرفاعي رحمه الله :

" طريق العبودية : هي ترك الدنيا ، وترك الدعوى ، واحتمال البلوى ، وحب المولى "

*****************************

..:: وكيف تكون ولاية الله للمؤمن ؟ ::..

:: وخواطر الشيخ الشعراوي ::

* قال الشيخ الشعراوي رحمه الله :

الحق سبحانه لا تحكمه قوانين ؛ فبطَلاقة قُدرته سبحانه إذا رأى في إنسانٍ ما خَصْلة من خير ، فيكرمه أولاً، فيصير هذا العبد طائعاً من بعد ذلك.

* وتسمع من يقول : إن فلاناً قد خُطف من المعصية أي: أنه كان عاصياً ، ثم أحب الله تعالى خَصْلة خيرٍ فيه ، فهداه .

* ومثال ذلك: الرجل الذي سقى كلباً ، بل احتال ليسقيه بأن ملأ خُفَّه بالماء من البئر ليروي ظمأ الكلب ؛ فغفر الله سبحانه وتعالى له سيئاته .

هذا الرجل لم يكن ليروي الكلب نفاقاً للكلب، ولكن لأن الرجل شعر بالعطف على كائن ذي كبد رطبة .

* وبرحمته سبحانه قَرُبَ من خَلْقه الذين آمنوا أولاً ، وقُربِه سبحانه منهم : (يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور) [البقرة: 257] .

فمن يتبع المنهج يأخذ النور، فإذا علم الله سبحانه عمله بمنهجه فهو سبحانه يُقرّبه قُرْباً أكثر فيعطيه هبةً اصطفائية يراها الذين حوله وقد يقتدون به.

تفسير الشعراوي ج10 ص6027-6029

* والحق سبحانه يقول في الحديث القدسي:

«يا ابن آدم أنا لك محبٌّ فبحقّي عليك كن لي مُحِبّاً» .

* ويقول الله سبحانه في حديث قدسي:

«أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإنْ ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم» .

* وفي هذا القول يضع مسئولية القُرب من الله في يد الخَلْق، ويضيف الحق سبحانه:

«وإن تقرَّب إليَّ شبراً تقرَّبتُ إليه ذراعاً، وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة» .

ومن يريد أن يأتيه الله هرولة فليذهب إلى الله ماشياً.

* إذن: فالإيمان بالله يسلِّم المؤمن مفتاح القرب من الله . ومن يكن من أصحاب الخُلُق الملتزمين بالمنهج يُقرِّبْه الله منه أكثر وأكثر.

* إذن: فمن الناس مَنْ يصل بطاعة الله إلى كرامة الله ، ويدق على باب الحق ، فينفتح له الباب ..

ومن الناس مَنْ يصل بكرامة الله أولاً إلى طاعة الله ثانياً.

* ولله المثل الأعلى : أنت كواحد من البشر قد يدق بابك إنسانٌ يحتاج إلى لقمة أو صدقة فتعطيه .. وهناك إنسان آخر تحب أنت أن تعطيه ، وعندما تعطيه يطيعك من منطلق الإحسان إليه ..

فما بالنا بعطاء الحق لعباده ؟

* إذن: فمنهم مَنْ يصل بكرامة الله إلى طاعة الله، ومنهم من يصل بطاعة الله إلى كرامة الله، وحين يصل الإنسان إلى القرب من الله، ويقرب الله من العبد، هنا يكون العبد في معية الله، وتفيض عليه هذه المعية كثيراً.

وقد قال أبو العلاء المعري لمحبوبته:

أنت الحبيبُ ولكني أعوذ بِهِ .. من أن أكون حبيباً غير محبوبِ

أي: أنه يستعيذ بالله من أن يكون محباً لمن يرفض حبّه ..

* ولكن محبة الله تختلف عن محبة البشر، وسبحانه لا يعامل محبيه كذلك، فأنت حين تحب الله يقرّبك أكثر وأكثر، ويسمَّي ذلك «المصافاة» ..

* فإذا أفاض الله سبحانه على بعض خَلْقه هِباتٍ من الكرامات فعلى العباد الذين اختصهم الحق سبحانه بذلك أن يُحسنوا الأدب مع الله، وألا يتبجَّح واحد منهم متفاخراً بعطاء الله سبحانه له.

* فالمباهاة بالكرامات تضيعها، ويسلبها الحق سبحانه من الذي يتبجَّح بها ويتفاخر ويتباهى، فمن تظاهر بالكرامة ليس له كرامة.

* إذن: فالحق سبحانه يريد أن يكون العبد دائماً في معيّته ، وهو سبحانه الذي بدأ وبيَّن بالآية الواضحة أنه سبحانه وليّ المؤمنين؛ ولذلك سيخرجهم من الظلمات إلى النور . فقال: (الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور) [البقرة: 257] .

تفسير الشعراوي ج10 ص6030-6032

* ويقول رحمه الله :

إذن : أول ولاية من الله للمؤمنين :

أنه سبحانه يخرجهم من الظلمات إلى النور، والظلمة المعنوية أقوى من الظلمة الحسية، وكذلك النور المعنوي أقوى من النور الحسّي، فعالَمُ القيم قد يكون أقوى من عالم الحس؛ لأن الجبر في عالم الحسّ يمكن أن يحدث، أما في عالم القيم فهو أمر شاق؛ ولذلك قال الشاعر:

جراحاتُ السنانِ لها التئامُ ... ولا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ

تفسير الشعراوي ج10 ص6033

******************************

..:: الفصل الرابع والثلاثون ::..

*****************

..:: هل ولاية الله للعبد عامة أم خاصة ؟ ::..

* قلت صاحب الموضوع :

العبد المؤمن يجتمع له ولايتين من الله .. من فيض اسم الله الولي ..

1- ولاية عامة : وهي يدخل فيها عموم المؤمنين الغافلين والعصاة الظالمين لأنفسهم بهجر الطاعات وفعل المنكرات .. وبسبب هذه الولاية يخرجهم من النار لمن كان بقلبه مثقال ذرة من إيمان .. بعد أن يستوفوا عذابهم في النار .. وغالبا ليس لهم كرامة إيمانية خاصة في الدنيا سوى الخاتمة على شهادة التوحيد ..

إلا لو تبت ورجعت عن معاصيك واجتهدت في طلب مولاك أن يتوب عليك ويغفر لك ذنوبك .. فهذا يرتقي بك في مدارج أهل الولاية الخاصة .

* واعلم أن من لا عمل إيماني له مع الله .. يعني لا كرامة خاصة من الله ..

2- وولاية خاصة : وهي التي يختص بها الله أهل محبته وخاصته .. ويتجلى عليهم بخصوصية العطاء الإلهي .. كما جاء في الحديث ( إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِى يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِى يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِى لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِى لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَىْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِى عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ )

* نعود فنقول :

* فكما أن الولاية درجات ومقامات .. تختلف باختلاف حال الإنسان مع ربه .. فهذا كان سببه ضعف الإيمان والتقوى أو قوتهما في الانسان ..

* ولكن ضعف الإيمان والتقوى .. لا يخرجك عن ولاية الله .. طالما أنت تحاول أن ترجع وتتواصل مع مولاك .. فتأكد أنك دخلت باب ولايته .. ولكن كلما زدت في إيمانك وتقواك أو استقامتك .. كلما زدت في درجة الولاية ..

* فالرسول ولي ، والنبي ولي ، والصِّدِّيق ولي ، والتَّقي ولي ، والمتعبد ولي ، وطالب العلم لله ولي .. وهكذا .. فالولاية ليست وظيفة يتم التعيين فيها ..!! وإنما هي ارتقاءات مع الله بقدر إخلاصك في طلب رضاه ..

* يقول بن تيمية رحمه الله :

وأما الظالم لنفسه من أهل الإيمان : فمعه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه ، كما معه من ضد ذلك بقدر فجوره .. إذا الشخص الواحد قد يجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب ، والسيئات المقتضية للعقاب .. حتى يمكن أن يثاب ويعاقب .. وهذا قول جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأئمة الإسلام وأهل السنة والجماعة الذين يقولون : إنه لا يخلد في النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان .

أعمال القلوب (الأحوال والمقامات) – ص9 - ويسمى بالتحفة العراقية في الأعمال القلبية .

*********************************

..:: كيف تصل لولاية الله الخاصة ؟ وما هي الشروط ؟ ::..

* يقول تعالى : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) يونس62-64 .

* يقول تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) فصلت30 .

* قال الشيخ الشعراوي رحمه الله :

وبيَّن الله سبحانه لنا شروط الولاية فيقول: (الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ)

والإيمان : هو الأمر الاعتقادي الأول الذي يُبنى عليه كل عمل، ويقتضي تنفيذ منهج الله، الأمر في الأمر، والنهي في النهي، والإباحة في الإباحة.

والتقوى : كما علمنا هي اتقاء صفات الجلال في الله تعالى، وأيضاً اتقاء النار .

تفسير الشعراوي ج10 ص6035

* وقال الأستاذ عبد السلام بدوي .. في شرحه لتحقيق ولاية الله يكون بشرطين كما جاء بالآيات :

1- أن لا يكون لك رب ولا سند غير الله تعالى . وتعلم أنه أقرب إليك من حبل الوريد .. فيكون لك دائما جل شأنه .. هو الملجأ والملاذ والمستعان والمعاذ والممد والمسئول والمطلوب والمأمول .. فلا يكون بينك وبينه حجاب .. من هوى أو أحباب .. أيا كانوا هؤلاء الأحباب .. مالا أو أولادا أو وسطاءا أو أندادا .. فيكون تحقيق هذا .. الشرط الأول (الإيمان) .. وسيلة لتحقيق الشرط الثاني ( التقوى والاستقامة)

2- فمن تعلق قلبه بالله في كل أموره وأحواله وكان الله غايته ومنتهى آماله .. يغار على قلبه أن يتعلق بمخلوق في دفع أذى أو جلب نفع .. فيمده الله تعالى بنور من عنده يهتدي به في ظلمات الحياة وأكدارها وأحوالها وأوحالها .. ومطامعها ومطاعمها .. وشئونها وشجونها .. فيكون على هدى من أمره .. وبصيرة في قعوده وسيره .. وبهذا يكون سائرا على الصراط المستقيم – صراط الله العزيز الحكيم – فلا يميل عن الصراط .. لأنه يرى عين الله ترقبه .. ولا يرتكب فحشا في قول أو عمل .. لأنه يعلم أن الله يراه .. ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ..)

الأسماء الحسنى تجليات وأدعية ص231

***********************************

..:: حتى يتولاك الله بالحماية والرعاية .. فعليك بالعمل والطاعة ::..

* قلت صاحب الموضوع :

حتى تنعم بولاية الله لك وتشعر كأنه معك .. فلابد أن تكون أنت معه وطالبه ابتغاء وجهه الكريم ..

ولابد من عمل مع الله .. كما جاء في الآية السابقة (الإيمان والتقوى) والإيمان والتقوى هما عمل باطني وظاهري مع الله ..

 

* وكذلك الحديث يشير لذلك العمل : ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى : ( أنا عند ظنِّ عبدِي بِي ، وأنا معه حينَ يذْكُرُنِي ، واللهِ .. لَلَّهُ أفْرحُ بتوبةِ عبدِهِ من أحدِكمْ يَجِدُ ضالَّتَهُ بالفلاةِ .. ومَنْ تقرَّبَ إليَّ شِبْرًا ، تَقرَّبْتُ إليه ذِراعًا ، ومَنْ تقرَّبَ إليَّ ذِراعًا ، تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإنْ أقبَلَ إليَّ يمْشِي ، أقبلْتُ إليه أُهَرْوِلُ )

* فتأمل الألفاظ (الظن ، الذكر ، التوبة ، التقرب) .. كلها تدل على عمل من العبد إلى الله ..

1- فالظن هو عمل قلبي باليقين في حُسن فعل الله وعمل ظاهري ثقة في عطاء الله ..

2- والذكر عمل قلبي بمناجاة الله وحضوره في قلبك .. وعمل ظاهري بالتلفظ بما يحبه الله ..

3- والتوبة عمل ظاهري بالإنقطاع عن المعصية وعمل باطني بالعزيمة على عدم الفعل مرة أخرى ..

4- والتقرب هو عمل ظاهري بأي عمل طلبه منك سواء فروض او نوافل او معاملات .. ، وعمل باطني تطلب من وراءه رضا الله ..

* فابدأ مع الله .. حتى تدخل ولاية الله الخاصة (ولاية المحبة) .. فيتولاك برحمته وهدايته ونوره وفضله ورعايته .. لأنك أرتضيت أن يكون مولاك .. فقد دخلت ولايته .. فتمسك بها وارتقي فيها قدر استطاعتك .. وفي هذا اشارة لجزئية الحديث ( وإن تقرَّب إليَّ شبراً تقرَّبتُ إليه ذراعاً ، وإن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) .

والله أعلم ..

* فيجب العمل مع الله يا مؤمن .. حتى تنال رضا الله .. فلا أحد يعمل لك .. ولا أحد سيساعدك إلا بالنصح والإرشاد والتوجيه كما كان يفعل الرسل والأنبياء ..

*********************************

:: كيف تحكم على شخص أنه وليا لله ؟ ::

* قلت صاحب الموضوع :

الحكم على الشخص حال كونه وليا لله .. فقد وصفناه سابقا من خلال الآيات والحديث .. وما قاله العلماء  ..

* ولذلك لا تغتر بخدام الجن وأولياؤه ويظهر لك أنه وليا لله .. فهؤلاء أغلبهم ضالة وباقيهم منحرف .. إلا ما رحم ربي ..!!

* وقد علمت مواصفات أهل الولاية الصادقة .. فانتبه لمن تجالسهم .. وقبل أن تقول عليه أنه وليا لله .. فانظر لحاله مع الله وليس لحاله مع الجن ..!!

***********************************

..:: هل لابد من الإيمان الكامل أو التقوى الكاملة ؟ ::..

* قلت صاحب الموضوع :

.. لا .. ليس بالضرورة .. لماذا ؟

1- لأنه ليس هناك إنسان كامل الوصف الإنساني والرباني إلا صلى الله عليه وسلم .. فلن يصل أحد لولايته ..

2- هناك درجات وفروق بين العباد .. فهناك الرسول وهناك النبي وهناك الصديق وهناك المطيع .. وهكذا .. وجميعهم أولياء .. ولكنهم درجات عند الله ..

******************************

..:: الفصل الخامس والثلاثون ::..

*****************

..: انتبه : فالمعاصي لا تسقط عنك الإيمان ::..

* قلت صاحب الموضوع :

المعاصي قد تؤخرك في طريقك إلى الله .. أو تعطلك .. أو تحجب إجابة دعاء .. أو تحرم عنك رزقا .. ولكنها لا تسقط عنك الإيمان بالله ..

* فكلما فعلت معصية فجددها بتوبة .. فالتوبة تفتح باب رحمه مع الله .. واستغفر عما مضى منك .. حتى تدخل باب المعية الربانية .. وكلما دخلت معية الله .. فأنت دخلت في ولايته ..

* فلا تعتقد أن الولاية هي وظيفة مخصوصة لناس .. لا ..

بل هي نعمة اتصال بين العبد وربه .. حدثت نتيجة تقرب العبد إلى مولاه ، ومولاه قبله وتقرب إليه كما وعد ان من يتقرب إليه يبتغي مرضاته ، فهو سبحانه سيتقرب إليه برحمته بطريقة أكبر من طاعة العبد .. فيحدث نعمة الوصل والإتصال بين العبد ومولاه .. ثم يحدث ارتقاء في هذه الولاية بقدر عمل العبد مع مولاه واخلاصه وتقواه واستقامته .. وفي هذا يختلف الناس اختلاف كبير في الدرجات والمقامات ..

* ما أريد قوله لك : أنك طالما تتجه للطاعة وتبتعد عن المعصية .. أو حتى عصيت وتبت ، وكررت المعصية وتبت ، وكررت المعصية وتبت .. إلى ما يشاء الله .. فلا تحزن على ما فاتك من معصية طالما لازلت تعمل مع الله وتتوب وتستغفر مهما تجددت المعصية .. لأن التوبة وطلب الغفران معناه أنك فتحت باب الولاية بينك وبين الله .. وجعلته مولاك ليتولاك في دنياك بالعمل الصالح والتوفيق للخير وما يحبه ويرضاه ، وفي آخرتك يتولاك بالغفران والرحمة وقبول الشفاعة فيك .. بل قد يجعلك أنت شفيعا لغيرك .. فافهم ..

* وإليك هذا الحديث الرائع لتفهم لماذا كان يقول الله تاب وعصى تاب وعصى تاب وعصى .. لأنه بتوبتك تفتح باب الولاية .. فكيف يحرمك مولاك من ولايته لك ..؟!!

فافهم بقى ..!! وكرامة للنبي اقرأ هذا الحديث بعناية وافهم .. أن المعصية لا تسقطك في طريق الله (إلا في حالة واحدة فقط .. إن استبحتها "جهرت بالحرام وجعلته حلال" .. ولم تندم) ..

* ففي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ( إنَّ عبدًا أصاب ذنبًا ، وربما قال : أذنب ذنبًا ، فقال : ربِّ أذنبتُ ، وربما قال : أصبتُ ، فاغفِرْ لي ، فقال ربُّه : أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ ويأخذ به ؟ غفرتُ لعبدي ، ثم مكث ما شاء اللهُ ثم أصاب ذنبًا ، أو أذنب ذنبًا ، فقال : ربِّ أذنبتُ - أو أصبتُ - آخر فاغفِرْه ؟ فقال : أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذنبَ ويأخذ به ؟ غفرتُ لعبدي ، ثم مكث ما شاء اللهُ ، ثم أذنب ذنبًا ، وربما قال : أصاب ذنبًا ، قال : قال : ربِّ أصبتُ - أو قال : أذنبتُ - آخرَ فاغفِرْه لي ، فقال : أعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يغفر الذَّنبَ ويأخذُ به ؟ غفرتُ لعبدي ، ثلاثًا ، فليعملْ ما شاء) ..

* عاوز إيه بعد كده يا مؤمن عشان تفهم .. أن بمجرد اعترافك بالذنب وندمك وإظهار توبتك تكون فتحت بوابة الولاية مع الله .. ولذلك في كل مرة يقبلك ..!! لأن المولى لا يحجب مواليه عنه أبدا .. !!

عاوز إيه تاني ؟!!

متى ستقول لربك بإخلاص : "أنتَ مولاي فاقبلني" ..

متى ؟!!

* إبليس يتحدى بالغواية والعصيان .. والله يطمس غوايته بالغفران :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ - يَعْنِي فِي أَجْسَادِهِمْ - قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَارْتِفَاعِ مَكَانِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي " ..حديث ضعيف .

رواه البيهقي في الاسماء والصفات ..

*********************************

..:: انتبه : مهما أذنبت فإن الله لا يتخلى عنك ::..

* قلت صاحب الموضوع :

* هذه حقيقة .. لأن فعلك للذنب لا يسقط عنك الإيمان .. وهذه يوجب لك ولاية على قدر إيمانك .. كما شرحنا سابقا ..

* فمهما كنت ظالم لنفسك .. ولكنك مؤمن بالله ورسوله .. فأنت في درجة ولاية مع الله .. وطالما أنت في ولاية الله .. فأنت في معيته .. وطالما أنت في معيته .. فكيف سيتخلى عنك ؟!!

* فلا تجعل الشيطان يتلاعب بنفسك .. ويضل بك الطريق عن وليك ومولاك .. ويجعلك تسلك طريق الهلاك ..

* وكثيرون يسقطون في الطريق إلى الله .. حينما يفعلون معصية .. ويظنون أنهم سقطوا في الطريق وأنهم غير مقدر لهم الوصول إلى الله وسلوك مقامات الولاية ..!!

* وطبعا كل هذه وساوس شيطانية ليحبطك الشيطان فتسقط في الطريق لمولاك .. والحقيقة هي أن المعصية قد تعطلك قليلا .. وعلاجها هي التوبة والاستغفار والفرار لمولاك .. ثم أكمل طريقك مرة أخرى ..

* فكن قلبا مؤمنا لديه رجاء دائما في مولاه .. ولا تجعل شيء يوقفك في طريقك لمولاك مهما كان ذنبك كبير .. فتذكر ان الله أكبر .. وأن رحمته وسعت كل شيء .

***********************************

..:: هل تتصور أن الله قد يتخلَّى عنك ؟ ::..

* قلت صاحب الموضوع :

كيف تتصور أن الله تخلى عنك ولم يعد يستجيب لك أو يستمع إليك ..؟!!

وهل حينما خلقك كان قد تخلى عنك ؟!

فطالما أوجدك في الحياة .. فلن يتخلى عنك .. لأنه مولاك .. ولكن أنت مَن قد تجعله ينظر إليك بولاية القهر .. أو بولاية الرحمة .. وهذا يتوقف على ظنك بربك وحُسن طاعتك له ..!!

* فالجميع خاضع لله مولاهم الحق .. آمنوا أو أنكروا .. فإذا كان المنكر في قبضة المولى .. فكيف أنت تظن أنه تخلى عنك وأنت مؤمن به . لمجرد أنه لم يستجب لك ما طلبت أو أصابك بمكروه ..؟!!

* قال الشيخ الشعراوي رحمه الله :

إن أصابنا شيء نكرهه ، فليس معنى ذلك أن الله تخلى عنا ، ولكنه يريد أن يؤدبنا أو يلفتنا لأمر ما ، فإنه لو لم يؤدبنا أو يلفتنا لكان قد تخلى عنا حقاً .

والحق سبحانه وتعالى حين يخطئ المؤمن تجده سبحانه يلفته إلى خطئه ، وفي هذه الحالة يعرف المؤمن أن الله لم يتركه ..

* لذلك لا يقولن أحد : إن الله تخلى عنا ، فهذا ضعف في الإيمان وبالتالي فإنه ضعف في التوكل .

ولكن قل: إن الله حين يؤدبك فهو لا يتخلى عنك ، فساعة تأتي المصيبة اعلم أنه لا يزال مولاك . وما دام مولاك يحاسبك على أي خطأ ويصوِّبه لك ، فثِقْ به سبحانه وتوكل عليه .

تفسير الشعراوي ج9 ص5177

**********************************

..:: أوهام العاطلين مع الله .. المخالفين لمنهجه ::..

* قلت صاحب الموضوع :

* أما عن أهل البلادة العاطلين .. الذين ينتظرون مساعدة الآخر دون عمل منهم مع الله .. فالمنتمي لهؤلاء سيظل يعيش في عالم الأوهام عقاب من الله له .. لأنه لم يعمل مع الله بصدق .. حتى يجد عطاء الله بحق ..!!

* يقول تعالى : ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) التوبة105

* وهؤلاء لا يريدون أن يعملوا مع الله .. لأنهم ارتضوا مخالفة المنهج الإلهي من بدايته .. لأنهم لم يريدوا أن يؤمنوا بكلام الله في قلوبهم صدقا ويقينا ..!!

فمثلا : يخافون الشيطان ويعظمون كيده .. والله يقول لهم : لا تخافوه وكيده ضعيف ..!!

فأين الإيمان بكلام الله ؟

* ثم يأتي هذا البليد ويقول : لماذا لا ينفعل القرآن معي ؟!! .

الإجابة هي : انك قرأت على سبيل التجربة .. مجموعة آيات او سور ولم تؤمن بها ..!! فكيف ينفعل معك القرآن بعطاءه وأنت غير مؤمن بما جاء فيه وقاله لك ..!!

* فهؤلاء هم أهل البلادة الذين لا يعملون مع الله .. ولو عملوا فهم لا يؤمنون ..!! فهي مجرد شفاه تتحرك ببعض الألفاظ ... !!

* وكيف يدخل هؤلاء ولاية الله الخاصة ويمنحهم عطاءه الخاص ويعيذهم ويغيثهم ؟!! وهم يخالفون ما يقوله لهم الله ..!!

* ثم تجد هذا البليد إيمانيا مع الله .. يصدق الروحاني الساقط ، والراقي المنحرف ، والساحر الخبيث .. ولا يصدق كلام رب العالمين .. مهما أرشدته ..!!

ونسأل الله للجميع هداية التمكين .. آمين .

***********************************

..:: الفصل السادس والثلاثون ::..

***********************

(تطبيق عملي لسيد الأنبياء)

:: النبي يعلمك كيف تكون وليا لله ؟ ::

..:: هل اتبعت الرسول وقلت (إن وليي الله) ؟ ::..

..:: هل وليُّك ومولاك هو الله ؟ ::..

:: احكم بنفسك على نفسك ::

* يقول تعالى : ( قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ . إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ . وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ ) الأعراف 195-197

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

(قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ) أى: قل أيها الرسول الكريم لهؤلاء الذين هبطوا بعقولهم إلى أحط المستويات نادوا شركاءكم الذين زعمتموهم أولياء ثم تعاونوا أنتم وهم على كيدي وإلحاق الضر بي من غير انتظار أو إمهال ، فإنى أنا معتز بالله ، وملتجئ إلى حماه ومن كان كذلك فلن يخشى شيئا من المخلوقين جميعا .

* وهذا نهاية التحدي من جانب الرسول صلّى الله عليه وسلّم لهم والحط من شأنهم وشأن آلهتهم .

ثم بين لهم الأسباب التي دعته إلى تحديهم وتبكيتهم فقال (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) .

أى: قل يا محمد لهؤلاء الضالين إننى ما تحديتكم وطلبت كيدكم وكيد أصنامكم- إن كنتم أنتم وهم تقدرون على ذلك على سبيل الفرض- إلا لأنى معتز بالله وحده، فهو ناصري ومتولى أمرى ، وهو الذي نزل هذا القرآن لأخرجكم به من الظلمات إلى النور ، وقد جرت سنته- سبحانه- أن يتولى الصالحين وأن يجعل العاقبة لهم .

* قال الحسن البصري: إن المشركين كانوا يخوفون الرسول صلّى الله عليه وسلّم بآلهتهم فقال- تعالى- (قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) الآية- ليظهر لكم أنه لا قدرة لها على إيصال المضار إلى بوجه من الوجوه .

* وهذا كما قال هود - عليه السلام - لقومه ردا على قولهم. (إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ . مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ) هود54-55 .

* ثم قال - تعالى - (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ) أى: والذين تعبدونهم من دون الله أو تنادونهم لدفع الضر أو جلب النفع لا يستطيعون نصركم في أى أمر من الأمور، وفضلا عن ذلك فهم لا يستطيعون رفع الأذى عن أنفسهم إذا ما اعتدى عليهم معتد .

التفسير الوسيط لطنطاوي ج5 ص457

* قال الشيخ أبو زهرة رحمه الله :

( كانوا يخوِّفون النبي - صلى الله عليه وسلم – منها ، كما كانوا هم يَخافون ، ولقد تحداهم الله تعالى أن ينزلوا هم وأوثانهم بالنبي ما يخوفون فيكون ذلك بيان لعجزهم ؛ ولذا قال تعالى : (قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرونِ) .

إن كنتم تخافونهم ، وتخوفون محمدا فقل يا محمد: ادعوا شركاءكم ، أي من جعلتموهم شركاء لله، فالإضافة لأدنى ملابسة ، أي الشركاء الذي هم شركاء في زعمكم أي هم شركاء في زعمكم أنتم (ثُمَّ كِيدُونِ)، أي دبروا لي وأعلنوا الحرب، وقد يطلق الكيد ويراد به الحرب. تقول كتب السيرة في بعض سرايا النبي - صلى الله عليه وسلم )(عادوا ولم يلقوا كيدا) ، أي حربا.

والمعنى : أعلنوها حربا مدبرة (فَلا تُنظِرونِ) ، أي لَا تؤجلوني لحظة من زمان ، هذا تحد أمر الله تعالى به نبيه، وبيان لضعف ما يعبدون - وإنما هي الأوهام، ووساوس الشيطان هي التي تفرض فيهم قوة، وما هم بشيء فضلا عن أن يخوَّف عاقل مدرك بهم .

ولئن كانت لهذه الأصنام قوة، أو لكم أنتم معشر العابدين لها – قوة ، فقوتكم من الشيطان وهو وليكم والله ولي المؤمنين ، وأين أولياء الشيطان من أولياء الله؛ ولذا قال تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) .

زهرة التفاسير ج6 ص3037-3038

* ثم قال الشيخ أبو زهرة رحمه الله :

((إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ) الولي هو الحبيب الموالي ، والنصير ، والمظل بالرعاية ، وكل هذا يتضمنه ولاية الله لنبيه فهو حبيبه وناصره ، ومن يعيش في ظله ، ومن يفيض عليه برحمته وهدايته ، ومن يكون الله تعالى وليه لَا يضار ، ومن يرومه رد عليه . وقد أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولايته لله بالجملة الاسمية ، و " إنَّ " المؤكدة . والكلام يفيد القصر ، أي إن ولايتي لله تعالى وحده ، لَا ولاية لأحد سواه ، هنالك الولاية لله الحق ، وإنه نعم المولى ونعم النصير .

* وقد ذكر بعد ذلك أن الله تعالى هو منزل القرآن ، وهو جدير بأن يحفظه كما وعد ، وكما ذكر ، وأن يؤيد من بلَّغه رحمة للعالمين ، فقال تعالى : (الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ) وصلة الموصول علة في الحكم أو مؤكد لمعنى القول ، أي أن الله تعالى ناصر محمدا - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه صاحب الولاية المطلقة ، ولأنه رسوله ، وصاحب الكتاب المبين الذي يماري فيه الضالون ، فالله ناصره .

* وأمر ثالث يوجب عون الله تعالى ، ونصرته ، وهو أن الله تعالى من شأنه أن يتولى الصالحين ، أي يتعهدهم برعايته وتأييده وتوفيقه ، ولا يتولى المفسدين .

* وفى هذا الكلام إشارتان بيانيتان :

إحداهما - الحكم على النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه من الصالحين الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون ، وأن عبدة الأوثان مفسدون ، قد أفسدوا في تفكيرهم وفي اعتقادهم، وأفسدوا وأضلوا باتباعهم الأوهام ، وبعبادتهم من لَا ينفع ولا يضر .

والثانية - أن الله تعالى ناصر الصالحَ على الفاسد ، ويتولى الصالحين برعايته، وأنه - سبحانه وتعالى - لن يضيعهم أبدا ، وأن النصر في النهاية للفضيلة لا للرذيلة ، وللحق لَا للباطل ، وهو يتولى عبادة المخلصين دائما.

زهرة التفاسير ج6 ص3039

* قال الشيخ الشعراوي رحمه الله :

وما دام الوليّ هو الله ، فالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لا يبالي بهم ، و «الولي» هو الذي يليك ، وأنت لا تجعل أحداً يليك إلا أقربهم إلى نفسك، وإلى قلبك، ولا يكون أقربهم إلى نفسك وإلى قلبك، إلا إذا آنست منه نفعاً فوق نفعك، وقوة فوق قوتك، وعلماً فوق علمك، وقول الرسول بأمره سبحانه وتعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ الله ... ) .. أي أنه ناصري على أي كيد يحاول معسكر الشرك أن يصنعه أو يبيته لي .

* فالله هو ولي الرسول أي ناصره ، والقريب منه بصفات الكمال والجلال التي تخصه سبحانه وتعالى .. وعندما يكون لمؤمن خصلة ضعف فهو يذهب لمن عنده خصلة قوة ..

* ولذلك قلنا في قصة موسى عليه السلام حين التفت قومه ووجدوا قوم فرعون فقالوا: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) أي أن جيش فرعون سيدركهم، لأن البحر أمامهم والعدو وراءهم. وليس أمامهم فسحة أمامية للهرب ولا منفذ لهم إلا أن يصمدوا أمام جيش فرعون وهم بلا قوة ولم يكذبهم موسى عليه السلام في قولهم. بل قال لهم يطمئنهم: (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء: 62] .

* وهنا خرجت المسألة عن أسباب البشر وانتهت إلى الركن الشديد الذي يأوي إليه الرسل . ولا يقول هذا القول إلا وهو واثق تمام الثقة من نصرة الله ..

* وسبق أن رويت لكم حكاية المرأة الأوروبية التي أسلمت لأنها كانت تقرأ سيرة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كبطل من أبطال العالم ، صنع أكبر انقلاب في تاريخ البشرية ، ولما مرت في تاريخه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، قرأت أن صحابته كانوا يحرسونه من خصومه وأعدائه، إلى أن فوجئوا في يوم ما بأن قال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «اذهبوا عني. فإن الله أنزل عليّ: (والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس ... ) » [المائدة: 67] .

* واستوقفت هذه الواقعة هذه المرأة فقالت: إن هذا الرجل إن أراد أن يكذب على الناس جميعاً ما كذب على نفسه ، ولا يمكن أن يُسلم نفسه لأعدائه بدون حراسة إلا إذا كان واثقاً من أن الله أنزل عليه هذا ، وأنه قادر أن يعصمه ، وإلا دخلَ بنفسه في تجربة .

والباحثة من هذه الواقعة قد أخذت لفتة العبرة .

* وفي مثل هذا يقول الحق تبارك وتعالى على لسان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ( ... قُلِ ادعوا شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ) [الأعراف: 195] .

وكأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يستدعيهم إلى التحدي بالمعركة بالمكر والتبييت ، وألا يتأخروا عن ذلك وهو واثق من أن الله عَزَّ وَجَلَّ ينصره. (إِنَّ وَلِيِّيَ الله الذي نَزَّلَ الكتاب وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين) [الأعراف: 196]

وأنزل الحق تبارك وتعالى على رسوله الكتاب المبين ليبلغه للخلق ، ولا يمكن أن يسلمه إلى عدو يمنعه من تمام البلاغ عن الله.

لقد أنزل الحق الكتاب على رسوله ليبلغه إلى الكافة ولا يمكن أن يتخلى عنه . (إِنَّ وَلِيِّيَ الله الذي نَزَّلَ الكتاب وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين)

* وقوله: (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصالحين) أي أنه لا يجعل الولاية خصوصية للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، بل يقول لكل واحد من أتباعه : كن صالحاً في أي وقت ، أمام أي عدو ، ستجد الله وهو يتولاك بالنصر ، وساعة يعمم الله الحكم ؛ فهو ينشر الطمأنينة الإيمانية في قلوب أتباعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

* وكل من يحمل من أمر دعوته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شيئاً ما سوف يكون له هذا التأييد ، وسبحانه الذي جعل رسوله مُبلغاً عنه المنهج ، وهو سبحانه يتولى الصالحين لعمارة الكون ؛ لأن الله قد جعل الإنسان خليفة ليصلح في الكون ، وأول مراتب الإصلاح أن يبقى الصالح على صلاحه ، أو أن يزيده صلاحاً إن أمكن.

تفسير الشعراوي ج8 ص4528-4530

**************************************

(اتبع النبي ولا تخاف من الشيطان وخدام الجن)

 ..:: خوفكم من الشيطان وخدام الاسحار هو قلة إيمان ::..

(فهذا من مخططات الدجال وأعوانه)

* قلت صاحب الموضوع :

يقول تعالى: ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )

فالله يخبرنا أن الشيطان يرسل خدامه وأولياءه .. ليخوفونا بالأذى الروحاني .. ويعظمون لنا قوة الشيطان وتأثيره .. وأن له قدرة علينا وأن هناك أسحار لا تنفك لأنها صعبة جدا وشديدة جدا ..

ومثل هذه الأوهام الخرافية حول تعظيم قدرة الشيطان على الفعل .. وكأن الله قد غفل عما فعله الظالمون ..!! وحاشاه سبحانه فهو الحي القيوم المولى الذي لا يغفل ولا ينام ..

* وبعد أن فضح سبحانه وتعالى .. مخطط الروحانيين المنحرفين والرقاة المحرفين والسحرة الساقطين .. الذين هم مراسيل الدجال وأعوانه ..

* فيخبرنا المولى أن لا نخافهم .. لو كنا فعلا صادقين الإيمان .. لأن الذي قلبه متعلق بمولاه .. كيف يخاف الشيطان وأعوانه ..!! أيحسب أن لهم قدرة مع قدرة الخالق العظيم .. ؟!

* والذي يفعله مثل هؤلاء الروحانيين وبعض الرقاة المخاويين للجن من تسليط على الناس .. هو تماما ما سيفعله الدجال .. حيث سيأتي ومعه فتنة الجنة والقدرة على إحياء الأب والأم (في صورة تخيليه وليس حقيقية) .. فيظن البعض أنه الإله .. وقد جاء متجسدا في صورة آدمية .. فيؤمن به لأنه سيخافه ..

وما ذلك إلا لضعف إيمانه وقلة علمه .. وفساد قلبه وعدم تعلقه بمولاه ..

* كيف تزعم أنك مؤمن .. ثم تخاف من الشيطان ومن خدام الشيطان .. والإيمان يفرض عليك أن تخاف الله ..؟!!

* فعدم استعاذتك بالله وتعلقك به في مواجهة الشيطان وجنده .. هو دليل على أنك قد فقدت الإيمان اللازم في مواجهة نفسك وشيطانك .. وعليك تصحيح مسارك .. ولذلك يقول الحق في ختام الاية (إن كنتم مؤمنين) ..

فهل ستؤمن بالله وتعتقد فيه بأنه وليا ومولى لك ؟!!

* ويطمئنك المولى فيقول لك : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر36 ..

* ويطمئنك مرة أخرى بأن الله ليس غافلا عن أفعال هؤلاء .. فيقول لك :( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء .. اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ .. ) الشورى6

أي أن الذين اتخذوا من غير الله أنصار يتولَّونهم ، فالله تعالى يحفظ عليهم أفعالهم .. ليجازيهم بها يوم القيامة .. ولن ينجو بأفعالهم .. من قبضة مولاهم الحق .. إنما يؤخرهم ليوم سيصابون فيه بالذهول التام حتى أنهم لن يستطيعوا أن يغمضوا عيونهم من هول المشهد .. فيقول تعالى ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) إبراهيم : 42 .

* ويطمئنك بأن الله محيط بأعداءك .. لأن الله محيط بهم !! يقول تعالى : ( وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) آل عمران120

* إذن فلا تخاف إلا من مولاك الملك الحق المبين .. إن كنت من المؤمنين .. إن كنت فعلا كذلك .. !!

***********************************

..:: الفصل السابع والثلاثون ::..

***********************

 ( مفاسد النفوس – وتصديق العوام )

..:: خدَّام الجن .. يجعلون من أنفسهم أولياء ::..

* قلت صاحب الموضوع :

الطريف أنك حينما تجالس البعض من هؤلاء المغرورين .. خدام الجن .. فتجدهم يتكلمون وكأنهم في ولاية الله يتنعمون .. وأن ما هم فيه فهو كرامة ..!!

ولا أدري .. إن كانت هذه هي الكرامة .. فما هي الإهانة .. ؟!!

ولكن لما طمس الله نور الإيمان من قلوبهم .. وجعلوا من الجن مولاهم .. فعاقبهم سبحانه وتعالى بأن وصفهم الله بوصفهم أولياء وخدَّام لهذا العالم الناري .. حتى تعلم إلى أي مدي أصبح هذا المخلوق الإنسي حقيرا ..!!

# وعجبا ..

* فولاية الله تستوجب العزة بالله وليس بغيرة .. فهل هؤلاء أعزة بالله أم بالجن ؟

* وانظر إلى حالهم وأنت ستعرف هل هؤلاء يحبون الله ويتقربون إليه مهما فعل فيهم وطلب منهم ؟

* وعند المشاكل خاصة المشاكل الروحانية .. يفرون إلى أولياؤهم من الجن خدَّامَا لهم طالبين مساعدتهم .. ولا يفرون إلى الله مولاهم الحق ؟

* فإذا كان الابتلاء من الله دفعهم للإستعانة بالجن وجعلوا من أنفسهم خدام للجن .. فهل تعتقد أن مثل هؤلاء يكون وليا الله .. وهو يعتقد في غيره .. ؟!!

*****************************

..:: كلام خطير .. وتحريف كبير ::..

* قلت صاحب الموضوع :

هؤلاء الخدام للجن .. كما يعلم البعض أن كثير منهم ينضم لجماعات صوفية .. وحاليا أصبح بعض المنحرفين الروحانيين ينتمون للجماعة السلفية .. والجميع يتوسلون لحضور الجن لمخاواتهم .. على اعتبار أنهم من أهل التصريف (نتيجة اتصالهم بالجن) .. وكلاهما كذاب ..

* ولكن النسبة الكبرى منهم تنتمي للجماعات الصوفية حيث ينتشر فيهم هذا الفكر .. حتى يُفتن به بعض سالكي الطريق .. ويوهمهم أنه شيخ وأنه ولي .. وأن له قدرات خاصة .. وأنه من أهل التصريف ..!!

* ثم يبدأ يستخدم توسلاته للجن .. ليخدموه في مساعدة بعض من يطلبون من كرامات .. حتى يعتقدوا أنه من أهل التصريف ..

وكلما تَحدُث للبسطاء مشكلة .. فيذهبون لفلان الولي (المزيف) .. حتى يجد لهم صرفه في مشكلتهم .. ويقضي حوائجهم ..!!

* وهذا شيء خطير .. وخلل كبير .. في العقيدة ..!!

* يا مسلم لا تجعل هؤلاء يخدعوك .. من وراء عباءة التصوف .. فتظن فيهم خيرا ..

* فبهذا المفهوم وهذه الحيلة قد دخل كثير من هؤلاء الكَذَبَة على العوام .. حتى جعل العوام منهم أولياء .. وفي الحقيقة هم كلاب في يد الجن يتسلطون بهم على الناس ..!!

*********************************

..:: ما حقيقة أهل التصريف ؟ ::..

* قلت صاحب الموضوع :

باختصار .. هم الذين يتصرفون في قضاء حوائج الناس .. وعند الصوفية الصادقين .. هم أهل الدعاء الصادق مع الله .. يدعون فيستجاب لهم .. كما كان سيدي الشيخ أويس القرني ..

فسيدنا عمر وجد له من يقضي له حاجته بالدعاء إلى الله في غفران الذنوب (بالرغم من علو إيمانه) .. ولكن لأن الرسول قال له : لو قابلته فاجعله يدعو لك .. !!

* فأهل التصريف : هم الذين يمشون في قضاء حوائج الناس .. مهما كانت بسيطة .. حتى الذي يأخذ بيد الأعمى ليعبر به الطريق .. فهو من أهل التصريف ..

* وأهل التصريف : هم درجات ومقامات .. فهناك من يدعو للمسلمين بظهر الغيب بالدعاء .. وهناك من يساعد المسلمين بالمال .. وهناك من يعين بالسلاح .. وهناك من يدفع الغرامات ويسد الدين .. وهناك من يساهم في كشف بلاء .. وهكذا ..

* فأهل التصريف : .. موجودون في كل زمان ومكان .. يقضون حوائج الناس ..

وسيكون لهذا موضوع خاص حتى نذكر لكم بالتفصيل كلام أهل التصوف في هذا الأمر ..

* ولكن أن يظن أحد أن هناك من يتصرف كونيا بجلب منفعة ودفع مضرة على سبيل القدرة الفاعلة من ذاته أو بالتأثير في الذات الإلهية .. فهذا شخص فاقد للإيمان وقد ضل ضلالا مبينا ..!!

* سؤال : هل هناك روحانية من الجن يطلبون مساعدة الإنس ؟

نعم .. يوجد من عالم الجن من يطلب مساعدة من عالم الإنس .. ومساعدة لعالم الإنس .. كيف ذلك ؟

1- مساعدة من عالم الإنس : في العلم الديني بوجه خاص .. وهذا حدث على مدار التاريخ مع كثير من علمائنا .. والإمام الشعراني له كتاب خاص بأسئلة الجن التي أرسلوها له يطلبون إجابتها ..

وقد تكون المساعدة بطلب الدعاء لهم .. وهذا يحدث كثير ..

2- مساعدة لعالم الإنس في الخير : وليس بالضرورة أن يكون جن مسلم .. فمساعدة الآخر لا تحتاج لعقيدة .. ولكن دون محبة لمن يخالف عقيدتك .. فقط يكون بينكم المعروف .. !!

(ورجاءا أن تتحرر عقولكم من أوهام الجن المسلم النوراني الخارق الذي لا نهاية لقدراته الخارقة .. كفاية قصص كرتون .. واحترموا عقولكم ودينكم ..!!)

* وهناك من الإنس مَن يقبل مساعدة الجن في مساعدة الناس  .. فهم يأتون (أي الجن) إليه (إلى الإنسي) بلا سبب .. ولكن فقط لمساعدة الناس من خلاله .. وهذا الذي يساعد بالجن .. فقد ذكرنا شروطه من قبل ومواصفاته .. التي أبسطها أن يكون مطلوب وليس طالب .. ولا يكون خادما ولا مخدوم .. ولا متعلقا بهم ولا معتقدا فيهم (وجودهم مثل عدمهم) .. مع ارتقاء حاله مع مولاه كل يوم وصدق تعلقه به عن نزول المشاكل والابتلاء .. وغير ذلك كثير ..

وبالطبع هو يختبرهم هل هم أهل حق أم أهل باطل .. كما تعلمنا وقلنا هذا الكلام كثيرا من قبل .. وحتى لو اكتشف أنهم أهل حق .. فهل سيتعلق ويُفتن بهم أم لا .. وووو ؟ !!

* هذه الروحانيات المساعدة : غالبا لا يأتون إلا لمن صفت سريرته للخلق .. بمعنى أنه لا يحمل غلا للناس ولا كراهية .. مهما كان عقيدته ومهما كان دينه .. لأن الصفات الطيبة تجذب الأرواح الطيبة .. والصفات الخبيثة تجذب الأرواح الخبيثة ..

(وأقصد هنا بكلمة "الطيبة" .. أي التي لا تؤذي الخلق ظاهرا ولا باطنا .. وليس "الطيبة" بمعنى الصالحة أحوالها مع الله .. ولكن الصالحة أحوالها مع الخلق)

فالكلام بصفة عامة على الروحانيات .. وليس بصفة خاصة بالعقيدة ..!!

* قلت لك ما سبق وشرحته لك : حتى لا تتعجب حينما تجد أصحاب العقائد الأخرى معهم ملكات روحانية وقد تكون تحب الخير .. فلا تتعجب .. 

لأنها أيضا عطاء ربوبية للجميع ( كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً ) الإسراء20
 

* أما عن عطاء الألوهية الخاص (عطاء اتباع العقيدة والمنهج) : فهذا له طريق آخر .. أساسه الإيمان والتقوى والإستقامة على المنهج .. وهذا العطاء يكون على قدر ولايتك لله وتعلقك به سبحانه .. 

فعلى قدر الوداد يكون الإمداد ..

* وروحانيات هذا الطريق (عطاء الألوهية) .. لا علاقة لها بخرافات حكاوي الجن والعفاريت والإهتمام بالقدرات الروحانية وما شابه ذلك .. فهي روحانيات قلوب وارتقاء بولايتك مع الله حتى يتولاك الله برعايته .. وبمعنى أدق (مهمتها تزكية النفس وتطهيرها مما سوى الله حتى تصل في تربيتك إلى قلب سليم مع مولاك) .. 
لأنه لا يدخل حضرة القدوس عبيد النفوس ..

  

****************************

..:: الفصل الثامن والثلاثون ::..

*********************************

..:: كن مؤمنا متوكلا .. وثق أن الله مولاك ::..

ألا ترضى بمجريات القدر عليك ؟

( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) التوبة51

يتبع الجزء القادم إن شاء الله

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..