الجزء الثاني عشر (زمن أولياء الجن) - خواتيم البقرة تكفيك الشر وتمنحك النور - الكفاية والنور في قراءة واتباع خواتيم البقرة - لهذا السبب : لا تشعر بالكفاية ولا ترى النور - ما هو عطاء الحرف - الخواتيم تمنع تجسيد الشيطان فيدخل الدار للسرقة - ما هي العزيمة النفسية التي تحاسب عليها - ما هو القلب الآثم - عزيمة الظاهر وعزيمة الباطن - حتى لا تنسى : وتصبح مثل "أهل الغل" - ما معنى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الثاني عشر

 ( زمن أولياء الجن )

 رسالة في شبهات الرقاة والروحانيين خدَّام الجن

( وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً )

( الإستعاذة بين أولياء الله  وأولياء الجن )

خواتيم سورة البقرة تكفيك وتمنحك النور

(الإشارات في أحاديث الرسول)

ما سر قوة الخواتيم ؟ ولماذا فيهم خصوصية الكفاية ؟ والنور ؟ وحجب الشيطان ؟

الكفاية والنور في قراءة واتباع خواتيم البقرة

الخواتيم تمنع تجسيد الشيطان فيدخل الدار للسرقة

لهذا السبب : لا تشعر بالكفاية ولا ترى النور

ما هو عطاء الحرف ؟

ما هي العزيمة النفسية التي تحاسب عليها ؟

ما هو القلب الآثم ؟

عزيمة الظاهر وعزيمة الباطن

حتى لا تنسى : وتصبح مثل "أهل الغل"

ما معنى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ؟

* فهرس الموضوع :

:: الفصل الثاني والأربعون ::

1- ما سر قوة الخواتيم ؟ ولماذا فيهم خصوصية الكفاية ؟ والنور ؟ وحجب الشيطان ؟

2- ما هي خواتيم سورة البقرة وفائدتها ؟

3- من قرأهما في ليلة كفتاه ؟

4- ما معنى الكفاية ؟

5- ويقصد بالكفاية بطريق الإشارة ؟

6- كيف تكون الخواتيم كافية لك ؟

7- لهذا السبب : لا تمنحك سورة البقرة خصوصية العطاء ؟

8- ولذلك إذا أردت ان تكفيك خواتم البقرة فقل (سمعنا وأطعنا) ؟

:: الفصل الثالث والأربعون ::

9- الحديث الثاني : فيها نور خاص ؟

10- خَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ ؟

11- ما هو عطاء الحرف ؟

12- هل هناك تعارض بين الاحاديث ؟

13- ما هي المقحمات ؟ وهل سيغفرها الله ؟

:: الفصل الرابع والأربعون ::

14- الحديث الثالث : حماية من الشيطان ؟

15- ما سبب ذكر النبي (ثلاث ليال) ؟

16- ولماذا لا يأتي المدد من أول يوم ؟

17- قد نقرأ ولا نجد بركة خصوصية هذه الآيات ؟

18- قد يحدث تسليط من الشيطان حتى مع قراءة الآيات ؟

19- هل هذا يمنع شيطان النفس ؟

20- هل هذه الآيات تمنع تجسيد الشيطان فيدخل الدار للسرقة ؟

21- ما هي الشروط الواجب توافرها لنصل إلى هذه الخصوصية ؟

:: الفصل الخامس والأربعون ::

22- هل هناك محاسبة على العزيمة النفسية ؟

23- الروحانيون يتوجهوا بعزيمة نفوسهم ناحيتك ؟

24- ما هي العزيمة النفسية التي تحاسب عليها ؟

25- هل هناك نسخ لأية 284 من سورة البقرة ؟

26- محاسبة الإنسان : بين عزيمة الظاهر وعزيمة الباطن  ؟

27- حتى لا تنسى : وتصبح مثل "أهل الغل" ؟

28- ما معنى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ؟

 **********************************

..:: مقدمة ::..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. في موضوع جديد خاص بزمن أولياء الجن .. ونستكمل فيه علاقتنا باسم الله "المولى" سبحانه وتعالى .. وكيف يكفيك مولاك بخصوصية العطاء القرآني .. ومتى يحدث ذلك ؟

* وفي هذا الجزء نتعلم .. وكيف تكون خواتيم سورة البقرة لك كافية في أمورك الحياتية وكافية لك من الشرور .. بل وكافية لك في الآخرة إن شاء الله تعالى ..

ولماذا لا نجد ثمرة هذه الكفاية حينما نقرأها .. فنحتار ونتسآئل أين كفاية هذه الآيات المباركة لنا ؟!!

* ونتعلم شيء جديد قد لا يعرفه الكثيرين .. وهو أنه هناك محاسبة على ما في القلب .. وليس فقط ما يظهره اللسان وتفعله سائر الجوارح ..

* تعالوا معي نبحث ونرى ونتأمل في آيات من اعظم آيات القرآن .. ونتعلم من نفوس صادقة مع مولاها .. تعلمنا كيف نتوسل لمولانا حتى يتقبلنا ويرضى عنا ..

بسم الله ..

توكلت على الله ..

************************************

..:: الفصل الثاني والأربعون ::..

*******************************

..:: تذكير بما قلناه سابقا ::..

* قلت صاحب الموضوع :

قلت في الجزء السابق أن طرق الارتقاء في العلاقة مع الله .. تكون : باتباع المنهج مع الحق "في العبادات" ومع الخلق "في المعاملات" .. مع صدق الإعتصام بالمولى .. وكان هذا من خلال شرح خواتم سورة الحج ..

* وقلت أيضا أن من طرق الإرتقاء مع المولى هو طلب العفو والإعتراف بالذنوب مع رجاء الرحمة .. حتى يصح منهجك وصدقك وموالاتك لله حقا .. وهذا ما سنعرفه من خلال خواتيم سورة البقرة ..

* وسنعرف لماذا هذه الخواتيم قد سماها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها كافية لك وسماها المَلَك أنها نور ..

* وسنعرف أيضا لماذا لا تنفعل مع البعض بكفايتها مهما قرأها ..!!

********************************

..:: ما هي خواتيم سورة البقرة وفائدتها ؟ ::..

* قلت صاحب الموضوع :

المقصود بخواتيم سورة البقرة هما آخر آيتين من سورة البقرة من أول (آمن الرسول ...... إلى ختام السورة)  .. وإن كان هناك من العلماء من قال أن بداية الخواتيم من أول قوله ( لله ما في السموات ...) لأن الرسول قال (خواتيم سورة البقرة ) ولم يقل خاتمتي سورة البقرة ..!!

ولكن المشهور عند العلماء هو آخر آيتين لتصريح الحديث بذلك ..

* قال الشيخ نور الدين القاري رحمه الله :

وَالْمُرَادُ " آمَنَ الرَّسُولُ " كَذَا قِيلَ .. وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْأَظْهَرُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ " لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ " ..

ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ حَجَرٍ قَالَ: فَمَا لَمْ تَنْزِلْ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَأَوَّلُ تِلْكَ الْخَوَاتِيمِ آمَنَ الرَّسُولُ وَرُوِيَ عَنْ كَعْبٍ أَوَّلُهَا " لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ " .

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج4 ص1465

* قلت صاحب الموضوع :

* وسواء كان الأمر بالخواتيم المقصود به آخر آيتين أو آخر ثلاث آيات .. فلا مانع أن تقرأ الثلاث آيات .. فهذا فليس بأمر فيه مشقة ان تزيد آية بسيطة .. !!

ولك حرية الإختيار .. أن تقول أن الخواتيم هي آخر آيتين أو آخر ثلاث آيات من سورة البقرة .

* وقد جاءت الاحاديث موضحة فضل خواتيم سورة البقرة في ثلاثة خصائص :

الأولى : ان هذه الخواتيم كفاية للمؤمن .

الثانية : أن هذه الخواتيم نور .

الثاالثة : حماية من الشيطان .

* من الإشارات للفظ الخواتيم والنور والحماية .. كما جاءت في الاحاديث وجال بخاطري ..

أن من عمل بالخواتيم مع مولاه .. ختم له مولاه بخاتمة السعادة في الدنيا والآخرة فكفاه لتعلقه بمولاه (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) .. وجعل له مولاه نورا في الدنيا والآخرة (فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) .. وجعل له مولاه حماية من الشيطان في الدنيا والآخرة (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) ..

* ( ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ ) محمد11

والله أعلم .

***********************************

..:: ما سر قوة الخواتيم ؟ ولماذا فيهم خصوصية الكفاية ؟ والنور ؟ وحجب الشيطان ؟ ::..

* قلت صاحب الموضوع :

ما هذا السر العجيب في هاتين الآيتين ؟

الإجابة ببساطة تكمن في ( سمعنا - وأطعنا - غفرانك - أنت مولانا) ..

فالآيات جمعت أصول الإيمان مع الله (علم - عمل - توسل – افتقار) .. فلو اعتقدت يقينا في الآيات وتحققت بالإيمان الذي في الآيات ينكشف لك نورها في قلبك ومن حولك .. فيكفيك الله أمر الدنيا والآخرة بصدق التوكل عليه .. مما يحجب الشيطان عن الوصول إليك .

والله أعلم .  

***********************************

* وإليك فضائلها وفوائدها كما جاء في الحديث *

الحديث الأول : فيها الكفاية

1- عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه" متفق عليه.

*** من شرح الحديث ***

* قال الشيخ الصنعاني رحمه الله :

(من قرأهما في ليلة) في رواية (بعد عشاء الآخرة) .

(كفتاه) من شر الشياطين والآفات أو من قيام الليل أو الكل.

التنوير شرح الجامع الصغير ج4 ص479

* قال الإمام نور الدين القاري رحمه الله :

(مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) ، أَيْ دَفَعَتَا عَنْهُ الشِّرْكَ وَالْمَكْرُوهَ .. وَهُوَ مِنْ كَفَى يَكْفِي إِذَا دَفَعَ عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا وَأَغْنَاهُ .. وَقِيلَ: كَفَتَاهُ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ أَوْ كَفَتَاهُ عَنْ سَائِرِ الْأَوْرَادِ .. أَوْ أَرَادَ أَنَّهُمَا أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ .

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج4 ص1465

* قال الشيخ أنور شاه الهندي رحمه الله :

قوله: (مَنْ قَرَأهُمَا في لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) واعلم أنه ما مِنْ مسلمٍ إلَّا وعليه حقُّ أن يَقْرَأَ شيئًا من القرآن كلَّ ليلةٍ، سواء كان حافظًا للقرآن أو لا، فمن قَرَأَ هاتين الآيتين كَفَتَاهُ عن ذلك الحقِّ.

فيض الباري على صحيح البخاري ج5 ص26

* قال الإمام النووي رحمه الله :

(مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) قِيلَ مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ .. وَقِيلَ مِنَ الشَّيْطَانِ .. وَقِيلَ مِنَ الْآفَاتِ .. وَيَحْتَمِلُ مِنَ الجميع .

شرح النووي على مسلم ج6 ص92

* قلت صاحب الموضوع :

* الكفاية في الحديث : قد يكون المقصود الإكتفاء بهما عن قيام الليل في حال غلبة النوم ونزول الجهد بالإنسان ، أو يكون المقصود طرد الشيطان ووساوسه ، أو تكفيك في تصحيح وتجديد إيمانك مع الله لاشتمالها على أصول العقيدة والإيمان .. فتعلو همتك بالله مرة أخرى وتنشغل بالله عن همومك ومشاكلك ..

* ويقصد بالكفاية بطريق الإشارة :

1- هو أن يكفيك به عن غير فلا تحتاج لأحد سواه ..

2- أو يكفيك بالفقر إليه والقيام بصدق العبودية بين يديه ..

3- أو يكفيك مصائب القضاء والقدر .. باللطف في القضاء والقدر

4- أو يكفيك بما يرقيك في حضرة مولاك .. ولا يشغلك بما يحرمك فيكفيك شر نفسك وهواك .

والله أعلم .

***************************************

:: سؤال هام ::

..:: كيف تكون الخواتيم كافية لك ؟ ::..

:: لهذا السبب : لا تمنحك سورة البقرة خصوصية النور والكفاية ؟ ::

* قلت صاحب الموضوع :

هناك الحديث يشير إلى أن من قرأ خواتم البقرة في ليلة كفتاه ..

والعلماء على تفسير انها تكفيه من شر الشياطين واذاهم .. او تكفيه أموره الحياتيه مع صدق التوكل على الله .. أو كل تكفيه كل ما سبق ..

* ولكن هل مجرد قراءة فضائل الآيات فقط ينفع لنوال خصوصية العطاء القرآني ؟

* هل قراءة القراءن فقط .. تنفع بلا عمل .. ليمنحك القرآن أنواره ؟

لا .. تنفع فقط كجمع حسنات .. وليس لمنحك خصوصية عطاء .. بل مجرد عمومية عطاء .. حتى لا يقول أحد .. نقرأ سورة البقرة ولا نشعر بعطائها ونورها وكفايتها ..!!

واقرأ كلام مولاك رسول الله وتعلم منه العلم الصحيح .. فهو يقول لك صلى الله عليه وسلم: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران فضرب لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ثلاثة أمثال ما نسيتهين بعد. قال: كأنهما غمامتان أو ظلتان أو سوداوان وأن بينهما شرف كأنهما فرقان من طير صاف يحاجان عن صاحبهما»

* وعلى هذا كان أصحابه وتابعيه ..

* قال ابن مسعود رضي الله عنه : إنَّ أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يُسقِط منه حرفًا وقد أسقط العمل به .

* قال ابن عمر رضي الله عنهما : كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمَّة لا يحفظ من القرآن إلا السورة أو نحوها ، ورُزِقوا العمل بالقرآن ، وإن آخر هذه الأمَّة يُقرِئون القرآن منهم الصبيَّ والأعمى، ولا يُرزقون العمل به  !

* وقال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله : كنا إذا تعلَّمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلَّم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها .

* وروى أنس بن مالك أنه قال: رب تال للقرآن والقرآن يلعنه، فإذا كان يظلم وهو يقرأ قول الله تعالى: (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود: 18) .. فإنه يلعن نفسه .

* ولذلك إذا أردت ان تكفيك خواتم البقرة فاعمل بقوله تعالى ( سمعنا وأطعنا) .. وقف في محراب العبودية بالتذلل وقل (يا مولاي لا تؤاخذنا إن نسينا ...... ) .. ولا تعتقد في نفسك أنك مؤمنا حقا فتكون مغرور مستدرج .. بل قف متوسلا لمولاك قائلا ( واعف عنا واغفر لنا وارحمنا) ..

وانت في نواياك .. أنك تدعو لكل المؤمنين معك .. مصداقا لقول النبي ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .. فشارك المؤمنين معك في الدعاء ..

*************************************

..:: الفصل الثالث والأربعون ::..

*******************************

* الحديث الثاني : فيها نور خاص *

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَيْنَمَا جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَاعِدًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: " هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ " فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ: " هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ فَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

*** من شرح الحديث ***

* قال محمد الأمين الهرري :

قال القرطبي: قوله (بنورين) أي بأمرين عظيمين نيرين تبين لقارئهما وتنوره، وخصت الفاتحة بهذا لما ذكرناه من أنهما تضمنت جملة معاني الإيمان والإسلام والإحسان ، وعلى الجملة فهي آخذة بأصول القواعد الدينية والمعاقد المعارفية ..

* وخصت خواتيم سورة البقرة بذلك لما تضمنته من الثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه رضي الله تعالى عنهم بجميل انقيادهم لمقتضاها وتسليمهم لمعناها وابتهالهم إلى الله تعالى ورجوعهم إليه في جميع أمورهم، ولما حصل فيها من إجابة دعواتهم بعد أن علموها فخفف عنهم وغفر لهم ونصروا، وفيها غير ذلك مما يطول تتبعه اهـ من المفهم.

(لن تقرأ) يا محمد أنت وأمتك (بحرف) أي بكلمة (منهما) أي من كلماتهما (إلا أعطيته) أي إلا أعطيت بمعنى ذلك الحرف أي بمقتضى تلك الكلمة وأجبت به.

الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم ج10 ص160

قال الشيخ نور الدين القاري رحمه الله :

قَالَ الطِّيبِيُّ: الضَّمَائِرُ الثَّلَاثَةُ فِي (جَمْعٍ وَرَفْعٍ وَقَالَ) رَاجِعَةٌ إِلَى جِبْرِيلَ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ إِطْلَاعًا عَلَى أَحْوَالِ السَّمَاءِ ..

وَقِيلَ: لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقِيلَ: (إِلَّا وَلِأَنَّ) رَاجِعَانِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالضَّمِيرُ فِي (قَالَ) لِجِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ حَضَرَ عِنْدَهُ لِلْإِخْبَارِ عَنْ أَمْرٍ غَرِيبٍ وَوَقَفَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هُوَ الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ..

 (أَبْشِرْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الشِّينِ أَيِ افْرَحْ (بِنُورَيْنِ) سَمَّاهُمَا نُورَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نُورٌ يَسْعَى بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهِمَا أَوْ لِأَنَّهُمَا يُرْشِدَانِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ بِالتَّأَمُّلِ فِيهِ وَالتَّفَكُّرِ فِي مَعَانِيهِ ، أَيْ بِمَا فِي آيَتَيْنِ مُنَوِّرَتَيْنِ ) .

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج4 ص 1465

* قال الشيخ المُظهري رحمه الله :

قوله: "إلا أُعطِيتَهُ"؛ يعني: أعطيت ثوابَ ما تقرأ، أو أُعطِيت ما تسألُ من الله الكريم من حوائجك في الدنيا والآخرة.

المفاتيح في شرح المصابيح ج3 ص77

* قلت صاحب الموضوع :

( معنى عطاء الحرف)

قد يكون المقصود من قول المَلَك (بحرف) .. هو عطاءان ..

الأول : عطاء عام : كما جاء في الحديث عن كل عموم القرآن ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف ) ..

الثاني : عطاء خاص : ويكون المقصود بعطاء الحرف كما جاء في الحديث :

1- هو أن يعطيك ما توجهت به إلى الله من معاني في هذه الآيات .. فالله سيعطيك من فضل هذه المعاني .. سواء كانت دعوات أو إيمانيات أو تحصينات ..

فكأنه إشارة لاستجابة الدعاء المدعو به في ختام سورة البقرة ..

2- وتحمي دارك من أن يدخلها شيطان ..  كما جاء في حديث آخر (سيأتي ذكره – الحديث الثالث)

3- وسيمدك بنور هذه الآيات لتمشي به في الناس .. كما جاء في الحديث الثاني السابق ذكره ..

* ويقصد بالعطاء بطريق الإشارة :

1- يعطيك بسر الحرف وبمدد الحرف (إن تحققت بها قولا وعملا) ما يغنيك به عن عوالم المُلك فتسبح بنوره في عوالم الملكوت .. فتكون غنيا بنور المعرفة بالله ..

2- يعطيك بسر حرف هذه الآيات معرفة (إن تحققت بها قولا وعملا) الإيمان والإحسان والغفران والرحمة والرضوان .. حتى تبقى مع الله بدوام الإفتقار إليه ..

3- يعطيك بعطاء حرف هذه الآيات (إن تحققت بها قولا وعملا) .. شفاعة لأخوانك كرامة لصدق اتباعك .. فيستجيب لك فيهم من دعائك .. (فاعفو عنا واغفر لنا وارحمنا)

4- يعطيك بسر بكرامة هذه الحروف إجابة دعاءك حتى وإن كنت مقصرا .. لأنك جمعت نفسك والمؤمنين .. ولم تختص بها نفسك ..

5- يعطيك بسر حرف هذه الآيات (إن تحققت بها قولا وعملا).. مقام الولاية بدوام الهداية لدوام حضورك بين يدي مولاك لعملك بقوله تعالى (أنت مولانا) ..

6- يعطيك بمدد حروف هذه الآيات فيمدك بمجالسة ملائكة النور لينيروا لك حولك وقلبك .. فيسكن روعك ووجلك وخوفك .. فتطمئن بالله ..

والله أعلم ..

*****************************************

..:: هل هناك تعارض ؟ ::..

* قلت صاحب الموضوع :

1- قد يشعر الإنسان بوجود تعارض بين الحديث السابق .. الذي فيه نزول المَلَك ببشارة النبي بخواتيم سورة البقرة والفاتحة ..

2- وبين هذا الحديث : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انْتُهِيَ بِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَهِيَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ، إِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يُعْرَجُ بِهِ مِنَ الْأَرْضِ، فَيُقْبَضُ مِنْهَا، وَإِلَيْهَا يَنْتَهي مَا يُهْبَطُ بِهِ مِنْ فَوْقِهَا، فَيُقْبَضُ مِنْهَا، قَالَ: (إِذْ يَغْشَى) [النجم: 16] السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، قَالَ: فِرَاشٌ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: " فَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا: أُعْطِيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَأُعْطِيَ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ شَيْئًا الْمُقْحِمَاتُ )

* والسؤال هنا هو : متى تم إعطاء خواتيم سورة البقرة للرسول ؟!! فما سبق يشعر بتعارض في الموقفين ؟ .. هل في ليلة المعراج أم حينما نزل الملك يبشره بعطاء كل حرف منها ؟

1- قلت لك:

إعطاء الآيات كآيات كان ليلة الإسراء .. مع سورة الفاتحة ..

ولكن التعريف بفضل الآيات إنما جاء في وقت لاحق .. وهو ما جاء به الملك تبشيرا للنبي .. وتحريض للمؤمنين على كثرة العمل بهذه الآيات الكريمة .. حيث كونها نورا وكفاية لمن اكتفى بالله بصدق التوكل عليه ..

* والحكمة من التعريف الفضائل : حيث أن كثير من النفوس لا تعمل إلا بحافز .. أي وجود حافز لها لتعمل .. وهذا أمر مشروع .. ومن هنا كانت فضائل الآيات والسور ..

والله أعلم

* قلت صاحب الموضوع :

* معنى المقحمات : أَيِ الكبائر والذُّنوب العِظام الَّتِي تُقْحِم أصحابَها فِي النَّارِ: أَيْ تدخلهم فِيهَا..

ولفظ يقحم : أي يدخله بقهر وغلبه دون أدنى مقاومة ..وكأن هذه الكبائر قد قهرت صاحبها بإدخاله في النار ..

* ولكن فضل الله على رسوله .. أن وعده بالغفران لهؤلاء .. بل وسيصيبهم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أيضا كما جاء في الصحيح .. ولكن لا تنسى أنه بقدر عملك بقدر مددك ..

يعني بقدر ما ستحسن علاقتك بمولاك وتكثر الصلاة على النبي وتتبعه .. بقدر ما ستكون الرحمات أسرع إليك .. وبقدر بطيء حالك مع الله .. أو انعدام حالك بعدم وجود اعمال .. سيكون مكوثك في النار .. ثم يتم اخراجك بقدر مثقال ذرة من إيمان فيك .. وإن صدقت النوايا مُنِحت العطايا ..

والله أعلم .

* ويقال بحال الإشارة لهذا الحديث السابق :

أن مَن طهرت سريرته رزقه الله مجالسة أهل محبته .. وفتح عليه بالمزيد من فضل عنايته .. وأعطاه من خزائن كرمه وآنسه بخصائص مودته .

والله أعلم .

وهذا اجتهادي في المسألة .. والله أعلم .

*************************************

..:: الفصل الرابع والأربعون ::..

*******************************

* الحديث الثالث : حماية من الشيطان *

3- وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الله كتب لنا كتابًا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام ، أنزل فيه آيتين ختم بهما سورة البقرة ، ولا يقرآن في دار ثلاث ليالٍ فيقربها شيطان".

* قلت صاحب الموضوع :

وهذا الحديث يترتب عليه عدة مسائل لازيل الغموض من النفوس التي تستخدمها كرقية أو طمعا في عطائها المخصوص .. ولكن لا يحدث شيئا معها ..

* معنى ( ولا يقرآن في دار ثلاث ليالٍ فيقربها شيطان ) .. قراءة بيقين واعتقاد جازم فيما يقرأه .. ولن يقرب الشيطان من داره ..

********************************

1- قد يسأل سائل :

ما سبب ذكر النبي (ثلاث ليال) ؟

والسبب في ذكر (ثلاث ليال) : هو أن دوام التوسل إلى الله بكلامه يأتي بالمدد الإلهي .. لملازمتك صدق التوجه إليه ..

*************************

2- وقد يسأل سائل فيقول :

ولماذا لا يأتي المدد من أول يوم ؟

* قلت لك: أنت فهمت الحديث خطأ .. فأنت ظننت أن المدد الإلهي ياتي بعد ثلاث ليالي ..!! والحديث لم يقل بذلك ..!!

* فالحديث يشير إلى حدوث المدد ليس بعد ثلاث ليالي .. بل هو يحدث من لحظة بداية قرائتك لهذه الآيات .. ودليل ذلك (أنا جليس من ذكرني) ..

* ولكن الحديث يشير إلى أن قرائتها طوال هذه المدة لا تجعل الشيطان يقترب من الدار .. طوال هذه المدة ..

* وكأن صلى الله عليه وسلم .. يقول لك .. لو أردت أن لا يقترب الشيطان من دارك .. فواظب على قرائتها كل ليلة بيقين واعتقاد جازم فيما تقرأه حيث أنه وحي الله السماوي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وستجد هذه الخصوصية تحدث معك .. أي خصوصية حمايتك من الشيطان ..

*************************

3- وقد يسأل سائل فيقول :

قد نقرأ ولا نجد بركة خصوصية هذه الآيات ..؟

قلت لك: لو انتبهت للآيات فإنها تتكلم عن المؤمنين .. يبقى لازم تعرف أن شرط تفعيل هذه الخصوصية هي أن تكون مؤمن .. يعني لديك اعتقاد بيقين في الله وفي كل ما أوحى به إليك حتى تعمل ظاهرا وباطنا بقوله تعالى (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا) ..

* ولكن أن تظن أن الآيات تنفعل معك .. وأنت تسيء الظن بربك .. أو تعبد الله على حرف (على وجه الخير فقط) .. أو تطلبه وقت الإحتياج فقط ..!!

فأنت متوهم تماما أن تعتقد بانفعال الآيات بخصوصية العطاء الإلهي لك ..!!

* لأن الله يمنح بركاته وعطاءاته للعاصين التائبين صدقا ، وللمحبين المقربين يقينا .. ولا يمنحها للمتلونين في بحار الغفلة المتلاطمة أمواجها بالإصرار على المعصية ودوام إهانة النفس بالبعد عن الله مولاها ..!!

****************************

4- وقد يسأل سائل فيقول :

قد يحدث تسليط من الشيطان لأهل الإيمان حتى مع قراءة الآيات ؟

قلت لك:

1- الحديث لم يقل أن الشيطان سيمتنع تسليطه عليك ..!! ولكن قال لا يقرب دارك (ولم يقل لا يقرب نفسك) .. وهذا شيطان يأتيك من خارج دارك .. سواء شيطان إنس أو جن ..

2- الحديث لم يمنع عنك شيطان نفسك ..!! أن يوسوس لك ..!!

3- الحديث قد يمنع الشيطان عن دارك .. ولكن قد يدخل إليك الشيطان بسبب معصية من حولك .. فيدخل معهم الدار .. وإن لم يقترب منك بسبب قرائتك لهذه الآيات ..!!

4- وما المانع من حدوث تسليط من باب الإبتلاء .. فلو أنت تراه ابتلاء فهذا معناه أنك مؤمن صابر .. والمؤمن لا ينزعج مما أذِنَ الله بفعله معه (وإن كان سمح لك بأن تأخذ بالأسباب في دفع الضر عن نفسك) .. وإن كنت تراه عقابا فأنت مقصرا (فلماذا تعترض؟) .. فأصلح حالك مع مولاك ..

* فأمرك عجيب : لو كنت مؤمن لماذا تعترض على التسليط ؟!! ولو كنت مقصرا لماذا تعترض على التسليط ؟!!

إلا لو كنت من الذين يعبدون الله على حرف .. فهذا له كلام آخر .. سبق وذكرناه ..

*************************

5- وقد يسأل سائل فيقول :

هل هذا يمنع شيطان النفس ؟

قلت لك: لا يمنعه .. لأنه جزء من التوكيل الإلهي بالتسليط على الإنسان بدوام 24 ساعة دون مفارقه له .. ولكن يتم إبطال عمله بالإستعاذة والإعتصام بالله .. فيتوقف عمله .

* ولكن الحديث يتكلم عن شيطان خارج الدار يحوم حوله محاولا الدخول إليه .. وليس عن شيطان النفس ..

* وإن كان من يؤمن بهذه الآيات فهي في حد ذاتها مانعة له من شيطان النفس لو آمن بها (قولا وفعلا) أي عمل بها منهجا في الحياة .. فلن يكون لشيطان النفس سلطانا عليه ..!!

*************************

6- وقد يسأل سائل :

هل هذه الآيات تمنع تجسيد الشيطان فيدخل الدار للسرقة ؟

قلت لك: نعم .. وقد حدث هذا بالفعل .. مما يشير إلى ان الحديث يتكلم عن إحباط محاولة دخول الشيطان متجسدا للدار محاولا سرقة ما فيه من طعام أو شراب أو مال .. ولذلك الحديث يتكلم عن عدم اقتراب الشيطان من الدار ..

* ولكن ما دليل ذلك التفسير السابق ذكره .. ؟

ما ذكره البيهقي بسند صحيح عن معاذ بن جبل حينما دخل عليه الشيطان لسرقة مال الصدقة .. وقام بأسره .. ثم استسمحه الشيطان في أن يتركه ولا يعود .. فتركه معاذ .. ثم جاء جبريل عليه السلام وأخبر النبي بهذه الواقعة ..

كما جاء في لفظ الحديث: (وَجَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ فَنَادَى مُنَادِيهِ أَيْنَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ يَا مُعَاذُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَعُودُ» فَعَادَ، قَالَ: فَدَخَلْتُ الْغُرْفَةَ، وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ الْبَابَ فَدَخَلَ مِنْ شَقِّ الْبَابِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنَ التَّمْرِ فَصَنَعْتُ بِهِ كَمَا صَنَعْتُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَقَالَ: خَلِّ عَنِّي فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ إِلَيْكَ، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ أَلَمْ تَقُلْ: لَا أَعُودُ؟ قَالَ: فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ وَآيَةُ ذَلِكَ عَلَيَّ أَنْ لَا يَقْرَأَ أَحَدٌ مِنْكُمْ خَاتِمَةَ الْبَقَرَةِ فَيَدْخُلَ أَحَدٌ مِنَّا فِي بَيْتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ.)

* فمما سبق يتيبن أن هذه الآيات تحمي من دخول الشياطين التي تحاول الدخول للمنازل لسرقتها أو التجسس أو التسليط أو أي أذي روحاني يحاول الدخول للمنزل لإصابة هذا الإنسان ...

فهذه الآيات تحميك من الخارج .. ولكن من يحميك من نفسك إلا عملك مع مولاك وصدق افتقارك إيه ؟!!

*************************

7- وقد يسأل سائل فيقول :

ما هي الشروط الواجب توافرها لنصل إلى هذه الخصوصية ؟

قلت لك: كما اخبرتك سابقا .. في نفس الآيات قد أعطاك سر انفعال بركتها معك وهي (سمعنا واطعنا غفرانك ربنا) ..!!

ولكن نظرا لأن النفوس لا تريد العمل مع الله .. وتريد الشيخ خدام الجن ليعمل لها ... فتزداد حسرة وندامة وإهانة .. جزاءا وفاقا .. لأنهم طلبوا غير الله .. فوجدوا غير الله .. ولا يظلم ربك أحدا ..!!

والله أعلم بكلام نبيه ورسوله ..

وكان هذا ختام المسائل على الحديث .. ويتبقى سؤال نجيب عليه بعد ما أذكر لكم ما جال بالخاطر حول الحديث السابق من إشارة ..

* ويقال عن الحديث بطريق الإشارة :

1- من التزم بمولاه حجب عنه شيطانه وهواه .

2- من وقف في حضرة (أنت مولانا) .. نادته العوالم أنك في حصن السلطان الكبير .. ولا سبيل إليك من الشيطان الحقير .

3- من التزم بمولاه .. يحصِّنْه من الخارج ويؤمِّنْه من الباطن .. حيث يُشهِدَه نداء فضله وكرمه (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ .  ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً) .

والله أعلم .

*************************************

..:: الفصل الخامس والأربعون ::..

*******************************

(مدخل لتفسير خواتيم سورة البقرة)

..:: هل هناك محاسبة على العزيمة النفسية ؟ ::..

نعم : ستحاسب عليها !!

..:: الروحانيون يتوجهوا بعزيمة نفوسهم ناحيتك

::..

* قلت صاحب الموضوع :

كثير منا يجهل أن هناك محاسبة على ما تعتزم النفس على فعله .. حتى وإن لم تفعل ذلك بسبب أسباب منعت ذلك ..!!

لقوله تعالى (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ ) .. البقرة284

* ولكن انتبه : فهذا أمر مخالف للهواجس والوساوس التي تأتي فجأة للإنسان .. أو الأفكار التي يحيط بالعقل والنفس ويكتمها كظما للغيظ أو احتسابا لله .. فيجاهد نفسه ليصرفها عنه قدر استطاعته .. فهذه الوساوس لا علاقة لها بالآية ..

* وإنما العزيمة النفسية التي تحاسب عليها هي التي تتمكن من نفسك ولا يكون ذلك إلا من استيلاء الغل على قلبك .. فتصبح وكأنك تريد انتقامك ظاهرا أمام عينيك .. مثل الحاسد والمنافق والمحب للفاحشة والشامت والظان بالسوء .. وغير ذلك ..

* ولو تذكرون : فقد قلت لكم سابقا أن الروحانية المصاحبة مع الكثيرين .. ما هي إلا شياطين تخدم أهوائهم .. فيظنوا أنهم ينتقمون لهم وأن هذا مدد من الله .. ولا يدرك هؤلاء أن الشيطان قد طمس على بصيرتهم بتحريك الكراهية حتى وصلت للغل الذي لا يندفع إلا بالنيل من المغلول منه ..!! فأعماهم بشهوة الغل والكراهية وطلب الإنتقام ..!!

* فإذا ضايق البعض إنسان روحاني أو مصاب روحانيا ولكنه يحب من يصاحبه من الجن .. وهذا الروحاني أو المصاب قد أصابه غل من شخص ما .. وأراد الأنتقام منه ولكنه لا يستطيع .. ولكنه يرغب في داخله أن يتحقق الإنتقام له .. فيقوم المس الشيطاني المصاحب له بتنفيذ رغبتة ويسبب أذى لمن ضايقه .. !!

فيعتقد الشخص أن الله قد انتقم له ..!!

ولا أدري .. كيف ينتقم الله لشخص قد امتلأ الغل بقلبه طالبا القصاص لنفسه بغِلِّ نفسه .. وليس طالبا القصاص بربه ولا لربه ..!!

* ومثال آخر : الحاسد يعقد العزم بداخله على كراهية رؤية النعمة في يد شخص آخر .. فيتحرك شيطان نفسه (قرينه) .. لينفذ له طلبه بضرر الشخص الذي حقد عليه ..!!

* لذلك أحببت أن أكشف لكم بتوسع في موضوع العزيمة النفسية التي تؤدي بصاحبها إلى جهنم وهو يحسب أنه في مدد الله .. ولكنه في الحقيقة في مدد الشيطان ..!!

* تعالوا معي نرى أين هي الآية التي التي تشير لذلك وكلام العلماء فيها .. رضي الله عنهم جميعا .. وهل هي منسوخة كما قال بعض المفسرين أم لا ..؟!!

******************************

..:: هل هناك نسخ لأية 284 من سورة البقرة ؟!! ::..

يقول تعالى : ( لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة 284

* قلت صاحب الموضوع :

ملحوظة : معنى كلمة "منسوخة" أي كان هناك حكم وقد تم نسخه أو تغييره إلى حكم آخر ..

سؤال (1) : هل هذه الآية منسوخة بالآية التي بعدها ؟ وما سبب نزول الآية ؟ ::

* قلت صاحب الموضوع :

جاء في سبب نزول هذه الآية عنِ ابنِ عبَّاسٍ، قالَ: لمَّا نزلت هذِهِ الآيةُ : (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) البقرة 284 ، قالَ : دخلَ قلوبَهُم منها شيءٌ لم يدخل قلوبَهُم من شيءٍ .. فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: قولوا: سمعنا وأطعنا وسلَّمنا قالَ : فألقى اللَّهُ الإيمانَ في قلوبِهِم ، فأنزلَ اللَّهُ تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) قالَ : قَد فعلتُ) رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) قالَ:  قد فَعلتُ) وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا) قالَ  : قد فَعلتُ ) البقرة - 286  .

* قال الشيخ أبو زهرة رحمه الله :

ولقد ادعى بعضهم لهذا الحديث أن الآية منسوخة ؛ لأن حديث النفس لا يمكن التخلص منه ؛ وأنها نسخت بقوله تعالى: (لا يُكلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ..) ، ولكن ذلك القول غير مقبول ؛ لأنه لَا تعارض بين الآيتين ، حتى تنسخ إحداهما الأخرى ..!!

* كما أنه لَا تعارض بين الآية والحديث الشريف .. لأن حديث النفس ليس هو ما تكسبه النفس ، ويعزمه القلب ، وينويه الشخص ويصر عليه ؛ وإنما هو تلك الخواطر النفسية التي تعرض للإنسان فتوجهه نحو الهوى والشهوة ؛ فإن سار وراءها حتى اعتزمها وأرادها وأصر عليها ، ولكن عاقه عائق عن تنفيذها ، لَا يكون حديث النفس ، بل يكون كسب النفس ، ولكل نفس ما كسبت ، وعليها ما اكتسبت ..

فالمرتبة الأولى وهي تلك الخواطر ليست موضع مؤاخذة ، بل إن التغلب عليها، وكفها بعد مكافحتها موضع ثواب ؛ لأنه جهاد النفس ، وجهاد النفس هو الجهاد الأكبر، كما ورد في الأثر " رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر " .. ويقصد به جهاد النفس ..

إنما موضع المؤاخذة الإصرار بعد الخواطر .

* وعلى ذلك: نقول إن موضع التجاوز هو حديث النفس ، وموضع الحساب هو الإصرار والنيات ، والاتجاه القلبي إلى الأذى والانتقام.

زهرة التفاسير ج2 ص1084

****************************************

..:: محاسبة الإنسان : بين عزيمة الظاهر وعزيمة الباطن  ::..

* قلت صاحب الموضوع :

حينما تقرأ كلام العلماء .. ستجد فيه كلمة "عزيمة" .. أي الرغبة القوية في فعل الشيء وحدوثة .. وهناك عزيمتين .. وهو المشار إليه بقوله (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ) ..

1- فعزيمة الظاهر : أي ما عقدة القلب وخطط له العقل واتجهت له الجوارج للتنفيذ .. مثل التخطيط للقتل والسرقة .. وغير ذلك ..

2- وعزيمة الباطن : هي الفكرة المكروه في النفس التي يريد الإنسان تطبيقها وحدوثها .. وإن كان عاجز عن فعل ذلك .. مثل الغل طلبا للإنتقام ومثل الحسد بقصد الضرر .. وغير ذلك .. ومثل ظن السوء (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) الحجرات17 .. ومحبة نشر الفاحشة وهتك أعراض الناس (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور19

* فمثل هذه العزائم تؤدي إلى "إثم القلب" أي أن القلب قد اكتسب ذنبا بسبب رغبته الملحة وعزيمته المتكررة في حدوث هذا الفعل حتى وإن لم تساعده الأسباب ..!!

فهو لم يمتنع لأنه خاف الله .. ولكن لأن الاسباب قد منعته ..!!

* ولكن نظرا لأن عزيمة الباطن لا ينتبه لها الناس .. فإن الله يحذرنا أنه محيط بما في النفوس من غل وسوء ظن وحسد يحرك بداخلك عزيمة لإيجاب الضرر والأذى ناحية ما تشعر به اتجاه الآخر ..

* وكان أقرب مثال توضيحي لذلك .. ذكرته الآيات هو من يكتم قول الحق .. (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) البقرة283 ، ومثل من يحب أن يشمت في الناس ، ومثل من يحب أن تشيع الفاحشة في الناس ، ومثل من يحب أن يرى الضرر للغير ..

* فالقلب له عمل يحاسب عليه أيضا . وهذا بخلاف عمل الجوارح .. بدليل هذه الآية (وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ) البقرة 284 . 

* ولا ننسى أن نتذكر أن عمل الشيطان : معنا يبدأ من اللحظة التي تبدأ النفس فيها بالرغبة في حدوث أذى أو ضرر للغير .. فيأتي الشيطان ليحرك هذه الرغبة بقوة في النفس .. فإما أن يطفأها بالإستعاذة ، وإما أن يجعلها نارا بسماع وسوسة الشيطان .. حتى تصبح عزيمة في النفس يتمنى حدوثها بالفعل .. فيستجيب له هذا الشيطان لتنفيذ رغباته ..!!

* ولذلك كل المصابين روحانيا .. لا أمل في شفائهم طالما نفوسهم تحمل الغل للغير .. لا أمل .. حتى يغيروا ما بأنفسهم ..!!

*************************************

..:: حتى لا تنسى : وتصبح مثل "أهل الغل" ::..

* والغل : يبدأ من الغضب ثم يتحول إلى كراهية ثم يتحول ليكون غلا لا يطفأه إلا الإنتقام وإشباع الشماته في الغير .. !!

ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من الغضب .. لما يترتب عليه من أعمال قلبية آثمة ..!!

* وأكرر عليكم : أن كل من يتهم أقاربه بأفعال السحر والشعوذة دون دليل لفظي من الشخص نفسه بوجود شهود أنه فعل ذلك فعلا .. فاعلم أنك إنسان آثم القلب ..

* ودليل قبح قلبك هو محبة الفاحشة بقول الباطل على الخلق ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النور19 ..

* وستظل ملعون بلعنة الله .. كلعنة تطاردك نتيجة كذبك وافتراءك على الناس خاصة لو كانوا أقارب لك .. فأنت قمت بالتشهير بهم وفضحتهم وشيَّعت بين الناس .. أنهم يفعلون أسحار ووساخات روحانية .. ودليلك هو شيطان نفسك وظنك السوء بالخلق نتيجة خلافات ..!!

* ودليل اللعنة عليك هو قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النور23 ..

* ودليل بهتانك وإثمك هو قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ) الأحزاب58

* بل قد تكون أنت من تسعى لهذه القاذورات وترميها على الناس زورا وبهتانا .. يقول تعالى ( وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ) النساء112

* في كل الأحوال أنت ألقيت بالتهم بدون وجه حق على خلق الله .. وهذا عند الله عظيم .. يقول تعالى ( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ ) النور15

* أما عن أقبح شيء أنت ممكن تسمعه في حياتك .. حينما يخبرك الناس أن دليلهم في فعل السحر .. هو الشيطان الذي تكلم على لسان المصروع أو الروحاني المعالج السافل الذي قال لهم أنه يوجد سحر والفاعل من أقاربهم ..!!

* ولا أدري .. منذ متى والشيطان وخدَّامه تؤخذ بشهادتهم .. !!

* فيا ويل من يتهم الناس بالباطل .. وخاصة لو كان بهذه الجريمة القبيحة .. جريمة فعل السحر .. لأنه اتهام بالكفر الصريح واتهام بالفاحشة بممارسة الجنس الحرام مع الشيطان (إنس أو جن أو كلاهما) ..!!

* ويتبقى أن نقول أن باب التوبة مفتوح مهما كانت المعصية ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه82

أي أن المغفرة = توبة عن المعصية ورد الحقوق + يقين وحسن ظن بالله + العمل الصالح في الحياة ابتغاء مرضاة الله + المواظبة على ما سبق حتى الممات = مغفرة من الله .

* وأحسِن إلى من أسأت إليه .. واجتهد في ذلك .. حتى وإن لم تستطع استبراء ذمته مما قلته في حقه .. فأحسن إليه وتصدق عليه بظهر الغيب وادعو له .. عسى أن يكون هذا وسيلة مساعدة لك وشفاعة لك عند ربك .. وبقدر عملك يكن مددك ..

*****************************

(ختام آية 284 من سورة البقرة)

..:: ما معنى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ؟ ::..

(وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ)

حتى لا يفهم البعض أن الله المشيئة بطريقة خاطئة في هذه الآيات .. فقد نقلت لكم بعض الآراء التفسيرية الموضحة بجلاء ووضوح مراد الله من كلامه ..

* جاء في التفسير الوسيط – مجمع بحوث الأزهر :

 أي فيغفر بفضله لمن يشاءُ أن يغفر له، ويعذب بعدله من يشاءُ أن يعذبه .. والله على كل شيء قدير . ومن كان كذلك فهو قادر على حساب أهل العصيان ، ومنح الغفران لمن يشاءُ ، وحرمانه من يشاءُ، لا راد لفضله وعدله.

التفسير الوسيط – مجمع البحوث الازهرية ج1 ص50

* قال الإمام علاء الدين الخازن رحمه الله :

* وقوله تعالى: (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) .. قال ابن عباس: يغفر لمن يشاء الذنب العظيم ويعذب من يشاء على الذنب الصغير لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يعني أنه تعالى قادر على كل شيء كامل القدرة فيغفر للمؤمنين فضلا ، ويعذب الكافرين عدلا .

تفسير الخازن ج1 ص218-219

************************************

..:: الفصل السادس والأربعون ::..

*******************************

آية 285 من سورة البقرة

..:: ما الفرق بين إيمان الرسول والمؤمنون ؟ وكيف لا نفرق بين الرسل وهم مختلفون في الدرجات والمقامات ؟ ::..

يتبع الجزء القادم إن شاء الله تعالى

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..