ج3 رسالة التحقيق - ما هو سبيل النبي - كيف تصل للبصيرة الإيمانية - النبي المرشد المربي الكامل - كل باب لله ممنوع إليه الوصول إلا إن اتبعت الرسول - هكذا يحجبون الهداية عن الناس - هؤلاء لم ينتفعوا بسبيل الإيمان لماذا لم يصف السبيل بكلمة مستقيم - ما الفرق بين "سواء السبيل" – "سواء الصراط" .

بسم الله الرحمن الرحيم

) الجزء الثالث (

من رسالة التحقيق

في الفرق بين "السبيل والصراط والطريق"

*************

ما هو سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ؟

كيف تصل للبصيرة الإيمانية ؟

النبي المرشد المربي الكامل

كل باب لله ممنوع إليه الوصول إلا إن اتبعت الرسول

هكذا يحجبون الهداية عن الناس

هؤلاء لم ينتفعوا بسبيل الإيمان

لماذا لم يصف السبيل بكلمة مستقيم ؟

* فهرس :

:: الفصل الثامن ::

1- ما هو سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ؟

2- كيف تصل للبصيرة الإيمانية ؟

3- ما هو الهدى المستقيم ؟

4- النبي المرشد المربي الكامل ذو الهدي المستقيم ؟

:: الفصل التاسع ::

5- من الذي لا ينتفع بهداية الإرشاد لطريق الله ؟

6- ما هي أدوات حجب سبيل الهداية الربانية للناس ؟

:: الفصل العاشر ::

7- ولماذا الكافر يتمتع بالزينة في الدنيا والطيبات من الرزق ؟

8- لماذا لم يصف السبيل بكلمة مستقيم ؟

10- ما الفرق بين "سواء السبيل" – "سواء الصراط" ؟

 *******************************

:: مقدمة ::

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

* نستكمل مع حضراتكم رسالة التحقيق في الفرق بين (السبيل والصراط والطريق) .. وأرجو من الله التوفيق لما يحب ويرضى .. آمين ..

* ونناقش فيها ما هو سبيل النبي .. وكيف يكون أتباعه .. ولماذا هو النبي المرشد الكامل ..

ومن الذي لا ينتفع بالسبيل إلى الإيمان .. ولماذا لم يوصف السبيل بوصف مستقيم في القرآن .. وغير ذلك ..

* وأسأل الله لكل أهل المدونة الحاضرين والغائبين .. أن يرضى عنهم برضاه ويسعدهم بتقواه .. ويحجبهم عن معصيته .. بل ولكل مسلم ومسلمة .. آمين يارب العالمين .

نبدأ بسم الله ..

توكلت على الله ..

*****************************************

..:: الفصل الثامن ::..

**********************************

 ( انتبه هنا حتى تعرف كيف يكون الشيخ )

..:: ما هو سبيل النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

:: وكيف تصل للبصيرة الإيمانية ؟ ::

( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يوسف108

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

أمر الله- تعالى- نبيه- صلى الله عليه وسلم: أن يسير في طريقه الذي رسمه له، وأن يدعو الناس إليه فقال: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي، أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ...)

والبصيرة: المعرفة التي يتميز بها الحق من الباطل .

أى: قل- أيها الرسول الكريم- للناس هذه طريقي وسبيلي واحدة مستقيمة لا عوج فيها ولا شبهة ، وهي أنى أدعو إلى إخلاص العبادة لله- تعالى- وحده، ببصيرة مستنيرة ، وحجة واضحة ، وكذلك أتباعى يفعلون ذلك ... ولن نكفّ عن دعوتنا هذه مهما اعترضتنا العقبات.

* واسم الإشارة (هذِهِ) مبتدأ. وسَبِيلِي خبر، وجملة (أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ ... ) حالية ، وقد جيء بها على سبيل التفسير للطريقة التي انتهجها الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته.

التفسير الوسيط ج7 ص423

* قال الشيخ بن عجيبة رحمه الله :

لا يصلح العبد أن يكون داعياً إلى الله حتى يكون على بصيرة من ربه ، بحيث لا يبقى فيه تقليد بحت ، ولا يختلجه شك ولا وهم .

البحر المديد ج2 ص633

* قلت صاحب الموضوع :

وجدت في الآية عدة إشارات أحببت مشاركتكم بها ..

1- (هذه سبيلي) : وليس هذا سبيلي .. لأن كلمة السبيل تُذكَّر وتؤنَّث .. والمقصود به "طريقتي ومنهجي في الدعوة الى الله" ..

وتأتي مذكرة مثل في قوله تعالى (وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرشد لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الغي يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ... ) الأعراف 146 .

2- جملة (ادعوا إلى الله) .. هي طريقة النبي في الحياة .. أي أنه يدعو للتوحيد وللسلام والخير والصلاح ..

وهذه الجملة في الآية تجعلك تتسائل : إذا كانت هذه دعوته .. فما هو كان منهجه في تبليغ هذه الدعوة ؟

هذا ما تشرحه آيات أخرى ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل125

(وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) آل عمران159

3- أن الاستعلاء المجازي في قوله تعالى (على بصيرة) .. يدل على تمكُّن النبي تمكُّنا كاملا من المعرفة التامة لطريق الحق .. وهي مجموع اليقين (علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين) .

4- وتأمل قوله تعالى (ومن اتبعني) .. أي أن من يتبع النبي صلى الله عليه وسلم يرزقه الله البصيرة والمعرفة للتمييز بين الحق والباطل .. ويرزقه من اليقين من يعينه به على دعوته إلى الله ..

5- يرشدك قوله تعالى (ومن اتبعني)  : إذا أردت البصيرة .. فلن تصل إليها إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم .. ولا تتبعه إلا إذا أحببته ..

ولذلك يقول العارفين : كل طريق إلى الله منقطع الوصول إلا باتباع حضرة الرسول .

*********************************

..:: ما هو الهدى المستقيم ؟ ::..

.:: النبي المرشد المربي الكامل ذو الهدي المستقيم ::..

(وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ) الحج67 ..

(كل باب لله ممنوع إليه الوصول إلا إن اتبعت حضرة الرسول)

* قال الشيخ  أبو زهرة رحمه الله :

فالتعبير بقوله تعالى: (لَعَلَى هُدًى) أنك متمكن من هدايتك تمكن من كان فوق الهداية مستمكنا منها كالقائم عليها والجالس عليها ووصف سبحانه الهدى الذي استمكن منه - صلى الله عليه وسلم - واقتعده بالاستقامة، والاستقامة وصف للحق ..

زهرة التفاسير ج9 ص5023

* قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله :

وَجُمْلَةُ إِنَّكَ ( لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ ) تَعْلِيلٌ لِلدَّوَامِ عَلَى الدَّعْوَةِ وَأَنَّهَا قَائِمَةٌ مَقَامَ فَاءِ التَّعْلِيلِ لَا لِرَدِّ الشَّكِّ. وعَلى مُسْتَعَارَةٌ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْهُدَى.

* وَوَصْفُ الْهُدَى بِالْمُسْتَقِيمِ .. اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ شُبِّهَ الْهُدَى بِالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلِ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَرُمِزَ إِلَيْهِ بِالْمُسْتَقِيمِ .. لِأَنَّ الْمُسْتَقِيمَ أَسْرَعُ إِيصَالًا ، فَدِينُ الْإِسْلَامِ أَيْسَرُ الشَّرَائِعِ فِي الْإِيصَالِ إِلَى الْكَمَالِ النَّفْسَانِيِّ الَّذِي هُوَ غَايَةُ الْأَدْيَانِ .

وَفِي هَذَا الْخَبَرِ تَثْبِيتٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَجْدِيدٌ لِنَشَاطِهِ فِي الِاضْطِلَاعِ بأعباء الدعْوَة .

التحرير والتنوير ج17 ص330

* قلت صاحب الموضوع :

* وحينما قال تعالى للنبي (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ ) الحج67 ..

هذه هداية الدعوة والإرشاد .. إلى الإيمان برب العباد .. وقد وصفه الله فيها بكمال التمكين من هذا الإرشاد .. ووصف طريقته بأصدق واحق الطرق المختصرة الموصلة للإيمان الحق ..

* فإذا كان لفظ (وادعو) يدل على الإرشاد .. ولكن وصف (على هدى مستقيم) .. يرشدك إلى كمال تحقيقه لكل طرق الهداية .. ولذلك لم يقل سبيل ولا طريق ولا صراط .. حتى تعلم أن كل طرق الهداية قد تمكَّن منها صلى الله عليه وسلم تحقيقا موصولا بخاتمة السعادة ..

* ولهذا السبب يقول العارفون : كل باب لله ممنوع إليه الوصول إلا إن اتبعت الرسول ..!!

لكمال تحقيقه صلى الله عليه وسلم لطرق الهداية بمراحلها الثلاثة .. إرشادا وتمكينا وتحقيقا مع صحة كشفه يقينا ..

* وهو المشار إليه مجازا .. بطريق الإسراء والمعراج .. فالإسراء إشارة للتزكية النفسية والمعراج ترقية قلبية  .

والله أعلم ..

  

* فلا يصح ان يأتي بعض أتباع من ينتسبون إلى بعض الطرق الصوفية ويقولون لك أن طريقتهم مختصرة في الطريق إلى الله .. !!

لأن أصلا طريق النبي هو طريق مستقيم أي مختصر في حد ذاته .. للوصول إلى الكمال الإنساني .. ولا يوجد يختصر ما اختصره النبي لنا .. وإلا كان خلاف ما عليه صلى الله عليه وسلم ..!!

* وفيه دلالة على أن من أراد الإرشاد للطريق المستقيم . فعليه أن يتعلم ذلك من منهج النبي في التبليغ والدعوة .. من حكمة وموعظة حسنة وبصيرة .. ثم مجاهدة في اتباع النبي ليكون هواه تبعا لما جاء به ويكون النبي أحب إليه من نفسه وماله وولده .. مصحوبا في كل ذلك ابتغاء مرضاة الله ..

* وفيه دلالة على أن غير سالك الهدي النبوي أو المنحرف عنه .. فهو لن يكون على استقامة مع الحق .. ولن يهدي أحد للطريق المستقيم ..!!

والله أعلم .

*****************************************

..:: الفصل التاسع ::..

**********************************

..:: من الذي لا ينتفع بهداية الإرشاد لطريق الله ؟ ::..

* قال الشيخ الشعراوي رحمه الله :

والهداية نوعان : هداية دلالة وهداية معونة .

هداية الدلالة هي للناس جميعا ..

وهداية المعونة هي للمؤمنين فقط المتبعين لمنهج الله .

والله سبحانه وتعالى هدى كل عباده هداية دلالة أي دلهم على طريق الخير وبينه لهم. . فمن أراد أن يتبع طريق الخير اتبعه. . ومن أراد ألا يتبعه تركه الله لما أراد. .

هذه الهداية العامة هي أساس البلاغ عن الله. فقد بين لنا الله تبارك وتعالى في منهجه بافعل ولا تفعل ما يرضيه وما يغضبه. . وأوضح لنا الطريق الذي نتبعه لنهتدي. والطريق الذي لو سلكناه حق علينا غضب الله وسخطه. .

ولكن هل كل من بين له الله سبحانه وتعالى طريق الهداية اهتدى ؟ . .

نقول لا. . واقرأ قوله جل جلاله: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فاستحبوا العمى عَلَى الهدى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ العذاب الهون بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [فصلت: 17]

* اذن هناك من لا يأخذ طريق الهداية بالاختيار الذي أعطاه الله له. . فلو أن الله سبحانه وتعالى أرادنا جميعا مهديين. . ما استطاع واحد من خلقه أن يخرج على مشيئته. ولكنه جل جلاله خلقنا مختارين لنأتيه عن حب ورغبة بدلا من أن يقهرنا على الطاعة ..

* ما الذي يحدث للذين اتبعوا طريق الهداية والذين لم يتبعوه وخالفوا مراد الله الشرعي في كونه ؟

الذين اتبعوا طريق الهداية يعينهم الله سبحانه وتعالى عليه ويحببهم في الايمان والتقوى ويحببهم في طاعته.

. واقرأ قوله تبارك وتعالى: (والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ) [محمد: 17] أي أن كل من يتخذ طريق الهداية يعينه الله عليه. . ويزيده تقوى وحبا في الدين. . أما الذين إذا جاءهم الهدى ابتعدوا عن منهج الله وخالفوه. . فإن الله تبارك وتعالى يتخلى عنهم ويتركهم في ضلالهم. واقرأ قوله تعالى: (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف: 36]

* والله سبحانه وتعالى قد بين لنا المحرومين من هداية المعونة على الايمان وهم ثلاثة كما بَيَّنْهُم لنا في القرآن الكريم: (ذلك بِأَنَّهُمُ استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وَأَنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين) [النحل: 107]

(ذلك أدنى أَن يَأْتُواْ بالشهادة على وَجْهِهَآ أَوْ يخافوا أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ واتقوا الله واسمعوا والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين) [المائدة: 108]

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الذي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ الله الملك إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الذي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق فَأْتِ بِهَا مِنَ المغرب فَبُهِتَ الذي كَفَرَ والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين) [البقرة: 258]

* اذن فالمطرودون من هداية الله في المعونة على الايمان. . هم الكافرون والفاسقون والظالمون.

تفسير الشعراوي ج1 ص83-85

************************************

..:: ما هي أدوات حجب سبيل الهداية الربانية للناس ؟ ::..

(الزينة والمال)

(ولماذا الكافر يتمتع بالزينة في الدنيا والطيبات من الرزق ؟)

* يقول تعالى : ( وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ ) يونس 88

فكل ما يفتنك في نفسك .. فهو يحجبك عن سبيل الله .. ومن أهم أبواب الفتنة (الزينة والمال) .. والزينة مثل الصحة والعلم والسلطة والمكانة الإجتماعية والأولاد .. وفي هذا الزمان (الفن والإعلام والصحافة وكل وسائط الميديا) .. 

والمال يشمل كل ما تقتنيه بالمال .. مثل سيارة وشقة وملابس وغير ذلك مما يتفاخر به الناس في حياتهم ..

* والمشكلة ليست في العطاءات وإنما في كيفية توظيف هذه العطاءات .. هل سيتم توظيفها لخدمة الخير والحق أم لشهوات النفس وأسباب الباطل .. فهنا يكون الحكم على هذه الزينة والمال ؟!!

* فهناك من يمتلك الزينة والمال ويستعلوا بهذه العطاءات على الخلق .. أو ينشغلوا بها عن الله ..

فمن يستغل هذه العطاءات في الإنشغال عن الله أو أن يشغل بها الخلق ليبتعدوا عن الله .. فقد ضل وأضل عن سبيل الله ..

كما يقول تعالى  ( وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً ) النساء27 .. ميلا عن الحق إلى الباطل باتباع الشهوات النفسية المنافية للمنهج الإلهي ..

* فكمثال على الزينة .. مثل الذي يستعرض عضلاته بالبلطجة ، ومن يستخدم علمه في أذى الخلق ، ومن يستخدم سلطته في فتنة الناس ، ومن يجعل من أولاده مدد لطغيانه ، ومن يستخدم وسائل الإعلام لفتنة الناس في دينهم أو نشر أكاذيب على الخلق بالباطل أو نشر فتنة بين البلاد والعباد .. وغير ذلك ..

* أما عن المال فهو معروف كيف يتم استخدامه في السوء .. مثل من يشتري سيارة فاخرة لاصطياد النساء .. أو يشترى المخدرات .. او مثل التي تشتري ملابس مبهرة لفتنة الشباب والرجال لجذب الإنتباه .. أو من يشتري النفوس لتزور انتخابات أو ليشهد زور على شخص في المحكمة أو غير ذلك مما هو يتم شراءه بالمال .. لتضليل الخلق في حياتهم ..!!

* ولو تأملنا لوجدنا أن كثير من نعم الله علينا .. هي زينة لنا .. حتى السماء جعل الله فيها زينة .. ( أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ ) ق6 ..

* وهناك من الزينة ما هو محمود طالما لا يشغلك عن الله ولا تفتن به الناس ( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) النحل8 ..

والخيل والحمار "يتم استخدامهم في المناطق البدوية والريفية " .. ولهم بديل في المدن .. هو الدراجات والسيارات والطائرات .. ( ولازال عطاء الله ممدود من قوله "ويخلق مالا تعلمون" ) .. فقد يتم إيجاد وسيلة نقل صاروخية لجماعة كبيرة من الناس في وقت محدود ..

* ولكن في كل الأحوال لا تنشغل بعطاءات الله عن الله .. ولا تفتن خلق الله بعطاءات الله عن طاعة الله .. !!

* قال الشيخ الشعراوي رحمه الله :

( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

ولنلحظ دقة الأسلوب هنا في قوله تعالى: (قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا ... ) [الأعراف: 32]

ثم يتابع سبحانه: (خَالِصَةً يَوْمَ القيامة ... ) [الأعراف: 32]

فكأننا أمام حالتين اثنتين: حالة في الدنيا، وأخرى في يوم القيامة ..

معنى ذلك أن الزينة في الحياة الدنيا غير خالصة؛ لأن الكفار يشاركونهم فيها، فهي من عطاء الربوبية ، وعطاء الربوبية للمؤمن وللكافر ..

* وربما كان الكافر أكثر حظًّا في الدنيا من المؤمن، ولكن في الآخرة تكون الزينة خالصة للمؤمنين لا يشاركهم فيها الكافرون.

وكذلك فإن الحق سبحانه وتعالى يعطي اليقظة الإِيمانية في المؤمن بوجود الأغيار فيه، ومعنى وجود الأغيار أنه قد يتعرض الإِنسان لتقلبات بين الصحة والمرض والغنى والفقر والقوة والضعف. وهكذا يكون الإٍنسان في الدنيا؛ فهي دار الأغيار، ويصيب الإِنسان فيها أشياء قد يكرهها ..

* لذلك فالدنيا ليست خالصة النعيم لما فيها من أغيار تأتيك فتسوؤك. إنها تسوؤك عند غيبة شحنة الإِيمان منك؛ لأنك إن استصحبت شحنة الإِيمان عند كل حدث أجراه الله عليك لَلَفَتَكَ الله إلى حكمته. {قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا خَالِصَةً يَوْمَ القيامة ... } [الأعراف: 32]

* ويمكن أن نقرأ كلمة «خالصة» منصوبة على أنها حال، ويمكن أن نقرأها في قراءة أخرى مرفوعة على أنها خبر بعد خبر ..

والمعنى: أنها غير خالصة للمؤمنين في الدنيا لمشاركة الكفار لهم فيها، وغير خالصة أيضاً من شوائب الأغيار ولكنها وفي الآخرة خالصة للمؤمنين فلا يشاركهم الكفار ولا تأتي لهم فيها الأغيار.

تفسير الشعراوي ج7 ص4115-4116

*****************************************

..:: الفصل العاشر ::..

**********************************

:: ختام البحث عن كلمة " السبيل " ::

(1)

..:: لماذا لم يصف السبيل بكلمة مستقيم ؟ ::..

حينما جمعت بين الآيات فلم أجد كلمة مستقيم مضافة إلى كلمة سبيل ..!! وهذا بخلاف كلمة طريق وكلمة صراط ..!!

* والحقيقة أن كلمة سبيل .. هي كلمة إرشادية للوصول إلى طريق الحق أو طريق الباطل .. فقد تستخدم هذا الإرشاد وقد لا تستخدمة ..

والإستقامة في القرآن الغرض منها أنها تمكين وتحقيق فعلي لطريق موصل إلى الجنة ورضوان الله ..

ولكن مجرد الإرشاد فهو لا يوصل الإنسان للجنة .. ونعطي لذلك مثل :

فالقرآن كتاب إرشاد وسبيل قويم لمن يؤمن به .. ولكن هل مجرد اقتناءك للقرآن جعلك مؤمنا به ..؟!!

وكثير من المخلوقات الناطقة بالعربي يقرأون القرآن للطعن فيه .. فهل هؤلاء انتفعوا بإرشاد القرآن للإيمان ..؟!!

بالطبع لا ..

* ولذلك جاء كلمة السبيل بدون وصف للإستقامة .. لعدم وجود وتحقيق الإيمان الفعلي الدال على الإستقامة التي تؤدي للجنة ورضا الله ..

حيث أن السبيل هداية إرشادية إلى الإيمان .. وليس طريق للتمكين الفعلي للإيمان من القلب ..

* ولذلك وصف السبيل بالضال حين الانحراف عن الإيمان الحق .. ولم يصف الصراط أو الطريق بذلك .. لأن الإيمان يكون قد تحقق فعلا للشخص الذي وصل لطريق الإيمان وتحقق بصراط الله ..

ولكن (المؤمن بالباطل أو الغير مسلم) وصف سبيله هدايته الإرشادية من البداية بالباطل ليعرفك أن ما سيأتي بعده فهو باطل بالتبعية .. فلا داعي لوصف طريقه وصراطه بالباطل لأن بدايته كانت باطلة .. وما بُنِيَ على باطل فهو باطل .. فاكتفى تعالى بذكر بطلان مسعاه من البداية .. فوصف سبيله بالباطل .

* فالإستقامة باعتبار التمكين والتحقق بالإيمان .. والضلال باعتبار بداية الإرشاد ..

* والله أعلم بحقائق كتابه ..

************************************

(2)

..:: ما الفرق بين هذه الآيات ؟ ::..

قوله تعالى :(عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) القصص 22 .

وقوله تعالى : (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) ص 22 .

1- الآية الأولى طلب موسى من ربه على سبيل الرجاء أن يرشده إلى طريق النجاة .. حيث أن كلمة سواء تعني (منتصف) .. وكأنه يرجو من ربه ان يدله ويرشده إلى طريق لا انحراف فيه يمينا ولا يسارا .. بل طريقا يظل محافظا على السير فيه للوصول إلى نجاة من فرعون وجنده ..

فكلمة السبيل هنا جاءت للدلالة على طريق مادي ..

2- أما قوله تعالى (اهدنا إلى سواء الصراط) .. فكانت خاصة بالخصمين الذين دخلوا على داوود في المحراب .. وطلبوا منه ان يحكم بالعدل ويرشدهم إلى القول الحق والعدل في المسألة ..

وجاء بكلمة الصراط .. للتحقيق في المسألة بمنهج الله وليس بغيره .. والله أعلم .

* وفي كلا الآيتين .. (السبيل والصراط) .. لا علاقة لهما في الآيات بالإيمانيات .. وإنما لها دلالات أخرى خاصة بمعاني أخرى .. حسب سياق الآيات ..

* ملحوظة : يوجد لفظ "سواء السبيل" في آية  )) وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ )) البقرة 108 .. وهي تتكلم عن طريق الإيمان .. وليس الطريق المادي .. كما في قصة سيدنا موسى السابق ذكرها .. 

* فكل آية ولها دلالتها اللفظية .. ونحن هنا في بحثنا نتكلم عما يتعلق بالإيمان ..

* وكان هذا ختام بحثنا عن كلمة السبيل .. وننتقل إلى بحثنا في كلمة " طريق " ..

فما هو معنى الطريق في القرآن ؟!!

*****************************************

..:: الفصل الحادي عشر ::..

**********************************

..:: الطريق ::..

يتبع إن شاء الله تعالى
***************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..