بحث في المدونة من خلال جوجل

الأحد، 29 أبريل 2018

Textual description of firstImageUrl

ج6 :: رسالة الزوهريين وخرافة أبناء الجن وأصحاب القدرات الروحانية الخاصة - هل المرأة التي أتاها رجل وهي نائمة في زمن عمر وقذف فيها مثل شهاب النار فيه دليل على الحمل من الشيطان - كيف نعقل أن الله جل جلاله يطلب من الشيطان أي طلب وهو المطرود من رحمة الله والملعون في الدنيا والآخرة - هل الشيطان ينزل نطفته مع نطفة الرجل في رحم الزوجة - هل ظهر من كلام الإمام مالك ما يدل على أن المرأة ممكن أن تتزوج وتنجب من الجن - هل قال الشيخ بن تيميه أن التوالد بين الإنس والجن جائز ويحدث .

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

(الزُّوهَريِّين وخرافة أبناء الجن وأصحاب القدرات الروحانية الخاصة)

.. من هو الشيخ والطفل الزوهري ؟..

مناقشة ما يقوله بعض الرقاة والروحانيين عن الزُّوهَريِّين

( بطريقة شرعية وعقلية وروحانية )

 (الجزء السادس)



#- فهرس:
:: الفصل السادس :: تابع/ مناقشة الأدلة والنصوص الشرعية التي استدل بها البعض على وجود الشخص الزوهري ::
1- س20: هل المرأة التي أتاها رجل وهي نائمة في زمن عمر وقذف فيها مثل شهاب النار فيه دليل على الحمل من الشيطان ؟
2- س21: كيف نعقل أن الله جل جلاله يطلب من الشيطان أي طلب وهو المطرود من رحمة الله والملعون في الدنيا والآخرة ؟
3- س22: هل الشيطان ينزل نطفته مع نطفة الرجل في رحم الزوجة ؟
4- س23: هل ظهر من كلام الإمام مالك ما يدل على أن المرأة ممكن أن تتزوج وتنجب من الجن ؟
5- س24: هل قال الشيخ بن تيميه أن التوالد بين الإنس والجن جائز ويحدث ؟

***************************
:: الفصل السادس ::
:: تابع/ مناقشة الأدلة والنصوص الشرعية التي استدل بها البعض على وجود الشخص الزوهري ::
************************

:: المناقشة التاسعة ::
 ..:: س20: هل المرأة التي أتاها رجل وهي نائمة في زمن عمر وقذف فيها مثل شهاب النار فيه دليل على الحمل من الشيطان ؟ ::..
 
- من أغرب ما تجده من بعض هؤلاء المستدلين على الطفل الزوهري .. هو استدلالة برواية لا تدل على أي شيء إلا وهما توهمه من ينقل هذا الأثر ..
 
- روي عبد الرزاق عن بن عيينة عن عاصم بن كليب الجرمي عن أبيه : (أَنَّ أَبَا مُوسَى، كَتَبَ إِلَى عُمَرَ فِي امْرَأَةٍ أَتَاهَا رَجُلٌ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَقَالَتْ: إِنَّ رَجُلًّا أَتَانِي، وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ حَتَّى قَذَفَ فِيَّ مِثْلَ شِهَابِ النَّارِ، فَكَتَبَ عُمَرُ: «تِهَامِيَّةٌ تَنَوَمَّتْ قَدْ يَكُونُ مِثْلُ هَذَا»، وَأَمَرَ أَنْ يُدْرَأَ عَنْهَا الْحَدُّ) رواه عبد الرزاق في مصنفه.
 
- قوله (تهامية): أي امرأة تعيش في تهامة وهي أحد مدن الحجاز .. والظاهر أنها تعيش خارج حدود المدينة كالبدو .. والله أعلم.
- قوله (تنومت): اللفظ يدل على أنه تم إجبارها على النوم بطريقة ما سواء غلبها النوم بقوة أم أنه تم إعطائها شيئا لتشربه فنامت عميقا .. وبالتالي قد يحدث مثل ذلك وهي مغلوبة على أمرها .. ولعلها ظنت أنها تحتلم من شدة النوم والتعب .. والله أعلم .
 
#- ما الذي يريد المستدلون بهذا الأثر أن يقولوه لنا ؟
- كأنهم بهذا الأثر يريدون أن يقولوا لنا: أن المرأة قالت أنه قُذف فيها مثل شهاب النار .. إذا فالشيطان أخرج ناريته في فرجها وأصبحت حامل ؟
- قلت: أهذا كلام يعقله عاقل يا ناس .. ومع ذلك سنناقشهم فيما استدلوا به .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة ):
1- قلنا الاحتجاج لا يكون برأي صحابي في اثبات الأمور العقائدية والغيبية .. ويظل رأيه مجرد اجتهاد ظني منه .. فهو ليس مُلزِم لأحد ..
 
2- الرواية ترشد إلى فقه عمر بن الخطاب في مسائل إغتصاب النساء بالإكراه ..!!
- فما علاقة الغيبيات بهذه المسألة ؟!!
 
- حتى أن الإمام عبد الرزاق الذي روى هذه الرواية وضعها في كتابة تحت عنوان (بَابٌ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ تُسْتَكْرَهَانِ ج7- ص408) ..
- فكيف يتم الإستدلال بمثل هذه الرواية على ما تزعمون من جماع الجن للإنسية والحمل بها ؟!!
 
- أم أن خيالكم المرض وشيطان أنفسكم زين لكم حينما وجدتم جملة (قَذَفَ فِيَّ مِثْلَ شِهَابِ النَّارِ) أن الذي جامعها هو جن .. !!
- أهذا كلام يعقله عاقل يا ناس ؟!!
 
3- وكيف يكون التصور أنه جن في حين أن المرأة قالت: (أتاني رجل) ولم تقل أتاني شبح أو جن أو خيال ؟!!
                                                                          
4- بل أن المرأة قالت: (قَذَفَ فِيَّ مِثْلَ شِهَابِ النَّارِ) أي قالته هذا كمثال وليس كحقيقة .. لأنها تقصد به وصف لماء الرجل النازل الذي يكون دافئا ..
- بل بمنطق ومفهوم هذه العقول الغير واعية لما تنقله .. لو كان الذي تم قذفه هو فعلا شهاب من نار في فرجها .. لكانت المرأة ماتت ولم نجد لها أثر من أساسه ..!!
- فأين عقولكم ؟!!
 
5- ولعل قد يذهب بك الخيال إلى أن هذا الرجل الذي اغتصب المرأة هو جن قد تجسد في صورة إنسان .. فهو بالتأكيد سيكون شخص غير عاقل .. لأنه كيف يتجسد في صورة مادية ويقذف في حالة نارية في نفس الوقت ؟
 
- ثم لنا هنا أن نسأل فنقول لو كان هذا تصوركم فعلا وهذا لا يكون إلا عن تجربة حدثت وتكررت حتى استقر في العقل وجودها .. وهذا لا يتم إلا لو كنتم طرف في هذه المعاشرة مع الجن أو عاينتوها بأعينكم وهذا يتطلب رؤيتكم للجن وهو ينكح النساء وهذا لا يحدث .. ولذلك لا يبقى لنا إلا أن نستفسر ونقول: هل عاشرتم الجن حتى تجزموا بأنه يقذف شهاب من نار ؟!!
- وإلا فمن أين علمتم أن قذف الجن يكون في هيئة شهاب من نار إلا لو كنتم قد ذقتم ونالكم شيئا من هذا الشهاب الناري فيكم ؟!! أم أنكم تكذبون ؟!!
 
#- وبهذا يكون ختام المناقشة التاسعة ..
 
********************************
 
(المناقشة العاشرة)
..:: س21: كيف نعقل أن الله جل جلاله يطلب من الشيطان أي طلب وهو المطرود من رحمة الله والملعون في الدنيا والآخرة ؟ ::..
 
- ومن الأمور التي استدلوا بها بصورة غريبة .. بل وجعلوا منها قصة حقيقية .. وهذا ما لا يمكن أن يظنه قلب مؤمن في حق الله .. فضلا عن أن القصة تحمل رائحة الفبركة الروحانية من أجل تسويقها بين الناس وصبغها بالصبغة الشرعية ..!!
 
#- وهنا تروى قصتين .. قصة الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ وهي صحابية، وقصة عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وهي من كبار التابعين ..

#- أولا: قصة الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ:
- يروي عن عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، قال: أخبرنا محمد ابن قُدَامَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ:
(كانت ابنة عوف بن عَفْرَاءَ، مُسْتَلْقِيَةً عَلَى فِرَاشِهَا، فَمَا شَعُرَتْ إِلَّا بِزِنْجِيٍّ، قَدْ وَثَبَ عَلَى صَدْرِهَا، وَوَضَعَ يَدَهُ فِي حَلْقِهَا ، فَإِذَا صَحِيفَةٌ صَفْرَاءُ، تَهْوِي بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى صَدْرِي. فَأَخَذَهَا- تَعْنِي الزَّنْجِيُّ- فَقَرَأَهَا، فَإِذَا فِيهَا: مِنْ رَبِّ لَكِينٍ إِلَى لكين: اجتنب ابنة الْعَبْدِ الصَّالِحِ، فَإِنَّ لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا، فَقَامَ وَأَرْسَلَ يَدَهُ مِنْ حَلْقِي، وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رُكْبَتِي، فَاسْوَدَّتْ، حَتَّى صَارَتْ مِثْلَ رَأْسِ الشَّاةِ. قَالَتْ: فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهَا. فَقَالَتْ: يَا ابْنَةَ أَخِي إِذَا حِضْتِ، فَاجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَضُرَّكِ بإذن شَاءَ اللهُ-، قَالَ "أي أنس بن مالك": فَحَفِظَهَا اللهُ بِأَبِيهَا، إِنَّهُ "عَلِيٌّ" كَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ شَهِيدًا) رواه بن أبي الدنيا في مكائد الشيطان وعن طريقه رواه البيهقي في دلائل النبوة.
 
- قولها (عائشة): يقصد بها عمتها عَائِشَةَ بِنْتِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ .


- وفي رواية بلفظ: (كانت بنت عوف بن عفراء مضطجعة في بيتها قائلة إذ استيقظت وزنجيّ على صدرها آخذا بحلقها، قالت: فأمسكني ما شاء الله وأنا حينئذ قد حرمت عليّ الصلاة .....) رواه بن قتيبه في عيون الأخبار.

- وفي رواية أخرى بلفظ: عن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ قَالَتْ:
( بَيْنَمَا أَنَا قَابِلَةٌ، قَدْ أَلْقَيْتُ عَلَيَّ مِلْحَفَةً لِي، إِذْ جَاءَنِي أَسْوَدُ يُعَالِجُنِي عَنْ نَفْسِي، قَالَتْ: فَبَيْنَمَا هُوَ يُعَالِجُنِي، أَقْبَلَتْ صحيفة من ورقة صَفْرَاءُ تَهْوِي مِنَ السَّمَاءِ، حَتَّى وَقَعَتْ عِنْدَهُ، فَقَرَأَهَا فَإِذَا فِيهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ رَبِّ لَكِينٍ إِلَى لَكِينٍ أَمَّا بَعْدُ- فَدَعْ أَمَتِي بِنْتَ عَبْدِيَ الصَّالِحِ، فَإِنِّي لَمْ أَجْعَلْ لَكَ عَلَيْهَا سَبِيلًا. قَالَتْ: فَانْتَهَرَنِي بِقَرْصَةٍ. وَقَالَ: أَوْلَى لَكِ. فَمَا زَالَتِ القرصة فِيهَا حَتَّى لَقِيَتِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ) رواه البيهقي في دلائل النبوة ..
 
- قولها (يعالجني): أي يطبق على صدري ويخنقني .. وهذا اللفظ من الإعتلاج وليس العلاج .. وهو ما يتوافق مع لفظ الرواية السابقة وهو حالة الخنق ..!!
- قوله (أولى لك): أي هذا أقصى ما أستطيع أن أؤذيكي به. فقوله (أولى لك) أي هلاكا لك ..
 
- وفي رواية بلفظ: (من ربّ لكيز إلى لكيز) رواه بن قتيبه في عيون الأخبار..
- وفي رواية بلفظ: (مِنْ رَبِّ عكب إِلَى عكب) رواه بن أبي الدنيا القرشي في مكائد الشيطان وعنه ذكره الشبلي في كتاب غرائب وعجائب الجان..، وذكرها بن حجر في كتابه (بذل الماعون ص 152) هذه الرواية السابقة بلفظ : (من ربِّ عُلْب إلى عُلْب) .. بدلا من (مِنْ رَبِّ عكب إِلَى عكب) .. !!
- وسواء هذا أو ذاك فالرواية تالفة ولم تصح وغالبا مكذوبة - والله أعلم .. وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله ..!!
 
#- ملحوظة هامة جدا:
- بعض الروايات السابقة في قصة الربيع بنت معوذ .. ذكرها الإمام الشبلي رحمه الله في كتابه آكام المرجان .. تحت عنوان (منع بعض الجن بعضا من التعرض لنساء الإنس) .. وهذا العنوان فيه نظر لأنه لا يوجد في الروايات السابقة أن من أرسل الرسائل هذه هو نوعا من الجن .. بل الظاهر منها أنها رسالة ربانية كنوع من الكرامة الخاصة لمن حدث له ذلك .. ودليل ذلك ما جاء في ألفاظ بعض الروايات: (فَدَعْ أَمَتِي بِنْتَ عَبْدِيَ الصَّالِحِ، فَإِنِّي لَمْ أَجْعَلْ لَكَ عَلَيْهَا سَبِيلًا) (فَحَفِظَهَا اللهُ بِأَبِيهَا، إنه كان قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ شَهِيدًا) .. فكلمة (رب) في الروايات على ظاهر معناها أنه "الإله" .. وليست بمعني "السيد" .. أي كأنه يقول: من سيد الجن إلى "لكين" انصرف عن فلانه .. !! ولكن هذا الكلام غير ظاهر من القصة ولا يدل عليه لمن له أبصر ذلك .. فضلا عن أن الروايات كلها فاسدة وتالفة السند ولم يصح منها شيئا كما سيظهر لك بيان ذلك . 
 
 #- ثانيا: قصة عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأنصارية ..
- يروى عن أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيُّ: عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: (لَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَفَاةُ، فَاجْتَمَعَ عِنْدَهَا نَاسٌ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ عُرْوَةُ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَهَا وَقَدْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا، إِذْ سَمِعُوا نَقِيضًا مِنَ السَّقْفِ فَإِذَا ثُعْبَانٌ أَسْوَدُ قَدْ سَقَطَ، كَأَنَّهُ جِذْعٌ عَظِيمٌ، فَأَقْبَلَ يَهْوِي نَحْوَهَا إِذْ سَقَطَ رَقٌّ أَبْيَضُ فِيهِ مَكْتُوبٌ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» .. مِنْ رَبِّ كَعْبٍ إِلَى كَعْبٍ- لَيْسَ لَكَ عَلَى بَنَاتِ الصَّالِحِينَ سَبِيلٌ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْكِتَابِ سَمَا حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَيْثُ نَزَلَ..) رواه البيهقي في دلائل النبوة.
 
#- قلت (خالد : صاحب الرسالة):
- أولا: التحقيق من سند الأحاديث ..
1- الرواية الأولى في قصة " الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ":
- قد صحح هذه الرواية الإمام بن حجر في بذل الماعون .. وهذا التصحيح فيه نظر وتساهل من الإمام بن حجر ولا حجة له فيه كما سيتبين لك ذلك بوضوح .. لأن في السند "محمد بن قدامه الجوهري" وهو ضعيف الحديث .. واسمه كاملا  كما جاء في تهذيب الكمال (ج26 ص310) برقم 5555 .. هو " مُحَمَّد بن قُدَامَةَ الأَنْصارِيّ الجوهري اللؤلؤي - أبو جعفر البغدادي" ..
 
#- ورأي العلماء في "محمد بن قدامه الجوهري":
- قال يحيى ابن مَعِين عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الجوهري، فقال: ليس بشيءٍ..، وَقَال أَبُو عُبَيد الآجري: سألت أَبَا دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الجوهري، فقال: ضعيف، لم أكتب عَنْهُ شيئا قط. (راجع تهذيب الكمال ج26 ص311).
- وقال عنه الإمام الذهبي (المتوفى: 748هـ): مُحَمَّد بن قدامَة الْجَوْهَرِي ضعفه أَبُو دَاوُد لم يخرج عَنهُ أحد. (راجع المغني في الضعفاء ج2 ص626).. وقال مرة أخرى عنه أنه: لين (راجع الكاشف ج2 ص212).
- وقال الإمام بن حجر (المتوفى: 852هـ): ضعفوه .. (راجع لسان الميزان ج9 ص414).
- ثم عاد بن حجر فقال: فيه لين (راجع تحرير تقريب التهذيب ج3 ص308) .. وقال محققو تحرير التهذيب تعليقا على قول بن حجر: بل: ضعيفٌ، قال ابنُ معين: ليس بشيء، وقال أبو داود: ضعيفٌ، فلا نعلم لم قال فيه: "فيه لين"، وليس فيه سوى هذين القولين؟!! . (راجع تحرير تقريب التهذيب ج3 ص308)
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- ملحوظة هامة جدا: ذكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد برقم (1547) (ج3 ص406) .. "محمد بن قدامة بن أعين بن المسور - أبو جعفر الجوهري" .. ثم ذكر فيه أن النسائي قال عنه أنه صالح الحديث وأن الدارقطني قال عنه ثقه ..
 
- وهذا كلام فيه خلط من أبو بكر الخطيب البغدادي حيث أنه خلط بين شخصين وجعلهما شخص واحد .. الأول وهو "محمد بن قدامه الجوهري" وهو ضعيف الحديث .. والثاني وهو "محمد بن قدامه المصيصي" وهو ثقة وحديثه صحيح ..
 
ب- ولذلك قال الإمام أبو الحجاج المزي (المتوفى: 742):
- خلط أَبُو بكر الخطيب "البغدادي" وغيره هذه الترجمة بالتي قبلها (يقصد ترجمة مُحَمَّد بن قُدَامَةَ بن أعين المسور المصيصي التي ذكرها برقم 5554) .. وقد ميز بينهما عَبْد الرَّحْمَنِ بن أَبي حاتم وغيره وهو الصواب.. ومن أدل دليل على ذلك أن أبا داود قد روى عدة أحاديث عَنْ "مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ بن أعين وهو المصيصي" ، وقد روى الخطيب بإسناده عَن أبي عُبَيد الآجري أنه سأل أبا داود عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ الجوهري، فقال: ضعيف لم أكتب عَنْهُ شيئا قط كما تقدم في ترجمته .. فهذا دليل صريح أنهما اثنان .. وأن الذي روى عنه أبو داود ليس بالجوهري.. وأيضا: فإن النَّسَائي قد روى عن مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، وَقَال في شيوخه: مُحَمَّد بن قُدَامَةَ مصيصي لا بأس بِهِ. كما حكينا عنه في ترجمته، ولم يدرك النَّسَائي مُحَمَّد بن قُدَامَةَ الجوهري فإنه مات سنة سبع وثلاثين ومئتين كما ذكر الخطيب، وإنما كانت رحلة النَّسَائي بعد الأربعين ومئتين، والله أعلم. (راجع تهذيب الكمال ج26 ص312-313).
 
 ج- وإذا كان الإمام بن حجر رحمه الله قال بتصحيح هذه الرواية .. فهذا تصحيح فيه نظر .. لأن كيف يصح الحديث وفيه "محمد بن قدامه الجوهري" الذي هو شيخ بن أبي الدنيا .. بل والإمام بن حجر هو نفسه من قال بأن "محمد بن قدامه الجوهر" هو لين الحديث أي ضعيف .. فكيف يقول بتصحيح هذه الرواية .. وكيف نقبل هذا التناقض حينئذ ..؟!!
- ولعله بن حجر رحمه الله قد ظن عند كتابة هذه الرواية أن (مُحَمَّد بن قُدَامَةَ) هو (المصيصي) وليس الجوهري .. فلم ينتبه لذلك .. وهذا هو الذي يغلب على ظني .. والله أعلم .
 
2- الرواية الثانية في قصة " الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ":
- وفي سند هذه الرواية يوجد علتان ..
أ- (أَبِي عَبْد الْعَزِيْز الرَّبَذِيّ، وهو موسى بن عُبَيْدَة) ضعيف جدا ..
ب- (أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) وهو مجهول الحال .
 
#- وقال العلماء عن (موسى بن عُبَيْدَة أَبِي عَبْد الْعَزِيْز الرَّبَذِيّ):
- نقل الإمام الجرجاني (المتوفى: 365هـ) مجموعة أقوال العلماء فيه منها:
- قال يَحْيى بْن مَعِين: ليس بشيء –  ضعيف - وليس بالكذوب ولكنه روى عن عَبد الله بن دينار أحاديث مناكير وسمعت أَحْمَد بْن حنبل يَقُولُ لا يكتب حديث مُوسَى بْن عبيدة ولم أخرج عَنْهُ شيئا حديثه منكر.
- وقال عباس بن يحي: مُوسَى بْن عبيدة لا يحتج بحديثه.
- وقال أحمد بن حنبل: منكر الحديث - لا تحل عندي الرواية عن مُوسَى بْن عبيدة
- وقال النسائي: مُوسَى بْن عبيدة أَبُو عَبد العزيز الربذي ضعيف. (راجع في كل ما سبق من أقوال إلى الكامل في ضعفاء الرجال ج5 ص44-45 – برقم 1813).
 
5- الرواية الثالثة: عن قصة "عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأنصارية" ..
- لا يمكن أن تصح هذه الرواية لوجود علتين:
أ- العلة الأولى: لأن فيها (إِبْرَاهِيمُ بْنُ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيُّ) وقد اتهمه البعض بالكذب على الله ورسوله ..!!
 
#- قالوا عنه العلماء أي عن (إِبْرَاهِيمُ بْنُ صِرْمَةَ الْأَنْصَارِيُّ):
- قال عنه الإمام يحيى بن معين (المتوفى:233): كذاب خبيث يكذب على الله وعلى رسوله. (راجع تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج1 ص106).
 
- وقال عنه الإمام بن الجوزي (المتوفى: 597هـ) عنه: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف ..، وَقَالَ ابْن عدي: حدث عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ بنسخ لَا يحدث بِهِ غَيره، لَا يُتَابِعه أحد على حَدِيث مِنْهَا ويتبين ضعفه فِي أَحَادِيثه. (الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي ج1 ص36).
 
- وقال عنه الإمام الجرجاني (المتوفى: 365هـ): وعامة أحاديثه إما أن تكون مناكير المتن، أو تنقلب عليه الأسانيد، وبين على أحاديثه ضعفه. (الكامل في ضعفاء الرجال ج1 ص401).
 
ب- العلة الثانية: هو شيخ بن أبي الدنيا في هذه الرواية الثالثة وهو "أبو جعفر الكندي" لا وجود له فيمن روى عنهم بن أبي الدنيا أي لا يوجد شيخ من مشايخ بن أبي الدنيا باسم "أبو جعفر الكندي" .. فهو مجهول ولا يعرف من هو ..!! والله أعلم .
 
#- ثانيا: أما عن تحقيق متن أو نص الروايات ..
- فهذه روايات لا اعتبرها روايات تالفة السند فقط .. ولكنها منكرة المتن أيضا ومكذوبة لمخالفتها العقل والعقيدة وأيضا لا دليل فيها على وطء الجن .. وذلك للآتي:
1- في القصة الأولى وهي قصة " الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ " .. نلاحظ أن الشيطان قد أتى إليها وركب على صدرها مثل حالة الجاثوم الروحاني .. ثم حاول يخنقها ليقتلها .. وفي رواية أراد أن يذبحها.
 
- فأين محاولة وطء الجن في هذه القصة الباطلة من أساسه ؟!!
 
2- في القصة الأولى أيضا .. نجد أن الله أرسل رسالة إلى الشيطان "لكين" أو "لكيز" أو "عكب" المؤذي .. ويطلب منه أن يترك ابنة الرجل الصالح ..!!
- يعني ربنا أوحى إلى الشيطان برسالة فيها خبر عاجل من خلال تليغراف سريع تم كتابته وأرساله من خلال سقف البيت ..!!
 
- فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل عليه جبريل عليه السلام برسالة مكتوبة من ربه .. فكيف تنزل رسالة من الله على شيطان مؤذي وملعون بن ملعون ..!!
 
- ولا أدري أين قدرة الله في قهره عدوه بكلمة كن فيكون ؟!! ولماذا لم يرسل ملكا من الملائكة ليخطف هذا الشيطان ويحبسه أو يقتله أليس هذا يقام فيه حد الحرابة ؟!!
 
3- وبالرغم من رسالة السماء التي نزلت على الجني .. إلا أنه أبدى اعتراضه على الله بطريقته الخاصة .. وتسبب في فعل عاهة مستديمة في ركبة المرأة ..!! وكأنه لا يبالي برب العالمين حينما قال له في رسالته: (لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا) .. ولكن الشيطان من الغيظ أراد أن يظهر تحديه لله بأنه لا يبالي بتهديد هذا الرب الرحيم ولذلك ضرب الفتاة على ركبتها كما جاء في الرواية (وَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى رُكْبَتِي، فَاسْوَدَّتْ، حَتَّى صَارَتْ مِثْلَ رَأْسِ الشَّاةِ) ..!!
 
- بل ولم يتدخل الفعل الإلهي في أي شيء بعد أن فعل الشيطان ذلك بل نظر للصحابية بعد أن أذاها في ركبتها بمنتهى الجبروت وقال لها: (أولى لك) أي سأكتفي بهذا العقاب لك ..!!
 
- وكأن مخترع الرواية يريد أن يقول لنا: أن للشيطان له قدرة عظيمة ولا يبالي بكلام الله .. بدليل أن الرسالة تقول له ابتعد عن ابنة الرجل الصالح ولكنه أذاها ولم يفعل الرب للشيطان شيئا بالرغم من تحديه لله وما فعله من أذية للصحابية ..!!
 
- ولا أدري من الذي يصدق مثل هذا الظن في الله ؟!!
 
- وحاشاه جل جلاله أن يكون هذا فعله مع شيطان معتدي .. فإذا كان تعالى يقول: (فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) النساء76..!!
- فكيف يكون الله لطيفا مع الشيطان "لكين" ..!!
- بل أولى أن يطبق عليه حد الحرابة كما يقول تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة33 .
 
4- والقصة الأولى في روايتها الثانية ترتقي إلى أعلى درجات الاستخفاف بالعقول .. حتى نجد أن الله تبارك وتعالى - وحاشاه- يلاطف الشيطان "لكين" برحيميته في بداية الرسالة فقال له "بسم الله الرحمن الرحيم" .. بل يكاتبه بأسلوب المخاطبات بين الإنس فيقول له (أما بعد:) ..!!
 
- فالرواية جعلت رب العزة يلاطف الشيطان برحيميته ليترك الفتاة ..!!
- كيف يعقل ذلك وقد قال تعالى فيه: (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) ص78  ..
- وكيف يكون تصورك في الله أنه يلاطف الشيطان برحيميته ؟!!
 

5- أما عن خاتمة القصة ففيها مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية .. حينما تظهر الرواية المرأة بأنها مخلوق نجس ولذلك أتى إليها الشيطان .. بدليل ما جاء في الرواية الأولى: (إذا حضت فألزمي عليك ثيابك) وجاء في رواية أخري بلفظ: (فأمسكني "أي الشيطان" ما شاء الله وأنا حينئذ قد حرمت عليّ الصلاة) .. فالحيض حينئذ هو مصدر وسبب لجذب الشيطان إليها .. وما عدا ذلك فيمكنها أن تنام براحتها ولو عارية .. !! أليس هذا معناه أن المرأة نجسة في عقيدة ولذلك تسلط عليها الشيطان ..!!


#- وكأن الملائكة الحفظة لا وجود لها .. بل وكأنه لا يحق لها أن تذكر الله على هذه الحالة ..!!
 
- فهذه عقيدة اليهود في المرأة وهي أن المرأة نجسة أثناء الحيض .. وهذا أمر لا وجود له في الشرع الإسلامي تماما .. حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ المُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ) صحيح البخاري .
 
- فكيف يمكن بعد ما سبق بيانه لك يا مؤمن أن تعتقد في صحة هذه الرواية والقصة .. ؟!! أليس لك عقل أو قلب يرشدك إلى الحق؟!!
 
6- أما عن القصة الثانية التي حدثت مع "عمرة بنت عبد الرحمن" .. فالغريب فيها أنها لا علاقة لهذه القصة بوطء الجن من أساسه .. حيث أنها كانت امرأة من التابعين على فراش الموت وقد اجتمع حولها التابعين لمكانتها الكبيرة ليدعون لها ويهونوا عليها ..!!
 
7- أما عن الأغرب في قصة "عمرة بنت عبد الرحمن" .. فهو لماذا أتى الشيطان إليها وهي تحتضر وتموت وفي حالة غيبوبة تامة .. بل وأتى متجسدا في صورة أفعى حتى رآه كل التابعين الحاضرين ..؟!!
 
- فما فائدة وجوده في تلك اللحظة .. ولا يمكن أن يكون قد أتى لفتنتها قبل موتها .. فهذا مستحيل ومخالف للعقيدة .. لأن شيطان الفتنة قبل الموت يأتي في عالم الحجاب بالوسوسة ولا نراه وغالبا يكون من خلال قرين الإنسان .. هذا في حالة إن حدثت هذه الوسوسة من أساسه .. ولكن وما حدث في القصة فهو في عالم المادة ومرئي لجميع الحاضرين ..
 
- وهنا نعود لسؤلنا .. ما فائدة هذا الهجوم الشيطاني على شخص في حالة غيبوبة ويموت بل وفي حضرة جماعة من أكابر التابعين موجودين ؟!!
- إلا إن كان المقصد من القصة إظهار كرامة "عمرة بنت عبد الرحمن" أمام الحاضرين بأنه كان سيحدث لها مكروه ولكن الله حفظها .. !! فلو كان هذا هو المقصد فهذا كلام تافه ولا يصدقه عقل لأن الله لا يرسل وحيا إلى الشيطان ليبتعد عن إنسان .. بل وكرامة "عمرة بنت عبد الرحمن" أعلى من هذا بكثير ..!!
 
8- أما عن رسالة الوحي المكتوبة للشيطان الأفعى .. فهي إثبات كاف لفساد هذه الرواية لأن الله لا يرسل وحيا إلى الشيطان مكتوبا ..!!
- ولا أدري كيف قرأ الشيطان هذه الرسالة وهو في حالته الحيوانية ..!!
- وهذه المرة ظهر لنا الشيطان باسم جديد وهو اسم "كعب" ..!!
 
9- ومن طريف القصتين نجد .. أن الورقة المرسلة للشيطان مرة بيضاء ومرة صفراء .. وكأن الورقة الصفراء للشيطان في حالته الروحانية .. والورقة البيضاء في حالته المتجسدة ..!!
- أليس هذا فعلا محل سخرية واستغراب ..!!
 
#- ولكن لماذا قلت أن القصة الأولى كان الشيطان في حالته الروحانية ؟
- لأن القصة قالت أن الشيطان كان يخنقها وهو فوق صدرها .. ونزلت الرسالة أيضا على صدرها ؟!! كيف يتم عقل هذا الأمر ؟!! إلا لو افترضنا أن هذا الحضور الشيطاني كان روحانيا وليس متجسدا .. وهي أيضا قد حدث لها كشف روحاني مفاجيء .. وهذا هو الإحتمال الوحيد .. !!
 
10- الذي يصدق مثل هذه الروايات فإنما هو يصدق أن الشيطان له قدرة أمام قدرة الله .. ويعظم الشيطان في نفوس الناس ..!!
- فكيف تصح حينئذ هذه القصص يا مؤمنين ؟!! كيف ؟!!
 
#- خلاصة القول:
1- هذه القصص لا دليل فيها على وطء الجن للإنسيات .. وبالتالي فأي طفل زوهري هذا الذي يأتي من وراء ذلك ؟!!
 
2- هذه القصص مختلقة وتم اختراعها ولا أساس لها من الصحة على الإطلاق .. يعني روايات مكذوبة.
 
3- هذه القصص فيها مخافة صريحة لكلام الله وشريعته .
 
4- رواية هذه القصص فيها تعظيم للشيطان في نفوس الناس وكأن له الغلبة علينا وفيها مخالفة صريحة لكلام الله بأن كيد الشيطان كان ضعيفا .
 
#- وبهذا يكون ختام المناقشة العاشرة ..
 
                     ***********************     
(المناقشة الحادية عشر)
..:: س22: هل الشيطان ينزل نطفته مع نطفة الرجل في رحم الزوجة ؟ ::..
 
- مما استدل به البعض على وجود الطفل الزوهري .. هو ما جاء في الرواية التالية:
- عن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن علي قال: (إِن الشَّيْطَان يقْعد على ذكر الرجل؛ فَإِذا لم يسم الله أصَاب امْرَأَته مَعَه، وَأنزل فِي فرجهَا كَمَا ينزل الرجل) رواه السمعاني (المتوفى: 489هـ) في تفسيره .
 
- وطالما الشيطان ينزل نطفته مع نطفة الرجل فهذا معناه أن الجنين يتكون من النطفتين .. فيأتي الطفل الزوهري .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- هذه الرواية شبيهة برواية الإمام مجاهد بن جبر التي سبق وتكلمنا عنها بالتفصيل .. وأثبتنا بطلانها بالعقل والشرع وأنها مخالفة لنصوص الشريعة أصلا .. وهذا هو أيضا حال هذه الرواية التي معنا هنا.. فما قيل هناك فهو يقال هنا ..
 
2- هذه الرواية لم أجد لها أي سند في أي مرجع إسلامي فيما توافر عندي من مراجع .. وأقدم مرجع رأيته ذكر هذه الرواية هو تفسير السمعاني (المتوفى: 489هـ) .. ومن بعده ظهرت هذه الرواية في كتب التفاسير كتفسير البغوي والمظهري والخازن وغيرهم ..
- وهذه الرواية يتم كتابتها في كتب التفسير بصيغة (روي عن جعفر بن محمد) للإشارة إلى أن هذه الرواية ضعيفة.
 
3- لكن الحقيقة هذه الرواية باطلة ولا وجود لها أصلا لأنه لا سند لها من أساسه ..!!
 
4- وعلى افتراض أن للرواية سند .. فهي لا يصح الإحتجاج بها لأنها رواية منقطعة السند .. فلا نعرف عن (جعفر بن محمد وهو المشهور بجعفر الصادق) عمن أخذ هذه المعلومة .. وبالتالي تظل الرواية لا محل لها في الإستدلال بها شرعا وليست حجة ..!!
 
#- خلاصة القول:
- الرواية باطلة ولا أصل لها .. لأنها بلا سند .. فضلا عن أن المتن منكر وفاسد ومخالف لنصوص الدين كما سبق وأوضحنا ذلك في التعليق على رواية مجاهد بن جبر التي جاء فيها ما معناه (الشيطان ينطوي على إحليل الرجل إذا لم يسم الله) .
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام على المناقشة الحادية عشر .
*******************************
 
:: المناقشة الثانية عشر ::
..:: س23: هل ظهر من كلام الإمام مالك ما يدل على أن المرأة ممكن أن تتزوج وتنجب من الجن ؟ ::..
 
- استدل البعض أيضا برواية عن الإمام مالك .. حاولوا أن يثبتوا من خلالها إمكانية التزاوج والتوالد بين الإنس والجن .. وبالتالي الإتيان بالطفل الزوهري .. وقد نقلوا الرواية من كتاب (آكام المرجان) .. وذكرها السيوطي في الأشباه والنظائر .. فما هذه الرواية ؟
 
- هذه هي الرواية :
- رَوَى أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيّ فِي كِتَابِ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَسَةِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُقَاتِلٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ دَاوُد الزَّبِيدِيِّ قَالَ: (كَتَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ إلَى مَالِكٍ يَسْأَلُونَهُ عَنْ نِكَاحِ الْجِنِّ وَقَالُوا: إنَّ هُنَا رَجُلًا مِنْ الْجِنِّ يَخْطُبُ إلَيْنَا جَارِيَةً يَزْعُمُ أَنَّهُ يُرِيدُ الْحَلَالَ . فَقَالَ: مَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا فِي الدِّينِ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ إذَا وَجَدَ امْرَأَةً حَامِلًا قِيلَ لَهَا مَنْ زَوْجُكِ قَالَتْ مِنْ الْجِنِّ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ فِي الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ)  (انْتَهَى)
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- تم تحريف اسم الرواي وهو (سَعِيدِ بْنِ دَاوُد الزَّنبرِيِّ) وكلمة الزنبري يتم كتابتها تحريفا إلى كلمتين (الزبيري ، الزَّبِيدِيِّ) .. ولكن الذي روى عن مالك هو (الزَّنبرِيِّ) ..!!
 
#- وإليك ما قاله بعض العلماء عن (سَعِيدِ بْنِ دَاوُد الزَّنبرِيِّ):
- قال عنه الإمام الذهبي: ضعفه أَبُو زرْعَة وَغَيره ، وَقَالَ ابْن معِين : لَيْسَ بِثِقَة
- وقال ابن حبان: يروى عن مالك أشياء مقلوبة.
- قال أبو داود: الزنبري متروك الحديث .
- وقال الأثرم: قلت لأبي عبد اللَّه: كنت أمرتني من سنين بالكتاب عني الزنبري، فقال: لا أدري أخاف أن يكون الزنبري قد خلط على نفسه.
- وقال الإمام ابن حجر العسقلاني: صدوق له مناكير عن مالك ويقال اختلط عليه بعض حديثه.
- وقال أبو نعيم الاصبهاني: يروي عن مالك بن أنس بالمناكير، كثير الوهم.
- وقال
راجع : "تاريخ بغداد" 9/83، "تهذيب الكمال" 10/420، "ميزان الاعتدال" 2/323 ، المغني في الضعفاء 1/258 ، الجامع لعلوم الإمام أحمد 17/109 ، سؤالات أبي داود 205 ، والضعفاء لأبي نعيم ص87.
 
2- أما عن " مقاتل " .. فهذا مجهول غير معروف من هو ؟!! ولم أجد من مشايخ "أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيّ الصوفي " المتوفي سنة 241 .. شيخ اسمه مقاتل .. في كتب الجرح والتعديل والتاريخ الموجودة عندي ..!!
 
3- قال الشيخ الألباني رحمه الله :
- وهو باطل - في نقدي - سنداً ومتناً.
- أما السند؛ فإن سعيد بن داود الزبيري ضعفه ابن المديني، وكذبه عبد الله ابن نافع الصائغ في قصةٍ مذكورة في ترجمته في «تاريخ بغداد» و «التهذيب».
- وقال الحاكم: «روى عن مالك أحاديث موضوعة».
- وقال الخطيب وغيره: «حدث عن مالك، وفي أحاديثه نكارة». وقال ابن حبان في «الضعفاء» (1/ 325): «لا تحل كتابة حديثه إلا على جهة الاعتبار».
 
#- وأما المتن .. فإني أستبعد جداً - على فقه الإمام مالك - أن يقول في تزويج الإنسية بالجني: «ما أرى بذلك بأساً في الدين»! ذلك لأن من شروط النكاح - كما هو معلوم - الكفاءة في الدين على الأقل.
- فلا يجوز تزويج مسلمة بكافر، بل ولا بفاسق، فمن أين لوليها وللشهود أيضاً أن يعلموا أن هذا الجني كفؤ لها، وهم لا يعرفونه ؟! فإنه قد ظهر لهم بصورة رجل خاطب وجميل !! ولا يمكن رؤيته على حقيقته بنص القرآن .
- وقد يتمثل بصورة أخرى إنسانية أو حيوانية ، وحينئذٍ كيف يمكن تطبيق الأحكام المعروفة في الزوجين - كالطلاق والظهار والنفقة وغيرها - مع اختلاف طبيعة خلقهما؟!
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج12 ص606 ..
 
#- وخلاصة القول:
- أن رواية الإمام مالك .. هي رواية مكذوبة على الإمام مالك ولم يصح عنه ذلك .. فضلا عن أن قول الإمام مالك ليس بحجة شرعية .. وإنما هو رأي اجتهادي فقط لا غير .. هذا لو كان قال ذلك فعلا .. ولكن الرواية فاسدة ولا يصح نسبتها للإمام مالك رحمه الله ..
- وإذا بطل الدليل بطل الإستدلال به ..
 
* وإلى هنا ختام المناقشة الثانية عشر ..
 
************************
(المناقشة الثالثة عشر)
..:: س24: هل قال الشيخ بن تيميه أن التوالد بين الإنس والجن جائز ويحدث ؟ ::..
 
- ومن أغرب من استدلوا به .. هو ما كتبه الشيخ بن تيميه رحمه الله حيث قال: وصرعهم للإنس قد يكون عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق للإنس مع الإنس .. وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد وهذا كثير معروف .. وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عليه .. وكره أكثر العلماء مناكحة الجن . (الفتاوى 18/40)
 
- وهذا القول من الشيخ بن تيميه فيه دلالة على وجود توالد بين الإنس والجن ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- الإستدلال برأى عالم من العلماء لتقرير مسألة لا وجود لها في الواقع .. فهذا معناه جهل في الدين واستخفاف بعقول الناس .. لأن قول العلماء ليس حجة شرعية لتستدل بها .. وإلا لو كنت معتقدا فيه بأنه يوحى إليه . فهذا حينئذ مصيبة كبرى في عقيدتك ..!!
 
2- الشيخ بن تيميه لم يكشف لنا من أين مصدره لتلك المعلومة الغريبة والشاذة في التزاوج والتوالد .. ولكن أقصى كما قاله هو أن العلماء قالوا ذلك وتكلموا فيه .. !!
- فإذا كانت هذه هي حجته ودليله .. فهؤلاء العلماء استدلوا بما هو باطل وفاسد في مسألة التوالد على وجه الخصوص ولا دليل عليه في الشرع من أساسه .. وقد سبق وأوضحنا ذلك بالتفصيل في بعض النصوص .. خاصة في مسألة التوالد .. وكذلك مسألة التزاوج لا دليل عليها في الشرع ..!!
 
- ويتبقى السؤال: من أين أتى بأن هذا يحدث كثيرا أو حتى نادرا أو حتى كيف يحدث هذا التوالد من أساسه ؟!! كيف ذلك ؟!!
 
- ولذلك فإن كلامه رحمه الله .. هو كلام باطل وعاري عن الصحة تماما .. وإذا كان قد يحدث زواج بين الإنس والجن كما توهم البعض .. فهذا في حقيقته غالبا يكون استمتاع وليس زواج .. !! أما مسألة التوالد فهذا باطل تماما ولا وجود له على الإطلاق إلا في وهم الشيخ بن تيميه ومن ظن ذلك من العلماء ..
 
2- وقال الشيخ الألباني رحمه الله:
- بعد أن ذكر كلاما مستنكرا فيه مسألة تزاوج الجن بالإنس .. ثم قال:
- وأغرب من ذلك كله قول ابن تيمية في رسالة «إيضاح الدلالة في عموم الرسالة» (ص125 - مجموعة الرسائل المنيرية): «وقد يتناكح الإنس والجن، ويولد بينهما ولد، وهذا كثير معروف»!!
- وأقول: نعم .. هو معروف بين بعض النسوة الضعيفات الأحلام والعقول ..
- ولكن أن الدليل الشرعي والعقلي على التوالد أولاً ، وعلى التزواج الشرعي ثانياً ؟! هيهات هيهات!
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج12 ص606-607 ..
 
#- خلاصة القول:
1- قول الشيخ بن تيميه ليس حجة شرعة ليستدل به أحد .. فضلا عن أن الشيخ بن تيميه لم يأت بدليل واحد على صدق ما كتبه وزعمه .. واكتفى بأن العلماء تكلموا في ذلك .. !!
- وهذا كلام باطل ولا يقبله عاقل .. ولم يأت به شرع ..
- بل ولم يثبت في كلام العقلاء وعموم العلماء .. وإنما هو مشتهر بين حكاوي النساء، ومرتزقة الرقية، والروحانيين المفسدين الذين ينشرون عقيدة التزاوج والإنجاب من الجن والشيطان لتعظيم أمر الجن في نفوس الناس ليخافوهم ..!!
 
2- ولا يصح لمسلم أن ينقل كلاما سمعه أو قرأه دون أن يتحقق منه .. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ) صحيح مسلم.
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام على المناقشة الثالثة عشر.


***************************

يتبع إن شاء الله
***************************
والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..

هناك 20 تعليقًا:

  1. ما شاء الله لا قوة الا بالله ....زادك الله نورا وعلما وحكمة استاذ خالد وبارك فيك وايدك بروح من عنده وعلمك من علمه المكنون وثبتك على دينه الذى ارتضيه وجعلك من اهل الحسنى وزيادة ...وجزاك الله خير الجزاء من فضل الله العظيم الى يوم القيامة

    ردحذف
  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أسرار أسماء الله الحسنى
    الستير

    الستير سبحانه هو الذي يحب الستر ويبغض القبائح، ويأمر بستر العورات ويبغض الفضائح، يستر العيوب على عباده وإن كانوا بها مجاهرين، ويغفر الذنوب مهما عَظُمَت طالما أن عبده من الموحدين، وإذا ستر الله عبدًا في الدنيا ستره يوم القيامة ..

    المعنى اللغوي للاسم

    الستير في اللغة على وزن فعِيل من صيغ المبالغة، فعله ستر الشيء يَسْتُرُه سَترًا: أَخفاه .. والستير: هو الذي من شأْنه حب الستر والصَّوْن والحياء .. والسُّتْرةُ: ما يُستَر به كائنًا ما كان، وكذا السِّتَارة والجمع السَّتَائِرُ، وسَتَر الشيء غطاه .. وتَسَتَّر، أي: تغطى .. ورجلُ مستور وسَتِيرٌ، أي: عَفيف، والجارية: سَتِيرة.

    ورود الاسم في السُّنَّة النبوية

    لم يرد الاسم في القرآن الكريم، لكنه ورد في الحديث عن عطاء عن يعلى: أن رسول الله رأى رجلاً يغتسل بالبراز (أي: بالخلاء) فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَل حَلِيمٌ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ، فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ" [رواه النسائي وصححه الألباني، صحيح الجامع (1756)]

    معنى الستيـــر في حق الله تعالى

    يقول ابن الأثير "ستيــر: فعيل بمعنى فاعل، أي: من شأنه وإرادته حبُّ السَّتر والصون"

    ويقول البيهقي "ستيــر: يعني أنه ساتِرٌ يستر على عباده كثيرًا، ولا يفضحهم في المشاهد. كذلك يحبُّ من عباده السَّتر على أنفسهم، واجتناب ما يَشينهم، والله أعلم"

    قال المناوي "ستيــر، أي: تاركٌ لحب القبائح، ساتر للعيوب والفضائح"

    قال ابن القيم:

    وهو الحَيِيُّ فَلَيسَ يَفْضَحُ عَبْدَهُ ... عندَ التَّجَاهُرِ مِنْهُ بالعِصْيَانِ

    لَكِنَّهُ يُلْقِي عَلَيْهِ سِتْرَهُ ... فَهْوَ السَّتِيرُ وصَاحِبُ الغُفْرَانِ

    [القصيدة النونية (189)]

    آثــار الإيمان باسم الله تعالى الستيــر

    قال تعالى {.. وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ..} [لقمان: 20]

    قال مقاتل "أن الظاهرة الإسلام، والباطنة ما ستره الله من المعاصي" [تفسير الماوردي]

    فمن أعظم نِعَم الله تعالى عليك: أن يشملك بستره،،

    فالله سبحانه وتعالى سِتيرٌ يحبُّ السَّتر والصَّون، فيستر على عباده الكثير من الذنوب والعيوب، ويكره القبائح والفضائح والمجاهرة بها.

    وقد أمر تبارك وتعالى بالسَّتر، وكره المفاخرة بالمعصية، أو مجرد محبة ذكرها وشياعها بين المؤمنين .. يقول الله جلَّ وعلا {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19]

    وأخبر الرسول بأن المُجاهر بالمعاصي لا يُعافى منها .. فقال "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ" [متفق عليه]

    قال الكرماني: "ومُحَصَّل الكلام: أن كلُّ واحدٍ من الأمة يُعفى من ذنبه، ولا يؤاخذ به إلا الفاسق المُعْلِن".

    الفرق بين الستر والغفران

    قال أبو البقاء الكفوي "الغفران: يقتضي إسقاط العقاب ونيل الثواب ولا يستحقه إلا المؤمن ولا يستعمل إلا من الباري تعالى" .. لذلك يقول تعالى {.. وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ..} [آل عمران: 135] .. "والغفران في الآخرة فقط .. والستر: أخص من الغفران، إذ يجوز أن يستر ولا يغفر" [كتاب الكليات (1:1058)]

    حظ المؤمن من اسم الله تعالى الستيـــر

    يتبع..

    ردحذف
    الردود
    1. كيف تفوز بستر الله تعالى عليك؟

      إليـــك بعض أسبــاب الفوز بستر الله تعالى عليك:

      1) الإخلاص واجتناب الريـــاء ..

      قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِي يُرَائِي اللَّهُ بِهِ" [متفق عليه]

      2) عدم المجاهرة بالذنب والستر على نفسه ..

      فلو ستر نفسه، لكان في محل ستر الله تبارك وتعالى له .. فليس عندنا كرسي اعتراف ولا صناديق غفران، فمن اقترف ذنبًا وهتك سترًا فليبادر بالتوبة من قريب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وتأخير التوبة ذنب يجب التوبة منه.

      عَنْ مَيْمُوْنٍ قَالَ: "مَنْ أَسَاءَ سِرّاً، فَلْيَتُبْ سِرّاً، وَمَنْ أَسَاءَ عَلاَنِيَةً، فَلْيَتُبْ عَلاَنِيَةً ..

      فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُوْنَ وَلاَ يَغْفِرُوْنَ، وَالله يَغْفِرُ وَلاَ يُعَيِّرُ" [سير أعلام النبلاء (9:81)]

      وعن العلاء بن بذر قال: "لا يعذب الله قومًا يسترون الذنوب".. وعن عثمان بن أبي سودة قال: لا ينبغي لأحد أن يهتك ستر الله. قيل: وكيف يهتك ستر الله؟ قال: يعمل الرجل الذنب فيستره الله عليه فيذيعه في الناس.

      قالَ ابن بَطّال : فِي الجَهر بِالمَعصِيَةِ استِخفاف بِحَقِّ الله ورَسُوله وبِصالِحِي المُؤمِنِينَ، وفِيهِ ضَرب مِنَ العِناد لَهُم، وفِي السِّتر بِها السَّلامَة مِنَ الاستِخفاف، لأَنَّ المَعاصِي تُذِلّ أَهلها، ومِن إِقامَة الحَدّ عَلَيهِ إِن كانَ فِيهِ حَدّ ومَن التَّعزِير إِن لَم يُوجِب حَدًّا، وإِذا تَمَحَّضَ حَقّ الله فَهُو أَكرَم الأَكرَمِينَ ورَحمَته سَبَقَت غَضَبه، فَلِذَلِكَ إِذا سَتَرَهُ فِي الدُّنيا لَم يَفضَحهُ فِي الآخِرَة ، والَّذِي يُجاهِر يَفُوتهُ جَمِيع ذَلِكَ. [فتح الباري (10:487)]

      فإذا وقع العبد في معصية ثمَّ تاب منها دون أن يجهَر بها، ستره الله في الدنيا والآخرة ..

      عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ .. حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ، الْيَوْمَ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}" [متفق عليه]

      3) الاستغفار والإكثـــار من العبادات ..

      عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، قَالَ: وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ "أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟"، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ أَوْ قَالَ حَدَّكَ" [متفق عليه]

      فالأصل أن تستر على نفسك إذا وقعت في ذنبٍ ما، وعليك أن تُكْثِر من الصلاة ومن العبادات والاستغفار وتُجدد توبتك.

      حذف

    2. 4) أن تستر على أخيـــك المسلم ..

      فإن الجزاء من جنس العمل .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا، إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [صحيح مسلم]

      عن علام بن مسقين قال: سأل رجل الحسن فقال: يا أبا سعيد، رجل عَلِمَ من رجل شيئًا، أيفشي عليه؟، قال: يا سبحان الله! لا.

      ومن الستر: تغطية المسلم لعيوب أخيه .. قال رسول الله ".. وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [صحيح البخاري] .. يقول ابن حجر "قَوله: "ومَن سَتَرَ مُسلِمًا"؛ أَي رَآهُ عَلَى قَبِيحٍ فَلَم يُظهِرهُ أَي لِلنّاسِ، ولَيسَ فِي هَذا ما يَقتَضِي تَرك الإِنكار عَلَيهِ فِيما بَينَهُ وبَينَهُ.

      ويُحمَلُ الأَمرُ فِي جَوازِ الشَّهادَةِ عَلَيهِ بِذَلِكَ عَلَى ما إِذا أَنكَرَ عَلَيهِ ونَصَحَهُ فَلَم يَنتَهِ عَن قَبِيحِ فِعلِهُ ثُمَّ جاهَرَ بِهِ .. كَما أَنَّهُ مَأمُورٌ بِأَن يَستَتِرَ إِذا وقَعَ مِنهُ شَيء، فَلَو تَوجَّهَ إِلَى الحاكِمِ وأَقَرَّ لَم يَمتَنِع ذَلِكَ والَّذِي يَظهَرُ أَنَّ السَّترَ مَحَلّه فِي مَعصِيَةٍ قَد انقَضَت، والإِنكارَ فِي مَعصِيَةٍ قَد حَصَلَ التَّلَبُّس بِها فَيَجِبُ الإِنكارُ عَلَيهِ وإِلاَّ رَفَعَهُ إِلَى الحاكِمِ، ولَيسَ مِنَ الغِيبَةِ المُحَرَّمَةِ بَل مِنَ النَّصِيحَةِ الواجِبَةِ، وفِيهِ إِشارَةٌ إِلَى تَركِ الغِيبَةِ لأَنَّ مَن أَظهَرَ مَساوِئَ أَخِيهِ لَم يَستُرهُ." [فتح الباري (97:5)]

      واعلم أنَّ النَّاس على ضربين: أحدهما: من كان مستوراً لا يُعرف بشيءٍ مِنَ المعاصي، فإذا وقعت منه هفوةٌ، أو زلَّةٌ ، فإنَّه لا يجوزُ كشفها، ولا هتكُها، ولا التَّحدُّث بها، لأنَّ ذلك غيبةٌ محرَّمة .. وهذا هو الذي وردت فيه النُّصوصُ، وفي ذلك قد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: 19] .. والمراد: إشاعةُ الفَاحِشَةِ على المؤمن المستتر فيما وقع منه، أو اتُّهِمَ به وهو بريء منه، كما في قصَّة الإفك.

      والثاني: من كان مشتهراً بالمعاصي، معلناً بها لا يُبالي بما ارتكبَ منها، ولا بما قيل له فهذا هو الفاجرُ المُعلِنُ، وليس له غيبة .. كما نصَّ على ذلك الحسنُ البصريُّ وغيره، ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن أمره؛ لِتُقامَ عليه الحدودُ .. ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا أُخِذَ، ولو لم يبلغِ السُّلطان، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه، ويرتدعَ به أمثالُه.

      قال مالك: من لم يُعْرَفْ منه أذى للناس ، وإنَّما كانت منه زلَّةٌ، فلا بأس أنْ يُشفع له ما لم يبلغ الإمام .. وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ، فلا أحبُّ أنْ يشفعَ له أحدٌ، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدُّ. [جامع العلوم والحكم (38:11,12)، بتصرف]

      ومن الستر على المسلم: أن لا تنعت المرأة امرأة أخرى لزوجها .. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا" [متفق عليه] .. وهذا للأسف ينتشر بين المسلمات حتى المتدينات منهن، وينبغي أن لا تصف المرأة امرأة أخرى لزوجها.

      حذف
    3. 5) عدم تتبع عورات المسلمين ..

      عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله : "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته " [رواه أبو داوود وقال الألباني: حسن صحيح (4880)]

      وعن ابن عباس عن النبي قال "من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته" [رواه ابن ماجه وصححه الألباني (2546)]

      6) الصدقـــة ..

      فالصدقة من أسباب الستر وأن يحجبك الله تعالى عن النار، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَتِرَ مِنْ النَّارِ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ" [صحيح مسلم]

      7) ستر المسلم عند تغسيله ..

      قال رسول الله "من غسل ميتًا فستره، ستره الله من الذنوب. ومن كفنه، كساه الله من السندس" [رواه الطبراني وحسنه الألباني، صحيح الجامع (6403)]

      9) كظم الغيظ والغضب ..

      قال رسول الله ".. ومن كف غضبه ستر الله عورته .." [رواه ابن أبي الدنيا وحسنه الألباني، صحيح الجامع (176)]

      10) الدعـــاء ..

      عن ابن عمر قال: لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: "اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي" [رواه أبو داوود وصححه الألباني (5074)]

      يتبع..

      حذف

    4. 11) حُسن الظن بالله ..

      فمن جملة الخير أن يُحسن العبد ظنه بربِّه ويُحسن الظن بأنه سيستره في الدنيا والآخرة، فالله جلَّ في علاه هو الستيـــر يحب الستر على عباده ويسترهم في الدنيا والآخرة .. يقول الله عزَّ وجلَّ في الحديث القدسي "أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر" [صحيح الجامع (1905)]

      12) الإحســان إلى البنــات ..

      عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ "مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ" [متفق عليه]

      13) تأدية حق الله في المال ..

      فإذا أديت حق الله في مالك، سترك الله .. أما إذا لم تؤد حق الله في مالك، نالتك العقوبة ..

      عن أبي هريرة قال: قال رسول الله "قَالَ الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ؛ هِيَ لِرَجُلٍ وِزْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ سِتْرٌ وَهِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ .. فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَخْرًا وَنِوَاءً عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَهِيَ لَهُ وِزْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي مَرْجٍ وَرَوْضَةٍ فَمَا أَكَلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرْجِ أَوْ الرَّوْضَةِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ مَا أَكَلَتْ حَسَنَاتٌ .." [رواه مسلم]

      14) عدم التسميع بالفواحش ..

      فلا يجوز إشاعة الفاحشة بين المؤمنين .. عن شبيل بن عوف قال: "كان يقال: مَنْ سمَّع بفاحشة فأفشاها فهو فيها كالذى أبداها" [صحيح الأدب المفرد (325)] .. فالذي ينشر أخبار المعاصي ويُفشيها، سينال وزر كل من يقع فيها بسببه حتى وإن لم يقع هو في تلك المعصية.

      15) حجـــاب المرأة ..

      عن أبي المليح قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة ، فقالت: ممن أنتن؟، قلن: من أهل الشام، قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات، قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله يقول "ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى" [رواه أبو داوود وصححه الألباني (4010)] .. فالتي تخلع ثيابها في غير بيت أهلها، تهتك الستر الذي أسدله الله تعالى عليها.

      16) اجتنـــاب الذنوب والمعاصي ..

      عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ" [متفق عليه] .. فإذا ظلم العبد نفسه باقتراف الذنوب والمعاصي وتعدى الحدود، فإن الله تعالى يؤاخذه بذنبه ويرفع ستره عنه .. أما أن لم يقترف تلك الذنوب، كان في رحمة الله تعالى وسَتَرَهُ الله جلَّ وعلا.

      17) الاستتــار وعدم التعري ..

      عن جابر أن النبي قال "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار .." [رواه الترمذي وصححه الألباني، مشكاة المصابيح (4477)] .. والحمامات المقصود بها كحمامات البخار وصالات الألعاب الرياضية في عصرنا، فالأصل أن يستتر.

      18) غض البصر ..

      عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ .." [صحيح مسلم]

      19) عدم إفشــاء أسرار الزوجين ..

      قال رسول الله "هل منكم رجل إذ أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله"، قالوا: نعم، قال "ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلت كذا فعلت كذا"، فسكتوا .. ثم أقبل على النساء فقال "هل منكن من تحدث؟"، فسكتن .. فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله ليراها ويسمع كلامها فقالت: يا رسول الله، إنهم ليحدثون وإنهن ليحدثن، فقال "هل تدرون ما مثل ذلك؟، إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السكة فقضى حاجته والناس ينظرون إليه، ألا إن طيب الرجال ما ظهر ريحه ولم يظهر لونه، ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه .." [رواه أبو داوود وصححه الألباني، صحيح الجامع (7037)]

      هذه بعض أسباب الفوز بستر الله جلَّ وعلا عليك .. ومن يشمله بستره، فقد فاز بمحبة الله عزَّ وجلَّ ..

      سترنا الله وإياكم في الدنيــا والآخرة،،
      #منقول

      حذف
    5. * بوركت وباركك الله اخي احمد وزادك نورا على ونفعنا الله بك..
      * اعجبني الموضوع الذي تطرقت له كثيرا ..هو حديث الساعة حقا ..زماننا هذا لا يكاد يتحقق من هذه الوصايا الا ما رحم ربك ..وكثير من الناس في عصرنا الحالي يميل للتشهير بكل شيء ..لاتفه الامور ..حتى الصدقة فان الله يحبها في السر اكثر من العلن عنها ولهذا رسولنا الكريم صلوات الله عليه اشار اليها في احد الاحاديث بان صدقة السر تطفا غضب الرب..فحتى اعمال الخير ينبغي ان يتكتم عنها الانسان ..ليس بالضرورة المعاصي والذنوب..فالتكتم امر جميل في الحياة لا يعرف سره الا القليل من الناس ..في عامة احوال الناس ..طبعا باستثناء شهادة الحق التي يطالب بها الشرع ..بهدف مصالح الدين والدنيا ..وما خلا فمن ستره الله فلا يفضحه انسان ..ولها قصة ذكرها استاذنا خالد في احد المواضيع لا اذكر رقم الموضوع بالضبط وهي عن المنافق الذي صلى مع الرسول لا اذكر ..ولم يستجب الله بسببه ..ثم تاب بعدها وحصلت استجابة الله ..بسبب توبته والله اعلم ..فستره الله في حال المعصية.. وستره الله في حال التوبة ..
      *امدنا الله جميعا بستره اللا متناهي يارب العالمين ..يا ارحم الراحمين يارب امين..

      حذف
    6. * بوركت استاذي الجليل خالد وباركك الله بما تنفعنا به وزادك نورا على نور.. ونور الله قلبك بنوره الذي لا ينطفا..امين..يارب العالمين

      حذف
  3. ولو كان شيطان ليفتنها قبل موتها..فهذه الفتنة تحدث بطريق غيبى روحانى لا يدركه الا صاحب الموت فقط..وليس تجسيدا أمام العيان !!

    هذة الجملة تهز الجبال الراسيات ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ...انا لله وانا اليه راجعون
    الموفق من ثبته الله حتى الممات ...اللهم انا نعوذ بك من الفتن ...وان اردت فتنة قوم فتوفنا غير مفتونون.

    تذكرت وقت وفاة الامام أحمد ومجىء الشيطان له وقال له : فتني يا أحمد ، فتني يا أحمد ،

    والإمام أحمد يقول لا بعد لا بعد

    اللهم انا نعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيخ الدجال

    ردحذف
  4. غير معرف29/4/18 8:01 ص

    بسم الله والحمد لله ماشاء الله كان ..
    رجال الله احيوا سنه الله واسيرو على هدي رسول الله
    هدمت اصنام الكفر وفتح الفتح المبين وزهق باطل المشركين والف حمد اذ مازال وسيزال رب كريم اذ توعد بحفظ كتابه العظيم ويزلزل احزاب المشركين
    إن فتحنا لك فتح مبين
    جزاك الله كل خير وزادك رفعه وعلو وتواضع فالعلم والخلق وجنبك فتن البواطن والظواهر من سر القدر
    اللهم صل على محمد وال محمد

    ردحذف
  5. (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ۚ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[سورة غافر 56]

    والله يا أستاذ خالد اني استغرب مما أقرأ !! .. فقد مضى من عمري ما مضى واصبح عندي احفاد ولم يمر علي بمثل هذه القصص والروايات التي تقشعر لها الابدان بين الجن والانس !! .. لقد تربينا ولم نعلم عن الشيطان الا ان نستعيذ منه !! ..

    فمالذي حصل .. ؟؟!!
    اني متأثرة جدا لان هذه الموضوعات اخذت من وقتك الكثير ؛ بل واكثر مما توقعناه !! .. واسأل الله ان يثيبك على جهودك - ولن يضيع الله تعبك - وان ينير به العقول التي اظلمت !!

    أظلمت اكيد مذ غفلت بل وتهاونت بالاستعاذة !! .. ومن تخلى عن أمر الله واستهان .. فليلق ما يلقاه من عدم الأمان !! .. فالأمر ابسط مما يكون لو دفعته من بدايته : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[سورة اﻷعراف 200]

    أظلمت العقول مذ خالفت امر رباني آخر : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[سورة المائدة 101] .. لقد شطحوا بالاسئلة والاستفسار كيف ولماذا ومتى واين !!!

    أظلمت بل وسقطت ولم تفلح !! إذ لم يسارعوا بقول " سمعنا وأطعنا " كما كان الصحابة رضوان الله عليهم يسارعون من غير مماطلة ولا تشكيك .. !! (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[سورة النور 51]

    ولو يعلمون ما في الاتباع من ((( نور ))).. وما ((( النور ))) الذي يغشاهم في الاتباع لما خالفوه : (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[سورة المائدة 16]

    ولكن !! هيهات هيهات .. ولو تأتي بألف دليل كما قال الالباني رحمه الله : طالب الحق يكفيه دليل واحد ، و صاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل ، الجاهل يُعلّم، وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل .

    وقال تعالى : (وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)[سورة فاطر 22]

    اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما .. آمين

    ردحذف
    الردود
    1. وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) الإسراء
      ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ) [ الأنبياء : 18 ]

      حذف
  6. من تخلى عن أمر الله واستهان
    فليلق ما يلقاه من عدم الأمان

    # قطرة ندى

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم انا نعوذ بك من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا ...اللهم اهدينا واهدى بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى ...اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا فى امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين

      حذف
  7. احسن الله إليك استاذي خالد الأكرم كما أحسنت الذّود عن دينه وطهّرك تطهيرا، اللهم آمين آمين آمين يا ربّ العالمين

    ردحذف
  8. كل هذا ليثبتوا أن للجن أبناء من الإنس .. سبحانك يارب ..البعض لا يعرف العيش إلا ذليلاً ..

    سلمت يمينك استاذنا و أمدك الله بمدده و عونه و نوره و رضاه آمين.

    ردحذف
  9. استشرافك أن يعلم الخلق ما فيك من الخصوصية، دليل على عدم رسوخك في العبودية.
    #ابن_عطاء

    ردحذف
  10. استاذ خالد
    هل ابن العطار الذي اورده ابن النديم في انه وراق ومن المخرفين هو نفسه المشهور الذي نقل لنا رواية السيدة رابعة؟ وان كان نعم فهل يعني ان كل مانقل لنا عنها خرافة فتقريبا لم تنتشر سييرتها الا من طريق ابن العطار ؟؟؟

    ردحذف
    الردود
    1. الله أعلم هو أم لا ..!!
      لكن بن العطار الذي روى عن رابعة .. أخطأ وتوهم في أمور كثير لا وجود لها ..!!

      حذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف