ج3: رسالة الرفعة والمكانة - ما معنى كلمة ( السيد ) كصفة لله ولغة وشرعا - مفهوم العارفين لكلمة "السيد" - أفلا يعقلون .. أم أنهم يستبيحون - أقوال العلماء في إجازة قول السيادة - ما معنى حديث (السيد الله)

بسم الله الرحمن الرحيم

(الجزء الثالث)

( رسالة الرِّفعةِ والمَكانة )

..:: في جواز الأدب مع النبي ب "سيدنا ومولانا" ::..

( اللهم علِّمنا الأدب معك ومع نبيك .. آمين)

* فهرس :

:: الفصل الثالث :: معنى السيد لغة وشرعا ::

1- ما معنى كلمة ( السيد ) كصفة لله ولغة وشرعا ؟

2- كلام نفيس عن معنى كلمة ( السيد ) ؟

3- مفهوم العارفين لكلمة "السيد" ؟

4- أفلا يعقلون .. أم أنهم يستبيحون ؟ ::..

5- طائفة ثالثة تُكَفِّر من يوقِّر الرسول بوصفه "سيدنا" ؟

6- أفلا يعقلون ؟ .. أم أنهم يستبيحون ؟

7- طائفة ثالثة تُكَفِّر من يوقِّر الرسول بوصفه "سيدنا" ؟

8- أقوال العلماء في إجازة قول السيادة ؟

..:: الفصل الرابع ::.. شرح حديث (السيد هو الله) !!

9- الطائفة الرابعة والأخيرة : أنكرت وصف النبي بالسيد دون تكفير لأحد مستدلة بحديث (السيد الله) ؟

10- ما معنى حديث (السيد الله) ؟!

******************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل رسالة الرفعة والمكانة في حق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

* وفي هذا الجزء نتعرف على معنى كلمة "السيد" لغة وشرعا .. ونشرح لكم معنى حديث (السيد هو الله) .. حتى يتبين لك مدى خطأ من أنكر لفظ السيادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..

* نبدأ بسم الله ..

توكلت على الله ..

*********************************

..:: الفصل الثالث ::..

*****************************

..:: ما معنى كلمة ( السيد ) كصفة لله ولغة وشرعا ؟ ::..

1- معنى اسم السيد في حق الله :

قال الشيخ نور الدين القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ):

(السَّيِّد الله) : الَّذِي يَمْلِكُ نَوَاصِيَ الْخَلْقِ وَيَتَوَلَّاهُمْ وَيَسُوسُهُمْ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ..

مرقاة المفاتيح ج7 ص3074

2- معنى (السيد) في اللغة :

* قال الشيخ جمال الدين الكجراتي رحمه الله (المتوفى: 986هـ) :

والسيد يطلق على الرب والملك والشريف الفاضل والكريم والحليم ومتحمل أذى قومه والزوج والرئيس والمقدم .

مجمع بحار الانوار ج3 ص141

* قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى: 676هـ) :

في لفظ السيد : اعلم أن السيد يُطلق على الذي يفوق قومَه ، ويرتفعُ قدرُه عليهم ، ويُطلق على الزعيم والفاضل ، ويُطلق على الحليم الذي لا يستفزّه غضبُه ، ويُطلق على الكريم ، وعلى المالك وعلى الزوج ، وقد جاءت أحاديثُ كثيرةٌ بإطلاق سيد على أهل الفضل .

الأذكار للنووي ص362

* قلت : (خالد صاحب الرسالة) ..

تعليقا على جملة الإمام النووي (وقد جاءت أحاديثُ كثيرةٌ بإطلاق سيد على أهل الفضل) .. فهل هناك من هو أفضل من سيدنا رسول الله لنقول له سيدنا ؟

* فجملة الإمام النووي فيها إشعارا بأن من يجحد قول ( سيدنا ) للنبي .. ما هو إلا جاحد لفضل النبي صلى الله عليه وسلم ..!! وهذا كلام حق  بلا ريب ..!!

3- معنى (السيد لغة وشرعا) :

قال العلامة الإمام الشيخ مجد الدين الفيروآبادي رحمه الله (المتوفى: 817هـ) :

(والسيد: المتولِّى للسواد أَي الجماعة الكثيرة) ؛ ولما كان من شرط المتولِّي للجماعة أَن يكون مهذَّب النَّفس قيل لكلّ مَنْ كان فاضلاً عن نفسه : سَيّد .

وعلى ذلك قوله : (وَسَيِّداً وَحَصُوراً)

وسمّى الزَّوج سيّداً : لسياسته زوجته ..

وقوله تعالى (إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا) أَي وُلاتنا وسائسينا.

بصائر ذوي التمييز ج2 ص134

* قال الدكتور حسن عز الدين الجمل :

1- ساد قومه يسودهم سيادة : شرف عليهم ورأسهم، فهو سيد، وجمعه سادة، وأصل السيد المتولي لسواد الناس أي جماعتهم الكثيرة.

2- سيدا: (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً) " 39/آل عمران".

السيد هنا: الكامل الفائق في الدين والخلق والعقل.

3- سيدها: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) "25/يوسف"

السيد هنا الزوج، لما له من الولاية التي تشبه الملك.

4- سادتنا: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) "67/الأحزاب" ..

أي الذين يتولون تدبير شئون السواد الأعظم منا ، من الملوك والولاة .

معجم وتفسير لغوي لكلمات القرآن ج2 ص353 .. مع بعض التصريف في وضع الأرقام .

*******************************

..:: كلام نفيس عن معنى كلمة ( السيد ) ::..

:: مع بعض إشارات العارفين ::

* قال الشيخ محمد علان الصديقي رحمه الله (المتوفى: 1057 هـ) ..

* أما المشايخ العارفون فقال بعضهم هو الراضي بالقضاء وقيل المتوكل وقيل عظيم الهمة وقيل المستغني عن غير مولاه ..

وقيل من لا يحسد غيره فالحسود لا يسود ..

وقيل المتحقق بحقيقة الدين الحق ..

وقيل المباين للخلق وصفاً وخلقاً وحالاً ..

وقيل من صحح نسبته مع أهل حضرة الحق فاستوجب به ميراث نسبته ..

وقيل من جاد بالكونين في حب مولاه فقربه وتولاه ..

وقيل من استوت أحواله عند المنع والعطاء ..

وقيل المتبع لأمره مولاه وقيل من غلب شهوته وهواه ..

وقيل من تخلى من أوصاف البشرية وتخلق بما ينبغي التخلق به من أوصاف الربوبية ..

* فهذه عشرون قولاً من أقوالهم وكل تكلم على قدر علمه وهمته وحاله ..

* قال اليافعي : والظاهر الذي لا شك فيه أن السيادة فيما يرجع إلى عرف النّاس تختلف باختلاف أحوال النّاس فالسيد عند المشايخ العارفين السادات ما تقتضيه أحوالهم المذكورة ..

* وعند العلماء الفضلاء ما تقدم من أقوالهم المذكورة .. (كما في قول الإمام النووي) ..

* والأوصاف التي يسود بها الإنسان عند أهل الدنيا من يتميز عنهم بأمر من أمورها التي يعظمونها كتولي أمر من أمور السلطنة يرتفع به على من دونه أو جمع مال أو علو جاه أو غير ذلك مما يتعاظمونه ..

* والسيد الكامل عند العرب من اجتمعت فيه صفات عديدة جميلة منها الكرم والشجاعة والرأي والحلم وحسن الخلق ورزانة العقل على ما ظهر لي من سرهم وأقوالهم وفهمته من قرائن أحوالهم وقد يكتفون بالثلاثة الأول أعني الكرم والشجاعة والرأي وبالأولين منها وبالأول منها اهـ .

الفتوحات الربانية على الأذكار النووية ج7 ص87

******************************

..:: أفلا يعقلون ؟ .. أم أنهم يستبيحون ؟ ::..

(طائفة ثالثة تُكَفِّر من يوقِّر الرسول بوصفه "سيدنا" !! )

* قلت .. ( خالد صاحب الرسالة ) ..

* حينما تقرأ كلام لبعض من خالطت الجهالة قلوبهم قبل عقولهم ويجحدون قول (سيدنا) للرسول .. فذلك لظنهم أن معنى كلمة (السيد) أي الخالق .. ولذلك يحلو لهم تكفير المسلم الذي يوقر النبي بسيدنا ومولانا ..!!

* ولذلك فهم يحرمون هذه الكلمة أن تقال للرسول ..!!

فنسبوا لأنفسهم السيادة وجحدوها للرسول ..!!

ويمكنك الرجوع لما ذكرناه من كلام العلماء في معنى كلمة السيد .. وأنت ستفهم في أي ضلال يسبح هؤلاء الجهلاء الضلالية ..!!

* بل وتجد بعض من ينتسب للسلفية وهو متمسلف جاهل ضلالي .. يقوم بتبديع وإشراك المسلم الذي يقول توقيرا للنبي (سيدنا ومولانا) .. وكأنه لم يقرأ القرآن أو السنة في يوم من الأيام ..!! كقوله تعالى : (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً) آل عمران39 .. وكقول النبي ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ) .. وغير ذلك كثير سنذكره لكم إن شاء الله .

* إن القائل بتكفير المسلم لتوقير النبي بسيدنا مولانا .. إنه حقا جاهل .. بل وكاذب على الله ..!! (  فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) الأنعام144 ..،  ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) النحل116

* ولكن الله وصمه بالجهل وطمس قلبه بالكذب في الشرع .. حتى يكشف لنا أنه ضال ومضل للمسلمين .. ويشهد عليه حاله أنه من الأخسرين أعمالا ..!!

ولا يظلم الله الناس شيئا ولكن أنفسهم يظلمون ..!!

* وكأن هذا الجاهل لم يعقل أن الله تجلى على حبيبه بأسماءه وصفاته حتى تحقق بها وتخلق بها .. ولذلك هو على خلق عظيم ..!!

* وكمثال .. يقول تعالى : ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) التوبة128

فلا أدري أيهما أقوى في المعنى .. لو وصفناه بالسيد أم بكونه رؤوف رحيم ؟!!

أليس رؤوف رحيم من صفات الله أيضا ؟ كما زعموا عن وصف "السيد" ..!!

فلماذا لم ينكروا وصف الرأفة والرحمة على النبي كما أنكروا وصف السيادة ؟  

* ولما كان وصف السيادة له صلى الله عليه وسلم .. لا يختلف عن أوصاف التحقق والتخلق التي تجلى بها الحق على النبي مثل الرؤوف الرحيم .. فقد ثبت أن لفظ السيادة لا حرج في وصف النبي به .. !!

* كما يتبين لك ما سبق أن من يكفرون المسلمين ويجعلونهم مشركين .. ما هم إلا جماعة ضلالية جهلاء تماما بالدين .. يبتغون استباحة الآخر في دمه وماله وعرضه من وراء تكفيره ..!!

* إن هؤلاء المرتزقة التكفيريين قد جعلوا من الدين وسيلة كسب لهم .. وأحسب أنهم كلاب أهل النار كما كان أشياعهم الخوارج .. ونسأل الله لهم التوبة .. إن تابوا ..!!

*******************************

..:: أقوال العلماء في إجازة قول السيادة ::..

* قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى: 676هـ) :

في لفظ السيد : اعلم أن السيد يُطلق على الذي يفوق قومَه ، ويرتفعُ قدرُه عليهم ، ويُطلق على الزعيم والفاضل ، ويُطلق على الحليم الذي لا يستفزّه غضبُه ، ويُطلق على الكريم ، وعلى المالك وعلى الزوج ، وقد جاءت أحاديثُ كثيرةٌ بإطلاق سيد على أهل الفضل .

الأذكار للنووي ص362

* ثم قال رحمه الله بعد أن ذكر عدة أحاديث تدل على جواز التلفظ أدبا بالسيادة .. فقال :

لا بأس بإطلاق فلان سيد ، ويا سيدي ، وشبه ذلك إذا كان المسوَّد فاضلاً خيّراً ، إما بعلم ، وإما بصلاح ، وإما بغير ذلك ..

وإن كان فاسقاً ، أو متهماً في دينه ، أو نحو ذلك ، كُره له أن يقال سيّد.

الأذكار للنووي ص362

* قال الشيخ القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 544هـ) :

فليس في قول العبد : سيدى ، إشكال ؛ إذ قد يستعمله غير العبد ، ولا فيه ما يدخل لبساً ولا كبراً ولا تشبهاً بالخالق كما يأتي في لفظ الرب.

اكمال المعلم بشرح فوائد مسلم ج7 ص189

* قال الشيخ نور الدين القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ):

(السيد الله) : الَّذِي يَمْلِكُ نَوَاصِيَ الْخَلْقِ وَيَتَوَلَّاهُمْ وَيَسُوسُهُمْ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ..

وَهَذَا لَا يُنَافِي سِيَادَتَهُ الْمَجَازِيَّةَ الْإِضَافِيَّةَ الْمَخْصُوصَةَ بِالْأَفْرَادِ الْإِنْسَانِيَّةِ ; حَيْثُ قَالَ: " «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» " أَيْ: لَا أَقُولُ افْتِخَارًا ، بَلْ تَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَإِخْبَارًا بِمَا أَمَرَنِي اللَّهُ .

مرقاة المفاتيح ج7 ص3074

* قال الشيخ الصنعاني رحمه الله (المتوفى: 1182هـ) :

وأما قوله: (أنا سيد ولد آدم) فهو إخبار عما أعطاه الله من الشرف على النوع الإنساني واستعمال السيد في غير الله تعالى شائع ذائع ..

قال النووي : المنهي عنه استعماله على جهة التعظيم لا التعريف .

التنوير شرح الجامع الصغير ج6 ص488

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

جاء في الحديث ( لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يكن سيدًا فقد أسخطتم ربكم عز وجل ) ..

فعلمنا من هذا أن وصف السيادة لا مانع منه أن يتصف من يستحقه لما في اللفظ من معاني التكريم .. وإلا فما فائدة إنكار الوصف على المنافق فقط ..؟!!

* فلما كان إباحة الوصف لمن يستحقه هو دليل جواز من النبي .. فقد علمنا أنه لا يوجد أحد أحق باستحقاق السيادة إلا هو صلى الله عليه وسلم .. فكان حقا أن نوقره بكونه سيدنا صلى الله عليه وسلم .

* فكان هذا الحديث هو توجيه لنا في الدِّقة عند اختيار الأوصاف التي يستحقها كل انسان على قدر منزلته ومقامه .

****************************

..:: الفصل الرابع ::..

********************************

..:: ما معنى حديث (السيد هو الله) ؟! ::..

( الطائفة الرابعة والأخيرة : أنكرت وصف النبي بالسيد دون تكفير لأحد )

* قال بعض أهل العلم : لا يجوز وصف أحد بكونه "سيد" .. لأي شخص لحديث النبي الصحيح ( انطلقتُ في وفدِ بني عامرٍ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقلنا أنت سيدُنا . فقال: السيدُ اللهُ تبارك وتعالى . قلنا : وأفضلُنا فضلًا ، وأعظمُنا طولًا . فقال : قولوا بقولِكم ، أو بعضِ قولِكم ، ولا يَسْتَجْريَنَّكم الشيطانُ )

* قلت (خالد صاحب الموضوع) ..

* نقول لمن استدل بالحديث السابق من أهل العلم .. هل يوجد أحد أنكر أن السيادة المطلقة لله رب العالمين ..!! كما ان الرأفة والرحمة المطلقة لرب العالمين ..!! ومع ذلك وصف النبي بالرؤوف الرحيم .. !!

* ولكنكم تخلطون المكانة الإنسانية بالمكانة الربانية خلطا لا يليق بأحد من أهل العلم أن يخلط هذا الخلط ..!! فضلا عن كون ما قلتموه مردود عليكم شرعا جملة وتفصيلا ..!!

* ولكن تعالوا نرى ماذا كان كلام العلماء في هذا الحديث ..!!

* قال الشيخ أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي (المتوفى 401 هـ) :

قوله تعالى ليحيى: (وسيدًا وحصورًا) السيد: الذي يفوق قومه في

الخير، وسيد المرأة زوجها قال الله: (وألفيا سيدها لدا الباب) يقال: ساد قومه سيادة وسوددًا ، ويقال: السيد الحليم.

وفي الحديث: (فجاء رجل فقال: أنت سيد قريش؟ فقال: النبي - صلى الله عليه وسلم - السيد الله)

قال الأزهري: كره أن يمدح في وجهه ، وأحب التواضع ، وليس هذا بمخالف لقوله لسعد حين قال: (قوموا لسيدكم) أراد أفضلكم رجلًا ، وأما صفة الله فمعناه : أنه مالك الخلق أجمعين .

وقوله عليه الصلاة والسلام: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) أراد أنه أول شافع وأول من يفتح له باب الجنة، وقال أبو بكر: العرب تقول: هو سيدنا أي رئيسنا والذي نعظمه وأنشد:

سواء سيدنا وسيد غيرنا .... صدق الحديث فليس فيه تمارى

الغريبين في القران والحديث ج3 ص948

* قال الشيخ القاضي عياض رحمه الله (المتوفى: 544هـ) :

وقد قال للأنصار: " قوموا لسيدكم " يعنى سعد بن معاذ، وقال: " اسمعوا ما يقول سيدكم " سعد بن عبادة .

والسيد: رئيس القوم ومعظمهم ومقدمهم في الخير والفضل ، والقائم بأمورهم ومصالحهم . 

وسيد المرأة : بعلها ، قال الله تعالى: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا الْبَابِ) .

وسيد الدار : قَيِّمُها ، وهو في حق الله تعالى بمعنى مالك الخلق ومدبرهم ..

فليس في قول العبد : سيدى ، إشكال ؛ إذ قد يستعمله غير العبد ، ولا فيه ما يدخل لبساً ولا كبراً ولا تشبهاً بالخالق كما يأتي في لفظ الرب.

اكمال المعلم بشرح فوائد مسلم ج7 ص189

* قال الشيخ بن المَلَك رحمه الله (المتوفى: 854 هـ) :

(السيد هو الله)؛ أي: الذي يملك أمور الخلق ويسوسهم هو الله تعالى، وأما العبد فسيادته قاصرة، قيل: إنما منعهم أن يدعوه سيداً مع أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا سيد ولد آدم"؛ لأنهم قوم حديثُــوا عهد بالإسلام ، فحسبوا أن السيادة بالنبوة كهي بأسباب الدنيا.

* "فقلت: أنت أفضلنا فضلًا وأعظمنا طَوْلاً"؛ أي: عطاء.

* "فقال: قولوا قولكم"؛ أي: قولوا مجموع ما قلتم من قولكم: (أفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً).

* "أو بعض قولكم" بأن تقتصروا على إحدى الكلمتين من غير حاجة إلى المبالغة بهما.

أو معناه : قولوا قولَ أهل ملَّتكم ، فخاطبوني بما يخاطبونني : بالنبي والرسول ، ودعوا التكلُّف في الثناء .

* "ولا يَسْتجرينَّكم الشيطان" أي: لا يتَّخذنكم جَرِيَّه .. أي: وكيله ..

وهو من الجريِّ: الوكيل ؛ لأنه يجري مجرى موكِّله ، يريد: تكلموا بما حضركم من القول ولا تتكلفوه كأنكم وكلاء الشيطان تنطقون عنه في الإضلال والكفر والبدع ..

أو من الجرأة – بالهمزة - وهو الشجاعة ، فالمعنى : لا يجعلنكم ذوي شجاعة على التكلُّم بما لا يجوز .

شرح المصابيح لابن الملك ج5 ص269 –

وراجع ما قاله الشيخ المظهري في المفاتيح في شرح المصابيح ج5 ص298

* قال الشيخ بدر الدين العينى رحمه الله (المتوفى: 855هـ) :

معنى السيد الله : مَعْنَاهُ هُوَ الَّذِي تحق لَهُ السِّيَادَة ، كَأَنَّهُ كره أَن يحمد فِي وَجهه ، وَأحب التَّوَاضُع .

عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج17 ص191

* قال الشيخ نور الدين القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ):

(السَّيِّدُ الله) وَفِي نُسْخَةٍ (السَّيِّدُ هُوَ اللَّهُ) . بِزِيَادَةِ ضَمِيرِ الْفَصْلِ لِمَزِيدِ تَأْكِيدِ إِفَادَةِ الْحَصْرِ مُبَالَغَةً فِي تَعْظِيمِ رَبِّهِ وَتَوَاضُعِ نَفْسِهِ .. فَحُوِّلَ الْأَمْرُ فِيهِ إِلَى الْحَقِيقَةِ مُرَاعَاةً لِآدَابِ الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ ..

أَيِ: الَّذِي يَمْلِكُ نَوَاصِيَ الْخَلْقِ وَيَتَوَلَّاهُمْ وَيَسُوسُهُمْ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ..

* وَهَذَا لَا يُنَافِي سِيَادَتَهُ الْمَجَازِيَّةَ الْإِضَافِيَّةَ الْمَخْصُوصَةَ بِالْأَفْرَادِ الْإِنْسَانِيَّةِ ; حَيْثُ قَالَ: " «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» " أَيْ: لَا أَقُولُ افْتِخَارًا ، بَلْ تَحَدُّثًا بِنِعْمَةِ اللَّهِ وَإِخْبَارًا بِمَا أَمَرَنِي اللَّهُ ، وَإِلَّا فَقَدَ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ: (أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا يَعْنِي بِلَالًا) .. وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بِلَالٍ تَوَاضُعٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مرقاة المفاتيح ج7 ص3074

* قال الشيخ الصنعاني رحمه الله (المتوفى: 1182هـ) :

(السيد) حقيقة هو (الله) لا غيره أي هو الذي تحق له السيادة فحقيقة السؤدد ليست إلا له إذ الخلق كلهم عبيده .

وأما قوله: أنا سيد ولد آدم فهو إخبار عما أعطاه الله من الشرف على النوع الإنساني واستعمال السيد في غير الله تعالى شائع ذائع ..

قال النووي : المنهي عنه استعماله على جهة التعظيم لا التعريف ..

واستدل بعضهم بهذا الخبر على أن (السيد) من أسماء الله تعالى.

التنوير شرح الجامع الصغير ج6 ص488 .. مختصرا .

* قلت .. ( خالد صاحب الرسالة ) ..

# في سبب رد النبي على وفد العرب قائلا (السيد الله):

1- كره أن يمدح في وجهه .. فردهم إلى من هو أولى بالثناء .

2- ذلك أنَّهم كانوا في هذا الوقتِ حَديثِي عَهدٍ بجاهليَّة .. فخاف عليهم أن يلتبس عليهم شيئا من المعاني الربانية على المعاني الإنسانية .. فصرف عقولهم إلى الأولى للفهم والأدب ..

3- أو ربما وجد منهم مغالاة في القول وتعظيما مبالغ فيه مقبوح وهم حديث عهد بجاهليه .. فكرهها منهم .. ولذلك تلطف في الرد عليهم .. بأن أرشدهم إلى أن التعظيم يكون لله تعالى .. ولا يصح المغالاة فيه صلى الله عليه وسلم .

4- أو أراد منهم أن يتعاملوا معه على أنه نبي ورسول يحكم بالأسباب الإلهية .. وليس مثل سيد من ساداتهم الذي يحكم بالأسباب الدنيوية .. فأخبرهم أن السيد الحق الحاكم في الوجود هو الله الذي يستمد منه النبي سيادته النبوية والرسولية .. فيكون بذلك أراد إرجاعهم إلى منشأ السيادة حتى لا تنحرف عقولهم إلى ما لا يصح وهم كانوا قريبي عهد بجاهلية ..

والله أعلم .

* في كل الأحوال قد تبين لكم أن فهم الحديث خلاف ما زعمه بعض أهل العلم .. ولا أدرى أي علم هذا الذي نسبوا أنفسهم إليه ..!!

فالسيادة الوجودية المطلقة هي لله رب العالمين .. ولكن السيادة الإنسانية فهي رفعة المكانة للنبي صلى الله عليه وسلم بما أكرمه الله بذلك .. وإليك الأدلة على جواز توقير النبي بصفة سيدنا .. 

* حتى أنكم ستتعجبون من هؤلاء المضللين في العلم .. وكيف جحدوا وأخفوا أحاديث الرسول وأقوال الصحابة التي سنذكرها لكم .. وكلها في الصحيح كما هو عاداتنا ..!!
بل وجحدوا آيات القرآن .. وكأنهم لم يروها ..!!
وكل ذلك من أجل ماذا ؟
من أجل أن قلوبهم استكبرت أن تقول للنبي (أنت سيدنا يا رسول الله) ؟!!
شيء عجيب .. كذبوا على الله ورسوله .. استكبارا من الاعتراف بسيادة الرسول ..!!

* وإليكم الأدلة القاهرة لهذه النفوس المستكبرة على النبي لتوقره بالسيادة .. وهذه الأدلة تثبت لكم جهالة هؤلاء المنتسبين للعلم تضليلا وخيانة للمسلمين في أمانة العلم ...

*******************************

..:: الفصل الخامس ::..

..:: الأدلة الشرعية الصحيحة على جواز توقير النبي بالسيادة من القرآن والسنة ::..

**************************

..:: أولا : أدلة جواز لفظ السيادة من القرآن ::..

للأنبياء والرسل – ولغيرهم

يتبع إن شاء الله تعالى 

*********************************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..