ج2: رسالة معنى (النبي الأمي) - فرق بين الأمية البشرية والأمية النبوية - ما معنى (النبي الأمي) في رأيي الإجتهادي - لماذا وصف الله النبي بأنه (الأمي) وليس أمي - معرفة الله .. لا تكون إلا بإتصالك بالأمية النبوية - كلما أحببت النبي ظهرت فيك أنواره - لماذا قال النبي (لصافَحَتْكم الملائكةُ بطرُقِ المدينةِ) - ما علاقة سلوك الطريق بأُمِيَّة النبي .

بسم الله الرحمن الرحيم

(الجزء الثاني)

:: رسالة ::

:: حقيقة معنى ( النبي الأمي ) ::

في اللغة والحديث والقرآن العربي

وفي قلب كل عالم تقي .. وعارف ولي

* فهرس :

..:: الفصل الثالث ::..

1- فرق بين الأمية البشرية والأمية النبوية ؟

2- ما معنى (النبي الأمي) في رأيي الإجتهادي ؟

3- المتلقي عن الله حقا وصدقا ويقينا ؟

4- لماذا وصف الله النبي بأنه (الأمي) وليس أمي ؟

5- الإشارة في كلمة النبي والرسول (بالألف واللام) ؟

6- معرفة الله .. لا تكون إلا بإتصالك بالأمية النبوية ؟

7- كلما أحببت النبي ظهرت فيك أنواره ؟

8- المحبة أصل الرابطة الروحية ؟

9- ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ ) ؟

10- لماذا قال النبي (لصافَحَتْكم الملائكةُ بطرُقِ المدينةِ) ؟  

11- ما علاقة سلوك الطريق .. بأُمِيَّة النبي ؟

 ************************

..:: مقدمة ::..

********************

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي

المتلقي التعليم من لدن حكيم عليم

وعلى آله وسلم

**************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. رسالة حقيقة معنى "النبي الأمي" .. وفي هذا الجزء ستجد ما يطيب له قلبك وينشرح له صدرك لما فيه من معاني طيبة إن شاء الله تعالى ..

* أريدك أن تلاحظ وتنتبه لشيء مهم وهو أن كلمة الأمي .. جاءت مرتين .. بعد وصفين (الرسول النبي الأمي) .. وجاءت في آيتين متتاليتين .. ولم تأتي منفردة مثل كلمة الأميين ..

* بالتأكيد .. هو أمر مثير للإنتباه وملفت للنظر والتأمل ..!!

* ألا يثير هذا تساؤلا في عقلك .. وهو لو كان معنى الأمية كما نتصور (نقص إنساني) .. فهل كان يضعها في موضع التشريف مع صفات الرسالة والنبوة ..؟!!

* والمؤمن .. لابد أن يسأل .. ويقول ما وجه التشريف لكي يأتي سبحانه بوصف قد يكون في نظر القاريء هو أقل من سابقيه .. !!

أبعد أن وصفه الله بالرسالة والنبوة .. يصفه بالأمية .!!

ألا كان يكفي أن يصفه بالرسالة فقط ؟

خاصة وأن وصفه كرسول يفهم منه أنه نبي ؟

ألا يكفي أن يصفه بالنبوة فقط ؟

وماذا أضاف وصف الأمي للنبي ؟

* ولكن لو تأملنا .. سنجد ان هناك فرق بين كونه رسول .. وبين كونه نبي أمي ..

لأن وصف (النبي الأمي) قد قطع أن يكون هناك أمية تلقي بعده إلى يوم القيامة .. لكونه الحائز على كل الرسالة الخاتمة الصالحة لكل زمان ومكان .. فافهم ..

* عموما تعالوا نرى تفصيل هذا الكلام في الرسالة .. وأرجو من الله التوفيق .. آمين ..

* نبدأ بسم الله ..

توكلت على الله ..

***********************************

..:: الفصل الثالث ::..

*****************************

( قلت صاحب الرسالة )

..:: فرق بين الأمية البشرية والأمية النبوية ؟ ::..

* معنى الأم : أي المصدر أو الأصل .. وكثير من العلماء اعتادوا توصيف "الأمي" بأنه لا يقرأ ولا يكتب .. وهذا كلام صحيح لغويا ..!!

* وبعض العلماء ذهبوا في وصفهم للأمي .. كوصف ذاتي للنبي دون أن ينظروا إليه إلى أنه وصف تابع للنبوة وليس وصف للطبيعة البشرية ..!!

وهذا أعتقد كان سبب في أنهم عزلوا اللفظ بمفردة وتكلموا عنه .. لأنهم نظروا لبشريته ..!!

ولو نظروا للفظ بما هو وصف لغيره .. لكان الامر اختلف ..

* فحينما نقول أن سيدنا محمد كان أميا .. فماذا تقصد ؟

أمية نبوية أم أمية بشرية ؟

فهناك فرق بين محمد البشري وبين سيدنا محمد النبي ..!!

فقد وصف أميته النبوية قائلا ( وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ) النمل6 .

ووصف تعالى بشريته قائلا ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) العنكبوت48 ..

* فتأمل قوله تعالى (من قبله) .. فالحديث على طبيعته البشرية .. وهذا كان له حكمة في سنذكرها في محلها .. !!

* نعود فنقول :

أن كلمة الأم : في اللغة تعنى الأصل أو المصدر ..

وأنت تنسب إلى "أمك" : لأنها الأصل في وجودك .. أو المصدر الذي أتيت منه ..

* فكلمة (أُمِّي) .. تنسب الإنسان إلى المصدر أو الأصل الذي جاء منه  أو الذي ينتمي إليه .. أو الذي تلقى عنه ..

* ولذلك أرى معنى آخر ..  في وصف (النبي الأمي) .. ليه ؟

********************************

(هكذا اجتهدت .. والله أعلم)

..:: ما معنى (النبي الأمي) ؟ ::..

( أولا : الأمية النبوية .. )

( المتلقي عن الله حقا وصدقا ويقينا )

* كما  قلت سابقا أنه لابد أن تنظر لأمية النبي .. من حيث نبوته وليس من حيث بشريته .. إذا أردت أن تفسر القرآن .. لأن القرآن قال (النبي الأمي) ..

وحينما علمنا الرسول ان نصلي عليه .. هل قال (اللهم صل على محمد النبي الأمي) أم قال (محمد الأمي) .. ؟!!

طبعا قال (محمد النبي الأمي) ..

* يبقى لازم تنتبه إلى أن هناك فرق بين الأمية البشرية والأمية النبوية .. وكلاهما محقق في الذات المحمدية .. ولكن لكل منهما توجيهه وحكمته العلية .. وسأذكر كلا منهما تحقيقا شرعيا وعقليا .. بما لا يجعل في نفسك شيئا .. بل وستسعد ما وصل إليك من معرفة إن شاء الله ..

* ونبدأ بالكلام عن الأمية النبوية ..

فالأمية جاء وصف تابع للنبوة .. وكأن الله يخبرنا أن هذا النبي له أميَّة تلقي (أي مصدر وأصل) يتلقى منه حقيقة نبوته .. وهو الله سبحانه وتعالى .. فهذا هو مصدر وأصل نبوة أو نبؤة النبي ..

فالأمي هو المتلقي نبوته من ربه حقا وصدقا ويقينا ..

* ولو أردنا تنظيم الموضوع بطريقة أوسع شمولية ..

فأقول أن أمية النبوة في حق النبي تعني أمرين :

1- (أُميَّة تلقي) .. أي أنه يستمد أصل نبوته من مولاه .. (المخصوص بالنبوة)

وكأنك تسأل : من أين أخذ هذا النبي نبوته ورسالته ؟

ولذلك قال الانبياء في الآخرة (كلنا نبي امي) .. للدلالة على مصدر وأصل استمداد نبوتهم .

2- (أُميَّة اتباع) .. أنه الأصل الواجب اتباعه لسلوك الصراط طلبا للمولى .. (المخصوص بوجوب الاتباع) .

وكأنك تسأل : من هو الأصل الذي اتبعه للوصول إلى معيَّة الله ؟

كما قال تعالى ( فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) الأعراف158

ولذلك قال النبي (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ) ..

* وبطريقة أبسط وأيسر للفهم ..

تستطيع أن تقول أن أمية النبوة تحمل معنيين :

1- الأولى : تدل على أصل مصدر نبوته (أُميَّة نبوة) .. أو ما أسميناها .. ب" أُميَّة تلقي"

2- والثاني : تدل على أنه أصل واجب اتباعه (أُميَّة قصد) .. أو ما أسميناها .. ب"أُميَّة اتباع"

* إذن يتضح أن وصف النبوة (بالأمية) قيلت في حق النبي : لأنها تثبت له أصل مصدر نبوته حتى لا يتوهم أحد أنه مدعي النبوة ..!!

وتثبت له أنه أصل واجب الإتباع ..

* وفي كلمة (الأمي) معاني كثيرة وإشارات كريمة .. أذكر لكم منها ما جال بخاطري بعد قليل إن شاء الله تعالى ..!!

* ودعونا نرتقي معكم في فهم المعنى القرآني لكلمة (الأمِّي) .. بسؤال بسيط وهو :

لماذا قال تعالى في القرآن (الأُمِّي) ولم يقل (أُمِّي) ؟ كما قال تعالى ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ ) الأعراف157 .

ولماذا قال الأنبياء في الآخرة (كلنا نبي أمي) ولم يقل أحد منهم أنه (الأمي) ؟!!

تابع معي ...

*********************************

:: (قلت صاحب الرسالة) ::

..:: لماذا وصف الله النبي بأنه (الأمي) وليس أمي ؟ ::..

* أجيبك بما يحتمله عقلك ويبتهج له قلبك ولا يثير خلاف في نفسك ولا مع غيرك .. :

1- وجود (الألف واللام) تدل على شمولية الأمية وأحاطته بها .. دلت على أنه الخاتم الجامع للرسالة الإلهية بما لا نبي بعده المستمد عن أمية الوحي كمالات حياة القلوب والاجساد ليوم الميعاد بما لا حاجة لنبي بعدة .. !!

* ولذلك وصف الأمية بالألف واللام .. حتى تعلم أنه الأمي المجموع له الرسالة الجامعة الخاتمة الكاملة التامة من أمية الوحي (مصدر وأصل الوحي) ..!!

* فهو الرسول الأمي .. أي المتلقي عن مولاه الرسالة الخاتمة النقية البيضاء .. كما في قوله تعالى ( وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ) النمل6 .. كما قال النبي (والذي نفسِي بيدِه لقد جئتكم بها بيضاءَ نقيةً ) أي رسالة الله .. ولذلك قال النبي ( أنا خاتمُ النبيِّينَ لا نبيَّ بعدي ) .

* وتستطيع أن تفهم مما سبق .. معنى قول النبي (إنِّي لستُ كهيئتِكم ، إنِّي أبيتُ عند ربِّي يُطعمُني ويَسقيني) ..

لأنه يسقى ويطعم من أصله الأعلى .. الولي المولى .. سبحانه وتعالى ..

* وأيضا الإشارة في كلمة النبي والرسول (بالألف واللام) كما قال تعالى ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ) .. للدلالة على إحاطة النبي صلى الله عليه وسلم بخاتمة الرسالة والنبوة والأمية .. الكاملة التامة .. ! كما قال النبي ( أنا خاتمُ النبيِّينَ لا نبيَّ بعدي ) .

* فاعلم مقامه صلى الله عليه وسلم وتأدب معه بما يليق به ..

2- أنه الأمي .. أي الأصل الواجب اتباعه .. ولذلك أخذ العهد على الأنبياء باتباعه ونصرته  .. قال تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران81 ..

ولذلك قال النبي ( والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني )

وهذه تسمى أمية اتباع للنبي .. أي للنبي الأمي الخاتم ..

* وبناء على ما سبق فإن كل من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فهو من الأمة الأمية للنبوة الخاتمة .. ولذلك قال النبي ( إنَّا أمة أمية ) .. أي مصدرها في العلم الإلهي هو مولاها سبحانه وتعالى .. (وسيأتي بيان ذلك عند شرح هذا الحديث في منتصف الرسالة إن شاء الله) .. 

* وعند هذا يكفيك ما وصل إليك .. ومن فتح الله عليه يرى بعين قلبه لماذا كان النبي موصوفا ب (الأمي) .. سواء في عالم الملك أو الملكوت .. وكل إنسان بقدر محبته للنبي وتوقيره له .. بقدر ما سيري من معنى (الأمي)..!!

* وكان ما سبق رأيي الإجتهادي في مفهوم معنى الأمي .. حيث أنه وصف شريف جدا للنبي صلى الله عليه وسلم .. بل ووصف شريف لكل نبي ..

ولكن حينما نظرنا للفظ (الأمي) منعزلا عن (النبوة) .. فكان هنا الخطأ ..

*****************************

..:: معرفة الله .. لا تكون إلا بإتصالك بأصلك النبوي ::..

( المحبة أصل الرابطة الروحية )

* حينما تريد ان تكون من طالبي الحق سبحانه وتسلك طريق أهل الهداية والمعية الربانية ويكرمك الله بالحكمة والمعرفة ويفتح لك بصيرتك لتستمد منه سبحانه .. فلابد أن تكون أميا أي متصلا بأصلك النبوي .. ولذلك قال تعالى ( أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي ) يوسف108 ..

فالذي يتبع النبي أيضا ينال من البصيرة .. ولا بصيرة بغير اتباع أبدا ..

ولذلك جاء في الحديث (وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه ، فإذا أحببتُه : كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به ، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به ، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها ، ورِجلَه الَّتي يمشي بها ، وإن سألني لأُعطينَّه ، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه) ..

وأفضل النوافل (الزيادة عن الفرض) .. هو ما كان عن فعله وعمله وإرشاده صلى الله عليه وسلم ..

* يبقي سبب اتصالك بأمية النبي .. حتى تستمد من خلاله من أصلك الروحي .. أي يتجلى عليك مولاك بعطاءه الإلهي المخصوص ..

يبقى لازم عشان توصل للمحبة الإلهية والمعية الربانية الكاملة .. لابد أن تتصل بأصلك النبوي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

* ولكن كيف تتصل به ؟

باتباعه حبا له صلى الله عليه وسلم .. (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ) .. فإذا أحببته فستشعر بمعيته لأن المحبة هو اتصال ورابطة روحية ..

ثم في مراحل متقدمة من المحبة قد تجد أحاديث الرسول تنطق في داخلك وكأنك تسمعها منه صلى الله عليه وسلم .. أمر عجيب وبديع .. وهذا الأمر له درجات في الكرامة لا حد لها بقدر المحبة ..

* يبقى أمية النبوة هي أصل لازم لك في طريقك إلى الله .. ومن غيره فلن تجد المعية الإيمانية والتجليات الرحيمية والإشراقات النورانية على قلبك وعقلك وروحك .. إلا باتصالك بفعل النبي وعمله .. حتى يغلب عليك انشغالك به .. فتبدأ تظهر في باطنك أمور أخرى مثل رؤيته صلى الله عليه وسلم .. أو سماع أحاديثه .. أو تجد حبا جارفا تتمنى معه لو فقدت حياتك لتراه .. وهو ما نسميه مجازا روحانيات النبي ..

* فإذا كان اتصالك بأصلك النبوي فيه صدق توجه بالمحبة وابتغاء لمرضاة الله لا غير ذلك .. فقد يزيدك سبحانه على ما سبق بيانه بالتأييد بروح منه .. بلا حدود .. روح الإيمان وروح الحكمة وروح الرحمة وروح المحبة وروح اليقين وروح الإخلاص وروح التوبة وروح الرضا .. إلى ما لا حدود له من عطاء الله .. ويكفي أنه قال لك ( كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به ، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به ، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها ، ورِجلَه الَّتي يمشي بها ) .. وكيف يكون إنسان هذه مواصفاته ويقال عنه ليس مؤيدا بالحق مستمدا منه ..؟!!

* ولكن اعلم أمر مهم جدا .. أنه كلما أحببت النبي كلما أشرقت فيك وبينك وعليك أنواره .. كيف ذلك ؟

تابع معي ..

*******************************

:: ( قلت صاحب الرسالة) ::

..:: كلما أحببت النبي ظهرت فيك أنواره ::..

( المحبة أصل الرابطة الروحية )

* اجعل النبي الأمي بينك في حياتك بمعاملاته ، ساكنا في نفسك بأخلاقه .. حتى تتطهر نفسك بمعانيه (بصفاته) صلى الله عليه وسلم .. فتصل لأميتك من خلاله .. أي لتصل لأصلك الروحي .. وهو دوام البقاء في حضرة مولاك ..!!

* ولذلك كلما كنت متعلقا بالرسول ومحبا له ومتبعا قدر استطاعتك .. كلما زاد قربك بالاستمداد من مولاك بلا وسائط .. لأنك تكون تستمد من لدنه سبحانه .. ولكن شرط أن يكون فيك رسول الله بالإتباع ظاهرا وباطنا في كل معاملاتك .. وكلما أحببت النبي كلما ارتقت معانيك ( أي صفاتك القلبية وقويت قبلتك الروحية في التوجه لأصلها الروحي (مولاها) ) ..

* ولذلك تجد الحبيب المحب لأمته يقول لأصحابه ( لو أنكم إذا خرجتُم من عندي تكونون على الحالِ الذي تكونون عليه لصافَحَتْكم الملائكةُ بطرُقِ المدينةِ ) .. ليه قال لهم كده ؟

1- لأنه النبي الأمي الذي يأخذ بيدك لأمية (أي أصل ومصدر) التلقي للحكمة والتأييد من مولاك .. فتشرق عليك أنوار قوله تعالى (وأيدهم بروح منه) ..

2- أراد النبي أن يرشدهم أن دوام تواجدهم مع النبي يورث فيهم حال التواجد في معية الله ولذلك تحضرهم الملائكة ..

وفي ذلك إشارة : أن كل من كان حب رسول الله فيه حاضرا في قلبه ويسكن هذا الحب بين ضلوعه .. فسيجد معيته في حضرة الله ومؤيدا بملائكة الله حاضرة معه بل وقد تصافحه ..

* وقد أظهرت لك من جمال معاني كلمة (الأمي) ما يجعلك تعشق النبي صلى الله عليه وسلم ..

* وسيأتي بيان لبعض المعاني القلبية حول كلمة الأمي في منتصف البحث إن شاء الله تعالى .. وما سبق يغنيك لتفهم حقيقة أمية النبي صلى الله عليه وسلم .. وتفهم لماذا قال العارفون أنه باب الوصول ومن غيره لن تصل .. !!

لأنه الأمي المقصود أولا بالإتباع .. ومنه ستصل لأميتك أي أصلك الروحي .. وكأنك تشاهد هذا المشهد في قوله تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) الأعراف172 ..

* واعلم أن الذي تشرق فيه وعليه أمية النبي .. فقد اتصل بالجمال الإلهي عليه بالرحمة والرأفة من سر قوله ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) ..

* ولو لم يكن هو النبي الأمي لما قال تعالى ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) النساء64

* فهل لازلت مترددا أن تجعله (الأمي) في حياتك ..؟ أي قِبلتك ووجهتك التي دائما تأخذ منها أقوالك وأفعالك .. حتى ترتقي لأميتك الروحية والقلبية والعقلية ابتغاء مرضاة مولاك ..؟

********************************

:: ( قلت صاحب الرسالة) ::

..:: ما علاقة سلوك الطريق .. بأُمِيَّة النبي ؟ ::..

* أولا : اعتقاد أن كلمة الأمي هي مرادف للجهل أو دليل النقص .. فأنت بذلك قد دخلت حجاب في التواصل الروحي .. وأصبح لديك نقطة سوداء عليك أن تمحوها ..!!

* ثانيا : عليك أن تعلم أن الوصف ب (الأُمِّي) هو أعلى وصف شرفي يناله إنسان مرسل من الله .. ولذلك لم يتم ذكر الأمية إلا للإنبياء فقط .. لأنهم فقط من طالتهم عين العناية الإلهية ليكونوا أميين حتى يحظوا بالوصول لهذه الدرجة والرتبة النبوية ..!!

فهم لن يكونوا أنبياء إلا لو كانوا أميين أولا ..!!

والولي يكون وليا بقدر أميته لرسوله ..!!

* فاعتقادك في الأمية النبوية .. هو سبب الإتصال القلبي والعقلي والروحي بالمنهج الإلهي ويجعلك تنفعل به وينفعل معك ..!!

* والأمية النبوية هي التي جعلت النبي هو الأب الروحي للمؤمنين .. فافهم (ولذلك رسالة خاصة إن شاء الله تعالى).

* ولذلك يسعى خلفاء الأنبياء وأوليائهم في الوصول لهذه الدرجة الأمية .. قدر استطاعتهم من خلال التزكية وصولا للقلب السليم والعقل الحكيم والروح الحق ..!!

* فاتباعك لأمية النبي تسمو بك إلى .. :

1- أُمِّيَّة قلبية .. وهي رجوع القلب لأصله لمشاهدة الحق .. والمشار إليها بالقلب السليم .

2- أمية روحية : وهي رجوع الروح لأصلها طلبا للمكاشفة الروحية (ألست بربكم) .. والمشار إليها (كل انسان يولد على الفطرة)

3- وأُمِّيَّة عقلية .. وهي رجوع العقل لأصله للتمييز بين الحق والباطل والتفكر الدائم في الحق لا بغيره ..

* لذلك كان الإعتقاد في الأمية النبوية أمر لازم .. ليه :

* فالأمية النبوية : كانت سبب ليستمد النبي من مولاه  لا من غيره ..

ولذلك لما استمد النبي من مولاه .. كان على صراط مستقيم ..

ولما ثبت عليه كان هاديا لمن يسلك هذا الصراط المستقيم ..

ولما كان هو المرشد الهادي للصراط وعلى الصراط .. كان لابد من اتباعه في الأقوال والأفعال .. لتصل إلى أصل كل طهارة في ذاتك .. (قلبا وعقلا وروحا) ..

ولا سبيل غير ذلك أبدا ..

* ولذلك قال العارف بالله الشيخ الجنيد رحمه الله :

الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفي أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع سنته ولزم طريقته .. لأن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه وعلى المقتفين أثره والمتابعين سنته . روح البيان ج3 ص257

**********************************

..:: الفصل الرابع ::..

*********************************

:: ( قلت صاحب الرسالة) ::

..:: خواطر حول معنى "النبي الأمي" ::..

(خواطر حول أميته النبوية)

1- (النبي الأُمِيِّ) : الأصل في صدق المتابعة وعدم المخالفة ..

2- (النبي الأُمِيِّ) : مقصد الوحي في وجوب الإتباع .. ومقصد الخلق في طلب الاستشفاع ..

3- (النبي الأُمِيِّ) : المتلقِّي عن مولاه .. والأصل الواجب اتباعه وسلوك هداه ..

4- (النبي الأُمِيِّ) : ...........................

يتبع إن شاء الله تعالى

************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..