ج15: رسالة الرِّفعةِ والمَكانة - هل يجوز قول مولانا بين المؤمنين الصالحين وأهل العلم والمحبين لنا - هل يجوز قول "مولانا" لغير المؤمن - ماذا قال العلماء في جواز قول "مولانا" - هل يجوز قول "ربي عملي" فلان - هل يجوز أن تقول لإنسان مؤمن (مولانا) ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(الجزء الخامس عشر)

( رسالة الرِّفعةِ والمَكانة )

..:: في جواز الأدب مع النبي ب "سيدنا ومولانا" ::..

( اللهم علِّمنا الأدب معك ومع نبيك .. آمين)

* فهرس :

..:: الفصل الثالث والثلاثون ::.. الأدلة العقلية على جواز قول "مولانا" للنبي ::

1- الدليل العقلي على جواز قول "مولانا" للنبي ؟

..:: الفصل الرابع والثلاثون ::.. أسئلة ::

2- السلطة والدين ؟

3- س1: هل يجوز قول مولانا بين المؤمنين الصالحين وأهل العلم والمحبين لنا ؟

4- س2 : هل يجوز قول "مولانا" لغير المؤمن ؟

5- س3 : هل يجوز أن تقول لإنسان مؤمن (مولانا) ؟ بدلا من (مولاي) ؟

6- س4 : ماذا قال العلماء في جواز قول "مولانا" ؟

7- س5 : هل أنكر أحد من العلماء أن يقال "مولانا" لشخص ؟

8- س6 : هل يجوز قول "ربي عملي" فلان ؟

9- س7 : لماذا جاء في الحديث النهي عن الوصف ب "رب" والسماح بلفظ "سيدي ومولاي" ؟

****************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل معكم رسالة الرفعة والمكانة .. مع البحث في الأدلة عن جواز كلمة "مولانا" للنبي صلى الله عليه وسلم ..

* ونستكمل فيه شيء من الأدلة العقلية .. مع بعض أسئلة توضيحية لخاتمة البحث .. وفيها نرد على من تحجج بحديث صحيح مسلم .. ( لا يقل أحدكم مولاي فإن مولاكم الله ) .

* وبذلك نكون قد أبطلنا ما يروج له ضلالية جماعة الظلام .. هداهم الله .. وصرف أذاهم عن المسلمين .. آمين .

* نبدأ بسم الله ..

توكلت على الله ..

***********************************

..:: الفصل الثالث والثلاثون ::..

..:: ثالثا : الأدلة العقلية ::..

**********************************

..:: الدليل العقلي على جواز قول "مولانا" للنبي ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

1- الدليل الأول : الإنكار يكون بدليل .. فمن ينكر قول مولانا توقيرا وأدبا مع الرسول .. فليأت بدليل الإنكار الذي يخالف ما أثبتناه سابقا في بحثنا .. فإن لم يأت بالدليل القطعي الدلالة والثبوت الغير مناقض لغيره .. وظل مستكبرا على إنكاره بلا حجة قاطعة .. فقد علمنا منه بذلك أنه يتبع هوى نفسه وجماعات الظلام .. وقد ظهر بذلك منه بلا ريب .. !!

* فمثل هذا المنكر  .. اهجره حتى يتوب ويصفى قلبه .. ويتوقف عن جحوده لأدلة الكتاب والسنة .. وإلا فإن جالسته بعدما تبين لك الحق فأنت منه .. ولا تأمن حينئذ عاقبة السوء ..!!

2- الدليل الثاني : من حديث النبي عن زيد (أنت أخونا ومولانا) .. ومولانا على معنيين .. ولينا وحبيبنا أو عتيقنا ..

فإذا كان الرسول مدح زيد بقوله (مولانا) .. فماذا نحن نمدح الرسول ؟!

3- الدليل الثالث : نجد من الأدب القرآني .. أن كل من ليس له نسب ولا يُعرف أبوه .. فيتم مناداته بقول يا أخي أو مولاي .. أدبا معه وجبرا لخاطره .. فهل تعلم ذلك ؟

فهكذا علمنا الله بالتأدب مع هؤلاء .. ( ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ) الأحزاب5 .. وهذه مولاة حِلف "أي نصرة في الدين" ، وليست موالاة عتق ..!!

* فإذا كان حال المقطوع النسب .. المجهول أبوه .. يتم احترامه بقولك له : أخي أو مولاي .. وإذا كان تحت رعاية أحد فتقول فلان مولى فلان .. فإذا كان الأمر كما سبق بيانه ..

* فهل بعد ما سبق تمنع قول (مولانا) .. عن سيدنا مولانا رسول الله .. بل وتمنعها عن المؤمنين بينهم وبين بعض .. يا جاحد كلام الله وكلام رسول الله ..!!

4- الدليل الرابع :  كيف لا يكون الرسول مولاك ؟ .. يقول تعالى عن النار (مَأْوَاكُمُ النار هِيَ مَوْلاَكُمْ) أَي أَوْلَى بكم .. أفلا يكون من باب أولى من وصفه الله رؤوف رحيم أن يكون مولانا .. أفلا تعقلون ؟!

5- الدليل الخامس : إذا كان الخادم يقول لسيده "مولاي" .. ونحن جميعا نخدم رسول الله بأرواحنا .. أفلا يكون من حقه أن نقول له "مولانا" ؟!!

6- الدليل السادس : إذا كان المؤمنين أولياء لبعضهم البعض .. أفلا يكون الرسول وليك ومولاك .. أفلا تعقلون ؟!

7- الدليل السابع : إذا كان الأب وولي أمرك عموما وصفه النبي أنه مولاك .. فما بالنا بالأب الروحي .. وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!

ألا يقال له مولانا ..؟!!

أفلا تعقلون ..؟!

**********************************

..:: الفصل الرابع والثلاثون ::..

:: أسئلة ::

*********************************

..:: السلطة والكذب والسُّحت ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* دائما المشكلة ليست في الدين .. وإنما المشكلة في العقول التكفيرية التي تحول المسألة الدينية تبعا لأهوائها .. ظنا منهم أن التكفير وسيلة البقاء على التوحيد .. حتى ولو كان في ذلك اتخاذ التضليل كوسيلة للوصول إلى مبتغاهم ..!!

* وفي الحقيقة أن هؤلاء التكفيريين أصحاب جماعة الظلام .. ما هم إلا محركات للفتنة .. من أجل المحافظة على سلطتهم الدينية والإكتساب من ورائها ..!!

* فالمشكلة ليست في الدين .. وإنما في النفوس الباطلة التي تستبيح الدين كوسيلة للتجارة وأكل أموال الناس سُحتا .. !!

  

* ففي بحثنا وجدنا أن الصفة يتم توصيفها الإنساني والإلهي بقدر المراد منها .. !!

فكلمة مولانا تقال للإنسان كوصف انساني ليدل على القرابة والمحبة والنصرة وغير ذلك كثير يصل الى اثنى عشرة معنى !!

وتقال في حق الإله .. بمعنى المتصرف في الكون كله دنيا وآخره .. سلبا وايجابا .. أي نفعا وضرا .. .. ولا حول ولا قوة إلا به وحده سبحانه ..

* ولذلك حينما يقول لك أحد جماعات الظلام .. أن اللفظ لا يصح أو حرام أو يكفرك ...

فقل له : أنت تتحدث عن اللفظ كصفة إنسانية أم كصفة إلهية ؟

فإن قال لك هي تقال للإله فقط .. فاعلم أنه ضلالي جاهل ومجرم ممكن يستبيحك فاهجره وابتعد عنه .. لأنه إذا كان قد استباح الشرع وكذب عليه .. ألا يستبيحك أنت ..!!

* وإن قال لك أنه يتكلم عنها كصفة إلهية .. فلا خلاف في ذلك .. لأنه لا ينسب أحد لإنسان ما هو لله إلا لو كان كافر فعليا ..!!

* وإن قال لك جاء في الحديث ( لا يقل أحدكم مولاي لإن مولاكم الله ) .. فقل له أن هذه الرواية شاذة بتحقيق أهل العلم .. ومخالفة لما هو أوثق منها .. فلماذا تركت ما هو أصح .. إلا لو كنت متلاعب بالشرع مجتزأ منه ما يتناسب وهواك ..!! 

**********************************

..:: س1: هل يجوز قول مولانا بين المؤمنين الصالحين وأهل العلم والمحبين لنا ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

نعم يجوز قول ذلك لمن يتولى ولاية أمرك أو قريب منك .. مثل الحاكم ورئيسك ووالدك ومعلمك وشيخك ..

* بل أن كل مؤمن يجوز أن يُقال له "مولاي" أدبا .. لأنهم يوالون بعضهم البعض بحكم الأخوة في الدين .. فهذه أخوة إيمان وولاية دين ..  

قال تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة71

* ولكن اجعلها لمن يستحقها من أهل الإيمان .. حتى تحافظ على شرف الكلمة ومكانتها وتكون في محلها الصحيح .. فلا يصح أن تقولها من باب الكراهة وليس التحريم .. لمسلم منحرف أو جاهل .. !!

* وقلت ليس تحريما .. لأنه جاء في صحيح مسلم يقول سيدنا رسول الله : (لا يَقُلْ أحدُكم : أَطعِمْ ربَّك ؛ وَضِّئْ ربّك ، واسْقِ ربّك ، ولا يقُلْ أحدٌ : ربي .. ولْيقُلْ : سيِّدي ، ومولاي ..

ولا يقلْ أحدُكم : عبدي ، وأمَتي ، ولْيقُل : فتاي ، وفتاتي ، وغلامي )

* ولا يوجد في هذا الحديث تخصيص لقول "مولاي" للمسلم الصالح أو الطالح (لأنه توجيه عام لكل الأمة) .. فطالما هذا الشخص هو صاحب فضل عليك ويتولاك بالرعاية .. فلا مانع أن تقول له (مولاي) .. أدبا وفضلا وليس عبادة ..!! فافهم ..

****************************

..:: س2 : هل يجوز قول "مولانا" لغير المؤمن ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

لا يصح أن تقول لفظ مولانا لأي كافر كان صاحبا أو عدوا .. لأنه لا ولاية للكافر على المؤمن لأنه لا يوجد ود "محبة إيمانية" بينهما ..

لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً ) النساء144

ولقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) المائدة57

* ألا لو اضطررت لقولها لتنجو بحياتك أو خفت من أذى منهم فاضطررت لقول ما يريدون سماعه بلسانك دون ما يعتقده قلبك .. فلا حرج حينئذ .. لقوله تعالى ( لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ ) آل عمران28  ..

* ولكن يقال له للكافر أي لفظ آخر يدل على الإحترام والتقدير وما يدل على مكانته وشرفه فهذا حقه .. مثل حضرتك أو أستاذ أو دكتور أو مهندس أو مدير ..

والله أعلم .

***********************************

..:: س3: هل يجوز أن تقول لإنسان مؤمن (مولانا) ؟ بدلا من (مولاي) ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

نعم يجوز .. ودليل ذلك .. ما رواه البخاري .. حيث قال سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة ( أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا ) ..

* وتم تفسير (مولانا) في الحديث بمعنيين :

الأول : ولينا وحبيبنا  .. وهذا لا يليق بمقام التكريم الذي كان في الحديث .. لأنه معلوم أنه كان عبدا فأعتقه رسول الله .. فما فائدة إظهار ذلك ..؟!! ..

وإلى هذا قال الإمام القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج6 ص2206  ، والإمام الكوراني في الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري ج5 ص307 ، والإمام الشاطبي في شرح الطيبي على مشكاة المصابيح ج7 ص2390 ..

* المعنى الثاني : أي عتيقنا الذي حررناه من العبودية .. فأْنت أخونا في الدين ، "ومولانا" أي: عَتيقنا ..

لأن الله تعالى أنزل في حق زيد بن الحارث: (فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) الأحزاب5 .. وكان زيد عتيقَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

راجع ما قاله الشيخ بن الملك في شرح المصابيح (ج6 ص457 ) .. وغيره من مفسري الأحاديث جنحوا لهذ الرأي أيضا ..

* ومن وجهة نظري فالرأي الأول أرجح .. والله أعلم .

* في كل الأحوال ما يهمنا من الاستدلال .. هو جواز قول "مولانا" .. للمؤمنين الصادقين ..

**********************************

..:: س4 : ماذا قال العلماء في جواز قول "مولانا" ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* لا تنسى : هناك فرق بين قول مولانا (أدبا ومحبة وتوقيرا) للإنسان المؤمن ، وبين قول مولانا (عبادة) لرب العالمين .. !!

وإليك أقوال العلماء رحمهم الله ..

1- قال الإمام الخطابي رحمه الله (المتوفى: 388هـ) :

لَا يُقَالُ السَّيِّدُ وَلَا الْمَوْلَى عَلَى الْإِطْلَاقِ مِنْ غَيْرِ إِضَافَةٍ إِلَّا فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى .

نقلا عن فتح الباري لابن حجر ج5 ص180

2- قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى: 676هـ) :

فقد قال النووي بعد كلام ذكره : " والأظهر أنه لا بأس بقوله : المولى والسيد بالألف واللام بشرطه السابق "  الأذكار ص573 

* قلت (خالد صاحب الرسالة) : ويقصد النووي بشرطه السابق ما ذكره عن جواز قول سيدنا .. حيث قال  :

" إذا كان المُسوَّد فاضلا خيرا ، إما بعلم ، وإما بصلاح ، وإما بغير ذلك ..

وإن كان فاسقا ، أو متهما في دينه ، أو نحو ذلك ، كره له أن يقال سيد .. 

الأذكار ص575

3- يتضح من رسالة الشيخ بن تيمية رحمه الله للسلطان المؤيد ..:

أنه لا ينكر قول "مولانا" بلا حرج .. حيث يقول في بداية رسالته للسلطان المؤيد :

بسم الله الرحمن الرحيم

"من أحمد بن تيمية إلى المولى السيِّد السلطانِ الملكِ المؤيَّد، أيده الله بتكميل القوتينِ النظريةِ والعلميةِ ، حتى يُبلِّغَه أعلى مراتب السعادةِ الدنيويةِ والأخرويةِ ... " إلى آخر ما قاله رحمه الله .

جامع المسائل لابن تيمية (المجموعة الخامسة) ص283

4- قال الإمام بن حجر رحمه الله (المتوفى: 852هـ) :

وَفِي الْحَدِيثِ (.. ولْيقُلْ : سيِّدي ، ومولاي ) جَوَازُ إِطْلَاقِ مَوْلَايَ ...

فتح الباري لابن حجر ج5 ص180

5- قال الإمام  الهروي القاري رحمه الله (المتوفي: 1014هـ) :

قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ: أَنَّ قَوْلَ النَّاسِ لِغَيْرِ الْمِلَّةِ كَالْحُكَمَاءِ وَالْأَطِبَّاءِ (مَوْلَانَا) دَاخِلٌ فِي هَذَا النَّهْيِ وَالْوَعِيدِ ( وهو السخط من الله عند تسويد المنافق) ، بَلْ هُوَ أَشَدُّ ؛ لِوُرُودِ قَوْلِهِ تَعَالَى: (مَوْلَانَا) فِي التَّنْزِيلِ دُونَ السَّيِّدِ.

* قُلْتُ( أي الإمام القاري) : إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ تَعْظِيمُهُ ، فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ جَوَازِهِ ، وَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِهِ أَحَدُ مَعَانِي الْمَوْلَى مِمَّا سَبَقَ فَلَا يَبْعُدُ جَوَازُهُ ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ ، وَالْمَخْلَصُ أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْرِيَةِ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي تَجْوِيزِ إِطْلَاقِ الْمَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ ( فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) الأحزاب5 .. أَيْ: فِي الْمُسْلِمِينَ وَمَوَالِيكُمْ فِي غَيْرِهِمْ ..

* وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَوْلَى وَالسَّيِّدَ عَلَى الْإِطْلَاقِ هُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ، وَجَوَازُ إِطْلَاقِهِ وَعَدَمِهِ عَلَى غَيْرِهِ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنَ الشَّارِعِ ..

* وَلَمْ يَرِدْ نَهْيٌ عَنْ إِطْلَاقِ الْمَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ ، فَيَجُوزُ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ، ( وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ ) .

مرقاة المفاتيح ج7 ص3009 .. مع بعض التصريف في كلام الطيبي لتوضيح كلامه ..

 ********************************

..:: س5 : هل أنكر أحد من العلماء أن يقال "مولانا" لشخص ؟ ::..

* قال الإمام النووي رحمه الله في كتاب الاذكار :

قال الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه " صناعة الكتاب ": أما المولى فلا نعلم اختلافاً بين العلماء أنه لا ينبغي لأحدٍ أن يقول لأحد من المخلوقين : مولاي .

قلت (الإمام النووي): وقد تقدم جواز إطلاق مولاي ، ولا مخالفة بينه وبين هذا ..

فإن النحاس تكلَّم في المولى بالألف واللام ، وكذا قال النحاس : يقال سيد ، لغير الفاسق ، ولا يقال السيد ، بالألف واللام لغير الله تعالى ..

والأظهر أنه لا بأس بقوله المولى والسيد بالألف واللام بشرطه السابق ..

الأذكار للنووي ص362-363 .. مختصرا

* قلت (خالد صاحب الرسالة) : ويقصد النووي بشرطه السابق ما ذكره عن جواز قول سيدنا .. حيث قال  :

" إذا كان المُسوَّد فاضلا خيرا ، إما بعلم ، وإما بصلاح ، وإما بغير ذلك ..

وإن كان فاسقا ، أو متهما في دينه ، أو نحو ذلك ، كره له أن يقال سيد .. 

الأذكار ص575

* قلت (خالد صاحب الرسالة) :

وقد أظهر الإمام النووي تأويلا لمقصد الإمام أبو جعفر النحاس في قول "مولانا" .. وهو إذا كان بلا إضافة فلا يصح كأنه يقول : (المولى) بالألف واللام ..

* ولكن الحق أن مقصد الإمام النحاس : هو واضح وصريح في منعه قول (مولى) لأي مخلوق بدليل أنه استند لحديث في صحيح مسلم ..!!

* وما ذهب إليه النحاس رحمه الله من عدم صحة قول مولانا للمخلوقين .. حينما قال (فأما المولى ، فلا نعلم اختلافاً بين العلماء أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين: مولاي) ..

فذلك لأنه استند لحديث ( لا يقولن أحدكم عبدي ولا أمتي, ولا يقل المملوك: ربي وربتي .. ولكن ليقل المالك: فتاي وفتاتي .. والمملوك: سيدي وسيدتي .. فإنكم المملوكون والرب الله جل وعز ) .

 في صحيح مسلم  ( لا يقولن أحدكم عبدي .. فإن كلكم عبدٌ .. ولكن ليقل : فتاي .. وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي ).

راجع صناعة الكتاب ص114

* وإليك ما قاله العلماء في هذا زيادة الحديث الذي استند عليه أبو جعفر النحاس .. الخاصة بالنهي لكلمة مولاي :

* قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله :

وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَهُ وَزَادَ (وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي) فَقَدْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَعْمَشِ وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ حَذَفَهَا ..

وَقَالَ عِيَاضٌ حَذْفُهَا أَصَحُّ ..

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْمَشْهُورُ حَذْفُهَا .. قَالَ وَإِنَّمَا صِرْنَا إِلَى التَّرْجِيحِ لِلتَّعَارُضِ مَعَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّارِيخِ انْتَهَى ..

وَمُقْتَضَى ظَاهِرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ إِطْلَاقَ السَّيِّدِ أَسْهَلُ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَوْلَى وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَعَارَفِ فَإِنَّ الْمَوْلَى يُطْلَقُ عَلَى أَوْجُهٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا الْأَسْفَلُ وَالْأَعْلَى .. وَالسَّيِّدُ لَا يُطْلَقُ إِلَّا عَلَى الْأَعْلَى فَكَانَ إِطْلَاقُ الْمَوْلَى أَسْهَلَ وَأَقْرَبَ إِلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ .. وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

فتح الباري ج5 ص180

* وقال الألباني رحمه الله .. بعد شرح للأحاديث :

أن الزيادة (وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمُ اللَّهُ ) التي تفرد بها الثقتان (معاوية وأبو سعيد الأشج) .. شاذة فلا تثبت . والله أعلم .

سلسلة الأحاديث الصحيحة ج2 ص438

* قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا لكلام النحاس :

1- ويرد هذا الجزء الشاذ من الرواية وهي (وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمُ اللَّهُ) .. صريح القرآن والسنة وأفعال الصحابة .. كما أوضحنا بالأدلة والبراهين .. بل الأمر في الأحاديث كما في رواية البخاري هو ( وليقل سيدي ومولاي ) .. وهذه رواية أوثق من رواية مسلم .. لاتفاقها مع صحيح الأحاديث والأدلة القرآنية .. وراجع ما قاله بن حجر والقاضي عياض والقرطبي ومؤخرا ما قاله الألباني ..

2- والعجيب أن الإمام أبو جعفر النحاس لم يستدل بروايات حديث البخاري التي فيها ( وليقل سيدي ومولاي ) ..

فهل لم يأتيه نبأ عنها .. أم أنه اكتفى بأن ينحاز لما تراه نفسه صوابا فحسب ..!! متجاهلا الأحاديث والآيات وأفعال الصحابة التي تؤكد جواز قول "مولى" لأي شخص مؤمن ..!!

وسنحسن الظن به رحمه الله أنه قد يكون حسب رواية البخاري مثل رواية مسلم .. فاكتفى برواية مسلم ..

3- أما عن قول النحاس ( فأما المولى ، فلا نعلم اختلافاً بين العلماء أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين: مولاي ) ..

فمن أين جاء أبو جعفر بالمنع عند العلماء .. إلا إن توهم ذلك رحمه الله .. حيث لم يذكر رأيا لأي عالم لما توهم ما ذهب إليه ..!!

بل الحق هو أنه لا يوجد مانع أن يقال لأحد المخلوقين المؤمنين مولاي ..!!

* ولكن ما ذهب إليه رحمه الله .. هو خطأ .. وترده الأدله .. !!

والله أعلم .

*************************

..:: س6 : هل يجوز قول "ربي عملي" فلان ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

قيل هل هناك تضارب بين الحديث : (لا يَقُلْ أحدُكم : أَطعِمْ ربَّك ؛ وَضِّئْ ربّك ، واسْقِ ربّك ، ولا يقُلْ أحدٌ : ربي .. ولْيقُلْ : سيِّدي ، ومولاي .. ولا يقلْ أحدُكم : عبدي ، وأمَتي ، ولْيقُل : فتاي ، وفتاتي ، وغلامي )

وبين قوله تعالى : (اذكرني عند ربك)  ؟

* قال الإمام القسطلاني رحمه الله :

فإن قلت: قد قال تعالى: (اذكرني عند ربك) يوسف42 و قوله (ارجع إلى ربك) يوسف50 .. أجيب :

بأنه ورد لبيان الجواز والنهي للأدب والتنزيه دون التحريم ..

أو النهي عن الإكثار من ذلك واتخاذ هذه اللفظة عادة ولم ينهَ عن إطلاقها في نادر من الأحوال .. وهذا اختاره القاضي عياض .

شرح القسطلاني على البخاري ج4 ص324

* قال الإمام بن حجر رحمه الله :

وَالَّذِي يَخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى إِطْلَاقُ الرَّبِّ بِلَا إِضَافَةٍ أَمَّا مَعَ الْإِضَافَةِ فَيَجُوزُ إِطْلَاقُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) وَقَوله (ارْجع إِلَى رَبك) وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي (أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ ..

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ ..

وَمَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ ..

فتح الباري ج5 ص179

**********************************

..:: س7: لماذا جاء في الحديث النهي عن الوصف ب "رب" والسماح بلفظ "سيدي ومولاي" ؟ ::..

* جاء في البخاري : (لا يَقُلْ أحدُكم : أَطعِمْ ربَّك ؛ وَضِّئْ ربّك ، واسْقِ ربّك ، ولا يقُلْ أحدٌ : ربي .. ولْيقُلْ : سيِّدي ، ومولاي .. ولا يقلْ أحدُكم : عبدي ، وأمَتي ، ولْيقُل : فتاي ، وفتاتي ، وغلامي )

* قال الشيخ بدر الدين العيني رحمه الله :

فَإِن قلت: كَمَا أَنه لَا رب حَقِيقَة غير الله ، كَذَا لَا سيد وَلَا مولى حَقِيقَة أَيْضا إلاَّ الله تَعَالَى ، فَلِمَ جَازَ هَذَا وَامْتنع هَذَا ؟

قلت: التربية الْحَقِيقِيَّة مُخْتَصَّة بِاللَّه تَعَالَى ، بِخِلَاف السِّيَادَة فَإِنَّهَا ظَاهِرَة ، بعض النَّاس سَادَات على الآخرين ، وَأما الْمولى فقد جَاءَ بمعاني بَعْضهَا لَا يَصح إلاَّ على الْمَخْلُوق .

عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ج13 ص111

**************************************

..:: س7 : هل يجوز قول "مولانا" للإمام علي رضي الله عنه ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..