ج8: رسالة معنى (النبي الأمي) - معنى حديث "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" - هل النبي كان يقولها على وجه الإفتخار أم الإقرار - كيف يصف الرسول أمته بالأمية وفيهم من يكتب - هل الأمية في الحديث صفة مصحوبة على كل أمته في كل الأزمنة - ما الفرق بين أمة الدعوة وأمة الإجابة - ما الفرق بين بعث النبي في قومه ورسالة النبي .

بسم الله الرحمن الرحيم

(الجزء الثامن)

:: رسالة ::

:: حقيقة معنى ( النبي الأمي ) ::

في اللغة والحديث والقرآن العربي

وفي قلب كل عالم تقي .. وعارف ولي

* فهرس :

..:: الفصل الخامس عشر ::..

(مسألة مهمة في الحديث النبوي)

1- ما معنى حديث " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " ؟

..:: الفصل السادس عشر ::..

2- مناقشة بعض ألفاظ الحديث (إنا أمة أمية) ؟

3- الوصف بالأمة يدل على أمة العرب وليس كل أمته ؟

4- وما المقصود بمعنى أمة أمية ؟

5- ما هي أمة الدعوة ، وما هي أمة الإجابة ؟

6- ما الفرق بين بعث النبي في قومه ، ورسالة النبي ؟

7- هل النبي كان يقولها على وجه الإفتخار أم الإقرار؟

8- كيف يصف الرسول أمته بالأمية وفيهم من يكتب ؟

9- هل الأمية في الحديث صفة مصحوبة على كل أمته في كل الأزمنة ؟

10- ما المقصود بقوله (لا نحسُب) .. فما هذا الحساب ؟

************************

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي ..

قائد الأمة الأمية وهاديها في عالم الأجساد وقائدها وشفيعها يوم التناد ..

وعلى آله وسلم .

**************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. رسالة حقيقة معنى "النبي الأمي" ..

* في هذا الجزء نناقش مسألة مهمة في الحديث الشريف (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) وهي .. :

هل النبي افتخر وتباهى بكوننا أمة أمية ؟

أم هو إقرار لواقع موجود كانت عليه الأمة ؟

وما المقصود بالأمة الأمية ؟

وما المقصود بالحساب ؟

وغير ذلك ..

* سأذكر لكم بعض ما قاله علمائنا في شرح الحديث .. .. ثم أكتب لكم ما أميل إليه محققا لما أقول .. وبالله التوفيق .

* تعالوا نبحث في  الأمر ..

* نبدأ بسم الله ..

توكلت على الله ..

******************************************

..:: الفصل الخامس عشر ::..

************************************

(المسألة الثانية في الحديث النبوي)

..:: ما معنى حديث " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " ::..

* قلت ( خالد صاحب الرسالة ) ..

قد نتساءل .. ونقول كيف يصف أمته بأنها أمة أمية .. كما جاء في الحديث ؟ ولماذا سينادي علينا يوم القيامة بأننا أمة أمية كما جاء في صحيح بن ماجه عن عبد الله بن عباس .. عن النبي أنه قال : ( نحنُ آخرُ الأممِ ، وأوَّلُ مَن يُحاسَبُ ، يقالُ : أينَ الأُمَّةُ الأمِّيَّةُ ، ونبيُّها فنَحنُ الآخرونَ الأوَّلونَ ) ..

في حين أن كثير من أمة النبي الآن تقرأ وتكتب ..؟!!

فكيف يفتخر بأن أمته أميه ؟ وكيف يصفها بالأمية ونحن نقرأ ونكتب ؟

* تعالوا نشوف بعض مما قاله علمائنا رحمهم الله في شرح حديث ( إنَّا أمةٌ أميةٌ ، لا نكتبُ ولا نَحْسُبُ .. الشهرُ هكذا وهكذا . يعني مرةً تسعةً وعشرينَ ، ومرةً ثلاثينَ ) .. وسأذكر لكم قليل الأقوال التي تجمع شرح الحديث .. قدر المستطاع .. ثم أجيبكم على الأسئلة التي ذكرتها ..

1- الكوراني الشافعي ثم الحنفي المتوفي 893 هـ :

* (إنا أمة أمية) يريد بالأمة العرب ؛ لاشتهارهم بذلك ، قال الشريف الجرجاني قدس الله روحه: الأمي من لا يحسن الكتابة ، نسبة إلى أم القرى؛ وهي مكة شرفها الله؛ لاشتهار أهلها بذلك ، أو إلى الأم ؛ لأن من لا يكتب باق على الحالة التي ولدته أمه عليها.

* (لا نكتب ولا نحسب) -بضم السين- من الحساب ، والمراد حساب النجوم الذي عليه مدار السنة الشمسية ، ثم أشار إلى ضبط السنة القمرية بقوله .

* (الشهر هكذا وهكذا) يعني: مرة تسعة وعشرين ومرَّة ثلاثين. ليس معناه أنه إذا كان شهرٌ كاملٌ يكون بعده ناقص؛ بل يجوز وقوع ذلك ، وقد تتوالى شهور كوامل وبالعكس .

الكوثر الجاري في شرح البخاري ج4 ص267

* قال الشيخ المظهري رحمه الله (المتوفي: 727 هـ) :

* وليس معنى قوله : "مرةً تِسعٌ وعشرون، ومرةً ثلاثون" : أنه يلزم أن يكون شهرٌ تسعةً وعشرين، وشهرٌ ثلاثين على السوية والتعاقب ؛ لأنه قد يكون شهران ثلاثين ، وقد يكون شهران تسعةً وعشرين ، لا ترتيبَ بهذا .. 

بل معناه : قد تكون بعضُ الشهور تسعةً وعشرين، وبعضُها ثلاثين من غير تعيين ، كيف ما اتفق .

المفاتيح في شرح المصابيح ج3 ص13

* قال الشيخ بن الملقن رحمه الله (المتوفي: 804هـ) :

فمعنى قوله: "إنا أمة" أي: جماعة قريش ، مثل قوله: (وَأُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) [القصص: 23].

و"أُمِّيَّةٌ" أي: باقون عَلَى ما ولدت عليه الأمهات لا نكتب ولا نحسب، أو نسبة إلى الأم وصفتها ؛ لأَن هذِه صفات النساء غالبًا .

وقال الشاطبي : يعني نسبوا إلى ما عليه أمة العرب، وكانوا لا يكتبون ، وقيل له : أمي نسبة إلى أم القرى مكة ..

* وجعله الله أميًا خشية أن يرتاب المبطلون ، إنما يسمع وحيًا فيبلغه ولم يأخذ عن كتب الأمم قبلنا ، ولا بحساب نجوم .

* وقال: "أمّةٌ أُمِّيَّةٌ" لم تأخذ عن كتب الأمم قبلها ، إنما أخذته عما جاء به الوحي من الله .

* ومعنى: "لَا نَحْسُبُ" وهو بضم السين أي: لم نكلف في تعريف مواقيت صومنا ولا عبادتنا ما نحتاج فيه إلى معرفة حساب ولا كتاب ، إنما ربطت عبادتنا بأعلام واضحة وأمور ظاهرة .. يستوي في معرفة ذَلِكَ الحساب وغيرهم ..

* ثم تمم هذا المعنى بإشارته بيده ولم يلفظ بعبارة عنه نزولًا إليها بما يفهمه الخرس والعجم ، وحصل من إشارته بيده أن الشهر يكون ثلاثين ، ومن خنسِه إبهامه في الثالثة أنه يكون تسعًا وعشرين .

التوضيح شر الجامع الصحيح ج13 ص101

  

* قال الشيخ بدر الدين العينى رحمه الله  (المتوفي: 855هـ):

قَوْله: (إِنَّا) ، أَي: الْعَرَب ..

قَالَ الطَّيِّبِيّ: إِنَّا كِنَايَة عَن جيل الْعَرَب، وَقيل: أَرَادَ نَفسه، عَلَيْهِ السَّلَام.

قَوْله: (أمة) أَي: جمَاعَة قُرَيْش مثل قَوْله تَعَالَى: (أمة من النَّاس يسقون) (الْقَصَص: 32) .

وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْأمة الْجَمَاعَة ، وَقَالَ الْأَخْفَش: هُوَ فِي اللَّفْظ وَاحِد وَفِي الْمَعْنى جمع، وكل جنس من الْحَيَوَان أمة ..

وَالْأمة الطَّرِيقَة وَالدّين ، يُقَال: فلَان لَا أمة لَهُ، أَي: لَا دين لَهُ، وَلَا نحلة لَهُ ..

وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الْأمة الرجل الْمُفْرد بدين لقَوْله تَعَالَى: (إِن إِبْرَاهِيم كَانَ أمة قَانِتًا لله) (النَّحْل: 021) .

* قَوْله: (أُميَّة) ، نِسْبَة إِلَى الْأُم، لِأَن الْمَرْأَة هَذِه صفتهَا غالبة، وَقيل: أَرَادَ أمة الْعَرَب لِأَنَّهَا لَا تكْتب ، وَقيل: مَعْنَاهُ باقون على مَا ولدت عَلَيْهَا الْأُمَّهَات ، وَقيل: منسوبون إِلَى أم الْقرى .

* وَقَالَ الدَّاودِيّ: أمة أُميَّة لما تَأْخُذ عَن كتب الْأُمَم قبلهَا، إِنَّمَا أخذت عَمَّا جَاءَهُ الْوَحْي من الله عز وَجل ..

* فَإِن قلت: كَانَ فيهم من يكْتب ويحسب؟

قلت: وَإِن كَانَ ذَلِك كَانَ نَادرا، وَالْمرَاد بِالْحِسَابِ هُنَا حِسَاب النُّجُوم وتسييرها، وَلم يَكُونُوا يعْرفُونَ من ذَلِك شَيْئا إلاَّ النّذر الْيَسِير، وعلق الشَّارِع الصَّوْم وَغَيره بِالرُّؤْيَةِ لرفع الْحَرج عَن أمته فِي معاناة حِسَاب التسيير، وَاسْتمرّ ذَلِك بَينهم ، وَلَو حدث بعدهمْ من يعرف ذَلِك ، بل ظَاهر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (فَإِن غم عَلَيْكُم فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ) .

عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ج10 ص287 .. مختصرا في كلامه .

* قال الإمام جلال الدين السيوطي (المتوفي: 911 هـ) :

(إنا) أي: العرب، وقيل: أراد نفسه .

(أمية): نسبة إلى "الأم"، أي: أنهم على أصل ولادة أمهم .

(ولا نحسب)، المراد: حساب النجوم وتسييرها ، ولم يكن فيهم من يعرف ذلك ، ولا الكتابة إلا الفرد النادر ، فعلق الحكم في الصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير ، واستمر الحكم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك .

التوشيح شرح الجامع الصحيح ج4 ص1424

* ما سبق هو مجمل لما تداوله شارحي الحديث .. في مراجعهم العلمية .. احسن الله إليهم كما أحسنوا في خدمة الحديث الشريف .

والآن دعونا نناقش بعض ألفاظ الحديث .. وما ذهب إليه بعض علمائنا ..

******************************************

..:: الفصل السادس عشر ::..

************************************

..:: مناقشة بعض ألفاظ الحديث ::..

أولا : (إنا أمة أمية)

* قلت : ( خالد صاحب الرسالة ) ..

* عن عبد الله بن عمر .. قال النبي : ( إنَّا أُمَّةٍ أُمِّيَّةٍ ، لا نكتبُ ولا نَحْسُبُ ، الشهرُ هكذا وهكذا . يعني مرةً تسعةً وعشرينَ ، ومرةً ثلاثينَ ) .. رواه البخاري .

أولا : تفسير بعض العلماء للفظ (إنا) .. على أن النبي يقصد نفسه فقط .. فهو تفسير بعيد تماما لأنه يخاطب جماعة الناس أمامه ..

فلا داعي لصرف الكلام عن ظاهره .. خاصة وأنه لا يوجد قرينة تدل على ذلك ..

فقوله : (إنا) تدل على ذاته الشريفة ومن يتبعونه .. ولذلك وصفهم بالأمية .. والله أعلم ..

ثانيا : تفسير بعض العلماء (أمة) .. ويفسرها بأنها أمة العرب أو قريش .. فهذا تفسير غير دقيق ولا يصح .. لأن هذا يشير إلى كونه نبي للعرب وليس لكل الناس .. كما يزعم اليهود والنصارى في الوقت الحاضر ..!!

* وقد يقول قائل : لكن الله يقول (هُوَ الَّذِي بعث فِي الْأُمِّيين رَسُولا مِنْهُم) الْجُمُعَة2 ؟

قلت لك :

هناك فرق بين البعثة والرسالة ..

فالبعثة النبوية (وهو أول ظهور للنبي) في منشأ ظهورها كان في العرب .. ولكن الرسالة النبوية كانت للعالمين .. ولذلك قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) الأنبياء107 .. ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ) سبأ28 .. ولم يقل (ما بعثناك) .. وقال تعالى (  وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً ) النساء79 .. ولم يقل تعالى (وبعثناك) ..!!

فانتبه لألفاظ الوحي جيدا ..!!

* ما هي أمة النبي ؟

أمة النبي هي من آمنت برسالته واتبعته .. وهناك نوعين من الأمة ..

1- وهناك أمة الدعوة : وهي تشمل كل انسان وجان .. حيث قد أرسله الله رحمة للعالمين ..

2- وهناك أمة الإجابة : وهم الذين آمنوا به من الإنس والجن ..

* يبقى لا يصح أن نقول أنه قصد في حديثه بكلمة (أمة) .. أي أمة العرب .. بل قصد كل أمة الإجابة لدعوته ..

***********************************

..:: الوصف بالأمة يدل على أمة العرب وليس كل أمته ؟ ::..

:: ( وما المقصود بمعنى أمة أمية ؟ ) ::

* قلت : ( خالد صاحب الرسالة ) ..

* وقد يسأل سائل فيقول : ولكنه وصف الأمة بالأمية وهذا يدل على أنه يتكلم عن أمة العرب وليس عن كل أمته ؟

قلت لك : أن النبي يتكلم عن تشريع .. يبقى كلامه عن وحي .. وطالما وحي يبقى لكل أمته .. وقلت أنه يقصد بها أمة الإجابة أي الذين آمنوا به ..

* وكلام النبي يحتمل وصف أمته بالأمية باحتمالين :

1- أمية اتباع : أي أن الوصف بالأمية يعني أنها تابعة لأخذ العلم الإلهي من الله لا من غيره .. كما شرحنا (أمية التلقي والإتباع) ..

فيكون المعنى : إنا جماعة المؤمنين أميون (لنا أصل نأخذ منه) أي نستمد أصل عبادتنا من الله تلقينا .. فلا نستمدها من كتب السابقين ولا حساباتهم .. والله أخبرنا بأن الشهر تسعة وعشرون أو ثلاثون .. وقد كفانا الله بالرؤية (فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) ..

(وهذا ما يميل إليه صاحب الرسالة)

2- أمية علم : أي أن الغالب على كل أمته في ذلك الوقت كان الأمية (لأن غالبهم من العرب) .. ولذلك وصفها بهذا الوصف .. وأكد ذلك بقوله (لا نكتب ولا نحسب) .. حتى يرشدهم إلى ما فيه تيسير ورفع الحرج عنهم .. في معرفة الهلال لأداء صيام رمضان .. وهو بالرؤية دون الحساب ..

*********************************

..:: هل النبي كان يقولها على وجه الإفتخار أم الإقرار؟ ::..

* قلت : ( خالد صاحب الرسالة ) ..

يحتمل أن يقول قالها افتخارا أو اقرارا ..

1- فلو بمعنى الإفتخار .. فهو يتكلم عن (أمية الاتباع والتلقي من الله) ..

(وهذا ما يميل إليه صاحب الرسالة)

2- ولو قالها بمعنى الإقرار لواقع حالي حينئذ .. فهو يتكلم عن ( أمية العلم ) .. بمعنى لم يقولها على وجه الإفتخار وإنما قالها وجه التقرير لما كان يغلب على الأمة حينئذ من أمية ..!!

******************************

..:: وكيف يصفها بالأمية وفيهم من يكتب مثل سيدنا علي ؟ ::..

* قلت : ( خالد صاحب الرسالة ) ..

1- لو قلت أن الأمية هنا امية اتباع .. فهذا وصف تشريفي .. فما الحرج فيه ..!!

2- ولو قلت أن الأمية هنا أمية علم .. فهذا وصف على ما هو غالب حال المسلمين حينئذ .. فأتى النبي بالوصف الغالب عليهم ..

كما قال تعالى ( هو الذي بعث في الأميين رسولا ) .. وبالرغم من وجود من يكتب بينهم وهم قلة من الناس جدا .. ولكن الصفة الغالبة فيهم حينئذ هي الأمية البشرية في العلم .. فأتي الله بما يغلب عليهم من وصف ..

********************************

..:: ما المقصود بقوله (لا نحسُب) .. فما هذا الحساب ؟ ::..

* قلت : ( خالد صاحب الرسالة ) ..

ليس المقصود منه عدد الأيام لأنهم كانوا يعدون الأيام ويعرفون الشهور .. ولكن المقصود به استخدام الحسابات الفلكية ومعرفة النجوم ومسير القمر .. لتحديد وقت الهلال أول رمضان وآخره ..

***********************************

..:: هل الأمية في الحديث صفة مصحوبة على كل أمته في كل الأزمنة ؟ ::..

* قلت : ( خالد صاحب الرسالة ) ..

هذا يتوقف على فهمك للأمية :

1- فلو فهمت الأمية على أنها أمية بشرية تنفي عنها التعليم .. أي ينفي عن أمته صفة الكتابة والحساب .. فهو بذلك يتكلم حالة قائمة في غالب المسلمين حينئذ .. ويكون معنى الحديث هنا يشير إلى أمية التعليم .. وبالتالي لا ينسحب قول النبي على كل أمته في كل الأزمان بل مقتصر على الوضع الغالب على مؤمنين زمانه  ..

* وبالتالي في ذلك حجة لمن يقول أن بانتهاء العلة (الأمية) .. يمكن استخدام العلم الفلكي في تحديد موعد الهلال .. ولكن جملة حديث ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) .. قطعت الاعتماد على علم الحساب الفلكي في هذه المسألة .. فلا حجة لأحد في تقديم الحساب الفلكي على الرؤية العينية وذلك اتباع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم .

2- ولو قلت أن الأمية هي أمية تلقي عن الله واتباع للنبي .. فسيظل الوصف مصحوبا على كل أمته ليوم القيامة .. ووجود الأمر النبوي يؤكد ذلك من وجوب اتباعه .. (صوموا لرؤيته) ..

فيكون الحديث معناه : إننا أمة تأخذ شريعتها عن الله .. ولا نتبع كتاب من السابقين ولا حساب فلكي في مسألة الهلال .. وآمركم بالصيام عند رؤية الهلال .. والشهر قد يكون تسعة وعشرون أو ثلاثون ..

ويكون معنى ( لا نكتب ولا نحسب ) خاص بهذه المسألة دون غيرها ..

ويكون كلامه منسحبا على كل أمته في كل الأزمان (إنا أمة أمية) ..

وبالتالي في ذلك حجة لمن يقول بوجوب الرؤية العينية سواء بالبصر الطبيعي أو بأدوات فلكية كالتليسكوب الفلكي ..

(وهذا هو ما يميل إليه صاحب الرسالة) ..

3- بل ويثبت أن أمية أمته مسحوبة على كل الأزمان .. حديث ( نحنُ آخرُ الأممِ ، وأوَّلُ مَن يُحاسَبُ ، يقالُ : أينَ الأُمَّةُ الأمِّيَّةُ ، ونبيُّها فنَحنُ الآخرونَ الأوَّلونَ ) .

ولا يخفى أن أمته يغلب عليها حاليا معرفة الرسم الكتابي على اختلاف درجاتهم العلمية .. فكيف ينادى عليهم يوم القيامة بالأميين .. إلا كما قلنا أن المقصد هو أن هذه أمة تتبع للنبي الأمي الذي تلقى الوحي عن مولاه ..!!

فهذه ليس أمية تعليم وإنما أمية اتباع ..!!

  

* تنبيه هام :

أن الحديث يشير لمسألة خاصة فقط .. وهي مسألة الهلال دون غيرها ..

ودليل ذلك أن الله فرض الكتابة والتحقق بالعلم الفلكي .. بدليل قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) البقرة282 .. ، وقوله ( لتعلموا عدد السنين والحساب ) يونس5 .

* فهل الله يأمر بالكتابة وعلم الفلك .. والرسول ينهى عن ذلك ؟

بالتأكيد .. لا ..

فتفهم من ذلك أن هذا الحديث خاص بمسألة معينة وهي مسألة رؤية الهلال ..

******************************************

..:: الفصل السابع عشر ::..

************************************

 ..:: ( نظرات في فقه الحديث السابق ) ::..

* قلت : ( خالد صاحب الرسالة ) ..

يتبع إن شاء الله تعالى

********************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..