ج12: تجربتي الروحية مع الصلاة - بين الركوع والسجود - مقام الحمد في الرفع من الركوع - ليه قال النبي كلمة (سمع) بصيغة الماضي - لماذا اختار الحمد على وجه الخصوص - كيف نشكر الله وقت البلاء لأنه لو شكرناه زادنا ابتلاء - الفرق بين الحمد والشكر .

بسم الله الرحمن الرحيم

من رسائل التنبيهات في الطريق إلى الله

حتى لا تسقط نفسيا وتنحرف عن الطريق

(الرسالة الثالثة)

(تجربتي الروحية في تذوق الصلاة)

(4)

" الجزء الثاني عشر "

* فهرس :

..:: الفصل الرابع عشر ::..

(متابعة شرح رمزية أفعال الصلاة "الرفع من الركوع" ) ..

1- بين الركوع والسجود - مقام الحمد في الرفع من الركوع ؟

2- المسألة الأولى : ليه قال النبي كلمة (سمع) بصيغة الماضي ؟

3- المسألة الثانية : لماذا اختار الحمد على وجه الخصوص ؟!

4- كيف نشكر الله وقت البلاء لأنه لو شكرناه زادنا ابتلاء ؟

5- يجب أن تعرف الفرق بين الحمد والشكر ؟

 *********************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. التجربة الروحية الخاصة في تذوق أفعال الصلاة .. وهذه المرة نتكلم عن مقام وحضرة الحمد لله وهو (حين الرفع من الركوع) .. وهي تابعة لمقام العز الأول ..

* حيث أراد لك الله أن تعود لمقام العز الأول حامدا له لأن في الوقوف مقام التوجه إلى الله طلبا للإذن بالدخول في حضرة السجود من خلال الحمد .. كما ستعلم في في هذا الفصل إن شاء الله تعالى .. 

* نبدأ بسم الله .. توكلت على الله ..

********************************

..:: الفصل الرابع عشر ::..

************************

..:: مقام الحمد في الرفع من الركوع ::..

*  روي عن سيدنا علي واصفا قول النبي في الرفع من الركوع .. فقال رضي الله عنه : ( وإذا رفع قال : اللهمَّ ربَّنا لك الحمدُ ملءَ السماواتِ وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ ) . رواه الترمذي بسند صحيح .

* وهذا الرفع يتبعه رفع اليد أيضا كما في تكبيرة الإحرام وفي النزول للركوع .. ودليل ذلك .. هو حديث سيدنا علي حيث قال واصفا فعل النبي ( أنَّهُ كانَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ المَكْتوبةِ رفعَ يديهِ حذوَ منكبيهِ ..

ويصنعُ ذلِكَ أيضًا إذا قضى قراءتَهُ وأرادَ أن يركعَ ..

ويصنعُهُا إذا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكوعِ ..

ولا يرفعُ يديهِ في شيءٍ من صلاتِهِ وَهوَ قاعدٌ ..

فإذا قامَ من سجدتينِ رفعَ يديهِ كذلِكَ فَكَبَّرَ .. ) رواه الترمذي بسند صحيح ..

* فإذا أتممت الإعتراف بكمال الربوبية وأسقطت عالم الأغيار بشهادتك أن لا عظيم سوى مولاك .. كان حقا عليك أن تحمد مولاك على ما أنعم به عليك من نعمة الخضوع بعزة بين يديه .. وأنه منعك أن تركع لغيره ..

* وسبب قول النبي (سمع الله لمن حمده) ..

هو تنبيه وإيقاظ القلوب لوجوب حمد الله على نعمه التي منها أن سمح لك أن تقف بين يديه وتركع بين يديه ..

* وكأن النبي يقول لك : اعلم أن الله يسمع ويستجيب لمن حمده .. ؟!!

* وهنا مسألتان :

1- المسألة الأولى : ليه قال النبي كلمة (سمع) بصيغة الماضي ؟ ..

2- المسألة الثانية : ولماذا اختار الحمد على وجه الخصوص ؟!

وأجيبك عليهم إن شاء الله ..

**********************************

..:: المسألة الأولى : ليه قال النبي كلمة (سمع) بصيغة الماضي ؟ ::..

* وذلك لسببين :

الأول : للدلالة على تمكن حدوث الفعل .. يعني أن السماع قد حدث فعلا بلا ريب .. كأن تقول لصاحبك اعتبر الموضوع قد قضيته لك .. بالرغم من أنك لم تقضيه .. ولكن للدلالة على تمكن تحقيقه .. فأصبح في حكم الماضي الذي حدث فعلا ..!!

يبقى الحق سبحانه اعتبر أنه سمعك فعلا ولا تشك في ذلك ..!!

الثاني : الفعل الماضي (سمع) يرشدك أيضا إلى أن الله ينظر بعين رحمته لمن حمده ..

ولذلك في هذا إشاره لطيفة إلى أنه ليس من الأدب أن تقبل على مولاك تدعوه بدون أن تحمده .. فإن الحمد منك لمولاك أدعى لقبول دعواك .. !!

وإشارة أيضا إلى أن الحامدين له بحق وصدق هم الذين قد سمع لهم وشكرهم في كل العصور والأزمان بسبب حمدهم لمولاهم .. فإذا كان الله سمع لمن حمده بحق وصدق .. فتأدب وأحسن الحمد بين يداي مولاك حتى تدخل في جملة من سمع الله حمدهم فشكرهم ( فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ) الإسراء19..

* ولكن ما السر في الحمد بالذات حتى قد سمع الله لمن حمده ؟!!

***********************************

..:: المسألة الثانية : ولماذا اختار الحمد على وجه الخصوص ؟! ::..

* سبب الحمد .. هو إعلان الرضا للرب العظيم بمجريات القضاء والقدر خيرا وشرا .. ولذلك قال (الحمد) ولم يقل (الشكر) ..!!

* وخد بالك أن بسبب هذا الحمد سيترتب عليه ما بعده في حضرة العز الثالثة التي هي السجود ..!! ليه ؟

* لأنه إذا كنت حامد لله بحق واثقا من فعله بك .. فسيكون ما تطلبه في السجود من مولاك .. مهما كان نتيجته فأنت راض به لأنك فعليا حامد له .. فلا يهمك نتيجة عطاءه لك .. لأنه سواء كانت نتيجة الدعاء بالقبول أو التوقف عن القبول .. فأنت حامد ربك لأنه النافع الضار – المعطي المانع .. !!

* وحتى تتضح لك المسألة .. يجب أن تعرف الفرق بين الحمد والشكر .. فأقول لك ببساطة :

 أن الحمد يكون على ما تحب وما لا تحب من تدابير القدر معك .. لأنك تنظر لله على أنه من سمح بحدوث ذلك .. وطالما سمح بحدوث لك .. يبقى تدبيره له حكمه سواء علمناها أم لم نعلمها ..

* لذلك أنت تحمد الله على فعله كله معك .. لأنك بهذا الحمد تكون قد أقررت أنه النافع الضار – المعطي المانع – ولا قدرة لأحد سواه .. ولذلك أنت تقول في سورة الفاتحة (الحمد لله رب العالمين) .. !!    

* ولذلك لا يوجد مخلوق يُحمد على أفعاله .. وإنما يُشكر على خيره معك .. ولكنك لن تشكره على ضره لك ..!!

مش كده ولا إيه ؟!!

*******************************

..:: كيف نشكر الله وقت البلاء لأنه لو شكرناه زادنا ؟ ::..

* وقد ينتاب الإنسان سؤال فيقول :

أن الله يقول ( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ) ابراهيم7 .. فكيف نشكر الله وقت الإبتلاء .. فهذا قد يزيدنا ابتلاء ؟

الجواب :

هذا السؤال فيه خطأ .. ليه ؟

أولا : ربنا بيقول (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن60 .. يبقى لما تشكره .. يزيدك بلوى .. !!

ليه بيعاقبك على شكرك ليه ؟‎!!

بقى ده كلام يا صديقي ..؟!!

ثانيا : الشكر يكون على نعمة العطاء  .. وليس على فتنة الإبتلاء .. والله يقول (شكرتم) ولم يقل (حمدتم) ..!!

ونعمة العطاء تشمل (نعمة التوحيد أو نعمة الطاعة أو نعمة الصحة أو نعمة العقل أو نعمة السعي أو غير ذلك )

ثالثا : الحمد لله أمر واجب في السراء والضراء لأنه اعتراف للألوهية بالعدل المطلق في الفعل .. وأنه لم يظلمنا في شيء ..

* يبقى في الابتلاءات والعطاءات بصورة إجمالية نقول الحمد لله .. وفي نعمة العطاءات تقول الشكر لله .. ولما كان كثير من العباد لا يهتمون بحفظ عطاءات الله لهم كالنظر والكلام والسماع والصحة وغير ذلك وكأنها حق مكتسب لهم .. وتناسوا أن لله حق فيها .. لذلك قال تعالى ( وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) سبأ13 ..

والله أعلم .

* يبقى أنت فهمت من الآية بطريقة خاطئة .. لأنك خلطت بين الحمد والشكر .. فانتبه ..!!

  

**********************************

* نعود لنتابع حكمة مقامات الصلاة .. فنقول *

* الآن بعد أن استوفيت وقفة الحمد راضيا بفعل الله معك ومعترفا أن فعله له حكمة وأنك رضيت بأحكامه عليك .. فقد حق لك أن تطلب ما تريد من رب العالمين ..

* وكأن الحق سبحانه يقول لك :

عبدي أراك قد فعلت ما طلبت منك واجتهدت في عبوديتك لي .. فماذا تريد من مولاك جزاء عبودتيك لي .. ؟!! تعالى فاسجد واقترب .. !!!

**************************

..:: الفصل الخامس عشر ::..

*****************************

..:: مقام العز الثالث في الصلاة ::..

(السجود بين يدي الله)

يتبع إن شاء الله تعالى

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..