ج20: هكذا يحدثك الشيطان - جملة يستغلها الشيطان وهي (صلى عشان ربنا يكرمك في حياتك) - وما هو فقر القلب والفقر الحاضر - هكذا يعلمنا الله فلماذا لا تقرأ كلام الله - كن بصيرا بالفرق بين عطاء الربوبية والألوهية - ما هي الحياة الطيبة - الحياة الطيبة لا يمكن أن تكون إلا بالإيمان الصادق - ألا توجد عطاءات في الدنيا من الصلاة - ما معنى احفظ الله ، واحفظه تجده أمامك .

بسم الله الرحمن الرحيم

من رسائل التنبيهات في الطريق إلى الله

حتى لا تسقط نفسيا وتنحرف عن الطريق

(الرسالة الثالثة)

هكذا يحدثك الشيطان في نفسك !!

فإما تستجب له أو تستقم لله !!

" الجزء العشرون "

* ملحوظة : كان في الأصل هذا الجزء هو الخامس عشر والفصل الثامن عشر من رسالة (هكذا يحدثك الشيطان) بتاريخ 17/11/2018.. ولكن تم إضافته في فهرس مواضيع (رسائل الطريق إلى الله) .. ليكون آخر جزء بعد التجربة الروحية لمناسبته لذلك ..

* فهرس :

..:: الفصل السابع والعشرون ::..

( الشيطان يشكك في كرامة الصلاة وفائدتها )

1- جملة يستغلها الشيطان وهي (صلى عشان ربنا يكرمك في حياتك) ؟

2- هكذا يعلمنا الله .. فلماذا لا تقرأ كلام الله ؟

3- كن بصيرا بالفرق بين عطاء الربوبية والألوهية ؟

4- هل ثمرة العمل الصالح هو الحياة الطيبة ؟

5- ما هي الحياة الطيبة ؟

6- وما هو فقر القلب والفقر الحاضر ؟

7- الحياة الطيبة ليست مال فقط وإنما عطاءات من الله أكرمها ان تحيا بالله ؟
..:: الفصل الثامن والعشرون ::..

8- الحياة الطيبة لا يمكن أن تكون إلا بالإيمان الصادق ؟

9- ألا توجد عطاءات في الدنيا من الصلاة ؟

10- ما معنى احفظ الله ، واحفظه تجده أمامك ؟

*********************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. أحاديث الشيطان في النفس التي يؤثر بها علينا حتى يسقطنا إيمانيا .. ويصرفنا عن طريق الله ..!!

* بعد معرفتك بما سبق .. من معاني الصلاة وحقيقة وسواس الشيطان الذي أوهمك أن الصلاة مجموعة حركات .. وقد عرفت تفصيليا .. أنها مجموعة مقامات وبركات في العلاقة مع الله ..

* فأذا كنت لازلت لا تصلي .. فأفق من غيبوبة الوهم النفسي التي تعيشها وتحرر من أنانيتك وحبك لذاتك وأسقط عبوديتك وخضوعك لمطامع نفسك .. وانهض للصلاة .. وكن إنسان مؤمن حقيقي وتحمل مسئولية الإيمان والتكليف الإلهي لك .. عسى أن تنفع نفسك وغيرك ..، وانتبه لنفسك وجاهدها .. واعلم أن الأنفاس قليلة ويوم القيامة قريب .. فماذا ستقول لرب العالمين ..؟!!

* عموما تعالى نكمل معا ما يحدثك به الشيطان بخصوص الصلاة .. حيث قد تكلمنا فيما سبق من فصول .. ما يقوله الشيطان لك في مرحلة حينما تنوي الصلاة .. ثم في مرحلة أثناء الصلاة وتشكيكه لك فيها حتى تتوقف عنها وتنقطع .. وتبقى لي أن أذكر لك ما يوسوس به الشيطان لك بعد فترة من مداومتك على الصلاة ..!!

* وللتذكرة .. فإن كل الأسئلة الموجودة في الرسائل التي أكتبها على المدونة عموما .. هي محض تجربتي لتأصيل الحقائق الإيمانية الثابته اليقينية .. دون تزييف من جماعة دينية أو ميول لتعصبات مذهبية ..!!

* والمواجهات هنا كلها هي محض صراع كان بيني وبين نفسي والشيطان .. كانت حدثت لي في فترات زمنية متفرقه .. وأكتبها لكم عسى أن ينتفع بها من يريد الإستمرار والثبات والمجاهدة في طريقه إلى الله ..!!

* اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين .. آمين .

* نبدأ بسم الله .. توكلت على الله ..

********************************

..:: الفصل الخامس عشر ::..

**********************

( الشيطان يشكك في كرامة الصلاة وفائدتها )

(8)

..:: جملة يستغلها الشيطان "صلى عشان ربنا يكرمك في حياتك ؟" ::..

* الجملة دي بقي بيقولها المشايخ والآباء والأصحاب بمنتهى البساطة .. والشياطين بتستغلها أحلى استغلال ..!!

* فيأتيك الشيطان فيقول لك :

أهو أنت بتصلي بقالك شهور .. وربنا لم يكرمك حتى الآن .. يبقى فين بقى كرم ربنا للي بيصلي ؟!

يبقى الكلام اللي في الدين ده أي كلام ..!!

* الرد على ما قاله الشيطان :

* أن الشيطان رأى في داخلك أوهام ما قمت بتحصيله من سماعك لبعض المشايخ أو لنصايح والديك أو غيرهم وهم يقولون لك : صلي عشان ربنا يكرمك ..؟!!

* ونظرا لأن الشيطان يعلم أن هذه المقولة نصف الحقيقة فقط .. !! ولذلك استغلها ليفسد عليك حالك مع الله .. لأنك لم تعلم النصف الآخر من الحقيقة القرآنية التي لم يذكروها لك من أرادوا أن يحببوك في الصلاة ولكن بطريقة خاطئة ..!!

* فلا نختلف أن الله سيكرمك لو صليت وأطعته وعملت الفروض الدينية وليس الصلاة فقط .. ولكن ..!!

هل قال الله لك أنه سيكرمك ويكافئك في الدنيا لو أطعته ؟

أو هل كشف لك عن نوع هذه الكرامة .. وقال لك أنها رزق مالي ؟

أو هل قال لك أنه سيحقق لك رغباتك الخاصة لو صليت له ؟

لا لم يحدث .. !!

******************************

..:: هكذا يعلمنا الله .. فلماذا لا تقرأ كلام الله ؟ ::..

:: كن بصيرا بالفرق بين عطاء الربوبية والألوهية ::

* تعالى معي نقرأ كلام الله :

* يقول تعالى : ( وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة72

* ويقول تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ . جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ) البينة7-8

* ويقول تعالى : ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة111

* ويقول تعالى : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) القصص83

* ويقول تعالى : ( قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) المائدة119 .

* يبقى العطاء الإلهي (المتعلق بالعقيدة والمنهج الإلهي) سيكون مكافاته في الآخرة وليس في الدنيا ..

* ولكن عطاء الدنيا وهو عطاء الربوبية فهو للجميع .. لذلك يقول تعالى : ( كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً ) الإسراء20

* يبقى مدد الربوبية ليس محجوب عن أي شخص .. عشان كده لما تلاقي عطاء دنيوي لكافر أو منحرف أو لمؤمن .. فافهم مباشرة أنه عطاء ربوبية يمنحه الله للمؤمن والكافر .. ليفتنهم فيه ..!!

* ولا تعترض على العطاء لأحد .. لأنك لو أنت إنسان مؤمن عاقل فستفهم أنه عطاء ربوبية من أجل الفتنة .. وليس محبة من الله ..!!

* فاحمد الله على ما أنت عليه .. ولا تقول لماذا أعطى فلان ولم يعطيني .. لا .. بل اسأل نفسك وقل : هل ستقدر على فتنة المال ؟

فإذا كنت لم تقدر على فتنة الصحة وتكاسلت بها عن اداء فروض الله .. يبقى هتقدر على فتنة المال ..!! أفلا تعقلون ..!!

*****************************

..:: هل ثمرة العمل الصالح هو الحياة الطيبة ؟ ::..

:: ما هي الحياة الطيبة ؟ ::

..:: وما هو فقر القلب - والفقر الحاضر ؟ ::..

* ولعلك قد يخطر ببالك قوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) النحل97 ..

فتتساءل قائلا : لقد وعد الله بالحياة الطيبة لمن عمل صالحا .. وبالرغم من فعل الصلاة فنجد أنفسنا في حالة ضيق ؟!!

* فأقول لك : حقا لقد صدق الله .. ولكن مَن قال لك أنك عملت عملا صالحا وتقبله الله منك .. ؟

ومَن قال لك أن الحياة الطيبة هي المال والحياة بدون مشاكل ..؟!!

* تعالى نشوف ونتعلم من حكمة الرسول مفهوم الحياة الطيبة ..

1- فالرسول يقول : ( مَن أصبحَ مِنكُم آمِنًا في سِرْبِه ، مُعافًى في جسَدِهِ ، عندَهُ قُوتُ يَومِه ، فَكأنَّمَا حِيزَتْ له الدُّنْيا ) رواه الترمذي بسند صحيح ..

* ومعنى (حيزت له الدنيا) : أي كأنما ملك الدنيا وما فيها من عطاء الله ..!!

فهذه هي الحياة الطيبة الكريمة المباركة في المفهوم النبوي ..

2- ويقول صلى الله عليه وسلم ( سلُوا اللهَ العفوَ والعافيةَ فإنَّ أحدًا لم يُعْطَ بعد اليقينِ خيرًا من العافيةِ ) رواه الترمذي بسند حسن .

والعفو : هو محو الذنوب ..

والعافية : هي السلامة في البدن والسلامة من أن تفتن في دينك والسلامة من أن تفتن من الناس حولك ..

واليقين : هو البصيرة في الدين والثبات على الحق بلا اضطراب ..

3- وعن أبا ذر الغفاري عن النبي سأله فقال : ( يا أبا ذرٍّ أترى كثرةَ المالِ هو الغِنى ) ؟ قُلْتُ : نَعم يا رسولَ اللهِ قال : ( فترى قلَّةَ المالِ هو الفقرَ ) ؟ قُلْتُ : نَعم يا رسولَ اللهِ .. قال " أي النبي" : ( إنَّما الغِنى غِنى القلبِ والفقرُ فقرُ القلبِ ) ) رواه بن حبان بسند صحيح .

معنى (غنى القلب) : هو أن يكون غنيا بالقناعة فيما رزقه الله ، راضيا بقضاءه وقدره .. ولذلك لا يصاب قلبه بحسرة ولا ندامه على فوات شيء لنزول السكينة والطمأنينة فيه ..

* ويرشدك إلى هذا المعنى السابق حديثين :

الأول : الحديث الذي رواه الحاكم بسند صحيح عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِني. قالَ: عَلَيْكَ بالإِيَاسِ مِمَّا في أَيْدِي النَّاسِ وَإِيَّاكَ والطَّمَعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ) رواه الحاكم .

* ومعنى (الإياس مما في أيدي الناس) : هو قطع الطمع كليا من أن تمد عينك أو تتشوف نفسك ما عند الناس ..!!

* ومعنى (الفقر الحاضر) : أي أن الطمع هو الفقر الذي يظل ملازم للإنسان في كل حركاته حتى ولو كان غنيا ..!!

الثاني : الحديث الذي رواه الترمذي عن أنس بن مالك عن النبي قال ( من كانتِ الآخرةُ هَمَّهُ جعلَ اللَّهُ غناهُ في قلبِهِ وجمعَ لَه شملَهُ وأتتهُ الدُّنيا وَهيَ راغمةٌ ، ومن كانتِ الدُّنيا همَّهُ جعلَ اللَّهُ فقرَهُ بينَ عينيهِ وفرَّقَ عليهِ شملَهُ ، ولم يأتِهِ منَ الدُّنيا إلَّا ما قُدِّرَ لَهُ ) رواه الترمذي بسند صحيح .

* انتبه :

لا ترد مالا ساقه الله إليك .. لأنه عطية الله لك ..!!

فقد جاء في الحديث عن ثوبان مولى رسول الله عن النبي قال : (مَنْ آتاهُ اللهُ من هذا المالِ شيئًا ، من غيرِ أنْ يَسألَهُ ، فلْيقْبلْهُ ، فإنَّما هو رِزقٌ ساقَهُ اللهُ إليهِ) أخرجه أحمد .

وفي رواية (مِنْ غيرِ مسألةٍ ولا استشرافٍ) .. أي من غير طلب منك ومن غير أن تكون متطلعا لهذا المال طامعا فيه كالجائع الذي ينظر للطعام وينتظر من صاحب الطعام أن يعطيه ..!!

* فهذا الشخص الذي يأخذ المال دون أن يطلبه أو يطمع فيه مسبقا .. فهذا لازال غنيا بقلبه .. لأنه لم يريد من إنسان شيئا ولم يطمع في شيء .. وإنما هذا رزق ساقه الله إليه ..

* يبقى نفهم مما سبق أن الحياة الطيبة في المفهوم النبوي لها طابع عقائدي خاص بالإيمان عن رضا بما قسمه الله لك .. !!

*****************************

..:: الحياة الطيبة ليست مال فقط وإنما مجموعة عطاءات من الله أكرمها ان تحيا بالله ::..

1- ونجد أن أكرم درجات الحياة الطيبة .. هي أن يجعلك تحيا به .. فتعيش مؤمنا حقا .. ولذلك اقرأ قوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ . أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) الأنفال2-3 .. !!

2- ومن الحياة الطيبة أن ينجيك من غضبه وعقابه ويثبتك على الإيمان .. كما قال تعالى (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فصلت18 .. بعد أن أنزل العذاب بقوم عاد وثمود ..!!

3- ومن الحياة الطيبة أن تدعو إلى الله .. أي يستخدمك لمراد الحق .. كما حدث لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) الأنبياء73 ..

4- ومن الحياة الطيبة .. أن يجعلك راضيا بمجريات القضاء والقدر .. كما جاء في الحديث عن الإيمان فكان منه أن ( تُؤمِنَ بالقدَرِ خَيرِه وشَرِّه ) صحيح مسلم .!!

5- ومن الحياة الطيبة .. أن يجعل لك علم وصحة وعافية وقوة .. فيقول تعالى عن سبب اختياره لطالوت ملكا لبني اسرائيل (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة247 .. !!

6- ومن الحياة الطيبة .. أن يجعلك تعمل في الحياة وفق مراد الله وليس مراد نفسك .. يقول تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) الأنفال74 ..!!

7- ومن الحياة الطيبة .. أن تتبع الرسول فيحبك الله ويغفر لك ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آل عمران31 .. !!

8- وإذا كان من الحياة الطيبة أن يحبك الله .. فاعلم أنه لو أحبك سيبتليك .. فقد أخبرنا حبيب الله فقال ( إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ تعالَى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم ، فمن رضِي فله الرِّضا ومن سخِط فله السُّخطُ ) رواه الترمذي بسند حسن .

* بعدما علمت ما سبق أريد أن أسألك :

مَن قال لك أن الحياة الطيبة هي فلوس وعدم وجود مشاكل ..!!

فكيف تكون حياة إن لم يكن فيها ابتلاءات ؟!! إذا كان الله قال لنا ( وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) هود7

وهو الذي قال لنا أن من حكمته فينا أن يبتلينا ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء35 ..

* يبقى الحياة الطيبة في المفهوم القرآني هي أن تعيش في سكينة نفسية ومطمئن القلب لقضاء الله وقدره ، وأن ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك .. لأنك على يقين من أن الحياة الطيبة لا تكون إلا في معيَّة الله بالإيمان الصادق  .. وتعلم ان الحياة الطيبة تكون مع حب الله لك .. وتؤمن أن من يحبه الله فلابد أن يبتليه ..!!

* وإلا لو كان مفهوم الحياة الطيبة هو المال وسعة العيش .. لكان الله بهذا المفهوم الخاطيء يجعلنا نقول أنه قد غضب على أغلب أنبياءه ورسله وتابعيهم بسبب فقرهم وضيق الحال لهم في الدنيا ..!!

فهل هذا كلام معقول يا ناس ..!!

***************************

..:: الحياة الطيبة لا يمكن أن تكون إلا بالإيمان الصادق ::..

..:: ما معنى احفظ الله ، واحفظه تجده أمامك ؟ ::..

1- ولذلك لا حياة طيبة بدون إيمان بالله .. لأن الإيمان يجعلك تفهم الحكمة الإلهية وتبصرها .. فمثلا لو صادفتك مشكلة من حيث لا تدري ولا تحتسب فتنتبه لقوله تعالى (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد22-23 ..

2- والإيمان يجعلك تتذكر وصية النبي لعبد الله بن عباس وكان غلاما .. فقال له النبي : ( احفظِ اللهَ يحفظْكَ احفظِ اللهَ تجدْهُ أمامكَ تعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفْكَ في الشدَّةِ واعلمْ أنَّ ما أصابكَ لم يكن ليُخطِئَكَ وما أخطأكَ لم يكنْ ليصيبكَ ، واعلمْ أنَّ الخلائقَ لو اجتمعوا على أنْ يعطوكَ شيئًا لم يردِ اللهُ أنْ يعطيَكَهُ لم يقدِروا على ذلك أو يصرِفوا عنكَ شيئًا أراد اللهُ أنْ يعطيَكَهُ لم يقدِروا على ذلك ..، وإذا سألتَ فاسألِ اللهَ – تعالى – وإذا استعنتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أن النَّصرَ مع الصبرِ ، وأنَّ الفرَجَ مع الكَربِ ، وأنَّ مع العُسرِ يسرًا .. واعلمْ أنَّ القلمَ قد جرَى بما هو كائنٌ) رواه احمد .

* ومعنى (احفظ الله) : أي احفظ الله في ظاهرك وباطنك بما طلبه منك .. أمرا ونهيا .. فافعل ما أمرك وابعد عما نهاك عنه ..

فإن فعلت ذلك .. حفظ الله لك ظاهرك وباطنك من غضبه وعقابه .. وحفظك باللطف والولاية والرعاية .

* معنى (احفظ الله تجده أمامك) : أي مؤيدا لك ومعينا لك وهاديا لك ومغيثا لك .. يمدك بكرامة التأييد بروح منه ويجعل لك نورا تمشي به في الناس .. ودليل ذلك ما قاله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) الحديد28 ..، وكما قال تعالى ( أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ) المجادلة22 ..

* يبقى مقولة (صلي عشان ربنا يكرمك في حياتك) دي مقولة فيها نقص للمعرفة الإيمانية .. وهدم للحكمة الإيمانية .. وتسبب إنهيار في الإيمان للإنسان المسلم لأنها ستصدم بواقع الإبتلاءات .. الذي يدمر هذه المقولة تماما .. لأنها معلومة لا علاقة لها بالمعرفة والحكمة الإيمانية ..!!

* يبقى نقول للشخص : صلي عشان ربنا يكرمك في الدنيا بتثبيتك على الإيمان حتى يختم لك بخاتمة السعادة ، وفي الآخرة يغفر لك ويرحمك ويرزقك الرضوان الأكبر مع نعيم جنته ..

* ولكن بعد كل ما سبق .. قد يتبادر للمؤمن سؤال مهم .. وهو ألا توجد عطاءات في الدنيا من الصلاة ؟!! .

***************************

..:: ألا توجد عطاءات في الدنيا من الصلاة ؟ ::..

* نعم يوجد عطاء ألوهية جزاء وضوءك وصلاتك مع الله .. بل وبعد صلاتك .. ولكنها ليست عطاءات مادية !!

* وإليك بعض من عطاءات الألوهية للمؤمن في الوضوء والصلاة :

1- محو الخطايا : ما جاء في الحديث عن سلمان الفارسي عن النبي قال ( إنَّ المسلمَ إذا توضأ فأحسنَ الوضوءَ ، ثم صلَّى الصلواتِ الخمسِ ، تحاتَّتْ خطاياه كما تحاتَّ هذا الورقُ ، و قال : (أَقِمِ الصلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَ زُلَفًا مَنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرينَ) صحيح الترغيب .

* وفي رواية أحمد ( أخذ منها غصناً يابساً فهزَّهُ حتى تحات (أي تساقط) ورقه . فقال: يا سلمان ألا تسألنى لم أفعل هذا. قلت : ولم تفعله؟ قال: إن المسلم إذا توضأ .... )

2- محو الخطايا وزيادة الحسنات وملائكة تدعو لك بالغفران : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلُّكم على شيءٍ يُكفِّرُ الخطايا ، ويزيدُ في الحسناتِ ؟ ! . قالوا : بلَى يا رسولَ اللهِ ! قال : إسباغُ الوضوءِ والطَّهورِ في المكارهِ ، وكثرةُ الخُطَى إلى هذا المسجدِ ، والصَّلاةُ بعد الصَّلاةِ ، وما من أحدٍ يخرُجُ من بيتِه مُتطهِّرًا ؛ يأتي المسجدَ ، فيُصلِّي مع المسلمين أو مع الإمامِ ، ثمَّ ينتظِرُ الصَّلاةَ الَّتي بعدُ ؛ إلَّا قالت الملائكةُ : اللَّهمَّ اغفِرْ له ، اللَّهمَّ ارحَمْه .)

3- غفران مع كل صلاة : عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (  يُبعَثُ مُنادٍ عند حضرةِ كلِّ صلاةٍ فيقول : يا بني آدمَ قُوموا فأَطفِئوا عنكم ما أَوقَدتُم على أنفُسِكم , فيقومون فيتطَهَّرون فتسقطُ خطاياهم من أعيُنِهم ، و يُصَلُّون فيُغفَرُ لهم ما بينهما ، ثم تُوقِدون فيما بين ذلك ، فإذا كان عند صلاةِ الأُولى نادى : يا بني آدمَ قُوموا فأَطفِئوا ما أوقدتُم على أنفُسِكم ، فيقومون فيتطهَّرونَ و يُصلُّون فيُغفَرُ لهم ما بينهما ، فإذا حضرتِ العصرُ فمثلُ ذلك ، فإذا حضرتِ المغربُ فمثلُ ذلك ، فإذا حضرتِ العتَمَةُ فمثلُ ذلك ، فينامون و قد غُفِرَ لهم ، ثم قال : فمُدْلِجٌ في خيرٍ ، و مُدْلِجٌ في شَرٍّ ) أخرجه الطبراني بسند صحيح .

* معنى (العتمة) : اي العشاء .

* معنى (فمُدْلِجٌ في خيرٍ ، و مُدْلِجٌ في شَرٍّ ) :  أنَّ مِن الناس مَنْ يَنَامُ على طاعة ، ومنهم مَنْ يَنَامُ على معصية .

4- غفران بعد كل صلاة : عن أبي هريرة عن النبي قال ( من سبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ وحمدَ اللَّهَ ثلاثًا وثلاثينَ وكبَّرَ اللَّهَ ثلاثًا وثلاثينَ فتلكَ تسعةٌ وتسعونَ وقالَ تمامَ المائةِ لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ .. غُفِرت خطاياهُ وإن كانت مثلَ زَبَدِ البحرِ ) رواه مسلم .

* ومعنى (زبد البحر) : وهوَ ما يَعلو البحرَ مِن الرَّغوةِ البيضاء عندَ تموُّجِهِ وهَيجانِه .. واللفظ هو كناية يُعبِّرُ عن كثرةِ الذُّنوبِ ، ومعَ كثرتِها الهائلةِ يغفِرُها اللهُ لِمَن أتى بهذا الذِّكرِ بعدَ الصلاةِ المفروضةِ.

* وفيما سبق يغنيك عن المزيد لو كنت مؤمنا بالله .. ولو انتبهت ستجد أن عطاءات الله هي مغفرة ورحمة .. تأهيلا للنعيم الأخروي .. وكلها عطاءات ألوهية ..  فافهم .. !!

* يبقى ما في شيء اسمه (صلي وربنا هيكرمك في حياتك) وتفهم أنها فلوس وسيارة وشقة !! لا .. بل هيكرمك بمحض غفرانه ورحمته في الدنيا .. ويشرفك بها في الآخرة .. !!

* أما عن رزق الربوبية .. فهذا للمؤمن والكافر ولا علاقة له بالعقيدة .. يعني سواء حضرتك آمنت أو كفرت .. فالرزق سيأتيك على قدر ما أراده الله لك .. !!

* وهنا يكون ختام الرسالة الثالثة .. بأحاديث الشيطان عن الصلاة .. وما كان يجول في خاطري من احاديث شيطانية في فترات ماضية أحببت ذكرها لكم وكيفية مواجهتها بالعلم الصحيح حتى لا يتلاعب بك ..

* ونبدأ بعدها بالرسالة الرابعة بأحاديث الشيطان مع الإنسان المؤمن في حياته وكيف يحاول أن يزلزل فيك إيمانك .. وأرجو من الله التيسير في ذلك الأمر .. آمين ..

* اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم ..

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..