ج3: رسالة الطرق المُوَصِّلة لصلاة الله علينا وملائكته - الذكر هو الطريق الثاني لصلاة الله علينا - ما معنى (بكرة وأصيلا) - لماذا الذكر بكثرة - لماذا تتضايق النفوس من الأعداد الكثيرة - لماذا نهتم في بداية الذكر بالتسبيح - ما الذي تريد قوله لله حينما تقول (سبحان الله) - ما فائدة ونتيجة ذكر الله كثيرا - طالما الله يصلي علينا فما فائدة صلاة ملائكته - لماذا لم يذكر الله صلاة الملائكة في سورة البقرة وأثبت صلاة الملائكة في سورة الأحزاب .

بسم الله الرحمن الرحيم

(رسالة)

الطرق المُوَصِّلة

لصلاة الله علينا وملائكته

في الدنيا والآخرة

الجزء الثالث

* فهرس :

:: الفصل الرابع :: الطريق الثاني الذي يؤدي لصلاة الله عليك ..!!

1- س30: ما هو الطريق الثاني الذي تسلكه ليصلي الله عليك ؟ 

2- س31: ما معنى (بكرة وأصيلا) ؟

3- س32: لماذا الذكر بكثرة ؟

4- س33: لماذا تتضايق النفوس من الأعداد الكثيرة ؟

5- س34: لماذا التسبيح بكرة وأصيلا ؟

6- س35: لماذا خص الله التسبيح عن جملة الأذكار الأخرى ؟

7- س36: ما هي فضيلة التسبيح التي بسببها خصها الله بالذكر عن دون الأذكار؟

8- س37: لماذا نهتم في بداية الذكر بالتسبيح ؟ (كل ذكر وله أنوار تنعكس على القلب)

9- س38: ما الذي تريد قوله لله حينما تقول (سبحان الله) ؟

10- س39: ما فائدة ونتيجة ذكر الله كثيرا ؟

11- س40: لماذا قال تعالى (يصلي) بصيغة المضارع ؟

12- س41: لماذا يصلي الله وملائكته علينا ؟

13- س42: ماذا أفاد حرف اللام في قوله (ليخرجكم) ؟

14- س43: ألم يكن يكفي أن يقول أنه يخرجنا من الظلمات فقط ؟

15- س44: طالما الله يصلي علينا فما فائدة صلاة ملائكته ؟

16- س45: لماذا لم يذكر الله صلاة الملائكة في سورة البقرة .. وأثبت صلاة الملائكة في سورة الأحزاب ؟ 

***************************

* بسم الله .. والحمد لله .. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم .. 

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. الجزء الثالث من رسالة الطرق الموصلة لصلاة الله علينا وملائكته في الدنيا والآخرة ..

* وفي هذا الجزء نكمل شرح الأسباب التي نكون بها أهلا ليتجلى الله بالصلاة علينا رحمة منه وفضلا وكرامة وإحسانا ..

* ولكن في هذا الفصل سنجد أن الله لا يصلي علينا فقط .. وإنما وملائكته أيضا .. فلماذا ؟!!

* نبدأ بسم الله .. توكلت على الله ..

***************************

اللهم صل على سيدنا محمد

صلاة تخرجنا بها من ظلمات الوهم والشك

إلى نور الحق واليقين ...

وعلى آله وسلم

**************************

..:: الفصل الرابع ::..

************************

:: الطريق الثاني الذي يؤدي لصلاة الله عليك ::

(2)

..:: س30: ما هو الطريق الثاني الذي تسلكه ليصلي الله عليك ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* لازلنا في رحاب الآيات التي تؤدي إلى صلاة الله علينا .. ولكن هذه المرة سنجد صلاة الله علينا وكذلك ملائكته يصلون علينا ..

فتعالوا نرى الأسباب التي تؤدي لصلاة الله علينا .. مع شرح لهذه الآيات ليتضح لك الأمر ..

2- الطريق الثاني لصلاة الله عليك : هو ذكر الله كثيرا .. حيث يقول تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا . هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب41-43

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

والمقصود بذكر الله- تعالى- في قوله: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) ما يشمل التهليل والتحميد والتكبير وغير ذلك من الأقوال والأفعال التي ترضيه- عز وجل-.

أى: يا من آمنتم بالله حق الإيمان ، أكثروا من التقرب إلى الله تعالى بما يرضيه ، في كل أوقاتكم وأحوالكم، فإن ذكر الله تعالى هو طب النفوس ودواؤها ، وهو عافية الأبدان وشفاؤها ، به تطمئن القلوب ، وتنشرح الصدور..

* والتعبير بقوله: (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) يشعر بأن من شأن المؤمن الصادق في إيمانه ، أن يواظب على هذه الطاعة مواظبة تامة.

* ومن الأحاديث التي وردت في الحض على الإكثار من ذكر الله، ما رواه الإمام أحمد عن أبى الدرداء.. رضى الله عنه.. قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق- (أى:الفضة)، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم، قالوا:وما هو يا رسول الله؟ قال: ذكر الله- عز وجل-» .

* وعن عمرو بن قيس قال: سمعت عبد الله بن بسر يقول: ( جاء أعرابيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال أحدهما: يا رسول الله، أى الناس خير؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله» .

وقال الآخر: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا، فمرني بأمر أتشبث به.

قال: «لا يزال لسانُك رَطْبًا بذكر الله» )

* وقال ابن عباس: لم يفرض الله- تعالى- فريضة إلا جعل لها حدا معلوما ، ثم عذر أهلها في حال العذر ، غير الذكر، فإن الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهى إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله ، وأمرهم به في الأحوال كلها .. فقال- تعالى-: ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ..) وقال- سبحانه-: ( فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ..) أى: بالليل وبالنهار ، في البر والبحر ، وفي السفر والحضر ، والغنى والفقر ، والسقم والصحة ، والسر والعلانية ، وعلى كل حال .. « تفسير ابن كثير ج 6 ص 426» .

 التفسير الوسيط ج11 ص220-221

*******************************

..:: س31: ما معنى (بكرة وأصيلا) ؟ ::..

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

* وقوله : (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) معطوف على (اذْكُرُوا) ...

والتسبيح : التنزيه.

مأخوذ من السبح ، وهو المر السريع في الماء أو في الهواء.

فالمُسَبِّح مُسرِع في تنزيه الله وتبرئته من السوء.

والبُكرة : أول النهار.

والأصيل : آخره.

أى: أكثروا- أيها المؤمنون- من ذكر الله- تعالى- في كل أحوالكم، ونزهوه- سبحانه- عن كل ما لا يليق به ، في أول النهار وفي آخره.

التفسير الوسيط ج11 ص221

*****************************

..:: س32: لماذا الذكر بكثرة ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

1- أراد لك أن تتشبه بأنبياءه .. حيث قد قال لسيدنا زكريا عليه السلام ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) آل عمران 41 ..

2- أراد لك أن تمحو الغيرية من على لسانك وقلبك .. بإحياء الذكر على لسانك وقلبك .. فإذا انشغل اللسان بالذكر امتنع عن اللغو والغيبة والنميمة .. ولو انشغل القلب بالذكر امتنع عن الإلتفات للهموم والغموم التي تسبب للقلب الكآبة والحزن ..!!

ولذلك قال لنا (َاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الجمعة10..

 ***************************

..:: س33: لماذا تتضايق النفوس من الأعداد الكثيرة ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* البعض يتضايق حينما نطلب منه أن يذكر كثيرا .. ويظل يضع مبررات كثيرة حتى يمتنع عن الذكر ويكتفي بما تريده نفسه .. من الكسل والتراخي على ما هي عليه .. !!

* ومن هذه المبررات والعوائق نفسية .. هو أنه لا يجد خشوع مع الأعداد الكثيرة ..!!

وببساطة نقول له :

1- أليس ذكر اللسان هو خشوع مع الله ؟!!

2- وهل الله طلب منك الخشوع الباطني مع الأعداد الكثيرة ؟!!

3- فمن قال لك أن الخشوع يتعلق بالقلب فقط ..!! بل أصل الخشوع هو الظاهر .. كما أوضحنا ذلك في رسالة (لا تلتفت) ..!!

4- يبقى من أين أتيت بوجوب خشوع الباطن مع ذكر الله كثيرا ؟!!

* نعم هناك ذكر القلب .. ولكن لماذا تخلط ذكر القلب على ذكر اللسان وتجعل منهما شيئا واحدا ..!!

فهنا تكون خديعة الشيطان لك .. فانتبه ..!!

* ( نقلا عن رسالة .. هكذا يحدثك الشيطان " إياك والأعداد الكثيرة مع الذكر " )

******************************

..:: س34: لماذا التسبيح صباحا ومساء ؟ ::..

* يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الأحزاب41-42

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

* وتخصيص الأمر بالتسبيح في هذين الوقتين ، لبيان فضلهما ، ولمزيد الثواب فيهما ، وهذا لا يمنع أن التسبيح في غير هذين الوقتين له ثوابه العظيم عند الله تعالى ..

التفسير الوسيط ج11 ص221

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

لعل المقصود بتخصيص فضيلة لهذين الوقتين لأن الملائكة تتعاقب علينا .. ويسألهم الله عن أحوالنا .. فأراد الله لنا أن نهتم بهذين الوقتين حتى نحظى بشرف مدحنا أمام الله .. فيمدحنا الله أمام ملائكته ..

* عن أبي هريرة عن النبي قال ( يتعاقبونَ فيكم : ملائكةٌ بالليلِ وملائكةٌ بالنهارِ ، ويجتمعون في صلاةِ العصرِ وصلاةِ الفجرِ ، ثم يعرجُ الذين باتوا فيكم ، فيسألُهم ، وهو أعلمُ بكم ، فيقول : كيف تركتُم عبادي ؟ فيقولون : تركناهُمْ وهم يُصلُّونَ ، وأتيناهم وهم يُصلُّونَ ) رواه البخاري .

* فالغرض هو أن تجعل لنفسك شرف أمام الله في كل الأوقات .. من خلال الذكر ...

* فضلا عن تواصلك بالذكر ليل نهار .. هو دليل على انشغالك بالله وإيمانك بوجوده معك في أزمنة حياتك .. وهذا يجعل لك منه معية خاصة .. لصدق تعاملك معه ..!!

* ولذلك أذكار المساء يبدأ وقتها من بعد العصر ويمتد وقتها إلى قبل نومك .. وأذكار الصباح من بعد الفجر إلى قبل الظهر ..

 ***************************

..:: س35: لماذا خص الله التسبيح عن جملة الأذكار الأخرى ؟ ::..

* يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الأحزاب41-42

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

خص سبحانه التسبيح بالذكر مع دخوله في عموم الذكر ، للتنبيه على مزيد فضله وشرفه ..

* قال صاحب الكشاف: والتسبيح من جملة الذكر. وإنما اختصه- تعالى- من بين أنواعه اختصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة ، ليبين فضله على سائر الأذكار ، لأن معناه تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات والأفعال.. «تفسير الكشاف ج 3 ص 545» .

التفسير الوسيط ج11 ص221

  

*********************************

..:: س36: ما هي فضيلة التسبيح التي بسببها خصها الله بالذكر عن دون الأذكار ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* صحيح أن خصوصية التنبيه على التسبيح هي للإهتمام به .. ولكن لماذا التسبيح دون غيره من الأذكار ؟!!

* لأن الله يعلم أنك ستمر عليك أمور في الحياة ستنزعج منها نفسك وتضطرب وهي ابتلاءات الحياة .. ولذلك قال لك : لا تفارق التسبيح لي .. حتى تكون متذكرا أنني غير ظالم لك في جريان أقداري عليك .. وبذكري تظل محافظا على معيتي لك ..

* فالتسبيح لو فهمت معناه وهو : لا نتهمك يارب بشيء فيه نقص لك .. وكأنك تقول : أنك لست ظالم يارب وغير مخطيء فيما تفعله بي أو بغيري ..

* فهذا المعنى يمنعك أن تتهم الله أو تشك في جريان أفعال الله عليك من مرض أو ضيق حال أو غير ذلك ..

وكأن هذا الذكر يمنعك من اتهام القدر بالجهل والظلم ..!!

* فإذا جاءك الشيطان وقت الابتلاء وقال لك : أرأيت لقد تركك الله ولا يستجيب لك دعاءك ؟

فأنت ترد فورا وتقول : سبحان الله .. أي تنزه الله أن يكون ظالم لي أبدا .. أو أن يهجرني ويتركني .. فحسن ظني به يمنعني أن أتهم مولاي سبحانه ..!!

* وهذا كما يقول أهل المعرفة بالله حينما ينكر المنكرون رسالة القرآن وسيدنا محمد .. فيكون قولهم : ( وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً ) الإسراء108 .. أي أن القرآن ومحمد كلاهما حقا من عند الله .. كتابا ورسولا ..!! ومعاذ الله أن نتهمه بإنكار شيء لم يرسله لتحقيق الإيمان به .. لأن الحقيقة القرآنية والمحمدية ثابتة وواضحة لكل ذي عقل لبيب وقلب سليم ..!!

  

**************************

..:: س37: لماذا نهتم في بداية الذكر بالتسبيح ؟ ::..

(كل ذكر وله أنوار تنعكس على القلب)

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

سبب الإهتمام بالتسبيح .. لأن الله اهتم به من جملة الذكر ... كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الأحزاب41-42

* واعلم رحمك الله أن كل ذكر وله أنوار قلبيه تظهر آثارها على القلب ..  وهو ما يسمى بانعكاس أثر الذكر عليك ..!!

* فكلما ذكرت الله كلما أنعكست عليك أنواره ..

* وليه تنعكس أنوار الذكر على القلب ..؟

لأن الله يقول ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) ..!!

* يبقى تسبيح الله .. له ثلاث خصائص :

1- لتثبيت العقيدة .. بأن الله عادل حكيم في أفعاله ولا يصيبه أي نقص أبدا .. لأن له الكمال المطلق ..!!

2- ولتطهير النفس .. من فكرة أن الله قد فعل معي شيء لا أستحقه .. أو لتطهير النفس من فكرة أن الله ظلمني بما يفعله معي ..!!

3- ولانعكاس أنوار الذكر على القلب .. لأن كل ذكر وله انعكاسات خاصة على قلب الذاكر .. فأنت كلما اعترفت لله بالكمال من خلال التسبيح .. كلما طهر قلبك من الأغيار وحفظه من أن ينشغل بغيره سبحانه ..!!

ولذلك يبقيك في معيته .. ف لا ينساك (أي لا يتركك) أبدا..!!

********************************

..:: س38 : ما الذي تريد قوله لله حينما تقول (سبحان الله) ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* كأنك تقول : اللهم إني أُنزِّهك عن كل نقص وأشهد لك بالكمال .. فارزقني مدد هذا الذكر بأن تعكس أنواره على قلبي بأن تصرف عني كل نقص يبعدني عنك ..!!

* فالتسبيح .. اعتراف لله بالعدل واتهام لنفسك بالنقص .. ‎مما يجعل لك انعكاس من هذا الذكر عليك ..

 فكما تسبحه .. فهو سيطهرك ..‎!!

* ولذلك كان ذلك هو أول سلوك الطريق في طريق الإكثار من الذكر .. لمن يطلب طريق ذكر يسير عليه .. فنبدأ معه بالتسبيح بكثرة على كامل اليوم وتصل لعشرة آلاف أو أزيد أو قدر المستطاع .. لما يترتب على هذا الذكر من انعكاسات تؤثر في القلب .. وتدفعه بعزيمة لما هو بعده من أذكار ..

***********************

..:: س39: ما فائدة ونتيجة ذكر الله كثيرا ؟ ::..

* يقول تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا . هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب41-43

* قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :

عند قوله تعالى ( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ) :

* هو تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِذِكْرِ اللَّهِ وَتَسْبِيحِهِ .. بِأَنَّ ذَلِكَ مَجْلَبَةٌ لِانْتِفَاعِ الْمُؤْمِنِينَ بِجَزَاءِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَفْضَلَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَلَائِكَتِهِ .

* وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ إِذَا ذَكَرْتُمُوهُ ذِكْرًا بُكْرَةً وَأَصِيلًا.

 التحرير والتنوير ج22 ص49

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

* وقوله- سبحانه-: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ..) استئناف جار مجرى التعليل لما قبله، من الأمر بالإكثار من الذكر ومن التسبيح.

* والصلاة من الله- تعالى- على عباده معناها: الرحمة بهم، والثناء عليهم، كما أن الصلاة من الملائكة على الناس معناها: الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة.

* قال القرطبي: قوله- تعالى-: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ..) قال ابن عباس: لما نزل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) ... قال المهاجرون والأنصار: هذا لك يا رسول الله خاصة، وليس لنا فيه شيء، فأنزل الله هذه الآية.

التفسير الوسيط ج11 ص220

           ******************************

..:: س40: لماذا قال تعالى (يصلي) بصيغة المضارع ؟ ::..

* يقول تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب43

* قال الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله :

* وَاجْتِلَابُ (يُصَلِّي) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ .. لِإِفَادَةِ تَكَرُّرِ الصَّلَاةِ وَتَجَدُّدِهَا كُلَّمَا تَجَدَّدَ الذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ ، أَوْ إِفَادَةِ تَجَدُّدِهَا بِحَسَبِ أَسْبَابٍ أُخْرَى مِنْ أَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَمُلَاحَظَةِ إِيمَانِهِمْ .

التحرير والتنوير ج22 ص49

***************************

..:: س41: لماذا يصلي الله وملائكته علينا ؟ ::..

* يقول تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب43

* قال الشيخ طنطاوي رحمه الله :

* وقوله: (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) متعلق بقوله: (يُصَلِّي) أى: يرحمكم- سبحانه- برحمته الواسعة، ويسخر ملائكته للدعاء لكم، لكي يخرجكم بفضله ومنته، من ظلمات الضلال والكفر إلى النور والهداية والإيمان .

* (وَكانَ)- سبحانه- وما زال (بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) رحمة عظيمة واسعة، تشمل الدنيا والآخرة .

* أما رحمته لهم في الدنيا فمن مظاهرها : هدايته إياهم إلى الصراط المستقيم .

* وأما رحمته سبحانه لهم في الآخرة فمن مظاهرها : أنهم يأمنون من الفزع الأكبر .

* وفي صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-( أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى امرأة من السبي قد أخذت صبيا لها فألصقته إلى صدرها وأرضعته فقال: «أترون هذه تلقى ولدها في النار وهي تقدر على ذلك؟ قالوا: لا. قال: فو الله لله أرحم بعباده من هذه بولدها) .. التفسير الوسيط ج11 ص221

*********************************

..:: س42: ماذا أفاد حرف اللام في قوله (ليخرجكم) ؟ ::..

* يقول تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب43

* قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :

وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: (لِيُخْرِجَكُمْ) مُتَعَلِّقَةٌ بِ (يُصَلِّي) . فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ جَزَاءٌ عَاجِلٌ حَاصِلٌ وَقْتَ ذِكْرِهِمْ وتسبيحهم .

التحرير والتنوير ج22 ص50

*****************************

..:: س43 : ألم يكن يكفي أن يقول أنه يخرجنا من الظلمات فقط ؟ ::..

* يقول تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب43

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* لعل الله أثبت النور .. لسببين :

1- السبب الأول : لأنه من الممكن أن يخرجك من الظلمات .. ولكن لا تعرف طريق النور فتعود مرة أخرى للظلمات ..!!

فلو قال أنه يخرجك فقط .. فقد تقول ومن الذي سيأخذ بيدي لطريق النور الحق حتى لا تضل مرة أخرى ..!!

* فهناك فرق بين من يخرجك من طريق الظلام ويشير لك على طريق النور .. وبين من يأخذ بيدك ليوصلك فعلا لطريق النور .. مثل هداية الدلالة وهداية التمكين التي تكلمنا عليها في رسالة الطريق إلى الله ..

* ولذلك أكرمك مرة ثانية بطريق النور علشان يجعل لك تمكين في عالم النور ..!!

* فأظهر لك من كرامة صلاته عليك .. فضيلتين:

- الأولى التخلية : من ظلمات الوهم والشك والشرك والضلال

- الثانية والتحلية : بنور الإيمان والهداية واليقين والتوكل ..

* والله ذو الفضل العظيم ...!!

2- السبب الثاني : حتى تعلم أن الخروج من الظلمة إلى النور بيد خالق الظلمة والنور .. فارجع إليه ليخرجك من الظلمات إلى النور .. فإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه .. فافهم .!!

*******************************

..:: س44 : طالما الله يصلي علينا فما فائدة صلاة ملائكته ؟ ::..

* يقول تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب43

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

* قد يخطر على العقل سؤال فيقول .. طالما الله يصلي علينا .. فهل هناك كرامة أعلى من كرامة صلاة الله ؟!

بالتأكيد لا ..

فلماذا أظهر لنا أن ملائكته هم أيضا يصلون علينا .. ؟!

* حينما تفكرت في حكمة ذلك .. وجدت ثلاثة أسباب :

1- تشريفا وتكريما لك .. كالسلطان الذي يستقبل ضيوفه بعز سلطانه تشريفا لأضيافه .

2- حتى تتأدب معه ولا تلتفت لغيره .. ولذلك أخبرك بأنك تكون في حالة وصل بأنواره الملائكية حين ذكرك لله .. ومن كان موصول فهو مقبول .. ومن كان مقبول فهو في كفاية الله وكفالته .. فتأدب ولا تلتفت لغيره ..!!

3- حتى ترتقي لعالم الكمالات الإنسانية فتكون عبد رباني .. فالله يصلي على كل إنسان بقدر عمله .. فقد يكون عملك ضعيفا .. فجعل ملائكته تشفع لك عنده فيرتفع من مقامك لديه لأن دعاء الملائكة مقبول .. وبالتالي يزيد كرامة التجليات الإلهية عليك .. فتزيد شفاعة الملائكة .. فيزيد كرامة الله لك .. وهكذا حتى يحبك حبا يصطفيك به بعطاء خاص فتسمع بالحق وتبصر بالحق وتسعى بالحق وتنتصر بالحق .. فتكون حقا يمشي على الأرض ..!!

والله أعلم .

*****************************

..:: س45: لماذا لم يذكر الله صلاة الملائكة في سورة البقرة .. وأثبت صلاة الملائكة في سورة الأحزاب ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

قد يلفت الإنتباه .. أن الله لم يذكر صلاة الملائكة علينا في سورة البقرة .. ولكنه أثبته في سورة الأحزاب ..؟!

فلماذا ..؟!!

تعالوا نرى نسترجع الآيات مع بعض .. وأذكر لكم ما جال بخاطري في إجابة هذا السؤال ..!!

* قال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) البقرة154-157

* وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا . هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) الأحزاب41-43

1- سنجد أن في سورة البقرة ..

كان الابتلاء هو في نفسة سببا للغفران وتكفير الخطايا كما يقول النبي ( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة ) ، رواه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح ..

* ولذلك أهل الإبتلاء لم يحتاجوا لمدد لهم من دعاء الملائكة .. لأن الإبتلاء نفسه هو مدد لمغفرة ذنوبهم وزيادة بالإحسان من ربهم .. ولذلك كانت صلاة الله لهم كرامة زائدة بالفضل والإحسان والرضوان عليهم في الدنيا والآخرة ..

2- ولما كانت الآية موصولة بالدنيا والآخرة كما شرحنا سابقا .. ولا صلاة للملائكة علينا في الآخرة . حيث أن طلب الغفران أو التأييد قد انتهى بالحياة الدنيا ..!!

ولذلك منع ذكر الملائكة بالصلاة علينا في هذه الآية حتى تعلم أن صلاة الله على أهل الصبر على الإبتلاء مستديمة غير منقطعة دنيا وآخرة .. فهي كرامة خاصة جدا لأهل الإبتلاء ..

* وكأن الله يقول : هؤلاء خاصتي من عبادي .. فاتركوهم لي .. لأن لهم كرامات خاصة ورحمة خاصة جدا أنت لا تعلموها .. !!

* أما عن آية سورة الأحزاب :

سبب صلاة الملائكة الذي هو الدعاء للمؤمن سواء بالمغفرة أو بالتأييد .. فكانت مدد من الله للمؤمن .. للتثبيت والتأييد على الإيمان في حال الدنيا .. وجبرا لنقصان أعمالهم مع الله .. فيدعون للمؤمن بالمغفرة ..

* يعني ببساطة :

1- آية البقرة : مددها الخاص موصول بالدنيا والآخرة .. ولذلك لم يذكر الله صلاة الملائكة .. لأنه لا أسباب في الآخرة إلا من أذن الله له بالشفاعة ..!!

2- آية الاحزاب : مددها خاص موصول بالدنيا .. للتأييد والتثبيت على الإيمان .. فكانت الملائكة من جملة أسباب المعونة من الله لك .. كرامة وتشريف لك لأنك تذكره .. فشرفك بأنواره .. وفي ذلك إشارة إلى أنك لو استمريت على ذلك .. كانت خاتمتك أنك من أهل النور ..!!

والله أعلم .

* فما بالكم بالذي يجمع بين الصبر على الإبتلاء خضوعا لله ، مع مداومة ذكر الله كثيرا صباحا ومساء ..!!

* فكيف نتصور حينئذ نورانية قلب هذا الإنسان الذي جمع بين كرامة الصبر على الإبتلاء وكرامة ذكر الله ؟!!

لن تستطيع أن تتصور هذه الكرامة .. عارف ليه ؟

لأن الله حجب عنك هذا التصور حينما قال لك (صلوات – رحمة) .. جعلهما مبهمتين حتى تعلم أنه أمر يفوق تصورك وإدراكك كإنسان .. لأنه محض فضل من ربوبية خالقهم .. ليس له نظير ولا مثال حتى تتصور كيف سيكون العطاء .. !!

* اللهم اجعلنا لك كما تحب وترضى .. وأعنا منك بما تجعلنا به من أهل الرضا والإستقامة .. وأمدنا منك دائما أبدا بروح التوبة والتوكل والإخلاص واليقين مع التمكين .. حتى تقبضنا وأنت راض عنا بكامل الرضا يا أرحم الراحمين - يا أرحم الراحيمن - يا أرحم الراحمين .. آمين يارب العالمين ..

* اللهم اغفر لكل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة .. مادامت رحمتك .. يا أرحم الراحمين - يا أرحم الراحيمن - يا أرحم الراحمين .. آمين يارب العالمين ..

**************************

يتبع إن شاء الله تعالى

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..