ج12: رسالة شرح الصلاة والسلام على النبي - ما معنى (رد الله إلي روحي) - هل النبي حي في مقامه الشريف حتى يرد السلام - كيف يرد النبي السلام على الملايين الذين يسلمون عليه في نفس الوقت - هل مردود الصلاة والسلام كعطاءات يكون في عالم الروح فقط - ما المراد من رد روح النبي كلما سلم عليه أحد - كيف يكون النبي حاضر في مقامه وفي حضرة الله في نفس الوقت - ماذا تفيد معرفتنا أن النبي ترد روحه في جسده ويرى أعمالنا تعرض عليه .

بسم الله الرحمن الرحيم

(رسالة)

" شرح الصلاة والسلام على خير الأنام

النبي الأمي محل التجلي والإنعام "

***************

رؤية جديدة في فهم الصلاة على النبي

مفاهيم تجعل قلبك يصلي على النبي

بتذوق إيماني جديد وإحساس مختلف

تذوقات قلبية وإشراقات روحية

وتحقيق مسائل مهمة جدا

تزيدك قربا وحبا للنبي

" الجزء الثاني عشر "

* فهرس :

:: الفصل الخامس عشر ::

1- س70: هل النبي حي في مقامه الشريف حتى يرد السلام ؟ 

2- س71: ما معنى (رد الله إلي روحي) ؟

3- س72: هل مردود الصلاة والسلام كعطاءات يكون في عالم الروح فقط ؟

4- س73: كيف يرد النبي السلام على الملايين الذين يسلمون عليه في نفس الوقت ؟

5- س74: ما المراد من رد روح النبي كلما سلم عليه أحد ؟

6- س75: كيف يكون النبي حاضر في مقامه .. وفي حضرة الله في نفس الوقت ؟

7- س76: ماذا تفيد معرفتنا أن النبي ترد روحه في جسده .. ويرى أعمالنا تعرض عليه ؟

 *********************

* بسم الله .. والحمد لله .. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. الجزء الثاني عشر من رسالة شرح الصلاة والسلام على سيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..

* وفي هذا الجزء نتكلم عن شيء مهم جدا خاص بالصلاة على النبي .. وهي أسئلة تتكلم عن كيفية رد السلام على النبي في نفس الوقت على ملايين الناس .. وهل الصلاة والسلام عطائهما برزخيا بعد الموت ؟!!

* نبدأ بسم الله .. توكلت على الله ..

**********************

اللهم صل على سيدنا محمد

صلاة تكرمنا منها بوصاله

وترزقنا بها من كريم دعاءه 

وعلى آله وسلم

******************************

..:: الفصل الخامس عشر ::..

:: مسائل على السلام من حديث (رد الله إلي روحي) ::

*******************************

..:: س70: هل النبي حي في مقامه الشريف حتى يرد السلام ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

نظرا لعلاقتنا مع النبي في تبليغ السلام ورد السلام .. فقد يخطر على البال سؤال .. نظرا لهذه العلاقة مع المؤمنين وهو في برزخه .. فيسأل سائل .. هل النبي حي في قبره الشريف ؟

قلت لك :

هذا السؤال سأله الصحابة أنفسهم للنبي ... فقد جاء في الحديث (  إنَّ مِن أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجُمعةِ فيه خلَق اللهُ آدَمَ وفيه قُبِض وفيه النَّفخةُ وفيه الصَّعقةُ فأكثِروا علَيَّ مِن الصَّلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ علَيَّ .. قالوا : وكيفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ وقد أرَمْتَ ؟ فقال : إنَّ اللهَ جلَّ وعلا حرَّم على الأرضِ أنْ تأكُلَ أجسامَنا ) صحيح بن حبان .

* وقال الإمام السيوطي رحمه الله (المتوفى: 911هـ) :

حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا علما قطعيا .. لما قام عندنا من الأدلة في ذلك وتواترت الأخبار.

وقد ألف البيهقي جزءا في حياة الأنبياء في قبورهم ..

فمن الأخبار الدالة على ذلك:

* ما أخرجه مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم ( ليلة أسرى به مر بموسى عليه السلام وهو يصلي في قبره) ..

* وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم (مر بقبر موسى عليه السلام وهو قائم يصلي فيه).

* وأخرج ابو يعلي في مسنده والبيهقي في كتاب حياة الأنبياء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون).

* وأخرج أبو داود والبيهقي عن أوس بن أوس الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا علي الصلاة فيه فإن صلاتكم تعرض علي قالوا يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت يعني بليت فقال أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسام الأنبياء) .

أنباء الأذكياء بحياة الأنبياء ص1-2 .. مختصرا ..

* قال الحافظ شمس الدين السخاوي رحمه الله (المتوفى: 902 هـ).. بعد أن ذكر عدة أحاديث للدلالة على رد سلام النبي .. فقال :

يؤخذ من هذه الأحاديث أنه - صلى الله عليه وسلم - حي على الدوام وذلك أنه محال عادة أن يخلو الوجود كله من واحد يسلم عليه في ليل ونهار ونحن نؤمن ونصدق بأنه - صلى الله عليه وسلم - حي يرزق في قبره وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض ، والإجماع على هذا .

القول البديع ص171-172 

* قال الإمام بن حجر الهيتمي رحمه الله (المتوفى: 974هـ) .. بعد أن ذكر أحاديث رد السلام على من يسلم على النبي :

وعلم من تلك الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم حي على الدوام .. إذ من المحال أن يخلوا الوجود عن واحد يسلم عليه في ليل أو نهار .. فنحن نؤمن ونصدق بأنه صلى الله عليه وسلم حي يرزق .. وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض .. وكذا سائر الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام ، والإجماع على هذا قد قيل ..

الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف المكرم ص45

* قال الشيخ الملا على القاري رحمه الله  (المتوفى: 1014هـ) :

فمن المعتقد المعتمد أنه صلى الله تعالى عليه وسلم حي في قبره كسائر الأنبياء في قبورهم وهم أحياء عند ربهم وأن لأرواحهم تعلقا بالعالم العلوي والسفلي كما كانوا في الحال الدنيوي فهم بحسب القلب عرشيون وباعتبار القالب فرشيون .. والله سبحانه وتعالى أعلم بأحوال أرباب الكمال .

شرح الشفا ج2 ص143

  

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

واعلم رحمك الله أن النبي ميت عن التصرف الجسدي والكسبي الذاتي النفسي في الحياة فهذا معلوم ، والمسمى بانقضاء الأجل .. ولكنه قطعا غير منقطع عنه كسبه من أعمال أمته وحكمته (سنَّته) التي تركها إلى يوم القيامة ..!!

وهو حي في برزخه وهذا معلوم أيضا بنص الحديث الصحيح السابق ذكره ..

وهو يدعو لأمته في برزخه وهذا معلوم أيضا بنص الحديث الصحيح ويكفيك رد السلام على من يسلم عليه .. وراجع ما ذكرناه تفصيليا في الفصل الخامس من هذه الرسالة ..

*********************************

..:: س71: ما معنى (رد الله إلي روحي) ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

* أما عن فهم حديث (ما من أحدٍ يُسلِّمُ عليِّ إلَّا ردَّ اللهُ إليَّ روحي حتَّى أردَّ عليه السَّلامَ ) رواه أحمد ..

وهنا يتبادر سؤال : عند قول النبي «إلا ردّ الله إليّ روحي» .. وهذا يقتضي مفارقة الرّوح لبدنه الشريف في بعض الأوقات، وذلك لا يلتئم مع كونه حيّا على الدوام.؟!!

* فأفضل شرح له هو ما ذكره البيهقي رحمه الله حيث قال :

ومَعْنَاهُ وَاللهُ أَعْلَمُ ، الا وقد رد الله عليَّ روحي ..

شعب الإيمان 6/52 ..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

ويؤكد كلام الإمام البيهقي .. أن النبي قال بلفظ الماضي (رد) .. لتحقيق حدوث ذلك معه بلا شك .. أي لتحقيق حدوث رد الروح إليه .. أي بمجرد السلام عليه حين انتقاله لمقامه الشريف إلا ويرد الله له روحه ليرد السلام ..  والله أعلم .

* وقال صاحب بهجة المحافل (2/ 412) :

والمعنى يكون أنه صلى الله عليه وسلم بعد ما مات وتم دفنه .. قد رد الله عليه روحه لأجل سلام من يسلم عليه واستمرت في جسده صلى الله عليه وسلم .

* وقال صاحب سبل الهدي والرشاد نقلا عن "الإمام العلامة جمال الدين محمود بن جملة خطيب الجامع الأمويّ" :

«ردّ الله تعالى» جملة حالية وقاعدة العربية أن جملة الحال إذا وقعت فعلا ماضيا قدّرت فيها «قد» كقوله تعالى: (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) [النساء: 90] أي قد حصرت ، وكذا هنا تقدر الجملة ماضية سابقة على السلام الواقع من كل أحد ..

«وحتّى» ليست للتعليل بل مجرد حرف عطف بمعنى «الواو» فصار تقدير الحديث: ما من أحد يسلّم عليّ إلا قد رد الله علي روحي قبل ذلك وأردّ عليه ..

وإنما جاء الإشكال من ظنّ أن جملة «ردّ الله» بمعنى الحال أو الاستقبال وظن أن «حتّى» تعليلة وليس كذلك وبهذا الذي قررناه ارتفع الإشكال من أصله.

* ومراد الحديث الإخبار بأن الله تعالى يردّ إليه روحه بعد الموت فيصير حيّا على الدوام حتى لو سلّم عليه أحد ردّ عليه سلامه لوجود الحياة فيه فصار الحديث موافقا للأحاديث الواردة في حياته في قبره .

* ويؤيّده من حيث المعنى أنّ (الرد) لو أخذ بمعنى الحال أو الاستقبال لزم تكراره عند تكرّر المسلّمين، وتكرّر الرّدّ يستلزم تكرار المفارقة، وتكرار المفارقة يلزم عليه محذوران:

أحدهما: تألّم الجسد الشريف بتكرّر خروج الرّوح منه أو نوع ما من مخافة التكرار أن لم يكن تأليما.

والآخر: مخالفة سائر الناس الشهداء وغيرهم، فإنه لم يثبت لأحد منهم أنه يتكرر له مفارقة الرّوح وعودها إلى البرزخ، والنبي- صلى الله عليه وسلم- أولى بالاستمرار الذي هو أعلى مرتبة.

ومحذور ثالث : وهو مخالفة القرآن فإنه دلّ على أنه ليس إلا موتة وحياتان ، وهذا التكرير يستلزم موتات كثيرة وهو باطل .. انتهى.

سبل الهدى والرشاد في خير هدي العباد ج12 ص 362

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

1- فالحديث فيه إخبار عن أنه مات .. لأن الموت هو مفارقة الروح للجسد ..

2- الحديث فيه أنه حي يرزق .. لأن الله رد إليه روحه في مقامه الشريف .. وأصبحت له حياة برزخية وهو بكامل هيئته .. كما للشهداء حياة برزخية .. وإلا من يزعم خلاف ذلك فهو يكون مناقضا لنص القرآن ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) آل عمران169 .. بل إذا ظن أحد أن للشهدآء حياة برزخية وزعم أن ليس للنبي حياة برزخية .. فهذا إنسان متهم في عقله بلا ريب ..!!

3- الحديث نفهم منه أن له تواصل مع أمته في حياته البرزخية .. برد السلام عليهم والدعاء لهم .. وتعرض عليه صلاة أمته عليه يوم الجمعة ..

4- وأن هذه الحياة البرزخية هي غيبية .. ولا يتم استعمال العقل فيما ليس فيه نص ولا نطاق عقلي للإدراك .. حتى نبحث عن الكيفية .. لأن من الإيمان أن تعلم أنه حي في قبره يرد عليك السلام أو يدعو لأمته بالمغفرة كما ذكرنا الحديث أول الرسالة وأثبتنا دعاءه لنا ..

وليس من الإيمان البحث في غيبيات لم يمنحك الله علم بها سوى ظاهر القول منها ..

5- لا يقال : لو كان النبي- صلى الله عليه وسلم- حيّا في قبره دائما لزم كونه محصورا في القبر أو مسجونا فيه .. وهذا كلام خطأ .. لأنه قد ورد أن المؤمن يفسح له في قبره كمدّ البصر فكيف بالنبي- صلى الله عليه وسلم- ؟!!

* من يعتقد أن للنبي حياة دنيوية .. كأنه يتصور أن النبي بيخرج كل يوم يتمشى شوية ويرجع تاني لقبره .. أو أنه قد يتزوج النساء .. أو أنه يعلم الناس بوحي جديد .. أو ما شابه هذا التخريف .. فهذا تصور ساذج من قائله ..!!

********************************

..:: س72: هل مردود الصلاة والسلام كعطاءات يكون في عالم الروح فقط ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

ذات يوم سأل البعض أسئلة خاصة بحديث ( رد الله إلى روحي فأرد السلام عليه ) .. فكان أول الأسئلة :

1- قيل عن البعض : أن الصلاة على النبي والسلام عليه .. هي خصوصية روح .. وبالتالي حينما يموت المسلم سيجد مردود هذه الصلاة والسلام عليه في عالم الروح ؟!!

* الجواب على ما سبق .. يكون كما يلي :

ما يدل أخي الحبيب على ضلال وانحراف وفساد هذا القول عدة أمور :

1- ليس هناك دليل إثبات من الكتاب والسنة يدل على ما ذهب إليه صاحب هذا الرأي ..!! فمن أين أتي .. والثواب والعقاب لا يتم الكلام عنهما إلا بدليل إثبات وليس بالظن المجرد .. لأنه حينئذ يكون قد كذب على الله لمخالفته صحيح الكتاب والسنة .. وسيأتيك تفصيل ذلك .. !!

2- لم يأت عن أحد من علماء المسلمين مثل هذ الفكر الغير صحيح .. لأنه يتعارض قطعا من أدلة الكتاب والسنة ..!!

3- لا يوجد عقل يقبل هذا الفكر لسبب بسيط .. لأن صاحب هذه الفكرة جعل أن الحياة البرزخية (حياة الأرواح) هي دار حساب .. بدليل زعمه أن السلام والصلاة على النبي سيجدهما في برزخه ..!! وهذا محض وهم بلا ريب .. لأن القيامة هي دار الحساب وليس البرزخ .. وإنما البرزخ أول منازل الآخرة ..

4- وفي علم الشرع هناك قاعدة تقول : لا تخصيص إلا بدليل .. فأين الدليل الذي خصصوا به الحديث لبعد الموت ؟

فليأتوا بالدليل ( هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) البقرة111 ..

 وإلا فقائل هذا الكلام متهم فيه وبالتالي هو كاذب .. فكيف تقبل علم من إنسان كاذب على الله ورسوله ..؟!!

5- القائل لمثل هذا القول إنما هو يقصد عمدا أن ينكر  خصوصية الكرامة الإلهية للنبي في عالم البرزج من خلال الدعاء لهم أو رد السلام عليهم ..

فعجبا يثبتون خصوصية كرامة الله للأقارب الأموات .. وينكرونها على النبي ..؟!!

كما جاء في الحديث الصحيح ( إن أعمالَكم تُعرَضُ على أقاربِكم وعشائرِكم من الأمواتِ ، فإن كان خيرًا استبشَروا به ، وإن كان غيرَ ذلك قالوا : اللهم لا تُمِتْهُم حتى تهديَهم كما هديتَنا )

* فعلى فكر هؤلاء المذكور في السؤال .. نسأل ونقول : هل هؤلاء الأموات ينتظرون أقاربهم حتى يموتوا فيدعون لهم ويجدوا ثمرة الدعاء ؟!! أفلا تعقلون ؟!!

ولو كان ليس لدعائهم أي فائدة في عالم الأحياء .. فلماذا أعلمنا الله بهذا ؟!!

فيتبين لك مما سبق أن دعاء أهل البرزخ له تأثير في عالم الأحياء ، كما أن عالم الأحياء له تأثير بالدعاء لهم ..!!

* ولكن العقل يتعجب من هذا الجحود لكرامة الله للنبي صلى الله عليه وسلم ..!!

وما هذا الجهل حتى أثبتوا كرامة الدعاء لأمته وجحدوها عليه .. !!

فإياك وجماعات الظلام التي امتلأت قلوبها غلا وحقدا على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ..!!

6- ما يرشدك إلى ضلالة هذه الفكرة .. هو مخالفتها لصحيح الحديث النبوي .. وكلام الله تبارك وتعالى ..

ففي الحديث ( من صلَّى عليَّ واحدةً ، صلَّى اللهُ عليه عشرًا) رواه مسلم ..

ونتيجة صلاة الله على عباده نراها في قوله تعالى ( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ) الأحزاب43 ..

* فلو كان ثمرات وعوائد الصلاة على النبي التي منها صلاة الله علينا التي هي إخراجنا من الظلمات الى النور ... هي عطاءات ما بعد الموت كما زعموا ... فما فائدة إخراجنا من الظلمات للنور حينئذ وقد متنا ؟!!

* ولكن لما كان كرامة الله هي تزكية أنفسنا بالصلاة على النبي ليخرجنا من ظلمات النفس لنور الحق .. والتزكية لا تكون إلا للأحياء ... فقد كان حقيقة عطاء الله للصلاة على النبي هي عطاء للأحياء وكرامة يوم الحساب ..!!

7- قولهم أن هذه خصوصية روح هو كلام منحرف وضال أيضا لأنه مخالف لحديث النبي (( إنَّ من أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجمعةِ فيه خُلِق آدمُ ، وفيه قُبِض ، وفيه النَّفخةُ ، وفيه الصَّعقةُ ، فأكثِروا عليَّ من الصَّلاةِ فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ . قالوا : يا رسولَ اللهِ كيف تُعرَضُ عليك صلاتُنا وقد أرِمتَ ؟ يقولون : قد بَلِيتَ قال : إنَّ اللهَ حرَّم على الأرضِ أن تأكُلَ أجسادَ الأنبياءِ ) أخرجه ابو داوود والنسائي بسند صحيح .

8- والذي يدلك على فساد عقل هؤلاء .. هو قول النبي ( ما مِن أحَدٍ يُسلِّمُ علَيَّ إلَّا ردَّ اللهُ علَيَّ رُوحي حتَّى أرُدَّ عليه السَّلامَ ) رواه أبو داوود بسند صحيح .

فلو كان العطاء برزخي .. فما فائدة سلام النبي حينئذ على من يسلم عليه .. وما فائدة رد روحه إليه .. ؟!!

ولما كان رد الروح إليه يستدعي اجتماعها بجسده الشريف .. فقد تبين كذب هؤلاء في أن النبي ما هو إلا روح .. فضلا عن مخالفته لحديث النبي بحديث عرض الأعمال عليه ..!!

9- لو كان عطاء الصلاة والسلام على النبي برزخيا .. كما توهموا في عقولهم .. فحديث النبي يثبت خلاف أوهامهم وضلالهم .. لأن النبي قال فيمن يصلي عليه ( من صلَّى عليَّ صلاةً ؛ لم تزَلِ الملائكةُ تُصلِّي عليه ما صلى عليَّ ، فلْيُقِلَّ عبدٌ من ذلك ، أو لِيُكْثِرْ) رواه أحمد وبن ماجه بسند حسن – قاله السخاوي في القول البديع .. وفي صحيح الترغيب حسن لغيره .

فقوله صلى الله عليه وسلم ( لم تزل الملائكة تصلي عليه) دليل على عطاء دنيوي حاضر في نفس اللحظة التي تصلي فيها على النبي ..

10- وما يرشدك إلى فساد أوهامهم الغيبية .. هو قول النبي (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ) صحيح النسائي .

فتأمل قول النبي (صلى) (حطت) (رفعت) .. تدل على نفاذ هذه الأفعال وتحقيقها وقت الصلاة على النبي .. وتحقيقها ليس محصور بزمان دون آخر .. ولكن الذي نفهمه هو أن العطاء قد تحقق لمجرد الصلاة على النبي .. دون تخصيص وقت دون وقت .. فهو لم يقل عالم الأرواح ولا يوم القيامة ولا عالم الدنيا .. وإن كان أثبت لنا في عالم الدنيا أن من بركة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي وسيلة قربى تساعدنا على تزكية أنفسنا بإخراجنا من الظلمات للنور ، وتقربنا من الله بما لا يعرف مداه من الدرجات والمقامات .. !!

11- والذي يدل على فساد ما ذهبوا إليه .. هو أنهم بذلك جحدوا كرامة الله الدنيوية في العبادة .. حيث يقول تعالى في الحديث القدسي (أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هرْولةً) رواه البخاري ..

* وعلاقة ذلك بالصلاة على النبي .. هو أن الصلاة على النبي قربة إلى الله أي وسيلة قربه .. وهذه القربة تستوجب قرب معية وولاية ومكانة من الله .. وقرب المعية لا يأت بأفعال تحدث من العبد وأفعال تحدث من الرب .. فالذي من العبد كالصلاة على النبي والذي من الرب هو تزكيتك وتطهيرك ليرفع عنك حجاب القطيعة ويكرمك بدوام الوصل كرامة لصلاتك على النبي وسلامك عليه .. وهذا يكون بإخراجك من الظلمات الى النور مع غفران الذنوب ورفع الدرجات .. ولذلك ينال العبد درجة الولاية .. ولا ينتظر الى الموت ليجعله الله وليا ..!!

12- والذي يثبت لك فساد هذا القول .. هو ما جاء في الحديث عن أبي طلحة الأنصاري قال ( أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً طيِّب النفس يرى في وجهه البشر. قالوا: يا رسول الله أصبحت اليوم طيِّب النفس يُرى في وجهة البشر . قال: أجل: أتاني آتٍ من ربِّي عزَّ وجلَّ ، فقال: من صلَّى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسناتٍ ، ومحا عنه عشر سيئاتٍ ، ورفع له عشر درجاتٍ ، وردَّ عليه مثلها ) .. رواه أحمد والنسائي .

* فتأمل قول النبي (ورد عليه مثلها) .. فهذا دليل لحال المصلي على النبي بأن الله يصلي عليه .. وقتما يصلي المسلم على النبي ..

13- والذي يدلك على فساد هذه الفكرة .. قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا جلس أحدُكم فليقُلْ التَّحيَّات للهِ والصَّلواتُ والطَّيباتُ .. السَّلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .. السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحينَ .. فإنكم إذا قلتُم ذلك أصاب كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماءِ والأرضِ أو بين السماءِ والأرضِ .. أشهد أن لا إله إلا اللهُ وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه .. ثم لِيتخيَّرْ أحدُكم من الدعاءِ أعجبَه إليه فيدعو بهِ ) صحيح أبي داود ..

* فالإصابة بالخير والسلام تصل لكل عبد صالح وقت ارسال السلام .. !!

14- والذي يدلك على فساد قولهم .. هو أنهم اجتهدوا في إثبات عطاء غيبي ليس لهم عليها دليل من الشرع .. فأثبتوا عطاء لله أو عقابا من الله برزخيا .. فإما أن يثبتوا العطاء بالدليل من الكتاب والسنة وإلا فقد كذبوا على الله بيقين .. وكأنهم يوحى إليهم بوحي .. لأن العطاءات والعقوبات تثبت بوحي إلهي وليس بالظن والوهم ..!!

وإلا جعلنا من كشوفات أصحاب الكشف الروحاني دليلا شرعيا ونقر لهم ما يقولوا به ..!! وهذا يكون محض ضلال بلا ريب ..!!

15- فلا تصدق من يتكلمون في الغيبيات وينسبونها للدين .. دون شاهد إثبات من الكتاب والسنة ..!!

* ختاما لهذا السؤال :

* اعلم أنه لا يخفى أن الصلاة والسلام على النبي .. بركاتها ليست محصورة بزمان .. لأن ثمرات عطائها من تجليات الحق عليك .. فينالك منها من عطائها في الدنيا وفي الآخرة من فضل الله كما قدر الله لك من واسع كرمه وفضله .. لأنها وسيلة قربى نتقرب بها إلى الله .. ومن تقرب إلى الله .. قربه الله إليه .. وأعطاه من واسع فضله ما لا يحصيه فضل الله ..

* فقد يكون صلاتك على النبي بعشرة صلوات من الله كرامة منه كما وعدك .. ولكن يأت الفضل الإلهي فيجعلها سبعمائة ضعف إلى ما لا حصر له من الكمالات والعطاءات في الدنيا والآخرة ..

* اللهم عاملنا بالفضل والإحسان ولا تعاملنا بالعدل والميزان .. وكذا والداي وأخواي وأهل بيتي .. ولكل أهل المدونة الذين يضمرون الخير لنا ويعينوا على الحق .. آمين يارب العالمين ..

*********************************

..:: س73: كيف يرد النبي السلام على الملايين الذين يسلمون عليه في نفس الوقت ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

وكان من جملة الأسئلة التي تتعلق بحديث (رد الله إلى روحي ) .. السؤال التالي :

2- كيف يرد النبي السلام على الملايين الذين يسلمون عليه في نفس الوقت ؟ حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ) رواه أحمد وأبو داوود ..

الحقيقة لم يستقم في ذهني الجمع بين ردّ روحه عليه صلّى الله عليه وسلّم ليردّ على ملايين 'في نفس الوقت'، هذا أوّلا ، وبين أنّه أيضا قائم يصلّى ثانيا ، فأيّة قدرة هذه ليكون عدّة أشخاص في شخص واحد صلّى الله عليه وسلّم ؟

* الجواب على ما سبق .. يكون كما يلي :

أولا :- من الذي يبلغ النبي السلام عليه من أمته ؟

يقول النبي :( إنَّ للَّهِ ملائِكةً سيَّاحينَ في الأرضِ ، يُبلِّغوني من أُمَّتي السَّلامَ ) صحيح النسائي وبن حبان .

ثانيا :- حينما يرد النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ) رواه أحمد وأبو داوود بسند صحيح ..

* فالذي بلَّغ السلام وهم الملائكة السياحين في الأرض .. ولا غرابة أن يكونوا هم أيضا من يعودون برد سلام النبي على من سلم على النبي .. !!

فما وجه العجب ؟!

ثالثا :- هل ذكر النبي كيفية رد السلام ؟ .. لا .. ولكنه أخبرنا عمن أرسل عليه السلام وهو الملائكة ..

وبنفس المنطق الذي أرسل السلام .. قد يكون هو من يبلغ رد السلام .. لأنك غالبا تحتاج لوساطة بين عالمي الدنيا والبرزخ .. والملائكة لها هذه الخاصية ..

* وراجع ما ذكرناه لك في السؤال رقم (58) من الجزء العاشر .. ستجد فيه كلام نفيس ..!!

* بل لو قال النبي : اللهم رد السلام على من يسلم علي .. فقد سلم على كل من يسلم عليه ..

كما قال في التشهد (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) .. فقد وصل بذلك سلامه إلى كل الصالحين ..

كما عرفنا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال : (إذا جلس أحدُكم فليقُلْ التَّحيَّات للهِ والصَّلواتُ والطَّيباتُ .. السَّلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .. السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصَّالحينَ .. فإنكم إذا قلتُم ذلك أصاب كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماءِ والأرضِ أو بين السماءِ والأرضِ .. أشهد أن لا إله إلا اللهُ وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه .. ثم لِيتخيَّرْ أحدُكم من الدعاءِ أعجبَه إليه فيدعو بهِ ) صحيح أبي داود ...

رابعا:- فإذا فهمت ما سبق جيدا .. فأريدك أن تعلم أن عقلك خلط بين ثلاثة أمور :

الأول : خلطت بين قوانين الحياة الدنيا وحياة البرزخ .. وقمت بقياس قوانين هذا على ذاك .. وهذا محض توهم عقلي بلا ريب .. لأنه كيف للعقل إدراك ما لا علم له فيه ؟!!

وكأنك جعلت عقلك يساوي بين قوله تعالى ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ) الروم20 ، وقوله تعالى ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ) ص72 .. !!

الثاني : خلطت بين قدرة النبي وقدرة الله .. وجعلت رد السلام من النبي هو من قدرة النبي .. وهذا خطأ .. لأنه من قدرة الله ..!!

الثالث : خلطت بين ما هو مطلوب منك كمؤمن وهو الإيمان بالغيب دون البحث فيه .. وليس مطلوب منك استعمال العقل فيما هو محجوب عنك ولا علم فيه ..!!

* وإليك مناقشة ما سبق بيانه :

* وسأجيبك بالعقل الإيماني والعقل العلمي :

أولا : العقل الإيماني :

1- إذا كنت تفهم كيف يرزق الله الناس في لحظة واحدة ويقبض آلاف في لحظة واحدة .. ستفهم حينئذ أنه لا مانع أن يُبَلِّغ الله بقدرته .. سلام النبي لكل من سلم عليه في لحظة واحدة .. !!

ولتوضيح كيف يقبض ملك الموت على الأرواح من كل البلدان في نفس التوقيت ..؟!

الجواب : كما تستطيع أن تغلق الكهرباء عن منطقة سكنية في لحظة واحدة ..!!

2- فسبب الخلط عندك هو أنك نظرت لقدرة النبي كمخلوق على أنه المُبَلِّغ .. وهذا هو خطأك .. لأنك بذلك حجبت عقلك عن قدرة الله كخالق الذي يُبَلِّغ بواسطة ملائكته .. التي تعمل كوسيط بين الناس والنبي في مسألة رد السلام ..!!

يعني النظام كله رباني من قدرة الله ...

فالله هو على كل شيء قدير .. ولم يقل لنا الله .. أن النبي على كل شيء قدير .. ولهذا عقلك خلط بين قدرة المخلوق والخالق ..!!

* ولا يصح (من وجهة نظري) أن نقول أن النبي أعطاه الله القدرة على رد السلام دون واسطة .. وإلا فلماذا لم يعطيه القدرة على الاستقبال دون واسطة ..؟!! وأيضا لكان النبي قد علم من يسلم عليه بدون الملائكة .. !!

3- فافهم أن قدرة الله لا تحيط بها عقلا .. لأنه الخالق وأنت مخلوق ناقص .. فكيف للناقص أن يدرك الكامل سبحانه وتعالى ؟!!

فالعالم كله في قبضة الله .. فهل أنت عقلت ذلك ؟ .. لأنك لو عقلت ذلك .. فكيف لا تعقل قدرة الله في تبليغ السلام للنبي ورد السلام منه ..؟!!

4- فإذا كان عقلك لا يستطيع أن يفهم أن مسألة تبليغ السلام للنبي ورد السلام من النبي هي من قدرة الله .. فهنا تكون المشكلة في عقلك أنت .. ليه ؟!!

لأنك أردت أن تحيط علما بقدرة الخالق .. وأنت ناقص لا حول لك ولا قوة إلا بالله ..!!

5- فحينما تجد قدرة كونية لها دليل في الدين ولا يستوعبها عقلك .. فقم بإحالتها إلى القادر القاهر .. ولا تقم بإحالتها إلى عقلك .. لأنه لا يملك البيانات والمعلومات الخاصة بهذه الحياة البرزخية .. !!

مش كده ولا إيه ؟

6- واعلم أن الله لم يطلب منك البحث في العالم الغيبي .. لأنه غيبي .. وبالتالي الذي يظن أن العقل لا يقبل مفهوم رد السلام .. يكون عقل فاقد الإدراك بأن حدود إدراكه هي ماديات الحياة فقط دون الغيبيات .. لأن لو أن هناك من يزعم أن العقل يدرك الغيبيات فسيكون إنسان متهم في عقله بلا ريب .. فكيف تدرك ما لا إدراك لك فيه ..!!

7- إذا عجز عقلك عن إدراك وفهم ما سبق .. فاعلم أن هذه الحياة البرزخية هي غيبية .. ولا يتم استعمال العقل فيما ليس فيه نص ولا نطاق عقلي للإدراك .. حتى نبحث عن كيفية إدراك رد السلام على الأحياء  .. لأن من الإيمان أن تعلم أنه حي في قبره يرد عليك السلام أو يدعو لأمته بالمغفرة كما ذكرنا الحديث أول الرسالة وأثبتنا دعاءه لنا .. وليس من الإيمان البحث في غيبيات لم يمنحك الله علم بها سوى ظاهر القول منها ..

8- وانتبه حتى لا يخدعك أحد ..!!

فلا يقال : لو كان النبي- صلى الله عليه وسلم- حيّا في قبره دائما لزم كونه محصورا في القبر أو مسجونا فيه .. وهذا كلام خطأ .. لأنه قد ورد أن المؤمن يفسح له في قبره كمدّ البصر فكيف بالنبي- صلى الله عليه وسلم- ؟!!

ثانيا : العقل العلمي :

1- أنت مناقض لواقعك الذي تعيشه .. ليه ؟

فأنت تقول أن العقل لا يدرك كيف يفهم رد السلام على الملايين في نفس الوقت .. ولكنك ممكن أن تعقل وتصدق أن شركة جوجل ممكن يرسل لها ملياري مستخدم لنظامها .. رسالة " مرحبا جوجل " .. فيرد عليهم نظام جوجل في نفس اللحظة لكل شخص على ايميله الخاص " مرحبا مستخدم جوجل " ..!!

* فإذا كان هذه قدرة المخلوق .. فما بالك بقدرة الخالق ؟! أم أنك تثبت للمخلوق أن له قدرة تفوق قدرة الخالق ..؟!!

وكأن سيرفرات شركة جوجل تفوق قدرة الله في الإرسال والإستقبال  ..!!

* فعجبا .. كيف ينكر عقلك .. ما هو يرى متاحا له في هذا الزمان ..؟!!

2- والأبسط من ذلك .. لو كتبت كود برمجي .. ورفعته على صفحة نت (كرسالة الترحيب التي تظهر لكل من يدخل موقع جديد) .. ودخل على الصفحة ملايين الناس .. في نفس الوقت فستظهر لهم الرسالة في نفس الوقت .. !!

كذلك الحال .. كل من يدخل في ذكر الصلاة والسلام على النبي .. سيجد له كرامة ترحيب من الله برد السلام عليه مع صلاة من الله عليه ..!!

* مما سبق .. يجعلنا نسأل : أي عجب في سؤالك .. وزمانك شاهد على إجابته ؟!!

***************************

..:: س74: ما المراد من رد روح النبي كلما سلم عليه أحد ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

وكان من جملة الأسئلة التي تتعلق بحديث (رد الله إلى روحي ) .. السؤال التالي :

3- لم أفهم "معنى" ردّ الرّوح إليه 'كسبب' ليردّ السّلام صلّى الله عليه وسلّم على من يصلّي ويسلّم عليه ؟ فهل الله يردّ ويتوفّى ثمّ يردّ وبعدها يتوفّى وهكذا ... لا بدّ من وجود 'معنى' غير تلك الدّائرة المفرغة التّي لا يستقيم لأحد تقبّلها ؟

* الجواب على ما سبق .. يكون كما يلي :

1- قولك (التّي لا يستقيم لأحد تقبّلها) .. هذا كلام يقال للرأي الذي يقول بذلك الفكر .. أن معنى الحديث الرد ترد للنبي ذهابا وإيابا مع السلام عليه .. وأكيد هذا أمر غير مقبول عقليا ..!!

ولكن ذكرنا لك من قبل مفهوم حديث النبي وما يستقيم مع العقل والشرع واللغة أيضا .. راجع السؤال رقم (59) من الجزء العاشر .. !!

* فقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ) رواه أحمد وأبو داوود بسند صحيح ..

* ومعناه : إلا وقد رد الله إلي روحي وأرد عليه السلام ..

يعنى حينما تسلمون علي فاطمئنوا فأن روحي تكون اجتمعت على جسدي وعادت لي حياة خاصة وهي حياة برزخية .. فإني لست بغائب عنكم في حضرة الله .. وإنما لي شأن حضور معكم حيث أسمع صلاتكم وسلامكم خاصة يوم الجمعة : ( إنَّ من أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجمعةِ فيه خُلِق آدمُ ، وفيه قُبِض ، وفيه النَّفخةُ ، وفيه الصَّعقةُ ، فأكثِروا عليَّ من الصَّلاةِ .. فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ . قالوا : يا رسولَ اللهِ كيف تُعرَضُ عليك صلاتُنا وقد أرِمتَ ؟ يقولون : قد بَلِيتَ قال : إنَّ اللهَ حرَّم على الأرضِ أن تأكُلَ أجسادَ الأنبياءِ ) أخرجه ابو داوود والنسائي بسند صحيح .

* وعلى هذا المعنى السابق .. فالله لم يرد الروح للجسد المحمدي خصِّيصَا للرد على من يسلمون عليه .. وإنما يتكلم عن واقع غيبي سيحدث .. حتى لا يظن أحد أنه إلى فناء وانقطاع علاقة عن أمته ..!!

* فهو لا يقول أن سبب السلام عليكم هو رد روحي إلى الجسد .. وإنما يقرر حقيقتين غيبيتين:

1- أن روحه بعد دفنه ترد إليه ..

2- أن الارض لا تأكل أجسام الأنبياء ..

* مما سبق فالحديث على المعنى الذي عليه كثير من العلماء .. ليس معناه خروج الروح ودخول الروح كلما سلم عليه المسلمون ..!!

*******************************

..:: س75: كيف يكون النبي حاضر في مقامه .. وفي حضرة الله في نفس الوقت ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

وكان من جملة الأسئلة التي تتعلق بحديث (رد الله إلى روحي) .. السؤال التالي :

4- كيف يكون النبي حاضر في مقامه .. وفي حضرة الله في نفس الوقت .. ؟

* الجواب على ما سبق .. يكون كما يلي :

ليس هناك ما يمنع أن يكون روح النبي في حضرة الله وأن يكون في مقامه في نفس الوقت .. لأن حياة الأرواح لها خصوصية لا نعلمها ..

ببساطة جدا .. سأعطيك ثلاثة أمثلة :

1- فأنت حينما تنام .. روحك تذهب إلى أماكن علوية أو أرضية .. وفي نفس الوقت يظل جزء من روحك متعلق بك لاستمرار حياتك ..

فكان يوجد روح فيك لأنك تتنفس .. وفي نفس الوقت في عالم آخر مثلا ترى رؤيا أو حلم ..!!

يبقى الروح لها قدرة حياتية خاصة بها .. ممكن تبقى علوية ولها متعلق أرضي في نفس الوقت ..!!

2- حينما كان النبي يتلقي الوحي من الله .. وفي نفس الوقت يعيش مع أصحابه ويرشدهم .. فهل يقول أحد أن النبي كان منقطع عن تعلق روحه بالله أثناء ممارسة حياته .. بالتأكيد لا .. !!

3- يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أيُّكم مثلي ، إني أَبِيتُ يُطْعِمُني ربي ويسقين) رواه البخاري ..

وفي رواية أخرى بلفظ (إنِّي أبيتُ عند ربِّي يُطعمُني ويَسقيني) ..

فهل معنى ذلك أن وجوده في حضرة الله أنه قد مات عن الدنيا ..؟!! بالتأكيد لا .. وإنما هذه حياة روحية خاصة لا نعلمها كيف تكون ..

* ولا نعلم قدرات الروح حتى نعرف ما تستطيع فعله .. لذلك رب العالمين قال بعد ذكر الروح .. (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )الإسراء85 ..

وسواء كان المراد من الروح هنا هو القرآن أو جبريل أو الروح الإنساني .. فالجميع لا إحاطة للإنسان بحقيقته .. ولا سبيل إلى ذلك لأن الله اختص به نفسه .. (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) ..!!

******************************

..:: س76: ما سبب معرفة أن النبي ترد روحه في جسده .. ويرى أعمالنا تعرض عليه ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

وكان من جملة الأسئلة التي تتعلق بحديث (رد الله إلى روحي) .. السؤال التالي :

4- وما علّة عدم تحلّل جسده صلّى الله وبارك عليه وعلى آله وسلّم تسليما وذكره لذلك بعرض الأعمال عليه؟

* الجواب على ما سبق .. يكون كما يلي :

* أما عن سؤلك عن علة بقاء الأجساد .. لسببين :

1- سبب عام : فهو تكريم لها وحفظا لها كما حافظت هذه الأجساد على طاعتها لربها .. وذلك يندرج تحت ما أشار له النبي في وصيته ( احفظ الله يحفظك ) .. وهذا السبب يشترك فيه كل الانبياء .. وقد يحظى بذلك بعض الأولياء بذلك كما حدث مع بعض الشهداء منهم عمرو بن الجموح وعبد الله بن حرام .. !!

حيث روي عن مالكٌ: عن عَبدِ اللهِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي صَعصَعةَ، أنَّه بلَغَه: ( أنَّ عَمرَو بنَ الجَموحِ، وابنَ حَرامٍ كان السَّيلُ قد خرَّبَ قَبرَهما، فحفَرَ عنهما ليُغَيَّرا مِن مَكانِهما، فوُجِدا لم يَتغَيَّرا، كأنَّما ماتا بالأمسِ! وكان أحدُهما قد جُرِحَ فوَضَعَ يَدَه على جُرحِه، فدُفِنَ كذلك، فأُميطَتْ يَدُه عن جُرحِه، ثُمَّ أُرسِلَتْ، فرَجَعَتْ كما كانتْ، وكان بيْنَ يومِ أُحُدٍ ويومِ حُفِرَ عنهما سِتٌّ وأربعونَ سَنةً ) رواه ملك .. وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء .. وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط : رجاله ثقات ولكنه مرسل .. وأخرجه ابن سعد 3 / 562 - 563، من طريق الوليد في مسلم، حدثني الاوزاعي، عن الزهري، عن جابر فذكره بأطول مما هنا.. وهذا سند صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " 3 / 173.!!

2- سبب خاص : ولكن حقيقة تصريح النبي بأن روحه وجسده في قبره حاضر .. ليظهر لأمته دوام الوصل معهم .. فليس معنى انقضاء الاجل الحياتي .. معناه انتهاء العلاقة بهم .. حيث أن هناك حياة برزخية أخرى هو يعيشها .. ولهم فيها أيضا وصل به من خلال الصلاة والسلام عليه .. فيرد عليهم ويدعو لهم .. فدوام الوصل هو الغرض من وراء التصريح ببقاء جسده ورد روحه إليه بعد الموت ..!!

* ولا تنسى أنه .. حينما تعرف أن صلاتك وسلامك تعرض على النبي ويرد عليك السلام .. فهذا يكون لك سبب ودافع قوي للمداومة على ذكر الله واتخاذ الصلاة والسلام وسيلة قربى إلى الله .. وقد يأذن الله لنبيه أن يدعو لك دعوة ترتقي بها إلى ما لا يعلمه إلا الله من الدرجات ..

والله أعلم ..

*********************************

..:: الفصل الخامس عشر ::..

:: أسئلة على علاقة السلام على النبي بالرابطة الروحية ::

*****************************

يتبع إن شاء الله تعالى

***********************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..