ج7:رسالة شرح الصلاة والسلام على النبي - ما الدليل على الإكثار من الصلاة على النبي - لماذا النبي اهتم بكثرة الصلاة عليه يوم الجمعة - لماذا الإكثار من الصلاة على النبي - هل الإكثار من الصلاة على النبي دليل على محبتك للنبي - هل كثرة ذكرك للصلاة على النبي لحبك الشديد للنبي يعتبر غلو وشرك بالله - معصية الكبائر لا تسقط عنك محبتك لله ورسوله - يأتيك الشيطان قائلا : هل تصلي على النبي طلبا للأجر أم محبة للنبي .

بسم الله الرحمن الرحيم

(رسالة)

" شرح الصلاة والسلام على خير الأنام

النبي الأمي محل التجلي والإنعام "

***************

رؤية جديدة في فهم الصلاة على النبي

مفاهيم تجعل قلبك يصلي على النبي

بتذوق إيماني جديد وإحساس مختلف

تذوقات قلبية وإشراقات روحية

وتحقيق مسائل مهمة جدا

تزيدك قربا وحبا للنبي

" الجزء السابع "

* فهرس :

:: الفصل العاشر ::

1- س28: ما الدليل على الإكثار من الصلاة على النبي ؟

2- س29: لماذا النبي اهتم بكثرة الصلاة عليه يوم الجمعة ؟

3- س30: هل يوم الجمعة فقط تعرض عليه الأعمال ؟

4- س31: لماذا الإكثار من الصلاة على النبي ؟

5- س32: هل الإكثار من الصلاة على النبي دليل على محبتك للنبي ؟

6- س33: هل الإكثار من الذكر يكون في ذكر الصلاة على النبي فقط .. دون غيره من الأذكار ؟

7- س34: هل كثرة ذكرك للصلاة على النبي لحبك الشديد للنبي يعتبر غلو وشرك بالله ؟

8- معصية الكبائر لا تسقط عنك محبتك لله ورسوله ؟

9- س35: يأتيك الشيطان قائلا : هل تصلي على النبي طلبا للأجر أم محبة للنبي ؟

*********************

اللهم صل على سيدنا محمد

صلاة تفيض بها على قلوبنا بمحبة النبي

وترزقنا بها من فضل علمك اللَّدُنِّي

وعلى آله وسلم

*********************

* بسم الله .. والحمد لله .. اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. الجزء السابع من رسالة شرح الصلاة والسلام على سيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..

* وفي هذا الجزء نتكلم عن شيء مهم جدا خاص بالصلاة على النبي .. وهو الإكثار من ذكر الصلاة على النبي .. ؟!!

* نبدأ بسم الله .. توكلت على الله ..

************************************

..:: الفصل العاشر ::..

:: الإكثار من ذكر الصلاة على النبي ::

***********************************

..:: س28: ما الدليل على الإكثار من الصلاة على النبي ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

قد يوسوس الشيطان في النفس ويقول لك لماذا الإكثار من الصلاة على النبي .. وكأنك تذكر النبي ولا تذكر الله .. فرفقا بحالك يا أخي .. فهل كان هذا كلام النبي أو حتى فعل الصحابة ؟

* الجواب :

قل أعوذ بالله من شيطان الجهل والوهم ..!!

* واعلم يا مؤمن أن الصلاة على النبي جاء فيها الإكثار منها سواء من قول الله تعالى أو قول النبي أو فعل الصحابة .. وإليك البيان :

أولا :- من قوله تعالى ..

قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) الأحزاب56 ..

* ففعل (يصلون) فعل مضارع يدل على استمرارية الصلاة على النبي من الله والملائكة في كل الأزمان الحاضرة حتى المستقبلية لأنها ستكون حاضرة في وقتها ..!!

* وفعل (صلوا) فعل أمر غير مرتبط بوقت دون وقت .. بل يحتمل كل الأوقات ..

فكأنه يأمرك أن تتشبه بالفعل الإلهي والملائكي فيكون صلاتك طول الوقت ..

ثانيا :- من قول النبي صلى لله عليه وسلم ..

1- وقد جاء في الحديث .. عبد الله بن مسعود عن النبي قال : (  إنَّ أَوْلى النَّاسِ بي يومَ القيامةِ أكثَرُهم علَيَّ صلاةً ) صحيح الترمذي وبن حبان ..

2- وقد جاء في الحديث .. عن عامر بن ربيعة عن النبي قال ( من صلَّى عليَّ صلاةً ؛ لم تزَلِ الملائكةُ تُصلِّي عليه ما صلى عليَّ ، فلْيُقِلَّ عبدٌ من ذلك ، أو لِيُكْثِرْ) رواه أحمد وبن ماجه بسند حسن – قاله السخاوي في القول البديع ، وفي صحيح الترغيب حسن لغيره .

3- وعن أنس بن مالك عن النبي قال ( أكثِروا الصَّلاةَ عليَّ يومَ الجمُعةِ و ليلةَ الجمُعةِ ، فمَن صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليهِ عَشرًا ) أخرجه البيهقي بسند حسن . وذكره الألباني في صحيح الجامع .

ثالثا :- من فعل الصحابة ..

جاء في الحديث عن أبي بن كعب قال ( قال أجعلُ لك صلاتي كلَّها قال إذًا يُكفَى همُّك ويُغفرُ لك ذنبُك ) أخرجه الترمذي وبسند صحيح .. وأحمد والحاكم .

( معنى صلاتي كلها : أي دعائي كله ) ..!!

* وفي رواية الطبراني (إذاً يكفيك الله ما أهمَّك من أمْر دنياك وآخرتك) . رواه الطبراني بإسناد حسن.

*********************************

(مسألة مهمة)

..:: س29: لماذا النبي اهتم بكثرة الصلاة عليه يوم الجمعة ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم -: ( إنَّ من أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجمعةِ ، فيهِ خلقَ آدمُ ، وفيهِ النَّفخةُ ، وفيهِ الصَّعقةُ ، فأَكثروا عليَّ منَ الصَّلاةِ فيهِ ، فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ , فقالَ رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ، كيفَ تعرضُ صلاتنا عليْكَ وقد أرمتَ ؟ يعني بليتَ ، فقالَ : إنَّ اللَّهَ قد حرَّمَ على الأرضِ أن تأْكلَ أجسادَ الأنبياء) رواه النسائي وبن ماجه -  بسند صحيح ..

* معنى النفخة والصعقة : من قوله تعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) الزمر68 .. والنفخ هو النفخ في شيء مثل القرن أو البوق عن طريق مَلَك .. ويصاحب هذا النفخ موت كل الخلائق إلا من شاء الله ..

* من وجهة نظري أن سبب الإهتمام في الحديث بيوم الجمعة ليكون سبب من إكثار الصلاة عليه .. لخمسة أسباب ..

* وهذه الأسباب نستظهرها من الحديث السابق والحديث التالي :

عَنْ أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ ، وَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ .. فِيهِ خَمْسُ خِلالٍ : خَلَقَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ ، وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ ، وَفِيهِ تَوَفَّى اللَّهُ آدَمَ ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ ، مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَامًا ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) . رواه ابن ماجه

1- الأول : قال النبي (إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّامِ ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ) رواه بن ماجه بسند حسن .

فأراد أن يرشدك أن ذكر الصلاة على النبي هو من أعظم الأذكار وهو الذي يناسب أعظم الأيام .. ولذلك قال أكثروا علي من الصلاة في يوم الجمعة ..

2- الثاني : لأن يوم الجمعة ستكون فيه القيامة كما قال النبي (وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ) .. فأراد لك أن يكون يوم الجمعة شاهدا لك بكثرة الصلاة عليه لتنال شفاعته ولا تخطيء طريق الجنه لما في الصلاة على النبي من البركات والكرامات ..

* وكأنه يقول لك خير الأعمال تستعد بها لهول يوم القيامة هي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ..

3- الثالث : جاء في الحديث السابق (وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ) ..

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال : ( فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يُصلي يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله وأشار بيده يُقلّلها ) رواه البخاري.

* ومعنى (يصلي) : أي يدعو ، ومعنى (قائم) : أي ملازم ومواظب .. كقوله تعالى ( مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ) آل عمران75 .. 

* وروِي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم  : ( التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد صلاة العصر إلى غيبوبة الشمس ) رواه الترمذي بسند حسن .

* فكأنه أراد لك أن تكون ساعة الإجابة موافقة لطلب الصلاة عليه .. فتزداد بها من الكرامات ما لا يحصيه إلا الله ..!!

4- الرابع : أنه لما ذكر من مقدمات يوم القيامة (النفخة والصعقة) .. ثم أعقبها بكثرة الصلاة عليه .. كان ذلك كأنه يقول لك .. إذا أردت النجاة من أهوال يوم القيامة فأكثر من الصلاة علي فإنها لك نجاة من أهوال هذا اليوم ..

5- الخامس : قد يكون المراد منها هو تعظيم شأن الصلاة على النبي .. حيث أنه لما كان يوم الجمعة في خصوصية شأن إلهي لما حدث فيه وما يحدث فيه من تجليات إلهية .. فكذلك الصلاة على النبي فيها خصوصية شأن إلهي  بتجليات خاصة لمن يكثر من الصلاة على النبي في هذا اليوم ..

والله أعلم.

************************

..:: س30: هل يوم الجمعة فقط تعرض عليه الأعمال ؟ ::..

* قال الصنعاني رحمه الله :

قوله (فإن صلاتكم تعرض علي) ليس لتخصيص يوم الجمعة بذلك .. بل إفادة بعرضها عليه كعرضها في غيره .

التنوير في شرح الجامع الصغير ج3 ص60

****************************

..:: س31: لماذا الإكثار من الصلاة على النبي ؟ ::..

* يقول الإمام بن القيم رحمه الله :

* أَنَّهَا سَبَب لهداية العَبْد وحياة قلبه فَإِنَّهُ كلما أَكثر الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكره واستولت محبته على قلبه حَتَّى لَا يبْقى فِي قلبه مُعَارضَة لشَيْء من أوامره ، وَلَا شكّ فِي شَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ ..

* بل يصير مَا جَاءَ بِهِ مَكْتُوبًا مسطوراً فِي قلبه لَا يزَال يَقْرَؤُهُ على تعاقب أَحْوَاله ويقتبس الْهدى والفلاح وأنواع الْعُلُوم مِنْهُ وَكلما ازْدَادَ فِي ذَلِك بَصِيرَة وَقُوَّة وَمَعْرِفَة ازدادت صلَاته عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم .

جلاء الأفهام ص453

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

1- الإكثار من الصلاة على النبي هي سنة إلهية وملائكية .. وذلك واضح من خلال قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) .. حيث أن فعل (يصلي) يدل على الاستمرارية في  تكرار هذا الفعل ..

فإذا كان هذا فعل الله وملائكته على الدوام .. أفلا يكون هذا فعلنا مع النبي صاحب الفضل علينا الذي جاء بالخير لنا ..؟!!

يبقى خلي عندك دم .. وصلي على النبي ..!!

2- كثرة الصلاة على النبي هو اتباع لأمر إلهي يحبه الله .. مما يجعل لك محبة من الله .. لأنك فعلت ما يحبه الله ..

3- كثرة الصلاة على النبي هو اتباع لأمر الرسول (أكثروا من الصلاة علي) .. ومن اتبع الرسول نال محبة الله (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) آل عمران31 .. ونال شفاعة النبي ( إنَّ أَوْلى النَّاسِ بي يومَ القيامةِ أكثَرُهم علَيَّ صلاةً ) صحيح الترمذي وبن حبان .

4- كثرة الصلاة والسلام على النبي .. تجعلك في حالة  حضور ملائكي عجيب من حولك .. وذلك لأن الصلاة على النبي هي ذكر لله .. فضلا عن وجود ملائكة خاصة بتبليغ صلاتك وسلامك على النبي ..!!

وسيأتي تفصيل ذلك بعد قليل إن شاء الله تعالى  ..

5- كثرة الصلاة والسلام على النبي تجعلك في حالة سلام داخلي وطمأنينة نفسية عجيبة .. لأن النبي يرد عليك بالسلام .. وسلام النبي يكون فيه سكينة لك ..!!

6- كثرة السلام علي النبي تمنحك تخلية من ظلمات الوهم والشك .. إلى تحلية من نور الإيمان والرضا بالله .. وذلك من خلال ثناء الله عليك واستغفار الملائكة لك ومحو سيئاتك وزيادة حسناتك وعلو درجاتك ..

7- كثرة الصلاة والسلام على النبي .. تمنحك كرامة الكفاية من الله فيما يشغلك من أمور دنياك وآخرتك  ففي الحديث .. (إذاً يكفيك الله ما أهمَّك من أمْر دنياك وآخرتك) .. يبقى صلى على النبي وسلم . واترك امورك لله وهو يدبرها لك .. فلله تدبير عجيب للمصلي والمسلم على النبي ..!!

8- كثرة الصلاة والسلام على النبي تجعلك من أقرب الناس للنبي يوم القيامة وسبب لنوال شفاعته ..

* وغير ذلك كثير سنذكره في فوائد الصلاة على النبي ..

********************************

..:: س32: هل الإكثار من الصلاة على النبي دليل على محبتك للنبي ؟ ::..

* قال الإمام بن القيم رحمه الله :

 أَن الصَّلَاة عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من العَبْد هِيَ دُعَاء وَدُعَاء العَبْد وسؤاله من ربه نَوْعَانِ :

1- أَحدهمَا : سُؤَاله حَوَائِجه ومهماته وَمَا ينوبه فِي اللَّيْل وَالنَّهَار فَهَذَا دُعَاء وسؤال وإيثار لمحبوب العَبْد ومطلوبه .

2- وَالثَّانِي : سُؤَاله أَن يثني على خَلِيله وحبيبه وَيزِيد فِي تشريفه وتكريمه وإيثاره ذكره وَرَفعه وَلَا ريب أَن الله تَعَالَى يحب ذَلِك وَرَسُوله يُحِبهُ ..

* فالمصلي عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد صرف سُؤَاله ورغبته وَطَلَبه إِلَى محاب الله وَرَسُوله وآثر ذَلِك على طلبه حَوَائِجه ومحابه هُوَ بل كَانَ هَذَا الْمَطْلُوب من أحب الْأُمُور إِلَيْهِ وآثرها عِنْده فقد آثر مَا يُحِبهُ الله وَرَسُوله على مَا يُحِبهُ هُوَ .. فقد آثر الله ومحابه على مَا سواهُ وَالْجَزَاء من جنس الْعَمَل .. فَمن آثر الله على غَيره آثره الله على غَيره ..!!

* وَاعْتبر هَذَا بِمَا تَجِد النَّاس يعتمدونه عِنْد مُلُوكهمْ وَرُؤَسَائِهِمْ إِذا أَرَادوا التَّقَرُّب اليهم والمنزلة عِنْدهم فَإِنَّهُم يسْأَلُون المطاع أَن ينعم على من يعلمونه أحب رَعيته إِلَيْهِ وَكلما سَأَلُوهُ أَن يزِيد فِي حبائه وإكرامه وتشريفه علت مَنْزِلَتهمْ عِنْده وازداد قربهم مِنْهُ وحظوا بهم لَدَيْهِ لأَنهم يعلمُونَ مِنْهُ إِرَادَة الإنعام والتشريف والتكريم لمحبوبه فأحبهم إِلَيْهِ أَشَّدهم لَهُ سؤالا ورغبة أَن يتم عَلَيْهِ إنعامه وإحسانه هَذَا أَمر مشَاهد بالحس وَلَا تكون منزلَة هَؤُلَاءِ ومنزلة المطاع حَوَائِجه هُوَ وَهُوَ فارغ من سُؤَاله تشريف محبوبه والإنعام عَلَيْهِ وَاحِدَة ..

* فَكيف بأعظم محب وأجله لأكرم مَحْبُوب وأحقه بمحبة ربه لَهُ وَلَو لم يكن من فَوَائِد الصَّلَاة عَلَيْهِ إِلَّا هَذَا الْمَطْلُوب وَحده لكفى الْمُؤمن بِهِ شرفاً .

جلاء الأفهام ص454-455

**************************

..:: س33: هل الإكثار من الذكر يكون في ذكر الصلاة على النبي فقط .. دون غيره من الأذكار ؟ ::..

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

* الإكثار من الذكر هو أمر مطلق في عموم كل الأذكار .. والإكثار من الذكر دليل على المحبة .. لأن من أحب أحد أكثر من ذكره .. والذكر هو استحضار المطلوب ذكره في القلب والعقل واللسان .. فكان هذا دليل على انشغالك به .. وانشغالك به دليل محبتك له .. ومحبتك له دليل على تعلقك به ..!!

* قال بن القيم رحمه الله :

* دوَام الذّكر لما كَانَ سَببا لدوام الْمحبَّة وَكَانَ الله سُبْحَانَهُ أَحَق بِكَمَال الْحبّ والعبودية والتعظيم والإجلال كَانَ كَثْرَة ذكره من أَنْفَع مَا للْعَبد وَكَانَ عدوه حَقًا هُوَ الصَّاد لَهُ عَن ذكر ربه وعبوديته وَلِهَذَا أَمر الله سُبْحَانَهُ بِكَثْرَة ذكره فِي الْقُرْآن وَجعله سَببا للفلاح ..

فَقَالَ تَعَالَى (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الْجُمُعَة10 .

وَقَالَ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) الْجُمُعَة41 .

وَقَالَ تَعَالَى (والذاكرين الله كثيرا وَالذَّاكِرَات) الْأَحْزَاب35 .

وَقَالَ تَعَالَى ( يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هم الخاسرون ) المُنَافِقُونَ9 .

وَقَالَ تَعَالَى ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ) الْبَقَرَة 152 .

* وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ قَالُوا يَا رَسُول الله مَا الْمُفَرِّدُونَ .. قَالَ : الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ)

* وَفِي التِّرْمِذِيّ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ ( أَلا أدلكم على خير أَعمالكُم وأزكاها عِنْد مليككم وأرفعها فِي درجاتكم وَخير لكم من إِنْفَاق الذَّهَب وَالْوَرق وَخير لكم من أَن تلقوا عَدوكُمْ فتضربوا أَعْنَاقهم ويضربوا أَعْنَاقكُم قَالُوا بلَى يَا رَسُول الله قَالَ ذكر الله تَعَالَى ) // إِسْنَاده صَحِيح // وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوف على أبي الدَّرْدَاء .

* قَالَ معَاذ بن جبل (مَا عمل آدَمِيّ عملا أنجى لَهُ من عَذَاب الله من ذكر الله) ..

وَذكر رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تبع لذكره .

* وَالْمَقْصُود أَن دوَام الذّكر سَبَب لدوام الْمحبَّة .. فالذكر للقلب كَالْمَاءِ للزَّرْع بل كَالْمَاءِ للسمك لَا حَيَاة لَهُ إِلَّا بِهِ .

جلاء الأفهام ص450-451

*********************************

..:: س34: هل كثرة ذكرك للصلاة على النبي لحبك الشديد للنبي يعتبر غلو وشرك بالله ؟ ::..

(ومعصية الكبائر لا تسقط عنك محبتك لله ورسوله)

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

* وإياك ووسواس الشيطان أن يأتيك ويقول لك كيف تكثر من الصلاة على النبي وتحب الرسول بقوة وتتعلق به قلبيا فإن هذا غلوا وشرك .. ؟!!

فقل له : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..

فالإيمان لا يكتمل إلا بصدق محبة الرسول فوق كل المخلوقات .. وكأن هذه المحبة قد تعلقت بالقلب لا تفارق المؤمن .. لقول النبي ( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) رواه البخاري ومسلم . 

* وهناك فرق عند أصحاب العقول والقلوب .. بين حب الله .. وهو الخالق .. وبين حب النبي .. وهو المخلوق ..!!

* والذي لا يفرق بين محبة الخالق والمخلوق فهو مختل العقل ، مطموس القلب بلا ريب .. لأنه مهما بلغت محبة القلب للنبي فهو حب إنساني وليس حب إلهي .. أفلا تعقلون أم على القلوب أقفال ..!!

* وحتى تتبين ضلال ما يقوله لك الشيطان .. فيكفيك قوله تعالى ( مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله ) النساء80  .. فإذا كانت طاعة الرسول هي طاعة الله .. أفلا يكون محبة الرسول هي محبة الله .. ؟!!

أفلا تعقلون ؟!!

2- وستجد من الإنس أعوان لهذا الفكر الشيطاني .. يقولون لك أن هذه المحبة فيها شرك .. وهذا كما فعل النصارى بعيسى ..؟!!

فقل له : كفى بالمرء ضلالا وشيطنة أن يكذب على النبي .. وكفى به خبثا وخسيسة نفسية أن يحجب كلامه الشريف ..!!

وإليك بيان الكذب والخبث في كلامه ..

* فحتى تعلم كذبه :

فاعلم يا مؤمن أن معنى الغلو والإطراء المذموم : هو أن تنسب للنبي صفة من صفات الألوهية ..!! ولذلك قال النبي (لا تُطْروني ، كما أطْرَتِ النصارى ابنَ مريمَ ، فإنما أنا عبدُه ، فقولوا : عبدُ اللهِ ورسولُه) رواه البخاري ..

* ومعنى (لا تطروني) : أي لا تمدحوني حتى تغلو في بما يضلكم سواء السبيل .. كما حدث مع النصارى حيث رفعه البعض لدرجه الألوهية والبعض جعله بن الله ..!! فسبحان الله عما يصفون .. وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ..!!

* فهل هناك مسلم ينسب للنبي صفة ألوهية ..؟!! أم أن هذه كذبة اخترعها جماعة الظلام .. وتلاعبوا بالحديث النبوي السابق تحريفا عن مقصده .. ليحرموا المسلمين محبة النبي بقوة في قلوبهم ..!!

* وحتى تعلم أنه خبيث النفس .. فهو لا يظهر هذه الأحاديث الآتية ولا يتكلم فيها .. لأنها ستفضح أمره لو قالها :

فقد قال النبي ( مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ) رواه مسلم ..

وفي رواية ( يوَدُّ أحدُهم أن يفتَدِيَ برُؤيتي أهلَه ومالَه ) رواه البزار .. راجع السلسلة الصحيحة للألباني برقم 3438.. ، وفي رواية ( يَوَدُّ أحدُهمْ لوِ اشْتَرَى رُؤْيَتِي بأهلِهِ و مالِهِ ) رواه الحاكم .. راجع الصحيحة للألباني برقم 1676 .

* وكذلك قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ فقد كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ( يَا رَسُولَ اللَّهِ، لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي ..، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ". فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: "فَإِنَّهُ الْآنَ ، وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي" .. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْآنَ يَا عُمَرُ) رواه البخاري.

* فبعد الذي جاءك من العلم .. فلا تجعل للشيطان إليك مدخلا .. وإياك وأعوان الشيطان من الإنس الجاحدين المطموسة قلوبهم لحب النبي .. فإنهم أشد تضليلا لك من شياطن الجن ..!!

* فإذا صادفك إنسان أو شيطان .. ينكر الإيمان المطلوب في محبة النبي بما ذكره النبي في الأحاديث السابقة .. وينزعج من حبك للنبي أكثر من نفسك والناس جميعا .. ويقول أن هذا شركا وغلوا .. فهذا شخص محجوب البصيرة والإيمان الصادق بكل تأكيد لأنه بذلك يُنكر كلام النبي .. ونخشى عليه سوء الخاتمة .. ونرجو له التوبة .. والله يتوب على من تاب .. !!

* فهؤلاء المطموسة قلوبهم المحجوبين عن حب النبي .. حالهم كحال الأعمى الذي فقد التمييز بين النور والظلمات .. وإلا ما كانوا ساووا بين قوة وغلبة محبة النبي والشرك بالله ..!!

* فاهجر هؤلاء المطموسة قلوبهم عن حب النبي حتى يتوبوا وينصلح إعوجاج قلوبهم في حبهم للنبي .. وقل لهم سلاما سلاما .. !!

* الشيء بالشيء يذكر :

* واعلم رحمك الله .. أن نفس الشيطان السابق وأعوانه من منهجهم هو تحقير المؤمن العاصي ..!!

فسيأتيك الشيطان ويقول لك حينما تعصي : أنت فعلت كبيرة من الكبائر مثل الزنا أو الخمر .. فيقول لك أنت لا تحب الله ورسوله وإلا ما كنت عصيت .. !!

* فقل له أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..

واعلم أنه كم من منافق يزعم الإيمان وحب الدين ويصلي ويصوم .. وهو خائن للمسلمين .. وكم من مؤمن يعصي وهو صادق الإيمان في عقيدته ..!!

* واعلم أن الذي يتهمك لعصيانك قائلا : (أنت لا تحب الله ورسوله وإلا ما كنت عصيت) .. فهو أحمق جاهل ..!! وإلا فليكشف لك عن حبه في قلبه .. وأنه ليس منافق وخاين للمسلمين ..!! وليقسم بالله أمامك أنه يحب الله ورسوله حبا قلبيا مستوليا عليه حتى أنه ما عصى الله ورسوله أبدا ..!!

وهيهات أن يثبت ذلك أو يقسم على ذلك ..!!

فبذلك تكون علمت فساد قوله وكذبه ..!!

* واعلم يا مؤمن أن النبي لم يسقط المحبة عن مؤمن قد ارتكب معصية كبيرة .. فعن عمر بن الخطاب قال ( أن رجلًا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان اسمُه عبدَ اللهِ ،  وكان يُضحِكُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدْ جلَدَه في الشَّرابِ ، فأُتيَ بهِ يومًا فأمَرَ بِهِ فجُلِدَ ، فقال رجلٌ مِنَ القَومِ : اللَّهُمَّ العَنْهُ ، ما أكثَرَ ما يُؤتَى بهِ ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( لا تَلْعَنُوه ، فواللهِ ما عَلِمْتُ إلَّا أنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه ) . رواه البخاري ..

* فحبك لله وللنبي لا تسقطه المعصية وإن كانت كبيرة من الكبائر .. فقد ينقص الإيمان بالمعصية .. ولكن الحب لله والرسول لا ينقص حتى وإن عصيت .. فاستعمل حبك هذا واستغله في الطاعة من جديد ..

* وقل بقوة حبك لله ورسوله التي فيك : يارب أعني على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك .. فلا حول ولا قوة لي إلا بك ..!!

*************************

..:: س35: يأتيك الشيطان قائلا : هل تصلي على النبي طلبا للأجر أم محبة للنبي ؟ ::..

(هكذا يحدثك الشيطان .. فإياك تلتفت لكلامه) ..!!

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

قد يوسوس لك الشيطان قائلا : كيف تصلي على النبي طلبا للأجر ودون أن تشعر بمحبته ؟ ألا تستحي ..!!

فقل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..

ولا تلتفت لكلام الشيطان .. واجتهد في الصلاة على النبي لأنها أمر من الله .. ولأن دليل الحب هو الاتباع ثم التمكين من القلب .. فكلاهما مقامين مختلفين .. والأول أنت تستطيعه .. والثاني بيد مقلب القلوب ..!! فافهم ..!!

* ابدأ طلبا للأجر حتى ولو لم تشعر بمحبة قلبية .. وذلك حتى تمحو ظلمات نفسك بكثرة الصلاة على النبي .. ثم ستشعر بعد ذلك بفترة أن المحبة تنضح في قلبك وكيانك .. وستجد نفسك تصلي على النبي حبا فيه .. دون البحث عن الأجر ..

* وحينما يغلب عليك ذكر الصلاة على النبي أو أي ذكر .. صدقني لو غلب عليك الذكر .. فلن تنتظر الأجر .. لأنك تكون في محبة .. والمحب لا يرجو سوى رضا محبوبه عليه .. فتكون بقلبك مع الله .. وتتركه يفعل بك ولك ما يريد وأنت راضي ..!! بل ولا تبالي أعطاك أم منعك .. لأنه قد كفاك أنه ساكن في قلبك وأغناك به عمن سواه ..!! فانتبه !!

************************************

..:: الفصل الحادي عشر ::..

الصلاة على النبي تكشف حقيقتك النفسية !!

***********************************

يتبع إن شاء الله

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..