ج14- تجربتي الروحية مع الصلاة - "جلسة التشهد" - حضرة الأنس بالله - ما دليل جلسة التشهد - شرح جلسة التشهد وتذوق لكاتب الرسالة أ/ خالد - تذوق للتشهد للإمام الفخر الرازي - تذوق لبعض التشهد للعارف بالله الشيخ العيدروس - رواية عن أصل التشهد (الله أعلم بصحتها) .

بسم الله الرحمن الرحيم

من رسائل التنبيهات في الطريق إلى الله

حتى لا تسقط نفسيا وتنحرف عن الطريق

(الرسالة الثالثة)

(تجربتي الروحية في تذوق الصلاة)

(6)

" الجزء الرابع "

* فهرس :

..:: الفصل الثامن عشر ::..

(متابعة شرح رمزية أفعال الصلاة "جلسة التشهد" )

1- حضرة الأنس بالله ؟

2- ما دليل جلسة التشهد ؟

3- شرح جلسة التشهد .. وتذوق لكاتب الرسالة أ/ خالد ؟

4- تذوق للتشهد للإمام الفخر الرازي رحمه الله ؟

5- تذوق لبعض التشهد للعارف بالله الشيخ العيدروس رحمه الله ؟

6- رواية عن أصل التشهد (الله أعلم بصحتها) ؟ 

******************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. التجربة الروحية الخاصة في تذوق أفعال الصلاة ..

* وهذه المرة مع ختام المقامات وهو مقام الإنس بالله في حضرة الله .. حتى تتذوق من معانية الطيبة ما يجعلك منشرح الصدر ومطمئن القلب ..

* ثم أتبعته ببعض المسائل التي قد يتسائلها عقلك .. (في جزء منفرد تالي .. إن شاء الله تعالى) .. 

* نبدأ بسم الله – توكلت على الله .

*******************************

..:: الفصل الثامن عشر ::..

(متابعة شرح رمزية أفعال الصلاة "جلسة التشهد" )

*****************************

..:: حضرة الأنس بالله ::..

* وهي حضرة الجلوس بين يدي الله في ختام الصلاة .. والتي نسميها جلسة التشهد .. لأنك المفروض تشهد فيها الله ورسوله بقلبك .. تشريفا وتكريما لك .. جزاء على طاعتك لله .. كيف ذلك ؟

هذا ما ستعرفه أثناء الموضوع .. إن شاء الله ..

* لكن ما دليل جلسة التشهد ؟

* فعن عبد الله بن مسعود قال ( كنا إذا قعدنا في الصلاةِ قلنا : السلامُ على اللهِ السلامُ علينا من ربِّنا السلامُ على جبريلَ وميكائيلَ السلامُ على فلانٍ السلامُ على فلانٍ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ : إن اللهَ هو السلامُ فإذا قعدتم في الصلاةِ فقولوا : التحياتُ للهِ والصلواتُ والطيباتُ السلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين .. (فإنه إذا قال ذلك أصابت كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماءِ والأرضِ) .. أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه ثم يتخيرُ من الكلامِ ما شاء ) رواه البخاري وأحمد .

* وهذا التشهد يستوجب عليه شرح .. حتى يتضح جماله وأنوار معانيه ..

********************************

..:: شرح جلسة التشهد .. وتذوق لكاتب الرسالة أ/ خالد ::..

* اعلم رحمك الله أنك في جلستك هذه تحمل معنى جليل جدا لا يدركه كثيرون .. وهو أنك في حضرة السلام .. يعني أنت آمن تماما بجلوسك هذا .. ولذلك سمح لك المولى بالجلوس كرامة لك .. وكأنه يقول لك تفضل آنس بحضرتي يا عبدي .. فأهلا بك وقد تجليت عليك بسلامي .. ولذلك أنت تقول تكريما للجناب الإلهي :

* كل التحيات التي تليق بجمال وجلال وكمال الله (والتي منها الأسماء الحسنى التي وصف بها نفسه) ..

* وكل الصلوات التعبدية والدعوات التوسليه والغوثية هي لله لأنه المستحق لها وحده ..

* وكل الطيبات من الأعمال والأقوال هي لله لأنه المستحق لها لأنه طيب ولا يقبل إلا طيب ..

* فإذا مدحت مولاك بما هو مستحق له .. كأن الحق سبحانه يوجِّهك للسلام على حبيبه الذي يجلس في حضرته النورانية لا يفارقها .. كما كان حاله في الدنيا يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه .. !!

* وكأنك تقول بسلامك على النبي :

أنعم الله باسمه السلام .. عليك أيها النبي بما هو مستحق لك من الله وبما يليق بك من الله إليك .. كما كنت سببا في وصولنا لمقام السلام هذا بين يدي الله .. !!

وأنعم الله عليك يا سيدي يا حبيب الله برحمة لا يَخُصُّ  بها أحد سواك ..!!

وبارك الله عليك يا سيدي يا حبيب الله ببركة لا يَخُصُّ بها أحد سوالك ..!!

* كأنك تقول : جزاك الله يا سيدي يا رسول الله خير الجزاء وأتم وأكمل الجزاء على ما فعلته معنا ..!!

* ملحوظة قد يشار إلى :

1- الرحمة : يشار بها لطلب كمال التزكية من كمال أنوار الأسماء والصفات ..

2- والبركة : يشار بها لزيادة الفضل في العطاء بلا حدود من الله ..

* ولما جاءت هذه الرحمة والبركة والسلام مبهمات دون توضيح لها .. فقد جعلتها كلها خصوصية عطاء مطلق من الله لنبيه بما لم يمنحه لأحد من العالمين في هذه الصفات الثلاثة (السلام والرحمة والبركة) بقدر كمال هذه الصفات عند الله ..!!

أي أمنحه يا ألله من كمال هذه الصفات الثلاثة بما تعلم من كمالها عندك وبما لم تمنحه لحد من العالمين من قبله ولا تمنحه لأحد من بعده ..!! آمين .

* ثم تجد نفسك تنتقل للسلام على نفسك وعلى عباد الله الصالحين .. تحية من الله السلام عليك وعلى عباده الصالحين .. لأنهم أهل حضرة السلام .. فتأدب بتكريمهم بأن تدعو لهم أيضا لأنهم أيضا يدعون لك.

* وإذا شهدت لله بالوحدانية ولرسوله بالشهادة .. كان حقا عليك أن تشكر من كان السبب في وصول هذا الفضل إليك وهو المنهج القرآني والسلوك النبوي .. فإنه (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) .. !!

* فكان حق عليك أن لا تنسى السبب الذي كان في وصولك لهذا التشريف الإلهي بالجلوس بين يديه سبحانه ..

وكأن الله يقول لك (ولا تنسوا الفضل بينكم) فاذكر حبيبي بما يليق به وادعو له بما هو أهله مسلما عليه .. وقل (اللهم صل على محمد ..).

* وهذا التشهد يظهر معه عدة مسائل .. حتى يتضح من مزيد جماله وأنوار معانيه ..

*******************************

..:: تذوق للتشهد للإمام الفخر الرازي رحمه الله ::..

* قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله :

فِي هَذَا الْمَقَامِ يَصْعَدُ نُورُ رُوحِكَ وَيَنْزِلُ نُورُ رُوحِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ فَيَتَلَاقَى الرُّوحَانِ، وَيَحْصُلُ هُنَاكَ الرُّوحُ وَالرَّاحَةُ وَالرَّيْحَانُ، فَلَا بُدَّ لِرُوحِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ مَحْمَدَةٍ وَتَحِيَّةٍ، فَقُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ» ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ لَكَ فَهَذِهِ الْخَيْرَاتُ وَالْبَرَكَاتُ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ وَجَدْتَهَا؟ وَبِأَيِّ طَرِيقٍ وَصَلْتَ إِلَيْهَا؟ فَقُلْ بِقَوْلِي: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقِيلَ لَكَ إِنَّ مُحَمَّدًا هُوَ الَّذِي هَدَاكَ إِلَيْهِ، فَأَيُّ شَيْءٍ هَدِيَّتُكَ لَهُ؟ فَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، فَقِيلَ لَكَ:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الَّذِي طَلَبَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْكَ مِثْلَ هَذَا الرَّسُولِ فَقَالَ: (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ) [الْبَقَرَةِ: 129] فَمَا جَزَاؤُكَ لَهُ ؟ فَقُلْ : كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، فَيُقَالُ لَكَ : فَكُلُّ هَذِهِ الْخَيْرَاتِ مِنْ مُحَمَّدٍ أَوْ مِنْ إِبْرَاهِيمَ أَوْ مِنَ اللَّهِ ؟ فَقُلْ: بَلْ مِنَ الْحَمِيدِ الْمَجِيدِ (إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).

التفسير الكبير ج1 ص233-236

* تعليق على كلام الفخر الرازي :

مقصوده من صعود روحك فهو مفهوم .. وهو ارتقاء روحك وكأنك في حضرة الله جالس ..

ونزول روح النبي .. هو نزول تشريف بك وضيافة لك لكونه نبيك ورسولك ..

*******************************

..:: تذوق لبعض التشهد للعارف بالله العيدروس رحمه الله ::..

* قال الشيخ الحسن بن صالح العيدروس رحمه الله :

* اصرف بصرك عن الأغيار إلى شهود الملك القهار .. وقل : ( أشهد أن لاإله إلا الله ) وحينئذ لا تشاهد في حضرته تعالى إلا " المصطفى " صلى الله عليه وسلم .. فتقول : ( وأشهد أن محمداً رسول الله )

* ثم تذكر أنه الواسطة لك في بلوغ هذه الحضرة .. فتطلب له الجزاء من الكريم العظيم .. الذي أنت في حضرته بقولك : ( اللهم صل على محمد ) ..

من كتيب صلاة المقربين

*******************************

..:: رواية عن أصل التشهد (الله أعلم بصحتها) ::..

* نقل الإمام القرطبي رحمه الله كلام في أصل التشهد وأنه كان ليلة المعراج .. فقال نقلا عن البعض :

لَمَّا صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبلغ في السموات فِي مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَمَعَهُ جِبْرِيلُ حَتَّى جَاوَزَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: إِنِّي لَمْ أُجَاوِزْ هَذَا الْمَوْضِعَ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالْمُجَاوَزَةِ أَحَدٌ هَذَا الْمَوْضِعَ غَيْرُكَ فَجَاوَزَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ الْمَوْضِعَ الَّذِي شَاءَ اللَّهُ ..

فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ بِأَنْ سَلِّمْ عَلَى رَبِّكَ .. ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ لِأُمَّتِهِ حَظٌّ فِي السَّلَامِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ واهل السموات كُلُّهُمْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أن محمدا عبده وَرَسُولُهُ.

تفسير القرطبي ج3 ص425

* فإذا علمت ما سبق من تذوقات .. فهذا أوان أن نذكر لك بعض المسائل التي قد تدور في عقلك أو تشغلك حين البحث عنها بمزيد من الحيرة .. وقد لا تجد لها إجابة ..!!

* وستجد سؤال رقم (6) فيه رد على بعض الأفكار الخاطئة التي يروج لها البعض في زماننا هذا .. سواء جهلا أو عمدا منهم .. ولكن تبقى الحقيقة أن ما ذكروه ما هو إلا مخالفة صريحة للحقيقة الدينية .. وأن ما استدل به ما كان يجب عليه ذلك .. لأنه مخالف لما عليه الأمة .. وسببا لحدوث فتنة .. إلا إن كان طالبا شهرة .. فنسأل الله له التوبة .. وأن يخرجه من جماعة الظلام .. إلى الحق والنور .. !! 

* ولا يخفى أن المخالف يكون بين ثلاثة احتمالات :

1- قد يكون طالب شهرة ..

2- أو طالب فتنة ..

3- أو طالب استظهار الحق من المسألة ..

وهذا أمر يعلمه الله من ضمير المخالفين .. وأرجو للجميع أن يكونوا من المستظهرين للحق .. حتى ولو اخطأوا ..!! 

والله أعلم بحقائق ضمائرهم .. !!

وهذا أوان عرض المسائل ..

*********************************

..:: الفصل التاسع عشر ::..

*********************************

مسألة (1)

..:: ما الحكمة من السلام على كل الصالحين ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

************************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..