ج15: تجربتي الروحية مع الصلاة - ما الحكمة من السلام على كل الصالحين - لماذا خص الله النبي بالسلام - لماذا قلنا (السلام عليك) ولم نقل (سلام عليك) - لماذا قلنا ( السلام عليك أيها النبي) ولم نقل (أيها الرسول) - لماذا أمرنا النبي أن نقول (السلام عليك أيها النبي) ولم يأمرنا أن نقول ( السلام على النبي) .

من رسائل التنبيهات في الطريق إلى الله

حتى لا تسقط نفسيا وتنحرف عن الطريق

(الرسالة الثالثة)

(تجربتي الروحية في تذوق الصلاة)

(7)

" الجزء الخامس "

* فهرس :

..:: الفصل التاسع عشر ::..

7- مسألة (1) : ما الحكمة من السلام على كل الصالحين ؟

8- مسألة (2) : لماذا خص الله النبي بالسلام ؟

9- مسألة (3) : لماذا قلنا (السلام عليك) ولم نقل (سلام عليك) ؟

10- مسألة (4) : لماذا قلنا ( السلام عليك أيها النبي) ولم نقل (أيها الرسول) ؟

11- مسألة (5) : لماذا أمرنا النبي أن نقول (السلام عليك أيها النبي) ولم يأمرنا أن نقول ( السلام على النبي) ؟ 

*****************************

* السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نستكمل مع بعض .. التجربة الروحية الخاصة في تذوق أفعال الصلاة ..

* هذا الجزء فيه إجابات على بعض المسائل التي قد تخطر على بالك .. أو تسألها لنفسك .. فيما يتعلق بتشهد الصلاة ..
ولهذه الأسئلة بقية إن شاء الله تعالى ..

* نبدأ بسم الله .. توكلت على الله ..

*********************************

..:: الفصل التاسع عشر ::..

*********************************

مسألة (1)

..:: ما الحكمة من السلام على كل الصالحين ؟ ::..

* لأن هذا السلام يصيب كل عبد صالح .. فهذه كرامة اختص بها الله الصالحين جزاء طاعتهم لمولاهم .. فجعل المؤمنين يدعون في صلاتهم للصالحين بأن ينعم الله عليهم بالسلام وذلك دعاء بظهر الغيب .. ويستجيب لهم الله بإذن الله .. كرامة لهؤلاء الصالحين في علاقتهم بالله ..

* فاحرص أن تكون صالحا قدر استطاعتك .. حتى يصيبك من دعوات المسلمين لك من كل مكان عند قولهم (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) .. فتكون من السالمين من فتنة الحياة والممات بإذن الله الكريم ..

* ودليل أن السلام يصيب الصالحين نجده من دعاء التشهد :

1- فعن عبد الله بن مسعود عن النبي قال ( إذا قعدتم في الصلاةِ فقولوا : التحياتُ للهِ والصلواتُ والطيباتُ السلامُ عليك أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه السلامُ علينا وعلى عبادِ اللهِ الصالحين .. (فإنه إذا قال ذلك أصابت كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماءِ والأرضِ) .. أشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه ثم يتخيرُ من الكلامِ ما شاء ) رواه البخاري .  

2- وفي رواية بن حبان (وقال أبو إسحاقَ في حديثِه عن عبدِ اللهِ: ( إذا قُلْتَها أصابت كلَّ عبدٍ مقرَّبٍ ونبيٍّ مرسَلٍ أو عبدٍ صالحٍ - أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأشهَدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه ) .. صحيح بن حبان

********************************

مسألة (2)

..:: لماذا خص الله النبي بالسلام ؟ ::..

1- وقد خصه بالسلام حتى تدرك أهمية وفضل وعلو شأن النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه ومولاه ..

2- وحتى تعلم أن له حق عليك يجب أن تؤديه بالأدب معه صلى الله عليه وسلم والدعاء له اعترافا بفضله عليك .

****************************

مسألة (3)

..:: لماذا قلنا (السلام عليك) ولم نقل (سلام عليك) ؟ ::..

* لأن سلام الله على النبي محقق من الله بالفعل بدليل قوله تعالى ( وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ) الصافات181 .. وقوله ( وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) النمل59 ..

* ولكن طلبنا السلام للنبي .. وكأنك تقول : أنعم الله عليك يا نبي الله باسمه السلام .. بكل ما يحمل اسم الله السلام من تجليات ومعاني ظاهره وباطنة .. حتى لا يبقى نور من اسمه السلام إلا وقد كساك به سبحانه .. !!

******************************

مسألة (4)

..:: لماذا قلنا ( السلام عليك أيها النبي) ولم نقل (أيها الرسول) ؟ ::..

لأحد أسباب :

1- كونه النبي الأمي : قلنا السلام على النبي .. تعريفا بفضله الأول المستحق له من الله وهو انه النبي الأمي الواجب اتباعه .. وقلنا أن من معاني الأمي بمعنى الأصل أو الإمام الواجب اتباعه وعدم مفارقته .. ولذلك قال تعالى  ( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ) آل عمران81  ..

* وفي هذه الآية دلالة على أن الله أخذ الميثاق على كل نبي أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ويسري هذا الميثاق على متبعي هؤلاء الأنبياء أيضا .

2- أن سلامنا عليه باعتبار عالم الأرواح .. حيث أنه لا منهج رسالة يعيش فيها الرسول .. وإنما نخاطبه روحيا .. فناسب ذلك حضرة الأرواح .. بما هو مستحق له حيث أنه كان نبيا من الأزل ..

* فقد استوضح الصحابة أمر نبوة النبي الكريم .. كما جاء في الحديث : ( قالوا : يا رسولَ اللهِ مَتى وجَبت لكَ النُّبوَّةُ ؟ قال : وآدمُ بين الرُّوحِ والجسَدِ ) .. أخرجه الترمذي بسند صحيح .

3- مراعاة الترتيب الزمني : أي سبب ذكر النبوة أولا هو مراعاة الترتيب الزمني .. حيث أن الله أثبت له النبوة أولا في الأزل كما أوضحنا .. ثم أثبت له الرسالة في ختام التشهد (وأشهد أن محمد عبده ورسوله) ..!!

فتكون بذلك أثبت حق النبي أزلا وأبدا .. وعرفت شرفه ومكانته عند سيده مولاه .. حتى تلتزم الأدب معه في كل حياتك ..!!

******************************

مسألة (5)

..:: لماذا أمرنا النبي أن نقول (السلام عليك أيها النبي) ولم يأمرنا أن نقول ( السلام على النبي) ؟ ::..

* كان الأصل أن يقال : السلام على النبي .. حتى يكون الكلام كله بصيغة الغائب .. ولكنه انتقل من الغيبة إلى الحضور عند السلام على النبي ثم العودة مرة أخرى للحديث بصيغة الغائب ..!!

ولهذا سبب وجيه :

وهو أنك لما تأدبت مع الله بما هو مستحق له .. فيفتح الله قلبك لاستحضار صاحب الفضل عليك فيما وصلت إليه .. فتخاطبه بقلبك .. وجعل الخطاب بصيغة الحضور لأن السلام يبلغ النبي لحظيا وقت سلامك عليه .. فسلامك يصل إليه صلى الله عليه وسلم بدليل قول النبي : (إنَّ للهِ ملائكةً سيَّاحينَ في الأرضِ يُبلِّغوني عن أُمَّتي السَّلامَ) رواه النسائي وبن حبان صحيحا .. ولا يخفى عليك حياته في قبره الشريف وقت سلامك عليه بدليل قول النبي (ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحي حتَّى أردَّ علَيهِ السَّلامَ) .. رواده أبو داوود وأحمد بسند صحيح .

* فتأدب في سلامك إليه وأنت مستحضرا له بقلبك متصورا له أنه ناظرا إليك ومستمعا لك .. حتى يصل سلامك إليه بصورة يحبها النبي .. وقد يكرمك الله بسماع رد السلام عليك من النبي .. ولا مانع من ذلك .. ومن يقل بالمنع فقد جحد كرامة الله على عباده .. ولا يقول بذلك إلا مخرف أو جاهل أو محجوب أو مطموس أي معدوم البصيرة  أو ممسوس بشيطان يزين له عمله ..!!

* فالذي أبلغ السلام للنبي (وهو الله عن طريق ملائكته) .. ما الذي يمنعه (أي يمنع الله) أن يرد السلام على قائله مرة أخرى (عن طريق ملائكته) فيسمع المؤمن سلام النبي بقلبه أيضا .. وذلك كرامة للنبي مرة أخرى أو للمؤمن الصالح ..!!

* ولذلك بعض العارفين كان يجلس في تشهده .. وحينما يصل للسلام على النبي يتوقف قليلا .. حتى يسمع سلام النبي عليه .. وكان إذا لم يسمع رد السلام عليه كان يعد نفسه أنه فعل خطيئه .. مما حجبه الله بذلك عن كرامة سماع رد سلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلبه .. !!   

* ولا تلتفت لقلوب عمياء حكمت على قدرة الله بأهوائها .. حتى حجبوا كرامة الله عن عباده أن ممكن يسمعون رد سلام النبي .. وقالوا هذه أمور لا تحدث .. حتى أنهم بذلك ساووا بين المحبوب والمحجوب في رد السلام من النبي على أمته .. فجعلوا كل الأمة محجوبة مثلهم .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..!!

* ويكفيك في هؤلاء قوله تعالى ( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ ) النور40 ..
(وراجع ما ذكرناه في رسالة "شرح الصلاة والسلام على النبي")

* قال الشيخ بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ) :

مَا الْحِكْمَة فِي الْعُدُول عَن الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب فِي قَوْله " عَلَيْك أَيهَا النَّبِي " مَعَ أَن لفظ الْغَيْبَة هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ السِّيَاق كَأَن يَقُول السَّلَام على النَّبِي فَينْتَقل من تَحِيَّة الله إِلَى تَحِيَّة النَّبِي ثمَّ إِلَى تَحِيَّة النَّفس ثمَّ إِلَى تَحِيَّة الصَّالِحين .

* (قلت) أجَاب الطَّيِّبِيّ بِمَا محصله :

1- نَحن نتبع لفظ الرَّسُول بِعَيْنِه الَّذِي علمه للصحابة ..

2- وَيحْتَمل أَن يُقَال على طَريقَة أهل الْعرْفَان : أَن الْمُصَلِّين لما استفتحوا بَاب الملكوت بالتحيات أذِنَ لَهُم بِالدُّخُولِ فِي حَرِم الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت فقرت أَعينهم بالمناجاة فنبهوا على أَن ذَلِك بِوَاسِطَة نَبِي الرَّحْمَة وبركة مُتَابَعَته فَإِذا التفتوا فَإِذا الحبيب فِي حرم الحبيب حَاضر فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ قائلين (السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته) .

عمدة القاري ج6 ص111

*******************************

مسألة (6)

..:: قال البعض لا يجوز أن تقول السلام عليك أيها النبي بعد وفاته ؟ ::..

فهل هذا كلام صحيح ؟!

يتبع إن شاء الله تعالى

******************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات .