ج2: رسالة البينة في حكمة أحزاب المدونة - كيفية قراءة الحزب الكبير - ما هي الحكمة في ترتيب الحزب الكبير - هل يجوز اهداء ثواب قراءة الفاتحة للنبي ولغيره من المسلمين - هل النبي في حاجة لإهداء الثواب - كيف يصل ثواب ذلك والله يقول (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) .

:: رسالة البَيِّنه ::

- في حِكمَة ترتيب أحزاب المدونة -

:: مع توضيح فضائل الآيات والأدعية والأذكار ::

:: مع تخريج أحاديث الأحزاب الثلاثة ::

:: مع تعليقات مهمة على بعض أدعية الأحزاب ::

(الجزء الثاني)

* فهرس :

..:: الفصل الرابع ::.. الحكمة في ترتيب الأحزاب ::

1- س6: كيفية قراءة الحزب الكبير ؟

2- س7: ما هي الحكمة في ترتيب الحزب الكبير هكذا ؟

..:: مسائل على الحزب الكبير ::..

3- س8: هل يجوز اهداء ثواب قراءة الفاتحة للنبي ؟

4- س9: كيف يصل ثواب ذلك والله يقول (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) النجم39 ؟

5- س10: هل النبي في حاجة لإهداء الثواب ؟
6- س11: هل هذا الدعاء لا يصح الدعاء به (لا أسألك رد القضاء) ؟ 

7- أشهر الكتب التي خصصت مسألة وصول ثواب العبادات للأموات ؟

******************************

..:: الفصل الرابع ::..

:: الحكمة في ترتيب الحزب الكبير ومناقشة مسائله ::

**************************

..:: س6: كيفية قراءة الحزب الكبير ؟ ::..

1- هذا الحزب يقرأ صباحا بعد صلاة الفجر وأذكار ما بعد الصلاة .. ويقرأ قبل الحزب الصغير .. ويكون بصوت مسموع (متوسط) قدر المستطاع .. فإن لم تستطع فاقرأه بصوت خافت طالما الظروف لا تسمح بصوت مسموع .. 

- والحكمة من القراءة بصوت مسموع لأنه يبعث في النفس نشاط ويعطيك عزيمة ويدفع عنك الكسل والخمول ..

2- تكون متوضيء قدر الاستطاعة ومتوجها للقبلة (أدبا منك لا وجوبا) .. ولا حرج على المعذور ..

3- نيتك تكون ابتغاء مرضاة الله والقرب منه سبحانه .. واتباع النبي في أذكاره المكتوبة ..

4- اقرأ الفاتحة للنبي (حبا منك وليس وجوبا عليك فعله) .. من باب الإعتراف بالفضل لمن كان سبب في ذكرك لله ..

* وبعد ذلك ابدأ في قراءة الحزب ..

**************************

..:: س7: ما هي الحكمة في ترتيب الحزب الكبير هكذا ؟ ::..

1- ابدأ في الإستعاذة بالله لكي يعيذك من الشيطان .. فلا يفسد عليك ذكر الله .. ثم اقرأ البسملة مستعينا باسم الله للتوفيق والبركة في قراءة ما تقرأه ..

2- يبدأ الحزب ببعض الآيات والسور التي لها فضائل .. ويكفي أنها قرآن .. وحالك أثناء قرائتها أو نيتك هي أن تكون .. أنك تسأل الله من فضل ما تقرأ من القرآن ..

3- ثم تنتقل متوجها إلى الله معترفا بالنقص والتقصير طالبا للغفران حتى يغسلك من معاصيك ويسمح لك بالقبول والدخول لحضرته .. فترجوه من فضله لما ينفعك في صباحك ومساءك ..

4- ولذلك تنتقل بعده للتوحيد .. تمجيدا واعتراف لله بأنه المستحق وحده للعبادة وكأنك تتعطر بأذكار التوحيد لتثبت في حضرته سبحانه ..

5- ثم تنتقل مرة أخرى للحمد .. شاكرا لله على إكرامه لك في الحياة وأنه أنعم عليك بذكره وشكره وحُسن عبادته ..

6- ثم ترجع للتوحيد تمجيدا لله معترفا له بالتصريف الكامل في الوجود ولا مدبرا له غيره ..

7- ثم تختم بالتسبيح .. معترفا له بالكمال في التدبير وأنه لا يصدر عنه نقصا أبدا وأنك من الشاهدين على ذلك ..

8- فإذا ختمت الجزء الأول من الحزب (حتى رقم52) .. والتزمت بأداب التوجه إلى الله .. فاطلب من الله التأييد في القلب بالثبات والرضا والتسليم الدائم له سبحانه حتى ينعم عليك بالقلب السليم ويختم لك بخاتمه السعادة مع النبيين والشهداء والصالحين .. وحسن أولئك رفيقا .. ويمتعك برؤية وجهه الكريم ..

9- ثم لا تكن لئيم الطبع واعترف بالفضل لأهل الفضل وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه صاحب الفضل عليك في كل الخير الواصل إليك .. فاهدي إليه قراءة سورة الفاتحة ولأهل بيته وصحابته .. وصلي عليه وعلى آله ..

10- ثم اختم حزبك بمناجاة الله في قلبك .. حتى تتحرر من أصنام جاهلية طبعك الذي تربيت عليها من أن الله ينظر للذكر المسموع فقط .. فتحرر من جاهليتك موقنا بأنه سميع بصير عليم بما في الصدور حتى تكون كأنك ختمت جلستك بالنور في قلبك وغسلته من أوحال جاهليتك ..!!

************************

..:: مسائل على الحزب الكبير ::..

********************

(المسألة الأولى)

..:: س8: هل يجوز اهداء ثواب قراءة الفاتحة للنبي ؟ ::..

- في بداية وخاتمة قراءة الحزب .. قلت باهداء ثواب الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم .. أو ثواب قراءه القرآن لأي مسلم .. فهو أمر جائز عند غالب الأئمة رضوان الله عليهم .. وأحسب أنه لم يخالف في هذا إلا من جانبه الصواب والتوفيق .. !!

- ونقرأ الفاتحة للنبي من باب الهدية حبا له صلى الله عليه وسلم لأنه صاحب فضل عليك ، وأكرم ما تهاديه به كلام الله .. ثم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ..!!

- فإن وجدت في نفسك غضاضة من قراءة الفاتحة له (بسبب كلام جماعة الظلام) .. فبنفس المنطق لا تقرأ من القرآن شيئا لأي ميت من أموات المسلمين ..!! أم أن هذا الحكم أوقفته فقط على النبي صلى الله عليه وسلم ..؟!!

- وعموما فإن قراءة الفاتحة للنبي .. هذا أمر اختياري منك وليس هو واجبا ولا مندوبا .. وإنما هو حبا للنبي صلى الله عليه وسلم .. ويمكنك أن تصلي عليه بدلا من قراءة الفاتحة لو وجدت في نفسك غضاضة ..!! ويمكنك أيضا أن لا تقرأ فاتحة ولا تصلي عليه .. وابدأ بالاستعاذة مباشرة واقرأ اذكارك ..

- وقال بن القيم رحمه الله في كتاب الروح ص117:

وَاخْتلفُوا فِي الْعِبَادَة الْبَدَنِيَّة كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَالذكر فمذهب الإِمَام أَحْمد وَجُمْهُور السّلف وصولها وَهُوَ قَول بعض أَصْحَاب أَبى حنيفَة

- ثم قال ص142 في ذات الكتاب :

وَبِالْجُمْلَةِ فأفضل مَا يهدى إِلَى الْمَيِّت الْعتْق وَالصَّدَقَة وَالِاسْتِغْفَار لَهُ وَالدُّعَاء لَهُ وَالْحج عَنهُ ..

وَأما قِرَاءَة الْقُرْآن وإهداؤها لَهُ تَطَوّعا بِغَيْر أُجْرَة فَهَذَا يصل إِلَيْهِ كَمَا يصل ثَوَاب الصَّوْم وَالْحج ..

* وقال الإمام بن تيمية رحمه الله :

- وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصدقة على الميت، وأمر أن يصام عنه الصوم، فالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة، وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم.

- وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء: إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين.

- كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.

- فإذا أهدي لميت ثواب صيام أو صلاة أو قراءة جاز ذلك ..

- وأكثر أصحاب مالك والشافعي يقولون: إنما شرع ذلك في العبادات المالية.

- ومع هذا لم يكن من عادة السلف إذا صلوا تطوعاً وصاموا وحجوا أو قرأوا القرآن، يهدون ثواب ذلك لموتاهم المسلمين، ولا بخصوصهم، بل كان عادتهم كما تقدم- أي فعل العبادة لأنفسهم مع الدعاء والصدقة للميت- فلا ينبغي للناس أن يبدلوا طريق السلف، فإنه أفضل وأكمل)

الفتاوى الكبرى ج 3 ص 37

***********************

(تابع المسألة الأولى)

..:: س9: كيف يصل ثواب ذلك .. والله يقول (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) النجم39 ؟ ::..

- قلت لك : ليس له ما سعى من باب العدل .. وإنما من باب الفضل فلا حد لفضل الله .. وقد جاءت بهذا السنة الشريفة أن الإنسان الميت ينتفع بعمل غيره .. وعلى هذا الرأي أهل السنة والجماعة ..

- وإليك رأي الشيخ بن تيميه رحمه الله :

- من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلاَّ بعمله فقد خرق الإجماع، وذلك باطل من وجوه كثيرة:

أحدها: أن الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير.

ثانيها: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها.

ثالثها: لأهل الكبائر في الخروج من النار، وهذا انتفاع بسعي الغير.

رابعها: أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض، وذلك منفعة بعمل الغير.

خامسها: أن الله تعالى يُخرِج من النار من لم يعمل خيرًا قط بمحض رحمته، وهذا انتفاع بغير عملهم.

سادسها: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.

سابعها: قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) الكهف82 ..، فانتفعا بصلاح أبيهما وليس من سعيهما.

ثامنها: أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع، وهو من عمل الغير.

تاسعها: أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة، وهو انتفاع بعمل الغير.

عاشرها: أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة، وهو انتفاع بعمل الغير.

حادي عشرها: المدين قد امتنع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الصلاة عليه حتى قَضى دينَه أبو قتادة ، وقضى دينَ الآخر عليُّ بن أبي طالب، وانتفع بصلاة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو من عمل الغير.

ثاني عشرها: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لمن صلى وحده: "ألا رجلٌ يتصدق على هذا فيصلي معه" صحيح بن حبان ..، فقد حصل له فضلُ الجماعة بفعل الغير.

ثالث عشرها: أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه، وذلك انتفاع بعمل الغير.

رابع عشرها: أن من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها سقطت عنه، وهذا انتفاع بعمل الغير.

خامس عشرها: أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات كما جاء في الأثر، وهذا انتفاع بعمل الغير.

سادس عشرها: أن جليس أهل الذكر يرحم بهم، وهو لم يكن منهم، ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له، والأعمال بالنيات، فقد انتفع بعمل غيره.

سابع عشرها: الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه، وهو عمل غيره.

ثامن عشرها: أن الجمعة تحصل باجتماع العدد وكذلك الجماعة بكثرة العدد، وهو انتفاع للبعض بالبعض.

تاسع عشرها: أن الله تعالى قال لنبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) الأنفال33 ..، وقال تعالى: (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ) الفتح25 ..، وقال تعالى: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) البقرة251.

فقد رفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض، وذلك انتفاع بعمل الغير.

عشروها: أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يَمونُه الرجل، فإنه ينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي له فيها.

حادي عشريها: أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون، ويثاب على ذلك ولا سعيَ له.

- ومن تأمل العلم وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يُحصى، فكيف يجوز أن نتأول الآية الكريمة على خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة؟

جامع المسائل لابن تيمية ج5 ص205-207

- تعليق على رقم 15 من كلام الشيخ بن تيمية :

- لعل مقصد قول بن تيمية في قوله"أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات" .. هو ما أشار إليه الحديث .. عن نافع بن عبد الحارث عن النبي قال (من سعادةِ المرءِ المسكنُ الواسعُ ، و الجارُ الصالحُ ، و المركبُ الهنيءُ) صحيح الادب المفرد ..

- والجار الصالح : هو الذي لا يؤذي جاره ويكون في عونه ..

- ولفظ الجار يشمل عموم الجار سواء كان جارك في العمل أو المنزل أو التعليم ..  والله أعلم .

- ففي الحياة الجار الصالح لا يؤذيك ويكون عون لك .. وفي موتك يدعو لك مستغفرا ويجتهد في ذلك ويجود بفعل الطاعات لك كالصدقة أو العمرة أو قراءة قرآن أو غير ذلك .. لأن هذا شيم الصالحين ..

**************************

..:: من الكتب المؤلفة في مسألة انتفاع الموتى بعمل الأحياء ::..

- ومن الكتب المؤلفه في مسألة انتفاع الموتى بقراءة القرآن وغيرها من الطاعات :

1- القراءة على القبور" من كتاب "الجامع" – لأبي بكر الخلال الحنبلي المتوفى سنة311 هجري .

2- هدية الأحياء للأموات، وما يصل إليهم من النفع والثواب على ممر الأوقات – للإمام على بن يوسف الهكاري المالكي المتوفى 489 هجري .

3- الصلات من الأحياء إلى الأموات – الحافظ عبد الغني النابلسي المتوفى سنة 600 هجري .

4- انتفاع الأموات بإهداء التلاوات والصدقات وسائر القربات – للشيخ بن البرني الحنبلي المتوفي 622 هجري .

5- اهداء القرب لساكني الترب – للحافظ سيف الدين عبد الغني بن محمد بن القاسم بن تيمية الحراني الحنبلي المتوفى 639 هجري .. (وهو جد الإمام بن تيميه) ..

5- التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة – للإمام القرطبي المالكي المتوفى 671 هجري .

6- الكلام على وصول القراءة للميت – للإمام شمس الدين بن سرور المقدسي الحنبلي المتوفى 676 هجري .

7- نفحات النسمات، في وصول إهداء الثواب للأموات -  للإمام شهاب الدين أبو العباس بن عبد الغني  السروجي الحنفي المتوفى 701 هجري .

8- رفع الأصوات في نفع الأموات – لزين الدين سريجا بن محمد الملطي المتوفى 788 هجري .

9- الرحمات الواصلة إلى الأموات – للإمام ابي المعالي محمد بن ابراهيم المناوي المتوفى 804 هجري.

10- القول بالإحسان العميم في انتفاع الميت بالقرآن العظيم – للإمام محمد بن علي بن القطان العسقلاني الشافعي المتوفى 813 هجري .

11- الكواكب النيرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموات – للشيخ سعد الدين بن محمد الديري المتوفى 867 هجري .

12- قُرَّة العَيْن بالمسرة الحاصلة بالثواب للميت والأبوين – للحافظ السخاوي الشافعي المتوفى 902 هجري .

13- شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور - للحافظ السيوطي الشافعي المتوفى 911 هجري .

14- إسعاف المؤمنين والمؤمنات بجواز القراءة ووصول ثوابها للأموات – تأليف الشيخ محمد التباني المالكي المتوفى 1390 هجري .

15- توضيح البيان لوصول ثواب القرآن - والحافظ السيد عبد الله بن الصِّدِّيق الغماري المتوفى 1413 هجري .

*****************************

(تابع المسألة الأولى)

..:: س10: هل النبي في حاجة لإهداء الثواب ؟ ::..

* وقد يقول قائل : وهل النبي في حاجة للثواب .. طالما الثواب له مثل أجر عامله في كل الأحوال .. فما فائدة إهداء الثواب حينئذ ؟

- الجواب :

- وهل هناك مانع يمنع قول ذلك ؟ أو له مخالف من الشرع ؟!

فليأت به من يزعم ذلك ..

- وقد قلنا كثيرا أن من يقل أن هذا ليس فعل السلف .. فهو البليد في الإستدلال ، الجاهل بأدلة ثبوت الأحكام ..!!

- وترك الشيء لا يدل على تحريمه .. وإلا قلنا أن المعدوم موجود .. ولا يقول بهذا عاقل ..!!

- ورحم الله الإمام بن القيم حينما قال للمعترض على وصول ثواب القرآن للموتى : "وَالْقَائِل إن أحدا من السّلف لم يفعل ذَلِك قَائِل مَالا علم لَهُ بِهِ ، فَإِن هَذِه شَهَادَة على نفي مَا لم يعمله ، فَمَا يدريه أَن السّلف كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك ، وَلَا يشْهدُونَ من حضرهم عَلَيْهِ"

الروح ص143

- فضلا عن أنه لم ينقل عن السلف معارض لهذا ..!! بل عموم السلف وجمهور الأمة على جواز قراءة القرآن للموتى وانتفاعهم بثواب ذلك .. !!

- ولا مزيد على ما سبق .. لأن هذه الرسالة مختصر مفيد دون قيل وقال .. أي دون تفصيل ..!!

- ولكن أود الإشارة فقط لثلاثة نقاط :

الأولى : هل النبي في حاجة إلى صلاتنا عليه ؟

الثانية : هل النبي في حاجة من طلب السلام عليه ؟

الثالثة: هل لو امتنعنا عن دعائنا له (اللهم آته الوسيلة والفضيلة) .. فهل امتناعنا عن ذلك سيمنع عنه الوسيلة والفضيلة ؟

- بالتأكيد الإجابة .. لا ..

- فمن الذي يمنع فضل الله عن عباده .. ولماذا عباده يمتنعون عن مزيد فضله .. فهل هناك عقل يقبل بهذا ..؟!!

وعن أبي هريرة عن النبي قال (أُمطِر على أيُّوبَ فراشٌ مِن ذهَبٍ فجعَل يأخُذُه فأوحى اللهُ إليه : ألم أُوسِّعْ عليك ؟ فقال : بلى يا ربِّ ولكنْ لا غِنى لي عن فضلِك) صحيح بن حبان – وقال الأرنؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخين .

- فاهداء الثواب من المسلم للنبي .. بالرغم من وصول الثواب أصلا للنبي من فعل المسلم لأنه الدال عليه .. فهو كحال الوضوء على وضوء .. فإنه نور على نور .. وكذلك إهداء الثواب هو مزيد أجر على أجر ..!!

- وإلا فليمتنع صاحب السؤال .. من الصلاة والسلام على النبي .. وليتوقف عن طلب الوسيلة والفضيلة له صلى الله عليه وسلم .. لأن في هذا مزيد من الفضل له والاجر والكرامة .. والنبي ليس في حاجة إليه كما زعم صاحب السؤال .. !!

- فإذا قلت : جاء الدليل على ذلك وورد الأمر بهذا ..

- قلت لك : وهل جاء النهي عن إهداء الثواب والزجر على فاعل ذلك ؟

وهل الأموات لا ينتفعون بفعل الأحياء ؟

أفلا تعقلون ..!!

- وأخيرا : فإن الدعاء للميت بالإستغفار وغيره جائز .. والفاتحة ما هي إلا دعاء إلى الله .. فأي اعتراض لهذا السائل ..!!

- ربنا يهدي ..!!

****************************

..:: س11: هل هذا الدعاء لا يصح الدعاء به (لا أسألك رد القضاء) ؟ ::..

- يوجد دعاء في الحزب الكبير برقم 84 .. وهو (اللهم لا أسألك رَدَّ القضآء .. ولكن أسألك اللطف فيه) .. وقد راسلني البعض مستوضحا ما قرأه لبعض من ينسب نفسه للإفتاء أن دعاء (اللهم لا أسألك رَدَّ القضآء .. ولكن أسألك اللطف فيه) .. هو بدعة ومخالف للعقيدة ..!!

- الجواب:

- أخي السائل :

لعل هذا المفتي لم ينتبه لما سأذكره لك ..

أولا: الدعاء ليس ببدعة في دين المسلمين ..

ثانيا : هذا الدعاء ليس فيه شيء مخالف للعقيدة .. بل هو أدب مع الله في قضاءه المبرم (الذي ينفذ) مثل المرض النازل بنا .. ونرجو من الله أن يلطف بنا بفضله ورحمته فيما جرت به المقادير .. وهو مأخوذ استنباطا من قوله تعالى (وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد41 .. ومعنى "لا معقب" .. أي لا راد لحكمه ..

- فلماذا لم يعترض المعترض على كلام الله ..؟!!

- وأيضا مستنبط من المغيرة بن شعبة حيث قال (إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا رَادَّ لِمَا قَضَيْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ») رواه البيهقي في الشعب بلفظه .. ورواه الطبراني في الكبير والدعاء ، وروي في مسند عبد بن حميد - بسند صحيح ..

- وقال الحافظ بن حجر العسقلاني في الفتح (11/530): أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْهُ وَذَكَرْتُ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ طَرِيقًا أُخْرَى هُنَاكَ وَكَذَا رُوِّينَاهَا فِي فَوَائِدِ أَبِي سَعْدٍ الكنجرودي .. وقال الحافظ في "نتائج الأفكار 2/ 259" بعد أن ساق هذه الرواية بسنده إلى الطبرانيّ .. قال: قال شيخنا -يعني الحافظ العراقيّ-: هذا حديث صحيح، ورجاله ثقات ..

- وذكره الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة ص705 : وقال : أخرجها الطبراني بسند صحيح ..
  

- ورواه البخاري ومسلم بدون (لا راد لما قضيت) ..

- ودعاء (لا راد لما قضيت) .. ما هو إلا استنباطا من قوله تعالى (لا معقب لحكمه) ..!!

- فلماذا لم يعترض المفتي على دعاء النبي (اللهمَّ لا مانعَ لمَّا أعطَيْتَ ولا مُعْطِيَ لِما منَعْتَ ولا رادَّ لِما قضَيْتَ) ..؟!!

* ومستنبط من حديث النبي حيث قال :(إنَّ اللَّهَ زَوَى لي الأرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشارِقَها ومَغارِبَها، وإنَّ أُمَّتي سَيَبْلُغُ مُلْكُها ما زُوِيَ لي مِنْها، وأُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ، وإنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتي أنْ لا يُهْلِكَها بسَنَةٍ عامَّةٍ، وأَنْ لا يُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وإنَّ رَبِّي قالَ: يا مُحَمَّدُ إنِّي إذا قَضَيْتُ قَضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ، وإنِّي أعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أنْ لا أُهْلِكَهُمْ بسَنَةٍ عامَّةٍ، وأَنْ لا أُسَلِّطَ عليهم عَدُوًّا مِن سِوَى أنْفُسِهِمْ، يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، ولَوِ اجْتَمع عليهم مَن بأَقْطارِها، أوْ قالَ مَن بيْنَ أقْطارِها، حتَّى يَكونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، ويَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا) صحيح مسلم وأبي داوود ..

- فلماذا لم يعترض المفتى على قول الله لنبيه في الحديث : (إذا قَضَيْتُ قَضاءً فإنَّه لا يُرَدُّ)

- وأيضا الدعاء مستنبط من فهم هذا الحديث ( قال رجلٌ يا رسولَ اللهِ أنعملُ فيما جرتْ به المقاديرُ وجفَّ به القلمُ أو شيءٌ نَأْتَنِفُهُ قال بَلْ بما جَرَتْ بِهِ المقاديرُ وجفَّ بِهِ القلَمُ) رواه الطبراني .. وقال الهيثمي : رجاله ثقات ...!!

- وكذلك نجد الأدب مع القدر في حديث النبي: (ما أصاب عبدًا قط همٌّ ولا غمٌّ ولا حزنٌ فقال اللهم إني عبدُك ابنُ عبدِك ابنُ أمتِك ناصيتي بيدِك ماضٍ فيّ حكمُك عدلٌ فيّ قضاؤُك أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أو أنزلتَه في كتابِك أو علمتَه أحدًا من خلقِك أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندك أن تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حزني وذهابَ همِّي وغمِّي إلا أذهب اللهُ همَّه وغمَّه وأبدله مكانه فرحًا قالوا يا رسولَ اللهِ أفلا نتعلمُهن قال بلى ينبغي لمن يسمعُهن أن يتعلمَهن) ..

- وفي الحديث : (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ علَّمَها هذا الدُّعاءَ : اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ ، وأعوذُ بِكَ منَ الشَّرِّ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ من خيرِ ما سألَكَ عبدُكَ ونبيُّكَ ، وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عاذَ بِهِ عبدُكَ ونبيُّكَ ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ وما قرَّبَ إليها من قَولٍ أو عملٍ ، وأعوذُ بِكَ منَ النَّارِ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ ، وأسألُكَ أن تجعلَ كلَّ قَضاءٍ قضيتَهُ لي خيرًا) ..

- فهذا الجزء من الحديث : (وأسألُكَ أن تجعلَ كلَّ قَضاءٍ قضيتَهُ لي خيرًا) .. فهو رجاء من الله باللطف في القضاء ..!!

* أما عن قول المفتي أن الدعاء لا يصح لأننا لا نطلب رد القضاء .. والحديث قال (الدعاء يرد القدر) .. فلعل المفتي لا يعلم أن الحديث ضعيف بكل طرقه حتى لو ارتقى للحسن بشواهده فلا يصح العمل به في العقائد .. عند اكثر أهل العلم .. !!

- ولعل المفتي لم ينتبه .. أن الحديث على افتراض تحسينه كما ذهب البعض .. فليس فيه أمر بوجوب الدعاء برد القضاء ..!!

- ولعل المفتي لم ينتبه .. أن المقصود بالقضاء في الدعاء محل المسألة هو الحكم الإلهي النافذ .. !!

فهل أحد يستطيع رد حكم الله النافذ ..!!

فإن قال : نعم .. فهو يكون أثبت أنه ليس من المؤمنين .. لأنه يكون أنكر القرآن (وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد41 ..

وإن قال : لا .. فهو يكون قد شهد على نفسه أن فتواه باطلة ..!!

- فأين البدعة في الدعاء .. وأين مخالفة الدعاء للعقيدة ..؟!

والله أعلم بالصواب .

- وبهذا يكون ختام التعليق على الحزب الكبير ومسائله .. ويتبقى تخريج أسانيد دعواته كاملا .. وسيأتي ذلك بعد التعليق على الحزب الصغير إن شاء الله تعالى .

******************************

..:: الفصل الخامس ::..

:: الحكمة في ترتيب الحزب الصغير ومناقشة مسائله ::

**************************

..:: س12: ما هي نيتك في تعبدك بالحزب الصغير ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

**********************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..