ج15: رسالة علم الرقية الشرعية - ما معنى (لا يرقون) في حديث السبعين ألف ؟ ولماذا أنكرها الشيخ بن تيميه - هل قام أحد العلماء برد كلام الشيخ بن تيميه - هل الشيخ بن تيمية كان على حق لما طعن في لفظ حديث صحيح مسلم وأنكر قول النبي (لا يرقون) - هل اعتراض الشيخ بن تيمية على لفظ (لا يرقون) هو اعتراض مقبول عقلا أو شرعا - لماذا إنكار بن تيميه للفظ (لا يرقون) يثير الشك - هل المسترقي مسيء كما يُفهم من كلام بن تيميه - هل المسترقي ملتفت إلى غير الله بقلبه كما زعم الشيخ بن تيميه - هل المسترقي في اعتقاد بن تيميه ناقص التوكل لأنه طلب الدعاء من غيره - هل الشيح بن تيمية كان على حق حينما زعم أن النبي لم يطلب الرقية - هل النبي لم يطلب من أحد أن يرقيه أو يدعو له كما أشار لذلك الشيخ بن تيميه

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة 

- علم الرقية الشرعية -

( من القرآن والسنة النبوية )

- الجزء الخامس عشر -

* فهرس :

..:: تابع الفصل الثالث عشر ::.. استكمال مناقشة لبعض الآراء عن الرقية والإسترقاء (مناقشة رأي بن تيميه) ::

1- س83: ما معنى (لا يرقون) في حديث السبعين ألف ؟ ولماذا أنكرها الشيخ بن تيميه رحمه الله ؟

2- س84: هل قام أحد العلماء برد كلام الشيخ بن تيميه ؟

3- س85: لماذا أناقش كلام الشيخ بن تيميه ؟

4- س86: هل الشيخ بن تيمية كان على حق لما طعن في لفظ حديث صحيح مسلم وأنكر قول النبي (لا يرقون) ؟

5- س87: هل اعتراض الشيخ بن تيمية على لفظ (لا يرقون) هو اعتراض مقبول عقلا أو شرعا ؟

6- س88: لماذا استدل بن تيميه بقول وفعل النبي للرقية ولم يذكر قول وفعل النبي في الإسترقاء ؟

7- س89: لماذا إنكار بن تيميه للفظ (لا يرقون) يثير الشك ؟

8- س90: هل مفهوم الإسترقاء هو أن يطلب من غيره أن يرقيه .. كما قال الشيخ بن تيميه ؟

9- س91: هل الراقي محسن نافع والمسترقي مسيء بنقص التوكل كما يُفهم من كلام بن تيميه ؟

10- س92: هل المسترقي ملتفت إلى غير الله بقلبه كما زعم الشيخ بن تيميه ؟

11- س93: هل المسترقي في اعتقاد بن تيميه ناقص التوكل لأنه طلب الدعاء من غيره ؟

12- س94: هل الشيح بن تيمية كان على حق حينما زعم أن النبي لم يطلب الرقية ؟

13- س95: هل النبي لم يطلب من أحد أن يرقيه أو يدعو له كما أشار لذلك الشيخ بن تيميه ؟ 

 ***************************

..:: مقدمة لهذا الجزء ::..

- قد ينزعج البعض لأني قمت بالرد على الشيخ بن تيميه – 

- وأقول له : أخي المؤمن قبل أن تنزعج .. فاقرأ الرأي والرأي الآخر .. واستعقل الكلام .. ثم اختار ما يميل إليه قلبك .. 

- ولكن عن نفسي قد اخترت أن أثبت ما أثبته علماء الأمه في لفظ الحديث لموافقته العقل والشرع .. ولم ارتضى باختيار كلام بن تيميه على كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أثبته علماء الأمه .. لمخالفة كلام الشيخ بن تيميه للعقل والشرع من وجهة نظري .. ولست الأول في رد كلام الشيخ بن تيميه .. حيث قد رد كلامه الحافظ بن حجر العسقلاني من قبل ..!! 

- ولا أخشى في قول الحق لومة لائم - والحمد لله –

- ولكن انتبه : لا نتهم الشيخ بن تيميه في شخصه ولا في علمه .. وإنما فقط نناقش رأي له في مسألة معينة .. وكل إنسان يخطيء ويصيب في الإجتهاد .

**************************** 

..:: س83: ما معنى (لا يرقون) في حديث السبعين ألف ؟ ولماذا أنكرها الشيخ بن تيميه رحمه الله ؟ ::...

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- معنى (يرقون) : أي يرقي نفسه أو يرقي غيره .. فاللفظ يتحمل المعنيين ..

- جاء في حديث صحيح مسلم وصف السبعين ألف الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب .. بأنهم (هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، ولا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ..

- وقد أنكر الشيخ بن تيمية رحمه الله هذه الزيادة (لا يرقون) في حديث صحيح مسلم .. وحسب علمي وإطلاعي في كتب السابقين التي يسرها الله لي لمن سبق الشيخ بن تيميه .. أنه لم يسبقه أحد بالإنكار على هذه الزيادة في الحديث ..!! وتبعه بعد ذلك من ساروا وراءه تقليدا من ينتمون للفكر الحنبلي كتلميذه بن القيم .. ثم أحيا هذا الرأي مرة آخر الشيخ الألباني رحمه الله .. !!

- ماذا قال الشيخ بن تيمية ؟

- قال الشيخ بن تيميه رحمه الله  (المتوفى: 728هـ) :

- ثبت في الصحيح في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب: (هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون) .. فجعل من صفاتهم أنهم (لا يسترقون): أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم، ولم يقل: لا يرقون . وإن كان ذلك قد روي في بعض طرق مسلم فهو غلط ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره ، لكنه لم يسترق ، فالمسترقي طالب للدعاء من غيره ؛ بخلاف الراقي غيره فإنه داع له .

اقتضاء الصراط المستقيم ج2 ص367

- وقال أيضا في الفتاوى في معرض الكلام عن سؤال الله والتوكل عليه .. فقال بعد سرد بعض الأدلة :

- وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَقَالَ: هُمْ الَّذِينَ لَا يسترقون وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فَمَدَحَ هَؤُلَاءِ بِأَنَّهُمْ لَا يسترقون أَيْ لَا يَطْلُبُونَ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَهُمْ . وَالرُّقْيَةُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ فَلَا يَطْلُبُونَ مِنْ أَحَدٍ ذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ (وَلَا يَرْقُونَ) وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ رقياهم لِغَيْرِهِمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ حَسَنَةٌ .. وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَرْقِي فَإِنَّ رُقْيَتَهُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَهَذَا مَأْمُورٌ بِهِ .

الفتاوى ج1 ص182

- وقال أيضا في الفتاوى :

ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: (يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ هُمْ الَّذِينَ لَا يسترقون وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) . فَهَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِهِ وَقَدْ مَدَحَهُمْ بِأَنَّهُمْ (لَا يسترقون) وَالِاسْتِرْقَاءُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَرْقِيَهُ وَالرُّقْيَةُ مِنْ نَوْعِ الدُّعَاءِ وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَا يَطْلُبُ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَهُ .. وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى فِي هَذَا: " لَا يَرْقُونَ " ضَعِيفَةٌ غَلَطٌ .

مجموع الفتاوى ج1 ص328

- مع الإمام بن القيم رحمه الله (المتوفى: 751هـ) :

- قد ثَبت فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي وصف السّبْعين ألفا الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب أَنهم الَّذين (لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يسْتَرقونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ) زَاد مُسلم وَحده (وَلَا يرقون) .. فَسمِعت شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية يَقُول : هَذِه الزِّيَادَة وهم من الراوى لم يقل النَّبِي (وَلَا يرقون) لِأَن الراقي محسن إِلَى أَخِيه ، وَقد قَالَ النَّبِي وَقد سُئِلَ عَن الرقي فَقَالَ: (من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فلينفعه) ، وَقَالَ (لَا بَأْس بالرقي مالم يكن شركا) .. وَالْفرق بَين الراقي والمسترقي .. أَن المسترقي سَائل مسْقط ملتفت إِلَى غير الله بِقَلْبِه والراقي محسن نَافِع ..

مفتاح دار السعادة ج2 ص234

*****************************

 ..:: س84: هل قام أحد العلماء برد كلام الشيخ بن تيميه ؟ ::..

- قام الإمام الحافظ بن حجر العسقلاني بالرد على كلام الشيخ بن تيميه .. رحمهما الله ..

- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى 852 هجري):

- قَوْلُهُ (كَانُوا لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ..

-  اتَّفَقَ عَلَى ذِكْرِ هَذِه الْأَرْبَع مُعظم الرِّوَايَات فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْبَعْضِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ ..، وَكَذَا فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ ..

- وَفِي لَفْظٍ لَهُ سَقَطَ (وَلَا يَتَطَيَّرُونَ) هَكَذَا فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ اللَّذَيْنِ أَشَرْتُ إِلَيْهِمَا بِنَحْوِ الْأَرْبَعِ ..

- وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ (وَلَا يَرْقُونَ) بَدَلَ (وَلَا يَكْتَوُونَ) .

- وفي لفظ له سقط: "ولا يتطيرون" ، ووقع في رواية سعيد بن منصور عند مسلم (ولا يرقون) بدل (ولا يكتوون) .

- قال: وقد أنكر الشيخ تقيّ الدين ابن تيمية هذه الرواية - يعني رواية سعيد بن منصور هذه - بلفظ: "ولا يَرْقُون"، وزعم أنَّها غلط من راويها .. واعتَلَّ بأن الراقي يُحسِن إلى الذي يَرقيه ، فكيف يكون ذلك مطلوبَ الترك ؟ ، وأيضًا فقد رَقَى جبريل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ورَقَى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، وأذن لهم في الرُّقَي، وقال: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل"، والنفع مطلوب ، قال: وأما الْمُستَرقِي فإنه يسأل غيره، ويرجو نفعه ، وتمام التوكل ينافي ذلك، قال: وإنما المراد وصف السبعين بتمام التوكل ، فلا يسألون غيرهم أن يَرْقِيَهم، ولا يَكْويهم، ولا يتطيرون من شيء.

- وأجاب غيره: بأن الزيادة من الثقة مقبولة، وسعيد بن منصور حافظ، وقد اعتمده البخاري ومسلم ، واعتمد مسلم على روايته هذه ، وبأن تغليط الراوي مع إمكان تصحيح الزيادة .. لا يصار إليه ..!!

- والمعنى الذي حَمَله على التغليط موجود في المسترقِي ؛ لأنه اعْتَلّ بأن الذي لا يطلب من غيره أن يَرقيه تامّ التوكل ، فكذا يقال له: والذي يَفعل غيره به ذلك ينبغي أن لا يُمَكِّنه منه .. لأجل تمام التوكل ، وليس في وقوع ذلك من جبريل ؛ دلالةٌ على الْمُدَّعَى ، ولا في فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له أيضًا دلالةٌ لأنه في مقام التشريع ، وتبيينِ الأحكام .

- ويمكن أن يقال: إنما ترك المذكورون الرُّقَى والاسترقاءَ حسمًا للمادة ؛ لأن فاعل ذلك لا يَأمَن أن يَكِلَ نفسه إليه .. وإلا فالرُّقية في ذاتها ليست ممنوعة ، وإنما مُنِع منها ما كان شركًا، أو احتمله .

- ومن ثَمّ قال - صلى الله عليه وسلم -: (اعْرِضُوا عليَّ رُقَاكم) ، و(لا بأس بالرُّقَى ما لَمْ يكن شرك) ، ففيه إشارة إلى علة النهي .

فتح الباري ج11 ص409

- قال الشيخ  بن موسى الإتيوبي الولوي "حفظه الله" في البحر المحيط (5/520) :

- هذا التحقيق الذي ذكره الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا.

- وحاصله أن زيادة: (لا يَرقون) في رواية سعيد بن منصور هذه زيادة صحيحة ؛ لأن سعيدًا ثقة حافظ ، تُقبل زيادته ، وليس في قبولها ما يؤدّي إلى معنى منكر ؛ لأن النكارة التي ظُنّت فيها ، وهي منافاة تمام التوكّل توجد في الاسترقاء أيضًا ، فلا معنى لإنكارها وحدها ، والمراد أن هؤلاء السبعين قد أعرضوا عن هذه الأسباب ، وإن كانت مباحةً ؛ طلبًا لتمام التوكّل ، فخُصّوا بهذه الدرجة العالية .. والله تعالى أعلم .

******************************

..:: س85: لماذا أناقش كلام الشيخ بن تيميه ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- بالرغم من رد الإمام بن حجر العسقلاني على الشيخ بن تيمية .. ولكن لي مزيد من الرد على كلام الشيخ بن تيميه رحمه الله .. نظرا لرؤيتي في زماننا هذا بعض من أخذته حمية الجاهلية للمذهب وظل مدافعا عن رأي الشيخ بن تيمية وكأنه قول مقدس .. وليس مجرد رأي يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ ..!!

- والغريب أن بعض هؤلاء المقدسين في زماننا لرأي الشيخ بن تيميه حتى جحدوا قول النبي .. أنهم لم يجتهدوا أن يفهموا لفظ الحديث النبوي ليتبعوا النبي .. وإنما اجتهدوا لينكروا لفظ الحديث النبوي ليتبعوا بن تيميه .. لأنهم وجدوا الشيخ بن تيمية ينكر ذلك ..!! وكأن قول الشيخ بن تيمية أرجح في قلوبهم من قول (قال رسول الله) ..!!

- ولذلك لما تعلقت قلوبهم برأي الشيخ بن تيمية .. فقد حجبهم الله عن فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. وكأن الله حرمهم نعمة الفهم لجحودهم كلام علماء الأمة في شرح الحديث .. واستكبارهم أن ياخذوا برأيهم .. وأبوا إلا رأي بن تيميه وقاموا بتسويقه على النت ليوهموا الناس أنه الحق .. ولكنه هو قولا فاسدا وباطلا وسيأتيك بيان ذلك ..!!

- والمشكلة ليست في رأي الشيخ بن تيميه فهو مجتهد قد يصيب ويخطيء .. وإنما فيمن جاؤوا في هذا الزمان وأخذوا ينشروا رأيه كرأي مقدس .. وقدموا كلامه على كلام رسول الله .. بل وتجاهلوا كافة علماء الحديث ومفسريه .. وكأن علماء الأمة حتى سبعمائه سنة كانوا في ضلال بأستدلالهم لرواية مسلم ، وعلى جهل تام بتفسير الحديث ..!!

- الفتنة في زماننا : من أجل هذا الحذف من الأحاديث الصحيحة السند كما يترائى للبعض .. استغل منكري الأحاديث النبوية مثل هذه الآراء الشاذة كرأي بن تيمية وقالوا بأن الأحاديث ليست من كلام الرسول بل ملفقه .. وبات هناك من الشك الكثير في قلوب المؤمنين .. بأن هذه الأحاديث الصحيحة هي أيضا ملفقه للرسول وغير موثوقة .. طالما قد تطاولت الأيدي جرأة على الحذف من الحديث الصحيح .. فما الذي يمنع من الإضافة أيضا للحديث الصحيح .. كما ترائى للبعض الحذف منها ..؟!!

- وسبب الفتنة : هو تقديس رأي بن تيميه في زماننا وكأنه واصيا على الدين لا يخطيء .. وما قبله من الصحابة والتابعين وغيرهم في ضلال مبين وجهالة تامة بكلام النبي ..!!

- فأصبح الحديث الشريف محل اتهام لرواة هذا السند وطعنا فيهم .. بل ومحل للطعن في الأحاديث .. ومحل لاتهام أهل الحديث أنفسهم بقدرتهم على الحذف والإضافة .. خاصة وأن هذه الزيادة في الحديث لم يطعن فيها أحد قبل الشيخ بن تيميه .. حسب علمي ..!!

- وبالرغم من أن هذا الرأي لا يعتد به أصلا لجحود الحديث الصحيح بلا حجة يقينية ولا نكارة في لفظه .. وما كنت لأقوم بالرد عليه .. لولا أمرين :

- الأول:- استمرار نفوس الفتنة على النت (جماعة التبديع والتحقير والتشهير) التي تبغي التفرقه بين المسلمين بفرض آراء مخالفة للدين ومخالفة لصحيح الحديث .. ويجعلونها دين .. وعليك أن تؤمن به ولا تخالفهم الرأي مهما كان رأيك له برهان وحجة صحيحة ..!!

- وإلا فأنت بدعي .. وسيقومون بتحقيرك والتشهير بك وإثارة العامة عليك متهمينك بالتكفير (أي أباحوا دمك) أوالتبديع (إن أحسنوا إليك) .. حتى يحافظوا على سلطتهم الدينية في المجتمع التي يتكسبون من ورائها .. متبعين منهج الفرعون : (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) غافر29 .. !!

- الثاني:- تشكيك نفوس الجاحدين على النت (جماعة الشبعان الجاحد) وهي طائفة منكري الحديث الشريف "القرآنيون" .. حتى يطعنوا بالتشكيك في الأحاديث النبوية .. !!

- فقد يستغلون ما فعله البعض كابن تيميه واتباعه في زماننا هذا في حذف جزء من حديث مسلم لأنه يراه غلط ..!! .. ثم يقولون أنه : في حديث السبعين ألف .. حذف بن تيميه جزء من الحديث لأنه لا يتفق مع ما يراه هو صواب .. واتبعوه بعض أهل زماننا وقدموا تغليط بن تيميه للحديث على تصحيح الأمة للحديث .. بالرغم من صحة الحديث عند علماء الحديث .. وهذا يجعلنا نقول أنه لا مانع أن يكون أقرانهم في الأزمان السالفة قد فعلوا مثل أفعالهم ووضعوا أحاديث وما هي بأحاديث .. وإنما وضعوها لتتفق مع أهواء خاصة لهم .. فما الضامن أن هذه هي أحاديث النبي .. حتى نثق بها ..؟!! طالما هناك من لديه الجرأة على الحذف من الأحاديث التي هي صحيحة أصلا عند علماء الحديث .. لأنه رأى ذلك .. !!

- من أجل ما سبق :

لهذين السببين سأقوم بمناقشة رأي الشيخ بن تيمية فيما ذهب إليه .. وفي رسالة أخرى وهي "سحر النبي بين الحق والباطل" سأقوم بمناقشة المنكرين للأحاديث .. والرد تفصيليا على (جماعة الشبعان الجاحد للحديث) .. وليس هذا محله في هذه الرسالة .

- تعالوا نناقش ما قاله الشيخ بن تيمية .. وأبين لكم فساد ما توهمه الشيخ بن تيميه وفساد من قدسوا رأيه وجعلوا منه دين عليك أن تؤمن به وتعتقده دون غيره .. ولا تنسى ما ذكرته لك سابقا من أقوال علماء الأمة في فهم الأحاديث فارجع للأسئلة (من 64- وحتى 80) ..!!

- وإليك مناقشة رأي الشيخ بن تيميه رحمه الله ..

************************************

..:: س86: هل الشيخ بن تيمية كان على حق لما طعن في لفظ حديث صحيح مسلم وأنكر قول النبي (لا يرقون) ؟ ::..

- أولا : - مناقشة كلام بن تيميه بخصوص الطعن في الرواية :

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

1- أما قول الشيخ (وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى فِي هَذَا: " لَا يَرْقُونَ " ضَعِيفَةٌ غَلَطٌ) ..

- فهذا كلام (فيما أعلم) لم يقل به أحد من علماء المسلمين من قبله .. حيث لم يضعف هذه الرواية أو يغلطها أي عالم من علماء الحديث ..  قبل الشيخ بن تيميه ..!!

- فمن أين له بتضعيف الرواية وتغليطها .. وعلماء الحديث على صحتها ..؟!!

- وقد جاء جماعة نفوس الفتنة على النت في هذا الزمان .. وجعلوا لفظ الرواية شاذة غير مقبولة .. ولكن كلام الشيخ بن تيمية (الذي كلامه شاذ عن علماء المسلمين) .. جعلوه هو الصحيح وعلماء الأمة من قبله كانوا في عمى عن الحق ..!!

- وجعلوا من كلام الشيخ بن تيمية كلامه مقدم على كلام الحديث الصحيح وعلى علماء المسلمين قاطبة .. حتى جحدوا كلامهم وأثبتوا كلام بن تيمية فقط ..!!

- أليس هذا تعصب جاهلي عَفِن ..!!

2- ونعجب من رد رواية الثقة الحافظ بما لا مخالف له بل له شواهد ولا معارض له شرعا ولا نكارة فيه .. بل لمجرد أن العقل لم يستوعب أن يدرك مفهوم اللفظ النبوي جيدا ويضبطه مع كل روايات الحديث ..!!

- ولو كل واحد شاف حديث بسند صحيح ومتن صحيح .. وأنكره لأنه لا يتفق كما يرى .. فلا داعي لعلم الحديث بأكمله .. طالما الحكم عليه أصبح بما تظنه أنفسنا ..!!

- ولا حول ولا قوة إلا بالله ..!!

- ورحم الله الإمام الطيبي حينما قال في المشكاة (5/1651) :

- من ذهب إلي تخطئة الرواة الثقات العدول ، ومن اتفقت الأمة علي صحة روايته ، وضبطه وإتقانه بما سنح له الرأي الذي أوهن من بيت العنكبوت ، فقد خطأ نفسه ، وخاض فيما لا يعنيه ..!!

- ورد رواية الحديث الصحيح سندا ومتنا .. والزعم بتغليطها وتضعيفها .. كما توهم بن تيميه في هذا الحديث .. يدفعنا لنقول ما الذي يمنع أن يكون كل رواة الحديث الصحيح قد خلطوا وغلطوا .. ومن ثمَّ يكون هذا فرصة رائعة لمنكري الأحاديث أن يطعنوا فيها ..!!

3- والذي يدل على فساد رأي الشيخ فيما ذهب إليه (ويعتبر شاهد لصحة لفظ رواية مسلم (لا يرقون) .. فنجد لذلك حديثين :

- أولا:- الشاهد الأول هو قول النبي صلى الله عليه وسلم :

- حيث جاء في الحديث الذي رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : (لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنْ أَرْقَى وَاسْتَرْقَى) رواه بن مفلح في الآداب الشرعية (2/349) .. وقال : إسْنَادٌ جَيِّدٌ ..

- فهذه الرواية ثبت أن الراقي والمسترقي لم يتوكلا على الله .. فهل نقول أن ما كان يفعله الشيخ بن تيميه من رقية الناس لم يكن توكلا على الله ..؟!!

- لا .. لا نقول بهذا عليه ولا على غيره من الرقاه .. وإنما كلام الحديث الشريف يقصد به من رقى واسترقى بباطل .. فهو الذي لم يتوكل على الله .. أو من أعتقد في الرقية والراقي واعتمد عليهما وتعلق قلبه بهما حتى غفل عن الإعتماد على الله فهو الذي لم يتوكل .. !!

- وبنفس هذا التفكير يتم حمل رواية (لا يرقون ولا يسترقون) على فعل الرقية والإسترقاء بالباطل وليس بالحق .. أو لأنهم يعتمدون عليها دون الإعتماد على الله ..!!

- فما وجه إنكار الشيخ بن تيمية حينئذ لرواية (لا يرقون) ؟!!

- فهذا الإنكار الذي بناه الشيخ بن تيميه ومن سار على رأيه ممن يقدسون رأيه ويقدمونه على الحديث النبي .. ما هو إلا محض خطأ .. لأن العقل لم يبصر حقيقة المراد من اللفظ النبوي .. وإنما اكتفى بما تظنه النفس .. فأنكر لفظ الحديث النبوي الصحيح بالظن .. فخالفه التوفيق ..!!

- ثانيا:- الشاهد الثاني وهو قول الصحابي وفعله :

- وهناك شاهد ثاني لحديث مسلم للفظ (لا يرقون) .. فقد جاء عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أنه سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: (سَبَقَكُمْ الْأَوَّلُونَ بِالتَّوَكُّلِ ، كَانُوا لَا يَرْقُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ فَهُمْ الَّذِينَ آمَنُوا ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) .. رواه بن مفلح في الآداب الشرعية (2/349) بسند صحيح .. وعُبَيْدٌ بن عمير ولد في حياة النبي وأَدْرَكَ عُمَرَ بن الخطاب وَأُبَي بن كعب ..

- والشاهد من ذكر الرواية هو تأكيد ورود لفظ (لا يرقون) .. وأنها ليست زيادة غلط كما ظن بن تيمية .. وليست زيادة شاذة غير مقبولة توهم بعض اتباع الشيخ في هذا الزمان .. بل مثبته في أحاديث أخرى وإن لم تكن في حديث السبعين ..!!

- من كلام العلماء وعليك أن تنتبه له :

- قال الشيخ مصطفى العدوي في تفسيره .. بعد كلام عما ورد في كراهية الرقية :

- قال النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب: (هم الذين لا يسترقون) ، وورد هذا الحديث بلفظ في إحدى روايات مسلم من طريق سعيد بن منصور: (هم الذين لا يرقون) ، وقد حكم الحفاظ على هذه اللفظة في صحيح مسلم بأنها شاذة إسناداً؛ لأن جمهور الرواة رووا الحديث بلفظ: (لا يسترقون) ، وشاذة أيضاً معنىً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام رقى غيره.

- فلفظة: (لا يرقون) ، وهمٌ من سعيد بن منصور، وعلى هذا جمعٌ من العلماء كالحافظ ابن حجر رحمه الله، وكشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعدد من أهل العلم رحمهم الله تعالى.

تفسير مصطفى العدوى ج80 ص8-10

* قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعليقا على كلام الشيخ العدوي ..

1- لم يذكر لنا الشيخ مصطفى العدوى من هم حفاظ الحديث من علماء السلف الذين حكموا على لفظ رواية مسلم (لا يرقون) بأنها شاذة ؟!!

2- وقوله (وعلى هذا جمعٌ من العلماء كالحافظ ابن حجر رحمه الله، وكشيخ الإسلام ابن تيمية) .. هذا غلط من الشيخ مصطفى العدوى ولعله اختلط عليه الأمر .. لأن الحافظ بن حجر أنكر على بن تيميه رده للفظ رواية مسلم .. وقد أثبتنا لك رأي الحافظ بن حجر العسقلاني في السؤال (رقم 84) ... والله أعلم ..

*******************************

  

..:: س87: هل اعتراض الشيخ بن تيمية على لفظ (لا يرقون) هو اعتراض مقبول عقلا أو شرعا ؟ ::..

- ثانيا : مناقشة الشيخ بن تيمية في سبب اعتراضه على لفظ (لا يرقون) :

- قال الشيخ : وإن كان ذلك قد روي في بعض طرق مسلم فهو غلط ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره ، لكنه لم يسترق ، فالمسترقي طالب للدعاء من غيره ؛ بخلاف الراقي غيره فإنه داع له .

اقتضاء الصراط المستقيم ج2 ص367

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- الملاحظ في كلام الشيخ السابق أنه غلَّط الحديث .. لأنه خلط ما هو خاص بأمة النبي وقاسه على النبي .. وهذا محض باطل .. لأن النبي تكلم عن أمته ولم يتكلم عن نفسه ..!!

2- وكون النبي لم يسترق هو زعم باطل من بن تيمية .. راجع سؤال رقم71 ..

3- لفظ (لا يرقون) لا إنكار عليه شرعا لأنه كما أوضح علماء المسلمين أنه يدل على المتعلقة قلوبهم بالراقي والرقية دون التعلق بالله .. أو كانت الرقية مما فيها مخالفة شرعية عموما ..

- فلا اعتراض على اللفظ حينئذ من ناحية الشرع ولا العقل ..!!

4- والغريب أن الشيخ بن تيميه يظن في الراقي أنه على خير ..!! ولا أدري من أين جاء بهذه الفكرة .. !! أليس منهم نصابين وضلالية وطالب شهرة وسمعة ورياء ؟!! فمن أين جاءته مطلق صفة الخير في الراقي .. حينما قال (محسن نافع) .. دون أي قيود ..!!

- فإذا كان المسترقى متهم لأن بن تيمية ظن متوهما أنه غير متوكل (وهذه صفة باطنية) .. فالراقي أيضا متهم لأن قد يكون طالب شهرة وسمعه وفعله رياء (وهذه أيضا أعمال باطنية) .. والذي ينفي أن يكون الراقي كذلك فعليه أن ينفي كذلك عن المسترقي أنه غير متوكل ..!!

- أم لأن بن تيميه كان ممن يرقي الناس فلذلك جعل من الراقي أنه يكون على خير ومن المحسنين النافعين ..؟!! كما نقل عنه بن القيم أنه قال: (والراقي محسن نَافِع ..) في مفتاح دار السعادة ج2 ص234 .. !!

- والخلاصة لما سبق : أن الذي ينكر صفة (لا يرقون) لابد أن ينكر صفة (لا يسترقون) .. بنفس القياس الذي قاس به .. !!

5- قلنا أن الشيخ استدل بحديث السبعين ألف في معرض كلامه عن التوكل كما في (الفتاوى ج1 ص182) .. وكأن الشيخ يثبت أن المسترقي غير متوكل على الله .. أو متهم في توكله .. ولكن الذي يرقي فهو محسن وفاعل خير (دون أي إثبات على قوله هذا!!) .. ولذلك أنكر لفظ الحديث ..!!

- والذي يدل على فساد رأي الشيخ فيما ذهب إليه ..  هو الحديث الذي رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ : (لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنْ أَرْقَى وَاسْتَرْقَى) رواه بن مفلح في الآداب الشرعية .. وقال : إسْنَادٌ جَيِّدٌ ..

- فعلى هذه الرواية السابقة فالراقي والمسترقي غير متوكل على الله بنفس منطق فكر بن تيميه .. فلماذا يتهم المسترقي ولا يتهم الراقي بأنه غير متوكل على الله ..؟!!

- ومعاذ الله من هذا المنطق الفاسد والباطل .. وإنما كلام سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم يقصد به من رقى واسترقى بباطل أو تعلق قلبه بالأسباب وغفل عن الله .. فهو الذي لم يتوكل على الله .. وعلى هذا كلام علمائنا رضوان الله عليهم ..!!

- وبنفس هذا التفسير يتم حمل رواية (لا يرقون ولا يسترقون) على فعل الرقية والإسترقاء بمن تعلق بالأسباب ولم يتعلق بالحق سبحانه ..!!

- فما وجه إنكار الشيخ بن تيمية وأتباعه حينئذ لرواية (لا يرقون) ؟!!

6- وهل كان النبي ينهى الذي يسترقي منه الرقية أي يطلبها منه ؟.. لا لم يحدث ..!! كما جاء عن الصحابي عثمان بن حنيف (أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ضَعْ يَدَكَ علَى الذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ باسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِرُ) صحيح مسلم ..!!

- فالنبي رقى الغير ورقى نفسه .. واسترقي منه الغير وطلب الرقية من السيدة عائشة ..

- فما وجه الإنكار على لفظ (لا يرقون) ، واتهام المسترقي بنقص التوكل في قوله (لا يسترقون)  ..!!

- فالذي ينكر لفظ (لا يرقون) .. فعليه أن ينكر لفظ (لا يسترقون) لأن النبي أرشد أمته لذلك وهو لا يرشد أمته لباطل أو ما فيه نقص عبودية ..!!

7- هل هناك إنسان عاقل يقول أن الله يعاقب عباده بحرمانهم من عطاءه (كأن يكونوا من السبعين ألف) لأنهم انتفعوا بالحق (فاسترقوا بالقرآن ودعاء النبي) الذي أرشدهم إليه أن يستخدموه .. سواء كان هذا الإسترقاء بأنفسهم أو بطلب من غيرهم ..!!

- فإذا كان الأمر كذلك فماذا سيفعل بهم الله حينما يعصوه ..؟!!

- بل والسؤال الجديد الذي يترتب على ما سبق : هو ماذا يريد الله حينئذ من عباده إذا كانوا في فعل الطاعة محرومين (استرقاء بكلام الله ودعاء النبي) وفي فعل المعصية محرومين (استرقاء بالجن والشرك) ..؟!!

- ومما سبق يجعلك تجزم بيقين أن من يرقي ويسترقى ويتداوى بالحلال الطيب المباح وكان قلبه متعلق بالله وليس بالأسباب .. فهذا لا يقدح في توكله شيئا .. بل وعليك أن تعلم أن كل من يقول أن الراقي والمسترقي ناقصين في توكلهم على الله ..  فهو رأي منكر ومغلوط وليس من الدين .. !!

*****************************

 ..:: س88: لماذا استدل بن تيميه بقول وفعل النبي للرقية ولم يذكر قول وفعل النبي في الإسترقاء ؟ ::...

- تابع: مناقشة رأي الشيخ بن تيميه في الإسترقاء ..

5- قال الشيخ بن القيم نقلا عن شيخه بن تيميه : لم يقل النَّبِي (وَلَا يرقون) لِأَن الراقي محسن إِلَى أَخِيه ، وَقد قَالَ النَّبِي وَقد سُئِلَ عَن الرقي فَقَالَ: (من اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَن ينفع أَخَاهُ فلينفعه) ، وَقَالَ (لَا بَأْس بالرقي مالم يكن شركا) .. مفتاح دار السعادة ج2 ص234

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- إذا كان الشيخ يقصد بالإستدلال بقول النبي على جواز الرقية كما جاء في كلام بن القيم تلميذه .. وأن لفظ (لا يرقون) يناقض أحاديث جواز الرقية .. فلماذا لم ينكر الشيخ لفظ (لا يسترقون) .. لأن النبي أيضا أجاز الإسترقاء وطلب من أمته أن يسترقوا كما قالت السيدة عائشة (أَمَرَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوْ أمَرَ أنْ يُسْتَرْقَى مِنَ العَيْنِ) صحيح البخاري ..!!

- فلماذا أثبت جواز الرقية وأنكر اللفظ (لا يرقون) ، ولم يثبت جواز الإسترقاء ولم ينكر لفظ (لا يسترقون) ..!!

- أليس هذا شيء غريب .. ويدعونا أن نقول أن إنكار اللفظ من الشيخ ليس لهذا التعليل الذي ذكره .. وإنما يحمل غرض آخر في نفس الشيخ لم يظهره .. والله أعلم !!

2- راجع إجابة (السؤال رقم 78) .. ستجد فيها إجابة تفصيليه على من استدل بأن فعل النبي للجواز فقط .. ولكن في الحقيقة سيظل المسترقي ناقص التوكل ..!! وهذه الجزئية (نقص التوكل للمسترقي) اشترك فيها بن تيميه مع غيره من بعض العلماء ..!!

*****************************

..:: س89: لماذا إنكار بن تيميه للفظ (لا يرقون) يثير الشك ؟ ::..

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

- إنكار الشيخ للفظ (لا يرقون) وتبريره وتعليله لإنكاره .. يثير الشك في النفس .. ليه ؟

1- لأنه برره بأنه يخالف أحاديث جواز الرقية .. ولكنه لم ينكر (لا يسترقون) مع علمه بوجود أحاديث جواز الإسترقاء ..!!

2- ويثير الشك أيضا في كلامه .. لأنه أخذ يمدح من يرقي فمرة يقول (الراقي محسن إِلَى أَخِيه) ومرة (فَإِنَّ رقياهم لِغَيْرِهِمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ حَسَنَةٌ) ومرة (الراقي غيره فإنه داع له) .. وكأن الراقي له نفسية ملائكية .. ومحسن نافع على الإطلاق .. وهذا محض توهم من الشيخ .. !!

- خاصة لو عرفنا أنه كان يرقي المصابين روحانيا .. ولعل هذا سبب مدحه للرقاة (وكأنهم لا يخطئون) .. !!

3- ويثير الشك أيضا في كلامه .. لأنه مخالف لعلماء الأمة ممن سبقوه في أخذهم بهذه الرواية ..!!

- وسبب إثارة الشك في نفسي .. هو مجرد إبداء الإستغراب من مبررات الشيخ الغريبة التي لا ترتقي لحجة في إنكار لفظ رواية مسلم أو مدح الراقي أواتهام المسترقي ..!!

- لكن عليك أن تنتبه أخي المؤمن :

- من أن إنكار الشيخ بن تيميه للفظ الحديث النبوي (لا يرقون) .. هو رأي غلط وشاذ ولا يصح الأخذ به .. ولا تتعلق بكلام بن تيميه .. وتحقق مبصرا بما ذكرته لك في فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم (لا يرقون) .. 

- ولا تغتر بمن أحيا رأي بن تيميه في زماننا هذا كالشيخ الألباني رحمه الله ومن وافقوه .. وقد أوضحت لك فساد وغلط رأي الشيخ بن تيميه .. وأنت لك الإختيار .. إما أن تجحد نص الحديث متجاهلا علماء الأمة وتتبع قول بن تيميه .. وإما أن تثبت نص الحديث كما أثبته علماء الأمة وتتبع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. !!

***************************

  

..:: س90: هل مفهوم الإسترقاء هو أن يطلب من غيره أن يرقيه .. كما قال الشيخ بن تيميه ؟::..

- تابع: مناقشة رأي الشيخ بن تيميه في الإسترقاء ..

- قال الشيخ بن تيميه (وَالِاسْتِرْقَاءُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَرْقِيَهُ) .. مجموع الفتاوى ج1 ص328 .

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

- فهذا كلام سليم .. ولكنه ناقص .. لأن الإسترقاء قد يكون بالطلب من الغير أن يرقيك .. أو السعي في طلب الرقية ولو ستفعلها بنفسك .. فهذا أيضا يسمى استرقاء .. وراجع ما ذكرته لك في السؤال رقم (63-64) .. فارجع إليه ..!! (وراجع سؤال رقم 71) ..

*******************

..:: س91: هل الراقي محسن نافع والمسترقي مسيء بنقص التوكل كما يُفهم من كلام بن تيميه ؟ ::..

- ثالثا : مناقشة رأي الشيخ بن تيميه في الإسترقاء ..

- قال الشيخ : ((وَلَا يَرْقُونَ) وَهُوَ غَلَطٌ .. فَإِنَّ رقياهم لِغَيْرِهِمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ حَسَنَةٌ) الفتاوى ج1 ص182..

- وقال الشيخ عن الراقي : والراقي محسن نَافِع .. مفتاح دار السعادة ج2 ص234

- وقال الشيخ عن الراقي : الراقي محسن إِلَى أَخِيه مفتاح دار السعادة ج2 ص234

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- وهذا كلام بعضه فاسد وبعضه صحيح .. فأما الفاسد فيه .. قوله (غلط) وقد أظهرنا لك فساد هذا القول وبيان صدق الرواية بشواهدها .. وأما تبريره لهذا لغلط لفظ (لا يرقون) قائلا (رقياهم لِغَيْرِهِمْ وَلِأَنْفُسِهِمْ حَسَنَةٌ) .. فهو صحيح لأن فيه حسنه ..!!

2- ولكن ما يقال عن الذين يرقون .. يقال أيضا عن الذين يسترقون أن لهم أجرا حسنا .. لأنهم طلبوا الرقية بالحق ولم يطلبوها بباطل .. فكيف لا يكون لهم أجرا حسنا على طاعتهم لله ..؟!!

3- فكيف أغفل الشيخ بن تيمية أن الإسترقاء أيضا فيه حسنة ..!! وإلا كان المسترقي بالحق قد تساوى مع المسترقي بالباطل .. والإسترقاء هو طلب الفضل من الله بواسطة كلامه ودعاء نبيه أو بمطلق الدعاء .. والإسترقاء بالحق والدعاء لله كلاهما عبودية لله .. وطالما تفعل ما أباحه الله لك معتزلا عن حرامه فهذه عبودية لله فهي أعمال صالحة فكيف لا تكون حسنة وقربة إلى الله ..!! ويقول صلى الله عليه وسلم (إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً ، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً ، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً ، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ) صحيح مسلم .

- والحديث شاهد على أن المؤمن حينما يستغنى بالحلال عن الحرام فله على ذلك أجر من الله .. وكيف لا يكون كذلك والله تعالى يقول (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن60 .

4- وكيف يطلب المؤمن الإسترقاء بالحق مثل كلام الله ويكون مسيء أو ناقص التوكل .. أفلا تعقلون ..!!

- وإذا كان الراقي محسن نافع لغيره كما قال بن تيميه .. فالمسترقي محسن بطلب الكرامة من كلام الله وبركة دعاء نبيه .. ..!!

- وإذا لم يكن المسترقي بالحق مسيء (ناقص التوكل) .. فهو محسن (تام التوكل) .. والإحسان جزاءه الإحسان من الحنان المنان ..!!

- فإذا كان بن تيميه قد أنكر لفظ (لا يرقون) لأن فاعلها قد أصاب حسنه .. فعليه أيضا أن ينكر لفظ (لا يسترقون) لأن طالبه قد أصاب حسنه لأنه طلب الحق ولم يطلب الباطل ..!! مش كده ولا إيه ..!!

**************************

  

..::س92: هل المسترقي ملتفت إلى غير الله بقلبه كما زعم الشيخ بن تيميه ؟ ::..

- تابع : مناقشة الشيخ بن تيمية في بعض أقواله عن الإسترقاء .. :

- قال الشيخ بن تيميه : (المسترقي سَائل مسْتعط ملتفت إِلَى غير الله بِقَلْبِه) .. كما أورد ذلك تلميذه بن القيم في (مفتاح دار السعادة234/2) ..؟!!

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- لا يخفى أن ما ذهب إليه الشيخ وتلميذه .. هو قول فاسد .. لأن إذا كان المسترقي ملتفت إلى غير الله ..، فالراقي كذلك بنفس منطق بن تيميه ملتفت لغير الله .. لأنه قد يذهب شهرة ورياء وسمعة كما هو غالب على أهل زماننا ..

2- وهذا الكلام الذي قاله الشيخ بن تيمه ونقله عن تلميذه بن القيم .. في الفرق بين (الراقي والمسترقي) هو كلام خاطيء ولا يمكن أن يصح .. لأنه لو كان المسترقي ملتفت إلى غير الله بقلبه لكان النبي قد طلب من السيدة عائشة وطلب من أمته أن يسترقوا بما فيه التفات لغير الله .. وهذا محض كذب بلا ريب إن قال به أي شخص ..!!

3- إذا كان الراقي بالحق ملتفت لغير الله .. فما هو وصف الراقي بالباطل ..؟!!!

4- فما ذهب إليه الشيخ بن تيمية ووافقه عليه تلميذه هو كلام خاطيء وبعيد عن الصواب تماما .. وإلا كان هناك إنكار على كل مسترقي بكلام الله ونبيه دعاوى أنه يسترقى ملتفتا لغير الله ..!!

5- بل أن الأغرب والأعجب هو كيف يكون المسترقي ملتفتا لغير الله وهو يُرقى بكلام الله ودعاء نبيه أو يطلب رقية من كتاب الله ودعاء نبيه ..؟!

- فهل يقول بذلك أي إنسان مؤمن أو عاقل ..!!

- قال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله المتوفى (656 هـ):

- أنّ الرقى بأسماء الله تعالى هو غاية التوكّل على الله تعالى، فإنّه التجاء إليه، ويتضمّن ذلك رغبته له وتبرّكًا بأسمائه، والتعويل عليه في كشف الضُرّ والبلاء، فإن كان هذا قادحًا في التوكّل، فليكن الدعاء والأذكار قادحا في التوكّل، ولا قائل به، وكيف يكون ذلك؟ وقد رقى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - واسترقى. ورقاه جبريل وغيره ورقته عائشة، وفعل ذلك الخلفاء والسلف ..

- فإن كانت الرقى قادحة في التوكّل ومانعة من اللحوق بالسبعين ألفًا، فالتوكّل لم يتمّ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولا لأحد من الخلفاء، ولا يكون أحد منهم في السبعين ألفًا مع أنّهم أفضل مَن وافى القيامة بعد الأنبياء، ولا يتخيل هذا عاقل .

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج1 ص463

********************************

..:: س93: هل المسترقي في اعتقاد بن تيميه ناقص التوكل لأنه طلب الدعاء من غيره ؟ ::..

- تابع : مناقشة الشيخ بن تيمية في بعض أقواله عن الإسترقاء .. :

- قال الشيخ بن تيميه: (فالمسترقي طالب للدعاء من غيره ؛ بخلاف الراقي غيره فإنه داع له). اقتضاء الصراط المستقيم ج2 ص367 .

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- الشيخ بن تيميه ليس هو أول من يقول بجزئية نقص التوكل للمسترقي .. فقد سبقه آخرين راجع الأسئلة من (رقم 77-82) .. ولكن ردي عليه من حيث تعريفه للإسترقاء الذي بني عليه نقص التوكل للمسترقي ..!!

2- قلنا أن المسترقي ليس كما توهم بن تيميه .. فقد يكون طالب الدعاء ليدعو به لنفسه أو لغيره من أهل بيته .. أو طالبه من الغير ليدعو له .. وراجع سؤال رقم 63 وما بعده ..

3- وفي كل الأحوال ما العيب أو الخلل في أن يطلب الإنسان الدعاء من غيره ..؟!!

- وكأن بن تيميه ينكر على المسترقي لأنه بذلك يكون طلب الدعاء من غيره !! وهذا يقدح في مقام التوكل ..!!

- فهل أبناء يعقوب عليه السلام فقدوا التوكل حينما طلبوا من يعقوب أن يستغفر لهم الله (قَالُواْ يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ) يوسف97 ..

4- فما ذهب إليه بن تيميه هو تبريره لنقض المسترقي هو رأي خطأ .. لأن الراقي والمسترقي كلاهما في حيز النهي .. وقلنا أن الحديث جاء فيه (لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنْ أَرْقَى وَاسْتَرْقَى) .. وعلى هذا الحديث يكون بن تيميه متهم في نفسه لأنه كان يرقي الناس ..!!

5- ولو كان المسترقي يفعل ما هو ينقصه في إيمانه وتوكله .. فلماذا ساعده الراقي على ذلك ولم يرشده إلى ما فيه كماله إيمانيا بترك الرقية ..!! بل ولماذا بن تيميه كان يذهب لرقيه الناس طالما أنه يعتقد أن المسترقي ناقص التوكل أو متهم في توكله ..!!

6- وهل كان النبي يرشدنا إلى ما فيه نقص عبوديه مع الله مثل ارشاده لنا بالإسترقاء ؟!! معاذ الله .. بل ما ذهب إليه بعض العلماء ومنهم الشيخ بن تيميه هو وهم محض .. ونعوذ بالله من الزلل ..!!

7- وختاما لهذه الجزئية .. طالما الإسترقاء في فكر الشيخ يخل بمقام التوكل (وهذا شيء قال به علماء غيره وقد رددنا على هذا الفكر سابقا) .. فإن المرقي له (المسترقي) يعتبر مخل بمقام التوكل ..

- وهنا يظهر سؤال يسأله كل ذي عقل .. وهو :

- هل كان صحابة رسول الله لديهم خلل في توكلهم على الله ؟!! مثل السيدة عائشة وعثمان بن حنيف وثابت البناني ..!! وقد ذكرنا لك أنهم قد استرقوا رحمهم الله ..!!

- هل هذا يعقل أن يقال عن هؤلاء مثل هذا الكلام ؟

- وراجع كلام الإمام أبو العباس القرطبي في السؤال السابق ..

*******************************

  

..:: س94: هل الشيح بن تيمية كان على حق حينما زعم أن النبي لم يطلب الرقية ؟ ::..

- رابعا: مناقشة الشيخ بن تيمية في إنكاره لاسترقاء النبي (وَلَا يَطْلُبُ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَهُ) ، (لكنه لم يسترق) .. :

- قال بن تيميه : وَالِاسْتِرْقَاءُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَرْقِيَهُ وَالرُّقْيَةُ مِنْ نَوْعِ الدُّعَاءِ وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَا يَطْلُبُ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَهُ . مجموع الفتاوى ج1 ص328

- وقال في مكان آخر: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَرْقِي فَإِنَّ رُقْيَتَهُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَهَذَا مَأْمُورٌ بِهِ . الفتاوى ج1 ص182

- وقال في مكان آخر: النبي صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره ، لكنه لم يسترق ، فالمسترقي طالب للدعاء من غيره ؛ بخلاف الراقي غيره فإنه داع له . اقتضاء الصراط المستقيم ج2 ص367

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

1- (راجع السؤال رقم 63) لتعرف معنى الإسترقاء .. و(راجع السؤال رقم 71) حتى تعلم هل استرقى النبي أم لا ..

2- لقد جزم الشيخ بأن النبي لم يسترقى .. فمن أين له هذا .. ؟!

- وقد ورد في صحيح البخاري ما يشير إلى طلب النبي ذلك من السيدة عائشة .. حيث قالت (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أوَى إلى فِرَاشِهِ، نَفَثَ في كَفَّيْهِ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، وما بَلَغَتْ يَدَاهُ مِن جَسَدِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا اشْتَكَى كانَ يَأْمُرُنِي أنْ أفْعَلَ ذلكَ) صحيح البخاري .

2- وصف (لا يسترقون) تحمل يطلبون الرقية من غيرهم ليرقيهم  أو يطلبون الرقية من غيرهم لينتفعوا بها لأنفسهم ولأهل بيتهم .

- وعلى هذا فكل من طلب رقية الرسول أو رقية القرآن .. فقد استرقى لنفسه .. وإن لم يأتيه أحد ليرقيه ..!!

- فلما أوقف الشيخ مفهوم الإسترقاء على أنه فقط طلب الرقية من الغير أن يرقي كان هذا خطأ من الشيخ رحمه الله ..!!

3- حينما رقى جبريل عليه السلام سيدنا محمد .. ألا يسمى سماح النبي لسيدنا جبريل بأن يرقيه بأنه استرقاء ..!!

فدائما هناك راقي وهناك مسترقي .. فالراقي جبريل والمسترقي النبي صلى الله عليه وسلم .. !!

- ومن السخافات أن يقال أن النبي لم يطلب الرقية من جبريل .. لأن ببساطة نقول لهؤلاء أن سماح النبي لجبريل برقيته إنما هو استرقاء من جبريل .. ولو كان هذا منافيا للتوكل أو منقصا له .. لكان النبي قام بمنع جبريل واكتفى بالبلاء وصبرا عليه .. !!

- وماذا كان قلب النبي حينما رقاه جبريل .. هل كان متعلقا بجبريل أم بالله ؟ بالتأكيد بالله .. !! فثبت بذلك أن المقصود بنفي الرقية والاسترقاء هو ما كان فيه تعلق بغير الله ..

******************************

  

..:: س95: هل النبي لم يطلب من أحد أن يرقيه أو يدعو له كما أشار لذلك الشيخ بن تيميه ؟ ::..

- تابع: مناقشة رأي الشيخ بن تيميه في إشارته بأن النبي لم يطلب من أحد أن يدعو له ..

- قال الشيخ بن تيميه: (وَالرُّقْيَةُ مِنْ نَوْعِ الدُّعَاءِ وَكَانَ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَا يَطْلُبُ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَهُ) مجموع الفتاوى ج1 ص328 ..

- وقال الشيخ في مكان آخر : (وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْقِي نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ يَسْتَرْقِي فَإِنَّ رُقْيَتَهُ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ وَهَذَا مَأْمُورٌ بِهِ) الفتاوى ج1 ص182 ..

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

 - فهذا أيضا كلام سليم في بعضه دون البعض .. لأن قوله (وَلَا يَطْلُبُ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَرْقِيَهُ) ، وقوله (لم يكن يسترقي) .. هذا خطأ وكلام غير صحيح .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من السيدة عائشة أن ترقيه بالمعوذتين كما ثبت في رواية البخاري .. (وراجع ما ذكرناه تفصليا في السؤال رقم71) .. !!

- والشيخ بن تيمية من كلامه السابق يشير إلى أن الرقية دعاء .. والنبي لم يطلب من أحد الرقية لأنها دعاء .. والدعاء مأمور به لنفسه ولغيره ..!!

- وكأن الشيخ يرشدنا إلى أن النبي لم يطلب من أحد أن يدعو له ..!!

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

- وهذا كلام غير صحيح ومخالف لنص الحديث :

1- حيث أن الرسول طلب من أمته الدعاء له .. كما جاء عن عبد الله بن عمرو عن النبي قال (إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ) صحيح مسلم .. وفي صحيح بن حبان بلفظ (ومَن سأَلها لي حلَّتْ له شفاعتي يومَ القيامةِ) .

- وسواء الصلاة على النبي أو سؤال الله له الوسيلة .. فكلاهما دعاء إلى الله بطلب مكانة خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم .. وكان هذا طلب من النبي لأمته بالدعاء له بذلك .. وتأمل قول النبي (صَلُّوا عَلَيَّ) ، وقوله (سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ) ، وقوله (فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ) .. !!

2- لماذا لم يقل النبي لصحابته لا تدعوا لي حينما دعوا له بالخير .. جاء في الحديث عن أنس بن مالك قال : (قَالَ: لَهُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ يَشْكُرُ لَهُ (أي للنبي): جَزَاكَ اللَّهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَنَّا أَطْيَبَ الجزاء - أو قال: خيرا - فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فَجَزَاكُمُ اللَّهُ أَطْيَبَ الْجَزَاءِ - أَوْ قَالَ: خَيْرًا) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط : إسناده حسن .. ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ..

- فلماذا لم ينهى النبي صحابته أن يدعون له (جزاك الله أطيب الجزاء أو خيرا) ..!! طالما الدعاء للنبي فيه نقيصة أو محل اتهام للنبي ؟!! فهل النبي يحتاج لدعوة الصحابي حتى يجازيه الله خيرا ؟ أم أن هذا من باب الأدب ورد المعروف بما في استطاعة الإنسان أن يفعله ويكافيء به الغير ؟!! كما أرشدنا النبي قائلا (مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ) رواه بن حبان .. وقال الأرنؤوط :  إسناده صحيح على شرط مسلم ..، وذكره الألباني في صحيح الجامع .

- فهل إذا طلب النبي الدعاء من غيره .. فهل هذا ينقص من نبوته شيئا أو يقدح في توكله شيئا ؟

- معاذ الله لأن قلبه الشريف لطالما كان متوكلا على الله ..!!

3- وقد يقول قائل : أن عائد هذا الدعاء حقيقته للداعي وليس المقصود هو النبي .. فثبت بذلك أن طلب النبي بالدعاء له إنما كان لك أنت لتنتفع من وراءه بالشفاعة ..؟!!

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

- وهل ما ذكرته في قولك أيها القائل .. ينكر حقيقة أن النبي طلب من أمته الدعاء له ؟!! بالطبع .. لا ..

- فأنت تثبت الإنتفاع بالأجر من اتباع النبي وهذا صحيح .. ولكن نحن نثبت طلب دعاء النبي من أمته ..!! فما علاقة هذا بذاك ..!! وإنما اختلط عليك الأمر بين الانتفاع بالأجر وبين طلب النبي من أمته .. وكلاهما ثابت في الحديث .. فانتبه .

 *****************************

:: تابع الفصل الثالث عشر ::

(مبررات الإنكار للفظ (لا يرقون) عند من اتبع الشيخ بن تيميه متعصبا له .. ومناقشة لكلام بن القيم رحمه الله)

************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..