ج19: رسالة علم الرقية الشرعية - هل المسلم يجوز له أن يرقي غير المسلم ويعالجه نفسيا وعضويا وروحانيا - هل يجوز رقية وعلاج غير المسلم - هل يجوز أن تقرأ قرآن على غير المسلم - هل يجوز مساعدة الآخر بكل سبل البر والمعروف طالما لا يحاربك في دينك - هل يجوز مراضية نفوس وجبر خواطر غير المسلم (معالجة نفسية) - هل يجوز لك أن ترقي بكتاب الله غير المسلم - ل غير المسلم (من أهل الكتاب) يجوز له أن يرقي المسلم - هل المسلم يصح له أن يسترقي (يطلب الرقية) من غير المسلم - هل الذهاب للكنيسة أو استدعاء قسيس للرقية أو رقية يهودي لك فيه مخالفة شرعية

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة 

- علم الرقية الشرعية -

( من القرآن والسنة النبوية )

- الجزء التاسع عشر -

* فهرس :

:: الفصل السادس عشر :: رقية المسلم لغير المسلم – ورقية غير مسلم للمسلم ::

1- س121: هل المسلم يجوز له أن يرقي غير المسلم ويعالجه نفسيا وعضويا وروحانيا ؟ (هل يجوز رقية وعلاج غير المسلم) ؟

2- أولا- هل يجوز أن تقرأ قرآن على غير المسلم ؟

3- ثانيا- هل يجوز مساعدة الآخر بكل سبل البر والمعروف طالما لا يحاربك في دينك ؟

4- ثالثا- هل يجوز مراضية نفوس وجبر خواطر غير المسلم (معالجة نفسية) ؟

5- رابعا- هل يجوز لك أن ترقي بكتاب الله غير المسلم ؟

6- س122: هل غير المسلم (من أهل الكتاب) يجوز له أن يرقي المسلم ؟ (هل المسلم يصح له أن يسترقي (يطلب الرقية) من غير المسلم) ؟

7- س123: مسألة : هل الذهاب للكنيسة أو استدعاء قسيس للرقية أو رقية يهودي لك فيه مخالفة شرعية ؟

**************************

..:: الفصل السادس عشر ::..

رقية المسلم لغير المسلم – ورقية الغير مسلم للمسلم

******************

..:: س121: هل المسلم يجوز له أن يرقي غير المسلم ويعالجه نفسيا وعضويا وروحانيا ؟ ::..

(هل يجوز رقية وعلاج غير المسلم ؟)

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- ليس هناك اختلاف بين عموم علماء المسلمين في مساعدة وعلاج غير المسلم .. طبعا مع ضوابط الشريعة في العلاجات العضوية مثل عدم الإطلاع على العورات إلا في الضرورة التي تستدعي معرفة الألم وقد سبق شرح ذلك تفصيليا ..، وفي العلاجات الروحانية لا يوجد اطلاع على عورات أو ملامسة أجساد مهما كان السبب .. وأيضا سبق بيان وتوضيح ذلك تفصيليا في الأسئلة السابقة في الفصل الخامس عشر وما قبله .. فارجع إليه ..

- وقد يتساءل البعض هل يصح قراءة القرآن على غير المسلم .. أم في هذا مخالفة شرعية ؟

- والحقيقة أن قراءة القرآن على غير المسلم طالما قد أذن لك أن ترقيه بكلام الله ..فاعتبرها دعوة إلى الله واعتبرها مساعدة إنسان ..

- رجاء يا مؤمن : لا تلتفت لبعض الطوائف التي امتلأ قلبها سوادا وغلا وكراهية وتعيش على تحقير الآخرين .. سواء المسلم المخالف لها في الرأي بحجة صحيحة أو غير المسلم على العموم .. حيث ينشرون أفكارا سوداوية مخالفة للدين .. ومن هذه الأفكار عدم مساعدة الغير مسلم والفرح بمصيبته .. ويجعلون منها دين .. وما هي إلا آراء سوداوية تدل على مدى سقوط نفسية المتكلم بهذا الكلام السوداوي البغيض .. بل وتجد من نفوسهم بهجة وفرحة حينما يرون إنسان مسلم عاصي يتألم ويقولون يستحق لأنه عاصي ، أو تبتهج نفوسهم بإنسان غير مسلم وغير محارب لهم يجدونه يتألم .. فيسعدون بآلامه ويقولون عليه أنه يستحق لأنه كافر .. وعموما هذه طائفة تنتابهم نشوة ولذة في السعادة بآلام الآخرين والتحقير منهم ..!!

- ونسأل الله أن يهديهم أو يطهر بلاد المسلمين منهم .. آمين ..!!

* نعود فنقول .. يندرج تحت سؤالنا السابق ثلاثة أسئلة مهمة عليك أن تعرفها قبل الإجابة على السؤال الرابع وهو الخاص برقية الغير مسلم ..:

أولا- هل يجوز أن تقرأ قرآن على غير المسلم ؟

نعم يجوز ذلك ودليل ذلك قوله تعالى (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) التوبة6 ..

ثانيا- هل يجوز مساعدة الآخر بكل سبل البر والمعروف طالما لا يحاربك في دينك ؟

- نعم يجوز أن تساعد الإنسان مهما كان طالما لم يقاتلك في الدين أو الوطن .. ودليل ذلك (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة8 ..

- والبر : يشمل كل مكارم الأخلاق وأعمال الخير ..

- والقسط : هو العدل .. ، وجاء بالتخصيص العدل بالرغم من كونه من أعمال البر .. حتى لا تجعل عقيدته مانعة لك أن تنصفه وتعطيه حقه .. حتى ولو كان على عقيدة غير صحيحة وباطلة .. لأن الذي يعاقب ويحاسب على العقيدة هو رب العالمين وليس أنت .

ثالثا- هل يجوز مراضية نفوس وجبر خواطر غير المسلم (معالجة نفسية) ؟

- نعم يجوز ذلك .. ودليله قوله تعالى (أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) الممتحنة8 .. وجبر الخواطر والتلطف بالناس من أعمال البر .. وقوله تعالى في الوالدين الذين ظلوا على الشرك (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً) لقمان15 .. والمصاحبة بالمعروف تشمل الفعل والقول بالمعروف والوالدين وغير الوالدين .. وقوله تعالى (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) البقرة 83 .. والقول الحسن منه مراضية النفوس وجبر الخواطر .. وهذه الآية حكم عام لكل مؤمن وليس فيه تخصيص فقط لبني إسرائيل حتى لا يخدعك أحد من جماعة الظلام ببداية الآية ويقول لك أن الخطاب لبني اسرائيل ..!!

رابعا- هل يجوز لك أن ترقي بكتاب الله غير المسلم ؟

- نعم لا يوجد مانع .. لأن ذلك من المعروف والدعوة إلى الله .. وقد سبق الدليل على ذلك من كلام الله .. وإليك الدليل بنص صريح وواضح .. على جواز رقية القرآن لمساعدة الغير مسلم .. ويندرج تحت الرقية مفهوم العلاج عموما بكل أنواعه سواء عضوي أو نفسي أو روحاني ..

                       
1- عن خارجةَ بنِ الصَّلْتِ التميميِّ عن عمه : (أنه أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم – فأسلم ، ثم أقبلَ راجعاً مِنْ عنده، فمرَّ على قومِ عندَهم رَجُلٌ مجنونٌ مُوثَقٌ بالحديدِ، فقال أهلُه: إنَّا حُدِّثْنا أن صاحبَكم هذا قد جاء بخيرٍ، فهلْ عندكم شيءٌ نُداويه ؟ فرقَيتُه بفاتحةِ الكتابِ ، فبرأ، فأعطَوني مئة شاةٍ ، فأتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاخبرتُه، فقال: "هلْ إلا هذا؟ " - وقال مُسَدَّدٌ: في موضعٍ آخر: "هل قلت غير هذا؟ " قلت: لا، قال: "خُذها، فَلَعَمْرِي لَمَن أكلَ برقيَةِ باطلِ لقد أكلتَ برُقْيَةِ حَقٍّ) صحيح أبي داوود – وذكره الألباني أيضا في الصحيحة .. وقال الأرنؤوط : اسناده حسن .

* وقولهم (إنَّا حُدِّثْنا أن صاحبَكم هذا قد جاء بخيرٍ) : يدل على أنهم كانوا غير مسلمين .

2- عن أبي سعيد الخدري قال (أن نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماءٍ، فيهم لديغٌ أو سليمٌ، فعرض لهم رجُلٌ من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راقٍ؟ إن في الماء رجُلًا لديغًا أو سليمًا، فانطلق رجُلٌ منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاءٍ ، فبرأ ، فجاء بالشاء إلى أصحابه ، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذتَ على كتاب الله أجرًا! حتى قدموا المدينةَ ، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا ! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أحق ما أخذتُم عليه أجرًا كتابُ الله) صحيح البخاري ..

- وفي رواية بن ماجه والدارقطني (ولكنْ لا أفعَلُ حتى تُعطونا، فقالوا: فإنَّا نُعطيكم ثَلاثينَ شاءً، قال: فقرَأتُ عليه: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، سَبعَ مَرَّاتٍ؛ فبَرَأَ) صحيح بن ماجه ، ورواه الدارقطني – وقال الأرنؤوط : صحيح ..

- وفي رواية أخرى بلفظ : (أنَّ رَهْطًا من أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ انطلَقوا في سَفرةٍ سافَروها فنزلوا بحيٍّ من أحياءِ العربِ فاستضافوهم فأبوا أن يضيِّفوهم ، قالَ : فلُدِغَ سيِّدُ ذلِكَ الحيِّ فشَفوا لَهُ بِكُلِّ شيءٍ لا ينفعُهُ شيءٌ ، فقالَ بعضُهُم : لو أتيتُمْ هؤلاءِ الرَّهطَ الَّذينَ نزلوا بِكُم لعلَّ أن يَكونَ عندَ بعضِهِم شيءٌ ينفعُ صاحبَكُم ، فقالَ بعضُهُم : إنَّ سيِّدَنا لُدِغَ فشفَينا لَهُ بِكُلِّ شيءٍ ، فلا ينفعُهُ شيءٌ ، فَهَل عندَ أحدٍ منكم شيءٌ يشفي صاحبَنا ؟ ، يَعني رقيةً ، فقالَ رجلٌ : منَ القومِ إنِّي لأرقي ولَكِنِ استضفناكُم فأبيتُمْ أن تضيِّفونا ما أَنا براقٍ حتَّى تجعَلوا لي جعلًا فجَعلوا لَهُ قطيعًا منَ الشَّاءِ ، فأتاهُ فقرأَ علَيهِ بأمِّ الكتابِ ، ويتفلُ حتَّى برأ كأنَّما أُنْشِطَ من عقالٍ ، فأوفاهم جُعلَهُمُ الَّذي صالحوهُ علَيهِ ، فقالوا : اقتسِموا ، فقالَ الَّذي رقي : لا تفعَلوا حتَّى نأتيَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فنستأمرَهُ ، فغدوا على رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فذَكَروا لَهُ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : من أينَ عَلِمْتُم أنَّها رُقيةٌ ؟ أحسَنتُمْ واضربوا لي معَكُم بسَهْمٍ) صحيح أبي داوود .. وأصله في البخاري ومسلم ..

* وقولهم (لو أتيتُمْ هؤلاءِ الرَّهطَ الَّذينَ نزلوا بِكُم) : يدل على أنهم لم يكونوا مسلمين ..

* وجاء في الموسوعة الكويتية :

تحت عنوان : رُقْيَةُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ:

- لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ رُقْيَةِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .. وَوَجْهُ الاِسْتِدْلاَل أَنَّ الْحَيَّ - الَّذِي نَزَلُوا عَلَيْهِمْ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ - كَانُوا كُفَّارًا، وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَيْهِ .

الموسوعة الكويتيه ج13 ص34

**********************

..:: س122: هل غير المسلم (من أهل الكتاب) يجوز له أن يرقي المسلم ؟ ::..

هل المسلم يصح له أن يسترقي (يطلب الرقية) من غير المسلم ؟

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- خد بالك عشان هنا هنتكلم هنا عن رقية غير المسلم من أهل الكتاب (يهود ونصارى) .. أما باقي أصحاب العقائد كالهندوس والبوذيين وغيرهم .. فسيكون لهم كلام خاص سيأتي في الفصل القادم إن شاء الله تعالى ..

- وقلنا أن العلاجات العضوية لا خلاف فيها بين عموم العلماء في علاج غير المسلم للمسلم .. بضوابطها التي ذكرناها سابقا ..

- ولكن الأمر بالنسبة للعلاج بالرقية وهو الكلام المنطوق .. فالأمر مختلف قليلا .. حيث أن البعض أجاز والبعض كره ذلك ..

- وهنا يكون السؤال : هل رقية أهل الكتاب مشروعة ؟

أولا:- استدلال بالعقل :

إذا كانت رقى الجاهلية مشروعة إذا لم يكن فيها شركا .. يبقى رقى أهل الكتاب تكون مشروعة لنا أيضا طالما ليس فيها ما هو مخالف لشرعنا ..!!

ثانيا:- إستدلال بالأحاديث :

1- حديث ضعيف : لم أستدل هنا بحديث رقية زينب زوجة عبد الله بن مسعود .. لوجود ضعف في سندها لمجهولية حال بن أخت زينب الذي هو أحد رواة الحديث .. واتفق مع الشيخ الألباني فيما ذهب إليه من تضعيف الحديث سواء فيما ذكره من سند الحديث أو ما افترضه عقلا أنه لا يصح بزوجة صحابي أن تفعل ذلك ..!! (راجع هذا الحديث في السؤال رقم 48 ، 118)

2- حديث صحيح : عَنْ عَمَرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن قالت : (أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي، ويهودية ترقيها، فقال أبو بكر: ارقيها بكتاب الله) رواه مالك في الموطأ والخرائطي في مكارم الأخلاق بنفس اللفظ برقم 1071 ..

- وقال الألباني والأرنؤوط على رواية مالك : أن السند  منقطع حيث أن عمرة بنت عبد الرحمن لم تسمع من أبي بكر الصديق ..!!

- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على كلام الشيخين :

كيف يكون منقطع وهو معلوم أن المقصود أن عمره بنت عبد الرحمن تروى الحديث عن عائشة وليس عن أبي بكر ..!!

- ويشهد لذلك رواية البيهقي في السنن الكبرى .. عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: (دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا يَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا , فَقَالَ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه البيهقي في السنن الكبرى برقم19601

- وفي مصنف بن أبي شيبة عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: (اشْتَكَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا، فَقَالَ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّه) رواه بن أبي شيبه برقم 29504 .

- انتبه يا مسلم :

- هناك رواية رواها القاسم بن سلام في فضائل القرآن بسنده .. فقال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَيَزِيدُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ : (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، دَخَلَ عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا يَهُودِيُّ يَرْقِيهَا، فَقَالَ: ارْقِهَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه القاسم بن سلام في فضائل القرآن ..

- وهذا المتن منكر وفيه تصحيف وتحريف .. لأن الروايات كلها عند (مالك وأبي شيبه والخرائطي والبيهقي) على أن الراقي يهودية وليس يهودي ..!!

- وكيف نظن أن السيدة عائشة تفعل ما فيه مخالفة شرعية بأن تسمح لأن يختلي بها راقي سواء يهودي أو مسلم بدون مَحرم .. أو كيف نظن أن أبي بكر كان ليسمح للسيدة عائشة أن يختلي بها راقي ليرقيها ..!!

- فهذا المتن تم التحريف فيه من بعض النساخ .. وهو باطل بلا ريب ..!!

* وأيضا الشيخ الشيخ الألباني رحمه الله أنكر رواية رقية اليهودية .. وقال بعد إنكاره :

- لا أرى من الصواب قول ابن عبد البر في " التمهيد " (5 / 278) جازما بنسبته إلى الصديق: (وقد جاء عن أبي بكر الصديق كراهية الرقية بغير كتاب الله، وعلى ذلك العلماء، وأباح لليهودية أن ترقي عائشة بكتاب الله) !

- من غير المعقول أن يطلب الصديق من يهودية أن ترقي عائشة، كما لا يعقل أن يطلب منها الدعاء لها، والرقية من الدعاء بلا شك، فإن الله عز وجل يقول: (وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) غافر50 .

- و يزداد الأمر نكارة إذا لوحظ أن المقصود بـ " كتاب الله " القرآن الكريم، فإنها لا تؤمن به ولا بأدعيته. وإن كان المقصود التوراة، فذلك مما لا يصدر من الصديق، لأنه يعلم يقينا أن اليهود قد حرفوا فيه، وغيروا وبدلوا ..!!
السلسلة الصحيحة: 6/1168

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- بالرغم من وجاهة كلام الشيخ الألباني في تعليل كلامه بالعقل .. إلا أن كلامه مردود عليه لما سيأتي بيانه .. فضلا عن مخالفته ما عليه غالب علماء المسلمين من جواز رقية غير المسلم للمسلم طالما ليس فيه مخالفة شرعية .. والذي قاله الإمام بن عبد البر هو الحق والصواب عند علماء المسلمين من المذاهب الأربعة إلا ما ذهب إليه الإمام مالك في أحد قوليه .. وسيأتيك بيان ذلك بعد قليل ..!!

- والحديث غير منقطع كما ذهب إليه الشيخ الألباني والأرنؤوط رحمهما الله .. لأن عمرة بنت عبد الرحمن معروفة بالأخذ عن السيدة عائشة وقد حكت عنها هذه القصة سماعا منها .. وقد ذكرت لك ما يؤيد ما ذكرته لك .. فضلا عن احتجاج الشافعي به والإمام مالك .. وكلاهما ليس بجهالة عن الحديث حتى يتجاهلوا أن هناك انقطاع في الحديث ..!! فهذا شيء لا يقبله العقل أبدا .. فضلا عن قبوله عند علماء الفقه في المذاهب الأربعة ..!!

- فلا داعي لتضعيف الحديث بمبررات لا تليق برجل علم مثل الشيخ الألباني .. ولكن أقبل منه حجته العقلية في رد هذا الحديث .. وإن كان سنجيبه على ما افترضه عقلا .. لأنه أيضا لا يصح ما ذهب إليه من استدلاله بالآيه وربطها بكون الرقية دعاء .. وعن مقصد أبي بكر الصديق .. فهذا سنتكلم عنه في السؤال رقم124 .. إن شاء الله تعالى ..!!  

3- وهناك رواية أخرى عَن عَمْرَةَ بنتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ السيدة عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَامْرَأَةٌ تَرْقِينِي، فَقَالَ: عَالِجِيهَا بِكِتَابِ اللهِ) صحيح بن حبان .. وذكره الألباني في الصحيحة ، وصحيح الجامع ..، وقال الأرنؤوط في تخريج بن حبان : رجاله ثقات رجال الشيخين ..

* وبما أن الراوي واحد وهو (عمرة بنت عبد الرحمن) .. فقد يظن البعض أن الخبر واحد .. ولكن الحقيقة هذه واقعتين مختلفتين قد حدثتا مع السيدة عائشة مرة كانت في حضور والدها أبي بكر ومرة في حضور زوجها النبي صلى الله عليه وسلم ..

- والمعلوم عن السيدة عائشة أنها كانت تحب الرقية جدا والعلاجات .. كما هو معلوم عنها رضي الله عنها .. وكان لها خبرة واسعة في ذلك (راجع السؤال رقم112) .. ودليل ذلك ما جاء عن هشام بن عروة، عن عروة، قال: (ما رأيت أحداً أعلم بالطب من عائشة، رضي الله عنها. فقلت: يا خالة، ممن تعلمت الطب؟ قالت: كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء .. وقال الأرنؤوط: وهذا إسناد صحيح. (راجع تخريج المسند (40/443)).

- من أقوال العلماء في مسألة رقية غير المسلم للمسلم :

1- عن الربيع بن سليمان رحمه الله (المتوفى: 270هـ) .. وكان صاحب الإمام الشافعي وروى عنه كتبه :

- سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ الرُّقْيَةِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يَرْقِيَ الرَّجُلُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَمَا يَعْرِفُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ قُلْت: أَيَرْقِي أَهْلُ الْكِتَابِ الْمُسْلِمِينَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ إذَا رَقُوا بِمَا يُعْرَفُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ ذِكْرِ اللَّهِ ..

- فَإِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَشْتَكِي وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ) ..

- فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَكْرَهُ رُقْيَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ: وَلِمَ ..؟! وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا أَعْلَمُكُمْ تَرْوُونَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافَهُ ..!!

- وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ طَعَامَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَنِسَاءَهُمْ ..، وَأَحْسِبُ الرُّقْيَةَ إذَا رَقُوا بِكِتَابِ اللَّهِ مِثْلَ هَذَا أَوْ أَخَفَّ.

كتاب الأم ج7 ص241 .. مختصرا .

2- قال النووي رحمه الله (المتوفى: 676هـ):

- وَاخْتَلَفُوا فِي رُقْيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَجَوَّزَهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ مِمَّا بَدَّلُوهُ ..، وَمَنْ جَوَّزَهَا قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَدِّلُوا الرُّقَى فَإِنَّهُمْ لَهُمْ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِمَّا بَدَّلُوهُ .

شرح النووي على مسلم ج14 ص186

3- وجاء في الموسوعة الكويتية :

- تحت عنوان : رُقْيَةُ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ.

- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رُقْيَةِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ .. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالإْمَامُ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ إِلَى: جَوَازِ رُقْيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ لِلْمُسْلِمِ إِذَا رَقَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِذِكْرِ اللَّهِ. لِمَا رُوِيَ فِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَخَل عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَهِيَ تَشْتَكِي، وَيَهُودِيَّةٌ تَرْقِيهَا، فَقَال أَبُو بَكْرٍ: ارْقِيهَا بِكِتَابِ اللَّهِ).

- قَال الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَل - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ " بِكِتَابِ اللَّهِ " : أَيْ " بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَل " أَوْ رُقْيَةً مُوَافِقَةً لِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَيُعْلَمُ صِحَّةُ ذَلِكَ بِأَنْ تُظْهِرَ رُقْيَتَهَا ، فَإِنْ كَانَتْ مُوَافِقَةً لِكِتَابِ اللَّهِ أَمَرَ بِهَا .

- وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: أَكْرَهُ رُقَى أَهْل الْكِتَابِ، وَلاَ أُحِبُّهُ، لأِنَّنَا لاَ نَعْلَمُ هَل يَرْقُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ، أَوْ بِالْمَكْرُوهِ الَّذِي يُضَاهِي السِّحْرَ .

الموسوعة الكويتية ج13 ص33-34

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- (رأي خاص) .. أن معنى (ارقيها بكتاب الله) : قد يكون المقصد هو الرقية العامة بكلمات الله .. مثل أن تقول : أعيذك بكلمات الله التامة من شر ما خلق .. وكما كانت دعوة إبراهيم واسحق التي يعوذ بها سيدنا النبي حفيداه الحسن والحسين فيقول :(أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة) صحيح البخاري .

- فلعل أبي بكر أراد برقية الكتاب .. هو مثل ما ذكرناه من الرقية السابقة عن اسحق وابراهيم .. ولا مانع أن يكون عن اليهود علم بها .. وهي رقية لا مانع منها قطعا ..

- وقد يكون معنى (ارقيها بكتاب الله) : أي بما هو معلوم عندكم في كتابكم التوراة أنه رقية .. حتى لا ترقيها برقى فيها استعانة بجن أو ما كان فيه اتباع ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ..

- وقد يكون معنى (ارقيها بكتاب الله) : أي بما هو في القرآن من رقى كالمعوذتين ..

*******************************

..:: س123: مسألة : هل الذهاب للكنيسة أو استدعاء قسيس للرقية أو رقية يهودي لك فيه مخالفة شرعية ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- قلنا لا مانع من رقية أهل الكتاب واستدللنا على ذلك سابقا .. أن الرقية من أهل الكتاب جائزة .. ولكن لها شرط وهو أن لا يكون لها مخالفة من الشريعة .. !!

 * ولكن إجابة على هذا السؤال .. فأقول لك :

أولا :- لا يصح الذهاب للكنيسة أو استدعاء قسيس للرقية .. لأنه لن يأتي ليرقيك بالقرآن .. وإنما وفق عقيدته هو .. وبالتالي لن تصح هذه الرقية وإن أفلحت .. لأنك تكون قد اتبعت غير سبيل المؤمنين .. ليه ؟!!

- لأنه عليك أن تعلم أنه في الكنيسة أو مع القسيس يحدث الآتي :

1- فهو يقرأ عليك منتصرا بالصليب .. والمسلمون ينتصرون بالله ..

2- عقيدته هو المعونة من المسيح .. والمسلمون يستعينون بالله ..

3- وقد يقرأ عليك بالآرمية ما لا تفهمه .. وقد يكون فيه كلام مشبوه مخالف لعقيدتك ..

4- وإذا وجدت أحد في الكنيسة يرسم على يديك أو على ظهرك أو على رأسك .. سواء كان الرسم بالقلم أو مجرد إشارة بأصابع اليد كأنه يرسم عليك شيئا .. فاهرب .. لأنه روحاني وسيزيدك تسليطا ..!!

- فإذا رقاك أحد بأي مما سبق .. فهي رقية باطل لأنها مخالفة لعقيدتك .. وقد ارتضيت بذل الباطل على عز الحق (القرآن) .. ولا تلومن إلا نفسك .

* ولكن إن رقاك بما هو مفهوم معناه وليس فيه ما هو مخالف لعقيدتك .. فلا مانع .. والله أعلم .

ثانيا: أما عن رقية اليهودي لك فهي تكون بما هو مفهوم ومعلوم .. وليست بما اتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان ..!!

* انتبه يا مؤمن إن كنت مؤمن :

- إذا كانت عقيدتك هي: (إِنَّ وَلِيِّـيَ اللّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) الأعراف196 .

- فلا ترجو بغير الحق وليا ونصيرا .. ولا تشك في أن القرآن هو الحق من ربك .. واعلم أن الله معك طالما أنت معه .. فإياك أن تشك ..!!

**************************

..:: الفصل السابع عشر ::..

مناقشات عقلية وأسئلة تحتاج لإجابات

على مسألة رقية أهل الكتاب للمسلمين ..!!

******************

..:: س124: كيف يستجيب الله لرقية غير المسلم في حين الرقية دعاء ودعاء الكافر في ضلال ؟ ::..

(هل يستجيب الله لدعاء الكافر ؟)

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..