ج25: رسالة علم الرقية الشرعية - هل استخدام الطبيعيات كالأعشاب والملح والتراب والماء مباح مع الرقية - هل النبي استخدم الماء كوسيط خارجي في العلاجات - هل قرأ النبي على الماء قرآن - هل هناك أقوال لبعض علماء السلف تؤيد قراءة القرآن على الماء - هل هناك أحد من الصحابة أو التابعين أجاز مسألة القراءة على الماء - هل يجوز قراءة القرآن على الماء ؟ (رأي صاحب الرسالة أ/ خالد أبوعوف).

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة 

- علم الرقية الشرعية -

( من القرآن والسنة النبوية )

- الجزء الخامس والعشرون -

* فهرس :

..:: الفصل الحادي والعشرون :: مسائل على الوسائط في العلاجات ::

1- س157: هل استخدام الطبيعيات كالأعشاب والملح والتراب والماء مباح مع الرقية ؟

2- س158: هل النبي استخدم الماء كوسيط خارجي في العلاجات ؟

3- س159: هل قرأ النبي على الماء قرآن ؟ لماذا نقول على النبي أنه فعل شيئا وهو لم يفعله ؟!!

4- س160: هل هناك أقوال لبعض علماء السلف تؤيد قراءة القرآن على الماء ؟

س161: هل هناك أحد من الصحابة أو التابعين أجاز مسألة القراءة على الماء ؟

س162: هل يجوز قراءة القرآن على الماء ؟ (رأي صاحب الرسالة أ/ خالد أبوعوف) .

************************

..:: الفصل الحادي والعشرون ::..

:: مسائل على الوسائط في العلاجات ::

***********************************

..:: الرقية والوسائط  ::..

*******************************

..:: س157: هل استخدام الطبيعيات كالأعشاب والملح والتراب والماء مباح مع الرقية ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- لا مانع شرعا من استخدام المباحات .. سواء مع الرقية أو غير الرقية .. وطالما الوسائط المستخدمة هي مباحة شرعا .. فلا حرج في استخدامها ..

- وقد ذكرنا في الفصل السابق الأدلة على استخدام الماء والتراب والملح مع الرقية كوسائط خارجية قد استخدمها النبي صلى الله عليه وسلم .. وكذلك استخدم الأعشاب أو أرشد إليها في العلاجات بدون رقية .. وعموما طالما هذه الوسائط هي شيء مباح وحلال .. فمن يقل أنها بدعة محرمة فهو قد ضل سواء السبيل وافترى كذبا على الله (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) النحل116 ..

- ودائما انظر إلى الوسائط المستخدمة هل هي من المباح استخدامه أم لا .. فلو مباحة فلا حرج في استخدامها ..

- ثم انظر هل هذه الوسيلة تتفق مع العلاج من الإصابة أم لا ؟

- وهل هذه الوسيلة لها معارض من الشرع أم لا ؟

- وهل تتفق مع فعل النبي أو قوله أو إرشاده ؟

- ولو كانت بدعة لا قياس لها شرعا .. فانظر هل لها معارض من الشرع ؟ فلو كان لها معارض فهي بدعة مذمومة شرعا وعليها إثم .. ولو لم يكن لها معارض فهي بدعة غير مذمومة شرعا ..

* ولكن انتبه لهذه الملاحظات :

1- الإستخدامات للوسائط الخارجية كالماء والتراب والملح كانت مع العلاجات العضوية أو النفسية .. ولم يفعلها النبي مع العلاجات الروحانية ..!!

2- العلاجات الروحانية من النبي كانت بالإستعاذة أو بالعزيمة الإيمانية .. لأن العلاجات الروحانية يتم علاجها ربانيا أي بالله .. وأقصى وسيط استخدمه النبي (على افتراض صحة رواية بن ماجه) كان استخدم اليد على صدر الصحابي في الوسواس ..!! .. وفي السحر لم يستخدم إلا الدعاء إلى الله ..!! وفي بعض حالات المس التي جاءت في أحاديث ضعيفة .. فكان الطريقة المستخدمة أيضا هي قرآن .. أو عزيمة إيمانية ..!!

3- وأخيرا نجد ملاحظة ثالثة ومهمة جدا .. وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط أجرا مقابل أن يرقي الناس .. بل كان يرقي دون مقابل ..!!

- وسيأتي فصل خاص بالأجرة على الرقية .. فلا تتعجل الأمر ..

*************************

..:: س158: هل النبي استخدم الماء كوسيط خارجي في العلاجات ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- نعم استخدمه في العلاجات العضوية والنفسية .. ولم يستخدمه في العلاجات الروحانية .. ولكن لا مانع من استخدام الماء في أي علاج لأن الماء طهور ..

- ولكن لا تقل أن النبي استخدمه في الرقية الروحانية حتى لا تكون كذبت على النبي .. لأنه لم يأتي عنه أنه استخدم الماء في العلاجات الروحانية ..

- وإنما قل هو مباح استخدامه في الشريعة .. لأنه من المباحات التي لا معارض لها من الشريعة .

************************

..:: س159: هل قرأ النبي على الماء قرآن ؟ ::..

(لماذا نقول على النبي أنه فعل شيئا وهو لم يفعله ؟!!)

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- لم يقرأ النبي قرآن على الماء في أي رقية ..!! ولكن لا مانع من قراءة القرآن على الماء تبركا بالقرآن على الماء الطهور .. سواء ماء الشرب أو ماء البحر ..

- انتبه جيدا : في هذا السؤال لا نناقش هل يصح قراءة القرآن على الماء أم لا ؟ بل نناقش أن البعض نسب فعل للنبي لم يفعله صلى الله عليه وسلم ..!!

- حيث وجدت على شبكة النت .. من ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم  أفعالا لم يفعلها .. وذلك ليثبت أن النبي قرأ قرآن على الماء عند الرقية .. وجاء بأدلة ليست بأدلة تؤيده بل تؤكد أنه بعيد عن الصواب تماما .. فصاحبه عدم التوفيق .. وكيف يوفق وهو ينسب فعل للرسول لم يفعله صلى الله عليه وسلم ..!!

- فهيا بنا نناقش ما استدل به البعض من أدلة ظن من خلالها أنها تشير إلى أن النبي قد قرأ قرآن على الماء في العلاجات .. وينسب للنبي فعلا لم يفعله النبي .. فأحببت أن أرشدك لفساد الإستنباط من الأدلة التي استدل بها في هذه المسألة .. وأن ظنه كان خطأ ..

- وبعد ما سيأتيك من العلم لا تقل أن النبي قرأ قرآن على الماء حتى لا تكون كذبت عليه .. وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) صحيح مسلم .

- استدل من زعم أن النبي قرأ قرآن على الماء في الرقية :

* الدليل الأول: من الحديث :

- (عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّهُ دخلَ علَى ثابتِ بنِ قيسٍ - وَهوَ مريضٌ - فقالَ اكشفِ البأسَ ربَّ النَّاسِ عن ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شمَّاسٍ ثمَّ أخذَ ترابًا من بَطحانَ فجعلَهُ في قدَحٍ ثمَّ نفثَ عليهِ بماءٍ وصبَّهُ عليهِ) ضعيف أبي داوود ..

- ورواه بن حبان والنسائي في الكبرى بنفس السند .. ولكن بدون لفظ "النفث" .. حيث جاء عندهما بلفظ : (ثُمَّ أَخَذَ تُرَابًا مِنْ بُطْحَانَ فَجَعَلَهُ فِي قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَبَّهُ عَلَيْهِ)

1- معنى (بطحان) : واد في المدينة ، اسْمُ وَادٍ بِالْمَدِينَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسَعَتِهِ وَانْبِسَاطِهِ مِنَ الْبَطْحِ وَهُوَ البسط .. وهو أحد أوديتها الثلاثة: العقيق وبطحان وقناة .

- ملحوظة انتبه لها :  قال الألباني أن (بطحان) هو الحصا الصغار .. وهو خطأ منه رحمه الله .. وذلك لسببين :

- الأول : الصحيح هو أنه واد بالمدينة ..

- الثاني : كلام الحديث لا يستقيم لو كان معنى "بطحان" بمعنى الحصا .. إذ كيف يكون ترابا وكيف يكون حصا ..؟!!

- ووجهة نظري أن هذا الحديث صحيح لغيره .. لأن متنه له شواهد تؤيد الدعاء ، وتؤيد فعل خلط الماء بالطين .. كحديث السيدة عائشة .. في البخاري ومسلم .. والله أعلم .

2- ولكن هل في الحديث ما يدل على أن النبي قرأ قرآن على الماء ؟!!

- لا يوجد ما يدل على ذلك من قريب أو بعيد ..!!

* قال العظيم آبادي رحمه الله (المتوفى: 1329هـ):

- وَالْمَعْنَى أَيْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي فِيهِ ثُمَّ رَمَى بِالْمَاءِ عَلَى التُّرَابِ .. ثُمَّ صَبَّ ذَلِكَ التُّرَابَ الْمَخْلُوطَ بِالْمَاءِ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ .

- وَإِنَّمَا جَعَلَ الْمَاءَ أَوَّلًا فِي فِيهِ لِيُخَالِطَ الْمَاءَ بريق رسول الله ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَاءَ نُفِثَ أَيْ رُمِيَ عَلَى التُّرَابِ مِنْ غَيْرِ إِدْخَالِهِ فِي فِيهِ .. فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَيْ رُشَّ الْمَاءُ عَلَى التُّرَابِ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الطِّينُ الْمَخْلُوطُ بِالْمَاءِ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ .

- وَيُؤَيِّدُ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قُرْحَةٌ قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا وَوَضَعَ سُفْيَانُ أَيْ أَحَدُ رُوَاتِهِ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا لِيُشْفَى سَقِيمُنَا بإذن ربنا)

عون المعبود في شرح سنن أبي داوود ج10 ص265

* قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام العظيم آبادي ..

- (وجهة نظري) .. لا أرى أن الوجه الخاص بوضع الماء في فمه ثم وضعه في التراب هو وجه صائب .. لأن رواية بن حبان تظهر أنه لم يدخل الماء في فمه .. بل وضعه على التراب .. فيكون معنى النفث في رواية أبي داوود هو مجازا عن إلقاء الماء على التراب .. والله أعلم .

3- ومن أغرب تفاسير شرح الحديث .. هو شرح الإمام بن رسلان رحمه الله (المتوفى: 844 هـ) حيث قال في (شرح سنن أبي داوود ج15 ص615)  .. عند لفظ الحديث (فجعلَهُ في قدَحٍ ثمَّ نفثَ عليهِ) أي: نفخ مع الرقية أو قراءة القرآن ..!!

* قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على كلام الإمام بن رسلان ..

- شرح الإمام (نفخ مع الرقية أو قراءة قرآن) هو تفسير خاطيء للحديث .. لأن الحديث لم يأت فيه من قريب أو بعيد أي ذكر لقراءة القرآن على الماء ولا حتى الرقية على الماء ..!!

- فمن أين جاء بنفخ مع الرقية أو القرآن على الماء ..؟!!

- فهذا تفسير خاطيء ولا يصح لأنه لا وجود له أصلا في روايات الحديث المختلفة .. !! فانتبه لما أرشدتك إليه ..

4- قلت (خالد صاحب الرسالة) : وخلاصة ما سبق أنه لا يصح الإستدلال بهذا الحديث السابق .. للآتي :

أولا- إسناده ضعيف لجهالة يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس..!! وإن كان له شاهد قوي لنفس الطريقة قد رواها البخاري (5675)، ومسلم (2191) من حديث عائشة ..

ثانيا- لا يوجد في الحديث ما يدل على أنه قرأ قرآن .. بل دعا برقية أثناء صب الماء والتراب على مكان الألم عند المصاب .

- فمن أين جاء بأن النبي قرأ على الماء في هذا الحديث ؟!!

ثالثا- ولذلك الإستدلال بهذا الحديث على أن النبي قرأ قرآن على الماء في الرقية .. هو قول فاسد وباطل .. فانتبه .

* احذر وانتبه من المدلسين في العلم الديني والكذب في الحديث النبوي :

- ستجد البعض على شبكة النت ليوهمك بأن هذا فعل النبي فيكتب لك هذا السياق: "قد روى أبو داود أن النبي عليه الصلاة والسلام) قرأ على ماء في إناء وَصَبَّه على الصحابي ثابت بن قيس بن شمَّاس) .. وذلك عندما كان مريضاً" ..!!

- وهذا القول السابق هو كذب على الحديث النبوي لأنه لم يأت في الحديث أن النبي  "قرأ على الماء" ..!!

- فاحترسوا وانتبهوا واقرأوا الحديث جيدا ..!!

* الدليل الثاني : من الحديث ..

- وقد استدل أن النبي قد قرأ على الماء من خلال حديث رقية العقرب ..

- عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: (لَدَغَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقْرَبٌ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ لَا تَدَعُ مُصَلِّيًا وَلَا غَيْرَهُ " ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا" وَيَقْرَأُ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ - وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ - وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ .. قال الهيثمي : وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ .. وذكره الألباني في الصحيحة (548) ..

- وفي رواية بلفظ : (ثُمَّ جَعَلَ يَصُبُّهُ عَلَى إِصْبَعِهِ حَيْثُ لَدَغَتْهُ وَيَمْسَحُهَا وَيُعَوِّذُهَا بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ) رواه بن أبي شيبه .. بسند حسن .

- وفي رواية بلفظ : (ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ وَمِلْحٍ وَجَعَلَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا وَيَقْرَأُ: قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) رواه البيهقي في الشعب .. بسند حسن .

1- فالحديث واضح جدا .. أنه استخدم الماء والملح في المسح على مكان لدغة العقرب .. وأثناء المسح كان يقرأ كلام الله .. أي جمع بين العلاج المادي والروحي .. من باب التعوذ والرقية بكلمات الله .. 

- وكلام الحديث واضح وصريح .. أنه مع المسح كان يقرأ كلام الله ..

- ولم يقرأ على الماء بل كان يعوذ على مكان الألم بلفظ (يعوذها بالمعوذتين) وبلفظ (وجعل يمسحُ عليها) .. أي على مكان لدغة العقرب .. وليس يقرأ على الماء ..!!

2- وإلا فلماذا لم يقرأ من البداية على الماء وهو يضع فيه الملح ثم يمسح بعد ذلك ..؟!!

- لأن القراءة مقصودة لذاتها .. لأنه صلى الله عليه وسلم كان دائم التعوذ بالمعوذات بدون أي وسائط خارجية ..

3- ولو كانت القراءة على شيء غير اللدغة .. لكان من باب أولى أن يقال أن النبي كان يقرأ على يده التي يمسح بها وليست القراءة على الماء والملح ..!! ..

4- وفائدة القراءة أثناء المسح .. حتى يعلمنا النبي أن ماديات الحياة لها تأثير .. وتزداد التأثير ببركة التعوذ بكلام الله .. 

5- مما سبق يتبين لك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرأ على الماء والملح .. ثم مسح بهما .. لا .. لم يحدث .. كما هو واضح من ألفاظ الحديث ..

- بل أثناء المسح بالماء والملح .. كان يتوسل إلى الله ويتعوذ بكلامه .. ليعيذه من شر ما خلق .. فافهم ..!!

* الدليل الثالث : من الحديث ..

- واستدل البعض بحديث آخر للدلالة على جواز الرقية على الماء ..

- عن السيدة عائشة قالت (كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا أرادَ النَّومَ جمَعَ يَدَيْه، فيَنفُثُ فيهما، ثم يَقرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ الْفَلَقِ}، و{قُلْ أَعُوذُ برَبِّ النَّاسِ}، ثم يَمسَحُ بهما وَجهَه، ورَأْسَه، وسائِرَ جَسَدِه) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين .

* قلت (خالد صاحب الرسالة) :

- من الواضح أن صاحب الإستدلال لا يفرق بين القراءة على الماء الطهور والقراءة على ريق الإنسان الذي يأتي من داخل جوفه على هيئة رذاذ ماء أو مجرد هواء مصحوب بما حمل من الريق ..!!

- واعتقد أن هذه مشكلة تتعلق بالإدراك العقلي والفهم للمعاني .. لأن هذا الرذاذ لا يسمى ماء بأي حال من الأحوال .. وإلا كان المخاط الخارج من الإنسان يسمى ماء ..!!

- ولا يخفى أن الإستدلال بهذا الحديث فيه كلام لأنه يوجد روايات أخرى تدل على أن النفث بالمعوذات .. أي مع قرائتها أو بعد القراءة وليس قبلها ..!! وهذا ما سنناقشه في فصل النفث كوسيط خارجي وما المقصود منه ..

*******************************

..:: س160: هل هناك أقوال لبعض علماء السلف تؤيد قراءة القرآن على الماء ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- نعم يوجد من كلام السلف ما يثبت أنهم أجازوا ذلك .. فمن هؤلاء :

1- قال الإمام ابن مفلح الحنبلي رحمه الله (المتوفى: 763هـ):

- قال صالح : وَقَالَ صَالِحٌ: رُبَّمَا اعْتَلَلْتُ فَيَأْخُذُ أَبِي قَدَحًا فِيهِ مَاءٌ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَيَقُولُ لِي: اشْرَبْ مِنْهُ، وَاغْسِلْ وَجْهَكَ وَيَدَيْكَ.

- وَنَقَلَ عَبْدُ اللهِ: أَنَّهُ رَأَى أَبَاهُ يُعَوِّذُ فِي المَاءِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ وَيَشْرَبُهُ وَيَصُبُّ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ.

- قَالَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يُؤْتَى بِالْكُوزِ وَنَحْنُ بِالْمَسْجِدِ فَيَقْرَأُ عَلَيْهِ وَيُعَوِّذُ .

الآداب الشرعية ج2 ص456 .. مختصرا..

- توضيح لما سبق : صالح وعبد الله هما ابنا الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة ..، يوسف بْن مُوسَى بْن راشد أَبُو يَعْقُوب القطان الكوفي كان يهوديا وأسلم على يد عبد الله بن الإمام أحمد ولازمه ونقل على الإمام أحمد بعض الأقوال التي سمعها منه .

2- قال ابن القيم رحمه الله تعالى (المتوفى: 751هـ) :

- وَأَمَّا شَهَادَةُ التَّجَارِبِ بِذَلِكَ (أي في الرقية) فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَقَدْ جَرَّبْتُ أَنَا مِنْ ذَلِكَ فِي نَفْسِي وَفِي غَيْرِي أُمُورًا عَجِيبَةً، وَلَا سِيَّمَا مُدَّةَ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَعْرِضُ لِي آلَامٌ مُزْعِجَةٌ، بِحَيْثُ تَكَادُ تَقْطَعُ الْحَرَكَةَ مِنِّي، وَذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ وَغَيْرِهِ، فَأُبَادِرُ إِلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَأَمْسَحُ بِهَا عَلَى مَحَلِّ الْأَلَمِ فَكَأَنَّهُ حَصَاةٌ تَسْقُطُ، جَرَّبْتُ ذَلِكَ مِرَارًا عَدِيدَةً، وَكُنْتُ آخُذُ قَدَحًا مِنْ مَاءِ زَمْزَمٍ فَأَقْرَأُ عَلَيْهِ الْفَاتِحَةَ مِرَارًا، فَأَشْرَبُهُ فَأَجِدُ بِهِ مِنَ النَّفْعِ وَالْقُوَّةِ مَا لَمْ أَعْهَدْ مِثْلَهُ فِي الدَّوَاءِ، وَالْأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ بِحَسَبِ قُوَّةِ الْإِيمَانِ، وَصِحَّةِ الْيَقِينِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

مدارج السالكين ج1 ص80

* قال الإمام الذهبي رحمه الله (ت 748 هـ) :

- وإذا كان بعض الكلام له خواص نفعٍ بإذن الله تعالى، فما ظنك بكلام الله سبحانه وتعالى؟

- ونص أحمد أن القرآن إذا كتب في شيءٍ وغسل وشرب ذلك الماء فإنه لا بأس به، وفي الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه المريض، - وكذلك يقرأ القرآن على شيءٍ ثم يشرب ، كل ذلك لا بأس به .

- وكذلك يقرأ على الماء ويرش على المريض .

- وكذلك يكتب للمرأة إذا عسرت عليها ولادتها شيءٌ من القرآن وتسقى .

الطب النبوي للذهبي ص278

* وسيأتيك مزيد من الأقوال لابن تيميه وبن القيم .. وفي المسألة الخاصة بكتابة الآيات القرآنية ..

* ولكن انتبه :

- ما قاله السادة العلماء .. إنما هو عن اجتهاد ورأي في المسألة وليس عن وحي سماوي وتشريع .. ولكنهم أيضا اعتمدوا فيه على أنه ليس يوجد دليل نهي عن القراءة على الماء .. وإنما النهى جاء عن أن يكون في الرقية شرك أو فيها مخالفة للشريعة ..!!

***************************

..:: س161: هل هناك أحد من الصحابة أو التابعين أجاز مسألة القراءة على الماء ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- هناك رأي للسيدة عائشة .. ويستدل به الكثيرون في جواز قراءة القرآن كرقية على الماء .. ولكن لما تتبعت سند هذا الأثر المروي عنها رضي الله عنها .. وجدت فيه ضعفا في إسناده .. ولذلك أحببت أن أفرده في سؤال خاص حتى تتبين الأمر .. وإليك التفصيل :

- عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ عَائِشَةَ: (أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى بَأْسًا أَنْ يُعَوَّذَ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُصَبَّ عَلَى الْمَرِيضِ) رواه بن أبي شيبه .

- معنى (يعوذ في الماء) : أي يقرأ على الماء ..

- قلت خالد (وهو اجتهاد مني في تحقيق الحديث حيث لم أرى تحقيقا عليه فيما توافر لدي من مصادر) : أن الحديث ضعيف لأن فيه انقطاع بين أبي معشر- وهو زياد بن كليب – وبين السيدة عائشة .. حيث سقط التابعي الذي أخذ عنه أبي معشر .. !!

- وكما هو معلوم أن الحديث المقطوع إسناده هو من جملة الحديث الضعيف .. !!

- ولذلك لا حجة فيه لمن يستدل به على ذلك .. والله أعلم .

- وستجد في كثير من كتب السلف والخلف يستدلون بهذا الحديث .. الذي أحسبه ضعيفا والله أعلم ..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- وفي كل الأحوال سواء كان حديث السيدة عائشة هو حديث صحيح أم ضعيف .. فهو رأي فقهي اجتهادي خاص بها .. بدليل أنها قالت (لا ترى بأسا) .. ولو كانت تعلم أن هذا فعل النبي لقالت أن النبي قد فعله ..!!

- فانتبه لما قلته لك ..

* أما عن أقوال بعض التابعين :

- سيأتيك بعد قليل ذكر أقوال بعض التابعين في السؤال الخاص بكتابة الآيات القرآنية ومحوها وشربها ..

****************************

..:: س162: هل يجوز قراءة القرآن على الماء ؟ ::..

(رأي صاحب الرسالة أ/ خالد أبوعوف)

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- نعم يجوز قراءة القرآن على الماء .. ودليل ذلك :

1- لا يوجد دليل نهي لهذا الشيء .. فيبقى الشيء على الإباحة حتى يظهر ما يفيد النهي عنه ..

2- النبي كان يذكر اسم الله على الطعام والشراب كما هو معلوم .. والقرآن نوع من الذكر لقوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر9 ..، (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) النحل44 ..

- فلا مانع حينئذ من ذكر الله على الماء كما كان النبي يذكر اسم الله على الطعام والشراب ..

3- كيف تشك أن يكون للقرآن بركة في نفسك وفيمن حولك من عالم الأسباب والوسائط .. حيث يقول تعالى (وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) الأنبياء50 ..

4- وببساطة عقلية نقول :

أولا : إذا كانت قراءة القرآن مباحة على الكافر عابد الصنم (كما حدث في حديث أبي سعيد الخدري الذي رقى بفاتحة الكتاب وأقره النبي على فعله) .. أفيكون القرآءة على الماء بدعة منكرة .. أفلا تعقلون ؟!!

- فلا يقول بأن القرآءة على الماء بدعة منكرة إلا من فاته من العلم أكثر من قام بتحصيله في هذه المسألة ..!!

ثانيا: النبي كان يقرأ القرآن على يديه الشريفة بالمعوذتين بل وعلى نفسه .. فإذا كانت القرآءة على اليد والجسم هي جائزة .. فما الذي يمنع أن يقرأ على الماء وهو وسيلة طاهرة ..؟!!

- يبقى القراءة على الوسائط الطاهرة لا مانع منها .. قياسا على قراءة النبي صلى الله عليه وسلم على يديه وعلى نفسه ..

ثالثا: إذا كان ذكر الله جائز على البهائم حين ذبحها وحين المسح عليها (وسيأتيك بيان ذلك في سؤال خاص) .. أيكون القراءة على الماء الطاهر غير جائزة .. أفلا تعقلون ؟!!

رابعا: قرائتك للقرآن هي أصلا قراءة على نفسك وعلى منزلك بالكامل وعلى الهواء الذي يحيط بك .. لأنك تبتغي من وراء هذه القراءة وجه الله .. فيصيب بركة هذه القراءة كل ما هو محيط بك .. ولذلك يهرب الشيطان من المنزل ويبتعد عنك .. لأنه تدب في هذا المنزل الحياة بالقرآن فيصبح فيه نور ..

- فإذا كانت القراءة تلامس كل ما هو حولك .. فلماذا تمنع أن يكون لهذه البركة القرآنية كرامة على الماء ..؟ أفلا تعقلون ؟!

* الخلاصة لكل ما سبق في مسألة قراءة القرآن على الماء :

- أن النبي لم يقرأ قرآن على الماء .. وكذلك النبي لم يقرأ قرآن بأن قام بتقريب فمه للماء وقرأ عليه .. وكذلك النبي لم يأمر أحد بأن يقرأ قرآن على الماء ويعالج به نفسه ..

- وكذلك النبي لم يرد عنه نهي في هذه المسألة .. فيبقى الأمر على الإباحة .. إي إباحة هذا الفعل .. لأن القرآن طاهر والماء طاهر .. ولا معارض لهذا من الشرع .. ويكفيك ما ذكرته لك نقلا وعقلا .. !!

* ولكن لا تقول أن قراءة القرآن على الماء في الرقيات هي فعل النبي .. لا فهذا خطأ .. ولكن قل إن هذا أمر مباح وقد فعله كثير من السلف وليس له معارض من الشرع ..

- ولكن لا تنسب هذا الفعل للنبي .. حتى لا تكون قد كذبت عليه ..!!

- والله أعلم في كل ما سبق .

* انتبه جيدا للآتي : 
- إذا كانت القراءة على الماء جائزة .. فإن طرق كيفية القراءة على الماء .. سنجد منها ما هو جائز ومنها ما هو منهي عنه تأديبا لا تحريما .. فانتبه للسؤال القادم جيدا !!

********************************

..:: س163: كيفية قراءة الرقية على الماء ؟ ::..

(ليس بتقريب فمك للماء لو ستشرب منه)

(كلام خطير جدااااا .. فانتبه إليه)

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..