ج3: رسالة التعريف بضوابط طريق الإيمان لمن يطلب الله - تأدب مع الله في معاملتك مع خلقه - إياك والغيبة وتتبع عورات الناس - لا تتهم الناس بمعاصيهم ولا تحكم عليهم كأنك إله - لا تحتقر عمل أحد مع الله - لا تجعل العُجب يصيبك في علمك ولا تتعصب لرأيك - لا تشارك في فتنة سياسية أو دينية أو فنية - لا تجعل أحد يخدعك في الدين - هذا منهجنا في العلاج وإلا فابتعد عنا - ما وجه الحكمة في اختياري للتسبيح والصلاة على النبي في العلاجات وفي السلوك بالذكر - لماذا نضع الإختيار للمصاب بأن يصلي على النبي أو التسبيح - لماذا فترة أسبوعين التي غالبا أذكرها للناس في العلاجات.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة)

(الجزء الثالث)

- ضوابط إيمانية هامة في المعاملات عليك أن تعرفها قبل أن تتبع منهج أهل الإيمان -

* فهرس:

الجزء الثالث - ضوابط في المعاملات - لطالب الطريق إلى الله بحق الإيمان - عليه أن ينتبه لها أو يحترس منها:

1- (الضابط الأول): تأدب مع الله في معاملتك مع خلقه ؟

2- (الضابط الثاني): إياك والغيبة وتتبع عورات الناس ؟

3- (الضابط الثالث): لا تتهم الناس بمعاصيهم ولا تحكم عليهم كأنك إله ؟

4- (الضابط الرابع): لا تحتقر عمل أحد مع الله؟

5- (الضابط الخامس): لا تجعل العُجب يصيبك في علمك ولا تتعصب لرأيك؟

6- (الضابط السادس): لا تشارك في فتنة سياسية أو دينية أو فنية ؟

7- (الضابط السابع): لا تجعل أحد يخدعك في الدين ؟

8- (الضابط الثامن): هذا منهجنا في العلاج .. وإلا فابتعد عنا ؟

9- تساؤلات أريدك أن تعرف إجابتها:لماذا أفعل هذه الأمور وأطالب بها البعض ؟

10- قد يتساءل البعض قائلا : ما وجه الحكمة في اختياري للتسبيح والصلاة على النبي في العلاجات وفي السلوك بالذكر ؟

11- لماذا نضع الإختيار للمصاب بأن يصلي على النبي أو التسبيح ؟

12- لماذا فترة أسبوعين التي غالبا أذكرها للناس في العلاجات ؟

************************************

(الجزء الثالث)

(ثانيا: ضوابط المعاملات)

- إذا فهمت ما سبق من ضوابط في العبادات في الجزء الثاني .. فاعلم الآتي ::

- أن علاقتك بالأدب مع الناس جزء لا يتجزأ من طريقتنا ومنهجنا.

- وعليك أن تلتزم بهذه الضوابط في علاقتك بالله مع الناس.

********************************

(الضابط الأول)

( تأدب مع الله في معاملتك مع خلقه)

1- أعلى العبادات هو معاملة الحق سبحانه في خلقه بحسن الخلق وحسن المعاملة وقضاء حوائجهم ومساعدتهم .. ففي هذه المعاملات بالنفع للناس ستجد محبة الله الكبرى ‎..

- عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ) صحيح الترمذي.

- عن بعض أصحاب النبي قال: (أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا .. وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ – شَهْرًا .. وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ .. وَمَنْ كَتَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ .. مَلَأَ اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِضًا .. وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثْبِتَهَا .. أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الْأَقْدَامُ) رواه بن أبي الدنيا في قضاء الحوائج، ورواه بن عساكر (بدون جزئية "وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ ..") .. وكلاهما من طريق بكر بن خنيس .. وذكره الألباني في الصحيحة بإسناد حسن من الطريق السابق .. وذكره في صحيح الجامع .. ولكن الألباني ضعف رواية الطبراني لأنها بسند ضعيف جدا.

- أخي الحبيب: نرحب بك بيننا لو كنت من الذين يحبون الأدب مع الآخر ويحب مساعدة الآخر سواء (مسلم أو غير مسلم) .. لقوله تعالى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة8 .. وقوله تعالى (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) البقرة83 ..

- أما لو كنت ممتلأ بالغل والكراهية لأننا نخالفك الرأي والفكر .. أو لأنك تكره احترام الآخر والأدب معه لو كان من غير دينك .. فمن فضلك لا تصاحبنا وفارقنا وابتعد عنا ولا تجالسنا حتى تتأدب بكلام الله .. وبكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

******************************

(الضابط الثاني)

(إياك والغيبة وتتبع عورات الناس)

2- إياك ان تخوض في الكلام على الناس .. فإن هذا يحرمك الذكر بصفة خاصة .. وقد يؤثر على كل عبادتك بصفة عامة .. فلا تستخف بحق العباد !!

- يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) الأحزاب70.

- يقول صلى الله عليه وسلم: (مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أوْ لِيَصْمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ) صحيح البخاري.

- يقول صلى الله عليه وسلم: (إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا ، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ) صحيح البخاري.

* قال الشيخ محمد حمزة قاسم رحمه الله (المتوفى:1431هـ) :

- معنى (من رضوان الله):أي من كلمات الخير التي ترضي الله عزّ وجل من نصيحة أو تعليم، أو أمر بمعروف، أو إصلاح بين الناس، أو نهي عن منكر، أو دفع مظلمة (لا يلقي لها بالاً) أي لا يعيرها اهتماماً، ولا يقيم لها وزناً (يرفعه الله بها درجات) أي يرفع الله بها ذلك المتكلم درجات عالية في الجنة.

- معنى (من سخط الله): أي من الكلمات التي تسخط الله كالغيبة والنميمة والكذب مثلاً (لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم) أي يسقط بسببها في جهنم يوم القيامة ، وفي رواية: (يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) صحيح مسلم.

منار القاري في شرح البخاري ج5 ص297

* قلت (خالد صاحب الرسالة): وأقرب مثال على الذين ينقلون كلاما بلا مبالاة في عصرنا .. الذين يتهمون الناس بالسحر سواء بالتصريح أو التلميح مما قد يترتب عليه قطع أرحام .. والذين ينقلون أخبار الفضايح على سبيل الفرفشة على صفحات الفيس أو الواتس آب .. أو ما شابه ..!!

- وعن عقبة بن عامر قال: (لقِيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقلتُ ما النَّجاةُ فقالَ أملِكْ عليكَ لسانَك ، وليسعْكَ بيتُك ، وابكِ على خطيئتِك) صحيح الترمذي – وذكره الألباني في صحيح الجامع برقم 1392..

- ويقول صلى الله عليه وسلم: (يا معشرَ من آمنَ بلسانِه ولم يدخلْ الإيمانُ قلبَه ، لا تغتابوا المسلمين ، ولا تتَّبعوا عوراتِهم ، فإنه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعُ اللهُ عورتَه ، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَه يفضحُه في بيتِه) صحيح أبي داوود .

***************************

(الضابط الثالث)

( لا تتهم الناس بمعاصيهم ولا تحكم عليهم كأنك إله)

3- إياك أن تتهم الناس وتحكم عليهم بأنهم من أهل النار لغلبة النفس عليهم .. لأنك ترى في نفسك أنك على خير .. قال صلى الله عليه وسلم : (إذا قال الرَّجلُ : هلك النَّاسُ ، فهو أهلكُهم) صحيح مسلم .

* قال الإمام الخطابي الشافعي رحمه الله (المتوفى: 388 هـ):

- معناه لا يزال الرجل يعيب الناس ، ويذكر مساوئهم ، ويقول : فسد الناس وهلكوا .. ونحو ذلك .. فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم ، والوقيعة فيهم ، وبما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ، ورؤيته أنه خير منهم ..

شرح النووي على مسلم 2613

- وعن جندب بن عبد الله عن النبي قال (أنَّ رَجُلًا قالَ: واللَّهِ لا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلانٍ، وإنَّ اللَّهَ تَعالَى قالَ: مَن ذا الذي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أنْ لا أغْفِرَ لِفُلانٍ، فإنِّي قدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ، وأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ، أوْ كما قالَ) صحيح مسلم ..

- ومعنى (تألى على الله): أي مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَحَلَفَ ، كَقَوْلِكَ: والله ليدخلن فلان النار أو يحكمون على الناس بأن فلان من أصحاب النار وفلان من اصحاب الجنة .. وكأنه اطلع على الغيب ومراد الله في خلقه ..!!

********************************

(الضابط الرابع)

(لا تحتقر عمل أحد مع الله)

4- لا تحتقر عمل أحد مع الله .. ولا تفتخر بأعمالك ولا تتعالى بها على عباد الله .. فلعله هو أفضل منك عند الله .. وحقيقته أنه من الصالحين وحقيقتك أنك من المفلسين يوم الدين .. ولعلك تقرأ القرآن وأنت من وقود النار ..!!

- عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيَظْهَرَنَّ الْإِيمَانُ حَتَّى يُرَدَّ الْكُفْرُ إِلَى مَوَاطِنِهِ، وَلَتُخَاضَنَّ الْبِحَارُ بِالْإِسْلَامِ .. وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَتَعَلَّمُونَ فِيهِ الْقُرْآنَ، يَتَعَلَّمُونَهُ وَيَقْرَءُونَهُ، وَيَقُولُونَ: قَدْ قَرَأْنَا وَعَلِمْنَا، فَمَنْ ذَا الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنَّا؟ فَهَلْ فِي أُولَئِكَ مِنْ ضُرٍّ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ أُولَئِكَ؟ قَالَ: " أُولَئِكَ مِنْكُمْ، وَأُولَئِكَ وَقُودُ النَّارِ) رواه الطبراني في الكبير .. وقال الهيثمي: رجاله ثقات إلا أن هند بنت الحارث الخثعمية التابعية لم أر من وثقها ولا جرحها .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب وفي السلسلة الصحيحة ورمز له بأنه حسن.

- ويقول صلى الله عليه وسلم : (المسلمُ أخو المسلمِ لا يخونُهُ ولا يَكذِبُهُ ، ولا يخذلُهُ ، كلُّ المسلمِ علَى المسلمِ حرامٌ : عِرضُهُ ومالُهُ ودمُهُ . التَّقوَى ههُنا . بِحسبِ امرئٍ منَ الشَّرِّ أن يحتقِرَ أخاهُ المسلمَ) صحيح الترمذي .

- قال صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ .. فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا ... فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه .. أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ) صحيح مسلم .

- قال أبو هريرة: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلَاتِهَا، وَصِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: "هِيَ فِي النَّارِ" .. قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّ فُلَانَةَ يُذْكَرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا، وَصَدَقَتِهَا، وَصَلَاتِهَا، وَإِنَّهَا تَصَدَّقُ بِالْأَثْوَارِ مِنَ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: هِيَ فِي الْجَنَّةِ) رواه أحمد وقال الأرنؤوط: إسناده حسن .. وذكره الألباني في صحيح الأدب المفرد .

- معنى (الأثوار من الأقط) : قطع من اللبن المجفف .. مثل الجبنة القريش ..

******************************

(الضابط الخامس)

(لا تجعل العُجب يصيبك في علمك ولا تتعصب لرأيك)

5- لا تجعل العُجب يصيبك في نفسك فتغتر فتتعالى بعلمك أو تتعصب لرأيك .. فلعل مع الغير يوجد الخير .. فلا تكن متعاليا بعلمك وتستكبر عن سماع رأي الآخر .. فلعل علمك فيه ظلمات .. ولعل علم الآخر فيه نور ..

- عن أنس بن مالك (ثلاثٌ مُنجِياتٌ : خَشيةُ اللهِ تعالَى في السِّرِّ والعلانِيَةِ ، والعدلُ في الرِّضا والغضَبِ ، والقصْدُ في الفقْرِ والغِنَى ، وثلاثٌ مُهلِكاتٌ : هوًى مُتَّبَعٌ ، وشُحٌّ مُطاعٌ ، وإِعجابُ المرْءِ بنفْسِهِ) رواه البزار .. وذكره الألباني في الصحيحة وقال: حسن لشواهده .. وفي صحيح الجامع ورمز له بأنه : حسن ..

- عن أبا ثعلبة الخُشني أنه سأل النبي عن قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) المائدة105 .. فقال النبي: (بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عن الْمُنْكَرِ .. حتى إذا رأيتَ شُحّاً مُطاعاً، وهوىً متبعاً ، ودنيا مُؤْثَرَةً ، وإعجابَ كلِّ ذي رأي برأيه ، فعليكَ –يعني بنفسك- وَدع عنك العَوامَّ) رواه أبوداود ورواه بن ماجه وبن حبان .. حسنه بن حجر في مشكاة المصابيح .. والطحاوي في مشكل الآثار .. وقال الأرنؤوط في تحقيق سنن أبي داوود: حسن ..

* معنى الآية من التفسير الميسر: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه ألزموا أنفسكم بالعمل بطاعة الله واجتناب معصيته . وداوموا على ذلك وإن لم يستجب الناس لكم .. فإذا فعلتم ذلك فلا يضركم ضلال مَن ضلَّ إذا لزمتم طريق الاستقامة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر .. إلى الله مرجعكم جميعًا في الآخرة فيخبركم بأعمالكم ويجازيكم عليها ..

- (معنى الشح المطاع): الشح هو البخل .. والمطاع .. هو الي يستجيب لنفسيته البخيلة فيمتنع عن دفع ما عليه من حقوق ..

- معنى (وهوًى مُتَّبَعًا): أي يتبع النّاسُ مزاجهم الخاص ويتركون الشرائُع بمقابلة الهوى ..

- معنى (ودنيا مُؤثَرة): مرجَّحة بمقابلة الدين ..

- معنى (دع عنك العوام) : أي لا تنشغل بمساعدة من غلبته هذه الأوصاف  .. لأن الغفلة قد غطت على قلوبهم .. فابتعد عنهم حتى لا تصاب بفتنة منهم .. لأن في هذا الزّمان لا يُقْبَلُ الأمرُ بالمعروف، والنهيُ عن المنكر ..

***************************

(الضابط السادس)

(لا تشارك في فتنة سياسية أو دينية أو فنية)

- تكثر الفتن حولنا كثيرا في هذا الزمان .. وتاهت الحقائق .. فإن لم تكن على يقين بالحق .. فلا تخوض مع الخائضين .. ولا تشارك في فتنة .. وتذكر قوله تعالى (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) البقرة 191 ..

- فلعلك تقول كلمة أو تنشر فيديو أو ترفع بوست أو تنشر معلومة في وقت غضب وفتنة فتسبب فتنة بين جماعة فيحدث ما لا يكون خيرا أبدا ..

- ولذلك من الأسلم لك أن لا تخوض في المسائل المجهولة كالسياسة خاصة .. لأنك لا تعلم من الحق من الباطل غالبا ..!! ولا تشارك في فتنة دينية مع جماعة الشبعانين المنكرين الجاحدين لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعترفون به ..!! ولا تشارك في فتنة فنية لأن كل فتنها تتعلق بالأعراض والشرف .. فتوقف ولا تشارك ولا تخوض مع الخائضين ..!!

- عن عبد الله بن عباس قال (بينما نحن حول رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ ذكر الفتنةَ فقال إذا رأيتم النَّاسَ قد مرجت عهودُهم .. وخفَّت أماناتُهم .. وكانوا هكذا وشبَّك بين أصابِعه .. قال فقمتُ إليه فقلتُ كيف أفعلُ عند ذلك جعلني اللهُ تبارك وتعالَى فداك .. قال: الزَمْ بيتَك ، وابْكِ على نفسِك ، واملِكْ عليك لسانَك ، وخُذْ ما تعرِفُ ، ودَعْ ما تُنكِرُ ، وعليك بأمرِ خاصَّةِ نفسِك ، ودَعْ عنك أمرَ العامَّةِ) صحيح أبي داوود ..

* بالرغم من أن هذا الحديث مكرر بطرق ثلاثة .. إلا أنه يخدم ضابط من الضوابط التي ذكرت فيها الحديث في محلها .. فتأمل وانتبه ..!!

* من معاني الحديث:

- معنى (قد مَرِجَت): اختلطت وفسدت عهودهم .. وكثرت خيانة الأمانة فيهم ..

- معنى (وكانوا هكذا وشبَّك بين أصابِعه): دليل على الصراع وانتشار الفتنة وأن الحقيقة قد ضاعت ..!!

- ومعنى (وابْكِ على نفسِك): لتؤدبها على ما فرطت في طاعة الله وقت الأمان والخير ..

- معنى (واملك عليك لسانَكَ): لا تتكلم في أمر الفتنة ولا تشارك بها ..

- معنى (وخُذْ ما تعرِفُ): أي أمسك على ما معك من الدين حينئذ وتعلق بالله بكل ما يمكنك ..

- معنى (وعليك بأمر خاصّة نفسك): اهتم بحالك أنت وأهل بيتك وامنعهم من الفتنة وعظهم في التعلق بالله .. لأن الفتنة قد عمت ..!!

******************************

(الضابط السابع)

(لا تجعل أحد يخدعك في الدين)

- من الضوابط المهمة في الإيمان .. هو أن تكون بصيرا بأمور دينك قدر المستطاع .. حتى لا يضللك أحد كما يفعل بعض ضلالية الرقية وخدام الجن .. وذلك لأنهم يستغلون جهل الناس بالدين .. فتاجروا بالدين ليأكلوا به سحتا في بطونهم ..!!

- يقول تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) المجادلة11 ..

- لا يصاحبنا جاهل لا يريد العلم .. ولا يريد أن يرتقي بإيمانه ومعرفته بالله .. فليس بالضرورة أن تكون حافظا لأي شيء من القرآن والأحاديث .. ولكن من الضرورة أن تسأل فيما تجد فيه غموض أو شبهة أو مغالطة أو فكرة .. تراها غريبة وتسكت عنها وتمر عنها مر الكرام .. وكأنك مسلوب العقل ..!!

- فإذا كنت من أهل جماعة (أفلا تعقلون) التي يعقلون ؟ .. فأهلا بك سيدي ..!!

- وإذا كنت من جماعة إلغاء عقل الآخر: (هيه كده) .. أو من جماعة تحقير الرأي الآخر:(الرأي الحق هو أنت وجماعتك – وتكتم الرأي الشرعي الآخر) .. أو من جماعة استغفال الآخر : (دي أسرار مش هتفهمها) ..

- فلو كنت من عقليات هذه الجماعات السابق ذكرها .. فلا تجالسنا وارجع لجماعة (حافظ مش فاهم) .. أو انضم لجماعة الباحثين عن الكرامات والأنوار حبا للشهرة والظهور واشباع حظوظ النفس .. أو لجماعة تحقير الآخرين وكتم الرأي الشرعي الآخر للتدليس في العلم الديني .. ولكن ابتعد عنا حتى تفيق من غيبوبتك وغفلتك وجهلك وانقيادك الأعمى والبليد لهذه الجماعات المذكورة سابقا .. !!

*****************************

(الضابط الثامن)

(هذا منهجنا في العلاج .. وإلا فابتعد عنا)

8- حينما نحاول مجتهدين في مساعدة أحد مصاب (روحانيا – نفسيا – عضويا) .. بالعلاجات الربانية .. فهي تعتمد عندنا على القرآن كأصل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم كتابع للعلاج الرباني .. ومنهجنا ملخصه في الآتي:

أولا:- لا تذهب لمشايخ وعالج نفسك بنفسك ..!!

ثانيا:- توكل على الله وفوض أمرك لله .. مع الأخذ بالأسباب الظاهرة كالدواء والذهاب للأطباء .. وعمل التحاليل اللازمة والفحوصات اللازمة للتأكد من سلامة الجسم من المرض العضوي ..

ثالثا:- ننتهج منهج قرآني في العلاج والتقويم النفسي والقلبي والروحاني .. وهو الصبر مع الإستغفار مع دوام الذكر سواء بالتسبيح أوالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .. يقول تعالى (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) غافر55 .. ويقول صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي قال له أجعل كل دعائي هو صلاة عليك فقال له النبي (إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ) صحيح الترمذي.

* فيا مَن تريد كرامة الله : مثل نصر الله وفتح الله وفرج الله وعطاء الله وشفاء الله من الابتلاء الروحاني وكذلك المساعدة في أي ابتلاء .. عليك بثلاثة أمور :

- الصبر بيقين : حيث أن الأمور تحدث في الوقت الذي يريد وليس في الوقت الذي تريد .. وكن متيقنا من وعد الله لك مهما طال عليك الوقت .

- طلب الغفران : لأن الذنوب قد تكون حجاب بينك وبين اجابة دعائك لله .. مع التوبة ورد الحقوق لأصحابها .

- دوام الذكر : مع الله صباحا ومساءا .. بالتسبيح أو الصلاة على النبي .. مع الحفاظ على الحزب الصغير صباحا ومساءا وهو عشرة أذكار فيهم الباقيات الصالحات ..

***************************************

..:: تساؤلات أريدك أن تعرف إجابتها ::..

( لماذا أفعل هذه الأمور وأطالب بها البعض؟ )

1- قد يتساءل البعض قائلا : ما وجه الحكمة في اختياري للتسبيح والصلاة على النبي .. في العلاجات وفي السلوك بالذكر .. ؟!! فهل هناك حكمة أخرى بخلاف الأدلة التي ذكرتها في الضابط الثامن ؟

- الجواب :

- الأدلة التي ذكرتها لك إنما هي لبيان مصدر طريقتنا ومنهجنا .. ولكن الحكمة لهذه الأذكار فهي تتبين لك في الآتي ..

- اعلم أن كل ذكر وله انعكاسات على قلبك .. وهي التي نسميها تجليات وكرامات الذكر على القلب .. فالتسبيح هو تنزيه الله عما لا يليق به سبحانه .. يعني كأنت تقول: أنت غير ناقص يا ألله .. فيعود إليك أثر هذا الذكر في القلب بتطهير قلبك من النقص والخلل الذي حدث فيه .. لأن الإحسان جزاءه الإحسان .. ولذلك التسبيح له شأن عجيب في كونه مجلاة لمرآة القلب للحكمة التي ذكرتها لك سابقا .. وبالتالي كلما تطهر القلب كلما زاد النور فيه .. وكلما زاد النور فيه .. كلما تبددت الظلمات عنه .. مش كده ولا إيه ؟!!

- يبقى لما حد ييجي يقول لي: خلصت مثلا فترة الأسبوعين دورة العلاج ولم يحدث تغيير .. فعلى طول بفهم أن هناك مشكلة أكبر من كونها مشكلة روحانية .. أو أنه لم يلتزم بمنهج العلاج من أساسه ..!!

- يبقى حاول تفهم .. كيف أقوم بتقييم بعض الحالات .. !! ولكن هناك حالات استثنائية وهي التي يكون معها انتقال روحاني من الأم غالبا أو الذين تم استحضار عليهم في جلسات علاج أو الذين يمارسون الطاقة الروحانية كفتح العين الثالثة والجذب الروحاني وما شابه ذلك .. فهؤلاء تم فتح البوابة الروحانية لهم ويصبح من الصعب غلقها .. فهذا لهم شأن آخر في التعامل معهم .. وليس مجرد علاج (إلا لو علاج مؤقت لحين رفع العزيمة) .. لأن العلاج الحقيقي يكون لهم بإعادة تقويم نفسي وروحاني للسيطرة على العالم الروحاني من حولهم ..

- وهذا التقويم يكون لمحاولة غلق هذه البوابة التي يكون سبب فتحها أحد أمور:

1- إما فتحها بنفسه: كالمتلاعب بالقرآن طالبا للخدام "هذه مصيبة" ..  أو ممارس الطاقة الروحانية لفتح العين الثالثة أو الانتقال الروحاني أو الجذب الروحاني أو ما شابه من مسائلهم الروحانية ..

2- أو فتحها له غيره: كما يفعل بعض الرقاة باستحضار الشيطان على المصاب بالقرآن "وهذه مصيبة" أو نتيجة سحر تسليط  .. أو نتيجة أن روحاني سافل فتح البوابة من خلال التسليط على صورة إنسان أو بمعرفة أمه وتاريخ ميلاده .. أو يمكنه ذلك من خلال سماع صوت الشخص أو رؤيته .. لأنه ياخذ بصمة منك في حالة التواصل معه بأي طريقة .. والبعض يستطيع ذلك من خلال الكتابة أيضا معهم في الشات (ولكن هذا التجسس ومعرفتك من خلال الشات الكتابي – هو شيء نادرا لأنه لابد ان يكون له خلوة وعهد – وهؤلاء جماعة نادرة جدا ولا وقت أصلا لديهم لذلك) ..

3- أو تم انتقالها للشخص من خلال الأم وهو صغير: لأن الأم ارتضت بهذا الروحاني معتقدة فيه أنها على كرامة من ربنا أو لأنها يئست في التعامل معه وخضعت له ..

* وعلاج الذين تم فتح البوابة الروحانية لهم .. يحتاجون لدعم نفسي وروحاني حتى يرتقي لعزيمة إيمانية قوية تؤهله للتعامل مع هذا العالم .. وهذا الدعم في العلاجات تحتاج من المعالج صبر وحلم وقوة شخصية ودهاء .. ومتابعة دائمة .. ويستغرق الأمر شهور طويلة أو سنين .. وبقدر العزائم تأتي المكارم  ..!!

* ولو سمحت (علشان عارف دماغ البعض هيروح لبعيد) .. فتحرر من فكرة الزوهرين والمخلوطين بالجن .. لأن المس الروحاني وفتح البوابات الروحانية يحدث للصغير والكبير .. ولا شأن له بالمرحلة العُمرية .. وارحم مخك ودماغك ..!!

- وعلشان أصحاب الفضول لمعرفة كيفية التعامل مع المصابين بمس سبب لهم فتح البوابة الروحانية .. فعليهم بقصة "تائهة في عالم الكشف" .. فهذه من تلك النوعية .. !!

2- ولماذا نضع الإختيار للمصاب بأن يصلي على النبي أو التسبيح ..؟

- لأن هنا بعض النفوس تستجيب مع ذكر الصلاة على النبي وهناك من يستجيب مع التسبيح .. وذلك لغلبة طبيعة الإنسان على ما تعود عليه .. وكلا الذكرين يؤدي نفس الوظيفة .. لأن الصلاة على النبي فيها رفع درجات ومحو سيئات وزيادة حسنات .. فكرامة الصلاة على النبي تعود بجلو القلب من ظلماته وتزيد فيه أنوار الوصال والإتصال .. والله يختص برحمته من يشاء ..!!

- لكن في منهجنا وطريقتنا في الذكر (بعيدا عن العلاجات) .. فلابد من التسبيح والصلاة على النبي .. وهذا له وقته وذاك له وقته .. ولا اختيار في ذلك .. لأنه وقت عمل بالقلب مع الله .. فأنت تفعل كل قوتك في البداية لتسمح لنوار الذكر في المراحل التالية بالدخول بانوارها للقلب .. فكأن التسبيح والصلاة على النبي يفتحا أبواب تلقى أنوار الذكر من المراحل التي تليها .. فتعلم وأبصر الحكمة فيما تذكر .. واعلم أن صاحب الرسالة لا يعطيك شيئا إلا بحكمة .. والحمد لله رب العالمين ..!!

3- ختاما : قد يتسائل البعض قائلا :

- ولماذا فترة أسبوعين التي غالبا أذكرها للناس في العلاجات ..؟ لأنه من خلال التجربة مع النفوس وجدت أن العلاج الذي نذكره للناس يؤتي ثمرة آثاره خلال هذه الفترة .. أو أقل وليس أكثر .. ولكن ليس لأن الأسبوعين فيهما سر أو أن رقم أربعة عشر وهو عدد أيام الأسبوعين لهما سر .. حتى لا يتوهم متوهم ما لا نفع وراءه ..!!

*************************

*************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات .