ج30: رسالة الرقية الشرعية: ما الحكمة من النفث في الرقية - هل هناك من كره النفث من السلف ولماذا - ما الحكمة من المسح باليد - ما الحكمة من البدء بمسح الرأس - ما الحكمة من النفث بالمعوذتين في حال المرض - ما الحكمة من قراءة المعوذتين قبل النوم في حال الصحة - هل كان دائما المسح باليد ملازم للنفث بالمعوذات هو فعل النبي - هل يجوز قراءة المعوذتين على المريض بدون نفث أو مسح باليد - هل يجوز قراءة المعوذتين للتحصين بدون قراءة على الكفين وبدون النفث - هل المعوذات لا يصح النفث والمسح بهم في غير المرض - هل النبي استخدم النفث في العلاج الروحاني - لماذا وصف النبي سورة الإخلاص بأنها من المعوذات

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة 

- علم الرقية الشرعية -

( من القرآن والسنة النبوية )

- الجزء الثلاثون -

* فهرس :

..:: تابع الفصل الثالث والعشرون :: مسائل على الوسائط في العلاجات – النفث - ::

1- س187: هل النبي استخدم النفث في العلاج الروحاني ؟

2- س188: هل هناك من كره النفث من السلف ولماذا ؟

3- س189: ما الحكمة من النفث في الرقية ؟

4- س190: هل استخدم النبي المعوذات ونفث بهما على يديه في حال الصحة والمرض ؟ 

5- س191: لماذا وصف النبي سورة الإخلاص بأنها من المعوذات ؟

6- س192: هل المعوذات لا يصح النفث والمسح بهم في غير المرض ؟

7- س193: هل يجوز قراءة المعوذتين على المريض بدون نفث أو مسح باليد ؟

8- س194: هل يجوز قراءة المعوذتين للتحصين بدون قراءة على الكفين وبدون النفث ؟

9- س195: هل كان دائما المسح باليد ملازم للنفث بالمعوذات هو فعل النبي ؟

10- س196: كيف نوفق بين أحاديث فعل النبي بالنفث على نفسه بدوم مسح .. ومرة أخرى بالنفث على يديه مع المسح ؟

11- س197: ما الحكمة من قراءة المعوذتين قبل النوم في حال الصحة ؟

12- س198: ما الحكمة من النفث بالمعوذتين في حال المرض ؟ 

13- س199: ما الحكمة من المسح باليد ؟

14- س200: ما الحكمة من البدء بمسح الرأس ؟

************************

..:: تابع : الفصل الثالث والعشرون ::..

:: مسائل على الوسائط في العلاجات ::

***********************************

..:: الرقية والوسائط ::..

:: مسائل على الوسيط الذاتي .. النفث ::

*******************************

..:: س187: هل النبي استخدم النفث في العلاج الروحاني ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- لم يرد عن النبي أنه استخدم النفث في العلاج الروحاني من مس أو سحر أو حتى حسد نفسي .. بل كان يستخدم المعوذتين للتحصين من عين الإنس والجن ..!!

- ولكن لم يأتي أيضا نهي عن فعل ذلك .. !!

- ولكن في حديث السيدة عائشة الذي تقول فيه عن فعل النبي: (كَانَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ) صحيح مسلم ..

- فقد نأخذ منه استنباطا .. جواز النفث في العلاجات الروحانية (بعد إذن المصاب أو أهل بيته) .. لأن المرض في الحديث لا تخصيص فيه لنوعه سواء عضوي أو نفسي أو روحاني .. فيبقى على عموم الإصابة بالضرر مهما كان نوعه .

- وسبب قولي (بعد إذن المصاب أو أهل بيته) .. لأن هذا الفعل حدث مع النبي وأهل بيته .. ولم يبلغنا أنه فعل النفث بالمعوذات على أحد من المسلمين خارج هذا النطاق المنزلي النبوي ..

- وطبعا العلاج لا يكون إلا بإذن من الآخر .. بطبيعة الحال .. وعليك أن تخبر الآخر بأنك ستنفث عليه .. وله أن يقبل أو يرفض .. ولو قبل فاجعل النفث بما قاله غالب العلماء وهو النفخ اللطيف بلا ريق .. خاصة وأنك لا تأمن ما يجري في ريقك من أمراض ..!!

- ولا تنسى أن عدم النفث في العلاج هو أيضا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم .. فلا تأخذ بما لا يعتاده الناس وتقول أن هذا سنة نبوية ..!! لأن أيضا قراءة المعوذات بدون نفث هو سنة نبوية ..!! فلا تجعل الأمر بالشوق والهوى وتخدع الناس بأنصاف الحقائق وتظن أنك تنتصر لسنة النبي ..!! لا .. فقولك لنصف الحقيقة الدينية هو خداع لأخيك المسلم وكتم للعلم ..!!

- ولا يخفى أن قوله تعالى (قل) في المعوذات الثلاثة .. لم يأمرك فيه بالنفث ..!!

- فانتبه لأفعالك .. وإذا أحببت النفث في الرقية على الغير .. فاعرض الأمر عليهم .. واترك لهم الإختيار ليقرروا أي سنة للنبي يختارون .. بنفث أم بدون نفث ..!!

- وإذا كان التنفث في الماء نهى عنه النبي أدبا .. فمن باب أولى النفث على الإنسان يكون فيه استذان منهم أدبا معهم مع شرح الحكمة لهم .. وذلك لغرابة هذا الفعل لما تعارف عليه الناس وما اعتادوا عليه ..!!

- والله أعلم .

***************************

..:: س188: هل هناك من كره النفث من السلف ولماذا ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- بالرغم من الأدلة السابقة .. إلا أن بعض السلف من التابعين كانوا يرفضون النفث في الرقية بصفة عامة .. وبالتأكيد لم يبلغهم الأحاديث التي تم تدوينها بعدهم .. فلعلهم لم يبلغهم شيئا منها .. والله أعلم .

- فمن هؤلاء السلف ..

1- منهم عكرمة بن عبد الله البربري (25هـ - 105هـ) وهو مولى ابن عباس   :

- عَنْ أَيُّوبَ السخيتاني ، قَالَ: قَالَ عِكْرِمَةُ: (أَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ فِي الرُّقْيَةِ، بِاسْمِ اللهِ، أُفْ) رواه بن أبي شيبه .

2- ومنهم الضحاك بن مزاحم (المتوفى 102 هـ) :

- عَنْ أَبِي الهَزْهَازِ، قَالَ: (دَخَلْتُ عَلَى الضَّحَّاكِ وَهُوَ وَجِعٌ، فَقُلْتُ: أَلا أُعَوِّذُك يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: بَلَى، وَلا تَنْفُثْ، قَالَ: فَعَوَّذْته بِالمُعَوِّذَتَيْنِ) رواه بن أبي شيبه .

3- ومنهم الحكم بن عتيبه تابعي (50هـ - 115هـ) .. وحمَّاد بن أبي سليمان تابعي وأحد شيوخ أبي حنيفه (توفى 120هـ):

- عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، وَحَمَّادٍ(أَنَّهُمَا كَرِهَا التَّفْلَ فِي الرَّقَى( رواه بن أبي شيبه .

4- منهم سليمان بن مهران الأعمش (61هـ - 148هـ) وإبراهيم النخعي (47 هـ - 96 هـ):

- فعَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، (قَالَ: كَانُوا يَرْقُونَ، وَيَكْرَهُونَ النَّفْثَ فِي الرُّقَى) رواه بن أبي شيبه .

* وقد نتسائل ما سبب كرههم أو رفضهم لهذا الفعل ؟

- ما وجدته من سبب رفضهم في كتب أهل العلم هو .. أن البعض منهم قاسوا النفث في الرقية .. بالنافث في العقد .. ولذلك كرهوا النفث ..

- وهذا القياس لا يصح لأن هذا النفث في النفع وذاك في الضر ..!! فلا وجه للقياس صحيح حينئذ ..!!

- ولكني أظن أمرين آخرين قد يكونا سببا لرفض النفث  .. وهما :

الأول:- قد يكون لم يبلغهم النص بذلك .. وبالتالي هذا ليس فعل النبي .. فكرهوا هذا الفعل .. وهذا هو الغالب على ظني .. والله أعلم .

الثاني:- قد يكونوا ظنوا (لو بلغهم الحديث) .. أن هذا خصوصية نبوية ,, وذلك لطهارة النبي ظاهرا وباطنا .. "وهذا رأي له وجاهته" .. لولا أن السيدة عائشة كانت تفعله مع النبي .. فانتفى بذلك خصوصية فعل النبي .. وأصبح الأمر فيه بركة اتباع بسبب اتباعك للنبي .. وإلا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم سمح لها بذلك بل وما أمرها بذلك .. فدل أمره على أن لهذا الأمر كرامة خاصة ستظل موجودة لمن فعل مثل فعله .. ودليل ما سبق من قولي :

- ما جاء عن السيدة عائشة قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا أوَى إلى فِرَاشِهِ، نَفَثَ في كَفَّيْهِ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، وما بَلَغَتْ يَدَاهُ مِن جَسَدِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا اشْتَكَى كانَ يَأْمُرُنِي أنْ أفْعَلَ ذلكَ به) صحيح البخاري ..

- والله أعلم فيما ذهبت إليه .

* وقد تتسائل بعقلك وتفكر فتقول أن كلام السلف من التابعين له وجهة نظر وقد يكون صحيح .. ودليل ذلك :

- أن النبي نهى عن النفح أو التنفس في إناء الماء الذي يُشرب منه الآخرون .. فإذا كان النفخ في الماء نهى عنه النبي تأديبا واحتراما لنفسية الآخر .. فمن باب أولى أن يكون النفث على الإنسان يكون مكروها أيضا .. !!

- فأقول لك .. انتبه :

1- طالما ثبت الدليل القطعي الدلالة بيقين أن النبي فعل ذلك .. فلا سبيل للكراهة أو النكران .. وإنما السبيل حينئذ في التفكر عن حكمة الفعل .

2- وهذا قياس صحيح عقلا في ظاهره .. ولكن في حقيقته غير صحيح .. لأن الذي يتنفس في الماء يكون عن غير إذن الآخر ولذلك نهى النبي عن ذلك لأن البعض يصيبه قرف لو رأى الآخر يتنفس في الماء .. ولكن في الفعل النبوي فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث على مكان الوجع أو على عموم الجسم .. لمن يطلب منه العلاج .. وليس رغبة منه صلى الله عليه وسلم في فعل ذلك عن نفسه .. !! ولا يخفى طهارة النبي ظاهرا وباطنا وكان الصحابة يتصارعون على ما يتبقى من وضوءه .. فانتبه لهذا الكلام فإنه دقيق ..

* ختاما: عليك أن تعرف أن كلام السلف من التابعين لم يكن صوابا .. لأن هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم .. وإن كان فعل النبي ليس دليل وجوب أو فرض وإنما دليل على الإباحة .. فإن شئت فعلته وإن شئت لم تفعله ..

- والله أعلم .

**********************

..:: س189: ما الحكمة من النفث في الرقية ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- عَنْ السيدة عَائِشَةَ  قالت: (أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ كَيْفَ يَنْفِثُ قَالَ كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ) صحيح البخاري .

1- قال القاضي عياض المالكي رحمه الله  (المتوفى: 544هـ) :

- فائدة النفث : وفائدة ذلك - والله أعلم - التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء والنفس المباشر للرقية والذكر الحسن والدعاء والكلام الطيب، كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر والأسماء الحسنى فى النشر. وقد يكون على وجه التفاؤل بزوال ذلك الألم عن المريض وانفصاله عنه، كانفصال ذلك النفث عن فىّ الراقى.

إكمال المعلم بفوائد مسلم ج7 ص101

2- قال بن الملقن الشافعي رحمه الله  (المتوفى: 804هـ) :

- فائدة في النفث : التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء أو النفس المباشر لتلك الرقية والذكر، وقد يكون على وجه التفاؤل بزوال الألم عن المريض وانفصاله عنه كما ينفصل ذلك النفث عن الراقي .

التوضيح لشرح الجامع الصحيح ج27 ص477 .. مختصرا .

3- قال الإمام الكوراني الشافعي ثم الحنفي (المتوفى: 893 هـ) :

* عن قوله في الحديث (كان ينفث على نفسه) الحكمة في النفث أن يصل الهواء الذي خالطه القرآن إلى موضع الألم .

 الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري ج9 ص280

*************************

 ..:: س190: هل استخدم النبي المعوذات ونفث بهما على يديه في حال الصحة والمرض ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- نعم كان من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ المعوذتين على يديه في حال الصحة والمرض .. ودليل ذلك :

* في حال الصحة :

- عن السيدة عائشة قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) صحيح البخاري .

* في حال المرض :

- عَنْ السيدة عَائِشَةَ  قالت: (أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ كَيْفَ يَنْفِثُ قَالَ كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ) صحيح البخاري .

* قال الإمام بن بطال رحمه الله (المتوفى: 449هـ):

- في الحديث عن السيدة عَائِشَةَ:(أَنَّ النَّبِىّ (صلى الله عليه وسلم) كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ فِى يَدَيْهِ، وَقَرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ بِهِمَا جَسَدَهُ) صحيح البخاري .

- قال بن بطال تعليقا على الحديث السابق: وفى حديث عائشة رد قول من زعم أنه لا تجوز الرقى واستعمال العُوذ إلا عند حلول المرض ونزول ما يتعوذ بالله منه، ألا ترى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) نفث فى يديه وقرأ المعوذات ومسح بهما جسده، واستعاذ بذلك من شر ما يحدث عليه فى ليلته مما يتوقعه وهذا من أكبر الرقى .

شرح بن بطال على صحيح البخاري ج10 ص88

* قال الإمام بن رسلان الشافعي رحمه الله (المتوفى: 844 هـ):

- الحديث :(كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما .....)

- قال بن رسلان تعليقا على الحديث السابق : وفيه رد على من زعم أن النفث والتعوذ والرقى لا تجوز إلا عند حلول المرض ونزول ما يُتعوَّذ باللَّه منه ..، ألا ترى أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم- نفث وقرأ المعوذات ومسح على جسده؛ استعاذة من شر ما يحدث عليه في ليلته مما يتوقعه.

شرح أبي داوود لابن رسلان ج19 ص 268-269

* قال الإمام بن حجر العسقلاني الشافعي رحمه الله (المتوفى:852هـ) :

- تعليقا على حديث (كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة ....) فقال: أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ .. وَكَانَ يَفْعَلُهُ إِذَا اشْتَكَى شَيْئًا مِنْ جَسَدِهِ .. فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ..

فتح الباري ح10 ص210

**********************

..:: س191: لماذا وصف النبي سورة الإخلاص بأنها من المعوذات ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- قد تقول أن سورة الإخلاص ليست فيها لفظ استعاذة بالله .. فلماذا وصفها النبي بكونها معوذة ؟! حيث جاء في الحديث عن السيدة عائشة أنها قالت (أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ) صحيح البخاري .

- قلت لك :

1- لفظ التعويذ معناه اللجوء إلى كلام الله للتحصين به أو الاستشفاء به .. وليس بالضرورة أن يكون فيه لفظ (أعوذ) .. ولذلك قال بعض العلماء أن القرآن كله عوذة وشفاء .. لعموم الدلالة على ذلك .

2- الدليل على أن سورة الإخلاص هي عوذة .. هو أن قارئها حبا لله يدخله الجنة .. فكانت عوذة له من دخول النار .. فقد جاء عن أنس بن مالك قال ( كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ يَؤُمُّهُمْ في مَسْجِدِ قُباءٍ، وكانَ كُلَّما افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بها لهمْ في الصَّلاَةِ ممَّا يَقْرَأُ به افْتَتَحَ: بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ حتَّى يَفْرُغَ مِنْها، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى معها، وكانَ يَصْنَعُ ذلكَ في كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أصْحابُهُ، فقالوا: إنَّكَ تَفْتَتِحُ بهذِه السُّورَةِ، ثُمَّ لاَ تَرَى أنَّها تُجْزِئُكَ حتَّى تَقْرَأَ بأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بها وإمَّا أنْ تَدَعَها، وتَقْرَأَ بأُخْرَى فقالَ: ما أنا بتارِكِها، إنْ أحْبَبْتُمْ أنْ أؤُمَّكُمْ بذلكَ فَعَلْتُ، وإنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وكانُوا يَرَوْنَ أنَّه مِن أفْضَلِهِمْ، وكَرِهُوا أنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أتاهُمُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخْبَرُوهُ الخَبَرَ، فقالَ: «يا فُلاَنُ، ما يَمْنَعُكَ أنْ تَفْعَلَ ما يَأْمُرُكَ به أصْحابُكَ، وما يَحْمِلُكَ علَى لُزُومِ هذِه السُّورَةِ في كُلِّ رَكْعَةٍ» فقالَ: إنِّي أُحِبُّها، فقالَ: «حُبُّكَ إيَّاها أدْخَلَكَ الجَنَّةَ») صحيح البخاري .

- فإذا كانت سورة الإخلاص حصنا من دخول النار .. فمن باب أولى أن تكون حصنا لدخول الشيطان .. خاص من باب التوحيد .. فكأنها تمنعك من الشرك واللجوء لغير الله أو الاستعانة بغيره .. فكانت حصنا لقلبك وإيمانك ..

- والله أعلم .

3- وقد قال العلماء في تفسير سبب إدخال النبي لسورة الإخلاص في لفظ (معوذات) :

- قد يكون النبي قال لفظ المعوذات من باب غلبة لفظ التعويذ على سورتي الفلق والناس .. فغلب ذلك على سورة الإخلاص أيضا ..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- ملاحظة : هناك فرق بين ما ذكره العلماء وبين ما ذكرته لكم .. ليه ؟

- قول العلماء لم يبحث في حقيقة لماذا وصف النبي سورة الإخلاص بأنها معوذة .. ؟!! وإنما أوقفوا الفكر على أن المشتهر هو المعوذتين .. فبحثوا لماذا أشرك النبي سورة الإخلاص معهما في اللفظ في حين ليس في سورة الإخلاص لفظ التعويذ ؟!!

- ولكن بحثي في هذا السؤال كان عن أن سورة الإخلاص هي معوذة بكل تأكيد طالما النبي وصفها بذلك .. فما الحكمة من وراء كونها معوذة ؟! وهذا هو كان بحثي في المسألة ..

- ولذلك هناك اختلاف بين الإجابتين لأن في الحقيقة هناك فهمين مختلفين في المسألة ..!!

****************************

..:: س192: هل المعوذات لا يصح النفث والمسح بهم في غير المرض ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- قال البعض أن النفث بالمعوذات والمسح بهم على الجسم لم يكن من فعل النبي إلا في حال المرض فقط ..

- وهذا بالتأكيد كلام خاطيء .. لأنه جاء في الحديث الصحيح أنه فعله في حال الصحة كما فعله في حال المرض .. ودليل ذلك :

- عن السيدة عائشة قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) صحيح البخاري وصحيح أبي داوود وصحيح بن حبان ..

- وهذا الحديث يكشف لك أن هذا كان من فعل النبي عند النوم للتحصين والتبرك بكلمات الله التي هي المعوذات ..

* قال الإمام بن رسلان الشافعي رحمه الله (المتوفى: 844 هـ):

- وفيه : رد على من زعم أن النفث والتعوذ والرقى لا تجوز إلا عند حلول المرض ونزول ما يُتعوَّذ باللَّه منه، ألا ترى أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نفث وقرأ المعوذات ومسح على جسده؛ استعاذة من شر ما يحدث عليه في ليلته مما يتوقعه.

شرح أبي داوود لابن رسلان ج19 ص 268-269

*************************

..:: س193: هل يجوز قراءة المعوذتين على المريض بدون نفث أو مسح باليد ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

1- نعم يجوز ذلك .. ودليل ذلك .. قوله تعالى (قل) .. في المعوذات الثلاثة .. فهذا أمر إلهي من الله باللجوء إلى الله في دفع البلايا التي تصيب ظاهر الإنسان وباطنة .. وليس في هذا نفث ولا غير نفث .. فهذا توجيه إلهي للنبي .. وبالتالي هو لنا بالتبعية ..  

- ولما كان قول النبي بتسمية سورة الإخلاص بالمعوذة .. فقد بات معلوما أنها من المعوذات أيضا .. خاصة أنها تعويذ لباطن الإنسان من الأفكار المغلوطة والشرك بالله وسببا لدخولك الجنة ونجاتك من النار .. (وراجع ما ذكرته لك في السؤال السابق) .

2- في الحديث عن عبد الله بن خُبَيب قال (خرجنا في ليلةِ مَطَرٍ وظُلْمَةٍ شديدةٍ نطلبُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصليَ لنا ، فأدركناه ، فقال : أصليتم ؟ فلم أقلْ شيئًا ، فقال : قلْ . فلم أقلْ شيئًا ، ثم قال : قلْ. فلم أقلْ شيئًا ، ثم قال : قلْ : فقلتُ : يا رسولَ اللهِ، ما أقولُ ؟ قال : قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتين حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ) صحيح أبي داوود .. وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .. وذكره الألباني في صحيح الجامع برقم 4406.  

- وقوله صلى الله عليه وسلم : (تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ) .. دالة على كفاية الإنسان (في ظاهره وباطنه) من كل شيء قد يصيبه في صباحه أو مساءه .. والله أعلم .

- ولا يخفى على ذي عقل أن المرض من جملة ما يصيب الإنسان .. وقد يكفيه الله شر المرض أو يلطف به في المرض ببركة قرائته للسورتين صباحا ومساءا .

- فدل مما سبق أن قرائتك للمعوذات ليس بالضرورة أن يكون مصحوبا بنفث ولا بأي وسيلة سوى أنك تقرأها تعبدا لله .. وهو يكفيك شر كل ذي شر .. في ظاهرك وباطنك .. والله أعلم ..

- وكما أن النبي استخدم المعوذات في العلاج من المرض العضوي كما هو واضح من الأحاديث .. فهو أيضا أرشد لقراءة السور الثلاث للكفاية ... !!

- فرجاء منك أخي المؤمن :

- لا تقل للناس أن النفث في الرقية هو سنة نبوية .. وتكتم العلم في باقي سنة النبي .. لأن السنة تحمل ثلاثة أمور :

1- سواء القراءة فقط ..

2- أو القراءة مع النفث فقط ..

3- أو القراءة مع النفث والمسح باليد ..

*******************

..:: س194: هل يجوز قراءة المعوذتين للتحصين بدون قراءة على الكفين وبدون النفث ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- نعم يجوز قراءة المعوذات بدون قراءة على الكفين ولا المسح باليد .. وهذا أيضا اتباع للقرآن ولسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

ودليل ذلك ..

1- قوله تعالى (قل) في المعوذتين .. وحديث عبد الله بن خبيب .. الذي جاء فيه (قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتين حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ) صحيح أبي داوود ..

- راجع تفصيل الأدلة السابقة في السؤال السابق ..  وأضيفك دليل آخر ..

2- عقبة بن عامر قال : ( لَقِيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فابتَدأْتُه فأخَذْتُ بيَدِه ، قال: فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، ما نَجاةُ المؤْمِنِ ؟ قال: يا عُقْبةُ ، احرُسْ لِسانَك ، ولْيَسَعْكَ بَيتُك ، وابْكِ على خَطيئتِكَ . قال : ثمَّ لَقيَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فابتَدأَني فأخَذَ بيَدي، فقال: يا عُقْبةُ بنَ عامِرٍ، ألَا أُعَلِّمُك خَيرَ ثلاثِ سوَرٍ أُنزِلَتْ في التَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ والفُرقانِ العظيمِ؟ قال: قلْتُ: بلى، جَعَلَني اللهُ فِداكَ. قال: فأَقرأَني: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. ثمَّ قال: يا عُقْبةُ، لا تَنْساهُنَّ، ولا تَبِتْ لَيلةً حتى تَقرأَهُنَّ . قال: فما نَسِيتُهُنَّ قَطُّ مُنذُ قال: لا تَنساهُنَّ، وما بِتُّ لَيلةً قَطُّ حتى أَقرأَهُنَّ. قال عُقْبةُ: ثمَّ لَقيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فابتَدأْتُه فأخَذْتُ بيَدِه، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أَخبِرْني بفَواضِلِ الأعمالِ. فقال: يا عُقْبةُ، صِلْ مَن قَطَعَك، وأَعْطِ مَن حَرَمَك، وأَعرِضْ عمَّن ظَلَمَك) رواه أحمد .. ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة رقم891 . وصحيح الجامع 1392 .

- تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولا تَبِتْ لَيلةً حتى تَقرأَهُنَّ) ..!! .. فدل الحديث أن القراءة تكفي دون نفث ولا مسح .. ولكن في زيادة اتباع فعل النبي (بالنفث والمسح) زيادة بركة وخير ..

- ولكن سواء نفثت ومسحت بالمعوذات أم اكتفيت بالقراءة فقط .. فكلاهما سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم ..  

- وفي الحديث السابق توجيه دائما أطالب به الناس .. الذي يعظمون من أنفسهم وكأنهم لا يخطئون ..!! ويرفضون توجيه النبي صلى الله عليه وسلم ..!! فتأمل يا مؤمن قول النبي وإرشاده لعقبه بن عامر حيث يقول له : (احرُسْ لِسانَك ، ولْيَسَعْكَ بَيتُك ، وابْكِ على خَطيئتِكَ) ..!!

**************************

..:: س195: هل كان دائما المسح باليد ملازم للنفث بالمعوذات هو فعل النبي ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- يوجد حديث للسيدة عائشة تقول فيه : (كَانَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ) صحيح مسلم ..

- في هذه الرواية لم يذكر المسح باليد .. وإنما الإكتفاء بالمعوذات مع النفث .. دون المسح باليد .

* قال الشيخ القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ) :

- لَمْ يَذْكُرِ الْمَسْحَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ .. وَتَرَكْتُ ذِكْرَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنَ النَّفْثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُهُ أَحْيَانًا اكْتِفَاءً بِالنَّفْثِ ، وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ ، وَالْجَمْعُ أَفْضَلُ.

مرقاة المفاتيح ج3 ص1126

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- ولكن نلاحظ شيء مهم .. وهو أن المسح بالمعوذات كان فعل النبي بنفسه لنفسه .. حتى فعل السيدة عائشة معه كانت تنفث على يد النبي رجاء بركتها .. وهذا هو ما جاءت به الأحاديث .. ولكن قد يكون مع الغير كان يكتفي النبي بقراءة المعوذات وينفث بهما عليه دون أن يلمسه .. خاصة لو كانوا نساء أجانب عنه أي من غير محارمه .. والله أعلم ..

- وقلنا أن المسح باليد يجوز لك مع غيرك .. أي مع محارمك أو مثل نوعك أي الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة .. إلا في حال المرض العضوي .. فيصح للطبيب المعالج ملامسة جسد المرأة الغريبة لمعرفة سبب المرض .. أو لعمل جراحة لها أو ما شابه ذلك من ضروريات .. ولكن لا يصح فعل الملامسة بأي حال في المصابة روحانيا وقد شرحت ذلك كثيرا وتفصيليا في اسئلة سابقة فارجع إليها ..

- عموما .. سبب استدلالي بحديث السيدة عائشة السابق هو لكي أثبت لك فعل النبي في النفث برقية المعوذات لنفسه ومع الغير .. حيث وجدت فعلين مختلفين ..

1- فمع نفسه يقرأ وينفث ويمسح بيده ..

2- ومع غيره يقرأ وينفث فقط ولم يمسح ..

- علما بأن النبي صلى الله عليه وسلم .. كان يمسح بيده المرضى أثناء الدعاء لهم .. ولكن كلامي السابق خاص بالنفث بالمعوذات .. فانتبه لكلامي .

- والله أعلم .

********************************

..:: س196: كيف نوفق بين أحاديث فعل النبي بالنفث على نفسه بدوم مسح .. ومرة أخرى بالنفث على يديه مع المسح ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

أولا: هناك أحاديث دلت على القراءة ثم النفث على النفس مباشرة بدون استخدام اليد أو المسح بهما .. ودليل ذلك :

1- عن السيدة عائشة قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَنْفِثُ علَى نَفْسِهِ في مَرَضِهِ الذي قُبِضَ فيه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أنَا أنْفِثُ عليه بهِنَّ، فأمْسَحُ بيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ: كيفَ كانَ يَنْفِثُ؟ قَالَ: يَنْفِثُ علَى يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ) صحيح البخاري .

2- عن السيدة عائشة قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِن أَهْلِهِ، نَفَثَ عليه بالمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الذي مَاتَ فِيهِ، جَعَلْتُ أَنْفُثُ عليه وَأَمْسَحُهُ بيَدِ نَفْسِهِ، لأنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِن يَدِي) صحيح مسلم.

* يتضح من الرواية السابقة وغيرها من الروايات أن النبي كان يقرأ وينفث على نفسه أي على ظاهره بما قرأه من المعوذات .. ولم يأت في ألفاظ الروايات أن النبي قرأ على يديه ومسح بهما جسمه في حال المرض .. !!

ثانيا: وهناك أحاديث دلت على القراءة ثم النفث على كفي اليد مباشرة ثم المسح بهما على الجسم .. ودليل ذلك :

1- عن السيدة عائشة قالت: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا اشْتَكَى نَفَثَ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ، ومَسَحَ عنْه بيَدِهِ، فَلَمَّا اشْتَكَى وجَعَهُ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، طَفِقْتُ أنْفِثُ علَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ الَّتي كانَ يَنْفِثُ، وأَمْسَحُ بيَدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنْه) صحيح البخاري.

2- عن السيدة عائشة قالت: (كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أوَى إِلَى فِرَاشِه نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ (بِقَلْ هُوَ الله أحَدٌ) وبالمُعَوِّذَتَيْنِ جَميعاً، ثُمَّ يَمْسَح بِهِما وجْهَهُ، وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ منْ جَسَدِهِ، قالَتْ عائِشَةُ: فَلمَّا اشْتَكَى كانَ يأمُرُنِي أنْ أفْعَلَ ذالِكَ بِهِ .. قَالَ يُونُسُ: كُنْتُ أرَى ابْن شِهاب يَصْنَعُ ذَلِكَ إذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ) صحيح البخاري.

* فكيف نجمع بين الفعل وعدم الفعل ؟

- لعله كان مرة يقرأها على كفيه ويمسح بيده .. ومرة أخرى كان ينفث مباشرة على نفسه بدون بدون قراءة على اليد أو المسح بهما .. وذلك للتوسعة على الناس .. وأن كلا الفعلين صحيح ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم .. فانتبه لما قلته لك .. والله أعلم ..!!

- قال الشيخ القاري رحمه الله (المتوفى: 1014هـ) :

- وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَتْ: (كَانَ إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ): لَمْ يَذْكُرِ الْمَسْحَ ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ وَتَرَكْتُ ذِكْرَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنَ النَّفْثِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُهُ أَحْيَانًا اكْتِفَاءً بِالنَّفْثِ ، وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ ، وَالْجَمْعُ أَفْضَلُ .

مرقاة المفاتيح ج3 ص1126

***************************

..:: س197: ما الحكمة من قراءة المعوذتين قبل النوم في حال الصحة ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- عن السيدة عائشة قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) صحيح البخاري وصحيح أبي داوود وصحيح بن حبان .

* قال القاضي عياض المالكي رحمه الله  (المتوفى: 544هـ) :

- وتخصيصه - عليه السلام - الرقى بالمعوذات فى هذه الأحاديث لعمومها الاستعاذة من أكثر المكروهات من شر السواحر النفاثات، وشر الحاسدين، والشيطان ووسوسته، ومن شر شرار الناس ، وشر كل ما خلق، وشر ما جمعه الليل من المكاره والطوارق.

إكمال المعلم بفوائد مسلم ج7 ص101

************************

..:: س198: ما الحكمة من النفث بالمعوذتين في حال المرض ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- عَنْ السيدة عَائِشَةَ  قالت: (أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا. فَسَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ كَيْفَ يَنْفِثُ قَالَ كَانَ يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ) صحيح البخاري .

- وقد اجتهدت في محاولة معرفة الحكمة في تخصيص هذه السور الثلاثة في حال المرض .. فوجدت أنه قد يكون تخصيص استخدام النبي صلى الله عليه وسلم للمعوذات في حال المرض .. لأسباب :

- الأول: هو أن النبي وصف المعوذات بأنها كافية .. كما في حديث عبد الله بن خبيب .. الذي جاء فيه (قل هو الله أحد والمُعَوِّذَتين حينَ تُمسي وحينَ تُصبحُ ثلاثَ مراتٍ تُكفيك مِن كلِّ شيءٍ) صحيح أبي داوود ...

- وهذه خصوصية عطاء لا يتم معرفتها إلا بالوحي السماوي .. وقد دل بذلك على كفايتها لك في ظاهرك وباطنك من شر كل ذي شر .. وراجع ما ذكرته لك في الأسئلة السابقة ..

- الثاني: ونظرا لكون هذه السور كافية من كل شيء .. وأن الإنسان يكون ضعيف في حال المرض .. والمرض يهيج غالبا على الإنسان بالليل .. فقد يأتي الشيطان إليك ليوهمك ويوسوس إليك بأمور مثل "لماذا الله يعذبك" "لماذا تركك مع الألم" .. حتى يجعلك تسخط على ابتلاء الله .. ولذلك كان قراءة المعوذات الثلاثة هي تحصينا من وسوسة الشيطان لك في حال المرض .

- الثالث: ولعل المعوذات الثلاثة فيهم سر وكرامة خاصة بالعلاج .. حيث يحافظ على هياج المرض أو منع الألم عموما عن الجسم .. لكثرة الإستعاذة بصفات الله وأسماءه الموجودة في هذه السورة .. فكأن فيها من اسم الله الذي يستجيب به في دفع المضار ..

- والله أعلم ..

**********************************

..:: س199: ما الحكمة من المسح باليد ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- عن السيدة عائشة قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) صحيح البخاري وصحيح أبي داوود وصحيح بن حبان .

* قال القاضي عياض المالكي رحمه الله  (المتوفى: 544هـ) :

- وفيها سنة المسح باليد اليمنى عند الرقية.

- قال الطبرى: ومعنى ذلك: تفاؤلاً لذهاب الوجع لمسحه بالرقى.

- وفيه جواز الرقى بالقرآن وبالمعوذات وبالدعاء إلى الله بالشفاء ..

إكمال المعلم بفوائد مسلم ج7 ص101

* قال الإمام بن رسلان الشافعي رحمه الله (المتوفى: 844 هـ):

- الحديث (ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده) أي: ما يمكن أن تصل إليه يديه من جميع جسده؛ ليكون هذا كالدافع عنه شر الحوادث في الليل من الهوام وغيرها.

شرح ابي داوود لابن رسلان ج19 ص 268-269

************************

..:: س200: ما الحكمة من البدء بمسح الرأس ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- عن السيدة عائشة قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أوَى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمع كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِما فَقَرَأَ فِيهِما: قُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ الفَلَقِ وقُلْ أعُوذُ برَبِّ النَّاسِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بهِما ما اسْتَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بهِما علَى رَأْسِهِ ووَجْهِهِ وما أقْبَلَ مِن جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذلكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) صحيح البخاري .

* قال الإمام بن رسلان الشافعي رحمه الله (المتوفى: 844 هـ):

(يبدأ بهما على رأسه) لأنه أفضل الأعضاء وأشرفها وأعلاها (و) على (وجهه) لأنه أشرف ما في الرأس، ويمسح بهما (ما أقبل من جسده) فإنه مقدم على ما تأخر، كما أن الميامن أفضل من المياسر (يفعل ذلك ثلاث مرات) كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا فعل فعلا، أو قال قولا أعاده ثلاث مرات.

شرح ابي داوود لابن رسلان ج19 ص 268-269

***********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..