ج4: رسالة التعريف بالحقائق والضوابط والأصول الإيمانية - لا تغفل ولا تلتفت عن الله وتعلق به فهو حسبك - احفظ الله يحفظك - احفظ الله تجده أمامك - تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ - إذا سألت فاسأل الله – إذا استعنت فاستعن بالله - واعلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ - مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ - مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ - اعمل لله بالشكر واليقين - أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرِّضَا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فاصَّبْرِ - وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا - لماذا الرسول أوصانا مرة بالعلم ومرة بالعمل.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة)

(الجزء الرابع)

1- أصول إيمانية هامة عليك أن تعرفها أثناء سلوك منهج أهل الإيمان -

* فهرس :

:: (الجزء الرابع) .. أصول إيمانية هامة عليك أن تعرفها أثناء سلوك منهج أهل الإيمان::

1- (الأصل الأول) : لا تغفل ولا تلتفت عن الله وتعلق به فهو حسبك ؟

2- احفظ الله يحفظك ؟

3- احفظ الله تجده أمامك ؟

3- تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ ؟

4- إذا سألت فاسأل الله – إذا استعنت فاستعن بالله ؟

5- سؤال مهم : ما الفرق بين الإستعانة بالمخلوق وبالخالق .. وكيف يظهر الشرك ؟

6- واعلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ ؟

7- مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ ؟

8- اعمل لله بالشكر واليقين ؟

9- أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرِّضَا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فاصَّبْرِ ؟  

10- وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ؟

11- لماذا الرسول أوصانا مرة بالعلم ومرة بالعمل ؟ 

 *************************

(الجزء الرابع)

(أصول إيمانية هامة عليك أن تعرفها أثناء سلوك منهجنا) 

***********************************

..:: مقدمة ::..

- من فضلك .. هذا الجزء مهم جدا .. لأن ما سبق كان مجرد معرفة يجب عليك أن تفهمها جيدا .. ولكن من الآن فاعتبر نفسك في بداية سلوك الذكر .. وعليك أن تحفر في صدرك أصلين لا تنساهم ما تبقى من حياتك ..

1- الأصل الأول : (احفظ الله يحفظك) .. وما يتبع ذلك من مقامات ..!!

2- الأصل الثاني : (اعترف بذنبك منكسرا ولو لم تعصي) ..!!  

***********************************

(الأصل الأول)

(لا تغفل ولا تلتفت عن الله وتعلق به فهو حسبك)

- أصل طريق الإيمان هو أن لا تلتفت ولا تغفل عن عبوديتك الله سواء بفعل المباح أو الحرام .. واجتهد أن يظل قلبك متعلق بالله  في كل حال .. حتى ولو عصيت فاجعل قلبك متعلق بالله  الغفور الرحيم .. (راجع رسالة لا تلتفت عن الله) ..

- فمن الأصول الهامة واللازمة لسالك طريق الإيمان والمقبل على ذكر الله .. والتي أريدك أن تعرفها هو حديث نبوي مهم جدا .. و كان هذا الحديث هو أحد دعائم الطريق حينما اجتهدت في طريق الإيمان .. وكانت الوصايا النبوية التي فيه هي الركن القوي الذي ساعد على تقوية روح الإخلاص والرضا واليقين في قلبي .. وكأن هذا الحديث كان عصا موسى التي أتوكأ عليها وأهش بها على نفسي وأحداث زمني .. وهذا الحديث هو وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه وكان صبي صغير حينئذ ...

- فعن ابنِ عبَّاسٍ، رضيَ اللَّه عنهمَا، قَالَ: "كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يوْماً فَقال: (يَا غُلامُ إِنِّي أُعلِّمكَ كَلِمَاتٍ:"احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَل اللَّه، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، واعلَمْ: أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ) صحيح الترمذي .

- وفي رواية الإمام أحمد بلفظ: (كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا غُلامُ، أَوْ يَا غُلَيِّمُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: " احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ، لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح.

- وفي رواية جاء فيها لفظ: (إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرِّضَا فِي النَّفْسِ فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) رواه الفريابي في كتاب القدر برقم155 .. بسند جيد .

- وفي رواية بلفظ في آخرها: (واعمل لله بالشكر واليقين واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً وأن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً) رواه الفريابي في كتاب القدر برقم156 .. وقال الأرنؤوط في تخريج المسند (5/20) وقد ذكر سند هذه الرواية فقال: وهذا إسناد قوي متصل، فإن رواية عبد الله بن يزيد، عن ابن لهيعة صالحة، ثم هو متابع بنافع بن يزيد، وهو ثقة من رجال مسلم، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير قيس بن الحجاج، فمن رجال الترمذي وابن ماجه، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" .

- وفي رواية بلفظ في آخرها: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ لِي بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الْيقِينِ حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا؟ قَالَ: «تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ) رواه الفريابي في كتاب القدر برقم157 .. بسند جيد .

* ولو تصورنا الحديث مجتمع الأجزاء السابقة .. فيكون هكذا (كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا غُلامُ، أَوْ يَا غُلَيِّمُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: " احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ .. "واعلَمْ: أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ" .. "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ لِي بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الْيقِينِ حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا؟ قَالَ: «تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ" .. "اعمل لله بالشكر واليقين" "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرِّضَا فِي النَّفْسِ فَافْعَلْ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا") ..

- تعالوا معي نتعرف على الأصل الأول .. في طريقك للإيمان وعملك بالذكر .. وهو من حديث النبي صلى الله عليه وسلم  ..

*****************************

"من معاني الحديث"

(احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ)

* الكلام عن الحديث:

  

* معنى (احفظ الله يحفظك):

- قوله في الحديث (احفظ الله يحفظك) .. كما في قوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) البقرة152 ، (إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) محمد7 ..

- وحفظ الشي معناه : حراسته ورعايته والإهتمام به صيانه له من أن يصيبه خلل أو تلف ..

- فمعنى الحديث – والله أعلم - أي اهتم واعتني بتنفيذ مراد الله منك في العبادات والمعاملات التي طلبها منك .. وستجد الله يهتم ويعتني بك ويؤيدك بمدده .. ويبلغك السلامة في دينك ودنياك وآخرتك كما تأدبت معه والتزمت بأوامره ولم تحرف في دينك ولم تلحد فيه ولم تستبيح منه شيئا .. فالإحسان جزاءه الإحسان .. يقول تعالى: (هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن60. ويقول تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) محمد17 .

- أو تقول بمعنى آخر :

- حافظ على علاقتك بالله في قلبك بدوام ذكره وشكره وحسن عبادته حتى لا تلتفت للأغيار .. يحفظك الله من شر نفسك الأمارة بالسوء ومن الشيطان ويتجلى على قلبك بالأنوار (أي المعرفة والحكمة الربانية) ..

* ولفظ الحديث السابق .. يدلك ويرشدك إلى معية الحفظ الإلهي لك .. طالما أنت كنت معه بالإيمان الصادق وتعبده كما طلب منك .. فمن كان مع الله كان الله معه ..

***************************

"من معاني الحديث"

(احفظ الله تجده أمامك)

- وفي رواية للحديث بلفظ (تجده تجاهك) .. والمعنى واحد ..

- ومعنى (تجده أمامك) : يدلك علي كل خير ويصرف عنك كل شر .. ومؤيدا لك بالإرشاد دائما إلى الطريق المستقيم ... 

- وكأنك تقرأ قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) محمد2 .

- أو كأنك تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ) صحيح البخاري..

- فصحح نيتك في التوجه إلى الله حتى تجد الله معينا لك ومرشدا ومؤيدا في في كل خطواتك بالثبات على الإيمان فلا تنحرف عنه أبدا حتى تلقاه وهو عليك راض .. ولا تكن كمن يطلب المعصية بالذكر فيضل ويهلك ويكن من الخاسرين .. وذلك كمن يطلب من وراء الذكر بالآيات والأسماء الحسنى الوصل بما يخدعك به الخادعون الضالون تحت مسمى "استمداد الطاقة الروحانية" أو "الجن المسلم النوراني" والحقيقة هو استمداد ووصل شيطاني لأنك طلبت غير الله بذكر الله .. ورجوت في قلبك وعزيمتك استحضار الجن أو ما تسميه طاقة روحانية من الوجود ولم ترجو من وراء الذكر الله واليوم الآخر أو حتى طلبت شيئا حلالا كالشفاء وبسط الرزق وإنما طلبت ما هو محرم عليك وكانت وسيلتك هي ذكر الله ..!! 

- ولذلك يتم تسليط الشيطان عليك عقابا لك لسوء أدبك مع ذكره تعالى .. لأنك طلبت الوصل بالجن ولم تطلب من وراء الذكر الوصل بالله .. فكأنك رجوت أن يكون الجن هو الذي أمامك .. وليس الله .. فلا تلومن إلا نفسك .. لأن نيتك كانت أن تهاجر إلى الجن ولم تهاجر إلى الله .. فوجدت الجن الشيطاني أمامك .. والجزاء من جنس العمل .. حيث لما أسأت العمل بالعصيان في الذكر .. كان الجزاء هو الإساءة إليك .. ولو كنت احسنت لأحسن الله إليك .. ولا يظلمك ربك .. ولكن أنت من ظلمت نفسك ..!!

* أو تقول بمعنى آخر في تذوق معنى الحديث :

- من طلب الله بصدق وجد الله بحق .. (أي صدق العبودية – بحق اليقين) .. فتجده دائما في قلبك جابرا بخاطرك لأنه الحنان المنان ومتجليا عليه بلطائف سحائب رحمته وحكمته .. فلا تبصر سواه أمامك فاعلا .. فلا تلتفت عنه ولا تنشغل بغيره ..

- أو تقول بمعنى آخر:

- من عمل مع الله بالإحسان .. وجد الله أمامه بالرحمة والرضوان .. ولا يخاف من ذنب سابق لدوام التفضل منه بالغفران .

 - والله أعلم .

**********************

"من معاني الحديث"

(تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ)

- معنى (تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ) :

- التعرف معناه : التقرب إلى الله بما يحبه ويرضاه .. وجاء بلفظ التعرف للدلالة على أن فاعل الخيرات في الرخاء (من عبادات ومعاملات) وفق مراد الله (بالإخلاص) لا يكون إلا عارفا بالله .. أي عارفا بما يحبه الله وبما يتقرب به إليه ليرضيه ..

- ولذلك يقال عن الشخص الذي قلب شرير: ما يعرفش ربنا .. يعني فاعل للشرور عارفا بطرق الشيطان جاهلا بطريق الله ..

- والرخاء: المقصود منه وقت البسط والسعة وراحة الحال ووجود الحيلة والقوة ..

- والشدة: المقصود منها القبض والضيق ووقف الحال وقلة الحيلة والقوة ..

- والمعنى المقصود – والله أعلم - من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. هو كما أشار له في حديث آخر (صنائعُ المعروفِ تقي مصارعَ السُّوءِ) رواه الطبراني بسند حسن – وذكره الألباني في صحيح الجامع .. وإليه الإشارة لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) الكهف30 .. ولقوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) البقرة 143 .. ولقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) النحل128 ..

- ومعنى : (يعرفك في الشدة): أي يعرفك وقت الشدة بتفريجها عنك، ويجعل لك من كل ضيقٍ فرجًا، ومن كل همٍّ مخرجًا ، ومن كل قبض بسطا ، ومن كل عسر يسرا ..

- ومعرفة الله بك .. تكون قبل حدوث الشدة من خلال أعمالك السابقة معه بالإخلاص والرضا واليقين والتوكل والتوبة .. أي يعرفك بدوام الوصل معه بقلبك في حال الرخاء .. !! لأنك لست من الذين يعبدون الله على حرف .. (وقد تكلمنا على عبادة الحرف في ضوابط سابقة .. فارجع إليها) ..

* وهناك من القصص ما يشير إلى ذلك .. كقصة الثلاثة الذين أصابهم المطر، فدخلوا إلى غارٍ، ونزلت صخرة وأغلقت عليهم فتحة الغار  .. وتوسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة ، فذكر كلٌّ واحد منهم عمل صالح سبق له مع ربه ، حتى ابتعدت الصخرة وخرجوا من الغار ..

* ومما يدل على أن صلاح الإنسان له كرامة وقت الشدة .. هو ما حدث مع سيدنا يوسف .. فيقول تعالى (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) يوسف24 .. ومثله ما حدث مع سيدنا يونس (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) الصافات144 ..

* ومما يدل على أن اهل الشر لا كرامة لهم من الله وقت الشدة .. قصة غرق فرعون وحينما استغاث بالله فلم يجده مغيثا له لأنه كان من المفسدين .. يقول تعالى (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ . آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) يونس90-91 .

**************************

"من معاني الحديث"

(إذا سألت فاسأل الله – إذا استعنت فاستعن بالله)

- (إذا سألت فاسأل الله): فاجعل طلبك دائما موصول بالله .. فاسأله من فضله سبحانه لأنه المنعم جل جلاله ... يقول تعالى (وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ) النساء23.

- (إذا استعنت فاستعن بالله): واجعل عونك من الله معتمدا عليه .. وإذا استعنت بمخلوق في قضاء حاجة لك فاجعل ذلك وسيلة وسببا قد سخره الله لك .. ولا تجعله ركنا تعتمد عليه  ..!!

* وطلب السؤال من الله وطلب معونته .. كلاهما إرشاد الى دوام التوكل على الله .. فلا يتعلق قلبه بغير الله في جميع أموره ما قل منها وما كثر .. ومن تعلق بالله فهو حسبه .. قال الله تعالى:(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق3 ..

* والحديث ليس معناه أن لا تطلب من أحد شيئا .. وإنما معناه اجعل طلبك ومعونتك من الله في قلبك دائما حتى لا تلتفت ولا تغفل عن كونه هو المدبر لكل أمورك في الحياة حتى ولو ظاهرها أسباب يفعلها الإنسان ... لأنه لا حول ولا قوة إلا بالله .. في كل الأحوال .. ومن قال لا حول ولا قوة الا بالله .. فقد قدر بالله ..

*****************************

..:: سؤال مهم : ما الفرق بين الإستعانة بالمخلوق وبالخالق .. وكيف يظهر الشرك ؟ ::..

- والإستعانة بمخلوق تكون في حدود ما يستطيعه الإنسان وله قدرة عليه كمساعدة في قضاء حاجة أو دفع دين أو حمل حقيبة أو إصلاح سيارة أو بناء منزل أو ما شابه ذلك من أمور دنيوية .. ولذلك يقول تعالى(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) المائدة2 ..

- ولكن الإستعانة بالخالق تكون بالقلب فيما أعطانا عليه قدرة (يعني نتوكل عليه - ونأخذ بالأسباب) .. وتكون فيما لا قدرة لنا عليه ولا استطاعة للإنسان عليه إلا بالله وحده كإنزال المطر أو بسط الرزق وقبضه أو العوذة من الشيطان أو نزول الهداية في القلب أو ما شابه ذلك مما يعجز عنه الإنسان .. ولذلك المستعين بالمخلوق في هذه الامور ظنا منه أن له قدرة على ما سبق .. فقد أشرك .. لأنه نسب ما هو لله وأختص به ذاته وأعطاه لمخلوق ..!! 

- ولذلك من يستعين بالجن فقد عصى الله .. ونخشى عليه أن يكون مشركا لأنه نسب للجن ما هو لله .. لأن الإستعاذة من الشيطان تكون بالله وليس بالجن .. وهذا الضر لا يستطيع دفعه الإنسان عن نفسه إلا بالله .. ولذلك أمرنا سبحانه بالإستعاذة به من الشيطان .. لأننا لا قدرة لنا على دفعه ..!!

ويكفيك قوله تعالى:(وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) الأعراف30.

ويقول تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ . قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ) سبأ41 ..

***************************

"من معاني الحديث"

جاء في الحديث : "واعلَمْ: أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ" .. "قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ لِي بِمِثْلِ هَذَا مِنَ الْيقِينِ حَتَّى أَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا ؟ قَالَ: «تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ"

- والحديث يشير في جزءه الأول إلى قوله تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يونس107 ..

- ويشير في جزءه الثاني إلى قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ . لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) الحديد22-23

- معنى (الأمة) : هي الجماعة من الناس ..

- والمقصد أنه لا نفع يطولك ولا ضر يصيبك .. إلا وهو مقدر لك .. فلا تظن أنك لو كنت فعلت كذا لحدث كذا .. لا .. فما حدث فهو عن مراد لك ..

- والحديث يشير إلى أن تؤمن بقضاء الله خيره وشره بيقين .. ولا تتهم الله في عدله .. ولا تشك أنه يوجد شيء خارج عن مراد الله ..

- ولكن انتبه: قد يكون ما أصابك بسبب ما كسبت يداك .. فلا تلقي بأوزارك على القدر لتبرأ نفسك .. لا .. لأن الذي لا قدرة لك عليه فأنت معذور فيه .. كالمسجون والمقهور .. ولكن فيما لك فيه اختيار فأنت محاسب عليه ومجزي به .. فكما أنك تقول أنه قدر .. فلماذا لم تقل أنه لك اختيار فيه ؟!! أم أنك جعلت معرفة الله وعلمه السابق قد تسبب في ظلمه لك ؟ فلو قلت كذلك فأنت لست مؤمن ؟ بل فاقد أهلية العقل ..؟ وإلا فكيف تزعم أنك محكوم بقدر وتزعم أن لك اختيار ؟!! ولو قلت إنه إجبار فقد أبحت للزاني والسارق أفعالهم واتهمت الله بالظلم ..!!

- ولذلك في الحديث عن أبي الدرداء قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ حَقِيقَةً، وَمَا بَلَغَ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهُ) الطبراني في مسند الشاميين .. وقال الهيثمي: رجاله ثقات .. وذكره الألباني في صحيح الجامع . 

- وفي رواية بلفظ (لَا يَسْتَكْمِلُ عَبْدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ ...) رواه الفرياني في كتاب القدر .. وذكره الشهاب القضاعي في مسنده .

- وعن زيد بن ثابت قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَوْ أَنَّ اللهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ، وَلَوْ رَحِمَهُمْ، كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْرًا مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَلُ أُحُدٍ، أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ، ذَهَبًا، أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، مَا قَبِلَهُ اللهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ، وَأَنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا، دَخَلْتَ النَّارَ) أخرَجَه أحمد .. قال الأرنؤوط: إسناده قوى .. وذكره الألباني في صحيح أبي داوود .

- فاحترم عقلك وقلبك .. ولا تخوض في الغيبيات التي لا علم لك فيها .. ولا أسباب لك في الوصول إليها لتدركها .. وقف على انه سبحانه حكم عدل مدبر حكيم .. (راجع رسالة القدر للمزيد من التوضيح لو أردت .. وستجد فيها ما يسر القلب والعقل) ..

*********************

"من معاني الحديث"

(اعمل لله بالشكر واليقين)

- معنى ( العمل بالشكر واليقين) : أي اعمل مع الله بدوام شكره على كل نعمائه قليلها وكثيرها .. وكن على يقين أنك ملاقي الله في أي لحظه .. فاجتهد في عملك مع الله وعبوديتك له .. قال تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) الحجر99 .. واليقين هنا هو الموت ..

**********************

"من معاني الحديث"

..:: (أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالرِّضَا .. فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فاصَّبْرِ)  ::..

- العمل مع الله بالرضا : يكون بما يجريه عليك من مقدرات قد كتبها لك وقدرها عليك .. وأنت مطمئن ان الفاعل هو الله ولن يضيعك وإنما هي أقدار يجب أن تعيشها .. والله مع المحسنين ..

- فإن لم تستطع بالرضا : لوجود ضيق في نفسك من كثرة ما تجد من ضيق أو قلة حيلة .. فعليك بالصبر على ما قضى به عليك وقدر .. ولا تتهم الله أنه لم يكن عادل معك .. ولا تفارق عبادته .. ولا تشكوه معترضا عليه وإنما اشكو إليه حالك واسأله من فضله .. وأبشر بخير من الله دائما .. لأنه تعالى قال (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) البقرة155.

*****************************

"من معاني الحديث"

-(وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) ..

- حينما يقول لك القرآن أو الرسول (اعلم) .. فافهم أنه علم يقين .. لا يحتمل شك بأي حال من الأحوال .. !!

- وقوله (مع) : تفيد الإقتران والملازمة .

- وقوله (النصر مع الصبر): تفيد اقتران النصر والظفر بالمطلوب يتم كلما صبرت على ما تكره .. صبر عبودية لا يصاحبه سخط ولا ضجر ..

- والنصر إنما يكون على الآخر (سواء نفسك أو شيطانك أو عدو)..

- وقوله (الفرج مع الكرب): تفيد أن الضيق والهم والغم  يلازمه الفرج .. ولكن مع التقوى .. (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق2-3 .

- والكرب يأتي لما يؤذيك فيصيبك في نفسك .. بالغم والهم والضيق .. فإذا اجتمع عليه قلة حيلة فهو عسر .. والله أعلم .

- وقوله (مع العسر يسرا): تفيد مصاحبة اليسر مع كل صعوبة فيها قلة حيلة تواجهك .. ولكن اليسر يكون قريبا من المتقين .. يقول تعالى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق4 .. وقد أكد الله سبحانه بحدوث اليسر في حالة العسر حيث قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) الشرح5-6 .

* وجاء في رواية ضعيفة عن جابر بن عبد الله عن النبي قال (اللهَ قد أَوحَى إليّ "إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَا . إِنّ مَعَ العُسْرِيُسْرَا" [ 6 : الانْشِراحُ ] - ولَنْ يغلبَ عُسرٌ يُسرينِ) رواه بن مردويه .. وقال الحافظ بن حجر في تغليق التعليق 4/372 : سنده ضعيف ..

- قلت (خالد صاحب الرسالة) : نعم هو ضعيف ولكنه يرتقي إلى درجة الحسن لشواهده .. فله شاهدين مرسلين صحيحين من طريق الحسن وقتادة .. وله شاهد آخر من طريق بن مسعود ولكنه ضعيف جدا .. والله أعلم ... وراجع طرق الحديث عند الحافظ بن حجر في تغليق التعليق 4/372 .

* وروي هذا القول موقوفا على عمر بن الخطاب بسند صحيح جاء فيه (مَا نزل بِمُؤْمِن شدَّة إِلَّا جعل الله بعْدهَا فرجا وَلنْ يغلب عسر يسرين) رواه مالك والحاكم والذهبي في سير اعلام النبلاء .. وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده قوي ورجاله ثقات .

- قلت (خالد صاحب الرسالة) : وكيف يعرف عمر أنه لا يغلب عسرا يسرين إلا إن كان سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

* مع شرح بعض لطائف من آيات الشرح :

1- جاء لفظ العسر بالألف واللام : لاستغراق وشمولية كل أنواع العسر التي يعرفها الناس من فقر، وضعف وقوة عدو وتجاهل صديق .. والعسر عموما يشير إلى قلة الوسائل التي تؤدى إلى إدراك المطلوب .

2- وجاء لفظ اليسر في الآيات منكرا بدون ألف ولام .. للتفخيم .. وكأن الله يقول أن مع العسر يسرا عظيما .. لا تحيط أنت بأسبابه .. لأنه المدبر القيوم .. والله أعلم .

3- وأكد الجملة القرآنية مرتين لتأكيد الأمر في نفوس المؤمنين لعلمه سبحانه أن قلة الحيلة مما يضيق به الإنسان في الحياة .. والله أعلم

4- وجاء بلفظ (مع) بدلا من لفظ (بعد): على سبيل الإستعارة حيث شبه التقارب بالتقارن، فاستعير لفظ (مع) لمعنى (بعد) .. للدلالة على أن هذا العسر لن يستمر فترة زمنية طويلة بعد العسر .. إشعار بغاية سرعة مجيء اليسر .. وكأن هذا اليسر ملازم مع العسر .. وكان في ذلك زيادة مواساة وتقوية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم .

5- وسبب قول النبي أنه لا يغلب عسر يسرين .. هو أن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت الثانية عين الأولى، واليُسر أعيد نكرة، والنكرة إذا أُعيدت نكرة كانت الثانية غير الأولى .. والله اعلم .

6- وقال بعض العلماء أن المراد باليسرين .. هو يسر الدنيا ويسر الآخرة ..

- قلت (خالد صاحب الرسالة) : لكن سياق الآيات يدل على الحياة الدنيا بدليل ما بعدها (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) ..!!

- وقد يكون المقصود هو يسر في الظاهر ويسر في الباطن .. فيسر يحدث في الباطن بالثبات على الحق والإيمان وعدم الإنحراف عن عبودية الله .. ويسر في الظاهر بتيسير الأمر .. والله أعلم ..

* ملحوظة :

- بعض العلماء قالوا : أن اليسر في الآيات هو يسر واحد وإنما جاء مكررا للتأكيد .. وليس بالضرورة إن أعيدت النكرة أن تكون الثانية غير الأولى ..!!

- ولكن القول الأول باليسرين .. هو ما يغلب على كلام العلماء .. والله أعلم .

*****************************

..:: لماذا الرسول أوصانا مرة بالعلم ومرة بالعمل ؟ ::..

- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

* بعد ان كتبت شرح الحديث .. جاء بخاطري أن انتبه لملاحظة جديرة بالإهتمام جاءت في الحديث حاولت أن أجتهد في فهمها .. حيث لم أجد أحد تكلم فيها حسب ما توافر عندي من مصادر علمية .. وهذه الملاحظة هي أن الحديث جاء يخبرنا بطريقين للإيمان :

- جاء بالعمل .. وجاء بالعلم ..

1- فجاء بالعمل .. حينما قال لك (احفظ – تعرَّف – اعمل) .. وذلك لأن الأمور التي تحتاج لفعلها فعلا وتقدر عليها لأنها من متطلبات الإيمان فهي العمل بالشريعة (عبادات ومعاملات) .

 2- وجاء بالعلم .. حينما قال لك (اعلم) .. لأنها من الأمور القلبية الواجب عليك أن تعتقدها ولا يصح أن تختل في نفسك .. وقد يصادف فيها قلبك وسواس من الشك أو الإضطراب النفسي .. فأشار بها لك بقوله (اعلم) .. حتى يطمئن قلبك أن هذه المعلومة هي علم يقين لا يحق لعقلك أو لقبك أن يشك فيها ولا أن يراجعها .. بل يجب أن يؤمن بها قلبك حتى يكمل إيمانه بمراد الله منه وحتى لا يضطرب إيمانه لو صادف قلبه شك منها في لحظة ضعف .. !!

- والله أعلم ..

- وننتقل بإذن الله للأصل الثاني المطلوب لسالك طريق الإيمان وطالب ذكر الله .. 

***************************

(الأصل الثاني)

( دوام التوبة مع الإعتراف بالذنب بانكسار 

وإن لم تعصي)

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..