ج10: رسالة التعريف بالضوابط والتنبيهات الإيمانية - هل إرشادك لعمل الخير وأنت لا تفعله أو إبعاد غيرك عن معصية وأنت تفعلها يعتبر هو نفاق منك؟ - المؤمن لا يكره الناس ولكن يكره أفعال الناس - لا وصال أو لذة عبودية طالما نفسك تقول : "أنا لا استحق" - تحرر من أفكارك الضالة والمنحرفة عن الله - لا يصح طلب الرزق بالذكر والعبادة بدون إيمان قولي وفعلي وأدب والتزام بما أخبرك الله به - عبادة الحرف – عبادة الإلحاد – عبادة التجربة – عبادة المنفعة - ما هو ميزان النفس في طلب المنافع الدنيوية بالعبادة – وكيف تكشف حقيقة نفسك في معاملتك مع الله - هل هناك وسائل تعبدية لزيادة الرزق أو لاستجابة الدعاء لأي شيء نريده.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة)

(الجزء العاشر)

4- تنبيهات إيمانية هامة عليك أن تعرفها وأنت تتبع منهج أهل الإيمان -

* فهرس :

::الجزء العاشر:: تنبيهات إيمانية هامة عليك أن تعرفها أثناء سلوك منهجن أهل الإيمان ..

:: الفصل الثاني :: باقي التنبيهات :: 

1- التنبيه الحادي عشر: هل إرشادك لعمل الخير وأنت لا تعمله أو إبعاد غيرك عن معصية وأنت تفعلها .. هو نفاق منك ؟ "هكذا يحدثك الشيطان".

2- التنبيه الثاني عشر: انتبه لأن المؤمن لا يكره الناس ولكن يكره أفعال الناس ؟ لا تكره الشخص نفسه وإنما تكره أفعاله .

3- التنبيه الثالث عشر: لا وصال أو لذة عبودية طالما نفسك تقول : "أنا لا استحق" ؟ تحرر من أفكارك الضالة والمنحرفة عن الله.

4- التنبيه الرابع عشر: لا يصح طلب الرزق بالذكر والعبادة بدون إيمان قولي وفعلي وأدب والتزام بما أخبرك الله به ؟

5- الفصل الأول: عبادة الحرف – عبادة الإلحاد – عبادة التجربة – عبادة المنفعة ؟

6- ما هو ميزان النفس في طلب المنافع الدنيوية بالعبادة – وكيف تكشف حقيقة نفسك في معاملتك مع الله ؟

7- الفصل الثاني: هل هناك وسائل تعبدية لزيادة الرزق أو لاستجابة الدعاء لأي شيء نريده ؟ 

******************************

(تابع : الفصل الثاني – من التنبيهات)

****************************

(التنبيه الحادي العاشر)

"انتبه : هكذا يحدثك الشيطان"

..:: هل إرشادك لعمل الخير وأنت لا تفعله أو إبعاد غيرك عن معصية وأنت تفعلها .. هو نفاق منك ؟ ::..

(لا تنسى: إن أرشدت الغير للخير وإن لم تفعله .. فأنت على خير)

- أخي الحبيب .. كثير يحدثك الشيطان أو أحد أعوانه من الإنس .. على أنه إذا أرشدت أحد لفعل خير أو تمنعه عن المعصية .. في حين قد تكون أنت لا تفعل الطاعة بل وتفعل المعصية التي تحاول أن تمنع غيرك عنها ... فيأتيك هذا الشيطان موسوسا لك قائلا: أن ما تفعله من إرشاد للآخرين هذا نوع من النفاق .. والدليل على ذلك أنك لا تطبقه على نفسك .. فما هذا النفاق ألا تستحي ..؟!!

- وغرض الشيطان وأعوانه من ذلك .. هو منعك عن الخير الذي لو أنت فعلته سيترتب عليه كرامة من الله لك .. لأنك تكون أطعت الله بمحاولة فعل الخير للغير .. فتكون فعلت طاعة الله أمرك بها والرسول أرشدك إليها .. !!

- بل أن محاولتك مساعدة الآخر .. هو نوع من الإعتراف بذنوبك ولذلك تجتهد مع الله من ناحية أخرى عسى أن يتوب عليك .. لأنك تكون جمعت بين العمل السيء والصالح .. كما قال تعالى(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) التوبة102 ..

- فانتبه لما قلته لك ولا تلتفت لحديث الشيطان في نفسك ..!!

- ولذلك إن أرشدت الغير للخير وإن لم تفعله .. فأنت على خير ..

- وإليك الأدلة على قولي لك ليطمئن قلبك ولا يخدعك مخادع:

* أولا من القرآن :

1- يقول تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة2..

- فدل كلام الله على أن التعاون على البر والتقوى أو المنع عن الإثم والعدوان .. هو أمر مطلق وغير مقيد بشرط أن تكون أنت فاعله ..

- فقد لا تستطيع أن تمتنع عن معصية ولكنك تحاول أن تبعد غيرك عنها .. عسى أن تكون سببا في أن يرحمك الله ويكفر عنك ذنبك هذا الذي لا تستطيع أن تتخلص منه ..

2- يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الحج77 ..

- وفعل الخير هو تعبد إلى الله بالمعاملات .. وهو أمر من جملة الأوامر الإلهية التي ذكرها الله بعد الأوامر التعبدية .. وفعل الخير هو مطلق الاعمال التي فيها خير ونفع للآخر .. سواء بإرشاده إلى منفعة أو إبعاده عن مضره .. وكما ان العبادات لها كرامة عند الله .. فالمعاملات لها كرامة عند الله ..

* ثانيا من الأحاديث:

1- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) صحيح الترمذي.

- ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون أنت فاعلا للخير .. بل دالا على الخير أي ترشد إليه ..

2- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، كُتِبَتْ له حَسَنَةً، ومَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَعَمِلَها، كُتِبَتْ له عَشْرًا إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها، لَمْ تُكْتَبْ، وإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ) صحيح مسلم.

- فمن يرشد إلى فعل الخير ويحسن إلى الغير بالنصح السليم والإرشاد القويم .. فهو قد فعل حسنة .. والله يضاعفها له بفضله إلى سبعمائة ضعف ..

3- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ) صحيح مسلم.

- فإذا كان من ينتهج منهج فيه معصية ويتبعه فيها غيره قد حمل من وزره .. فكيف يُعقل أن الذي ينتهج منهج فيه خير للآخر لا يكون له فيه أجر ..؟!! فانتبه ..!!

* ثالثا من قول الصحابة:

- يقول الصحابي أبي الدرداء رضي الله عنه : (إِنِّي لآمُرُكُمْ بِالأَمْرِ وَمَا أَفْعَلُهُ، وَلَكِنْ لَعَلَّ اللهَ يَأْجُرُنِي فِيْهِ) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء 2/345 ..

***************************************

(التنبيه الثاني عشر)

::  انتبه لأن المؤمن لا يكره الناس ولكن يكره أفعال الناس ::..

:: لا تكره الشخص نفسه وإنما تكره أفعاله ::

- أخي الحبيب .. حاول ان تجاهد نفسك في أن تتعلم كيف تكره الأفعال وليس النفس الفاعلة .. إلا لو كانت النفس محاربة لك في وطنك ودينك أو معتدي عليك في عملك وبيتك فهذا شيء آخر ..

- ولكننا هنا نتحدث عن نظرتك للشخص الذي أنت تراه أو تسمع عنه أنه يتكرر منه المعصية أو تجده على غفلة أو ما نسميه بعيد عن ربنا .. كيف تنظر إليه ؟

- يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لنا: (من رأى مبتلًى فقالَ الحمدُ للَّهِ الَّذي عافاني ممَّا ابتلاَكَ بِهِ وفضَّلني على كثيرٍ ممَّن خلقَ تفضيلاً لم يصبْهُ ذلِكَ البلاءُ) صحيح الترمذي .. وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة .

- معنى (مَن رأَى مُبتلًى):  بأي ابتلاء سواء في جسده بالمرض أو في دنياه بالفقر وقلة الحيلة أو في دينه بالمعصية .
- معنى (فقل الحمد لله): أي قل ما تحمد به ربك على ما أنعم به عليك من العافية .. 
- ولو كنت تقف أمام المبتلى: فادعوا بدعاء "الحمد لله الذي عافاني ..." في نفسك أو سرا .. حتى لا يظن أنك تشمت به.
- ولو كنت بعيد عن المبتلى: فقل دعاء "الحمد لله الذي عافاني ..." جهرا لو أردت ذلك.

- وكلمة (مبتلى) .. تلهمك بالادب مع القدر .. حيث أن الفعل الذي وقع على الشخص إنما هو عن مراد الله به .. فتأدب حتى لا يصيبك ما أصاب غيرك .. ولا تطعن في الآخر ولا تجعل من نفسك حاكما عليه ولا تسخر منه .. بل احمد الله على ما أنت فيه من نعمة وتأدب مع الله في أقداره .. حتى لا ينقلب الأمر عليك .

- ولكن هل هذا معناه .. أن المبتلى له الحق أن يقول: لماذا الله يحكم علي بذلك ؟

- لا يصح منه هذا القول .. ليه ؟

- لأن سؤاله يسبقه سؤال آخر وهو: ماذا أنت فعلت مع الله حتى فعل بك ذلك ؟!!

- ولو زعمت أنك لم تفعل شيء وهذا محال عقلا لأنك مخلوق ناقص .. لكن سأفترض أنك لم تخطيء .. ولكن دعني أسألك سؤال: هل الله عادل أم ظالم ؟ فلو قلت هو عادل فلماذا تعترض عليه ؟ ولو قلت هو ظالم فقد كفرت فلماذا تسأل عمن هو ليس بموجود في عقيدتك ؟!!

- وقد تقول لك نفسك .. ما ذنب المولود مصابا بعمى أو بتوحد أو غيره .. ؟

- أقول لك أن سؤالك يجب أن يسبقه سؤال: هل الذي خلقه يعلم ما خلق أم لم يعلم ؟ فلو كان يعلم فهو حكيم في فعله وله فيه تدبير لا نعلمه .. وهو أرحم به منا .. ولو كان لا يعلم فهو جاهل والقائل بذلك عن الله فهو كافر لأنه أنكر صفات كمالية لله رب العالمين ..

- فليس بالضرورة أن تفعل شيء يستوجب عقاب .. وإنما قد يفعل بك شيئا لأنه تدبيره أراد ذلك .. وهو عدل في فعله حكيم في تدبير .. لأنه سبوح قدوس .

* نعود إلى التنبيه .. أخي الحبيب ..

- لا تجعل بغضك للمعصية يتخطى حدودك فتبغض العاصي نفسه .. وإلا فلماذا لا تتهم نفسك وتبغضها من باب أولى ..!!

- فإذا العاصي قد وجد المجتمع محتقرا له .. فكيف سيطلب المساعدة من أحد ؟!!

- فهل أنت تحب أن يكون أنت هذا حالك لو عصيت ؟!!

- فحب لأخيك ما تحب لنفسك .

- وإذا كان هذا هو حالك ونفسيتك في تعاملك مع المؤمن العاصي .. فماذا ستفعل مع الكافر غير المسلم .. هل ستكيد له وتقتله ؟!! .. وهل هذه هي الحكمة والموعظة الحسنة التي أنت مطالب بها كمسلم .. أم أن الحقيقة هي أن قلبك قد امتلأ بالكراهية والبغض له ؟!!

- أخي الحبيب .. لقد وجدت البعض يتناقل مقوله يتناقلها البعض عن شخص يقال عنه أنه داعيه .. ورد على العلماء الذين قالوا نحن نكره الفعل ولا نكره فاعله .. فقال ما أملاه عليه عقله: "لو كان الكره للفعل وليس للشخص .. فنحن نحب المؤمن ولا نحب شخصه" ..!!

* فانتبه اخي الحبيب من أصحاب هذه الآراء الشاذة والبليدة ليه ؟

- لأنه لو كان ارتضى بكلام الله ورسوله .. لكان خير له .. ولكن ارتضى بالإعتراض بعقله وهو يظن أنه من العقل .. وهو أبعد ما يكون عن العقل .. ولذلك جانبه الصواب ..!!

- وأحسب أن صاحب هذه المقولة يحتاج إلى إعادة تقويم عقلي ونفسي وديني .. ليه ؟

- أما عن التقويم العقلي: فلا يوجد عاقل على وجه الأرض يقول بهذا الخرف الذي أتى به .. وإلا لو كان الأمر كذلك فلماذا نساعد المرضى النفسيين والعصاة للعودة إلى طريق الصواب مرة أخرى طالما نكره ذواتهم ؟!! بل ولماذا هذا الداعية يشرح التوبة والإستغفار طالما هو تحقيري بغيض لذوات الناس .. وهو يعلم أن الدين يبغض أفعال المعصية ؟!! ولماذا يبرر لنفسه حينما يعصي كل آيات الغفران وأحاديث التوبة ؟!!

- والغريب أنه بقوله هذا قد ساوى بين إبليس المبغوض لذاته وبين المؤمن المرجو له مغفرة وتوبه .. !! أهذا يسمى عقل ..؟!!

- أما عن التقويم النفسي: فلا يخفى على عاقل أن الذي يكره ذوات الأشخاص لمجرد ظهور معصية منهم .. فهو شخص تحقيري الطبع نرجساوي الأنا .. عديم الرحمة وقاسي القلب وبليد العقل ليس فيه نسمة من الرحمة أو التفكير الصائب .. ويزكي نفسه ويتبع هواه .. !! فهل هذا هو الإيمان من وجهة نظر هذا الداعية ؟!! أليس في هذا الفكر الشاذ تحريض للمجتمع على من يفعل معصية بأنهم يؤذونه ؟!! فإذا كان هذا هو الحق عنده فما هو الباطل ؟!!

- أما عن التقويم الديني: فلو كان صاحب هذا القول يمتلك شيء من العقل الصائب .. لكان علم أن حب المؤمن في حقيقته إنما هو لإيمانه وليس لشخصه .. وأبسط دليل .. أنه قد يحب المؤمن أخيه المؤمن ولم يروا بعض ولم يتقابلا ولم يتكلما .. وإنما قد يكون من خلال المراسلات .. كما يحدث على النت حاليا .. ولكن أظن أن صاحب المقولة العقلية على جهالة بعالم الواقع .. فتعالوا نقيس كلامه على كلام الله وكلام النبي صلى الله عليه وسلم ..

* أولا: من كلام الله ..

- يقول تعالى: (تَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة2 ..

- فهل من البر والتقوى .. تحقير المؤمن العاصي وتجاهله ونبذه وكرهه ..؟ فإذا كان هذا هو مفهوم التعاون على البر والتقوى عند هؤلاء التحقيريين فما هو مفهوم التعاون على الإثم والعدوان .. ؟!!

- فإلى متى سيظل هذا الشخص يعيش بنفسية المحتقر للآخر .. وكأنه من الملائكة التي تسير على الأرض ..!! ألا يشعر بوجود خبث وشر في قلبه وهو يستمتع باحتقار الآخرين ..؟!!

- يقول صلى الله عليه وسلم :(بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ حَرامٌ، دَمُهُ، ومالُهُ، وعِرْضُهُ) صحيح مسلم . 

* ثانيا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ..

1- عن أبي أُمامَة رضيَ الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (مَنْ أَحبَّ لله، وأبْغَضَ لله، وأعْطَى لله، ومَنَع لله؛ فقدِ اسْتَكْمَل الإِيْمانَ) صحيح أبي داود.

- أليس الحب والبغض والعطاء والمنع هي صفات ..؟!!

- بل قد تعطي الكافر طمعا في تليين قلبه طمعا في دخوله للإسلام .. وتعطي العاصي ليكف عن معصيته .. وتعطي للمجرم لتمنع أذاه .. وتمنع عن ابنك المصروف والنزول لتمنعه من مرافقة أصدقاء السوء .. وتحب الشخص لأنك ترى فيه أنه إنسان صالح وقد لا تعرفه .. وتبغض أفعال العاصي لأنه يعصي الله فتنفر منه حتى ينصلح ..

- وهذه الصفات ناتجة من أجل مين ؟ من أجل الله .. يعني أنت ظهرت فيك هذه الصفات بمقياس الله لك وهو الشريعة .. ولا علاقة لذوات الأشخاص بالمسألة .. وإلا سيظل بغضك للكافر كما هو حتى لو أسلم وآمن ..!! أفلا تعقلون ؟!!

2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(من سرَّه أن يجِدَ حلاوةَ الإيمانِ فليُحبَّ المرءَ لا يُحِبُّه إلَّا للهِ) رواه أحمد .. وقال الهيثمي: رجاله ثقات .. وال الأرنؤوط: اسناده حسن .. وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح .. وذكره الألباني في الصحيحة وصحيح الجامع.

- فما الذي أوجد حلاة الإيمان؟ هو صفة الحب للآخر لأنه متبع الله.

3- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ.) صحيح البخاري.

- وهنا سؤال: لو أحب شخص رسول الله لذاته .. ولمن يؤمن به كرسول ..؟ هل سيكون مؤمن ..؟!!

- بالتأكيد لا .. لأن كفار مكه كانوا يحبون الرسول صلى الله عليه وسلم ويصفونه بالصادق الأمين .. ولكنهم كرهوه لإيمانه وليس لذاته ..!!

4- وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه عنِ النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(سَبْعَةٌ يُظِلُّهُم الله في ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: الإمامُ العادِلُ، وشابٌّ نَشَأ في عبادَةِ الله، ورجلٌ قلْبُه مُعلَّقٌ في المساجِدِ، ورجُلانِ تَحابَّا في الله اجْتَمعا عليهِ وتَفَرَّقا عليهِ، ورجلٌ دَعتْهُ امْرأَةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجَمالٍ فقال: إنِّي أخافُ الله، ورجلٌ تَصَّدقَ بصدَقةٍ فأخْفاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ ما تُنْفِقُ يَمينُه، ورجلٌ ذَكرَ الله خالِياً ففَاضَتْ عَينْاهُ) صحيح البخاري.

- فسبب محبة الله لهم هو الحب في الله .. أي بسبب الإيمان ..!!

5- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:(إنَّ مِنْ عبادِ الله عباداً لَيْسوا بأنْبِياءَ، يَغْبِطُهم الأنْبِياءُ والشُهَداءُ .. قيل: مَنْ هُمْ ؟ لَعلَّنا نُحِبُّهم .. قال:

هُمْ قومٌ تَحابُّوا بِنُورِ الله، مِنْ غَيرِ أرْحامٍ ولا أَنْسابٍ، وجوهُهُم نُورٌ، على منابِرَ مِنْ نُورٍ، لا يخافُونَ إذا خافَ الناسُ، ولا يَحْزَنونَ إذا حَزِنَ الناسُ، ثمَّ قَرأَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} ) رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه"، واللفظ له .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح .

- وفي رواية بلفظ (تحابُّوا برُوحِ اللهِ) صحيح أبي داوود.. وقال الارنؤوط: صحيح.

6- عن عمر بن الخطاب قال : (أن رجلًا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان اسمُه عبدَ اللهِ ، وكان يُضحِكُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدْ جلَدَه في الشَّرابِ ، فأُتيَ بهِ يومًا فأمَرَ بِهِ فجُلِدَ ، فقال رجلٌ مِنَ القَومِ : اللَّهُمَّ العَنْهُ ، ما أكثَرَ ما يُؤتَى بهِ ؟

فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (لا تَلْعَنُوه ، فواللهِ ما عَلِمْتُ إلَّا أنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه) صحيح البخاري .

- ولو كانت المعصية سبب في بغض ذات الشخص .. ما كان النبي أثبت الحب لله ورسوله لمن شرب الخمر بالرغم من عصيانه بكبيرة !! فلو أنكر النبي ذاته فلماذا أثبت محبته ونهى الصحابة عن لعنه ؟!! أفلا تعقلون ؟!!

7- وفي الحديث أن خالد بن الوليد سب امرأة أثناء رجمها كانت قد زنت .. (فَسَمِعَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سَبَّهُ إيَّاهَا، فَقالَ: مَهْلًا يا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ لقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لو تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ له. ثُمَّ أَمَرَ بهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ) صحيح مسلم.

- معنى (صاحب مكس): هو الذي يأخذ إتاوة بالإكراه في الأسواق من التجار حتى يسمح لهم بالبيع والشراء .

- فلو كان المعصية سبب في بغض ذات العاصي .. فكيف الله يقبل توبته وكيف غفر له بل كيف وفقه من البداية للتوبة .. طالما أبغضه كليا ؟! وكيف يصلي عليه صلى الله عليه وسلم ..؟!!

ثالثا: من فعل الصحابة .. (أبي الدرداء)..

- أخرج ابن عساكر عن أبي قلابة قال: (أنَّ أبا الدَّرْداء مرَّ على رجل قد أصاب ذنبًا، وكانوا يسبُّونه؛ فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قَلِيبٍ؛ ألم تكونوا مُسْتَخْرِجِيه؟ قالوا: بلى. قال: فلا تسبُّوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم. قالوا: أفلا نُبْغِضُه؟ قال: إنما أبْغَضُ عمله، فإذا تركه فهو أخي) رواه بن عساكر وأبي نعيم في الحلية  رواه بن الأثير في أسد الغابة 4/306 .

- هذا هو القول الحق الذي قال به أبي الدرداء وعليه علماء المسلمين النجباء .. ونعوذ بالله من علم التحقيريين والتكفيريين والحاقدين على المؤمنين ..!!

****************************

(التنبيه الثالث عشر)

..:: لا وصال أو لذة عبودية طالما نفسك تقول : "أنا لا استحق" ::..

(تحرر من أفكارك الضالة والمنحرفة عن الله)

* أخي الحبيب ..

- انتبه لحالتك النفسية مع أقدار الله عليك .. لأنها قد تؤذيك في علاقتك مع الله .. ولن تجد لذة وصال العبودية في القلب .. وأنت محاصر نفسك بأفكار ضالة تتهم بها الله في نفسك .. وتنحصر الأفكار غالبا في فكرتين تسببان حجاب لك .. وهما:

1- انا طيب لا أستحق ما يحدث معي .. لأني لم أفعل خطأ ..

2- أنت ليه بتعمل فيه كده يارب ..

- فكثير من الناس .. تحدث له أحداث في حياته .. تأتي مخالفة لما كان يرجوه جزاء لأدبه وعبادته .. ولكن تأتي الأحداث بابتلاءات فيها ضرر له .. فيبدأ يظهر الوسواس في نفسه بالطبطبة وجبر النفس فيقول لك: أنت لا تستحق وما كان يصح أن يحدث لك ذلك .. ؟!! لكن يا ترى ليه حصل معاك كده وليه ربنا سمح بكده يحصل معاك ؟!!

- وطبعا الشيطان استغل ضعف الإنسان في هذه اللحظة .. ووجد تساؤل في النفس .. فاستغله ليوسوس به له كلما وجده غافلا .. ليشككه في فعل الله ويحرضه على إتهام الله ..!!

- ولذلك لا سبيل للتحرر من هذا الوسواس إلا بالإيمان أنه عدل في قضاءه .. وأن تدبيره معك له فيه حكمة ..

- وتذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم .. فهل كان تسليط المشركين على سيدنا محمد لأنه كان عاصي ؟ لا .. وإنما أراد الله له زيادة الرفعة والمقام بالجهاد .. فكان حصول هذا المقام بذلك الإبتلاء .. فكان الله عدل في قضاءه .. فافهم واستمتع بالحكمه الإلهية ..!! لذلك يقول صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الرَّجُلَ لِيَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الْمَنْزِلَةُ فَمَا يَبْلُغُهَا بِعَمَلِهِ فَمَا يَزَالُ اللَّهُ يَبْتَلِيهِ بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يَبْلُغَهَا) رواه أبي يعلى وبن حبان .. وقال الهيثمي: وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " «يَكُونُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الْمَنْزِلَةُ الرَّفِيعَةُ» "، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وذكره الألباني في الصحيحة وقال اسناده حسن ورجاله ثقات ، وقال الأرنؤوط: إسناده حسن .

* وإذا وجدت ما يسؤوك من أحداث الحياة .. فاعلم أنه عدل في قضاءه وتدبيره له فيه حكمه .. فتعامل مع القدر على ما هو مفروض عليك بدوام الأدب مع الله .. وإياك ان تقول أنك لم تكن تستحق هذا ..!! لأنك لست الله حتى تقرر ما الذي تستحقه وما الذي لا تستحقه ..!! فتأدب ولا تنسى قدر نفسك .. حتى لا تدخل في باب الساخطين .. فتحجب عنك كرامة أهل الرضا بالله .. في الدنيا والآخرة ..

****************************

(التنبيه الرابع عشر)

(لا يصح طلب الرزق بالذكر والعبادة بدون إيمان قولي وفعلي وأدب والتزام بما أخبرك الله به)

**************************

(الفصل الأول)

(عبادة الحرف – عبادة الإلحاد – عبادة التجربة – عبادة المنفعة)

- أخي الحبيب ..

- الحظوظ النفسية نوعين ..

1- ما يؤدي إلى رضا الله ..

2- ما يؤدي إلى رضا نفسك ..

- فطلب الحظوظ الأخروية هو أمر من الله أن تطلبه .. كالغفران والرضوان والنعيم الأبدي في الجنة والحفظ من دخول النار .. أو تطلب أن يكرمك بالوسائل التي تؤدي للنعيم الأخروي كطلب التوفيق للطاعات وطلب تطهير القلب بصفات يحبها الله كالإخلاص والرضا واليقين والمحبة والتوبة وغير ذلك ..

- ولكن ما نناقشه هنا هو طلب الحظوظ الدنيوية كالزوج والوظيفة والشفاء وما شابه ذلك .. أي كل ما يندرج تحت مفهوم الرزق الدنيوي لنفسك أنت .. وطلبك له من خلال العبادة ..

- فطلب الرزق في الحياة .. من عقل وعلم ومال وصحة وسكن وزوج ومأكل ومشرب وغير ذلك من عطاءات يريدها الإنسان للإنتفاع بها دنيويا .. فهي تندرج تحت مسمى الرزق ..

- ونظرا لأني أطلب من الناس أن يكون عبادتهم خالصة لله .. فالبعض فهم من كلامي بأن فيه منع لسؤال الله من فضله ..!! وهذا بكل تأكيد فهم خاطيء لكلامي ..!!

- وكأنه يريد أن يقول لي سؤال وهو:  طالما ربنا يقول: (وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ) النساء32 .. ويقول تعالى: (وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ) المائدة35 .. ومن وسائل القرب إلى الله هي ذكر الله سواء بالقرآن أو بالباقيات الصالحات أو بالأسماء الحسنى .. !! فما المانع أن نتخذ من الذكر وسيلة لتحقيق مطالبنا .. بل أنه لو سألنا الله وطلبنا منه أن يستجيب له من فضل عطاءه نكون قد أقمنا طاعة لله لأنه طلب منا أن نسأله من فضله حيث قال: (وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ) .. فما المانع حينئذ من طلب المنفعة الدنيوية بذكر الله وسؤال الله من فضله من وراء هذا الذكر أو هذه العبادة ..؟!!

- الجواب:

- أخي الحبيب .. لقد اختلط عليك الأمر في كلامي بين طلبي منك أن تكون مخلصا في العبادة ولا تعبد الله بعبادة الحرف وعبادة الإلحاد وعبادة التجربة وعبادة المنفعه .. وبين سؤال الله من فضله .. فكلاهما مسألتان مختلفتان ..

* وإليك توضيح لكلامي حتى لا يلتبس عليك الأمر ..

1- فعبادة الحرف: هو من يتخذ من العبادة وسيلة إلى الله لتحقيق مراده .. فإن لم يستجب فهو يسخط على حاله .. ويتهم الله بأنه غير مجيب الدعوات أو أن الله كان ظالما معه .. وهؤلاء هم من يربطون إيمانهم بعطاء الدنيا .. فإن أعطاهم الله فهو راض عن الله .. وإن لم يعطيهم فهو ساخط على الله ..!!

- وفي هؤلاء يقول تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) الحج11 .

2- أما عن عبادة الإلحاد والتحريف : فهو الذين ألحد في كلام الله بالتحريف فيه عن مقصده .. بأن يجعل منه كتاب استحضار للشياطين أو للجن .. كالرقاة الذين يستحضرون الشيطان على المصاب بالقرآن ليتكلموا معه .. أو من يقرأ منهم القرآن ويستغيث بالعالم الروحاني تحت مسمى "يا جند الله احضروا" ، وكالروحانيين أو ممارسي الطاقة الروحانية الذين يستخدمون آيات الله وأسماءه في استحضار الجن والملائكة أو من يزعم أنه يستحضر من قوى الوجود الغيبية أو من يزعم أنه يستحضر خدام السور والآيات والأسماء .. والجميع يزعم أنه يتصرف في الغيبيات !!

- كل ما سبق زعمه إنما هو محض كذب لأنهم ما يستحضرون إلا شيطان رجيم .. ولا تنفعهم الآيات ولا الأسماء الإلهية .. لأن الله تعالى قال (وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأعراف180 .. فلما ألحدوا في نيتهم عن الله وطلبوا غيره عصيانا لكلامه وكلام نبيه .. واستخدموا دينه فيما لم يبحه لهم .. فلذلك يتم تسليط عليهم بهذا الغير الذي طلبوه .. وذلك ليمدهم بالضلالة .. جزاء وفاقا .. لأنهم اعتدوا على كلامه وأسماءه .. فلما طلبوا غير الله وجدوا غير الله .. ولا يظلم ربك أحدا من خلقه ولكن أنفسهم يظلمون ..!!

- وفي هؤلاء يقول تعالى: (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأعراف180 ..

- ويقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فصلت40 ..

- والإلحاد في الآيات والأسماء معناه التحريف فيها .. والتحريف له أشكال متعددة .. والتي منها صرف الأسماء والآيات عن مقاصدها التي أباحها رب العالمين في استخدامها .. وجعلها في مقاصد لم يذكرها الله ولا رسوله .. بل قام الدليل على كذب هؤلاء الضلالية فيما يزعمون .. فكانت تجاربهم ما هي إلا إلحاد في كلام الله وأسماءه .. ونسأل الله للجميع الهداية .

3- وهناك عبادة التجربة: وهؤلاء التجريبيين في العبادة ..  سيظلوا في هوس التجربة لتحقيق الحظوظ النفسية .. لأنهم لا يريدون العمل فعلا مع الله .. مما يجعلهم في حجاب الطمع طوال حياتهم .. لأنهم يعبدون الله بالتجربة ..!! والتجربة مع الله شك والشك يحبط العمل..!!

- يعني لا يصح أن تقول وأنت تتعبد لله أن تقول في نفسك :

- هجرب السورة دي يمكن تنفع ؟!!

- أو هجرب أكرر الإسم ده يمكن ربنا يفرجها ؟!!

- فهذه ليست عبادة .. وإنما إساءة ظن بالله .. وقلة يقين .. بل قلة أدب في العبادة مع الله .. !!

* فأنت لا تطلب الله .. وإنما تجرب حظك مع الله .. وجعلت العبادة وسيلة .. ولكن ليست لله .. وتقربا إلى الله .. وإنما طلبا لإمرأة تنكحها أو لدنيا تصيب منها منفعة كوظيفة .. أي جعلت العبادة لحظوظ نفسك الدنيوية فقط ..!!

- يقول صلى الله عليه وسلم: (الأعمالُ بالنِّيَّاتِ ولكلِّ امرئٍ ما نوى فمَن كانت هجرتُه إلى اللهِ ورسولِه فهجرتُه إلى اللهِ ورسولِه .. ومَن كانت هجرتُه لدنيا يُصيبُها أو امرأةٍ يتزوَّجُها فهجرتُه إلى ما هاجَر إليه) صحيح البخاري.

* انتبه : هناك انحراف وتضليل في فهم كلام علماء السلف :

- مفهوم التجربة عند علماء المسلمين السلف .. هو تجربة الشخص نفسه مع آية أو إسم او سورة .. وليس تجربة الشخص للآية ..!!

- يعني شخص أثناء تعبده لله بآية أو بإسم أو سورة .. فحدث له كرامة أثناء التعبد أو من وراء فعلها .. ولكن هذا الشخص لم يقرأ الآية أو السورة أو الإسم وهو ينتظر الكرامة ..!!

- فافهم الفرق ..!!

4- وهناك عبادة المنفعة : وهو الذي يصلي ويتصدق للوصول إلى هدفه .. فإذا وصل لهدفه .. فإنه ينقطع عن الله ويغفل ..  

- فهؤلاء يندرجون تحت قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) يونس12 .

- ويقول تعالى: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ . هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ . فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم مَّتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) يونس21-23 .

* والفرق بين عبادة التجربة وعبادة المنفعة .. هو أن عبادة المنفعة قد يصاحبها إخلاص في بداية العمل ثم غفلة بعد تحقيق المنفعة .. ولكن عبادة التجربة من بدايتها هو في شك ويعيش مع احتمال حدوث ما يريده من وراء العبادة ..

* والفرق بين عبادة الحرف وعبادتي المنفعة والتجربة .. هو السخط المترتب على العبادة .. مع اتهام الله في قدره ..

* أخي الحبيب .. انتبه .. فهذه الآيات لا تنبطق إلا على الكافر والمؤمن المرائي (أي يعمل رياء) :

- قال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) هود15-16.

- ستجد من يقول لك أن من هؤلاء بعض المؤمنين الذين يصلون ويتصدقون ويحجون ويصومون لمنفعة دنيوية .. وهذا الكلام صحيح ولكن الكلام خاص بالمؤمن الذي يرائى بعمله .. وليس خاص بمن يتعبد ويرجو الله من فضله .. ودليل ذلك:

- جاء في الحديث: (جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال أرأيت رجلًا غزا يلتمِسُ الأجرَ والذكرَ ما له فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا شيءَ له فأعادها ثلاثَ مرَّاتٍ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا شيءَ له ثمَّ قال إنَّ اللهَ لا يقبلُ من العملِ إلَّا ما كان خالصًا وابُتغِي به وجهُه) صحيح النسائي.

- ومعنى (الأجر والذكر): أي ثواب الآخرة .. والذكر هو أن يفعل الفعل ليمدحه الناس ويثنوا عليه ويشتهر بينهم أنه يعمل أمور صالحة ..

* فإذا علمت أخي الحبيب بما كنت أقصده بالعبادات التي أريدك أن تبتعد عنها .. تكون بذلك قد عرفت إنما هو حتى أبعدك عن عبادة لا قيمة لها عند الله .. وأريدك ان ترتقي بإخلاصك مع الله .. ولكن العبادات السابقة خالية من الإخلاص ..!!

- أما عن سؤالك لله من فضله .. فهذا لم أمنعك عنه .. وكيف أمنعه والله تعالى يقول (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف180 ..

- ويقول صلى الله عليه وسلم: (ألِظُّوا بيا ذا الجلالِ والإكرامِ) صحيح الترمذي ..

- ومعنى (ألظوا): أي ألحوا في الدعاء بهذا الإسم .. واطلبوا به الله .. واطلبوا به من الله .. مع ملازمة الأدب في العبودية .. وهو أنك تذكر الله بهذا الإسم لأنه حقيق بالله .. وحق من حقوق الله عليك .. وليس مجرد اسم تكرره لتصل إلى ما تريد الوصول إليه من حظوظ نفسية ..!!

- ويقول صلى الله عليه وسلم: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَابْتَغُوا بِهِ اللهَ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط:  حديث صحيح وهذا إسناد رجاله ثقات غير أسامة بن زيد، فحسن الحديث .

- ويقول صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا القرآن وسلوا الله به قبل أن يأتي قوم يقرءون القرآن فيسألون به الناس) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حسن لغيره .. وذكره الألباني في الصحيحة على أنه حسن لشواهده كما يفهم من كلامه .

- وفي رواية بلفظ: (من قرأ القرآن فليسأل الله به) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حسن لغيره .. وذكره الألباني في الصحيحة على أنه حسن لشواهده كما يُفهم من كلامه .

- وهناك عبادات مثل الصلاة يصاحبها حظ نفسي .. مثل صلاة الإستخارة وصلاة الحاجة .. فهي عبادة مقصودة لحظ نفسي دنيوي .. ولا مانع منها .. ولكن هل أنت متعبد لله بالصلاة أم مجرد تريد الحظ النفسي وخلاص .. كانك بتقوله لله: خلصني بقى وقولي.. ؟!! فهذا هو السؤال هنا .. ما حالك مع الله في هذه العبادة ؟!!

* يبقى لا مانع أن تتقرب إلى الله بطاعة أي تبتغي إليه الوسيلة .. ولا ومانع أن تسأله من فضله .. طالما أنت مخلصا في عبادتك لله ولست من أصحاب العبادات الأربعة السابقة) .. وطالما أنت تطلب شيء مباح وليس تطلب شيء حرام مثل استحضار الجن والشياطين بالقرآن سواء على المصاب أو لطلب العهد منهم ..!!

*******************************

..:: ما هو ميزان النفس في طلب المنافع الدنيوية بالعبادة – وكيف تكشف حقيقة نفسك في معاملتك مع الله ؟ ::..

* أخي الحبيب .. انتبه للآتي:

1- والتوسل بالقرآن .. هو عبادة لله وترغيب وإرشاد نبوي .. كما سبق وأوضحت لك بالدليل منذ قليل ..

2- والدعاء بالأسماء الحسنى .. هو عبادة لله وترغيب وإرشاد نبوي .. كما سبق وأوضحت لك بالدليل منذ قليل ..

3- الإستشفاء بالصدقة .. هو عبادة لله وترغيب وإرشاد نبوي ..

- في الحديث (داوُوا مرضاكم بالصدقة) رواه البيهقي .. وذكره الألباني في صحيح الجامع وصحيح الترغيب .. وإن كان الحديث كل أسانيده ضعيفة .. ولكن الألباني حسنة بمجموع طرقه .. وقال حسن لغيره.

* وكل ما سبق لا تندرج ضمن طالب الدنيا وزينتها بالعبادة .. إلا لو كان في نيتك انقطاع عن العبادة بعد الوصول لمطلبك .. أو ترتب على عبادتك هذه انقطاع عن عبادة الله .. سواء تحقق الغرض أم لم يتحقق من وراء هذه العبادة .. فهنا يقال أن عبادتك لم تكن لله وإنما طلبا للحظوظ .. وكأن حالك كالذين أنجاهم الله من البحر .. أو كالمسرفين الذين جحدوا كرامة الله لهم .. فتكون بذلك استوفيت أجرك في الدنيا ولا أجر لك على عبادتك في الآخرة ..!!

* ولكن من هو له حال مع الله دائما بالتعبد .. ويتبرك بكلام الله وأسماءه .. سائلا الله من فضل كلامه وبركة أسماءه .. فهذا متعبد ليس عن رغبة لمصلحة دنيوية فقط وإنما عبادته التي هي طاعة لله .. لأنه متعبد له في كل الأحوال سواء أعطاه أم منعه .. ولكن كان له رجاء من الله في أن يسأله من فضله .. فهو يسأله عبودية أيضا لأن الله أمره بذلك .. وذلك لا ينقص من أجر عبادته شيئا بإذن الله .. لأنه يعبد الله المعطي المانع، والنافع الضار، والباسط القابض .. وليس يعبد المعطي النافع الباسط فقط ..!!

* يبقى ما هو ميزان النفس في طلب المنافع .. ولكن كيف تكشف حقيقة نفسك في معاملتك مع الله ؟

- يكون ذلك بديمومية العبادة .. فالعبادة عمل مع الله .. والعمل بالنيات .. فمن طلب الله بصدق وجد الله بحق .. فطلب المنفعة الدنيوية تأتي إلتماسا من بركة التعبد .. دون أن يتأثر ذلك بعبوديتك لله .. فإن أعطاك فأنت مديم على عبوديتك لله . وإن منعك فهو على عبوديتك لله .. وهذا هو ميزان النفس في طلب المنافع .. هو التوسل بالعمل الصالح "سواء ذِكر عبادة أو معاملة" لرفع البلاء أو لجلب المنفعة .. مع ديمومية العبادة سواء أعطاك أو منعك .. فهذه هي العبادة السوية مع الله .. ولكن العبادة لله على حرف .. فلا رجاء من ورائها .. لأنك في الحقيقة من البداية أنت تعبد الله وأنت ساخط عليه إن لم يعطيه مطلبك ..!!

* الخلاصة :

- أن العبادة تكون هي المقصد من وراء أفعالك مع الله .. ثم قد تطلب من بعد العبادة فضلا من الله ورجاء أن يقضي لك حاجة .. وأنت في كل الأحوال في نيتك أنك لن تنقطع عن العبادة سواء أعطاك أم منعك .

- ولذلك من يقرأ الرقى للتحصين أو لطرد الشيطان .. غالبا لا يحدث معه شيء .. لأنه لا يتعبد بما يقرأ لله .. وإنما يبحث عن وسيلة خلاص .. وليس في نيته عبادة فيها إخلاص ..!!

 

* يا أخي الحبيب .. العبادة مع الله تكون للعبادة ابتغاء مرضاة الله وطمعا في غفرانه ورضوانه .. ثم يأت بعد العبادة سؤالك من فضل الله لأمر دنيوي تحتاجه .. وطلبك يكون عن يقينا منك أنه قادر على أن يمنحك من فضله .. دون أي شك في ذلك .. بل وأنت تعلم أنه قد يعطيك وقد يمنعك لحكمة هو يعلمها .. ولذلك أنت لن تنقطع عن عبادته سواء أعطاك أو منعك .. لأنك تعبده صادق الإيمان .. !!

- ولذلك أخي الحبيب .. أقول لك .. اعبد الله واتركه يدبر لك .. فهو يعلم حالك وما تريد أن تقوله له .. وإن استشعرت بعزيمة الدعاء فادعو .. ولكن سواء دعوت بلسان أو بقلبك فقط أو فوضت أمرك لله .. فلا تلتفت للعطاء ولا للمنع .. ولكن اجعل همتك وعزيمتك هي عبادة الله لأنه يستحق العبادة .. أما المنع والعطاء فلا تهتم به .. وإلا ستفسد عبادتك مع مرور الوقت ويبدأ الوسواس يستولى عليك .. لأنك تحولت إلى عبادة العطاء .. وتنسى أنه المانع .. حتى يستولى الوسواس على قلبك ويجعلك تعبد عبادة الحرف حتى تجحد الله .. فتضيع وتخسر دنياك وآخرتك ..!!

* فإذا علمت أخي الحبيب بما كنت أقصده بالعبادات التي أريدك أن تبتعد عنها .. تكون بذلك قد عرفت إنما هو حتى أبعدك عن عبادة لا قيمة لها وارتقي بإخلاصك مع الله .. والعبادات السابقة خالية من الإخلاص ..!!

* ولكن تبقى لك عندي .. أن تعلم شيء مهم جدا .. بخصوص المنفعة الدنيوية والعبادة .. وهو سؤال كثيرا ما نسأله .. وهو :

- هل هناك وسيلة تعبدية لزيادة الرزق ؟ أو وسيلة تعبدية لاستجابة الدعاء لأي شيء نريده ؟

******************************

(الفصل الثاني – للتنبيه الرابع عشر)

(لا يصح طلب الرزق بالذكر والعبادة بدون إيمان قولي وفعلي وأدب والتزام بما أخبرك الله به)

***********************************

..:: هل هناك وسائل تعبدية لزيادة الرزق أو لاستجابة الدعاء لأي شيء نريده ؟ ::..

- أخي الحبيب ..

- وقفنا مع الفصل السابق عند سؤال مهم .. يسأله البعض .. وهو :

- هل هناك وسائل تعبدية لزيادة الرزق ؟ أو وسيلة تعبدية لاستجابة الدعاء لأي شيء نريده ؟

* الجواب:

- أخي الحبيب .. هذا السؤال يسبقه سؤال وهو .. وهل أنت عبدت الله كما طلب منك لنفسه .. حتى تطلب منه ما تريده أنت لنفسك ؟!!

- وبسبب هذا السؤال .. يمتنع أكثر المحبين عن طلب شيء من الله .. حياء من الله .. لأنهم مقصرين في حق الله .. ولذلك يتركون له الأمر يفعل ما يريد كيفما يريد وقتما يريد .. وإن ألهمهم بعزيمة الدعاء في أنفسهم فإنهم سيدعون تعبدا لله لأن الله يحب ذلك ..

- أخي الحبيب ..

- أريدك أن تعلم أمر مهم .. وهو أن طلب المنفعة من الله "سواء جلب منفعة أو دفع مضرة" محكوم بضوابط أخرى خلاف ديمومية العبادة .. وليس مجرد دعاء أو توسل لله أو عمل صالح .. ليه ؟!!

* لأن الإنسان مجموع علاقة مع الله .. علاقة قولية، وعبادة فعليه، وأدب مع قضاءه وقدره .. أي استمرارية إلتزام بالعبودية مع الله ..

- فلو أردت الفرج من كل ضيق أو اليسر في كل عسر أو البسط من كل ضيق .. فاجعل لك علاقة تعبدية قولية وفعليه .. صادقة مخلصة .. وقف بالأدب مع الله ..

* أولا: العلاقة التعبدية القولية :

1- الإستغفار كثيرا يفتح أبواب السماء بالعطاء للعبد .. فقال تعالى على لسان سيدنا نوح (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً . يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) نوح 10-12.

وفي سورة هود : (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ) هود52 .

- وهذه الآية تثبت القول مع العمل وهو التوبة ..

2- الصلاة على النبي كثيرا لأن فيها بركة مدد بكفاية ما يهمك ويشغلك .. يقول صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي قال له أجعل كل دعائي هو صلاة عليك .. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ) صحيح الترمذي.

* ثانيا: أما عن العبادة الفعلية التي يجب أن تتبعها مع العبادة القولية فهي أن تلتزم بالتقوى والتوكل:

1- قال تعالى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق 2-3

- تأمل الألفاظ (يتق - يتوكل) .. جاء بالفعل المضارع .. ليدل على ديمومية فعل القلب بهذه الصفات مع الله في كل الأوقات قدر المستطاع ..

2- قال تعالى (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً . ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) الطلاق 4-5

* ثالثا: مع العبادة القولية والفعلية .. عليك الأدب مع القضاء القدر بالصبر مع الإلتزام بالعبودية دون يأس أو سخط .. حتى يكرمك الله بما ترجو من فضله :

1- قال تعالى: على لسان يوسف أن المن بالفضل الإلهي على العبد يأتي بدوام بالتقوى والصبر (قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف90

- انتبه لقوله تعالى (يتق ويصبر) جاء بالفعل المضارع لديمومية الفعل .. أي لتفهم أن التقوى والصبر كان هو حال سيدنا يوسف وأخيه على الدوام بلا انقطاع ..!! سواء أعطاهم الله أو منعهم ..!!

2- قال تعالى:(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً . فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ . وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) الشرح 5-8 ..

- فتأمل ديمومية فعل النبي بالتعبد مع الله .. كلما انتهى من عمل مع الله دخل في عمل آخر مع الله .. سواء كان هناك عطاء أو منع .. فالعبودية دائمة لله لا تنقطع .. وسيأتي اليسر .. ولكن وقتما يريد الله وفق أقداره وحكمته .. وفي الوقت الذي يريد وليس في الوقت الذي أنت تريد .. وبقدر ما يريد وليس بقدر ما أنت تريد .. والذي يتقي ويصبر فالله لا يضيع أجر المحسنين ..!!

* فكل ما سبق هو الأسباب الإيمانية لكل انواع الرزق في الحياة طلبا للتيسير والتفريج والبسط .. لكل ضيق وعسر وقبض في الحياة ..

* ما عدا ما سبق في (أولا وثانيا وثالثا) .. فقراءة القرآن أو الذكر أو أي عبادة فقط دون أن تغير من نفسك في علاقتك بالله ومفهومك الإيماني مع الله .. فلن تصل لشيء .. لقوله تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) الرعد11 .. !!

* واعلم أن الرزق في الصحة والعقل والإيمان والعلم .. لا يقل أهمية عن الرزق في المال .. والجميع من فضل الله .. ودائما نسأل الله من فضله .. لأننا لا غنى لنا عن فضله سبحانه .. والله لا يضيع اجر المحسنين الذين أحسنوا عملا مع الله ..!!

 

- فانتبه لما قلته لك جيدا .. واقرأ كلام الله جيدا لو سمحت . حتى تعرف أنه أخبرك بكل شيء وكان واضح معاك .. فحينما يأتي في القرآن بالفعل المضارع أي الحاضر أي الحالي .. لازم تفهم أنه يرشدك إلى استمرارية فعل .. لأن الفعل الحاضر يظل مستمر معك على الدوام .. لأن كل لحظة في حياتك تعيش فيها فهي حاضر ..

- فلا يصح منك أن تقول أنت تعبدت أو قرأت أو عملت مع الله ولم يحدث شيء .. لأن الله طلب منك أن تعبد وتقرأ وتعمل .. بمعنى استمرارية الفعل منك .. لذلك يقول صلى الله عليه وسلم (أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللَّهِ أدْوَمُها وإنْ قَلَّ) صحيح البخاري .. ليه ؟

- لأنك بذلك تكون مستمر على ديمومية عبادة مطلوبة منك .. تؤدي إلى دوام وصل مع الله .. فافهم كلام حبيبك النبي .. بحق النبي عليك يا مؤمن ..!!

- وللمزيد من معرفة العلاقة مع الله بالعبادات والمعاملات .. فارجع للتنبيه الأول .. ففيه ما يكفيك ..

- أخي الحبيب .. بهذا أكون أنهيت الجزء الثالث من تقسيمات الرسالة وهو الخاص بالتنبيهات .. وقد تعرفت على القواعد الهامة بطريق الإيمان طلبا لله .. وهي أمور لازمه على كل مؤمن أن يعرفها ..  ولعلك قد تسأل الآن ما هو منهجنا في العبادة وذكر الله .. عسى أن تنتفع به أو تنفع به غيرك .. وهو منهج ليس فرضا على أحد .. وإنما أضعه بين يديك افتراضا منك أنك سألت عنه وتريد أن تتعرف عليه .

******************************

..:: الجزء الخامس من تقسيمات الرسالة ::..

(تعرف على منهجنا في الذكر )

***************************
يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..