ج16: رسالة التعريف بتحذيرات واختبارات طريق الإيمان - جاهد رغبات الظاهر حتى يشرق فيك نور الباطن - الأغاني والدخان مؤذيات لباطن الإنسان - ماذا يفعل المدخن الذي تغلبه نفسه فيعود مرة أخرى - لا تخضع لخيالات وساوسك حتى لا تنكسر عزيمتك - يأتيك الشيطان قائلا: كيف تصلى لله وأنت على هذه الحالة .. ألا تستحي من الله - انتبه من خواطرك حتى لا تهلكك - يأتيك الشيطان قائلا: من الأدب أن توضأ بالمسك وماء الورد محبة في الله - الأذكار هي أنوار تعينك على ابتلاء الظاهر وتطرد عنك شر الباطن - إياك أن تعتقد أن الذكر يعصمك من الإبتلاء - يأتيك الشيطان قائلا: لقد عبدت وقرأت وذكرت الله ولازلت أتسلط عليك ولم يمنعني شيء - لمحات من حياتي مع الشيطان.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء السادس عشر)

3- تحذيرات عليك أن تعرفها وأنت تطلب طريق الإيمان -

* فهرس :

::الجزء السادس عشر:: محاذير عليك أن تنتبه لها أثناء الذكر حتى لا تسقط نفسيا في طريق الإيمان ..

* تابع : الفصل الأول:

1- (التحذير الثاني عشر): جاهد رغبات الظاهر حتى يشرق فيك نور الباطن ؟ الأغاني والدخان مؤذيات لباطن الإنسان .

2- ماذا يفعل المدخن الذي تغلبه نفسه فيعود مرة أخرى ؟

3- سيأتيك الشيطان قائلا: لو كان ربنا بيحبك كان ساعدك أنك تبعد عن السجائر ؟

4- سيأتيك الشيطان قائلا: ما فائدة الذكر وأنت لسانك وفمك ملوث بالتدخين ؟

5- سيأتيك الشيطان قائلا: لا يصح لك أن تذكر الله في نفسك وصدرك هذا ممتليء بالدخان ؟

6- (التحذير الثالث عشر): لا تخضع لخيالات وساوسك حتى لا تنكسر عزيمتك ؟ يأتيك الشيطان قائلا: كيف تصلى لله وأنت على هذه الحالة .. ألا تستحي من الله ؟

7- (التحذير الرابع عشر): انتبه من خواطرك حتى لا تهلكك ؟ يأتيك الشيطان قائلا: من الأدب أن تتوضأ بالمسك وماء الورد محبة في الله .

8- (التحذير الخامس عشر): الأذكار هي أنوار تعينك على ابتلاء الظاهر وتطرد عنك شر الباطن ؟ إياك أن تعتقد أن الذكر يعصمك من الإبتلاء ؟ 

9- يأتيك الشيطان قائلا: لقد عبدت وقرأت وذكرت الله ولازلت أتسلط عليك ولم يمنعني شيء ؟ 

10- لمحات من حياتي – مع الشيطان.

****************************

(الجزء السادس من تقسيم الرسالة)

محاذير حتى لا تسقط في طريق الإيمان أثناء الذكر

********************************

(الفصل الثاني)

تحذيرات من الشهور الأولى لك في الذكر

احذر نفسك وشيطانك

*************************

(التحذير الثاني عشر – من أفعالك)

(جاهد رغبات الظاهر حتى يشرق فيك نور الباطن)

..:: الأغاني والدخان مؤذيات لباطن الإنسان ::..

- أخي الحبيب ..

- من فضلك ابتعد عن سماع الأغاني قدر المستطاع .. وعن شرب الدخان  قدر المستطاع .. وطبعا تبتعد عن المخدرات .. لأن هذه الأمور مفسدات لباطن الإنسان بصورة قوية جدا .. وتؤخر عليك الإستمتاع بالعبادة ..

- حيث أن الأغاني والدخان يفسدا قواك الروحية .. فيسببا حجاب مع القوى الملكية والعقلية .. ويفتحا طريق للقوى النفسية والشيطانية لأنهما مداخل قوية للتلاعب بقوى الخيال ..!!

* ولكن إذا كان المستمع للأغاني يمكن أن يقلل منها أو يبتعد أو يستبدلها بأغاني دينية .. فماذا يفعل المدخن ؟

- يحاول قدر المستطاع أن يقلل التدخين .. ونسأل الله له أن يصرفها عنه .. ولو أراد أن يدخن فليكن في مكان ليس فيه إنسان حتى لا يؤذيه .. فيكون أذى نفسه وأذى غيره .. ولو كان في منزله فلا يدخن في المكان الذي يذكر فيه الله قدر المستطاع .. لأن هذا المكان لابد أن يكون طاهرا .. فإن حدث ودخن في منزله أوغرفته فليفتح شباك الغرفة لتهوية الغرفة جيدا لطهارتها من الدخان .. ويمضمض فمه أدبا مع الذكر .. وليس فرضا .

- ولو استطاع الانسان أن يجعل له مكان ولو زاوية صغيرة قدر سجادته كمصلى في المنزل .. ويحافظ على طهارة هذا المكان ونظافته وتعطيره .. فيكون أمر جيد .

* ولكن ماذا لو كان المدخن بيحاول ترك التدخين ولكن نفسه تغلبه فيعود مرة أخرى ؟!!

1- عليك أن تطلب المعونة من الله ليعينك وتلح في كثرة الطلب منه في ذلك ..

2- تبتعد عن أماكن التدخين مثل الكافيهات .. ولو تواجدت في مكان في تدخين .. فابتعد عنه بدخولك في غرفة أخرى .. أو تعتذر من الحاضرين من التدخين لأنه يؤثر على صدرك .. 

3- حتى تتوقف عن التدخين .. فهذا لا يكون إلا ببرنامج تدريجي .. مثل أن تقلل كل أسبوع عدد اثنين سيجارة .. ثم الأسبوع الذي يليه تفعل ذلك أيضا .. ثم الأسبوع الذي يليه تفعل ذلك .. وهكذا تفعل كل أسبوع .. حتى يكرمك الله وتنسحب جرعة النيكوتين تدريجيا من الجسم على مدار الأسابيع .. وتكون مهيأ للتوقف عنها إن شاء الله تعالى ..

4- من المواد التي تساعدك على التوقف عن التدخين .. هو أن تشتري من عند العطار عشبة اسمها "الشمر" وسعرها رخيص جدا .. وتشتري منها بأقل كمية ممكنة .. وتمضغ منه قليلا في فمك مثل اللبان .. أثناء التدخين ..

- وممكن أن تستخدم علكة "اللبان الدكر" بدلا من "الشمر"  .. والغرض من هذه الأدوات المساعدة هي تعكير الدخان في طعم الفم مما يفسد مزاج المدخن ويقرف من التدخين ..

****************************

(وسوسة الشيطان مع المدخن في مسألة الذكر)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: لو كان ربنا بيحبك كان ساعدك أنك تبعد عن السجائر والتدخين بكل أنواعه ؟ ::..

- لا تستمع لكلام الشيطان .. لأن علامة حب الله لك هو أنه وفقك لعبادته وذكره .. وإنما ترك لك فتنة السجائر لتجاهد نفسك فيها قدر المستطاع ..

- فجاهد نفسك لتثبت على طاعتك لله .. وجاهد نفسك لتتوقف عن التدخين ..

******************************

(تابع وسوسة الشيطان مع المدخن في مسألة الذكر)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: ما فائدة الذكر وأنت لسانك وفمك ملوث بالتدخين ؟ ::..

- لا تستمع لكلام الشيطان .. لأنه ليس الله حتى يقرر لك ما هو كرامة الطاعة التي تفعلها .. ولو لم يكن الله راضي عن ذلك لمنعك نعمة الذكر ..

- ولا تنسى أن الذي في فمه رائحة بصل وثوم من أكله ليس مطبوخا .. ينتج عنه "روائح غير طيبة" من فمه .. ولذلك فهو يعتزل الناس أثناء العبادة ولا يعتزل العبادة .. فافهم ..!!

- وحينما تدخن سيجارة وتريد الذكر بلسانك .. فمضمض فمك .. فإن لم تجد ماء .. فاجمع ريقك الذي في فمك وابصقه على تراب الأرض حتى لا يراه الناس فيتأذوا من رؤيته .. ثم اذكر كما تحب .. فإن لم تستطع أن تتمضمض أو تبصق ريقك .. فاذكر الله ولا حرج عليك إن شاء الله تعالى .. وطالما توجد فيك عزيمة الذكر فاذكر الله ولا تلتفت لأي وسواس .. لأن الله منحك هذه العزيمة حتى تكون سبب لمحو السيئات بفعل الحسنات من خلال الذكر ..

*************************

(تابع وسوسة الشيطان مع المدخن في مسألة الذكر)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: لا يصح لك أن تذكر الله في نفسك وصدرك هذا ممتليء بالدخان ؟ ::..

- لا تستمع لكلام الشيطان .. لأنه إذا كان دخان السجائر هو معصية فذكر الله هو طاعه .. والحسنات يذهبن السيئات .. ولذلك لا تنقطع عن الذكر لأن الشيطان يريدك أن تفقد كرامة التطهير بذكر الله .. فانتبه.

- أخي الحبيب .. كل ما ذكرته لك هو لتستمر على الذكر ولا تجعل الشيطان يخدعك بأسئلته .. ولكن هذا لا يعفيك عن محاولتك المستمرة قدر استطاعتك في أن تتوقف عن التدخين بكل أنواعه سواء سجائر أو شيشة أو القات أو المخدرات ..

*******************************

(تابع وسوسة الشيطان مع المدخن في مسألة الذكر)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: لا مانع من السجائر لأنها مكروهة وليس محرمه ؟ ::..

- أخي الحبيب ..

- أثناء مجاهدتك بين الذكر والتدخين .. كما سبق وأوضحت لك .. فيأتي الشيطان مغيرا من أسلوبه معك فيقول لك: لماذا ترهق نفسك في ترك الدخان .. فهناك فتاوى تقول بأنها مكروهة .. فخذ برأي عالم واخرج منها سالم ؟!!

- الجواب:

- اعلم أخي الحبيب .. أن الدخان كان موجودا منذ قرون سابقة .. ولم يكن في عهد النبي ولا الصحابة ولا التابعين .. وإنما ظهر في عصور متأخرة بعدهم من خلال بلاد العجم .. وجاءت فتاوى منها بالتحريم ومنها بالكراهة ومنها بالإباحة .. وكان من الفتاوى التي يحلو للبعض الاستعانة بها لاستباحة التدخين .. فتاوى الشيخ حسنين مخلوف رحمه الله حيث أجاز شرب التدخين وبيعه .. قياسا على البصل والثوم .. ولكنه وضع شرط لذلك وهو ما نصه:"أن الأصل فيه الإباحة إلا لعارض يوجب تحريمه أو كراهته التحريمية لضرره الشديد بالنفس أو بالمال أو بهما، أو تعاطيه فى المسجد، أو فى أثناء سماع القرآن، لما فيه من المنافاة لتعظيم اللّه تعالى والقرآن الكريم كلامه" ..

- راجع موسوعة الفتاوى المصرية بتاريخ 30/مارس/1949 : الموضوع رقم (630) حكم شرب الدخان .. المفتى : فضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف ..، وكذلك راجع الفتوى رقم (629) بتاريخ 8/ديسمبر/1947 .

* فالمفتي حينئذ وضع هذه الجملة الأخيرة احترازا مما قد يظهر مستقبلا .. بالرغم من تجويزه شرب الدخان وبيعه .. حيث أنه لم يكن ظهر أي أثر للتدخين .. !!

- ولكن الناس أخذت أول الفتوي وتركت آخر الفتوى وكأنها غير مكتوبة وتجاهلوها ..!!

- ولكن بعد أن أثبت العلم ضررها على الإنسان .. فتعدلت الفتوى على تحريمها (وهذا هو الذي عليه دار الإفتاء المصرية منذ التسعينات تقريبا) .. لما تبين أنها من الخبائث التي تؤذي وتضر بدن الإنسان .. ويكفيك قوله تعالى (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ) الأعراف157 .. والخبيث هو كل ما يضر الإنسان في نفسه وماله .. ولا يقول أي عاقل أن السجائر من الطيبيات أبدا ..!! 

- أخي الحبيب أحببت أن أكشف لك .. كيف يستخدم بعض أهل الأهواء كلام العلماء ويجتزيء منه ما يشاء ليستبيح فعله بل ويضل آخرين .. بل والبعض يضللك ببعض كلام فقهاء المذاهب في القرون السابقة .. الذين أجازوا التدخين .. ولا يذكر لك أن هؤلاء العلماء لم يكن لديهم العلم بأن لها ضرر على البدن .. وإلا كانوا حرموها قطعا ..!! ..

- فمشايخ فتوى كراهة التدخين .. أخذوا بكلام بعض المجتهدين حيث لا علم لهم حينئذ إلا قياسا على الروائح الغير طيبة .. وتركوا ما يقوله العلم في كل العالم أن السجائر خبيثة .. وتجاهلوا كلام الله عن الخبائث .. !!  

- أخي الحبيب .. لا تكن مع مشايخ فتوى كراهة الدخان .. ومن يستبيح لا يستريح .. وخير لك أن تكون عاصي عن أن تكون مستبيح ..!!

- والله أعلم .

*******************************

(التحذير الثالث عشر – في العبادات)

(لا تخضع لخيالات وساوسك حتى لا تنكسر عزيمتك)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: كيف تصلى لله وأنت على هذه الحالة .. ألا تستحي من الله ؟ ::..

- أخي الحبيب ..

- اعلم أن الشيطان سيأتيك: ويوسوس لك تصورات خيالية لتفسد عليك حالك .. أثناء الصلاة وأثناء الذكر .. وليس فقط أثناء الفعل مع الغير كما شرحنا سابقا ..

- فمثلا يأتيك وسواس الشيطان بالخيال في نفسك .. مثل أن يستحضر منك ما كان مخزونا في نفسك من ماضيك من أفكار وصور .. فيأتيك بصور إباحية وأنت تصلي " لأنك كنت ترى صورا إباحية قبل توبتك" ، بل وقد تجد إثارة جنسية في أعضاءك تحدث معك فجأة "كالإنتصاب" من حيث لا تفكر وأنت واقف تصلي .. وقد تتصور خيالات لتشغلك عن صلاتك .. أو تتذكر أفكار قديمة تبدأ تظهر في خاطرك كنت قد نسيتها .. وقد تأتيك صور ذنوب قد فعلتها أو تفعلها ..

- ثم يقول لك الشيطان بعد الخدعة السابقة ليحبط عزيمتك:

- كيف تصلى لله أو تذكره وأنت على هذه الحالة .. فهل تظن أن صلاتك مقبولة أو ذكرك مقبول ..؟ ألا تستحي من الله وأنت واقف بين يديه ؟ بل أين خشوعك مع الله وأنت ترى في داخلك هذه الصور الخليعة أو الأفكار المنحرفة والضالة ؟ فهل تظن أن هذه الصلاة مقبولة .. لازم تعيد الصلاة مرة أخرى .. وتعيد الذكر مرة أخرى ؟

- الجواب:

- اثبت وأكمل عبادتك وكأن شيئا لم يكن .. وإيااااك أن تقطع صلاتك .. وإيااااك أن تقطع الذكر .. وأكمل صلاتك مع وجود الوسواس الذي يؤثر عليك بخيالاته .. واستعذ بالله في سجودك أن يصرفه عنك ..

- وفي خلال أسابيع أو بضعة أشهر قليلة .. ستبدأ هذه الوساوس تتراجع عنك .. شيئا فشيئا ..

- وتقدر تسمى هذه المرحلة هي أولى مراحل الفتنة والإختبار في ثباتك على العبادة .. فهل ستثبت وتجاهد نفسك على الطاعة .. أم ستخضع للشيطان وتستسلم لكلامه ؟!!

- فهذا اختيارك أنت ..!!

********************

(التحذير الرابع عشر – في العبادات)

(انتبه من خواطرك حتى لا تهلكك)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: من الأدب أن تتوضأ بالمسك وماء الورد محبة في الله ::..

- أخي الحبيب ..

- أثناء العبادة يأتيك الشيطان بأفكار مستغلا قلة معرفتك بدينك .. ليفسد عليك عبادتك .. ولكن هذه المرة كناصح أمين يريد لك الخير مع الله .. فيقول لك: لو بتحب ربنا فحاول أن تفعل الأفضل معه بمزيد من الأدب .. فمثلا اجعل وضوءك من ماء مخلوط بمسك وماء ورد .. وتوضأ به حتى تكون لك رائحة طيبة وأنت واقف أمام الله .. وستجد نفسك في حالة سلام وسكون غير طبيعية وكأنك طائر بروحك لو فعلت ذلك .. لأنك تأدبت مع الله ..

- الجواب:

- حينما يجدك الشيطان مقبلا على العبادة ومصرا عليها .. يجد لك حيلا أخرى ليسقطك بها .. ومن هذه الحيل هو أن يستغل جهلك بالدين .. ومثال ذلك :

- يأتيك فيقول لك: أنه من كمال الأدب أن تقف بين يدي الله وأنت متوضيء برائحة عطرة وجميلة .. لأنك تقف بين يدي الله .. ولذلك فاخلط الماء بماء الورد او بعض المسك وتوضأ به .. وسترى كرامة كبيرة جدا وأنت تصلي ..

- وبالفعل البعض يفعل ذلك .. ويجد سكون غريب أثناء الصلاة ولا يشعر بأي خواطر ولا وسواس .. ويشعر كأنه في صفاء روحي جميل ..!!

- ولكن ما هو السر في ذلك الصفاء والسكون ؟

- ببساطة .. أنت لما استمعت لخاطر الشيطان .. فهو تركك تصلي بدون وسوسة .. حتى تعتقد في صدق كلامه .. بل وتكرر في كل صلواتك ما فعلته وهو الوضوء بماء الورد أو ماء بمسك .. !!

- ولكن ما المشكلة في ذلك ؟

- المشكلة بأن الوضوء لا يصح إلا بماء طهورا .. يعني ماء نهر أو بئر أو نيل أو بحر .. أي ماء طبيعي .. غير مخلوط بشيء .. فإن خالطه شيء بحيث أخذ وصف آخر غير الماء الطبيعي .. فهو لا يصح الوضوء به .. وبالتالي فإن الذي يتوضأ بماء الورد أو الماء المخلوط بمسك .. فهو لم يتوضأ وبالتالي لم يصلي .. وضاعت عليه الصلاة .. ولذلك يتركك الشيطان تستمتع بأوهامك الروحية ..!!

*******************

(التحذير الخامس عشر – في العبادات)

(الأذكار هي أنوار تعينك على ابتلاء الظاهر وتطرد عنك شر الباطن)

..:: إياك أن تعتقد أن الذكر يعصمك من الإبتلاء ::..

..:: يأتيك الشيطان قائلا: لقد عبدت وقرأت وذكرت الله ولازلت أتسلط عليك ولم يمنعني شيء ؟ ::..

(لمحات من حياتي – مع الشيطان)

- أخي الحبيب ..

- من الامور التي قد تفهمها بصورة خاطئة عن الذكر .. هو أن الذكر يعصمك من الإبتلاء .. وهذا فكر خاطيء تماما .. ولذلك يأتيك الشيطان قائلا: لقد عبدت وقرات وذكرت الله ولازلت أتسلط عليك ولم يمنعني شيء ..!!

- وهذا الذي قاله الشيطان لك .. لأنه علم منك أنك لا تفهم معنى الإبتلاء لأن الشيطان جزء من ابتلاءك في الحياة .. ولا تفهم حقيقة فعل الذكر وهو أنه طارد للشيطان وليس عاصم من تسليط الشيطان .. لأن لو كان الذكر يعصم من الإبتلاء لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى الناس بالعصمة من الإبتلاء .. ولكن هذا لم يحدث .. فقد تم ابتلاءه بالمرض وبالناس وبالشيطان حينما اعترضه مرة في صلاته .. حتى تعلم أنه لا عصمة عن الإبتلاء .. مهما بلغت ووصلت من عبادة وطاعة لله .. بل كلما اقتربت من الله كلما زاد عليك الإبتلاء محبة من الله لك لتطهيرك وتزكيتك لما يحبه الله ويرضاه .. كما جاء في الحديث (إنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم، فمَن رَضي فله الرِّضَى، ومَن سخِط فله السَّخطُ) صحيح الترمذي.

- وانتبه اخي الحبيب في مفهوم عصمة النبي .. لأن عصمة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في حجب وإزالة أي أسباب تمنعه عن تبليغ رسالته .. ولكن لم تكن عصمته في حجب الإبتلاء عنه سواء بالمرض أو الأذى اللساني أو الجسدي ..!!

- ولذلك أخي الحبيب .. لا تظن أن الذكر سيمنع عنك تسليط الشيطان أو سيحجبك عن عالم الإنس الأشرار .. لا .. وإنما تسليط الإبتلاء سيظل موجود .. وإنما الفرق بين الذاكرين وغيرهم .. أن لهذا الذكر أنوار تطرد الشيطان كلما تسلط عليك .. وقد يرزقك الله من وراء الذكر بصيرة فتعرف أهل الشر من غيرهم فتجتنبهم ..

- مواقف من حياتي :

- في مرحلة من مراحل العزلة وقت أن كنت شابا .. ذهبت إلى منزلا لنا في مكان كان وقتها غير عامر بالسكان وليس كما هو الآن .. وكنت أجلس في هذا المنزل لوحدي دون أي رفاهية .. حتى أنه لا يوجد غاز ولا سخان كهرباء ..!!

- وكانت لي أذكاري اليومية على طوال اليوم .. وأهمهم كان وقت العصر .. ووقت بالليل ثم أنام قبل الفجر بساعة ثم أقوم للصلاة في وقت الأذان .. ثم أعود وأجلس أذكر حتى الشروق ثم أصلي الضحى وأنام .. واستمرت إقامتي هناك فترة طويلة .. لا أذكر ..

- ولكن ماذا كان يحدث ؟

1- الموقف الأول: قبل صلاة الفجر ..

- كنت يوميا بعد الصلاة والأذكار في فترة قيام الليل .. فأذهب للنوم قبل أذان الفجر بساعة وحينما أنهض على الأذان أجد نفسي قد احتلمت .. ولا أدري كيف تم ذلك ..!!

- والمشكلة التي واجهتني هو أن الجو كان بارد ولا يوجد ما تسخن به الماء .. ولازم أروح المسجد اصلي وألحق السنة قبل الفرض .. والمسجد كان بعيد (حوالي عشرة دقائق مع سرعة في المشي) .. !!

- ولا أستطيع أن أصف لك ما هو الشعور وأنت تتخذ القرار بأن تأتي بجردل ماء وتخلع ملابسك كما ولدتك أمك .. وتقرر أن تكب هذا الماء عليك .. وتشعر وكأن جسدك هذا قد تخشَّب أو تجمَّد ..!! ولكن سرعان ما أفيق من هذا المشهد واغتسل سريعا وأخرج للصلاة وكان الله يوفقني وأدرك السنة والفرض ..

- لكن إحساسي وتفكيري أمام هذا الموقف .. قد ذهب إلى أن الله أراد أن يختبرني ليراني ماذا سأفعل .. ولذلك سلط علي هذا الإحتلام ؟ فهل سأخضع لسلطان النفس وأعود للنوم حتى الصباح .. أم سألعن الشيطان الذي تسبب في الإحتلام .. أم سأكون رجلا وأعمل لله وأتوقف عن التصرفات السابقة ؟!!

- والحمد لله كان يعينني على نفسي وشيطاني .. كرامة منه وفضلا ..!!

2- الموقف الثاني: بعد صلاة الضحى ..

- بعد أن أعود من صلاة الفجر واجلس أقرأ أذكاري حتى صلاة الضحى أصلي ركعتين أو أزيد .. ثم أذهب للنوم وأنام على جنبي الأيمن .. ثم استشعر وكأن جسم غريب على السرير يبدأ بالحركة من عند أقدامي .. ثم يبدأ في تكتيف قدماي ويلتف على جسمي بالكامل حتى وصل إلى اكتافي وبدأ بالعصر فعلا يريد أن يكسر ضلوعي .. وأدركت أنه أفعي وجاء ليقتلني ..

- إحساسي في هذا المشهد لم يكن به حالة رعب أو خوف أو حتى اضطراب .. ولذلك سبب سأشرحه فيما بعد .. وإنما جال بخاطري سؤال هو كيف هذا الشيطان تسلط على بعد قراءة كل ما كنت أقرأه بل ونائم على وضوء وعلى جانبي الأيمن وقرأت أذكار النوم .. ثم قلت لعقلي : سنناقش هذه المسألة في وقت لاحق .. ولكن دعنا نتخلص الآن من هذا الأفعى الأحمق .. !! وبدأت في ترديد (لا إله إلا الله) في داخلي أي في نفسي .. وتعمدت أن لا أنطق بها لكوني رأيت أن هذا الأحمق لا يستحق عناء القول ..!! ومع تريد الذكر في نفسي بدأ يتراجع من أعلى جسمي إلى أسفل قدمي حتى أذهبه الله ..!! ثم نمت بعد ذلك ..

- ولكن حينما قمت صباحا .. راجعت ما حدث وتسائلت كيف حدث هذا الإختراق الروحاني وقد قرأت وتعبدت ؟!!

- فوجدت إجابات في خاطري .. منها:

1- الذكر لا يمنع عنك ابتلاء .. وإنما يساعدك ويعينك على الإبتلاء .. وذلك باستحضار أنوار الذكر في نفسك فيتبدد الظلام من حولك .. ولكن إن شاء أعطاك وإن شاء منعك ..!!

2- الإبتلاء يأتيك لكشف حقيقة نفسك أمام نفسك .. أصادق أنت في إيمانك بالله فترضى عن فعله معك .. أم كاذب أنت في إيمانك فتسخط على مراده فيك .. فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط .. وهذا مراد الله فيك .. فأظهر أنت مرادك من الله ؟!! (أي هل أنت راض أم ساخط عما سمح الله به أن يحدث لك) ..

3- أنت تتعجب من الإبتلاء وتتسائل كيف حدث هذا لك مع عبوديتك ..!! ولكن من قال لك أن الله قد قبل منك هذه العبودية حتى تقول كيف حدث هذا ؟!!

4- الشيطان ما هو إلا سبب للفتنة يسمح الله له بأن يتسلط على من يشاء ليختبره .. فإن كان سلطان الله في قلبك عظيم .. فلا سلطان حينئذ للحقير عليك .. وإن كان سلطان الله في قلبك ضعيف .. فلا تلومن سوى نفسك ..!! وسلطان الله هو اعتقادك فيه بيقين ..

5- ولعلك ظننت في نفسك أنك ذو مكانة عند الله .. فأراد الله أن يؤدبك وينبهك حتى لا تعتقد في نفسك .. فيكون اعتقادك هذا سببا لسوء خاتمتك ..!!  

6- ولعله أراد لك أن تزداد يقين بأنه عليم بذات الصدور ..

* من طريف الأمر :

- أنه استمر معي موقف الإحتلام يتكرر يوميا بنفس الأحداث طوال فترة إقامتي في هذا المنزل .. وكنت ازداد به عزيمة يوما بعد يوم .. !!

* تبقى أن أقول لك شيء مهم:

- وهو قد ذكرت لك لم يحدث لي اضطراب ولا انزعاج من مشهد الأفعى وهي تعصرني .. لسبب وجيه جدا .. وهو أنه كان يسبق ذلك تدريب مكثف لمحو أثر أي فكرة كانت في عقلي أو نفسي عن أن للشيطان أي قدرة .. وإنما النفس هي ما تمنح للشيطان قدرة ليتسلط عليها .. فالأصل هو النفس وإنما الشيطان هو وسيلة تحريض على ما يجده في النفس من انحرافات وأهواء ..  

***************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..