ج18: رسالة التعريف بتحذيرات واختبارات طريق الإيمان - لا تحزن لو أخطأت في فعل الخير مع الآخر- يأتيك الشيطان قائلا: لو كنت مقبولا عند الله لوفقك في فعل الخير - لا تتردد في فعل الخير طالما ترجو الله من مساعدة الغير - يأتيك الشيطان قائلا: أن عمل الخير الذي تفعله فيه رياء فلا تفعله - مدد الذكر لا يأتيك مع جفاءك وعصبيتك مع الآخرين - لا تنهر أولادك أو أهل بيتك أثناء مقاطعتهم لك أثناء الذكر - يأتيك الشيطان قائلا : إذا دخل عليك أبناءك أثناء الذكر فاطرده حتى لا ينقطع عنك المدد - من الحكمة في الدين أن تتعلم أولويات العمل مع الله - الأوراد والأذكار ليست أهم من رغبات زوجتك فيك.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء الثامن عشر)

5- تحذيرات عليك أن تعرفها وأنت تطلب طريق الإيمان -

* فهرس :

::الجزء الثامن عشر:: محاذير عليك أن تنتبه لها أثناء الذكر حتى لا تسقط نفسيا في طريق الإيمان ..

* الفصل الثالث ::

1- (التحذير الثالث والعشرون): لا تحزن لو أخطأت في فعل الخير مع الآخر- يأتيك الشيطان قائلا: لو كنت مقبولا عند الله لوفقك في فعل الخير ؟

2- (التحذير الرابع والعشرون): لا تتردد في فعل الخير طالما ترجو الله من مساعدة الغير - يأتيك الشيطان قائلا: أن عمل الخير الذي تفعله فيه رياء فلا تفعله ؟

3- (التحذير الخامس والعشرون): مدد الذكر لا يأتيك مع جفاءك وعصبيتك مع الآخرين - لا تنهر أولادك أو أهل بيتك أثناء مقاطعتهم لك أثناء الذكر  - يأتيك الشيطان قائلا : إذا دخل عليك أبناءك أثناء الذكر فاطرده حتى لا ينقطع عنك المدد ؟

4- (التحذير السادس والعشرون): من الحكمة في الدين أن تتعلم أولويات العمل مع الله - الأوراد والأذكار ليست أهم من رغبات زوجتك فيك ؟

 ****************************

(الجزء السادس من تقسيم الرسالة)

محاذير حتى لا تسقط في طريق الإيمان أثناء الذكر

***************************

..:: الفصل الثالث ::..

**************************

(التحذير الثالث والعشرون – في المعاملات)

(لا تحزن لو أخطأت في فعل الخير مع الآخر)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: لو كنت مقبولا عند الله لوفقك في فعل الخير  ::..

- أخي الحبيب ..

- في البدايات قد يكون لديك حماسة زائدة وتريد أن تفعل خير لتثبت أن لإيمانك حقيقة فعل .. ولكن أثناء ذلك .. فقد تخطيء في إخراج العطاء لمن تظن بعد ذلك أنه كان لا يستحق .. فتحزن .. فيأتيك الشيطان مستغلا حزنك ويحاول أن يؤثر عليك ويقول لك: لو كان ربنا بيحبك .. كان وفقك وجعلك تعطي المال لمستحقيه فعلا .. أو وفقك الله لعمل الخير مع من يستحق .. ولكن لما كان فعلك لمن لا يستحق فكان في هذا دلالة على أنك غير مقبول عند الله ..!!

- الجواب :

- القبول عند الله يكون بصدق التوجه إلى الله حين فعل العمل .. فلو كان مرادك هو الله .. فاطمئن أن عملك تم الحكم عليه أنه لله .. مهما كان الجهة القابلة لهذا الفعل سواء كان يستحق أم لا يستحق .. لأن الأصل في القبول وعدم القبول هو قلب الفاعل وليس المفعول له ..

- وعلشان كده .. كنت بقول لك أخي الحبيب .. إن صدقت النوايا مُنحت العطايا ..

- وليطمئن قلبك فيما ذكرته لك .. فاستمتع بقراءة هذا الحديث الرائع لتفهم ما قلته لك .. من خلال تعليم النبي  صلى الله عليه وسلم ..

- فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (قالَ رَجُلٌ لأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ فَوَضَعَها في يَدِ زانِيَةٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ علَى زانِيَةٍ، قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ علَى زانِيَةٍ .. لأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ فَوَضَعَها في يَدِ غَنِيٍّ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى غَنِيٍّ .. قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ علَى غَنِيٍّ .. لأَتَصَدَّقَنَّ بصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بصَدَقَتِهِ فَوَضَعَها في يَدِ سارِقٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ علَى سارِقٍ ..!!

فقالَ: اللَّهُمَّ، لكَ الحَمْدُ علَى زانِيَةٍ، وعلَى غَنِيٍّ، وعلَى سارِقٍ ..

فَأُتِيَ فقِيلَ له: أمَّا صَدَقَتُكَ فقَدْ قُبِلَتْ، أمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّها تَسْتَعِفُّ بها عن زِناها، ولَعَلَّ الغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فيُنْفِقُ ممَّا أعْطاهُ اللَّهُ، ولَعَلَّ السَّارِقَ يَسْتَعِفُّ بها عن سَرِقَتِهِ) صحيح البخاري ومسلم.

- معنى (فَأتِيَ فَقِيلَ لَهُ) : أي أتاه من يخبره في المنام بأن صدقته قد قبلها الله .. وأظهر له حكمة تدبير القدر في فعله الذي فعله ..

- وفي رواية بلفظ: (فأُرِيَ في المنامِ: إنَّ صدقتَك قد قُبِلَتْ، .....) رواه أحمد – وقال الأرنؤوط: صحيح.

- وفي الحديثِ عدة توجيهات:

1- دليلٌ على أنَّ الإنسانَ إذا نوى الخيرَ وسعى فيه وأخطأ فإنَّه يُكتَب له كرامة من الله وفضلا . 

2- الإخلاص سر القبول ودليل صدق العلاقة مع الله .. 

3- نتعامل مع الناس بظاهرهم وما نراهم عليه .. 

4- التَّسليم والرِّضا لمجريات القدر من صفات المؤمن .. وأنه لا يعترض على توجيه الله له في فعل معين طالما كان مراده هو الله .. فالحكمة أكبر من أن يدركها الإنسان بعقله.

5- المؤمن لا يلتفت لكلام الناس في علاقته مع الله .. بل يستمر في علاقته مع الله ولا يهتم .. طالما صادق في علاقته مع الله ..

****************************

(التحذير الرابع والعشرون – في المعاملات)

(لا تتردد في فعل الخير طالما ترجو الله من مساعدة الغير)

..:: يأتيك الشيطان قائلا: أن عمل الخير الذي تفعله فيه رياء فلا تفعله ؟ ::..

- أخي الحبيب ..

- يأتيك الشيطان عند إرادة عمل الخير، فيقول لك: إنك إنما تعمل هذا رياء، فيحبط همتك ويثبطك ولكن لا تلتفت إلي هذا، ولا تطعه، بل اعمل ولو قال لك: إنك إنما تعمل رياء أو سمعة ؟

- فقل للشيطان: اخسأ يا لعين .. بل أريد الله ..

* ولكن كيف تتيقن من صدق عملك أنه لله ؟

- ببساطة: أنت تمتنع عن العمل لو وجدت وقت الفعل في نفسيتك الآتي:

1- أن يمدحك الناس ويشكروك على فعلك معهم.

2- أن ترى نفسك أنك صاحب فضل عليهم.

- فإن لم يظهر في نفسيتك شيء مما سبق وقت فعل الخير .. فافعله ولا تبالي بوسواس الشيطان ..

********************************

(التحذير الخامس والعشرون – في المعاملات)

(مدد الذكر لا يأتيك مع جفاءك وعصبيتك مع الآخرين)

(لا تنهر أولادك أو أهل بيتك أثناء مقاطعتهم لك أثناء الذكر)
..:: يأتيك الشيطان قائلا : إذا دخل عليك أبناءك أثناء الذكر فاطرده .. حتى لا ينقطع عنك المدد ..!! ::..

- أخي الحبيب ..

- البعض يتصور ويعتقد اعتقادات غريبة .. منها أنه لو دخل عليه احد غرفته وهو يذكر الله .. فإن المدد سينقطع وسترحل الملائكة وسيكون عمله قد فسد .. !!

- وبسبب هذا المعتقد الخاطيء .. فالبعض يتعصب على أبنائه حينما يدخلون عليه أثناء قرائتهم للأوراد والأذكار .. وكأنهم قطعوا عنهم المدد ..!!

* فيأتيك الشيطان قائلا :

- اذا دخل عليك أبناءك أثناء الذكر أو كلمك أحد أو قاطعك فانهرهم واطردهم وحذرهم الا يفعلوا ذلك .. حتى لا ينقطع عنك المدد ..!!

- الجواب:

- الخضوع لهذا الوسواس .. إن دل فإنما يدل على قلة علم لهذا الذاكر .. ليه ؟

- لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما جاءه الحسن والحسين رضوان الله عليهما .. وجلسا فوقه وهو ساجد .. فلم ينهرهما .. بالرغم من كونه في مقام السجود بين يدي الله .. وهو المقام الذي يكون في المؤمن أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد ..

بل حملهما على كتفه وأكمل صلاته .. بل وحمل حفيدته أُمامة على عاتقة في القيام وهو يصلي وهي ابنة السيدة زينب رضوان الله عليها.

- فهل أنت أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..؟!!

* وإليك فعل النبي مع أحفاده في أعلى عبادة وهو في الصلاة بين يدي الله :

1- عن عبد الله بن مسعود قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يصلي .. فإذا سجد وثبَ الحسنُ و الحُسَينُ على ظهرِه ، فإذا أرادوا أن يمنَعوهما ، أشار إليهم أن دَعُوهما ، فلما قضى الصلاةَ وضعهما في حِجرِه ، وقال : مَن أَحَبَّني فلْيُحِبَّ هذَينِ) صحيح بن خزيمة وصحيح بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده حسن ..، وذكره الألاني في الصحيحة بأنه حسن.

* وتأمل جملة النبي (مَن أَحَبَّني فلْيُحِبَّ هذَينِ) .. أي أن الذي يحب النبي صلى الله عليه وسلم فعليه أن يحب سيدنا الحسن والحسين رضي الله عنهما . فنفهم أن محبة سيدنا الحسن والحسين ليست من ذاتهما .. وإنما تبعا لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم .. فانتبه لما قلته لك .

2- وعن أبي هريرة قال: (كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِشَاءَ، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، أَخَذَهُمَا بِيَدِهِ مِنْ خَلْفِهِ أَخْذًا رَفِيقًا، فَيَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ، فَإِذَا عَادَ عَادَا، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، أَقْعَدَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرُدُّهُمَا، فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ، فَقَالَ لَهُمَا: " الْحَقَا بِأُمِّكُمَا ". قَالَ: فَمَكَثَ ضَوْؤُهَا حَتَّى دَخَلَا) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده حسن من أجل كامل- وهو ابن العلاء أبو العلاء التميمي-، وباقى رجاله ثقات رجال الصحيح ..، وذكره الألباني في الصحيحة بأنه حسن.

- وتأمل قول أبي هريرة (فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ) .. أي ظهر نور فجأة أضاء لهما الطريق ليرشدهما إلى بيت أمهما .. وذلك كرامة من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ولسيدنا الحسن والحسين ..

- وفي هذا الحديث دليل على كرامة ظهور النور المادي لآل البيت .. حتى لا يقول أحد بأني أنكر الأنوار المادية .. وإنما حقيقة كلامي تكمن في إنكار من يعبد الله طلبا لكرامة الأنوار المادية أو الروحانية من دون الله .. وليس طلبا للأنوار القلبية الربانية التي تقرب العبد من مرضاة الله ..!!

3- وعن أبي قتادة الانصاري قال (خرَج علينا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأمامةُ بنتُ أبي العاصِ على عاتقِه، فصلَّى، فإذا ركَع وضعَها، وإذا رفَع رفَعَها). رواه البخاري .

* لكن من أين أتى الناس بهذا التعصب مع قراءة الأوراد والأذكار ؟

- للأسف الناس خلطت التصوف وتزكية النفس .. بأفعال الروحانيين الساقطين .. حيث أن الروحانين يمنعون دخول أحد عليهم .. حتى لا يتم أذيتهم من أوليائهم من الجن .. وأيضا لا يتم أذية أحد من الداخلين عليهم .. نظرا لأنها علاقة مشبوهة ومنحرفة .. وتتطلب إخلاص للجن الذي يعتصم ويستعيذ ويستعين به ..!!

- ولكن الذي في حضرة الله .. فهو لا يمنع أحد من مجالسته في حضرة الذكر لو طلب منه ذلك .. ويدخلهم معه في حضرة الذكر .. عسى أن ينال الجميع نفحة خير من مولاهم الملك الحق المبين ..

- وأحيانا يغلب على الإنسان بعض لحظات الإنس بالله والإنفراد به .. وهذا أيضا حال نبوي شريف .. فأين نجد ذلك :

- عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال : (وَحَدَّثَتْنِي أُخْتِي حَفْصَةُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَعْدَ مَا يَطْلُعُ الفَجْرُ»، وَكَانَتْ سَاعَةً لاَ أَدْخُلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا) صحيح البخاري .

- وفي رواية بن حبان : عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال : أَخْبَرَتْنِي حَفْصَةُ (أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ حِينَ يُنَادِي الْمُنَادِي لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَكَانَتْ سَاعَةٌ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهَا أَحَدٌ) صحيح بن حبان .. قال الارنؤوط : إسناده صحيح على شرط البخاري .

- معنى (وَكَانَتْ سَاعَةٌ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيهَا أَحَدٌ): وهو الوقت ما بين صلاة ركعتين سنة الفجر حتى رفع إقامة صلاة الفجر.

* وخلاصة ما سبق:

- فإذا أردت أن تختلي بذكرك مع الله .. فاطلب ممن حولك بلطف أن لا يقاطعك أحد حتى تخرج إليهم إلا لو في ضرورة قصوى لذلك .. ولكن مع أبناءك الصغار من فضلك اجعلهم معك في حضنك ولا تطردهم لو دخلوا عليك ..

***************************

(التحذير السادس والعشرون – في المعاملات)

(من الحكمة في الدين أن تتعلم أولويات العمل مع الله)

..:: الأوراد والأذكار ليست أهم من رغبات زوجتك فيك ؟ ::..

- أخي الحبيب ..

- من الأخطاء التي يفعلها البعض .. هو أنهم لا يعلمون ما هو الأولى فعله .. حتى أن البعض لا يعرف انه يجب عليه قطع الصلاة لو رأى إنسان يستغيث به من غرق أو حرق أو رأى مكروها سيحدث لإنسان .. فمساعدة الغير مقدمة على الصلاة لأنه لو لم يساعده سيترتب على ذلك ضرر للآخر ...

- ومن أولويات الأمور هي رعاية حقوق الزواج .. حتى أن البعض سمعت عنه أنه يتجاهل زوجته لما تطلبه .. تحت مزاعم أنه يقرأ الأذكار أو يقرأ القرآن أو يصلي الليل أو صائم .. وكأن هؤلاء يظنون أنهم بذلك يرضون الله ..!! وكيف يرضون الله ويوجد حقوق لآخرين عليهم أن يوفونها ..!!

- وكان عبد الله بن عمرو من الذين يهتمون بالعبادة حتى تجاهل زوجته حتى قالت لأبيه عمرو بن العاص لما سألها عنه فقالت (نِعْمَ الرَّجُلُ مِن رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا، ولَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أتَيْنَاهُ) صحيح البخاري ..

ومعنى (لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا): لم ينم بجوارها .. أي لم يجامعها ..

- ومعنى (ولَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا): لم يتكلف حتى أن ينظر إلى أنوثتها ..

- فبلغ النبي ما يفعله عبد الله .. فطلبه وقال له النبي :(بَلَغَنِي أنَّكَ تَصُومُ النَّهارَ وتَقُومُ اللَّيْلَ، فلا تَفْعَلْ، فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، ولِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَظًّا، صُمْ وأَفْطِرْ، صُمْ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فَذلكَ صَوْمُ الدَّهْرِ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط:  إسناده صحيح على شرط الشيخين . 

- وفي رواية بلفظ: (فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) صحيح البخاري ..

- فكان كلام النبي صلى الله عليه وسلم هو حكما للأمة بعد ذلك .. ولا حجة لأحد أن يتجاهل حق الزوجة من المتعة الجنسية (وإنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) .. وإلا ستكون عاصيا للنبي صلى الله عليه وسلم .. بل وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ) صحيح مسلم .. فهل من تقوى الله في النساء آذيتهن بحرمانهن من حق المتعة الجسدية أو أي حق آخر .. فلماذا هؤلاء القوم لا يتبعون كلام الله: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) الأحزاب36 ..

# نموذج واقعي حدث فعلا معي :

- اتصل بي أحد الأشخاص وكان له ورد يقرأه عصرا .. فجائته زوجته تلاطفه وقالت له : هيت لك ..

- ولكن نظرا لأنه يتصور أنه بذلك سينقطع المدد بتاع الذكر .. فتجاهلها .. وأشار لها أن تخرج من الغرفة .. لأنه في حالة ذكر ..!!

- فاتصلَ يخبرني بذلك .. وهل فعله صحيح أم لا ؟!!

- فقت له : عليك ذنب (لأنك آذيتها وآلمتها نفسيا ومنعتها حقها) ولها أجر عند الله ولها حق في رقبتك .. لأنك فعلت خلاف العدل والحق .. فهل ترضى ذلك لنفسك ..!! بالتأكيد لا ..!! يبقى روح واستسمحها ..

- وإذا كنت متوهم أن اللعنة فقط تكون للزوجة لو تجاهلت زوجها حينما يطلبها .. فأنت معتدي على الله في شريعته .. ومتبع لكلام أهل الهوى الذين يكتمون كلام الله ويتلاعبون بكلام الرسول كما تستهويهم أنفسهم حتى يستبيحوا إساءة زوجاتهم ..!!

- وإنما أريدك أن تفهم أنك لما آذيتها نفسيا وامتنعت عنها "ما لم يكن لديك عذر" فأنت ظالم ومعتدي .. وينطبق عليك آيات الظالمين المعتدين .. فلا تجعل من الشريعة غرضا لتعذيب الآخرين وزجرهم .. في حين أنت ظالم ومعتدي عليهم وتظن أن الله سيتركك .. فما أجهلك بالله وما أجرأك من معتدي على شريعته ..!!

- بل عليك أن تسترضيها .. أو تأتي يوم القيامة فتقتص منك وتجعلك من المفلسين لأنك اغتصبت حق لها ومنعتها منه .. فأنت ظالم لها ومعتدي عليها .. والله لا يحب المعتدين .. والله لا يحب الظالمين .. ولا تنسى أن الله عادل .. يا معتدي يا ظالم ..!!

- ثم أمرك عجيب يا رجل .. فهل يوجد حد عاقل على وجه الأرض .. زوجته تقول له "وحشتني يا رجل وتهيأت لك" .. وهو يقول لها "بعدين وقت تاني" ..؟!! أعاقل أنت .. أم كان لديك عذر ..؟!!

- يا رجل كان عليك أن تختم مجلس الذكر الذي تقوله .. واذهب لترضيها وتجبر بخاطرها لله فيما تريده منك .. ثم عد إلى الذكر مرة أخرى بعد أن تتطهر ..!!

- فكونك تُرضي النفوس وتُجبر بخواطر الناس .. هذه فضيلة أعلى من الذكر القولي .. لأنك في جبر الخواطر تنتقل لذكر لله بمعاملة فعلية .. فتكون أرضيت الله في نفسك وفي غيرك .. وليس في الذكر القولي الذي ترضي به نفسك فقط .. ولذلك كانت المحبة الربانية لمن يسعى في قضاء حوائج الناس .. لأنه يذكر الله مرتين في المعاملات .. حيث يكون ذكره لله في نفسه أنه يرجو رضى الله من وراء فعله ويجبر بخاطر الناس ومساعدتهم كذلك .. !!

- وإذا كان قضاء حوائج الناس فيه كرامة محبة من الله .. فيبقى أولى الناس بقضاء حوائجهم هم المقربين منك .. مش كده ولا إيه يا رجل ؟!!

# واقعة أخرى : رجل يشكو زوجته ..

- يتصل بي شخص ويقول أن زوجته تقوم الليل وتقرأ قرآن كثير ولكنها تتجاهل حقوقه .. وكلما يطلبها لنفسه تقول : تعبانة ومجهدة ومش هينفع الآن ..!!

- فقلت له: اطمئن فإن أعمالها قد تكون من نصيبك في الآخرة .. فلعلها تكون من المفلسين يوم القيامة لأنها أخذت حقوقك واعتديت عليها .. فيعطيك الله من حسناتها حتى أنت ترضى وتكون هي من المفلسين ..!!

- وكما تغتصب حقوقك .. فاعلم أنها محرومة من كرامة الذكر الذي تفعله .. واعلم أن لك حق عندها ستأخذه منها يوم القيامة .. !!

* أخي الحبيب ..

- لا يصح لك كمؤمن أن تغتصب حق أحد أو تضيعه أو تعتدي عليه أو تظلمه .. ولا تنسى قوله تعالى (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) البقرة281..!!

- وليعلم كل إنسان يؤذي الآخر بلا سبب فهو آثم .. يقول تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) الأحزاب58.

- والبهتان هو الإفتراء بالكذب وقول الزور .. ويكون في اللفظ القولي .. وسمي بهتان لأنه يبهت من يقال في حقه هذا البهتان .. (ويبهت أي ينزل على وجهه سحابة غم من فظاعة ما سمع عليه من كذب وكأن الدم هرب من وجهه) .

- والآية اختصت بالإشارة ظاهرا للفظ القولي .. لكثرة وسهولة الأذى به .. ولقوة الأثر الناتج عنه من ضرر نفسي ..، وقد يترتب عليه أحيانا أذى بدني من قوة اللفظ المؤذي ..، وقد يترتب على قول الباطل قتل وقطيعة رحم ..، وقد يفعل اللسان ما لا يفعله السيف ..!!

- ويندرج فهما من الآية أنها تحمل الأذى الفعلي أيضا .. وكأن الله يقول لك: أن من أذى باللسان كذبا وافترى زورا قد احتمل فوق طاقته ما لا يستطيع لشدة ما سينزل به مع العذاب .. فما بالك بمن يؤذي بالأفعال كالقتل والاغتصاب والسرقة والضرب وغير ذلك .. والله أعلم ..!!

- والأذى النفسي ينتج من القول ومن الفعل .. فلنجتهد في أن لا نؤذي أنفسنا ولا غيرنا ..  

****************************

(الجزء السابع من تقسيم الرسالة)

..:: أحوال تحدث مع الذكر فاحذر أن تفهمها خطأ ::..

************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..