تابع ج19: من رسالة التعريف بتحذيرات السالك طريق أهل الإيمان - لماذا لا نرى النبي في المنام بالرغم من كثرة الصلاة عليه وغلبة الشوق على القلب - يستغل الشيطان هذا الموقف ويؤثر على نفسية المحب ويفسده ويوسوس له بأنه غير محبوب .. فهل هذا الكلام صحيح - من هم أشد الناس حبا للنبي صلى الله عليه وسلم - ما هي بشارة النبي لم آمن به ولم يراه - ما معنى (طوبى).

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(تابع : الجزء التاسع عشر)

(جزء لم يتم إضافته في الجزء التاسع عشر)

* فهرس:

1- لماذا لا نرى النبي في المنام بالرغم من كثرة الصلاة عليه وغلبة الشوق على القلب ؟!!

2- يأتيك الشيطان ويؤثر على نفسيتك ليفسد محبتك للنبي  ويوسوس لك بأنك غير محبوب ..!! فهل هذا الكلام صحيح ؟!!

3- من هم أشد الناس حبا للنبي صلى الله عليه وسلم ؟

4- ما هي بشارة النبي لمن آمن به ولم يراه ؟

5- ما معنى (طوبى) ؟

**************************
::تنبيه::

هذا الجزء هو ملحق بالجزء التاسع عشر السابق ..

"وموضعه تحت التحذير السابع والعشرون"


***********************

..:: لماذا لا نرى النبي في المنام بالرغم من كثرة الصلاة عليه وغلبة الشوق على القلب ؟ ::..

- أخي الحبيب :

- بعض المحبين ينزعج من أنه لا يرى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بالرغم من كثرة الصلاة عليه .. بل وقد يغلبه الشوق والحب للنبي صلى الله عليه وسلم .. ويتعجب لماذا لا يراه ؟

- وقد يستغل الشيطان هذا الموقف ويؤثر على نفسيتك ليفسد عليك محبتك للنبي ويوسوس لك بأنك غير محبوب ..!!

- الجواب:

- لا تلتفت لكلام الشيطان لك .. ولا تتعجب في عدم رؤيتك للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام بالرغم من محبتك وكثرة صلاتك عليه .. ليه ؟ .. لسببين:

- السبب الأول (تأدب مع الذي قسمه الله لك): 
- اعلم أخي الحبيب أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم من جملة رزق الله للعبد .. فقد يعطيك الله هذا الرزق أو يمنعه عنك لحكمة هو يعلمها .. وبالتالي هذا هو عين الخير لك .. سواء في العطاء أو في المنع ..

- السبب الثاني (النبي يمدح من يؤمنون به ولم يروه):

- حيث أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد مدح المؤمنين به بالغيب ولم يروه .. وذلك في أحاديث ..

1- منها ما جاء عن أبو عبيدة بن الجراح حيث قال: (يا رسول الله، هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك... قال: نعم، قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يرونى) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح ..، وذكره الألباني في الصحيحة بأنه صحيح .

* والخيرية هنا: هي من حيث الرؤية والتواجد مع النبي وعدم الرؤية ولا تواجد معه .. فلهم بذلك اجر عظيم على الإيمان بالغيب .. وهو ما لم يحدث للصحابة .. فخصوصية الخيرية في الحديث لكل من لم يرى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به غيبا .. وليس المقصود هو مطلق الخيرية ..

2- وجاء عن أنس بن مالك عن النبي قال: (وددتُ أنِّي لقيتُ إخواني قالَ : فقالَ أصحابُ النَّبيِّ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ – أوليسَ نحنُ إخوانَكَ قالَ : بل أنتُم أصحابي ولكنْ إخواني الَّذينَ آمَنوا بي ولم يرَوني) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حسن لغيره .. وذكره الألباني في الصحيحة بأنه صحيح بشواهده .

- ومعنى الأخوة هنا: أخوة الإيمان .. من قوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات10 .. وقال النبي (إخواني) ولم يقل أخوتي .. لأنه يقصد بقوله (إخواني) أي الأخوة في الدين والمنهج الإيماني .. بخلاف لفظ (أخوتي) فهو يطلق على أخوة النسب والدم .. والله أعلم .

- ولفظ (آمنوا بي): اللفظ فيه إشارة إلى اتباع النبي حتى تحظى بهذه الأخوة .. وإلا كان إيمانك ناقص ..

3- وجاء عن أبي امامة الباهلي عن النبي قال: (طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى ـ سبع مرات ـ لمن لم يرني وآمن بي) رواه احمد .. وقال الأرنؤوط: حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف ..، وذكره الألباني في الصحيحة .. لشواهده ..

- ومعنى (طوبى) : أي عيشة طيبة لهم في الآخرة أو طيبة أعمالهم أو طاب مسعاهم أو لهم البشرى والخير والحسنى ..

- وكأن النبي يريد أن يقول لنا: هنيئا لهم وليسعدوا بكل الخير والكرامة والحسنى هؤلاء الذين رأوني وآمنوا بي ولم يروني وآمنوا بي .. - الله أعلم -

- ولفظ (طوبى) : فيه البشرى من النبي صلى الله عليه وسلم لمن رآه وآمن به، ولمن لم يراه وآمن به ..

* ومن باب الإشارة (كما جال بخاطري):

- طوبى لك بالوصل والكرامة يا محب .. والبشرى بطوبى .. لم يحدده النبي صلى الله عليه وسلم بزمان .. فأبشر وهنيئا لك بطوبى الوصل وطوبى الكرامة في الدنيا والبرزخ والآخرة .. والله أعلم .

4 – وجاء عن أبي هريرة عن النبي قال: (مِنْ أشَدِّ أُمَّتي لي حُبًّا، ناسٌ يَكونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحَدُهُمْ لو رَآنِي بأَهْلِهِ ومالِهِ) صحيح مسلم .

- وفي رواية بلفظ (إنَّ قومًا يأتونَ مِن بعدي ، يوَدُّ أحدُهم أن يفتدِيَ برؤيتي أَهلَهُ ومالَهُ) رواه البزار .. وذكره الألباني في الصحيحة.

- وحديث أبي هريرة السابق يشير إلى أن هؤلاء القوم عملوا بهذا الحديث وهو (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ) صحيح البخاري ..

- وعملوا بهذا الحديث (لا يؤمنُ أحدُكم حتَّى يَكونَ هواهُ تبعًا لمَّا جئتُ بِهِ) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، والعكبري في الإبانة، وبن أبي عاصم في السنة، والخطيب البغدادي في تاريخه .. وقال النووي في الإذكار: حسن صحيح ، وقال بن حجر في الفتح: رجاله ثقات ، وقال الذهبي في الكبائر: إسناده صحيح .

- والمقصود بلفظ (لا يؤمن): أي لا يكتمل إيمان المؤمن إلا بمحبته للنبي صلى الله عليه وسلم .. بأن يغلب حبه على المؤمن فيكون قلبه وعقله وفعله تبعا لما جاء به رسول الله .. حتى قد يصل به الشوق أن يفتدي بكل ما يملك (فيصرف ماله ابتغاء مرضاة الله – ويرسل ولده للجهاد في سبيل الله وهو يعلم أنه قد يقتل) وذلك حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم .

* ملحوظة : وفي الأحاديث الأربعة السابقة مواساة لمن ليس له نسب دم مع النبي صلى الله عليه وسلم .. حتى لا تجعل احد يستعلى عليك بالنسب النبوي .. ولا تنسى أن تقول له قوله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات13 .. سواء كان هذا التقي له نسب دم بالنبي .. أو له نسب إيمان بالنبي ..!!

- فسبحان من هو حكم عدل ..

 - الخلاصة (بعد معرفتك بالسببين) :

- لا تحزن لو لم ترى النبي صلى الله عليه وسلم .. بل أبشر لأنه أثبت لك الخيرية والمحبة لمجرد إيمانك به بظهر الغيب .. بل وبشرك بأن لك (طوبى) .. أي طاب عملك وحالك يا من أنت آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تراه وعملت بسنته واتبعته..

- فأبشر أخي الحبيب .. أبشر ولا تنزعج إن لم ترى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام .. واعلم أنه بشَّرك وفرَّحك .. ويرجو لقاءك ويحبك كما تحبه ..

- (بيني وبينك) .. عيب عليك أنك تصدق كلام الشيطان الذي قاله لك حينما لم ترى النبي في المنام .. ليه عيب عليك ؟

- بقى يا أخي في حد يبقى حبيبه النبي ويحزن ..؟!! إزاي بقى يحصل الموضوع ده إذا كان المحب دايما موصول ؟!! 

- مش كده ولا إيه ؟!!

- يبقى اعلم يقينا أنك به موصول .. فإن لم تدرك كيفية ذلك بقلبك .. فيكفيك ما تفهمه وهو وصلة النسب الإيماني .. مع وصلة ما بشرك به من طيب المعيشة في الآخرة وقبول عملك .. لأنك آمنت به واتبعته بالرغم من أنك لم تراه ..

- وأسال الله لجميع المؤمنين أن يكون حالهم في الدنيا والآخرة .. محاطين بكرامة قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) الرعد29 .. آمين يارب العالمين ..

***************************

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..