ج26: رسالة التعريف بتحذيرات واختبارات طريق الإيمان - لا تنشغل بالهواتف الروحانية حتى لا تنقلب لوسواس - احذر الخواطر لأن منها خير ومنها شر - كيف تميز بين خاطر السوء وخاطر الخير - ما هو المقصود من صلاة القلب - هل هناك طريقة تجمع بين الظاهر والباطن في الصلاة - ما الفرق بين الذكر في الصلاة وخارج الصلاة - لا تستمع لفتاوى بعض مشايخ تفسد عليك حالك مع الله دون أن تتحقق منها - هل السبحة بدعة - توهمات تمنعك عن الذكر فلا تلتفت إليها - هل ممكن تذكر وأنت غير طاهر – وبجوار كلب – وبجوار غير مسلمين – وبشورت – وبدون حجاب – وبدون وضوء - لا تبحث عن لماذا حدث كذا أو لماذا قيل لك كذا - احذر من الملل أو الزهق أو عدم الرغبة في الذكر ولماذا يحدث لك ذلك - الإعتقاد في النفس أنك أصبحت من الأولياء - ابتعد عن أحزاب العارفين القائمة على طلب القصاص أو الغموض "كحزب النصر والحزب السيفي وحزب الدسوقي".

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء السادس والعشرون)

13- تحذيرات عليك أن تعرفها وأنت تطلب طريق الإيمان -

* فهرس :

::الجزء السادس والعشرون:: محاذير عليك أن تنتبه لها أثناء الذكر حتى لا تسقط نفسيا في طريق الإيمان ..

:: الفصل التاسع :: تحذيرات في طريقك إلى الله – لا تلتفت إليها ::

1- التحذير الثاني والأربعون: انتبه من صلاة القلب – سم في العسل ؟ (اتَّبع أولا (في ظاهرك) – واتَّبع ثانيا (في باطنك)؟

2- ما هو المقصود من صلاة القلب ؟

3- هل هناك طريقة تجمع بين الظاهر والباطن في الصلاة ؟

4- ما الفرق بين الذكر في الصلاة وخارج الصلاة .. حيث أن خارج الصلاة يجوز الذكر في نفسك ؟

5- التحذير الثالث والأربعون: لا تستمع لفتاوى بعض مشايخ تفسد عليك حالك مع الله دون أن تتحقق منها؟

6- هل السبحة بدعة ؟

7- التحذير الرابع والأربعون: توهمات تمنعك عن الذكر فلا تلتفت إليها ؟

8- هل ممكن تذكر وأنت غير طاهر – وبجوار كلب – وبجوار غير مسلمين – وبشورت – وبدون حجاب – وبدون وضوء ؟

9- التحذير الخامس والأربعون: لا تنشغل بالهواتف الروحانية حتى لا تنقلب لوسواس ؟

10- التحذير السادس والأربعون: احذر الخواطر لأن منها خير ومنها شر ؟

11- كيف تميز بين خاطر السوء وخاطر الخير؟

12- التحذير السابع والأربعون: لا تبحث عن لماذا حدث كذا أو لماذا قيل لك كذا؟

13- التحذير الثامن والأربعون: احذر من الملل أو الزهق أو عدم الرغبة في الذكر ولماذا يحدث لك ذلك ؟

14- التحذير التاسع والأربعون: الإعتقاد في النفس أنك أصبحت من الأولياء ؟

15- التحذير الخمسون: ابتعد عن أحزاب العارفين القائمة على طلب القصاص أو الغموض "كحزب النصر والحزب السيفي وحزب الدسوقي"؟

***************************

(تابع - الجزء السادس من تقسيم الرسالة)

:: الفصل التاسع ::

تحذيرات أثناء الذكر – لا تلتفت

*******************************

..:: التحذير الثاني والأربعون ::..

..:: انتبه من صلاة القلب – سم في العسل ::..

(اتَّبع أولا (في ظاهرك) – واتَّبع ثانيا (في باطنك))

- أخي الحبيب ..

- بعد فترة من الذكر والثبات عليه .. يأتيك الشيطان ويقول لك: عليك أن تصلي بالقلب وستجد إحساس آخر مع الصلاة بهذه الطريقة ..!!

- الجواب:

- غرض الشيطان من ذلك هو جحود فعل النبي وعدم اتباعه .. وقد يترتب على ذلك عدم قبول صلاتك .. لأنك لم تطع النبي ولم تتبع فعله بالرغم من علمك بما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.. !!

* وقد تتسائل: ما هو المقصود من صلاة القلب ؟

- قلت لك أن المقصود بصلاة القلب هو حضور القلب مع الله .. أي لا ينشغل قلبك عن الله أثناء العبادة .. فهذا هو أصل صلاة القلب .. أي يكون القلب موصول بالله .

- والصلاة لا تصح إلا بالمنطوق لفظا (إلا لو كنت أخرس- فهذا له عذره) .. ولذلك يقول تعالى (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ) المزمل20 .. أي اقرأوا في صلاتكم ما تيسر منه ..

- والقراءة لا تكون قراءة إلا بتحريك اللسان والشفاة بالحروف .. حتى ولو بصوت لا تسمعه أنت ..

- ويكفي أن القراءة كانت فعل النبي صلى الله عليه وسلم .. يكفي بهذا دليل على القراءة ..

- وقد جاء في الحديث .. عن أبي الدرداء قال: (سألَ رجلٌ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ أفي كلِّ صلاةٍ قراءةٌ قالَ نعَمْ) صحيح النسائي وأحمد وبن ماجه .. وقال الهيثمي: إسناده حسن ..، وقال الارنؤوط في تخريج المسند: إسناده صحيح ..، وذكره الالباني في صحيح النسائي وقال صحيح ..، وقال علاء الدين مغلطاي في شرح بن ماجه: إسناده صحيح.

- معنى (أفي كل صلاة قراءة): هو قراءة فاتحة الكتاب .. حتى ولو في صلاة جهرية مع جماعة فأنت تقرأ بالفاتحة في سرك .. وهذا رأي بعض العلماء .. وقال بعض العلماء أن الصلاة الجهرية لا يقرأ فيها الفاتحة بعد الإمام لأن قرائته تنوب عن المأمومين ويجب سماع القرآن والإنصات له ..

- ولكل من علمائنا دليله وحجته .. رحمهم الله ورضي عنهم .. وإن كنت أرى أن أصحاب رأي الإنصات للقرآن عند جهر الإمام هو الأصوب .. ويكون مقصود الحديث في كل ركعة لا يجهر فيها الإمام .. عليك أن تقرأ بفاتحة الكتاب .. والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم ..

**********************************

..:: هل هناك طريقة تجمع بين الظاهر والباطن في الصلاة ؟ ::..

 (ما الفرق بين الذكر في الصلاة وخارج الصلاة؟)

- أخي الحبيب ..

قد تتسائل فتقول: أن صلاة الباطن في داخل نفسك تشعر فيها فعلا بتذوق إيماني جميل .. فهل هناك طريقة تجمع لك بين صلاة الظاهر وصلاة الباطن .. ؟

- نعم هناك طريقة (وهي عن رأي خاص بي) ..

- وقد اتبعتها كثيرا في مجاهدة النفس لقهرها على الطاعة .. وهذه الطريقة قد تكون صعبة في بدايتها .. ولكنك ستجد من ورائها كرامة عجيبة جدا في قلبك .. وكأنك لأول مرة تصلي في حياتك .. !!

- وهي أن تقرأ مرة بصوت ثم تسكت لتنطقها بداخلك ثم تكمل بصوت ثم مرة بداخلك ثم بصوت ثم مرة بداخلك .. وهكذا .. في كل أذكار الصلاة .. مرة تنطق في الظاهر ومرة تنطق في الباطن ..

- وإليك تطبيق توضيحي للطريقة السابقة :  

- نقرأ مرة (بسم الله الرحمن الرحيم) باللسان وتحريك الشفاه - ثم مرة تنطق بها بها في قلوبك أو بداخل نفسك دون أن تحرك  لسانك وشفتيك .. ثم نقول (الحمد لله رب العالمين) باللسان وتحريك الشفاه .. ثم تقولها مرة أخرى في داخل أنفسنا دون أن تحرك لسانك وشفتيك .. وهكذا .. حتى في تسابيح الركوع والسجود .. فمرة تقول التسبيح بلسانك ومرة تنطق به بداخل نفسك ..

* أخي الحبيب .. 
- هذه الطريقة تكسبك تذوق جديد في العلاقة مع الله وتخمد الوسواس في نفسك تماما ..

- وستجد في البداية مشقة لأن النفس ستتضايق بشدة من هذه الطريقة لأنك تخنقها .. وهي تريدك أن تنهي الصلاة بأي طريقة وكأنها تقول لك: (أف بقى يا أخي – أنت خنقتني) ..!!

- ولذلك جاهدها قدر استطاعتك .. حتى تستسلم لك .

- ولو الأمر وجدته صعب أن تفعله في كل الصلوات .. فافعله في صلاة واحدة يوميا أو صلاتين أو في ركعتين بالليل .. أو حسب ما يوفقك الله ..

- ولكن لا تعاند وتقول من البداية سأفعل في كل الصلوات لأنك ستسقط في البداية لو فعلت ذلك .. لأن قهر النفس يحتاج عزيمة وقد لا تكون متوفرة فيك إلا بقدر بسيط الآن ولكن ستزيد مع مرور الوقت طالما تطلب العون من الله ..

- ولذلك إبدأها خطوة خطوة كما شرحت لك سابقا .. ومع مرور الأيام سيمكنك الله ويجمع لك بين الظاهر والباطن في نفس واحد .. والله يختص برحمته من يشاء ..

- وقد يقول قائل: هل أرشدنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أرشد لذكر الله في نفسك في الصلاة ؟

- نعم يوجد دليل على ذلك من القرآن ومن السنة..

- أولا: من القرآن ..

1- يقول تعالى: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) المؤمنون2 .. ولا يكتمل خشوع الظاهر إلا بخشوع الباطن .. أي الخضوع لله ظاهرا وباطنا .. وبهذا يكون كمال الخشوع .. ولكن لوخشوع الظاهر فقط فيكون الخشوع ناقص وليس معناه أن الصلاة غير مقبولة ..!!

- ثانيا: من الأحاديث ..

1- عن الْحَارِثُ الْأَشْعَرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَهُ: (أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَفْعَلُ بِهِنَّ وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَفْعَلُوا بِهِنَّ ، فُوعِظُ النَّاسَ ...

- ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمْرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا نَصَبْتُمْ وُجُوهَكُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ حِينَ يُصَلِّي لَهُ ، فَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ وَجْهَهُ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ يَنْصَرِفُ) صحيح بن خزيمة واللفظ له ، وصحيح الترمذي، وقال التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح ، وَصَححهُ ابْن حبَان وَالْحَاكِم ..

2- عن حذيفة بن اليمان قال النبي (إنَّ الرَّجلَ إذا قامَ يصلِّي أقبَلَ اللَّهُ عليهِ بوجهِهِ حتَّى ينقلبَ أو يُحْدِثَ حدثَ سَوءٍ) صحيح بن ماجه.

- ومعنى (حتَّى ينقلبَ أو يُحْدِثَ حدثَ سَوءٍ) : أي حتي ينتهي من صلاته ويذهب لمنزله .. أو يحدث خروج ريح منه تقطع عليه صلاته ..!!

- فإذا كان الله يقبل عليك إذا لم تلتفت في ظاهرك .. فماذا سيفعل معك إذا لم تلتفت في باطنك ؟!!

* انتبه جيدا: فقد تتسائل وتقول: ما الفرق بين الذكر في الصلاة وخارج الصلاة .. حيث أن خارج الصلاة يجوز الذكر في نفسك ؟

- قلت لك:

- هناك فرق بين ذكر الله في نفسك أثناء الصلاة .. وخارج الصلاة .. لأنه في غير الصلاة يجوز لك الذكر في نفسك كما تحب دون تحريك لسانك أو الشفاه .. ولكن في الصلاة هي عبادة مقيدة بأفعال نبوية لازم تتبعها ..!!

- وقد تكلمنا على صحة الذكر في داخل النفس أو الذكر الباطني .. ويكفي أن أذكرك بما جاء في الحديث القدسي: (أنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ) صحيح البخاري..

- والمعنى - والله أعلم - : أي من ذكرني في نفسه بالتعظيم .. ذكرته في نفسي بخصوصية التكريم .

- راجع الجزء الأول من هذه الرسالة (الحقيقة الأولى: الاعتقاد بيقين – المثال الرابع ..)

- وراجع الجزء الحادي عشر من هذه الرسالة تحت عنوان (الذكر في النفس ظاهرا وباطنا - ولماذا غلب على العلماء أن يكون ذكر الباطن هو القلب ؟) 

**********************************

..:: التحذير الثالث والأربعون ::..

..:: لا تستمع لفتاوى بعض مشايخ تفسد عليك حالك مع الله دون أن تتحقق منها ::..

..:: هل السبحة بدعة ؟!! ::..

- أخي الحبيب ..

- من العوائق التي تقابلك في حياتك هي أن تقابل بعض الدعاة أو المشايخ التي غلب الشيطان على عقولهم حتى شغلهم بتفاهات غير دينية .. وجعلوا منها دينا ثم حرموها ..!! ولن تجد أسخف من هذه العقول في حياتك .. ولكن كن أنت عاقلا واستعقل الكلام الذي يقال لك .. يعني احترم عقلك وقلبك ..!!

- من هذه السخافات .. ستجد من يريد أن يفسد عليك حالك ويقول لك أن السبحة بدعة .. وهو جاهل بكلمة بدعة .. ولكنه سمعها من مشايخ التقديس الذين أحاطهم بهالة التقديس حتى جعل كلامهم ككلام الله ورسوله ..!!

- ولو كان هذا الداعية يعقل كلام ما يسمعه .. لتسائل ببساطة عقليه فقال: ما علاقة هذا الدين ؟!!

* ومثال هذه السخافات .. السبحة التي يذكر عليها الناس :

- فنحن لا نتعبد بالسبحة حتى نجعلها بدعة أو غير بدعة .. حتى نجعل منها مسألة دينية .. فهذا جهل وقلة عقل وفراغ علمي ..

- وإذا وجدتهم يقولوا لك أن السبحة لا تشهد لك عند الله .. فاعلم أن هذا لا يقل جهل عن سابقه  .. لأن اليد تحمل السبحة والأصابع تحرك السبحة .. ألا تشهد الأصابع واليد لله يوم القيامة على أنها كانت تسبح الله ؟!! حيث أن السبحة ليست هي التي تتحرك بذاتها حتى يقال أنها لا تشهد لك عند الله ..!! فما هذا الجهل الديني ..؟!

- وبنفس منطقهم وطريقة تفكيرهم نقول لهم: هل يا ترى الملابس التي تلبسها وقت الذكر ستشهد لك عند الله أم لا حينما تذكر ؟!! .. ونظل في متاهة وهمية لا علاقة لها بالدين .. والمصيبة أنهم يجعلون منها مسائل دينية .. ويحكمون على الناس ويدخلونهم النار .. لأنهم يتألون على الله .. !! 

* وبنفس المنطق نسأل الذين لم يحترموا دينهم وعقولهم .. فنقول لهم بنفس منطق السخافة:

- هل يصح أن تلبس النظارة وأنت بتذكر الله ؟ وما الدليل على ذلك حيث أنها بدعة حيث لم تكن في زمن الرسول ؟ ويا ترى تنفع بعدسات بلاستيك أم بعدسات زجاج ؟ وهل تصح بالنظارة الشمس أم فقط بالنظارة الطبية ؟ وووو ...

- وهل يصح أن تذكر الله وأنت لابس بنطلون جينز ؟ وما الدليل ...

- وهل يصح أن تذكر الله بدون طاقية ؟ وما الدليل ....

- وهل يصح أن تذكر الله وأنت لابس حذاء كوتشي ؟ وما الدليل ....

- وهل يصح أن تذكر الله وأنت لابس قميص نصف كم ؟ وما الدليل ..

- وهل يصح أن تذكر الله بملابس ملونة صنعها غير المسلم ؟ وما الدليل ...

- وهل يصح أن تذكر الله وأنت ماسك السبحة الفسفورية المضيئة بالليل ؟ وما الدليل ....

- وهل يصح أن تذكر الله وأنت لابس حذاء ؟ وما نوعه ؟ هل لابد أن يكون يلبس جوارب أم لا ؟ وما الدليل ....

* وكل ما سبق ما هو إلا مجموعة أسئلة سخيفة تدل على خفة عقل الباحث في هذه الأمور .. فضلا عن كونه على جهل مطلق بالدين وأحكامه .. لأنه لا علاقة لهذه الأمور بالذكر أو الدين ..!! لأنها أمور مباحة ..!!

*******************************

..:: التحذير الرابع والأربعون ::..

..:: توهمات قد تمنعك عن الذكر فلا تلتفت إليها ::..

(هل ممكن تذكر وأنت غير طاهر – وبجوار كلب – وبجوار غير مسلمين – وبشورت – وبدون حجاب – وبدون وضوء)

- أخي الحبيب ..

- قد يأتيك الشيطان ببعض الأسئلة في عقلك ليدخلك في متاهة محاولا أن يمنعك عن الذكر .. لعلمه أنك ستحتار فيها .. بل وإن سألت فيها من حولك فقد يزيدوك ضلالا ..!!

- فمن هذه المسائل:

- هل يصح تذكر الله وأنت بتعرق ؟

- وهل يصح تذكر الله وأنت على جنابة ؟

- هل يصح أن تذكري الله وأنت في فترة الحيض والنُّفاس ؟

- وهل يصح أن تذكر وأنت لابس شورت ؟

- هل يصح تذكري الله وأنت بدون حجاب ؟

- هل يصح تذكر الله وبجوارك كلب أو حمار أو قطط ؟

- وهل يصح أن تذكر الله وبجوارك شخص غير مسلم ؟

* اعرف قاعدة عامة في حياتك:

- أن الذكر هو عبادة مطلقة لا ترتبط بزمان ولا مكان ولا تحتاج إلى وضوء .. ولا يمنعها جنابة ولا حيض ولا نُفاس .. 

- والأصل في ذلك هو ما جاء في الحديث عن السيدة عائشة حيث قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ) صحيح مسلم.

-  معنى (أحيانه) : الزمان قَلَّ أو كَثُر، والجمع أحيان .. والمقصود أن النبي كان يذكر الله بأي ذكر كالتهليل والاستغفار والتسبيح والتحميد وما شابه ذلك (ما عدا القرآن لا يقرأه وهو جنب) .. فكان يذكر طوال الوقت على كل حال مُتَطَهِّرًا وَمُحْدِثًا وَجُنُبًا وَقَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا وَمَاشِيًا .. حتى وهو نائم كانت عينه تنام وقلبه لا ينام .. كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولَا يَنَامُ قَلْبِي) صحيح البخاري .. لأن قلبه يكون حيا بذكر الله .. فكيف ينام قلبه الشريف وهو يقظ بالله ؟!! لذلك جاء في الصحيح (إنِّي أبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي ويَسْقِينِ) صحيح البخاري.. ولذلك هذا القلب الشريف يكون في معية ربه جل جلاله ..

  

- ولكن تمتنع عن ذكر اللسان فقط لو دخلت دورة المياة أو وقت الجماع أو وقت ارتكاب معصية أو عاري العورات .. فتمتنع عن ذكر اللسان فقط أدبا لعبادة الذكر .. لأن ما سبق من أفعال لا يليق مع عبادة الذكر اللساني .. 

- ولكن قلب المؤمن يذكر في كل الأحوال .. وإنما الأدب الظاهري بمنع اللسان عن الذكر بسبب الفعل الظاهري (كدخول حمام أو جماع أو فعل معصية) .. ولا علاقة له بالذكر الباطني الذي يدور في نفسك أو قلب .. لأن من المفترض أن يكون المؤمن قلبه حاضر مع الله.

- فالأسئلة السابقة .. لا علاقة لها بمنع الذكر عن لسانك أو قلبك .. لأن لا الكلب ولا الحمار ولا القطط ولا عالم الحيوان سبب لمنع الذكر .. ولا الملابس أو خلعها سبب لمنع الذكر .. ولا النجاسة الشرعية بسبب جنابة او حيض أو نفاس سبب لمنع الذكر .. ولا التعرق سبب لمنع الذكر .. ولا مجالستك لغير المسلم مهما كان دينة سبب لمنع الذكر ..

- يبقى ليه تتوقف عن الذكر ؟!!

- ستجد عند بعض أهل العلم يفترض الوضوء للذكر .. وهذا كلام باطل لا جود له في الشريعة .. وستجد البعض يفترض أمور كلبس الحجاب أو الجلباب أو ما شابه .. وكل هذا باطل لا وجود له في الشريعة ..

- لكن الوضوء والهدوء وستر كامل البدن والتعطر .. كلها آداب وليست فروض .. ولا تمنعك عن الذكر ..!!

- والله أعلم ..

    

************************

..:: التحذير الخامس والأربعون ::..

..:: لا تنشغل بالهواتف الروحانية حتى لا تنقلب لوسواس ::..

- أخي الحبيب ..

- كثيرا ما يأتيك هاتف غير واضح .. مثل إلقاء كلمة مبهمة في نفسك مثل (تزكية) أو (رضا) أو (حب) .. أو شخص ينادي باسمك .. أو ما شابه ذلك من الهواتف المبهمة والغير مفهومه .. فلا تلتفت لهذه الهواتف لأن غالبها يكون من الشيطان ليشغل عقلك بماهية هذه الكلمة وما سببها وما المقصود منها ولماذا قيلت لي .. وما شابه هذه الأمور ..

- وعلشان كده .. أي هاتف تسمعه سواء في اليقظة أو المنام .. فلا تشغل بالك به .. إلا ما كان عن رسائل واضحة ومفهومة ومعقولة ولا تخالف شرع .. مثل ان يأتيك خاطر يلقي في نفسك أن تقرا سورة البقرة أو تصلي ركعتين لله أو تدعو لنفسك وللمسلمين ..

- والفرق بين الهاتف والخاطر .. أن الهاتف غير مفهوم المقصد لأنه يكون عن كلمات أو أحداث ملخبطة غير مفهومة تدور في ذهنك سواء يقظة أو مناما .. وإنما الخاطر واضح المقصد كأنه رسالة تلقى في نفسك .  

- وسواء الهاتف أو الخاطر .. منه خير ومنه شر .. والذي يفرق بين الخير والشر هو المقصد من وراء هذا الهاتف أو الخاطر .. مع صلاح قلب المتلقي لهذا الهاتف أو الخاطر .. لأن بقدر صلاح القلب ورغبته في الله بقدر ما سيحجب الله عنه الشر ..إلا ما كان للفتنة والإختبار لكشف حقيقة نفسه أمام نفسه ..!!

******************

..:: التحذير السادس والأربعون ::..

..:: احذر الخواطر لأن منها خير ومنها شر ::..

- أخي الحبيب ..

- إذا كنا تكلمنا عن الهواتف .. فلنتكلم عن الخواطر سريعا .. حيث أن منها خير ومنها شر ..

- لكن ما أريدك أن تفهم أنك كلما ارتقيت في الذكر فقد تزيد عليك الخواطر .. إما لتعتقد في نفسك، وإما لتتطهر من نفسك .. والأول شيطاني والثاني رحماني ..

- وقد تكثر الخواطر مع كثرة الذكر .. وفي هذا إشارة قوية إلى أن الذكر أصبح يؤثر فيك بقوة .. ولذلك يحاول الشيطان أن يسقطك بأي طريقة .. ومن طرق الشيطان هي أن يوحي إليك بخاطر الشر في صورة خاطر الخير حتى تلتفت لهذه الخواطر وتنشغل بها .. أو ليستدرجك بها حتى تفتن وتنقلب نيتك في الذكر .. فيكون ذكرك هو طلبا للخواطر وليس لله .. وهذا ما يريده منك .

- فلا تلتفت للخواطر .. إلا لو كان يرشدك لمساعدة الآخر أو فعل طاعة لله فيها إخلاص أو فيها تقويم للنفس لتتأدب مع الله ..

* كيف تميز بين خاطر السوء وخاطر الخير:

1- خاطر الخير يهجم عليك دون تفكير منك ..

2- لا يأتي بشريعة وإنما يأتي بطمأنينة نفس أو تحريكك لفعل خير أو قول خير أو الإشارة لخير .. أو تبصرة في فهم مسألة شرعية أو علمية .. أو ما شابه ذلك ..  

* والدليل على خاطر السوء وخاطر الخير:

1- يقول تعالى: (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ . إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)البقرة 168-169.

- فستجد الخواطر السيئة تأتي بما هو يدعو له الشيطان كما أوضحت الآية .

- ويقول تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل90.

- وستجد الخواطر الصالحة والطيبة تأتي بما يأمر به الله كما أوضحت الآية ..

- ويتبين لك الأمر بوضوح من الحديث التالي ..

2- قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للشَّيطانِ لمَّةً بابنِ آدمَ وللملَكِ لمَّةً : فأمَّا لمَّةُ الشَّيطانِ ، فإيعادٌ بالشَّرِّ ، وتَكْذيبٌ بالحقِّ ، وأمَّا لمَّةُ الملَكِ ، فإيعادٌ بالخيرِ ، وتصديقٌ بالحقِّ ، فمن وجدَ ذلِكَ فليعلَم أنَّهُ منَ اللَّهِ فليحمَدِ اللَّهَ ، ومن وجدَ الأخرى ، فليتعوَّذ باللَّهِ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ ، ثمَّ قرأَ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ الآيةَ) صحيح الترمذي وصحيح بن حبان.

- يبقى طالما الله ورسوله حكموا الموضوع .. يبقى لا داعي للبحث عن خواطر غيبية شاذة لا علاقة لها بالشريعة أو بالدين عموما .. ثم نجعلها من الدين لأن سيدي فلان قال كده .. أو الشيخ فلان قال كده ..!!

انتبه اخي الحبيب ..

- هناك خواطر تأتي مغلفة بغلاف الخير .. فمثلا قد يكون حالك هو ذكرك لله في نفسك وتشعر معه بسكينة وراحة .. ولكن الشيطان يأتي إليك ويلقي في خاطرك أنه يجب عليك الذكر باللسان ويذكرك بأحاديث أو كلام لشيخ كنت أنت سمعت له من قبل ..!!

- والغرض الشيطاني من وراء ذلك .. هو أن يخرجك من حال  الذكر الذي أعطاه الله لك في باطنك .. حيث أن ذكر الباطن له قوة في التأثير على القلب .. ولذلك يسعى الشيطان في إفساد باطنك بهذه الحيلة مستغلا جهلك أو جهل من استمعت له سابقا .. حتى يخرجك من سكون مع الله بقلبك إلى لسانك .. فيفسد حالك وينقطع عنك مدد الله في باطنك (نفسك) .. 

- مثال آخر: يقول لك الشيطان اقرأ في فضائل التسبيح والتحميد والأذكار .. لأنه يريدك أن تتوه بين الفضائل وتحتار ماذا يكون ذكرك الذي تذكر به الله ؟!! فيحدث خمول وكسل في عزيمتك ولا تفعل شيئا ..!!

- مثال آخر: يقول لك الشيطان اقرأ قرآن علشان يجيلك خدمة روحانية تعينك على دنياك وتساعد المسلمين ..!! وقد تكلمنا على ذلك كثيرا في هذه الرسالة .. 

- والأمثلة كثيرة .. وحيل الشيطان كثيرة مع الإنسان .. ولذلك هنا تأتي مهمة الشيخ في توجيه المريد لينتبه مما قد يظنه خير ولكن في حقيقة الأمر هو شر ..!!

***************************

..:: التحذير السابع والأربعون ::..

..:: لا تبحث عن (لماذا حدث كذا) أو لماذا (قيل لك كذا؟) ::..

- أخي الحبيب ..

- في بعض الأحيان قد تجد خاطر يلقي في نفسك آية أو اسم من أسماء الله .. وكأنك تفهم منه أن عليك أن تقوله .. أي تذكر الله بهذا الإسم او هذه الآية أو ما شابه ذلك ..

- كيف تعرف أن هذا الخاطر صحيح ؟

- ببساطة .. لو وجدت بداخلك عزيمة لقراءة هذا الإسم او الآية أو السورة .. فاعلم أنه خاطر مؤيد بتأييد ملكي .. ولذلك ستجد عزيمته في قلبك وكأنك فيك رغبة قوية لقول هذا الذكر ..

- وقد تنطفيء هذه العزيمة بعد ساعة أو يوم أو أيام .. حسب رزق الله لك في هذا العطاء فلا تحزن ولا تقلق وسلم أمرك لله .. واعلم أن نفحات الله (أي عطاياه) لا تنقطع عن عباده ..

- واحذر من تلاعب الشيطان بك .. فيأتيك ويقول لك : ياترى لماذا هذه الآية بالذات هي التي جائت في خاطرك ؟ او لماذا هذا الإسم بالذات ألقي في خاطرك لتذكر به ؟ لازم تبحث في هذا الموضوع وتسأل عنه .. لأن ده معناه كبير قوي .. في أنك مقرب من الله وعلى درجة ولاية وجند الله محيطين بك ..!!

- فانتبه يا أخي الحبيب .. واعلم أن الخواطر الإيمانية التي فيها عمل مع الله .. لا يتم السؤال عنها بقولك لماذا ؟ ولكن اعمل بهذه العزيمة التي جالت بخاطرك أن تفعلها مثل قراءة سورة أو اسم لله أو مساعدة إنسان أو أي عمل صالح حتى لو جبر خاطر .. 

- لأنك إن لم تعمل بهذه العزيمة وسألت عنها لماذا فأنت ستظل مع كلمة (لماذا) .. حتى تنحجب عنك العزيمة وينقطع عنك مدد الطاعة الذي جال بخاطرك أن تفعله .. وستظل تبحث عن لماذا ؟!!‎ لأنك إلتفت إلى كلمة لماذا فانحجبت عن العمل ..!!

****************************

..:: التحذير الثامن والأربعون ::..

..:: احذر من الملل أو الزهق أو عدم الرغبة في الذكر ::..

- أخي الحبيب ..

أحيانا بعد فترة من الذكر قد تشعر بملل أو زهق أو عدم رغبة .. في الذكر .. ولكن هذا له دلالات .. قد يكون لأنك لم تجد ثمرة لهذا الذكر في نفسك مثل رؤيا صالحة أو طمأنينة في القلب او ما شابه ذلك .. وهذا يكون لعدة أسباب منها:

1- لأنك قد تكون تجالس جماعة من الناس فتسمع منهم أنه يحدث معهم مرائي جميلة مع الذكر، ويرون النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، ويرون ناس أبيض في ابيض تظهر لهم، ويشمون بخور وقت الذكر، وما شابه هذا الكلام ..

- وبالتالي ستسأل نفسك: لماذا لا يحدث لك مثلهم ؟

 - الجواب: ومن قال لك أن ما يحدث لهم هو حق وليس باطل ؟ ومن قال لك أن كرامة الله في العطاءات الغيبية فقط ؟ أليست الصحة والستر والرضا النفسي كرامات من الله ؟!! فلماذا تنظر لما هو مجهول عنك ولا تنظر لما هو بين يديك ؟!! ولماذا تنظر إلى ما أنعم الله به على غيرك وتتعلق به حتى أنك تهمل العبادة إذا لم يحدث لك مثله ؟!! فما هذا منك إلا دليل على أنك طلبت النعمة ولم تطلب المُنعم جل جلاله ..!!

2- أنت لم تفهم مغزى العبودية .. الذي هو أن تعبد الله وتستقم معه في الدنيا وهو يكافئك على عملك في الآخرة .. ولذلك العبودية هي وظيفة عند رب العالمين .. لا يصح أن تهمل هذه الوظيفة وإلا لن تأخذ أجرك وقد تعاقب على إهمالك لها ..

- وكما قلت لك سابقا .. أن المرائي والروائح الطيبة أثناء الذكر أو مكاشفة شيئا ما أو أي ما كان من الأمور الغيبية بصفة عامة .. ليست دليل ولاية ولا علامة قرب من الله .. وإلا فإن العاقل يعلم أن المؤمن وغير المؤمن يرى ..!! وإنما الذي يختلف هو دوام الإستقامة مع الله ..  لأن هذه هي الكرامة بحق ..!!

3- قد يكون في نفسك رغبة طمع من البداية حينما بدأت تذكر لأنك تريد أن تحدث لك أمور غيبية كما يحدث للبعض .. ولذلك لم تكمل في طريق الذكر لأن نواياك من البداية لم تكن طلب الله وإنما طلب غير الله ..!!

4- وقد يحدث لك عدم الرغبة في الذكر لأسباب أخرى .. مثل الحسد أو ارتكاب معصية في حق الآخرين .. وبخصوص هذه الجزئية في عدم الرغبة بصورة مفاجئة وبداية الإنقطاع عن الذكر - راجع الجزء الحادي عشر من هذه الرسالة تحت عنوان (لماذا ينقطع الذكر عن الإنسان) ..، وراجع في هذه الرسال أيضا (التحذير الأول - اكتم حالك حتى يدوم وصالك - إياك تخبر أحد عن أذكارك أو معاملتك مع الله)

- وأكثر من هذا الدعاء النبوي الذي روي عن بن عباس عن النبي قال:(اللهم لا تُؤمِّنِّي مَكرَكَ ، ولا تَولَّنِي غَيرَكَ، ولا تَنْزَعْ عنِّي سِتْرَكَ، ولا تُنْسِنِي ذِكْرَك، ولا تَجْعَلْنِي من الغافلين) رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس .. من حديث ابن عباس دون قوله (ولا تولني غيرك) بإسناد ضعيف .

معنى : (لا تؤمني مكرك) .. بالإغترار برحمتك بلا عمل ، أو لا تجعلني أغتر بطاعتي لك حتى أنسى أن هذا من فضلك ومنِّك علي .. 

(ولا تولني غيرك) أي لا تجعل غيرك يتولى أمري ..

- وأكثر من هذا الدعاء النبوي بعد كل صلاة:(اللهمَّ أعِنِّي على ذكرِك وشكرِك وحسنِ عبادتِك) صحيح أبي داوود .

**********************

..:: التحذير التاسع والأربعون ::..

..:: الإعتقاد في النفس أنك أصبحت من الأولياء ::..

- أخي الحبيب ..

- من الأحوال الغريبة التي تحدث في النفس بعد فترة من الإلتزام بالعبادة والذكر أنك تظن في نفسك أنك أصبحت ولياً لله وأنك صاحب مكانة ودرجة .. وتنسى ماذا حدث لإبليس ..، وماذا حدث للذي أتاه الله فهم الآيات فانسلخ منها .. لأن مرض العُجب والرياء والكِبر قد استولى على قلبك .. وتيقنت في نفسك أنك صاحب الكرامة ..!!

- والبعض يبدأ رحلة البحث عن الطرق الصوفية وأحزاب العارفين والأولياء كالشاذلي والقادري والرفاعي وغيرهم رحمهم الله .. وأنت تتوهم أن في أحزابهم ستكون ولايتك .. وتنسى أن الولي لا يكون وليا لله إلا بصدق الإيمان وتقوى الله .. كما قال تعالى (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ) يونس63-62.

- ونتيجة ما ظهر في نفسك من عُجب وكبر .. يبدأ الشيطان يتلاعب بما ظهر في نفسك من إعجاب وتوهم في نفسك أنك على مكانة كبيرة عند الله بل وأنت صاحب كرامة وهذا أوان أن تقرأ أحزاب العارفين لأنك على درجة منهم .. وتذهب متصنعا الأدب عند الأضرحة وأنت طالب المدد منهم .. حتى تنسى أن صاحب المدد هو الله .. فتضل وتغوى ويصبح طلبك للعبادة ليس لله وإنما طلبا للكرامة لتكون مرائيا بعملك أمام الناس ويقولوا لك أنت صاحب الكرامة .. ويظل بك الشيطان مرشدا لك ونافخا في نفسك بالعُجب حتى تعتقد في نفسك الخيرية على كل من حولك كما قال إبليس (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) ص76.

- بل ويرتقي الأمر في نفسك من العُجب إلى الكبر عن سماع الحق عن أي إنسان ناصح أمين .. لأنك تظن في نفسك أنك صاحب المكانة والكرامة .. فيكون الكبر هو حجابك الأكبر والشيطان هو مرشدك في نفسك .. لأنك اتبعت خطوات الشيطان في العبادة كما هو فعلها سابقا مع ربه .. فتصبح مثلك كالذي قال عنه ربنا تبارك وتعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) الأعراف175..  فيبلغ بك من الإنحطاط أن تعتقد في نفسك أنك نبيا أو رسول .. فتكفر برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين .. أو على أقل تقدير قد يوهمك الشيطان أنك المهدي المنتظر ..!!

- ولكن غالب حال الناس المتعلقة قلوبهم بأحزاب الأولياء .. هم الباحثين عن الكرامة والولاية وليس عن مرضاة الله .. ويظل يوجد ظلام داخلي فيهم وفساد باطني .. لفساد نواياهم في طلب الحق سبحانه وتعالى .. ونسوا أن هؤلاء الأولياء كانت لهم مجاهدات ترتب عليها هذه الأحزاب كمكافأة لهم من الله ومددا لهم بالدعاء إلى الله ..!! ولذلك يقال فلان وارث حال الشيخ .. أي اتبع خطواته في طريقه إلى الله من مجاهدات حتى أصبحت روحه تتفق مع روح الشيخ الذي اتبعه فيدرك ما أدركه شيخه من أحوال ..

- وليس المجاهدات بقراءة الأحزاب فقط .. لا .. وإنما لا مجاهدة إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وكلام الله .. ومن يقل خلاف ذلك فهو على باطل ..!!

- وراجع في هذه الرسالة: (الجزء الخامس عشر – التحذير الخامس – اتهم نفسك وحاسبها حتى تستقيم لخالقها) ..

***************************

..:: التحذير الخمسون ::..

..:: ابتعد عن أحزاب العارفين القائمة على القصاص أو الغموض ::..

- أخي الحبيب ..

- أحيانا تدفعك نفسك إلى القراءة في بعض أحزاب العارفين من أهل التصوف القائمة على طلب القصاص من الغير .. وعلى وجه الخصوص (حزب النصر وحزب الدائرة وحزب الطمس للشاذلي – وحزب السيف للرفاعي "أو الغزالي" – والحزب السيفي المنسوب للإمام علي) .. أو يرشدك إلى الأحزاب القائمة على الغموض في ألفاظة (كالحزب الكبير والصغير للدسوقي) توهما أن فيها كرامة خاصة ..!! ولا يخفى على باحث أن هناك أحزاب منسوبة بالباطل لبعض العارفين مثل حزب (دعوة من الأسرار للجيلاني) .. وكثير من الدعوات الروحانية التي نسبها الروحانيين خدام الجن والشيطان لبعض العارفين بالباطل .. كذبا وبهتانا عليهم ..!!

- والشيطان يجد في نفسك الرغبة في الإنتقام والقصاص فيأتي إليك ويزين لك الفكرة ويؤكدها في نفسك بوجوب قرائتك لهذه الأحزاب ؟ ليه ؟

- لأنه يعلم أن هذه الأحزاب يترتب عليها حضور روحاني معين .. يتطلب ضوابط وشروط معينة والتي من أهمها طهارة القلب وصدق التوجه لله مع التفويض والإستسلام لأمر الله والعدل في الدعاء ..!! فإذا لم يظهر فيك هذه الضوابط .. فهذا سيكون سبب كافي لإفساد حياتك وقلبها رأسا على عقب .. لأنك لم تلتزم بالضوابط .. وغالبا ستكون اعتديت بالدعاء على آخرين (من إنس وجن) بهذا الحزب بما لا يستحقون .. وإنما كان يحركك الغل والكراهية للإنتقام ..

- والبعض نفسه توسوس له بقراءة أحزاب الدسوقي لما فيها من غوامض الألفاظ .. وبالتالي يتوهم أن فيها سر الولاية والكرامة .. وبالتالي لو قرأ الحزب ستأتيه الأسرار والكرامات وهيبقى من الأولياء ..!! وهذا نتيجة أنه سمع من الجهلاء أن من يقرأ هذا الحزب تظهر له الكرامات ويكون وليا لله ..!!

- في حين أن هذه الألفاظ الغريبة ليست ألفاظا وإنما هي حروف لها دلالات عليها حين يتم تركيبها مع بعضها البعض ..!! ولكن في الشريعة يجب الابتعاد عن هذه الألفاظ تقية للدين ولا تنطق إلا ما هو مفهوم لأنك ستسأل عنه أمام الله ..!!

- لذلك رجاء لا تستخدم الأحزاب السابقة على وجه الخصوص في الدعاء على أحد .. وبصفة خاصة لو حضرتك مصاب روحانيا .. علشان هتصاب بضيق وقبض في نفسك وفي بيتك بكل تأكيد .. لأنك بتكون أذيت نفسك وبيتك فعلا بجهل منك .. بل وكلما زدت في قرائتها كلما زاد الأمر عليك كرب وبلاء .. وأنت متوهم أن هناك سحر يفعل بك ذلك .. والحقيقة أنك أنت من أذيت نفسك بنفسك .. واتبعت هواك لتقتص لنفسك .. !!

- وتبرر لنفسك استخدامك لهذه الأحزاب .. أنه طالما كتبه أحد العارفين بالله فهو خير مطلق .. دون أن تعرف ضوابط قراءة هذه الأحزاب .. فحق العقاب لك .. ولا تلومن سوى نفسك .. وقد كان بين يديك كلام الله ودعاء نبيه فيهم الأمان الكامل .. ولكنك ارتضيت بغيرهما ..!!

- نصيحة:

- لا تخدع نفسك بأن فلان أعطاك الإذن بقراءة هذه الأحزاب .. لأن الإذن في هذه الأحزاب على وجه الخصوص يأتي غالبا بطريق روحاني وليس بطريق بشري ..!! ومعنى الطريق الروحاني ليس من خلال رؤية منامية .. لا يا طيب ..!! وإنما ينفعل في النفس أمور تظهر فيك كعزيمة تحرضك على قراءة هذا الحزب وتفهم من وارء هذه العزيمة ضوابط هذا الحزب وشروطه ..!!

- ما سبب انقلاب الأمر عليك لقراءة هذه الأحزاب؟

- سبب أن الأمر سينقلب عليك بخراب أو ضيق في نفسك وبيتك .. كما قلت لك منذ قليل إما لأنك لم تتحمل ما يحمله هذا الحزب من معاني جلالية .. وإما لأنك اعتديت بالدعاء على الغير بما لا يستحق فانقلب عليك الأمر .. فضلا عن مخالفتك لضوابط قراءة هذه الأحزاب المخصوصة بمهمة معينة ..!!

- فالعارفون كانوا يستخدمون أحزابهم هذه كدعاء إلى الله وقت الضرورة ضد عالم الشياطين في وقت العزلة والخلوة .. وليس ضد عالم الإنس ..

- ولا يخفى أن استخدامك لهذه الأحزاب سالفة الذكر المحرك النفسي لكثير من الناس في استخدامها هو إما طلب الكرامات أو الإنتقام .. وكلاهما فساد وخلل باطني .. ولذلك يترتب على المداومة على قراءة هذه الأحزاب ما لا يحمد عقباه .. لأن هذه الأحزاب يغلب عليها أنها أحزاب جلالية الدعاء .. ودائما أحزاب الجلال لها حضور روحاني جلالي .. وهو ما يسبب ضيق وخنقة  للإنسان الذي يقرأها لو لم يكن على مهيأ لقرائتها ..!! ثم لو كان في نفسيتك اعتداء على الآخر في الدعاء فستكون العواقب وخيمة جدا عليك .. لأنك تكون بذلك ظلمت ..!!

- ولا تخدع نفسك وتقول أنك كنت تقرأ الحزب كدعاء له بركة .. لأنك تعرف أن هذا الحزب له خصوصية انتقام أو كرامة وأنت قرأت عنها وتريد تحقيقها .. ولو كان مجرد دعاء فلماذا لم تتوسل إلى الله بكلام ودعاء نبيه .. ولماذا لم تقل يارب خذ لي حقي من فلان .. أو يارب أكرمني في ديني ودنياي.. !!

* هل قراءة الأحزاب السابقة مرة أو مرتين يسبب مشكلة ؟

- غالبا .. لا .. لأن المشاكل بالنسبة للإنسان السليم روحانيا تأتي إليه مشاكل روحانية من المواظبة على هذه الأحزاب لفترات تزيد عن عشرون يوما تقريبا .. ولكن الأمر مختلف للمصاب روحانيا .. فقد ينقلب عليه الأمر بعد ثلاثة أيام أو أقل أو أكثر .. حسب درجة المس الروحاني للمصاب واستحواذه عليه ..!!

 - تنبيه عام عن الدعاء على الغير:

- أيضا بغير الأحزاب السابقة .. حينما تدعو على شخص ظلما أو تعتدي في الدعاء عليه بما لا يتناسب مع إجرامه .. فالأمر قد ينقلب عليك .. إن كنت ظالما وتجاوزت في دعائك واعتديت بطلب ليس لك فيه وجه حق.. مثل أن يشتمك أحد فتدعو عليه بأن يسلبه الله نعمة البصر ..!! فهذا اعتداء في الدعاء لأن الشتم لا يساوي سلب نعمة البصر ..!!

- ولذلك اكتفي أن تفوض أمرك لله وقل: (حسبي الله ونعم الوكيل) .. وطالما الله هو وكيلك فهو نعم المولى ونعم النصير .. ولا تشك في هذا ..!!

****************************

* وبهذا التحذير الأخير يكون ختام الجزء الخاص بالتحذيرات .. وبعده إن شاء الله .. ننتقل للجزء الأخير من هذه الرسالة وهو خاص ببعض الأحوال التي قد تحدث للذاكر وقد يفهمها خطأ أو قد تؤدي به إلى انحراف إن لم ينتبه ..!!

***************************

:: الجزء السابع من تقسيم الرسالة ::

..:: أحوال مع كثرة الذكر فاحذر أن تفهمها خطأ ::..

***************************

..:: الفصل الأول ::..

**************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..