ج28: رسالة التعريف بأحوال الذاكرين في طريق الإيمان - الذنوب يتم عرضها أمام عينك أو تتذكرها في نفسك - كيف أفرق بين خاطر الشيطان وخاطر الملائكة في مسألة رؤية الذنوب - انقلاب الصور الإنسانية وتغير التفكير في نظرتك للحياة لتكون مع الله - كيف نعرف أن اختلاف الصور ليس عن فعل الشيطان - هكذا رأيت شكل النفس أيام العزلة - حالة من الحب يصاحبها سخونة في الصدر وحرارة في القلب - كيف أفرق بين حال الشيطان وحال الإيمان في مسألة محبة الله - لمحات من حياتي: أحكي لك موقف حدث معي أيام العزلة : (بحبك يارب).

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء الثامن والعشرون)

2- أحوال تحدث للذاكرين في طريق الإيمان -

* فهرس :

::الجزء الثامن والعشرون:: أحوال تحدث مع الذاكرين الله كثيرا ..

:: الفصل الثاني ::

1- من الأحوال: الذنوب يتم عرضها أمام عينك أو تتذكرها في نفسك ؟

2- كيف أفرق بين خاطر الشيطان وخاطر الملائكة في مسألة رؤية الذنوب؟

3- من الأحوال: انقلاب الصور الإنسانية وتغير التفكير في نظرتك للحياة لتكون مع الله ؟

4- كيف نعرف أن اختلاف الصور ليس عن فعل الشيطان ؟

5- لمحات من حياتي: هكذا رأيت شكل النفس أيام العزلة ؟

6- من الأحوال: حالة من الحب يصاحبها سخونة في الصدر وحرارة في القلب ؟

7- كيف أفرق بين حال الشيطان وحال الإيمان في مسألة محبة الله ؟

8- لمحات من حياتي: أحكي لك موقف حدث معي أيام العزلة : (بحبك يارب) ؟

***************************

(تابع: الجزء السابع من تقسيم الرسالة)

:: الفصل الثاني ::

.. أحوال تحدث مع الذاكرين الله كثيرا ..

*******************************

(1)

..:: 1- من الأحوال: الذنوب يتم عرضها أمام عينك أو تتذكرها في نفسك ::..

- أخي الحبيب ..

- من الأحوال التي تحدث معك في بدايات الذكر .. هو أنك تجد الذنوب التي فعلتها يتم عرضها في نفسيتك أو كخاطر يذكرك بها بشدة .. وقد تأتي بتفاصيلها أمام عينك أو في نفسك أو تتذكرها .. وكأنك فعلتها بالأمس ..!!

- وهذا الحال قد يكون بسبب شيطاني أو ملائكي ..

1- أما السبب الشيطاني: فهو إرادتك أن تيأس في طريق الإيمان مع الله .. وكأنه يقول لك كيف سيغفر الله لك ما فعلته .. أنسيت كذا وكذا وكذا .. حتى يصيبك بإحباط وترجع عن طريق الذكر .

2- سبب ملائكة: وهو توجيهك إلى أن لا تنسى ما كنت عليه سابقا حتى لا تعتقد في نفسك أنك على خير فيصيبك عجب ورياء .. ولذلك تنبهك الملائكة بماضيك .. حتى يحدث لك إنكسار فتتأدب مع مولاك .. ويظهر عليك حالين في هذا المشهد .. وهو أن تخاف من الله عقابه وفي نفس الوقت ترجو من الله عفوه وغفرانه ..

************************

..:: والسؤال الآن: كيف أفرق بين خاطر الشيطان وخاطر الملائكة في مسألة رؤية الذنوب؟ ::..

 - أخي الحبيب ..

- قد يراودك السؤال السابق فتسأله .. ويتبين لك الفرق من خلال الآتي:

1- إذا وجدت في نفسك عزيمة على العمل مع الله .. أي كلما تذكرت ذنوبك التي فعلتها .. وبكيت منها أو أصابك ندم عليها .. وترتب على ذلك عمل مع الله بالاستغفار وفعل أعمال صالحة في محاولة منك لتصحيح ما كنت فعلته .. فاعلم حينئذ أنه أتاك من الله من يذكرك بمقام التوبة وطلب الغفران .. ولذلك جاءك معها مدد في نفسك بالعمل مع الله ..

2- وإن ترتب على هذا الخاطر أنك تراجعت عن الذكر وعن العبادة .. فاعلم أنه شيطان وانك تأثرت به ونجح أن يؤثر فيك بالباطل .. لأنه وجد في نفسك أنك غير مؤمن بيقين أن الله غفور رحيم ..

********************************

(2)

..:: 2- من الأحوال: انقلاب الصور الإنسانية وتغير التفكير في نظرتك للحياة لتكون مع الله ::..

- أخي الحبيب ..

- من الأمور التي تحدث لك مع استمرارك على الذكر .. وغالبا ما يحدث ذلك بعد مرور عدة أشهر من المداومة على الذكر ويقين القلب في الله .. وهو أنك تجد صور الناس تنقلب في صدرك .. فتجد أن من كنت تحسبه على حق ستجده على باطل .. والذي كنت تظنه على باطل ستجده على حق .. ولكن كيف هذا ؟

- يحدث هذا الأمر بحدوث قبض وعدم رغبة في الوقوف مع من كنت ترغب في الوقوف معه سابقا .. وستجد كأن هناك شيئا في داخلك يريد أن يبعدك عن هذا الشخص .. بالرغم من أنك تجد في ظاهره علامات الصلاح ..!!

- ماذا تفعل في هذا الموقف ؟

- لو انقلبت الصور أمام عين قلبك .. وأصبحت ترى من كنت تحسبهم على خير أن لهم نفورا في صدرك .. فابتعد عنهم في صمت وهدوء .. واعلم أن حالتك القلبية حينئذ لا تتفق مع هؤلاء .. يعني كيمياء روحك أصبحت لا تتفق مع كيمياء أرواحهم .. يعني ببساطة تجنبهم وقل سلام ..!!

- وإياك أن تخبر أحد بما جال في صدرك تجاه أحد .. ولكن إن سألك أحد لماذا ابتعدت عن فلان أو هذه الجماعة أو هذا المسجد .. فقل له لظروف خاصة بك .. ونحسبهم على خير ..!! وتوقف عند هذا الحد .

- والغريب أنك في هذا الحال .. ستجد بعض من كنت تحسبهم على سوء وتنظر لهم نظرة سوء .. أنك تطمئن لهم .. بالرغم من أن ظاهرهم قد تجده فيه تبرج أو متعلق بالدنيا .. أن في داخله خير ولا يحدث في داخلك نفور ناحيته ..!!

* ولكن ما الذي حدث في نفسيتك حتى تنقلب الصور فيها ؟

- ببساطة .. لما أصبحت مريدا للحق .. وتطلبه بحق .. وترجوه بحق .. وتذكره بحق .. فأصبح الحق صفة غالبة فيك فانمحى جانب من الباطل أو جانب من الغمامة التي كانت في نفسك .. فأدركت ما لم تكن تدركه من قبل .. فبات لديك بصيرة من نور في قلبك مستمدة من نور الحق .

- لذلك الإيمان الصادق مع ذكر الله في القلب يقلب صور الأشياء عما كانت عليه من قبل في كثير من الأمور .. وترى ما لا يراه الآخرون .. فتجد الكافر الذي أصبح مؤمنا يهجر ما كان عليه سابقا وينفر منه بالرغم من أنه كان سابقا يعتقد أن كفره هو الحق .. !!

1- مثال ذلك: قوله تعالى:(لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة22.

- فما الذي قطع الود من قلوب هؤلاء المؤمنين تجاه أقرب الناس إليهم .. وتحولوا ضدهم ؟!! إنه رؤية نور الحق الذي أبصروا به الباطل في غيرهم .. ولذلك تحولوا ضدهم بعد أن كانوا معهم ..!!

2- ومثال آخر: في قصة إسلام ثمامة بن أثال وقد تم أخذه أسيرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. وكان في داخله بغض شديد للنبي وبعد ثلاث أيام من حبسه في المسجد ورؤيتة لمعاملة النبي مع أصحابة والإحسان إليه كأسير .. فقد أمر النبي بإطلاق سراحه بالعفو عنه بلا أي شرط .. فانقلب حال ثمامة وقال: (أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، يا مُحَمَّدُ، واللَّهِ ما كانَ علَى الأرْضِ وجْهٌ أبْغَضَ إلَيَّ مِن وجْهِكَ، فقَدْ أصْبَحَ وجْهُكَ أحَبَّ الوُجُوهِ إلَيَّ، واللَّهِ ما كانَ مِن دِينٍ أبْغَضَ إلَيَّ مِن دِينِكَ، فأصْبَحَ دِينُكَ أحَبَّ الدِّينِ إلَيَّ، واللَّهِ ما كانَ مِن بَلَدٍ أبْغَضُ إلَيَّ مِن بَلَدِكَ، فأصْبَحَ بَلَدُكَ أحَبَّ البِلَادِ إلَيَّ ...) صحيح البخاري .

- وكأنه كان في اتخاذه أسيرا .. كرامة له بالإيمان .. وإدراك الحق ..!! وصدق الله تعالى إذ يقول: (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) النساء19.

- وصور الأشياء لا تنقلب فقط في رؤيتك للناس .. ولكن في كل أمور الحياة .. لأنك أصبحت مدركا الحق بالحق .. فمثلا تجد شخص كان أكبر همه هو أن يصرف المال على نفسه ويستمتع به .. فلما يتحرك الإيمان في قلبه تجده يسخر هذا المال في علاقته مع الله .. وهكذا تنقلب صور الأشياء في ظاهرك وباطنك .. لأن الحق تجلى في صدرك بنوره .. فأصبحت ترى الأمور بعين الحق وليس بعين رأسك .. !!

3- علشان كده كلما تعلقت بالله كلما أبصرت الحقائق من حولك .. وإدراك الحقائق لا يتم إلا بالتسليم لله حتى يبصرك بالحقائق .. لذلك يقول لك تعالى (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) البقرة216 .

- وهذه الآية توضح لك أن هناك حقائق في الوجود قد تكون مغلفة بأغلفة أو أقنعة .. يختبيء ورائها حقائق أخرى .. فما تحسبه خير قد تجده شر .. وما تحسبه شر قد تجده خير .. !! ولذلك تعلق بالحق جل جلاله حتى يبصرك بالحقيقة .

4- مثال أخير: قصة مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر:

- عن سهل بن سعد قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ التَقَى هو والْمُشْرِكُونَ، فاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلى عَسْكَرِهِ، ومالَ الآخَرُونَ إلى عَسْكَرِهِمْ، وفي أصْحابِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ لا يَدَعُ لهمْ شاذَّةً إلَّا اتَّبَعَها يَضْرِبُها بسَيْفِهِ، فقالوا: ما أجْزَأَ مِنَّا اليومَ أحَدٌ كما أجْزَأَ فُلانٌ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أما إنَّه مِن أهْلِ النَّارِ، فقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أنا صاحِبُهُ أبَدًا، قالَ: فَخَرَجَ معهُ، كُلَّما وقَفَ وقَفَ معهُ، وإذا أسْرَعَ أسْرَعَ معهُ، قالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بالأرْضِ وذُبابَهُ بيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ علَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسولُ اللهِ، قالَ: وما ذاكَ؟ قالَ: الرَّجُلُ الذي ذَكَرْتَ آنِفًا: أنَّه مِن أهْلِ النَّارِ، فأعْظَمَ النَّاسُ ذلكَ، فَقُلتُ: أنا لَكُمْ به، فَخَرَجْتُ في طَلَبِهِ حتَّى جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فاسْتَعْجَلَ المَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بالأرْضِ وذُبابَهُ بيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ عليه فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ فِيما يَبْدُو لِلنَّاسِ، وهو مِن أهْلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ النَّارِ فِيما يَبْدُو لِلنَّاسِ، وهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ) صحيح مسلم.

- معنى (شاذة): أي لا يترك شيئا يواجهه امام اليهود إلا قضى عليه سواء كان إنسان أو غير ذلك ..!!

- معنى (فقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أنا صاحِبُهُ): قال رجل من الحاضرين للبعض .. سألازم هذا الرجل الذي قال عنه النبي أنه من أهل النار حتى أتبين الأمر حقيقة قول النبي فيه .. لماذا قال ذلك عنه؟

- تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فيما يبدو للناس) .. !!

- وهذا يعلمك أن أحيانا تكون المظاهر خادعة وعليها أقنعة .. وإذا أردت الحقيقة فعليك بأن تستمدها من الحق جل جلاله .. حتى ترى بالحق وتسمع بالحق .. وهذا لن يكون إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في ظاهرك وباطنك .. وإخلاص المحبة لله حتى يحبك فيمدك منه بنور الحق في قلبك .. والعاقبة للمتقين .

***************************

..:: كيف نعرف أن اختلاف الصور ليس عن فعل الشيطان ؟ ::..

- أخي الحبيب ..

- قد تتسائل في نفسك وتقول: ما الذي يضمن أن الخاطر الذي جاء في بالي أن ابتعد عن فلان .. هو خاطر صحيح وليس عن وسوسة شيطان ؟ خاصة وأن الممسوسين يتلاعب بهم الشيطان في هذه المسألة ويوهمهم مثلا بأن فلان هو من يؤذيهم ؟!!

- الجواب:

- لعلك لم تنتبه لما ذكرته لك سابقا .. فانتبه لألفاظي جيدا .. فلم أقل أن هذا خاطر .. يعني لا يوجد حوار أو حتى ولو كلمة واحدة .. وإنما يحدث فقط حالة قبض تمنعك من الوقوف مع فلان .. دون أن تجد أي مبررات لذلك ..!! فضلا عن أنك تكتمه في نفسك ولا تخبر به أحد إلا لو كان شيخا لك تثق به من باب الإستشارة في الأمر ..!!

- وحالة القبض الإيماني هذه لا يستطيع الشيطان أن يفعلها في النفس المؤمنة المتعلقة بالله .. لأن هذه الحالة يترتب عليها الابتعاد عن أهل الإنحراف سواء دينيا أو دنيويا .. وتكسبك راحة وسكينة في البعد عنهم ومزيد عمل مع الله ..

- وحالة القبض عموما تحدث مع كثير من الناس .. فأنت قد ترى إنسان ولكن لا ترتاح له أو تشعر ناحيتة بعدم طمأنينة .. بالرغم من أنك لم ترى منه إلا كل خير ..!! ولكن القلوب لها مراسيل تنبيه أنت لا تدركها ..!!

- والمؤمن إذا انقبض عن البعض .. إلا أنه يتم له عمل حالة بسط إيماني .. مع الذين يستقيم قلبه إيمانيا بتواجده معهم من المشايخ أو الكتب التي يقرأها أو الناس الذين يقابلهم في حياته .. حتى ولو كان ظاهرهم أنهم ليسوا بالمظهر الديني المطلوب .. ولكنه يعلم بأن هؤلاء فيهم خير ..!!

- وسيأتيك مزيد تفصيل عن حال القبض والبسط .. إن شاء الله تعالى ..

- أما عن الممسوسين بالجن .. فغالبا يأتيهم هواتف أو خواطر أو كشف تخيلي بأن فلان هو من يؤذيك ويفعل بك .. ويحرك فيك دافع الكراهية والغل ليجعلك تحمل إثما في قلبك باعتقادك بالباطل في ما ظننته في الآخر ..!!

- وفي مراحل كشفية للقلب .. قد يبصرك الله بحقائق عن نفوس ناس معينة قد أذتك في حياتك ولم تكن تعلمهم .. ولكن حتى تعلم أن هذا من الله .. فاعلم أنك لن تجد في نفسك ولو واحد في المائة كراهية لمن تكتشف حقيقته .. لأنك ببساطة تكون في حالة سلام مع الله .. ولا تبالي بمن فعل ولماذا فعل .. لأنك لا ترى سوى الله فاعل .. فلم تعد تبالي بما يحدث من حولك ...!!

- وغالبا يأتي هذا الكشف القلبي عن هؤلاء الذين أذوك لتدعو لهم بالغفران ومسامحتهم .. وليس لتبتعد عنهم أو تحمل منهم في نفسك .. لأنك لو حملت في نفسك ناحيتهم .. فاعلم أنك سقطت من نظر الله في هذه اللحظة ..!!

- فانتبه لما قلته لك من فروق .. لأنها أمور دقيقة جدا ومتشابهة .. وقد لا تجد من يخبرك به .. !!

- على فكرة .. قد يكشف لك في هذا الحال حقائق عن نفوس بعض الناس خاصة الذين يزعمون أنهم مشايخ ورجال دين أو روحانيين وأولياء وما شابه من ينتمي للناحية الدينية ..!!

- وعموما .. ما أقبح أن ترى حقيقة نفس أمامك ..!!

*****************************

..:: لمحات من حياتي: واقعة حدثت معي أيام العزلة ::..

- من كثرة ما رأيته من قبيح أفعال نفوس البعض بالرغم من أن عمري كان في حدود الثامنة عشر آنذاك .. فقد طلبت من الله أن يريني شكل هذه النفس كيف تعمل مع الإنسان .. وبعد فترة رأيت ما سأحكيه لكم حسب ما أذكر ..

- فرأيت في حال اليقظة .. كأن جسم إنسان جالس أمامي ولكن بطنه وظهره كأنه يشف ما هو خلفه .. ورأيت مثل أفعي سوداء تسكن في داخل هذا الجسم .. وكلما خالف هذا الجسم رغبة فيما كان يعتاده .. فإنها تبدأ بالإنزعاج وتبخ شيء مثل السم فيك ولكنه في هيئة هواء .. لتعود إلى ما كنت تفعله .. وسم النفس مثل الهواء الذي يملأ الجسم في الرئتين .. ولا خلاص لك منها إلا بقهرها وعدم الخضوع لها .. وبالنسبة للمؤمن خلاصه من نفسه يكون بالله ..

- وحينما يريد الشيطان أن يحرك أفعى النفس .. فيلقي فيها خاطر الشهوة .. فتبدأ هذه الأفعي تتحرك على مواقع في الجسم لتحرك فيه الشهوة .. سواء شهوة طعام أو جنس أو كبر أو عجب او رياء أو غير ذلك .. وأنت إما أن توافق وإما أن ترفض .. وهذه وظيفة العقل ..!!   

- والله أعلم بحقيقة ما يخلقه ..!!

****************************

(3)

..:: 3- من الأحوال: حالة من الحب يصاحبها سخونة في الصدر وحرارة في القلب ::..

- أخي الحبيب ..

- أحيانا مع كثرة الذكر على مدى الشهور .. يظهر عليك حال مفاجيء .. وهو حالة حب داخلية فيك لله .. وكان صدرك فيه نار تدفعك لأن تفعل أي شيء في هذه اللحظة لتكون مع الله حتى ولو ستموت .. فانت لا تبالي .. لأنك في هذه اللحظات باطنك يصرخ قائلا: بحبك يارب .. !!

- ولكن ما يفسد عليك هذا الحال .. هو أن يتسلط عليك الشيطان في هذه اللحظة ويستغلها لصالحه .. كيف ذلك ؟!!

- لمحات من حياتي: أحكي لك موقف حدث معي أيام العزلة:

- ذات يوم من غلبة الحب عندي حتى اشتعل نارا في صدري .. وشعرت كأن قلبي يفور دما بقوة وجسمي أصبح وكأنه ساخن بشدة من شدة الحب .. وشعرت كأن شيئا يدفعني للنزول إلى الشارع والذهاب إلى البحر (لأنه بجواري) واخلع قميصي .. وأنزل في البحر لأطفيء هذه النار .. وحالي يقول : بحبك يارب .. بحبك يارب ..

- هذا هو السيناريو الذي دار في خيالي في هذه اللحظة ..

- فانتبهت لحالي على خاطر يقول لي: ليس هذا حال النبي صلى الله عليه وسلم .. واستعذ بالله حتى تثبت وتنطفيء نارك ..!! ففعلت وانطفأت هذه المشاعر الحارقة التي كانت في صدري والتي كانت في أصلها لم تكن تحمل سوى كلمة : بحبك يارب .. !!

- ولكن أدركت فيما بعد أن الشيطان استولى على هذه المشاعر وقام بزيادتها لأفعل أمورا تشبه أمور المجانين .. فضلا عن كونها وسيلة بعد ذلك لأزعم أن هذه أحوال المحبين .. وفي الحقيقة ليست أحوال المحبين وإنما أحوال المنحرفين ..!!

***************************

..:: كيف أفرق بين حال الشيطان وحال الإيمان في مسألة محبة الله ؟::..

- أخي الحبيب ..

- قد تتسائل: عن محبة أهل الله التي يتشابه بعضها مع ما سبق مثل سخونة الصدر وحرارة القلب نتيجة الحب .. فكيف نفرق بينهما؟

- الفارق بين الحالين .. هو الثبات مع السكينة ..

- حيث أن المحبة الإيمانية .. تأتيك بحرارة في القلب وسخونة في الصدر من قوة الذكر أو شدة الشوق .. إلا أنه يصاحبها سكينة لا تخرجك عن ثباتك أبدا .. ولا تجعلك تفعل أفعالا فيها مخالفة لحال النبي ولا للشرع عموما ..

*************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..