ج30: رسالة التعريف بأحوال الذاكرين في طريق الإيمان - حال دوام اليقظة مع الذكر حتى تشعر وكأنك سيصيبك جنون من ندرة النوم - ما السبب الذي يجعلك لا تنام مع الذكر الكثير ولو نمت فتنام قليلا - حال الصمت والإنطواء - لا تتعجب من تأييدك بالملائكة - من هم الملائكة السياحين والسيارة والطوافة - هل يوجد روحانيات في الإسلام - هل يوجد حضور الملائكة للذاكرين لله في حالهم منعزلين عن الناس - جماعة الجهلاء ومصطلح (الروحانيات في الإسلام).

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء الثلاثون)

4- أحوال تحدث للذاكرين في طريق الإيمان -

* فهرس :

::الجزء الثلاثون:: أحوال تحدث مع الذاكرين الله كثيرا ..

:: الفصل الرابع ::

1- من الأحوال: حال دوام اليقظة مع الذكر حتى تشعر وكأنك سيصيبك جنون من ندرة النوم ؟

2- ما السبب الذي يجعلك لا تنام مع الذكر الكثير ولو نمت فتنام قليلا ؟

3- من الأحوال: الصمت والإنطواء ؟

4- لا تتعجب من تأييدك بالملائكة ؟

5- من هم الملائكة السياحين والسيارة والطوافة ؟

6- هل يوجد روحانيات في الإسلام ؟

7- هل يوجد حضور الملائكة للذاكرين لله في حالهم منعزلين عن الناس ؟

8- جماعة الجهلاء ومصطلح (الروحانيات في الإسلام) ؟

***************************

(تابع: الجزء السابع من تقسيم الرسالة)

:: الفصل الرابع::

.. أحوال تحدث مع الذاكرين الله كثيرا ..

*******************************

(6)

..:: 6- من الأحوال: حال دوام اليقظة مع الذكر حتى تشعر وكأنك سيصيبك جنون من ندرة النوم !!  ::..

- أخي الحبيب ..

- من الأحوال التي قد تصادفك مع كثرة الذكر بعد فترات طويلة من الاستمرار عليه .. هو أنك لا تستطيع أن تنام .. ولو نمت فنومك يكون قليلا جدا ثم تنهض نشيطا وكأنك نمت طويلا ..!!

- لمحات من حياتي:

- في فترة العزلة (وهي فترة الذكر بكثافة) .. كنت لا أستطيع النوم إلا بالمحايلة على نفسي بالإكراه لأنام .. واحيانا قد أوصل الأيام بلا نوم حتى أكاد أخبط رأسي في الحائط لأنام .. ليس لأني أريد النوم .. ولكن لأني كنت أخشى على عقلي من دوام الصحو ..!!

- وحتى حينما أنام فأجد نفسي انهض بعد دقائق .. وقد وصل بي الحال في مراحل متقدمة مع الذكر .. أنني كنت أنام تسعة دقائق .. ثم أفيق وكأنني نمت ليلا بأكمله ..!!

- وحتى أستطيع النوم فكنت أستخدم هذا الدعاء .. الذي روي عن زيد بن ثابت حيث قال: (شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرقًا أصابني؛ فقال: "قل: اللهمّ، غارت النجوم، وهدأت العيون، وأنت حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم، يا حي، يا قيوم، أَهْدِأْ ليلي، وأنم عيني" .. فقلتها؛ فأذهب الله - عَزَّ وَجَلَّ - عني ما كنت أجد) رواه الطبراني وأبو يعلى .. وقال البوصيري إسناده ضعيف .. وقال الهيثمي: وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك .. وقال الألباني: ضعيف جدا ..

- أو أدعو بهذا الدعاء .. الذي روي عن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي الله عنه قال: جاء خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما أنام الليل من الأرق فقال: (إذا أويت إلى فراشك فقل اللهم رب السموات السبع والأرضين السبع كن لي جاراً من شر شياطين الجن والإنس أن يفرط علي أحدٌ منهم أو أن يطغى، عز جارك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك) رواه الترمذي وقال:ليس بالقوي .. وذكره الألباني في ضعيف الترمذي.

- ولكن للحديث السابق شاهد صحيح ولكنه مرسل .. عن عبد الرحمن بن سابط: أن خالد بن الوليد أصابه أرق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن نمت ؟ قل : اللهم رب السماوات السبع وما أظلت ورب الأرضين وما أقلت ورب الشياطين وما أضلت كن لي جارا من شر خلقك أجمعين أن يفرط علي أحد منهم أو يطغى عز جارك وتبارك اسمك) رواه الطبراني في الأوسط .. وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من خالد بن الوليد..، وقال بن حجر في نتائج الأفكار: هذا مرسل صحيح الإسناد ..

- وعبد الرحمن بن سابط هو تابعي صغير وأبيه صحابي ..

- معنى (الأرق): هو السهر وعدم القدرة على النوم لأي سبب كان ..

- معنى (أقلت) : أي كل ما حملته الأرض من نبات وأحجار ومياه وحيوان وأنسان وجن وملائكة .. وغير ذلك مما يندرج مكانه على الأرض ..

- معنى (يفرط): أي يعتدي علي بغير وجه حق ..

- معنى (جارا) : أي معينًا ومانعًا ومعيذا وحافظًا ..

- معنى (عز جارك): أي كل من يلجأ إليك فهو في عزٍ بحفظك له لأنك العزيز جل جلالك ..

* وكما قلنا سابقا أن العمل بالحديث الضعيف لا مانع منه في فضائل الأعمال طالما لا يخالف عقيدة .. والعمل به هو عمل كثير من الأمة سلفا وخلفا .. وإنما يروى الحديث بصيغة التضعيف لمعرفة أنه حديث ضعيف .

*****************************

..:: ما السبب الذي يجعلك لا تنام مع الذكر الكثير ولو نمت فتنام قليلا ؟ ::..

- أخي الحبيب .. 

- كلما زاد الذكر وقلت المعاصي وقلت مطامع ورغبات النفس .. كلما طالت مجالسة الملائكة معك وصاحبتك .. ولذلك أنت تقتبس من أنوارهم دون أن تدري .. فتصبح وكأنك على شاكلتهم لا تنام مثلهم .. لتظل في حال دائم مع الله ..  

- وكأنها مكافأة لك على إخلاصك في علاقتك مع الله .. لأن النوم يضيع عنك الكثير من الأوقات بلا داعي .. وبسبب جود هذه الملائكة بجوارك .. فكأنه يتم شحنك بعزيمة نورانية غير المعتاد أنت عليه في الطبيعي كإنسان .. فتصبح يقظ فترة طويلة حتى تذكر الله أطول فترة ممكنة أو تعمل أعمالا صالحة أطول فترة ممكنة .. كما أنت جعلت عزيمتك هو طلب الله .. فكان جزاء الإحسان هو الإحسان ..

- وكما قلنا سابقا .. في الحديث :(مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمَّا تَشْتَرِيهِ، أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أوْ ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً) صحيح البخاري.

- فما بالك من هو جليسه الملائكة .. ألا يناله من أنوارهم نور .. وإلا فلماذا يؤيد الله بهم عبده المؤمن ويجعلهم يجالسوه ؟!!

* وقد تتسائل وتقول: طالما الملائكة تعلم أن طول الصحو للإنسان دون نوم له أثر سلبي على الإنسان .. فلماذا لا يتركونه فترة لينام ؟

- الجواب:

- ببساطة .. حتى لا تتعلق بحضور الملائكة ولا تعتقد فيهم أن لهم مدد من ذاتهم وإنما هم من الله ولا حيلة لهم معك سوى ما يأمرهم به الله ..

- فحينما يحدث معك ما يحدث .. فهذا حتى لا تترك عبوديتك لله في كل الأوقات .. وتلجأ دائما إلى من بيده جلب النفع لك ودفع الضر عنك .. هو الله .. لأنه هو مولاك وليس الملائكة ..!!

- فافهم تربية الله لك كيف تكون .. يحفظك الله ..!! فهو الذي يمدك لأنه هو ربك ..

*****************************

(7)

..:: 7- من الأحوال: الصمت والإنطواء ::..

- أخي الحبيب ..

- أحيانا مع كثرة الذكر .. تحدث لك حالة من عدم الرغبة في الكلام مع أحد ويحدث لك انطواء مؤقت .. وهذا أمر طبيعي جدا .. لأن روحانيات الذكر (الملائكة) تؤيدك في طريقك إلى الله .. فتجعلك تبتعد عن الناس والأماكن التي قد يصيبك من ورائها ذنوب أو يترتب عليها حجاب بين قلبك وبين الله ..!!

- وكثرة الصمت .. لترويض اللسان وقهره على أن لا ينطق إلا بحق .. فضلا عن أن الصمت هو بداية باب الحكمة وتلقي الخواطر الصادقة ..

- والإبتعاد عن الناس .. حتى تعتاد الأُنس بالله بدلا من الأنس بغيره ..

- لذلك قال عقبة بن عامر للنبي صلى الله عليه وسلم:(قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ ما النَّجاةُ؟ قال: أمسِكْ عليْكَ لسانَكَ، وليسعْكَ بيتُكَ، وابْكِ على خطيئتِكَ) صحيح الترمذي.

- والله أعلم .

******************************

..:: لا تتعجب من تأييدك بالملائكة ::..

(من هم الملائكة السياحين والسيارة والطوافة ؟)

 (وهل يوجد روحانيات في الإسلام)

- أخي الحبيب ..

- حتى يطمئن قلبك بوجود روحانيات في الإسلام يؤيدك الله بها .. بخلاف ما قاله بعض المشايخ افتراء في شريعة الله وجهلا بها .. أنه لا يوجد روحانيات في الإسلام .. !!

- وقد ذكرت لك كثير من الأدلة التي ستجدها مستوفاة إن شاء الله تعالى في رسالة الروحانيات في الإسلام .. وفي رسالة الغيب .. وأنقل إليك بعضا منها:

1- يقول تعالى: (أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ) المجادلة22 ... فليس بالضرورة أن ترى الجنود حتى تؤمن بتأييد الله لك .. وإنما بالضرورة أن تؤمن بالله بيقين حتى ترى فضل الله عليك .. من خلال يقينك به .

2- وأبسط دليل من السيرة النبوية على تأييد الملائكة لك .. في حال إلتزامك مع الله واتباع نبيك:

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أنَّ رَجُلًا شتَمَ أبا بَكرٍ والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جالِسٌ، فجعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعجَبُ ويتَبَسَّمُ، فلمَّا أكثَرَ؛ رَدَّ عليه بَعضَ قَولِه، فغضِبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقامَ، فلَحِقَه أبو بكرٍ، فقال: يا رسولَ اللهِ، كان يَشتِمُني وأنتَ جالِسٌ، فلمَّا ردَدتُ عليه بَعضَ قَولِه غضِبتَ وقُمتَ! قال: إنَّه كان معكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عنكَ، فلمَّا ردَدتَ عليه بَعضَ قَولِه؛ وقَعَ الشَّيطانُ، فلم أكُنْ لِأَقعُدَ مع الشَّيطانِ) رواه البزار والطبراني .. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح‏ ..، وذكره الألباني في الصحيحة بأن إسناده جيد ..، وقال الأرنؤوط في تخريج أعلام النبلاء: حسن.

3- أما عن حضور الملائكة ومجالستهم مع الذاكرين الله ..

- عن أبي هريرة أن النبي قال ( لا يقعدُ قومٌ يذكرون اللهَ عز وجل إلا حفَّتْهم الملائكةُ ، وغشيتْهم الرحمةُ ، ونزلتْ عليهم السكينةُ ، وذكرهم اللهُ فيمن عنده ) صحيح مسلم .

- وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسم قال: (إنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ .. فإذا وجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنادَوْا: هَلُمُّوا إلى حاجَتِكُمْ قالَ: فَيَحُفُّونَهُمْ بأَجْنِحَتِهِمْ إلى السَّماءِ الدُّنْيا قالَ: فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ، وهو أعْلَمُ منهمْ، ما يقولُ عِبادِي؟ قالوا: يقولونَ: يُسَبِّحُونَكَ ويُكَبِّرُونَكَ ويَحْمَدُونَكَ ويُمَجِّدُونَكَ قالَ: فيَقولُ: هلْ رَأَوْنِي؟ قالَ: فيَقولونَ: لا واللَّهِ ما رَأَوْكَ؟ قالَ: فيَقولُ: وكيفَ لو رَأَوْنِي؟ قالَ: يقولونَ: لو رَأَوْكَ كانُوا أشَدَّ لكَ عِبادَةً، وأَشَدَّ لكَ تَمْجِيدًا وتَحْمِيدًا، وأَكْثَرَ لكَ تَسْبِيحًا قالَ: يقولُ: فَما يَسْأَلُونِي؟ قالَ: يَسْأَلُونَكَ الجَنَّةَ قالَ: يقولُ: وهلْ رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ: لا واللَّهِ يا رَبِّ ما رَأَوْها قالَ: يقولُ: فَكيفَ لو أنَّهُمْ رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ: لو أنَّهُمْ رَأَوْها كانُوا أشَدَّ عليها حِرْصًا، وأَشَدَّ لها طَلَبًا، وأَعْظَمَ فيها رَغْبَةً، قالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قالَ: يقولونَ: مِنَ النَّارِ قالَ: يقولُ: وهلْ رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ: لا واللَّهِ يا رَبِّ ما رَأَوْها قالَ: يقولُ: فَكيفَ لو رَأَوْها؟ قالَ: يقولونَ: لو رَأَوْها كانُوا أشَدَّ مِنْها فِرارًا، وأَشَدَّ لها مَخافَةً قالَ: فيَقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قدْ غَفَرْتُ لهمْ قالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلائِكَةِ: فيهم فُلانٌ ليسَ منهمْ، إنَّما جاءَ لِحاجَةٍ. قالَ: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقَى بهِمْ جَلِيسُهُمْ) صحيح البخاري.

- وفي رواية بلفظ:(إن لله ملائكةً سيَّاحين في الأرضِ فضلاً عن كُتَّابِ الناسِ فإذا وجدوا أقوامًا يذكرون اللهَ تنادوْا هلُمُّوا إلى بُغيتِكم فيجيئون فيحُفُّون بهم إلى السماءِ الدنيا ..، فيقولُ اللهُ: أيِّ شيءٍ تركتم عبادي يصنعون فيقولون تركناهم يحمدونَك ويمجدونَك ويذكرونَك ......) صحيح الترمذي .

- وفي رواية بلفظ (إنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً، فُضُلًا يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فيه ذِكْرٌ قَعَدُوا معهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بأَجْنِحَتِهِمْ، حتَّى يَمْلَؤُوا ما بيْنَهُمْ وبيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إلى السَّمَاءِ ..، قالَ: فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهو أَعْلَمُ بهِمْ: مِن أَيْنَ جِئْتُمْ؟ فيَقولونَ: جِئْنَا مِن عِندِ عِبَادٍ لكَ في الأرْضِ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ .... ) صحيح مسلم.

- للمزيد ارجع إلى (رسالة الروحانيات في الإسلام – أ/ خالد أبوعوف) ..

**********************************

..:: هل يوجد حضور الملائكة للذاكرين لله في حالهم منعزلين عن الناس !! ::..

- أخي الحبيب ..

- قد يجول بخاطرك .. أن الأحاديث السابقة تتحدث عن مجالس الذكر الجماعي هي التي تحضرها الملائكة دون الذاكرين الله في عزلة عن الناس .. كمن يذكر في غرقته أو الشارع أو ما شابه ذلك ..

* قلت لك:

- أنت لم تنتبه للحديث جيدا ..

أولا:- قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ) .. وأهل الذكر قد يكونوا فرادى أو مجتمعين ..، أما عن الرواية التي بلفظ (مجالس الذكر) .. الذكر على إطلاقه سواء كان مجلس جماعي أو فردي ..

- ونجد أن الحديث أشار في بدايتة لحقيقة مطلقة وهي أن هناك ملائكة يبحثون عن أهل الذكر ليجالسوهم (سواء منفردين أو مجتمعين) .. وإنما أشار النبي صلى الله عليه وسلم لمجالسة الملائكة لجماعة من الناس يذكرون الله .. لبيان فضيلة اجتماع الجماعة على الذكر .. ولبيان جواز الذكر الجماعي .. وليس في الأحاديث تخصيص حضور الملائكة مع الذاكرين مجتمعين وحدهم دون غيرهم .. وإنما بداية الحديث تدل على العموم دون الخصوص .. ومن يزعم أن الحديث خاصة بحضور جماعة الملائكة مع الذكر الجماعي فقط دون الفردي فقط .. فليأت بدليل التخصيص ..!!

- وكلمة مجلس لا تعني اجتماع الناس في مكان .. بل المكان الذي يتم الجلوس فيه .. سواء كان الشخص مجتمعا بناس أو منفردا لوحده .. ودليل ذلك:

1-  ما جاء في حديث النبي للسيدة جويرية أم المؤمنين .. حيث جاء في الحديث: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خَرَجَ مِن عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهي جَالِسَةٌ، فَقالَ: ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ) صحيح مسلم.

- وفي رواية بلفظ: (ما زلتِ في مجلسِكِ ؟ ) صحيح الأدب المفرد.

2- عن أبي الدرداء قال لبعضهم:(لِتكنِ المساجِدُ مَجلِسَكَ ؛ فإنِّي سَمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يقولُ : إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ضمن لِمَنْ كانَتِ المَساجِدُ بَيْتَه الأمنَ ، والجوازَ على الصِّراطِ يومَ القيامةِ) رواه البزار وقال: حسن الإسناد.

- ثانيا:- وعلشان تؤمن بيقين أن الملائكة تحضر لك منفردا في مجلسك أثناء ذكرك لله .. فإليك الآتي:

1- في قصة الصحابي أسيد بن خضير جاء فيها أن الصحابي قرأ قرآن فحدث له مشهد أثناء قرائته فأخبر به النبي .. وهذا هو المشهد .. حيث يحكي ويقول: (فَرَأَيْتُ مِثْلَ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ السُّرُجِ، عَرَجَتْ في الجَوِّ حتَّى ما أَرَاهَا ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: تِلكَ المَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ) صحيح مسلم.

- فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تِلكَ المَلَائِكَةُ كَانَتْ تَسْتَمِعُ لَكَ) .. !! وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم (إنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أهْلَ الذِّكْرِ) ..!!

2- بل وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْل) صحيح مسلم.

- فالملك كان حاضرا معك حيث لا وجود لأحد معك غير نفسك وأنت تدعو ربك لغيرك ..!! أفيحجب الله الملك عنك حينما تدعو لنفسك أو تذكر ربك ؟!! أفلا تعقلون ؟!!

3- فى الحديث عن عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إذا كان الرجلُ بأرضٍ قِيٍّ ، فحانتِ الصلاةُ ، فليتوضأْ ، فإن لم يجد ماءً فلْيتيمَّمْ ، فإن أقام ، صلَّى معه ملَكاه ، وإن أذَّن و أقام ، صلَّى خلفَه من جنودِ اللهِ ما لا يُرى طرفاه) رواه الطبراني .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب..

- معنى (قي) : الْخَلَاء من الأَرْض ..

- معنى (ملكاه): يقصد الملكين الكاتبين للحسنات والسيئات ..

- وكلها أحاديث صحيحة لا خلاف فيها بين الأمة .. !!

4- وسبق وأشرنا أنه لا مانع من مجالسة الملائكة لك وملازمتها معك ونزولها عليك بالسكينة والرحمة .. وأذكرك بحديث حنظلة الذي ذكرته لك في الجزء السابق حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (نَكونُ عندَكَ تُذَكِّرُنا بالنَّارِ والجنَّةِ كأنَّا رأيَ عينٍ ، رجَعنا عافَسنا الأزواجَ والضَّيعةَ ونسينا كثيرًا ، قالَ : فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : لَو تدومونَ على الحالِ الَّتي تقومونَ بِها من عندي لصافحَتكمُ الملائِكَةُ في مجالسِكُم ، وفي طرقِكُم ، وعلى فُرُشِكُم ، ولَكِن يا حنظلةُ ساعةً وساعةً ساعةً وساعةً) صحيح الترمذي ..

- وما سبق يكفيك أن تعلم بيقين أنك مؤيد من الله بأرواح ملائكية .. كلما ذكرت الله .. طالما أنت تذكر الله تعبدا لله .. وابتغاء رضوان الله ومغفرته وعفوه ..

*******************************

..:: جماعة الجهلاء ومصطلح (الروحانيات في الإسلام) ::..

- أخي الحبيب ..

* قد يصادفك بعض الجهلاء .. فينكر عليك مثلا مصطلح (الروحانيات في الإسلام) .. وأنه بدعة ولا وجود له في الشرع .. وهو نوع من الضلال ..!!

- فاعلم أخي الحبيب .. أنه لا إنكار على مصطلح لا معارض له في الشرع .. فما بالك لو كان له موافقة دالة عليه من الشرع . كما أوضحت لك سابقا ..؟!! بل وقد اكتفيت فقط بذكر تأييد الأرواح الملائكية لك .. دون غيرها مثل أرواح الذكر نفسها .. وما يتم تلقينه من أرواح الصفات في القلب .. وغير ذلك .. مما قد يطول شرحه .. بل ولم أحسب عالم الجن أنه من عالم الأرواح علشان أصحاب العقول البليدة .. الذين يجهلون أن كلمة الروح تطلق على الجن باعتبار أنه لا جسم له مدرك لعين الإنسان .. فتم تشبيهه بوصف الملائكة من باب المجاز وليس من باب الحقيقة .. لأنها مخلوقات عاقلة ولها أثر فعل في عالم الماديات ولكنها غير مدركة للعين ..!!

- ولا يخفى على مؤمن أن القرأن وصف الملائكة بأنهم (جِنة) (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) الصافات158.. كما وصف الجن بأنهم (جِنة) .. ومعنى (جنة) أي أخفياء عن عيون البشر ..!!
- فالتشابه في بعض الصفات بين الجن والملائكة .. بالنسبة لنا كبشر لا ندرك الغيب .. لا مشكلة فيه .. إن كان هناك من يعقل ..!!

- فلو ربنا ابتلاك بشخص جاهل من جماعة الظلام .. الذين يقولون لك هذا المصطلح بدعة أو هو ضلال .. فاعلم أنه كذب .. وأخشى أن يكون الله قد طمس على عقله فحجب عنه التمييز والإدراك، وذلك حتى يشهد عليه العباد والعبيد أنه ليس بإنسان رشيد ..!! بل وأخشى أن يكون الله قد ختم على عقله بحجاب البلادة والغباء عقابا له .. لكذبه على الشرع وإنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة ..!!

- بل وحاله شاهد عليه بأنه جاهل لم يقرأ في العلم طرفة عين .. لأن من المفترض أنه يزعم قراءة مصطلحات علماء الأصول والفقة والتفسير واللغة ..، وما من عاقل إلا ويعلم أنها مصطلحات لها دلالة على معنى يقصده صاحب المصطلح سواء كان مصطلح شرعي أو لغوي .. !!

- الخلاصة:

- المصطلح اللفظي: ما هو إلا ألفاظ تدل على معاني لتفهيم طالب العلم .. وهذه الألفاظ ليست من ألفاظ الوحي .. حتى يقال عنها أنها بدعة أو ليست تشريع .. فمن يقل بهذا فقد بلغ به حجاب الغباء مبلغا لم يدركه أحد غيره ..!! 

  

- والحمد لله الذي كفانا الجهلاء بغبائهم الدال عليهم ..!! ولا يتبعهم إلا من هم على شاكلتهم ..!!

***************************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..