ج32: رسالة التعريف بأحوال الذاكرين في طريق الإيمان - حال الإحساس بالعالم الغيبي من حولك - جماعات روحانية تاجرت بكلام الإمام الغزالي حسب هواها - من الأحوال: حال الإنتقال الروحي أثناء الذكر - حال سيدنا عثمان بن عفان مع قراءة القرآن في ركعة واحدة - لمحات من حياتي: هذه قصة حدثت معي منذ سنوات - لماذا العقل يكون في خمود وقت النوم ويكون غير قابل للإدراك الغيبي - كيف يحدث هذا الوصل الروحي .. ولماذا يجب أن تخاف.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة التعريف بالحقائق والضوابط الإيمانية

لطالب القرب من الحضرة الإلهية

طريقة ومنهج أهل الإيمان في العلاقة مع الله

(أساسيات واجبة  - وضوابط لازمة – وأصول ثابتة  - وتنبيهات هامة)

(الجزء الثاني والثلاثون)

6- أحوال تحدث للذاكرين في طريق الإيمان -

* فهرس :

::الجزء الثاني والثلاثون:: أحوال تحدث مع الذاكرين الله كثيرا ..

:: الفصل السادس ::

1- من الأحوال: حال الإحساس بالعالم الغيبي من حولك ؟

2- طوائف تاجرت بكلام الإمام الغزالي حسب هواها ؟

3- من الأحوال: حال الإنتقال الروحي أثناء الذكر ؟

4- حال سيدنا عثمان بن عفان مع قراءة القرآن في ركعة واحدة ؟

5- لمحات من حياتي: هذه قصة حدثت معي منذ سنوات ؟

6- لماذا العقل يكون في خمود وقت النوم ويكون غير قابل للإدراك الغيبي ؟

7- كيف يحدث هذا الوصل الروحي .. ولماذا يجب أن تخاف ؟

***************************

(تابع: الجزء السابع من تقسيم الرسالة)

:: الفصل السادس::

.. أحوال تحدث مع الذاكرين الله كثيرا ..

*************************

(10)

..:: 10- من الأحوال : الإحساس بالعالم الغيبي من حولك ::..

- أخي الحبيب ..

- أحيانا بعد فترات من مواصلة الذكر .. يحدث أن مادية الإنسان (الرتبة الجسدية فيه) تنخفض .. وتنمو فيه رتبة الأحساس بالعالم الغيبي .. لأنه كلما قل ارتباطك بالماديات كلما زادت فين نفسك الجذبة للروحانيات ..  

- وكما نعلم أن النفس مجموع من الجسد والروح .. فكلما طغا أحدهما على الآخر كان نسبته للجزء الذي يغلب عليه ..!!

- ولذلك نحن نقول أننا نعيش في عالم المادة لأن هذا ما يغلب على طبيعتنا النفسية أننا نهتم ببناء أجسادنا أكثر مما نهتم ببناء أرواحنا ..!!

- ولذلك الذاكرين الله كثيرا والذاكرات .. في ظاهرهم وباطنهم ومعاملاتهم مع الآخرين بحسن الخلق .. مع دوام مجاهدتهم لأنفسهم في الثبات على الطاعة وتجنب المعاصي قدر المستطاع .. فقد يحدث لك نوع من الشفافية الإيمانية القلبية أي المرتبطة بعقيدتك الإيمانية .. وهذه الشفافية هي نوع من الأحوال إيمانية أو التذوقات إيمانية التي تحدث من ثمرة العبادة وكثرة الذكر ومجاهدة النفس ..

- مثل الإحساس بالسكينة والطمأنينة بالرغم من أحداث مزعجة من حولهم .. ولكنهم يطمئنون أن هذا فعل الله وله فيه حكمة ..!!

- ثم قد تظهر فيهم الخواطر المرشدة واللطيفة بمعانيها في القلب لتثبتهم على الإيمان وترشدهم إلى الخير مع الله في كل أوقاتهم بطريقة أنت لا يدركون كيفيتها وإن كانوا يشعرون ويحسون بها ..

- ثم قد تظهر الحكمة في قلوبهم فيفقهون شيئا من حكمة العبادات .. أو يبصرون بقلوبهم تجليات الله في الكون وكانهم يرون أن كل حركة في الأشياء من حولهم لها دلالة من أسماء الله وصفاته حتى يظلوا في مشاهدة قيومية الله عز وجل ..

- وقد يصاحب ذلك نوع من المشاهدة كالمرائي .. وقد يصاحب ذلك نوع من المكاشفة يقظة لبعض الغيبيات كالملائكة .. أو غير ذلك مما يعلمه الله .. وقد ذكرنا أدلة كثيرة على ذلك في الجزء الخاص بالكشف في هذه الرسالة .. راجع (الجزء الثالث والعشرون - مسائل على الكشف)

* عن الإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله (المتوفى: 505هـ) :

- كان يصف طريقه في السلوك فقال:(العزلة والخلوة، والرياضة والمجاهدة، اشتغالاً بتزكية النفس، وتهذيب الأخلاق، وتصفية القلب لذكر الله تعالى، كما كنت حَصَّلتَه من كتب الصوفية) ..

المنقذ من الضلال ص176 ..

- ثم قال الإمام الغزالي رحمه الله بعد كلام مما سبق:

- (ومن أول الطريقة تبتدئ المكاشفات والمشاهدات، حتى أنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة ، وأرواح الأنبياء ويسمعون أصواتاً ويقتبسون منهم فوائد . ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال ، إلى درجات يضيق عنها النطق).

المنقذ من الضلال ص178

- والإمام الغزالي يقصد بأول الطريق .. أي أول الطريق بعد المجاهدات الطويلة في مجاهدة النفس ابتغاء مرضاة الله .. مع المداومة على الذكر ..

* لكن انتبه أخي الحبيب لشيء مهم جدا:

- ما سبق ليس معناه أن كل الناس يحدث لها مكاشفات ومرائي .. لا .. فقد يحجب الله عنك هذه الأمور لأنه يعلم أنك لو شعرت بها لتمت فتنتك وانحرفت عن طريق الله .. فالأحسن لك أن تظل في حجاب عن الأمور الغيبية حتى لا تضل .. واطمئن في أنه يظل مقامك عند الله محفوظ لأن الكشف الغيبي لا يزيدك مقام ولا ينقص منك مقام .. وإلا كان إبليس في كرامة لأن له كشف .. وهذا طبعا محال ..!!

- ولكن لو حدث لك شيء من الأمور الغيبية كالرؤيا الصالحة أو كالخواطر الصادقة التي ترشدك لفعل طاعة أو مسامحة إنسان أو لفعل عبادة أو ما شابه لك .. فاحمد الله على الخير الذي يحدث لك  واكتم حالك .. وأيضا خاف حينئذ أن يكون الأمر فيه استدراج لك واحذر من نفسك وظهور العُجب فيها ..!!

- ودائما كن ثابتا على عبوديتك لله مخلصا فيها لا تبتغي من ورائها سوى مرضاة الله .. لأن هذا هو مراد الحق منك أن تعبده بصدق ابتغاء مرضاته .. وهذه هي أعلى درجات الكرامة .. أي الثبات على الإستقامة مع الله .

- وأكرر عليك أننا نتكلم هنا عن قلة من الناس أي عدد محدود ممن يحدث لهم شيئا من الكشف الغيبي (مشاهدات ومرائي) .. ولكن غالبية المؤمنين قد لا يشعرون بشيء .. حفاظا على عدم فتنتهم .. ويظلوا يرتقون في درجاتهم ومقاماتهم طالما ثبتوا على استقامتهم مع الله .

******************************

..:: جماعات روحانية تاجرت بكلام الإمام الغزالي حسب هواها ::..

- أخي الحبيب ..

- صادفني على شبكة النت أن هناك بعض جماعتين من جماعة الظلام الذين اتبعوا أهوائهم .. قد تلاعبت بكلام الإمام أبي حامد الغزالي السابق ذكره .. ليستدلوا على صحة منهجهم الضال والفاسد في توجيه الناس لطريقتهم .. وهما بعض المتمصوفة الروحانيين .. وبعض أصحاب الطاقة الروحانية الذي سولت له نفسه المريضة أن يستدل بكلام الغزالي على الإسقاط النجمي (المعروف عندهم بخروج الروح من الجسد – ويستدل به كذلك على مشروعية فتح ما يسميه بالعين الثالثة) ..!!

- الطائفة الأولى: المتمصوفة الروحانيين ..

- وهم جماعة مدسوسة في التصوف وليسوا بصوفية ولكنهم استخدموا من الجن وسيلة ليظهروا للناس أنهم على كرامة .. ويتلاعبون بكلام أهل الله من العارفين ليصدقهم العامة أنهم صوفية .. وحقيقتهم أنهم ضلالية وليسوا صوفية .. !!

- فتجد بعض هذه النفوس المتمصوفة المريضة تستدل بكلام الإمام الغزالي رحمه الله .. للترويج عن الكشف والمشاهدة وأن هذا هو طريقهم إلى الله .. في حين أن طريق الله مجاهدة نفس وذكر لله وعزلة عن الباطل ابتغاء مرضاة الحق ..!!

(راجع الجزء الثاني عشر تحت عنوان "كن ذاكرا لله لتغنم ولا تكن ذاكرا للأنوار فتهلك" - وراجع التحذير التاسع والعشرون من هذه الرسالة)  

- وهذه الطرق التي تدعو للأنوار  .. يكفي دلالة على تضليلهم للمؤمنين .. أنهم حذفوا كلام الإمام السابق على ما ذكره من مجاهدات وعبادات وما يجب أن يفعله طالب طريق الله .. واكتفوا من كلام الإمام بالكشف والمشاهدة ..!! وحذفوا طريقة سعيه إلى الله حيث يقول رحمه الله في كتابه المنقذ من الضلال ص176 واصفا أن طريقته كانت:

- (العزلة والخلوة، والرياضة والمجاهدة، اشتغالاً بتزكية النفس، وتهذيب الأخلاق، وتصفية القلب لذكر الله تعالى، كما كنت حَصَّلتَه من كتب الصوفية) أ.هـ ..!!

ثانيا: طائفة أصحاب الطاقة الروحانية مروجي الإسقاط النجمي:

- ونقصد بهم الذين يستبيحون العلاقات الروحانية ويسعون لها ويستخدمون ذكر الله طلبا لغير الله .. فتجدهم يستدلون أيضا بكلام الإمام الغزالي للدلالة على حدوث الإسقاط النجمي وفق مزاعمهم .. وأنه من الدين الإسلامي ..!! وغفلوا عن عدة أمور لشدة جهلهم:

1- الإمام الغزالي ليس مشرع ديني .. حتى تجعل من الإسقاط النجمي له أصل في الدين وتستدل بكلامه ..!! فدل ذلك على جهلهم بالدين ..!!

2- أن الإمام لم يطلب ما حدث له .. وإنما طلب الله وكان في طلبه لله أن حدث له ما حدث ..!! فدل ذلك على كذبهم على الإمام الغزالي ..!!

3- وأيضا يحذفون كلام الإمام السابق الخاص بالمجاهدة وتصفية القلب والعزلة وغير ذلك ..!! ودل ذلك على تدليسهم في كلام الإمام الغزالي بحذف وإثبات من كلامه بما يتوافق مع نفوسهم المريضة ..!!

4- ومن عجيب جهلهم أنهم لم يفهموا كلام الإمام الغزالي .. لأنه ليس في كلام الإمام ما يدل على خروج الروح من الجسم .. بل كيف يشير كلامه لهذا وهو يقول يرى العالم الغيبي يقظة ..!! وهم يزعمون أن إسقاطهم النجمي يكون عن غيبة وليس عن يقظة ..!!

5- والغريب في جماعات الطاقة الروحانية .. أرادتهم في ترويج مسألة الإسقاط النجمي الذي هو حالة روحانية عادية تحدث لبعض الناس ويأخذونها من أصحاب العقيدة الهندوسية والبوذية .. فيصبغون هذه الحالة الروحانية بصبغة إسلامية كذباً وافتراءً على الله ورسوله .. ليوهموا المؤمنين أنه من الدين ولا حرج فيه ..!!

- حتى جعلوا من الذكر وسيلة لحدوث هذا الحال الروحاني المسمى بالإسقاط النجمي أو لفتح العين الثالثة .. من خلال قراءة بعض آيات أو أذكار أو أسماء ترددها فيحدث لك ما يسمونه الإسقاط النجمي وفتح العين الثالثة ..!! 

- ونسوا هؤلاء الضلالية المتلاعبين بذكر الله .. عدة أمور تدل على وضوح ضلالهم:

1- أن الإسقاط النجمي هو حالة روحانية لا علاقة لها بدين ..!!

2- نسوا أن جماعة البوذيين والهندوس وغيرهم يحدث معهم هذا الأمر دون أن يذكروا الله رب العالمين .. !!

3- بل وبعض الممسوسين يحدث معهم ذلك بمنتهى البساطة .. !!

4- وبعض العرافين يحدث لهم ذلك ..!!

* ويتبقى السؤال لهؤلاء الضلالية: 

- ما علاقة هذا الإسقاط النجمي بذكر الله .. أيها الضلالية .. وما الكرامة في ذلك ..؟!! وإلا تكونوا نسبتم كرامة الذاكرين الله مثل كرامة البوذيين والهندوس والعرافين والممسوسين ..؟!! وإنكم في ذلك تكونوا كاذبون على ذكر الله بما لم يحتمله شك ..!!

* أبصر أيها المؤمن اللبيب:

- يكفيك أيها المؤمن اللبيب أن تفهم أن هؤلاء الضلالية قد ساووا بين كرامة ذكر الله بالقرآن والأسماء الحسنى .. وبين ما يحدث لأصحاب العقيدة الهندوسية والبوذية من كرامات نتيجة أذكارهم وعباداتهم .. فساووا بين كرامات الموحدين .. وبين غيرهم ممن ليسوا على دين ..!!

* وأنت أيها المؤمن بصير بعدما جاءك من البينات ..!! 

- فأبصر ولا تبيع دينك وتتاجر به لتضل به غيرك .. لأنك ستحمل من أوزار من تضلهم .. ويكفي أن تسأل نفسك .. لماذا لم يتكلم النبي ولا صحابته ولا التابعين ولا تابعيهم عن مثل هذه الأمور المنقولة من عقائد أخرى فضلا عن أن أصلها أمور روحانية تحدث مع كثير من الناس حتى دون أن يكون لهم دين ..!! في حين كان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الأولياء ما فيهم من كرامات لم يسمع بها الزمان حتى يومنا هذا ..!! حتى جائنا هؤلاء الضلالية بأمور شيطانية ليستدرجوا بها الشباب والفضوليين الجهلاء ..!!

- حسبنا الله ونعم الوكيل .. هو كافينا هؤلاء وهو فاضحهم .. دنيا وآخرة .. آمين ..

********************************

(11)

..:: 11- من الأحوال : حال الإنتقال الروحي أثناء الذكر ::..

(حال الفناء عن الأغيار)

(حال سيدنا عثمان بن عفان مع قراءة القرآن في ركعة واحدة)

- أخي الحبيب ..

- في مراحل راقية جدا من الصفاء القلبي بسبب ديمومية مجاهدة النفس وكثرة الذكر وكثرة العمل مع الله خاصة في منفعة الناس .. قد يظهر عليك حال عجيب جدا .. وهو انتقال روحي "في حال اليقظة" لتكون في مكان ليس فيه أيه مشاهد سوى أنك في مكان كأنه في الفضاء الواسع محاط به ظلام ينعكس من وراء هذا الظلام شيء بسيط جدا من النور غير مدرك لقوة الساتر المظلم المحيط بالمكان .. (مثلما تغمض عينك في مكان مضيء حولك) .. ولا يوجد شيء في هذا المكان تستطيع أن تنظر أو تلتفت إليه .. وتدرك يقينا في هذه اللحظة أنك في مكان قريب جدا من الله .. وقد أذن لك أن تذكره في حضرته بلا خلق .. أي أنت في مكان بلا أي موجودات على الإطلاق حيث لا ملائكة ولا غيره .. وتبقى فيه ذاكرا ليس برغبة منك أنت .. وإنما لأنه هو من جذبك لهذا المقام .. وترجو لو أنك لا ترجع لعالم الحس .. ولكن هو من جذبك وهو من يعود بك .. ولله في خلقه شئون .. وليس لك من الأمر شيئا ..!!

- ولا يوجد في هذا المكان إلتفات لأي شيء لأنه لا يوجد فيه شيء سوى سكينة مبهرة .. وفي هذا المكان ينقطع الزمن عنك .. وقد تجلس فيه وتشعر أنك جلست ساعات طويلة وحدثت مناجاة طويلة بينك وبين الله .. وفي الحقيقة قد تكون دقيقة من العالم المادي ..!!

- وهذا هو ما كان يحدث مع سيدنا عثمان رضي الله عنه حيث كان يختم القرآن في ركعة واحدة وهي ركعة الوتر .. ويتعجب البعض كيف يحدث ذلك .. ؟!!

- ولكن الحقيقة هو أثناء قراءة القرآن .. يحدث له حال انتقال روحي لهذا العالم السابق توضيحه .. ويقرأ فيه حتى يتم قرائته للقرآن كاملا في حضرة الله .. حتى يختم قراءة القرآن ويرده الله حيث يجد نفسه لازال واقفا يصلي كما كان حتى يختم صلاته ..  

- وأقرِّب الموضوع لعقلك حتى تفهم هذا الأمر .. يكون حاله كحال النائم (إلا أنه يكون يقظا) .. حيث أن النائم يدرك من الأمور في المنام ما لا يمكن تحقيقة بقوانين عالم المادة ..!! فقد يسافر لبلاد بعيدة وقد يطير في السماء أو يغوص في البحر .. وفي الحقيقة هو كان نائم على سريره مدة دقائق أو ساعة أو ساعات ..!! ولكن ما رآه في منامه لا يمكن تحقيقة في عالم المادة إلا في أيام بل وقد لا يحدث مطلقا لاستحالته كطيرانه في السماء كالطير بلا أدوات أو بقاءه في البحر يتنفس كالسمك بلا أدوات ..!!

- وقد تجد وصف لهذا الحال في كتب العارفين تحت مسمى (الفناء) أي مرحلة الفناء عن الأغيار .. والعودة لعالم الحس هو البقاء في عالم الأغيار .. لمشاهدة وحدانيته في الوجود من خلال البصيرة في تجلياته على الوجود بأسماءه وصفاته ..

- أخي الحبيب ..
- حاولت قدر المستطاع أن أصف لك هذا الحال السابق وصفا دقيقا كما عايشته .. حتى لا تتوه في مصطلحات قد لا تصل من ورائها إلى شيء تستطيع أن تفهمه ..!! 
- وأرجو أن أكون وفقت في شرحه لك .. وأن يرزقك الله تذوق هذا الحال .. آمين يارب العالمين . 

**********************************

..:: لمحات من حياتي: هذه قصة حدثت معي منذ سنوات ::..

- أخي الحبيب ..

- سأحكي لك قصة حدثت معي تتشابه مع ما قلته لك سابقا .. وإن كانت تكررت على فترات زمنية .. ولكن سأكتفي لك بواحدة منها:

- كنت ذات يوم أصلي بالناس إمام في صلاة الفجر (ونادرا ما يحدث أن أكون إمام لأني أكره ذلك) .. ولكن حدث أن كنت في السجود الأخير كنت أقول الذكر النبوي (سبحان ربي الأعلى) .. ثم وجدت نفسي كأني غبت عن الإحساس وذهبت لهذا المكان ثم رجعت لإحساسي في السجود وأنا أقول وأردد دعاء لم أعلمه من قبل وهو: (اللهم أدخلني في حصن أمان – "أقبل ولا تخف إنك من الآمنين") .. ومن هذا الدعاء كان بعد ذلك حزب الأمان الذي أنتم تعرفونه .. وهذا هو كان أصل هذا الحزب ..

- وفي أثناء العزلة القلبية عن الناس ولشدة تعلقك بالله ومن كثرة التفكير في تجلياته .. فيحدث لك هذه الجذبة الربانية حتى تأنس بوجودك مع مولاك .. حيث لا حيث ولا جهة ولا مكان ولا زمان ..!! فيُنعم عليك بما يريدك أن تعرفه او تدعوه به ثم يردك إلى عالم الحس مرة أخرى .. وهي تكون بمثابة النوم المؤقت .. كأنه أنام عقلك لأنه غير مسموح لك بدخول عالم الغيب بعقلك ولن يحدث ..!!

- وكما قلت لك أن الموضوع ليس بمزاجك ولا برغبة منك .. وإنما هو يريد .. ثم يأمر بكن فيكون ..!! وكأن الله يريد أن يشهدك ويجعلك تتذوق معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (كَانَ اللهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرُهُ) صحيح البخاري..

- أو كأنه يريدك أن تبصر قدرته في حال يقظتك كما هو في حال نومك حيث يقول تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) الزمر42 ..

- ولكن بكل تأكيد هو يريدك أن تأنس به لتتذوق معنى جميل من معاني الإيمان لأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ..

- ولن تتذوق هذا الحال .. إلا برضا عن الله وعن رسوله وعن الدين ..!! فلا تتهم الله ولا رسوله ولا الدين ولا تشك أنهم حقا ..!!

*****************************

..:: لماذا العقل يكون في خمود وقت النوم ويكون غير قابل للإدراك الغيبي؟ ::..

- أخي الحبيب ..

- لقد ذكرت لك سابقا جملة قد تستوقف البعض وهي: (كأنه أنام عقلك لأنه غير مسموح لك بدخول عالم الغيب بعقلك ولن يحدث ..!!) .. وتتسائل لماذا العقل يدخل في حالة خمود وقت النوم ؟!!

- لأنه غير قابل للإدراك الغيبي .. وقد يصيبك ذهول وجنون لو ظل عقلك يعمل في هذه الحالة وكأنه يحترق لأنه لا طاقة له بإدراك هذا العالم .. ولذلك يكون الإدراك للقلب ..!!

- حتى عندما ترى حلما أو رؤية يجب أن تكون نائما .. فيتم خمود آلة العقل .. مما يسمح لحدوث تواصل روحي أو روحاني معك ..!! إلا لو كان العقل مشغول دائما بهموم النفس فستكون الأحلام مخلوطة باضطراباتك النفسية .. ويصبح العقل حاجب للتواصل الروحي ..!!

*************************

..:: كيف يحدث هذا الوصل الروحي .. ولماذا يجب أن تخاف ؟ ::..

* أخي الحبيب ..

- تبقى أن تعرف أربعة أمور:

الأول: أن الوصال في ذلك يكون من خلال قرين الملك الذي يأمره الله بذلك .. أن يفتح مجال للروح للتلقي الرباني أي للألقاء في الروع .. كما يحدث ذلك أيضا مع الروحانيين خدام الجن ولكن من خلال قرين الشيطان ليتلقى من الجن أو الشيطان ..!!

الثاني: أن هذا النوع من الوصل الروحي له درجات ومقامات .. فقد يحدث لك مرة في العمر وقد يحدث مرتين وقد يحدث أكثر وقد لا يحدث .. ولكن إنما ذكرت لك ما سبق حتى إن صادفك مثل هذا فلا تقلق ولا تتعجب ولا تخف ..

الثالث: هذا الوصل لا علاقة له بما يسمى بالعين الثالثة أو الإسقاط النجمي .. حتى لا يختلط عليك الأمر مع ما سبق .. لأن هذا الوصل أنت تكون فيه مطلوب ولست طالب .. ولا مجال للنفس فيه بشهوة طلب بأي حال من الأحوال .. وإنما بمحض فضل من الله .. ويكون عن يقظة قلب متعلق بالله وليس عن غفوة نفس تطلب فضول البحث في الغيبيات .. والواسطة فيه نورانية وليس نارية .. ولا يحدث برياضات روحانية وإنما يحدث نتيجة قلب صادق مع الله .. وغير ذلك من فروق وإنما فيما سبق الكفاية لك ..!!

الرابع: لا تظن ولو للحظة أنه لو حدث لك مثل هذا الحال فإنك آمن من الفتنة والإختبار .. لا أنت مخطيء .. وإنما أطعمك من هذا الحال وأراك شيئا من آياته لتخضع له وتطمئن به .. وليس لتعجب بنفسك وتظن في نفسك الظنونا وأنك قد وصلت لأعلى مقامات القرب ..!!

- فإنك إن ظننت مثل هذه الظنون السابقة في نفسك .. فاعلم أنك قد هاجت عليك نفسك وقد انفتح عندك باب للشيطان ليتلاعب بك .. فاسجد لله واستغفر وتب عما جال في نفسك .. وتذكر فورا قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) الأعراف175..

*************************************
تنبيه هام جداااااااااااا

تم إضافة تحذيرين مهمين في الجزء السادس والعشرين 
لمن يريد التعرف عليهما

(اضغط هنا)

 وهذين هما عنوان التحذيرين :

* التحذير التاسع والأربعون: الإعتقاد في النفس أنك أصبحت من الأولياء ؟

* التحذير الخمسون: ابتعد عن أحزاب العارفين القائمة على الإنتقام والقصاص " كحزب النصر والحزب السيفي وحزب الدسوقي"؟

**********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..