ج1: رسالة جواز اللجوء إلى سجود التلاوة والشكر بغير وضوء - أنواع السجود من حيث الإختيار والتكليف - السجود طوعا والسجود كرها - كيف يسجد ويسبح جميع الخلق لله ومنهم الكافر - أنواع السجود من حيث الإيمان - التعريف بسجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم لآيات الله - كيفية سجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم - هل سجود التلاوة فرض يجب فعله - مسألة: هل السجود عبادة مستقلة بذاتها أم أنها تسمى صلاة .

بسم الله الرحمن الرحيم

..:: رسالة جواز اللجوء ::..

:: إلى سجود التلاوة وسجود الشكر بغير وضوء ::

(الجزء الأول)

* فهرس:

1- مقدمة مهمة جدا كمدخل للرسالة ؟

- الفصل الأول:

- أولا: أنواع السجود من حيث الإختيار والتكليف ::..

2- السجود طوعا والسجود كرها ؟

3- كيف يسجد ويسبح جميع الخلق لله ومنهم الكافر؟

- الفصل الثاني:

- ثانيا: أنواع السجود من حيث الإيمان ::..

4- التعريف بسجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم لآيات الله ؟

5- كيفية سجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم ؟

6- هل سجود التلاوة فرض يجب فعله ؟

- الفصل الثالث: مسألة: هل السجود المنفرد يسمى صلاة ؟

7- مسألة: هل السجود عبادة مستقلة بذاتها أم أنها تسمى صلاة ؟

*********************

..:: مقدمة ::..

- بسم الله – اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – هذه رسالة صغيرة الحجم نتكلم فيها على مسألة قد تخطر على بال البعض .. وقد تساعد البعض على عبادة الله دون كسل .. وهذه المسألة هي هل سجود التلاوة والشكر أو أي سجود لله خارج الصلاة .. يصح أن يتم فعله بدون وضوء أم يجب أن تكون على وضوء كما هو غالب أقوال علماء المسلمين ؟!!

- في هذه الرسالة ستجد أمرين:

- الأول: تقسيمات "أنواع السجود" ..

- وهذا التقسيم الذي قمت بوضعه لك هو مجرد تفهيم لك لتتعرف بسهولة على الفرق بين أنواع السجود ويستقيم العلم في عقلك .. علما بأن هذا التقسيم غير موجود في كتب علماء المسلمين.

- الثاني: مصطلح "سجود التعظيم"..

- لا يوجد في كتب علماء المسلمين ما يسمى بسجود التعظيم .. وإنما يوجد سجود الآيات ودليله الحديث السابق عن عبد الله بن عباس .. ولكن سبب قولي "سجود التعظيم" حتى لا يختلط على القاريء المعانى والمفاهيم ويظن أن معنى كلمة الآيات هي الآيات القرآنية فيختلط عليه الفهم ويتسائل قائلا: ما الفرق بين سجود التلاوة وسجود الآيات ..!! لأنه قد فهم معنى الآيات على آيات القرآن وليس على الأفعال الإلهية .. ولذلك قلت سجود التعظيم ليعلم القاريء المراد من المعنى ويستقيم الفهم في العقل.. على أن معنى الآيات هو الفعل الإلهي الذي تبصره ويسبب لك حالة من الخوف أو الرجاء ينفعل معها قلبك ويخضع لها جسدك بالسجود .

- أسأل الله التوفيق في هذه الرسالة .. وأن تكون عونا للمؤمن في دفع الكسل عنه ، حتى يكون له مزيد من العمل مع الله لما سيجده في هذه الرسالة من تيسير إن شاء الله تعالى ..

-  اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم .

*****************************

(الفصل الأول)

..:: أولا: أنواع السجود حيث الإختيار والتكليف ::..

*************************

..:: السجود طوعا والسجود كرها ::..

- يقال شجرة ساجدة .. أي شجرة مائلة ..

- فالسجود معناه: انحناء أو ميل .. والمقصود به هنا الخضوع والإنقياد لله طواعية أي باختيارك .. ويكون السجود بوضع الجبهة على الأرض لإظهار صدق العبودية أمام عظمة الربوبية ..

- والسجود من حيث الإختيار والتكليف .. نوعين:

- سجود طواعية وسجود إكراه .. والسجود كما قلنا هو الخضوع والإنقياد .. وكلا من السجودين تجدهما في قوله تعالى: (وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً) الرعد15.

1- سجود طواعية: وهو لبعض الأجناس العاقلة والغير عاقلة ..

- فالأجناس العاقلة: وهما الإنس والجن لأنهما مكلفان من الله باتباع الأوامر واجتناب النواهي التي طلبها الله منهما .. ولهما في ذلك حق الإختيار إما أن يسمعا كلام الله أو يعصوه .. ولكن لهما حساب في الآخرة .. فالمطيع له الإحسان .. والجاحد العاصي له الإساءة .. يقول تعالى: (إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) المائدة105..، ويقول تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ) فصلت46.

- وهناك سجود طواعية أيضا: من بعض الكائنات الأخرى العاقلة  كالملائكة ..، أو غير العاقلة كالجمادات والنباتات والحيوانات .. وفي ذلك يقول تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) فصلت11.

2- سجود كراهية .. وهو الخضوع والإنقياد عن قهر .. وهذا يندرج فيه غير المؤمن والمؤمن والعاقل وغير العاقل .. ويندرج هذا تحت قوله تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) الأنعام18.

- فالجميع يسجد ويسبح .. حتى الكافر .. لكن دعني أشرح لك كيف يسجد ويسبح الكافر لله وهو غير مؤمن .. حتى تكون بصيرا بالمراد من كلام الله حينما تقرأ: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) الإسراء44 ..، وحينما تقرأ: (وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً) الرعد15.

*****************************

..:: كيف يسجد ويسبح الجميع لله ومنهم الكافر؟ ::..

- ببساطة ما من موجود إلا وهو مفتقرا إلى الله .. ومقهورا فيما لا اختيار له فيه .. !! فبهذا الإفتقار لمعونة الحياة (كالماء والطعام وغير ذلك احتياجات علوية وأرضية) .. ولقهره لهم بالمرض والموت وغير ذلك من قهر بأسباب علوية أو أرضية .. قد خضع الكافر لله .. رغم أنفه .. حتى ولو جحد وأنكر وكفر .. لأن افتقاره لمعونات الحياة وقهره ببعض أسباب الحياة فيما لا قدرة له عليه .. قد أثبت ذلك خضوعه لله .. وإلا فليخلق كونا من نفسه بنفسه ويحيا به دون أن يحتاج لشيء من مخلوقات الحياة من حوله (كالهواء والماء والطعام وغير ذلك من مخلوقات علوية وأرضية) .. أو ليخلق لنفسه مانعا من تجليات الإلوهية عليه بالمرض والموت وما شابه ذلك ..!!

****************************

(الفصل الثاني)

..:: ثانيا: أنواع السجود من حيث الإيمان ::..

*******************

..:: التعريف بسجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم ::..

- قلت في رسالة سابقة عن السجود .. أنه يجوز السجود في غير سجود الصلاة .. وذلك كما في سجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم كلما رأينا آية من آيات الله أي رأينا فعل إلهي قد تجلى به علينا .. فيجد القلب أنه أوان الأدب بالسجود بين يدي مولاه .. فينفعل معه الجسد ويخر ساجدا لله رب العالمين ...

- دليل سجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم :

أولا:- سجود التلاوة:

- هو سجود لله يفعله المؤمن اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم عند قراءة بعض آيات من القرآن الكريم .. وقد تم وضع علامة في المصاحف المطبوعة حديثا – وهذه العلامة هي خط أسفل أو أعلى كلمة (يسجد) في عند ختام هذه الآيات التي مطلوب منك أن تسجد عندها وذلك إتباعا للسنة النبوية .. وتجد مكتوب على هامش الصفحة التي بها سجدة تلاوة جملة تنبيه مكتوبه هكذا (سجدة تلاوة) .. أي أنك عند إتمامك لهذه الآية .. يفضل لك أن تسجد لله لأن هذا كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم ..

- ودليل سجود التلاوة:

1- عن عبد الله بن عمر قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقرأُ علينا السُّورةَ ، في غيرِ الصَّلاةِ ، فيسجدُ ونسجدُ معَهُ حتَّى لا يجِدَ أحدنا مَكانًا لموضعِ جبْهتِهِ) صحيح أبي داوود.. وفي البخاري بدون لفظ (في غير الصلاة) ..

2- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ .. اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي، يقولُ: يا ويْلَهُ، وفي رِوايَةِ أبِي كُرَيْبٍ: يا ويْلِي، أُمِرَ ابنُ آدَمَ بالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الجَنَّةُ، وأُمِرْتُ بالسُّجُودِ فأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ) صحيح مسلم.

- ثانيا: سجود الشكر:

- وهو سجود يفعله المؤمن كلما وجد ما فيه نعمة حصلت له .. أو وجد ما فيه نعمة بدفع شر عنه .. فيسجد لله شكرا على نعمته في جلب النفع ونعمته في دفع الضر .

- ودليل سجود الشكر:

1- عن أبي بكرة نفيع بن الحارث قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كانَ إذا أتاهُ أمرٌ يسرُّهُ أو بشِّرَ بِه خرَّ ساجدًا شُكرًا للَّهِ تبارَك وتعالى) صحيح بن ماجه .. وقد حسنه الألباني.

2- عن عبد الرحمن بن عوف قال:(خرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتوَجَّهَ نَحوَ صَدَقَتِهِ فدخَلَ، فاستَقبَلَ القِبلةَ، فخَرَّ ساجِدًا، فأطالَ السُّجودَ، حتى ظنَنتُ أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ قبَضَ نَفْسَهُ فيها، فدنَوتُ منه، ثم جلَستُ، فرفَعَ رَأسَهُ، فقال: مَن هذا؟ قلتُ: عَبدُ الرَّحمنِ. قال: ما شَأنُكَ؟ قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، سجَدتَ سَجدةً خَشيتُ أنْ يَكونَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ قد قبَضَ نَفْسَكَ فيها. فقال: إنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ أتاني فبشَّرَني، فقال: إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَقولُ: مَن صلَّى عليكَ صلَّيتُ عليه، ومَن سلَّمَ عليكَ، سلَّمتُ عليه، فسجَدتُ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ شُكرًا) رواه أحمد وغيره .. وقال الهيثمي: رجاله ثقات ..، وقال شعيب الأرنؤوط: حسن لغيره ..، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح ..، وذكره الألباني في فضل الصلاة بأنه صحيح بطرقه وشواهده.

- معنى (صدقته): مكان به نخل كان يتصدق منها صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم.

3- عن عبد الله بن عباس قال (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سجدَ في (ص) وقالَ: سَجدَها داودُ توبةً ، ونَسجدُها شُكْرًا) صحيح النسائي.

- ومن سجود الشكر .. أن تنتبه لأسماءه وصفاته .. فتسجد له حمدا على نعمته وكرامته عليك أن جعل لك سبيلا للتوبة والغفران والرحمة والمحبة .. فتسجد له شكرا على هذه الكرامة التي يتجلى بها عليك في كل وقت ..

- ثالثا: سجود التعظيم ..

- وهو عند رؤيتك علامة تنبهك على عظمة الله وقدرته ..

- ودليل سجود التعظيم خوفا ورجاء ..

1- قوله تعالى عن سحرة فرعون أنهم سجدوا لما رأوا معجزة سيدنا موسى حيث أنها آية من آيات الله: (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) الأعراف120 ..

2- قوله تعالى عن أهل الكتاب: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً . وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) الإسراء107-110 .

- ومعلوم أن هذا ليس سجود تلاوة .. وإنما سجود تعظيما لما وجدوه من جمال وجلال في كلام الله ..!!

3- جاء في الحديث عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس قال: (قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مَاتَتْ فُلَانَةُ لِبَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَجَدَ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَسْجُدُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا»، فَأَيُّ آيَةٍ أَعْظَمُ مِنْ ذَهَابِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه أبي داوود ورواه الترمذي وقال:هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ .. وذكره الألباني في صحيح الترمذي وصحيح أبي داوود وقال عنه أنه حسن .. وقال شعيب الأرنؤوط في تخريج شرح السنة أنه حديث حسن .

- معنى (فخر ساجدا): أي لما سمع الخبر نزل ساجدا .. كالذي يسجد للتلاوة ..

- معنى (إذا رأيتم آية): أي كلما رأيتم قدرة الله وعظمته في كونه .. واستشعرتم بذلك في قلوبكم .. فاسجدوا تعظيما لله .

- ولا صحة لمن ذهب في هذا الحديث على أن المقصود بكلام النبي (فاسجدوا) هو الصلاة .. لأن فعل بن عباس رضي الله عنه واضح وصريح أنه سجد سجدة وليست صلاة .. وقول الراوي (فخر ساجدا) يدل على سرعة الفعل بالسجود .. !!

- فدل من فعل بن عباس أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم هو السجدة وليس الصلاة .. والله أعلم .

- ومن آيات الله أن تجد في قلبك يقينا أنه عدل مدبر حكيم .. فتسجد له مسبحا له عن كل نقص ومقدسا له بكل كمال .. أو تتأمل وتبصر عظمته في الكون فتشهد قيوميته على الوجود فتسجد لعظمته .. أو تتأمل كلمات الله فتستشعر جلاله وجماله .. أو ما شابه ذلك من آيات الله التي تبصرها في قلبك وتستشعرها حتى تنفعل بها فتجد نفسك ساجدا لله رب العالمين .

***********************

..:: كيفية سجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم ::..

- كيفية السجود واحدة .. في الثلاث سجدات أو أي سجدة منفردة .. وإليك بيان ذلك ..

أولا: كيفية سجود التلاوة :

- له حالتين :

1- سجود للتلاوة أثناء الصلاة .. حينما تقرأ آية فيها سجدة .. فتسجد لله .. (وهو سنة مؤكدة وليس فرض أن تفعله) ..

2- سجود للتلاوة خارج الصلاة .. وهو أن تكون تقرأ القرآن فتمر عليك آية فيها آية وتسجد لله .. (وهو سنة مؤكدة وليس فرض أن تفعله) ..

* وكيفية السجود داخل الصلاة افعل الآتي:

1- حينما تصل إلى ختام الآية التي فيها سجدة .. أنزل ساجدا (سواء كبرت أم لم تكبر) .. وقل في السجود تسبيح السجود (سبحان ربي الأعلى) أو قل دعاء السجود الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ) صحيح مسلم.

2- ثم ارفع رأسك من السجود (سواء بتكبير أو بدون تكبير) ..

3- ثم قف وأكمل القراءة .. أو قف ثم كبر مرة أخرى للركوع لو كنت انتهيت من القرآة في القيام عند آية السجود ..

4- وبهذا تكون انتهت سجدة التلاوة ..

- ملحوظة:

- في سجود التلاوة وأنت إمام تصلي جماعة الأفضل لك أنك تجهر بالتكبير لو ستجد سجدة تلاوة وذلك حتى يعلم من خلفك أنك ستسجد .. وأيضا تكبر عند الرفع حتى يعلم من حولك انك رفعت من السجود للوقوف مرة أخرى ..

* وكيفية السجود خارج الصلاة :

1- حينما تصل إلى ختام الآية التي فيها سجدة .. أنزل ساجدا (سواء كبرت أم لم تكبر) .. وقل في السجود تسبيح السجود (سبحان ربي الأعلى) أو قل دعاء السجود الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ) صحيح مسلم.

2- ثم ارفع رأسك من السجود (سواء بتكبير أو بدون تكبير) ..

3- ثم أكمل قرائتك لباقي الآيات ..

4- وبهذا تكون انتهت سجدة التلاوة ..

- ملحوظة:

- في حالة وجود تعب أو مشقة تمنعك من السجود .. فيمكنك أن تحني رأسك قليلا دلالة على السجود وتقول الدعاء .. طالما هناك ما يمنعك عن السجود ..

- ثانيا : كيفية سجدة الشكر :

- كلما وجدت ما فيه نعمة حصلت لك .. أو وجدت ما فيه نعمة بدفع شر عنك .. فاسجد لله شكرا على نعمته في جلب النفع ونعمته في دفع الضر .. وافعل الآتي:

1- أنزل ساجدا (سواء كبرت أم لم تكبر) .. وقل في السجود تسبيح السجود (سبحان ربي الأعلى) أو قل ما تحمد به الله .. وما يجري بخاطرك من حمد لله على ما جلبه لك من نعمة أو ما دفعه عنك من نقمة ..

2- ثم ارفع رأسك من السجود (سواء بتكبير أو بدون تكبير) ..

3- وبهذا تكون انتهت سجدة الشكر ..

- ثالثا: سجود التعظيم .. أو السجود لآيات الله ..

- كلما وجدت في نفسك ما فيه خوفا أو رجاء من الله .. واستشعارا بعظمته .. فاسجد لله تمجيدا له جل جلاله .. وافعل الآتي:

1- أنزل ساجدا (سواء كبرت أم لم تكبر) .. وقل في السجود تسبيح السجود (سبحان ربي الأعلى) أو قل ما تمجد به الله من تسبيح أو تهليل أو حوقلة .. أوما يجري بخاطرك من دفع خوف أو طلب رجاء من مولاك  ..

2- ثم ارفع رأسك من السجود (سواء بتكبير أو بدون تكبير) ..

3- وبهذا تكون انتهت سجدة التعظيم ..

* ملحوظة هامة:

- لماذا أقول لك: (سواء كبرت أم لم تكبر) ..؟

- لأن هناك اختلاف مذاهب في هذا الشأن (بلا داعي) .. ولا يوجد دليل إثبات صحيح على من يقول برفع اليد أو التكبير أو التشهد أو التسليم .. ولا يوجد دليل إنكار صحيح على من منع كل ذلك .. والله أعلم .. ولذلك أنت حر لتختار ما تريد ..

- والذي يستدل على التكبير عند السجود فقط وليس عند الرفع .. ويحتج بحديث أبي داوود المروي عن عبد الله بن عمر حيث يقول: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرأُ علينا القرآنَ ، فإذا مَرَّ بالسجدةِ كَبَّرَ وسجد وسَجَدْنا) رواه أبي داوود .. وقد ضعفه غير واحد من أئمة الحديث منهم الهيثمي وآخرهم الشيخ الألباني ..

- واللفظ الصحيح لهذا الحديث عن عبد الله بن عمر جاء بدون لفظ (كَبَّرَ) .. هكذا: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُنا القُرآنَ، فإذا مَرَّ بِسُجودِ القُرآنِ سَجَدَ وسَجَدْنا معه) رواه أحمد .. وقال أحمد شاكر إسناده صحيح ..، وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.

- ولا مانع أن تكبر عند السجود وعند الرفع من السجود .. لأن هذا السجود يتشابه مع سجود الصلاة .. وبالتالي تكبر عند السجود وعند الرفع منه تشبيها بفعل النبي في سجود الصلاة .. والله أعلم.

- ولعل يكون في تكبيرك للسجود .. يكون هناك من حولك من عالم الغيب (ملائكة حاضرة) فيسمع تكبيرك فيسجد معك ويؤمن على دعاءك أو يدعو لك الله ..

********************

..:: هل سجود التلاوة فرض يجب فعله ؟ ::..

- قد تجد إشارة في بعض كتب الفقه إلى أن البعض يظن ان سجدة التلاوة فرض .. وهذا كلام غير صحيح ومخالف للنص الشرعي .. !!

- فلا حرج عليك إن لم تسجد للتلاوة .. لأن هذا الفعل وإن كان هو سنة نبوية مؤكدة تثاب على فعلها .. إلا أنه ليست فرض عليك وبالتالي لا تأثم بتركه .. ولكن في صلاة الجماعة عليك أن تتبع الإمام لو سجد للتلاوة .. لأنك تابع له ومؤتم به ..، ولكن لو كنت تصلي منفردا فأنت لك حرية الفعل أو تركه .. والله أعلم .

* والدليل على أنها سنة وليست فرض:

- هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تركها .. والدليل على ذلك:

1- عن عطاء بن يسار (من التابعين وأحد رواه الحديث) : (أنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَزَعَمَ أنَّه قَرَأَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا) صحيح البخاري..، وفي رواية بلفظ (قَرَأْتُ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا) صحيح البخاري..، وفي رواية بلفظ (عَرَضتُ النَّجمَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمْ يَسجُدْ منَّا أحدٌ) رواه الدارقطني في سننه .. وقال الأرنؤوط :صحيح .

2- ما رواه ربيعة بن عبد الله بن الهدير (من كبار التابعين) عن أن عمر بن الخطاب: (قَرَأَ يَومَ الجُمُعَةِ علَى المِنْبَرِ بسُورَةِ النَّحْلِ حتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وسَجَدَ النَّاسُ حتَّى إذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بهَا، حتَّى إذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قالَ: يا أيُّها النَّاسُ إنَّا نَمُرُّ بالسُّجُودِ، فمَن سَجَدَ فقَدْ أصَابَ .. ومَن لَمْ يَسْجُدْ فلا إثْمَ عليه .. ولَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه) ..  وزَادَ نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، (إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إلَّا أنْ نَشَاءَ) صحيح البخاري.

- وفي رواية أخرى عن عروة بن الزبير بلفظ: (أن عمرَ بنَ الخطَّابِ رضيَ اللَّهُ عنهُ قرأَ السَّجدةَ وَهوَ على المنبرِ يومَ الجمعةِ فنزلَ فسجدَ وسجدوا معَهُ ثمَّ قرأَها يومَ الجمعةِ الأخرى فتَهَيَّئوا للسُّجودِ فقالَ عُمرُ: على رسلِكُم إنَّ اللَّهَ لم يَكْتُبها علينا إلَّا أن نَشاءَ ، فقَرأَها ولم يسجُدْ ومنعَهُم أن يسجُدوا) رواه مالك .. ولكنه حديث مرسل لأن عروة لم يدرك عمر .. ولكن حديث البخاري شاهدا له .

- وعمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يقر بحكم شرعي يقيني حتى أنه نفى التأثيم عن تارك سجود التلاوة .. إلا إن كان بلغه هذا الحكم يقينا عن النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

3- عن طلحة بن عبيد الله قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا، فَإِذَا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وصِيَامُ رَمَضَانَ. قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: وذَكَرَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الزَّكَاةَ، قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا ولَا أنْقُصُ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ) صحيح البخاري.

- فلو كان هناك صلاة مفروضة خلاف الخمس صلوات لكان أشار النبي صلى الله عليه وسلم إليها لهذا الأعرابي ..

- فثبت مما سبق أن سجدة التلاوة ليست بفرض .. وإنما سنة نبوية مؤكدة .. تثاب على فعلها ولا تعاقب على تركها.

*************************

(الفصل الثالث)

..:: مسألة: هل السجود المنفرد يسمى صلاة ؟ ::..

*********************

..:: هل السجود عبادة مستقلة بذاتها أم أنها تسمى صلاة ؟ ::..

؟

- ستجد في بعض كتب أهل الفقه يوصفون عبادة السجود على أنها صلاة ويقصدون بذلك سجود التلاوة وسجود الشكر .. ولذلك وضعوا لها شروط صحة الصلاة .. والتي من أهمها الوضوء ..!!

- وهذا كلام غير منضبط .. لأن السجود هو عبادة مستقلة بذاتها مثل باقي العبادات .. فمنه سجود التلاوة وسجود الشكر وسجود التعظيم .. وقد يكون عبادة متداخلة مع عبادة أخرى كسجود التلاوة أثناء الصلاة ..

* قال الشيخ بن تيميه رحمه الله (المتوفى: 728هـ):

- وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ السُّجُودَ يُشْرَعُ مُنْفَرِدًا عَنْ الصَّلَاةِ: كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَسُجُودِ الشُّكْرِ، وَكَالسُّجُودِ عِنْدَ الْآيَاتِ .. فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ بَعْضِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ سَجَدَ، وَقَالَ: «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا إذَا رَأَيْنَا آيَةً أَنْ نَسْجُدَ» .

الفتاوى الكبرى ج1 ص353

* قال الشيخ بن تيمية رحمه الله (المتوفى: 728هـ):

- وَالسُّجُودُ الْمُجَرَّدُ لَا يُسَمَّى صَلَاةً، لَا مُطْلَقًا وَلَا مُقَيَّدًا، وَلِهَذَا لَا يُقَالُ: صَلَاةُ التِّلَاوَةِ، وَلَا صَلَاةُ الشُّكْرِ، فَلِهَذَا لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» . وَقَوْلُهُ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» . فَإِنَّ السُّجُودَ مَقْصُودُهُ الْخُضُوعُ وَالذُّلُّ لَهُ.

- وَقِيلَ لِسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ: أَيَسْجُدُ الْقَلْبُ؟ . قَالَ: نَعَمْ، سَجْدَةً لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْهَا أَبَدًا، وَمُسَمَّى الصَّلَاةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدُّعَاءِ، فَلَا يَكُونُ مُصَلِّيًا إلَّا بِدُعَاءٍ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ، وَالصَّلَاةُ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ قُرْآنٍ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا» .

- فَالسُّجُودُ لَا يَكُونُ فِيهِ قُرْآنٌ، وَصَلَاةُ التَّقَرُّبِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ قُرْآنٍ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الَّتِي مَقْصُودُهَا الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، فَإِنَّهَا بِقُرْآنٍ أَكْمَلَ، وَلَكِنْ مَقْصُودُهَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ قُرْآنٍ.

 الفتاوى الكبرى ج1 ص357

- وبخلاف ما ذكر الشيخ بن تيمية رحمه الله .. فالذي يرشدك إلى أن السجود هو عبادة مستقلة بذاتها هو الآتي:

1- قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) الإسراء61 ..

- وسبب الإستدلال بالآية هو أنه إذا لم يكن السجود لله .. هو عبادة مستقلة بذاتها ما كان الله قد أمر ملائكته بها .. ولم يقل أحد أن هذا السجود الملائكي كان عن قيام وركوع .. وليس السجود بمعنى الإحترام لآدم كما أشار البعض لأن الله يقول (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ) الحجر29 .. فهذا سجود حركي بالإنحناء وليس سجود معنوي بمعنى الإحترام وكلام الله واضح ..

2- قوله تعالى عن أهل الكتاب: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً . وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) الإسراء107-110 .

- ولم يذكر رب العالمين أن هذا السجود هو صلاة . وإنما هو إنفعال قلبي مع آيات الله نتيجة إحساس القلب بالجمال والجلال الإلهي في كلامه تبارك وتعالى .. فيتبع هذا الإنفعال القلبي استجابة جسدية بالإنحناء مع وضع الجبهة على الأرض تعظيما الله .. واعترافا بكماله جل جلاله .

3- قوله تعالى عن سحرة فرعون أنهم سجدوا لما رأوا الحق من خلال معجزة سيدنا موسى: (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) الأعراف120 ..

- ومعلوم أن مفهوم السجود في هذا العصر هو الخضوع بالجبهة على الأرض تعظيما لمن يسجدون له وهو وضع الجبهة في الأرض .. وكان سجود سحرة فرعون هو سجود لله .. لما رأوا آية الله في معجزة سيدنا موسى  .. !!

4- لا دليل من السنة النبوية ولا القرآن يقول أن هذه سجدة التلاوة أو غيرها من السجود المنفرد كسجدة الشكر والتعظيم هي صلاة .. ويكفي من لفظها أنها سجدة ..

- وليس معنى أن سجدة التلاوة تجتمع مع الصلاة فنسميها صلاة .. وإلا جعلنا من قراءة القرآن هي أيضا لها مسمى صلاة .. لأنها تقال في الصلاة .. ولا يقول بذلك أحد ..!!

5- أحاديث سجود التلاوة والشكر والتعظيم .. كانت فعل للنبي صلى الله عليه وسلم بما لا يحتمل تأويلا حتى نقول أن هذا السجود هو صلاة ..!! ويكفيك حديث سجدة التلاوة الذي جاء فيه : عن عبد الله بن عمر قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يقرأُ علينا السُّورةَ ، في غيرِ الصَّلاةِ ، فيسجدُ ونسجدُ معَهُ حتَّى لا يجِدَ أحدنا مَكانًا لموضعِ جبْهتِهِ) صحيح أبي داوود .

- ويكفيك حديث سجدة الشكر الذي جاء فيه عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال:(خرَجَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتوَجَّهَ نَحوَ صَدَقَتِهِ فدخَلَ، فاستَقبَلَ القِبلةَ، فخَرَّ ساجِدًا، فأطالَ السُّجودَ، حتى ظنَنتُ أنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ قبَضَ نَفْسَهُ فيها، فدنَوتُ منه، ثم جلَستُ، فرفَعَ رَأسَهُ، فقال: مَن هذا؟ قلتُ: عَبدُ الرَّحمنِ. قال: ما شَأنُكَ؟ قلتُ: يا رَسولَ اللهِ، سجَدتَ سَجدةً خَشيتُ أنْ يَكونَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ قد قبَضَ نَفْسَكَ فيها. فقال: إنَّ جِبريلَ عليه السَّلامُ أتاني فبشَّرَني، فقال: إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يَقولُ: مَن صلَّى عليكَ صلَّيتُ عليه، ومَن سلَّمَ عليكَ، سلَّمتُ عليه، فسجَدتُ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ شُكرًا) رواه أحمد وغيره .. بسند حسن .

6- النبي صلى الله عليه وسلم هو من وصف سجدة التلاوة بأنها سجدة ولم يصفها بأنها صلاة .. كما في الحديث الذي رواه مسلم وذكرناه قبل قليل وهو: (إذا قَرَأَ ابنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطانُ يَبْكِي ..) ..

- معنى (قرأ السجدة): أي قرأ الآية التي فيها سجدة ..

7- السجود لا يكون فيه قراءة قرآن لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى علي بن أبي طالب: (عَنِ القِرَاءَةِ في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) صحيح مسلم .. ولكن الصلاة فيها قراءة قرآن ولا تصح إلا بفاتحة الكتاب ..

8- قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) المائدة6 ..

- وسجدة التلاوة والشكر والتعظيم .. تختلف عن إقامة الصلاة بهيئتها المعلومة .. فكيف يصح أن نصف هذه الأنواع من السجود بأنه صلاة ..؟!!

9-  قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مِفتاحُ الصَّلاةِ الطُّهورُ ، وتحريمُها التَّكبيرُ ، وتحليلُها التَّسليمُ) صحيح الترمذي ..

- وسجدة التلاوة والشكر والتعظيم .. لم يرد فيها أي من هؤلاء الثلاثة ..!!

10- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا صَلَاةَ لِمَن لَمْ يَقْرَأْ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ) صحيح البخاري ومسلم ..

- فهل سجدة التلاوة أو الشكر أو التعظيم .. يقال فيهم فاتحة الكتاب .. حتى نقول أن هذه السجدات هي صلاة ..؟!!

11- أي سجود خارج الصلاة لا يحتاج إلى وضوء في رأي بعض العلماء (سيأتي بيان ذلك) .. ولكن الصلاة لا تصح إلا بوضوء .  

- ومما سبق يتبين لك .. أنه لا يصح إطلاق وصف سجود التلاوة أو الشكر أو غيرهما من السجود .. بأنه صلاة ..!!

* ولكن وصف هذه السجدات بأنها صلاة أو ليست صلاة .. ترتب على ذلك مسألة خلافية .. حيث أن:

1- كثيرا من أهل العلم قالوا على سجود التلاوة أنها صلاة .. وبالتالي اشترطوا له شروط الصلاة من طهارة واتجاه للقبلة وستر عورة .. وبالتالي لابد للمرأة من السجود بالحجاب ..!!

2- وبعض أهل العلم قالوا: أن سجود التلاوة والشكر ليس بصلاة ، ولا يشترط لهذا النوع من السجود  ، ما يشترط في الصلاة : من الطهارة ، واستقبال القبلة ، وستر العورة . وبالتالي يصح للمرأة السجود بدون حجاب ..!!

* وهذه المسألة الخلافية هي التي سنناقشها في الفصل القادم إن شاء الله تعالى ..

**************************

 (الفصل الرابع)

..:: مسألة: هل يصح السجود المنفرد بغير وضوء؟ ::..

********************

يتبع أن شاء الله تعالى

************************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذا الموضوع مصدره - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..