ج1: رسالة لطائف وإشارات ذوقية في فهم الأمثلة القرآنية - لماذا حدث اختلاف في آراء المفسرين وما الحكمة في ذلك - لماذا لا يكون كلام الله واضح اللفظ للجميع - لماذا لم يفسر الرسول القرآن - ما معنى المثل القرآني والغرض منه.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

لطائف وإشارات ذوقية

في شرح وفهم الأمثلة القرآنية

(الجزء الأول)

* فهرس:

:: الفصل الأول :: مقدمة بسيطة عن اختلاف المفسرين والحكمة في ذلك ولماذا لم يفسر الرسول القرآن ::

1- س1: لماذا حدث اختلاف في آراء المفسرين وما الحكمة في ذلك ؟

2- س2: لماذا لا يكون كلام الله واضح اللفظ للجميع ؟

3- س3: لماذا لم يفسر الرسول القرآن ؟

:: الفصل الثاني :: الكلام عن معنى المثل القرآني والغرض منه. 
4- س4: ما معنى المثل القرآني والغرض منه ؟

**************************

 ..:: مقدمة الرسالة ::..

- بسم الله – اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

- هذه رسالة في شرح الأمثلة القرآنية التي تم ذكرها في القرآن الكريم .. والتي قد يجد فيها البعض صعوبة في فهمها أو معرفة المراد منها .. ولذلك أحببت أن أجمع لها شروحات تبين جمال ما فيها من معاني .. مصحوبة ببعض التذوقات القلبية والإشارية التي تجعل في القلب حالة طيبة وراحة حينما يتذوقها القلب .

- وقد انتهجت فيها منهجا مخالفا لكل من سبقني .. حيث ستجد فيها جمال ينشرح له صدرك .. وليس مجرد مفهوم عام للمثل القرآني .. وإنما ستجد تذوق جميل لكلام الله تعالى يزيدك إيمانا .. وإحساسا بجمال التعبير القرآن .. بل وبجمال مفسري القرآن في نظرتهم لكلام الله .. رضوان الله عليهم ..

- وأحيانا أخي الحبيب قد تجد في الرسالة أن هناك اختلاف تفسيري حول فهم الآية .. فوضعت لك مقدمة بسيطة حول مفهوم الإختلاف التفسيري ، ولماذا لم يكن القرآن كالقانون الجامد في ألفاظه ، ولماذا لم يفسر الرسول القرآن .. كأسئلة قد تدور في رأسك أو تخطر ببالك .. وأحببت أن أجيبك عليها ..

- وأرجو من الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى ..

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم .

 *********************

..:: الفصل الأول ::..

:: مقدمة بسيطة عن اختلاف المفسرين والحكمة في ذلك ولماذا لم يفسر الرسول القرآن ؟ ::

*********************

..:: س1: لماذا حدث اختلاف في آراء المفسرين وما الحكمة في ذلك ؟ ::..

- صديقي المؤمن .. قد تجد في هذه الرسالة اختلاف لآراء بعض المفسرين حول آية .. فأحببت أن أوضح لك معلومات بسيطة حول هذا الأمر حتى لا تثار في نفسك التساؤلات ..!!  

- فاعلم أخي الحبيب .. أن هناك اختلاف محمود .. واختلاف مذموم ..

- فعند علماء السلف (من أهل السنة والجماعة) غالبا يسود الإختلاف المحمود .. وإن اختلفت الآراء في ظاهرها .. بل يجمعون الآراء دون اعتراض على أحد طالما النص يحتمل هذا الإجتهاد ومعه دليل على ما ذهب إليه .. ويسمى هذا بالإختلاف المحمود .

- ولكن الإختلاف المذموم هو الرأي التفسيري الذي يفرض الرأي الخاص به دون غيره وكأنه اختص نفسه بتفسير الوحي ..!!

* وعموما من أسباب الإختلاف بصفة عامة دون دخول في تفاصيل:

1- منها أن يكون أحد المفسرين قد وجد دليلا فهم منه معنى معين (كحديث أو قصة في السيرة) .. ولم يكن المفسر الآخر قد نما إلى علمه هذا الدليل ولم يتحصل عليه . (وهذا كثيرا ما يحدث في الفقة خاصة) ..

2- منها أن أحد المفسرين قد يشرح اللفظ بمعناه العام فيحتمل كذا معنى .. ولكن الآخر يفسر اللفظ بمعناه الخاص فيقف على معنى واحد .. فمثلا كلمة (الصراط المستقيم) البعض قال طريق اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والبعض قال هو القرآن والبعض قال هو العبودية الخالصة لله والبعض قال هو كل ما سبق .. والجميع على صواب ولكن باعتبار أن هذا المفسر وضع تفسير خاص وهذا المفسر توسع في اللفظ وجمع كل ما سبق لأن اللفظ يحتمله .

3- ومنها أنهم قد يختلفوا في وجوه الإعراب أو في القراءات أو أسباب النزول أو الحروف المقطعة أو النسخ أو غير ذلك .. (راجع كتب علم أصول التفسير للمزيد) ..

- ولكن هذا الإختلاف هو اختلاف إضافة وتقارب للمعاني أي اختلاف محمود ..، وليس اختلاف تعارض على مقياس (أفهم لوحدي ورأيي هو الصواب فقط) ..

- واختلاف التعارض لن تجده إلا في الفرق التي تتعصب لأفكارها الخاصة كالباطنية والمعتزلة وغيرهم .. فتفسر اللفظ كما يتفق ورأيها الخاص .. وأيضا هناك البعض ممن يتعصب لمذهبه ورأيه من أهل السنة والجماعة سواء في تأويل الصفات أو لمذهبه الفقهي أو لأفكار جماعته التي ينتمي إليها دينيا .. والمتعصب دائما يريد أن ينتصر لطائفته وليس لله ويعمل على تحقير الآخرين ليظل هو صاحب الرأي الأوحد ويحافظ على سلطته الدينية .. إلا من رحمه ربي ورزقه الإخلاص في تحقيق العلم الديني .

* أما عن حكمة الإختلاف :

- الإختلاف دائما يزيد من قيمة التفكر والتدبر في كلام الله واستنباط المراد منه .. وإلا فكيف ستتذوق الكلام دون أن تتحقق من معانيه ؟!!

- ولذلك ستجد الإختلاف التفسيري أو الفقهي (المبني على ضوابط صحيحة - وليس بمحض الشوق والهوى) .. ما هو إلا متعة عقلية وقلبية يترتب عليها مزيد من العلم والمعرفة .. ويفتح آفاق معرفية ومزيد من استنباط معاني الجمال والجلال القرآني .. هذا لمن كان له قلب يتذوق به أوعقل يعقل به .. !!

******************************

..:: س2: لماذا لا يكون كلام الله واضح اللفظ للجميع ؟ ::..

1 - ومن قال لك أن كلام الله ليس ألفاظه واضحه ..؟!! ولكن انتبه للآتي .. حيث يوجد فرق بين وضوح الألفاظ وعلوم القرآن .. لأنه قد اختلط عليك الأمر ..

- فكلام الله واضح بعموم ألفاظه .. وإلا فكيف آمن مئات الألوف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ..؟!! بل وكيف آمن به من لا يعرفون اللغة العربية من أساسه .. ؟!! أكيد لأنه عند الترجمة مفهوم المعنى .. مش كده ولا إيه ؟!!

- ولكن القرآن فيه علوم كثيرة تحتاج لتحصيلها حتى تكون على بينة من تفسير كلام الله حتى لا تفهم خطأ أو تضل فيه فتنحرف عن مراد الله .. ولذلك أنت تحتاج لأهل العلم لتفهم ما استغلق على فهمك من كلام الله ..

- وإذا كان العلوم الدنيوية لها رجالها .. فلماذا لا تظن أن كتاب الله له رجاله أيضا الذين يقومون عليه بالشرح والتعليم ..؟!!

- ثم هل منعك أحد من تحصيل العلم الذي هو واضح ومدون في الكتب ؟!! أم هو متاح للجميع ؟ بل هو متاح للجميع وله علماؤه .

- يبقى لا يصح منك أن تقول أن اللفظ القرآني غير مفهوم أو حتى تظن أن العلوم القرآنية غير متاحة ..  ولكن قل أنت الذي لديه قصور في الفهم أو قلة العلم .. !! وهذا علاجه بأن تسأل أهل العلم كما أرشدك الله في كتابه (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل43.

2- ولو كان كلام الله .. كلام جامد اللفظ موقوف المعنى كقوانين البشر .. لما كان هناك تذوق لمعانيه .. ولا تدبر لكلامه .. ولا كان له علماء .. بل ولأصبح السفيه يتكلم فيه ..!!

3- وكيف يكون فيه إعجاز للبلغاء طالما أصبح للسفهاء نصيب فيه ؟!! أفلا تعقلون ؟!!

4- ولكن من حكمة الله أن جعل له علماء يحرسون كتابه بما أعطاهم الله من علم ومعرفة وعقل وقلب .. حتى إذا تلاعب به أصحاب الشبهات والشهوات .. قاموا له العلماء ليظهروا فساد هؤلاء ومدى تضليلهم في كتاب الله ..

******************************

..:: س3: لماذا لم يفسر الرسول القرآن ؟ ::..

1- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو فسر القرآن .. لمات الإجتهاد إلى يوم القيامة ولأصبح النص القرآني خالي من أي تدبر أو تفكر أو اجتهاد .. ولأصبح لا معنى لقوله تعالى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) النساء83 ..، وأيضا لكان لا معنى لقوله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل43.

- فتفهم من كلام الله السابق .. أن من حكمته أن يكون لكتابه علماء يجتهدون فيه .. يوضحون للناس مراد الحق من كلامه .. ويرشدونهم إليه ..

2- وأيضا من حكمته تعالى في ترك القرآن بدون تفسير النبي .. هو ليكون فتنة لأهل الهوى الذين يتكلمون في القرآن بأهوائهم ويثيرون الفتنة في القرآن فيلحدون فيه بكلامهم المنحرف والمخالف لمراد الله .. يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) آل عمران7 .

- وأكتفي بهذه المقدمة .. وننتقل إلى موضوع الرسالة وهو شرح الأمثال القرآنية ..

 ******************************

الفصل الثاني ::..

:: الكلام عن معنى المثل القرآني والغرض منه ::

*********************

..:: س4: ما معنى المثل والغرض منه ؟ ::..

- المثل معناه المثيل والنظير والشبيه .. ويقصد به توضيح وتشبيه بين الحال الواقعي ، وما يماثله في الحياة ، لتقريب المعنى في عقل السامع .

- والغرض منه .. هو تقريب المعنى في صورة محسوسة حتى تجد له تأثير في النفس .. لأنه كلما اقترب المعنى من صورة مرئية مدركة في الواقع كلما كان ذلك أمكن في عقل ونفس المستمع ..

- ولذلك عليك أن تتفكر في الأمثال القرآنية .. لأنه بكل تأكيد ستزيدك إيمانا .. ولذلك يقول تعالى : (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر21 .

- وهذا أوان الكلام على شرح أول الأمثال القرآنية .. إن شاء الله .

**********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .