بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
لطائف وإشارات ذوقية
في شرح وفهم الأمثلة القرآنية
(الجزء الثاني)
* فهرس:
:: الفصل الثالث :: الكلام عن أول
الأمثال القرآنية::
1- س5: ما هو المثل الأول الذي
جاء في القرآن ؟
2- س6: ما هي أقوال العلماء في تطبيق المثال على المنافقين ؟
3- س7: ما أوجه
الإختلاف بين آراء المفسرين ؟
4- س8: ما الذي قد يخطر بعقلك في
مناقشة أصحاب الرأي الثاني ؟ (مناقشة فكرية – بيني وبين عقلي) .
5- س9: ما هو الرأي الراجح في آراء العلماء ؟ (ورأي صاحب الرسالة).
6- س10: هل يمكن الجمع
بين الآراء ؟ (ورأي
صاحب الرسالة).
*********************
..:: الفصل الثالث ::..
:: الكلام عن أول الأمثال القرآنية ::
*********************
..:: س5: ما هو المثل الأول الذي جاء في القرآن ؟ ::..
- المثل الأول جاء في سورة البقرة .. حيث أنه لما بَيَّنَ
الله حقيقة صفات المنافقين .. اتبع ذلك بمثالين
زيادة في الكشف والبيان .. ونبدأ هنا بالكلام على المثال الأول ..
- حيث يقول تعالى: (مَثَلُهُمْ
كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ
اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ . صُمٌّ بُكْمٌ
عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) البقرة17-18.
- المعنى العام من تفسير المنتخب (لجنة من
علماء الأزهر) :
- حال هؤلاء فى نفاقهم كحال من
أوقد ناراً لينتفع بها مع قومه، فلما أنارت ما حوله من الأشياء ذهب الله بنورهم
وترك موقديها فى ظلمات كثيفة لا يبصرون معها شيئاً، لأن الله قدَّم إليهم أسباب
الهداية فلم يتمسكوا بها فصارت بصائرهم مطموسة، فاستحقوا أن يبقوا فى الحيرة
والضلال.
- هؤلاء كالصُّمِّ، لأنهم قد فقدوا منفعة السمع، إذ
لا يسمعون الحق سماع قبول واستجابة، وهم كالبُكْم الخُرس؛ لأنهم لا ينطقون بالهدى أو
الحق، وهم كالذين فقدوا أبصارهم لأنهم لا ينتفعون بها فى اعتبار
أو انزجار، فهم لا يرجعون عن ضلالتهم.
تفسير
المنتخب ص6
****************************
..:: س6: ما هي أقوال العلماء في تطبيق
المثال على المنافقين ؟ ::..
- وللعلماء رأيان في تطبيق هذا المثل على
المنافقين ..
1-
أما الرأى الأول فيرى أصحابه، أن هذا المثل قد ضرب في قوم دخلوا في
الإسلام عند وصول النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، ثم تحولوا بعد ذلك إلى
الكفر والنفاق ..
-
فيقال في تطبيق هذا المثل عليهم: إن قصة هؤلاء المنافقين الذين اكتسبوا
بإيمانهم نورا، ثم أبطلوا ذلك بنفاقهم، ووقعوا في حيرة عظيمة، كقصة من استوقدوا
نارا فلما أضاءت ما حولهم، سلب الله منهم الضوء فراحوا في ظلام لا يهتدون إلى
الخروج منه سبيلا.
2- وأما الرأى الثاني فيرى أصحابه أن هذا المثل إنما ضرب في قوم لم
يسبق لهم إيمان وإنما دخلوا في الإسلام من أول أمرهم نفاقا ..
- فيقال في تطبيق هذا المثل عليهم: إن قصة هؤلاء الذين دخلوا في
الإسلام نفاقا، فظفروا بحقن دمائهم وبغنائم الجهاد وسائر أحكام المسلمين، وتمتعوا
بذلك في الدنيا قليلا ثم صاروا إلى ظلمات العذاب الدائم في الآخرة - قصة هؤلاء
كقصة من استوقدوا نارا لتضيء لهم وينتفعوا بها، فأضاءت ما حولهم قليلا، ثم طفئت
وصاروا إلى ظلمة شديدة مطبقة.
التفسير الوسيط ج1 ص65
***************************
..:: س7: ما أوجه الإختلاف بين آراء
المفسرين ؟ ::..
* قلت (خالد صاحب الرسالة).. توضيحا لكلام الشيخ طنطاوي:
أولا- أصحاب الرأي الأول الذي ذكره الشيخ
طنطاوي:
1- هو رأي غالب السلف في التفسير – كابن مسعود
وجماعة من الصحابة .. حيث قالوا أن المنافقين كان أول حالهم أنهم آمنوا ثم كفروا
.. ودليل ذلك قوله تعالى (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا
ثُمَّ كَفَرُوا) المنافقون3 ..
2- ولعل كان سبب إيمانهم .. هو أنهم لما سمعوا من اليهود أنه
سيظهر نبي آخر الزمان ويقتلونهم قتل إرم وعاد .. فقال العرب لو ظهر هذا النبي
لنؤمنن به قبل اليهود ونغلبهم به ولا يكون لهم به سلطان علينا .. ثم لما جائهم
النبي الذين انتظروه ليؤمنوا به .. آمنوا به .. ثم ما لبث الأمر إلا وعادوا لما
كانوا عليه من ضلال .. والله أعلم .
3- والظلمات عند أصحاب هذا الرأي يتم
تفسيرها كالآتي:
- ظلمة المثل للمستوقد : بظلمة انطقاء النور وظلمة
الليل وظلمة السحاب ..
- وظلمة تطبيق المثل على المنافق: ظلمة النفاق والشك والخوف ..
4- وسبب تفسيرهم أن هذه الآية مرتبطة بحال
المنافق في الدنيا .. هو جواب (لما) في قوله تعالى (فلما أضاءت) ..
حيث كان هذا الظرف الشرطي (لما) جوابه هو (ذهب الله) .. وأصبح ضمير (نورهم) عائد
إلى كلمة (الذي) .. ولهذا تم تمثيل المنافق بالمستوقد .. فكما أن المستوقد الذي
انطفأ نوره يكون في ظلمات الليل .. فكذلك المنافق في حيرته وشكه الدائم لا يهتدي
إلى سبيل الحق .. (وراجع
تفسير القرطبي 1/212)
5-
وعند أصحاب هذا الرأي .. أن المثل مرتبط بالآية التي قبله .. حيث أنه
لمّا تم وصفهم بأنهم (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ
بِالْهُدَى) - مثّل (هداهم) الذي باعوه .. بالنار المضيئة ما حول
المستوقد ..، ومثّل (الضلالة) التي اشتروها وطبع بها على قلوبهم .. بذهاب نور
الإيمان من قلوبهم لأنهم ارتضوا بالنفاق منهجا .. وتركهم في ظلمات النفس من خوف
وشك ونفاق ..
ثانيا- أصحاب الرأي الثاني الذي ذكره
الشيخ طنطاوي:
1- وهو رأي بعض السلف كابن عباس .. وهو خاص بالذين قالوا بأن المنافقين كانوا منافقين من البداية .. لقوله
تعالى (وَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) البقرة8 ..، ولقوله تعالى (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا
قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ
إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) البقرة14 .. فدل ذلك على أنهم لم يسبق لهم
إيمان .. !!
2- أما عن ذهاب النور عنهم يكون بموتهم .. فاستدلوا بقوله تعالى (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ
آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا
نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ
مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ)
الحديد13 .. حيث لم ينفعهم نور الإيمان الذي كانوا ينتفعون به في
الدنيا حيث أسلموا بألسنتهم، ولم تؤمن قلوبهم .. فكانوا بظاهر إيمانهم قد أمنوا على أنفسهم، وأولادهم، وأموالهم من القتل
والسبي، وانتفعوا بأخذ الغنائم والزكاة، وكانوا يعيشون في أمان مع المسلمين .. بالخداع والإستهزاء .. حتى زينت لهم أنفسهم انهم
سيخدعون الله يوم القيامة كما خدعوا المؤمنين بانهم مؤمنين .. ولذلك يقول تعالى (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ
جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ
عَلَى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ) المجادلة18 ..، ظنًّا من القوم
أن نجاتهم من عذاب الله في الآخرة ستكون بالكذب والنفاق أيضا ..!!
- ولكنهم يكتشوا أن نور الإيمان الساكن في
القلوب هو النور الحق ..
ولن يكون لهم انتفاع منه في الآخرة لأن قلوبهم مظلمة .. !!
3- والظلمات عند أصحاب هذا الرأي يتم تفسيرها كالآتي:
- ظلمة المثل للمستوقد : بظلمة انطقاء النور وظلمة
الليل وظلمة السحاب ..
- وظلمة تطبيق المثل على المنافق: هي ظلمة الغم وقت خروج الروح وظلمة القبر وظلمة يوم
القيامة .
4- وسبب تفسيرهم أن هذه الآية مرتبطة بحال المنافق في الآخرة
.. هو جواب (لما) في قوله تعالى (فلما أضاءت) .. حيث كان جواب هذا الظرف محذوف
وتقديره (طُفئت) .. أي فلما أضاءت ما حوله طفئت
.. و(ذهب الله بنورهم) .. وكان ضمير (نورهم) عائد إلى المقصودين بالمَثَل وهم المنافقين ..
وقوله تعالى (ذهب الله بنورهم) يؤول إلى حالهم في
الآخرة وانقطاع النور عنهم .. كما قال تعالى (يَوْمَ
يَقُولُ المنافقون والمنافقات لِلَّذِينَ آمَنُواْ انظرونا نَقْتَبِسْ مِن
نُّورِكُمْ) الحديد13 .. (وراجع تفسير القرطبي 1/212)
5- وعند أصحاب هذا الرأي .. أن المثل مرتبط بالآية التي قبله
.. حيث أنه لمّا تم وصفهم بأنهم (أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا
الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى) - مثّل (هداهم) الذي باعوه .. بالنار
المضيئة ما حول المستوقد ..، ومثّل (الضلالة) التي اشتروها وطبع بها على قلوبهم ..
بذهاب الله بنورهم في الآخرة وتركه إيّاهم في ظلمات القبر وظلمة الصراط وظلمة
العذاب .
******************************
..:: س8: ما الذي قد يخطر بعقلك في مناقشة أصحاب الرأي الثاني ؟ ::..
(مناقشة فكرية – بيني وبين عقلي)
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- س1- قد يفكر العقل في نقد كلام أصحاب
الرأي الثاني .. ويرى أن المثل لا يصح أن ينطبق على أحوال المنافقين
في الآخرة بسبب ختام الآية (ظلمات لا يبصرون) .. حيث أن الآية تدل من ظاهرها على
حال الحياة وليس حال الموت ..؟
- ج1- ولكن ممكن أن أرد على ذلك بقوله
تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ
بَصِيرًا . قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ
تُنْسَى) طه124-126.
- س2- وقد يفكر عقلك مرة أخرى في نقد كلام
أصحاب الرأي الثاني .. ويرى أن الآية لا تصح أن تنطبق على حال الموت بسبب
الآية التي بعدها وهي (صم بكم عمي) .. وهذه الآية تدل من ظاهرها
على أن هذا حالهم في الدنيا وليس في حال الآخرة .. فضلا عن أن المثل مضروب لتوضيح
حال قائم لنفسية موجودة .. وليس حال أخروي ..؟
- ج2- ولكن ممكن أن أرد على ذلك بقوله
تعالى .. بأن في الآخرة يحشرهم رب العالمين على هذا الحال .. لقوله تعالى (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ
زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا . ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا
وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا
جَدِيدًا) الإسراء98-99.
- س3- وقد يفكر العقل في نقد كلام أصحاب
الرأي الثاني .. فيقول أن قوله (لا يرجعون) دليل على حال دنيوي ؟
- ج3- ليست دليل على حال دنيوي فقط ..
بل وعلى حال أخروي لقوله تعالى: (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ
أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا
يَرْجِعُونَ) الأنبياء95.
- س4: يقال لأصحاب الرأي الثاني .. طالما رأيكم هو أن الآية
تتعلق بالمنافق من بدايته وليس بمن كان مؤمنا ثم نافق .. فكيف تفسرون قوله تعالى:
{ذهب الله بنورهم} ؟ لأن المنافقين على رأيكم لَا يصح أن يكون لهم نور لأنهم لم
يكونوا مؤمنين ؟
-ج- وقد يتم الرد على هذا القول .. بأن
النور قد يكون حقيقي وقد يكون مجازي .. فالحقيقي هو نور الإيمان الحق .. والمجازي
هو النور الذي تتزين به ظاهرا لتنتفع من خلاله وإن لم تؤمن بهذا النور .. فكأنك
تعيش في نور الإسلام .
- س5: بطريقة أخرى يعيد العقل تفكيره
للإنتصار للرأي الثاني بدلا من نقده .. فيقول: أن أصحاب الرأي الثاني كان لهم
قوة في إظهار أن هؤلاء المنافقين كانوا غير مؤمنين بدليل هاتين الآيتين في قوله
تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ
وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) البقرة8 ..، وقوله تعالى (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا
قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ
إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) البقرة14 ..
- فدل ذلك على أنهم لم يسبق لهم إيمان .. !!
- ج- ولكن يرد على هذا القول .. بأنه لا يمنع أن تكون الآيات
السابقة جاءت على سبيل الخبر عنهم بعد أن تبدلت قلوبهم للنفاق .. لأن الله أثبت
لهم الإيمان في البداية ثم كفروا .. بدليل قوله تعالى: (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) المنافقون3 ..
- والله أعلم ..
**************************
..:: س9: ما هو الرأي الراجح في آراء
العلماء ؟ ::..
(ورأي صاحب الرسالة)
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لا يوجد رأي راجح عند العلماء من الرأيين
الأوليين .. وإن كان الذي وجدته كثيرا يميل إليه العلماء هو الرأي الأول .. لأنه يبعدك
عن تساؤلات كثيرة أنت في غنى عنها .. وهو الرأي الخاص بأن هؤلاء المنافقين كانوا
مؤمنين ثم كفروا .. ويتفق بوضوح مع ظاهر الآية .. وفضلا عن أن عليه أكثر الصحابة
والسلف .
- وعن رأيي (صاحب الرسالة) :
- أميل للرأي الأول المرتبط بضرب المثل للمنافق الذي كان
مؤمن ثم كفر .. لأسباب:
1- لأن هذا مقصد
المثل .. هو توضيح صورة واقعية بمثال واقعي وليس أخروي .. !!
2- الإنتفاع بالنور لا يسمى نور .. لأن النور في ذاته مصدر للبيان والوضوح
والكشف لما هو محيط بك .. ويترتب عليه اكتساب منافع من هذا المكان الذي ظهر فيه
النور ر .. فكيف يسمى الإنتفاع بالنور هو نور ؟!!
- حتى لو قلنا عنه أنه نور
مجازي (كما ذكرت منذ قليل) .. فلا أجده ردا مطمئنا .. وإن كان فيه شيء من
الصواب..!!
- والله أعلم ..
*************************
..:: س10: هل يمكن الجمع بين الآراء ::..
(ورأي صاحب الرسالة)
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- بما أن الآية تحتمل كلا الرأيين .. والمقصد ليس بعيد في التفسيرين .. فمن وجهة نظري يمكن الجمع بين الآراء .. كيف ذلك ؟
- أقول – والله أعلم - :
1- أن المثل يقال على المنافق باعتبار
خاتمة قلبه (سواء كان منافق من البداية ثم مات على ذلك أو كان مؤمن
ثم تحول للنفاق ثم مات على ذلك) ..
2- والنور قد يكون وصف حقيقي لمن تحقق بنور
الإيمان ثم كفر أو وصف مجازي لمن تزين بالإيمان لينتفع بنور أهل الإيمان ..
- فإن كان مؤمن ثم نافق .. فهو كان تحقق بنور الإيمان واعتقده
ثم كفر به فسلبه الله نعمة هذا النور جزاء لجحوده الإيمان ..
- ولو كان منافق من البداية .. فهو تزين بالإيمان لينتفع بنور أهل الإيمان بين
المؤمنين .. حيث كان يحقق (بإيمانه المزيف) منافع كان ينتفع بها المؤمنون كاقتسام الغنائم والأمان من القتل والزواج منهم .. وغير ذلك ..
3- و كلمة ظلمات تشمل الدنيا والآخرة .. وكأن الله أوضح حالهم في الدنيا
وفي الآخرة .. فهم في حياتهم محبوسين في ظلمات النفس (من نفاق وخوف وشك وتوهم وحقد
وغل على المؤمنين) ..، ولهم ظلمات في الآخرة بانتظارهم (عند نزع الروح وفي القبر
وعلى الصراط وفي العذاب) ..
4- وحالهم في الحياتين هو أنهم صم
بكم عمي .. كما أوضحت لك ذلك قبل قليل في أن الصم والبكم والعمى عن
مطلق الإيمان هو وصف في الحياتين .. للجاحد المنكر للنبي والقرآن ..
- والله أعلم في كل ما سبق ..
************************
..:: س11: هل هناك رأي آخر معتبر قيل عن بعض السلف ؟
::..
- نعم يوجد آراء مختلفة .. ولكن الغالب على جمهور العلماء
هو الرأيين السابق ذكرهم ولهم أسانيدهم عن بعض السلف (الصحابة) .. وبعض المفسرين
مال إلى رأي ثالث وله سند أيضا عن بعض السلف (التابعين) .. وهو أن المثال المقصود
به اليهود .. وهو قول عطاء بن أبي رباح ومحمد بن كعب (كلاهما من التابعين الثقات)
.. وقد أخذ بسندهما الشيخ بن عجيبة رحمه الله .. وإليك تفسيره للآية ..
- قال الشيخ بن عجيبه رحمه الله (المتوفى: 1224هـ):
-
مثل هؤلاء المنافقين من اليهود كَمَثَلِ رجل في ظلمة، تائه في الطريق،
فاستوقد ناراً ليبصر طريق القصد فَلَمَّا اشتعلت وأَضاءَتْ ما حَوْلَهُ فأبصر
الطريق .. وظهرت له معالم التحقيق .. أطفأ الله تلك النار وأذهب نورها .. ولم يبق
إلا جمرها وحرّها.
-
كذلك اليهود كانوا في ظلمة الكفر والمعاصي ينتظرون ظهور نور النبي
صلى الله عليه وسلّم ويطلبونه .. فلما قدم عليهم، وأشرقت أنواره بين أيديهم كفروا
به .. فأذهب الله عنهم نوره، (وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ) الكفر والشك والنفاق، (لاَّ يُبْصِرُونَ) ولا يهتدون، (صُمٌّ) عن سماع الحق، (بُكْمٌ) عن النطق به (عُمْيٌ) عن رؤية نوره، (فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) عن
غيّهم، ولا يقصرون عن ضلالتهم.
تفسير بن عجيبة ج1 ص83
* قلت (خالد صاحب الرسالة) :
-
وهذا الرأي نادرا ما تجده في كلام المفسرين رضوان الله عليهم .. حتى وإن كان
يصح إسقاط المثل عليهم .. ولكن أظنهم استبعدوا هذا الرأي لأن اليهود لم يوصفوا
بالنفاق .. ولم يتظاهروا بالإسلام .. بل ظلوا على يهوديتهم .. والله أعلم .
-
إلا إن كان مقصود أصحاب هذا الرأي عن اليهود هو نفاقهم لدينهم (اليهودية) .. حيث كانوا يزعمون الإيمان به
ويؤمنون باتباع النبي في آخر الزمان .. ولكن ظهرت حقيقتهم بأنهم منافقون لدينهم حيث
لم يتبعوا دينهم وكانوا يعلمون بظهور النبي ومواصفاته .. وذلك جحودا منهم لله ..
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أتي من بني إسماعيل وليس بني إسحق .. فضلا عن كون
النبي قد جائهم بما لم تهوى أنفسهم .. ولذلك جحدوا الإيمان به وجحدوا عقيدتهم .. فكانوا
كالمنافق في دينه ..
-
والله أعلم .
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
..:: نذكركم بمجلس ذكر أهل المدونة ::..
إن شاء الله تعالى يوم الخميس 30-4-2020
على نفس القناة على برنامج الزيللو
الساعة العاشرة بتوقيت القاهرة
***************************************
اللهم اكفنا شر كل ذي شر .. فلا يقتربوا منا ولا نقترب منهم .. وحل بيننا وبينهم بحجاب مستورا .. آمين يارب العالمين .
*********************************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .
بارك الله في عملكم وعلمكم أستاذي الحبيب خالد، وجعل له من إسمكم نصيبا، فيكون إسما على مسمّى، اللهم آمين آمين آمين يا ربّ العالمين
ردحذفبسم الله تبارك الله رب المشرق والمغرب ربنا يزيدك يا سيدنا من فضله وكرمه ويمتعك بالصحه والعافيه آمين آمين.
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد النبى الأمى الأمين وعلى اله وصحبه وسلم
يارب استجب
ردحذفيارب استجب
ردحذفماشاء الله و لا حول ولا قوه الا بالله
ردحذفربنا يجزيك عنا ما هو اهله استاذنا
و يكفيك شر كل ذي شر
و شر ما في قلوب الناس امين
اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا محمد النبي الامي و علي اله و صحبه و سلم تسليما كثيرا
السورة التي تذكر فيها البقرة
ردحذفقوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الاسم مشتق من السمو والسّمة، فسبيل من يذكر هذا الاسم أن يتسم بظاهره بأنواع المجاهدات، ويسمو بهمته إلى محالّ المشاهدات.
فمن عدم سمة المعاملات على ظاهرة ، وفقد سموّ الهمّة للمواصلات بسرائره لم يجد لطائف الذكر عند قالته، ولا كرائم القرب في صفاء حالته.
معنى اللّه: الذي له الإلهية، والإلهية استحقاق نعوت الجلال.
فمعنى بسم اللّه: باسم من تفرّد بالقوة والقدرة.
الرحمن الرحيم من توحّد في ابتداء الفضل والنصرة.
فسماع الإلهية يوجب الهيبة والاصطلام، وسماع الرحمة يوجب القربة والإكرام.
وكلّ من لاطفه الحق سبحانه عند سماع هذه الآية ردّه بين صحو ومحو، وبقاء وفناء، فإذا كاشفه بنعت الإلهية أشهده جلاله، فحاله محو.
وإذا كاشفه بنعت الرحمة أشهده جماله فحاله صحو:
أغيب إذا شهدتك ثم أحيا فكم أحيا لديك وكم أبيد
___________
منقول من لطائف إشارات الإمام عبدالكريم القشيري (قدس الله سره) في تفسيره المعروف بـ لطائف الإشارات ...
حول قوله تعالى:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ" في السورة التي تذكر فيها البقرة
يتبع باذن الله
خبر عاجل
ردحذفتم إنشاء قسمين جديدين بالمدونة هما :
1- قسم الأمثال القرأنية.
2- قسم القصص النبوية والقرأنية.
.......
ولله الحمد
الله يبشرك بالخير أخي مجد
حذفاللهم زد وبارك
تحياتي للجميع
أزال المؤلف هذا التعليق.
حذفبالنسبة لهذه الرسالة ..
حذفماشاء الله ..
إسلوب مميز في فهم وعرض لطائف و إشارات ذوقية في فهم اللآيات (الأمثلة القرآنية) ..
و أكثر شيء لفت انتباهي هو: س8(مناقشة فكرية- بيني وبين عقلي).. هذه المناقشة الفكرية بينك و بين عقلك أستاذي .. توضح كيف يتبين الإنسان وجهة نظر الآخر بدون تحيز لرأي معين ليكون متبعا للحق .. وكيف يُعلن عن رأيه بدليل عقلي وشرعي ليس فيه اتباع هوى النفس ..!!
دمت لنا أستاذي معلما و نورا في طريق الله
تحياتي لك🌷
***********
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الامي و على آله وسلم
اللهم طهر قلوبنا من النفاق واعمالنا من الرياء وألسنتنا من الكذب واعيننا من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور آمين
ردحذفجزاك الله خيرا استاذنا الفاضل على هذه التبصرة والالتفاتة الى الأمثلة القرآنية وما فيها من جمال .. زادك الله من فضله العظيم وأعظم لك نووراا .. آمين يارب العالمين
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8) ) ال عمران 📖
ردحذفحين عرضت الرأي الأول استساغه عقلي جدا اكثر من الرأي الثاني ..ولكن لما بينت حجة كل منهم استطعت تقبل الرأيين ..الذي فاجئني أنك ذكرت مايجول في نفوسنا وما تدركه عقولنا حال قراءة الرأيين ..سبحان الله العظيم.
ردحذفجزاك الله خيرا كثيرا استاذي الفاضل الكريم.
===========
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا حتى ترضى سبحانك.