ج1: رسالة النفحات في مفهوم الحديث النبوي عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات - هل كل من يقرأ القرآن ويصلي ويصوم هو من أهل الله الصالحين - من هم جماعة (أنا خير منه) الذين يزكون أنفسهم على الله - من هم جماعة المتعبدين المفلسين المؤذيين - من هم جماعة المتعبدين التكفيريين المستبيحة للمؤمنين - من هم جماعة قارئي القرآن الذين يخرج فيهم الدجال - من هم جماعة (دعوى الجاهلية) - ما المقصود من ذكر هذه الجماعات الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة النفحات

في مفهوم الحديث النبوي

عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات

(مع التعريف بأهل القرآن وبعض من خسروا أجر عبادتهم عند الله)

(الجزء الأول)

* فهرس الرسالة:

1- مقدمة الرسالة .

:: الفصل الأول :: لا تكن من هؤلاء ::

2- س1: هل كل من يقرأ القرآن ويصلي ويصوم هو من أهل الله الصالحين ؟

3- س2: من هم جماعة (أنا خير منه) الذين يزكون أنفسهم على الله ؟

4- س3: من هم جماعة المتعبدين المفلسين المؤذيين ؟

5- س4: من هم جماعة المتعبدين التكفيريين المستبيحة للمؤمنين ؟

6- س5: من هم جماعة قارئي القرآن الذين يخرج فيهم الدجال ؟

7- س6: من هم جماعة (دعوى الجاهلية) ؟

8- س7: ما المقصود من ذكر هذه الجماعات الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله ؟

************************

 ..:: مقدمة الرسالة ::..

- بسم الله – اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم .

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

- هذه رسالة بسيطة المحتوى .. تحتوى على شرح لبعض الأحاديث النبوية التي تسبب لبعض المؤمنين فهما خاطئا ..  والذي يترتب على ذلك الفهم الخاطيء نتائج نفسية مؤلمة في العلاقة مع الله .. كما يحدث ذلك في أحاديث نسيان القرآن .. مما يجعل البعض لا يحفظ شيئا من القرآن طالما سيترتب على النسيان عقوبة ..!!

- ونجد على النقيض من الطرف الآخر الذي يُحفظ القرآن .. يستخدم من هذا الحديث وسيلة زجر ككرباج يجلد به من يحفظون القرآن .. وهو يظن أنه بذلك يزجرهم ويخيفهم ليحفظوا القرآن ولا ينسوه ..!!

- وفي الحقيقة أن هذا أسلوب فاسد من المُحَفَّظ للقرآن .. وليس وسيلة لتحبيب الناس في القرآن .. فضلا عن أنه أساء في  توجيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم .. من خلال استخدم بعض الآراء الفقهية وجحد الآراء الأخرى وأخفاها عن تلامذته وطلابه .. ظنا منه وتوهما أنهم لو عرفوها سيتراجعون في الحفظ ..!! وهذا محض توهم باطل منه .. وسيسأل عن هذا أمام الله لو كان يعلم أن للحديث توجيهات أخرى في الفهم .. ثم كتمها عمدا ..!!

- ومن يتبع أسلوب كتم العلم لتسييس العامة على رأي خاص .. مع جحود الرأي الآخر الذي له قوة دليل وبرهان في صحة ما ذهب إليه .. فهذا اسلوب فاسد ومضلل للحقائق .. بل هو أسلوب رخيص يدل على بلادة علمية وفساد قلب من ناقله .. لأنه لم يكن أمينا في نقل العلم الديني .. وكيف تقبل علما دينيا من إنسان غير أمين في نقل العلم الديني ..!!

 

- ما نناقشه هنا هو مسألتين :

- المسألة الأولى: مسألة التغني بالقرآن .. وما هو معنى التغني والمراد منه في الحديث ؟

- المسألة الثانية: مسألة نسيان حفظ القرآن .. وهل يوجد عقوبة فعلا على من ينسى حفظ القرآن ؟

- ولكن يسبق هاتين المسألتين مقدمة لها فصلين وجدت أنه من المهم ذكرهما .. حتى تكون على بينة وبصيرة من دينك .. خاصة وقد وجدت جماعات يحفظون القرآن ويستعلون بأنفسهم مادحين لها .. بل والبعض منهم ينظر بنظرة احتقار لبعض المؤمنين لأنهم لا يحفظون القرآن .. مما يسبب لمن لا يستطيع حفظ القرآن إنكسار في نفسه وتراجع في العبادة كبير لعجزه عن الحفظ ..!!

- فوجدت أنه من المهم أن أذكر هذه المقدمة المنقسمة على فصلين ..

- الفصل الأول: خاص بتوضيح أن الصلاح لا يكون بمجرد قراءة القرآن أو فعل العبادات فقط .. وإنما بطاهرة قلب وصدق معاملة مع الله .

- مع التوضيح أنه نبين هنا مفاسد بعض الجماعات التي خسرت أجر عبادتها عند الله والتي منها قراءة القرآن  .. دون الخوض في تفاصيل من يتاجرون بالقرآن كجماعة "ماشي شمال" والمسماة بالقرآنيين .. والذين يأكلون بالقرآن .. والذين اتخذوه وسيلة لاستحضار الجن .. والذين ساووه بكتب البوذيين والهندوس .. وما شابه ذلك .. وقد تكلمنا عليهم في رسالة النظام العالمي الجديد . فارجع إليها لو أردت ..

- الفصل الثاني: خاص بتوضيح جماعة القرآن الذي هم أهل القرآن وخاصته ..

- وأرجو من الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى .. فهو حسبي ونعم الوكيل .. عليه توكلت وإليه أنيب ..

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم .

*******************************

..:: الفصل الأول ::..

:: لا تكن من هؤلاء ::

**************************

..:: س1: هل كل من يقرأ القرآن ويصلي ويصوم هو من أهل الله الصالحين ؟ ::..

- صديقي المؤمن .. أريدك أن تنتبه لأمر هام جدا .. وهو أن البعض يظن أنه لمجرد أنه أقام العبادات فهو على خير .. لا .. فهذا شخص يزكي نفسه على الله متفاخر بعمله مرائي به .. وقد لا يجد ثمرة لعمله في الآخرة .. بل قد يكون عمله مقبولا ولكنه يُسلب منه في الآخرة ليُعطى لغيره جزاء لسوء معاملته مع الناس .. فيكون القصاص منه جزاء على ما فعله مع عباد الله ولم يتب منه وظل مصرا عليه إلى آخر حياته ..!!

- تأمل معي ما سيأتيك من كلام الله وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم ..  ولا تكن من هؤلاء المحجوبين بحجاب النفس عن تذوق الإيمان وفي الآخرة من الاخسرين أعمالا وقد كانوا يحسبون أنهم يحسنون صنعا .. !!

- واعلم أن الأنفاس قليلة ويوم القيامة قريب .. فاجتهد في تزكية نفسك بالعمل الصادق المخلص فيه ابتغاء مرضاة الله ويكون ذلك بدوام التوجه الصادق إلى الله ..!!

- ولا تكن من الذين يزكون أنفسهم على الله – ولا تكن من المفلسين المؤذيين لخلق الله – ولا تكن من جماعة (أنا خير منه) الذين يستعلون بقرائتهم وعلمهم على المؤمنين .. ولا تكن من الخوارج الذين تلاعبوا بكلام الله وكفروا المؤمنين – ولا تكن من الداعين إلى أفكار جاهلية .

- وإليك بيان تفصيل ما سبق ..

*****************************

(مِن الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله)

..:: س2: من هم جماعة (أنا خير منه) الذين يزكون أنفسهم على الله ؟ ::..

- صديقي المؤمن .. لا تصاحب ولا ترافق من يُزكي نفسه على الله ويمدح نفسه بكونه من المصلين وقارئي القرآن والمتصدقين والذاكرين .. حتى يتوبوا عن عبادتهم لأنفسهم وتزكيتهم لها ويتطهروا ويغسلوا باطنهم بماء حب الله ورسوله ..

- وهذا التطهر يكون باتهام النفس بالتقصير والعمل الصادق المصحوب بإخلاص لله .. مع صدق التوجه إلى الله ..

- وعلامة ذلك التطهر هو حب المؤمن والخوف عليه والأخذ بيده ليرتقي به .. وليس ليستعلى عليه أو ليفرض آراءه عليه أو ليرائي بعمله أمامه مدحا لنفسه وتحقيرا لغيره ..!! لينسب الخيرية لنفسه ..!!

- ومشكلة من يزكي نفسه .. هو شخص قد كذب على الله .. لأنه من أين أتي بذلك الحكم الغيبي لنفسه ؟! فهل هو شريك لله في حكمه حتى يثبت لنفسه ذلك أم قال على الله بما لم يقل به ؟ 
- ولذلك فهذا الشخص آثم بما افترضه لنفسه من حكم غيبي لا يعلمه إلا الله تعالى .

- وإليك دليل ما أردتك أن تنتبه إليه :

1- يقول تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا . انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا) النساء49.

- والمعنى من "أيسر التفاسير" :

- (الفَتِيلُ): الخَيْطُ الرَّفِيعُ فِي شِقِّ نَواةِ التَّمْرَةِ.

- (يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ): يَمْدَحُونَهَا بِالبَرَاءَةِ مِنَ الذُّنُوبِ.

-  نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي اليَهُودِ وَالنَّصَارَى حِينَ قََالُوا: نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأحِبَّاؤُهُ، وَحِينَ قَالُوا: لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أوْ نَصَارَى.

- (وَقِيلَ إنَّها نَزَلَتْ فِي ذَمِّ مَدْحِ النَّفْسِ، وَتَزْكِيَةِ الإِنْسَانِ نَفْسَهُ بِصُورَةٍ عَامَّةٍ) .

- فَقَالَ تَعَالَى: ألاَ تَعْجَبُ، يَا مُحَمَّدُ، مِنْ هَؤُلاءِ الكَافِرِينَ الذِينَ نُبَيِّنُ لَهُمْ سُوءَ عَمَلِهِمْ، فَيَرَوْنَهُ حَسَناً، وَيُثْنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مُزَكِّينَ إيَّاهَا، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ المَرْجِعْ فِي تَقْدِيرِ أَفْعَالِ العِبَادِ، لأنَّهُ العَالَمُ بِحَقَائِقِ الأمُورِ وَغَوامِضِهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يَكْتُمُهُ النَّاسُ وَمَا يُعْلِنُونَهُ، وَهُوَ لاَ يَتْرُكُ لأحَدٍ شَيئاً مِنَ العَمَلِ، وَلَوُ كَانَ مِقْدَارَ الفَتِيلِ فِي شِقِّ نَوَاةِ التَّمْرَةِ، إلاَّ وَيَحْتَسِبُهُ لَهُ.

- انْظُرْ يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ يَفْتَرِي هَؤُلاءِ الكَذِبَ عَلَى اللهِ، فِي تَزْكِيَّةِ أَنْفُسِهِمْ، وَادِّعَائِهِمْ أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ، وَأَنَّهُمْ لَنْ تَمَسَّهُمُ النَّارُ إلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ، وَكَفَى بِهَذَا الذِي يَقُولُونَهُ وَيَفْعَلُونَهُ كَذِباً ظَاهِراً.

أيسر التفاسير لأسعد حومد ج1 ص542-534

- فلا تكن يا صديقي المؤمن من الذي يزكون أنفسهم على الله .. وكأنهم ملائكة تسير على الأرض .. لأنك بذلك تكون حكمت على الله أنه أثبت لك ذلك .. فتكون من الكاذبين على الله .. لأن الله هو أعلم بمن اتقى ..!! فاحذر من أن تكون نفسك من جماعة (أنا خير منه) .. التي قال عنها النبي أنهم وقود النار ..!!  

2- يقول تعالى: (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) النجم32.

- (فَلا تُزَكُّو أَنْفُسَكُمْ): فَلا تَمْدَحُوها بِحُسْنِ الأَعْمَالِ.

- والنهي في الآية واضح .. والنهي يرشدك إلى أن من يزكي نفسه إنما هو إنسان نفسه غير سوية لأنه يكون قد كذب على الله وقال بما لم يقل به الله، وهذا إثم كبير كما أخبرنا تعالى في الآية السابقة في سورة النساء .

- وكذلك لا يصح لك تزكية أحد إلا ظنا منك بذلك .. فقد جاء في الحديث عن أبي بكرة نفيع بن الحارث قال: (أَثْنَى رَجُلٌ علَى رَجُلٍ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: ويْلَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ مِرَارًا، ثُمَّ قالَ: مَن كانَ مِنكُم مَادِحًا أخَاهُ لا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ أحْسِبُ فُلَانًا، واللَّهُ حَسِيبُهُ، ولَا أُزَكِّي علَى اللَّهِ أحَدًا أحْسِبُهُ كَذَا وكَذَا، إنْ كانَ يَعْلَمُ ذلكَ منه) صحيح البخاري .

- ومعنى (قطعت عنق أخيك): لأن مدحه لأخيه بث فيه العجب والغرور الذي بسببه يكون عمله بعد ذلك رياءا وليس لله .. فيكون سلبه روح الإخلاص الذي هو روح العمل مع الله وسبب الوصل بالله .. كالذي قطع أوداج العنق التي هي ناقلة للدم اللازم للمخ لدوام بقاء حياة الإنسان ..!! والله أعلم .

3- وفي الحديث :

- جاءت الإشارة إلى من يزكون أنفسهم على الله وعلى عباد الله .. فلا تكن من جماعة (أنا خير منه) المتبعة لمنهج الشيطان في تزكية النفس بالباطل .. ويتخذون من القرآن وسيلة لذلك ..!!

- عن لبابة بنت الحارث أم الفضل قالت: (بينَما نحنُ بمَكَّةَ ، قامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ اللَّيلِ فَنادى هل بلَّغتُ ، اللَّهمَّ هل بلَّغتُ ، ثلاثًا ، فقامَ عمرُ بنُ الخطَّابِ فقالَ : نعَم ، ثمَّ أصبحَ ، فقالَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : ليظهَرنَّ الإسلامُ حتَّى يُردَّ الكفرَ إلى مواطنِهِ ، ولتخوضُنَّ البحارَ بالإسلامِ ، وليأتينَّ على النَّاسِ زمانٌ يتعلَّمونَ القرآنَ ويقرئونَهُ ثمَّ يقولونَ : قد قرأنا ، وعلِمنا فمَن هذا الَّذي هوَ خيرٌ منَّا ؟ .. فَهَل في أولئِكَ مِن خيرٍ ؟ قالوا : يا رسولَ اللَّهِ : فمَن أولئِكَ ؟ قالَ : أولئِكَ منكُم ، وأولئِكَ هُم وقودُ النَّارِ) رواه الطبراني .. وقال الألباني في صحيح الترغيب: إسناده حسن إن شاء الله .

- تنبيه : دل من هذا الحديث أن تعلم القرآن وقرائته ليس وسيلة كرامة دائما .. وإلا ما كان هؤلاء من وقود النار ..!!

- والحديث السابق هو إشار لجماعة اتخذت من القرآن وسيلة لتثبيت تزكية النفس واحتقار الآخرين والنظر لهم بنظرة دونية سطانها الديني .. وهي جماعة (أنا خير منه) الذين هم من جملة وقود النار .. لأنهم زكوا أنفسهم على الله وينظرون لغيرهم بنظرة دونية .. ولذلك ليس في قلوبهم خير ..!! والله أعلم .

************************

(مِن الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله)

..:: س3: من هم جماعة المتعبدين المفلسين المؤذيين ؟ ::..

- لا تكن من جماعة المتعبدين بالقرآن والصلاة والصيام .. وتؤذي عباد الله في أنفسهم سواء باللسان أو بالفعل :

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرُونَ ما المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَن لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقالَ: إنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتي يَأْتي يَومَ القِيامَةِ بصَلاةٍ، وصِيامٍ، وزَكاةٍ، ويَأْتي قدْ شَتَمَ هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضَرَبَ هذا، فيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهذا مِن حَسَناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُهُ قَبْلَ أنْ يُقْضَى ما عليه أُخِذَ مِن خَطاياهُمْ فَطُرِحَتْ عليه، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ) صحيح مسلم .

- (المفلس الحقيقي): في مفهوم الشريعة هو الذي سُلبت منه أعماله الصالحة في الآخرة لسوء معاملته وظلمه لعباد الله .

- والملاحظ  في هذا الحديث أن أعمال هذا الشخص المفلس كانت مقبولة .. وإلا ما كان الله أخذ منها وأعطاها لآخرين .. ولكنها سُلبت منه لسوء معاملته مع عباد الله .. لأنه كان يرى في نفسه الخيرية على غيره وإلا ما كان اتهمهم وسلبهم حقوقهم واستباحهم .. وأصر على فعله حتى مماته !! وظن أن عمله منجيه من عقاب الله له ..!! ولكن كانت العاقبة خسرا ..!!

2- عن أبي هريرة قال: (قال رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرَةِ صَلاتِها، وصيامِها، وصَدَقتِها، غَيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بلِسانِها. قال: هي في النَّارِ. قال: يا رسولَ اللهِ؛ فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها، وصَدَقتِها، وصلاتِها، وإنَّها تصَدَّقُ ب الأثوارِ مِنَ الأقِطِ، ولا تُؤذي جيرانَها بلِسانِها. قال: هي في الجنَّةِ) رواه احمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده حسن .. وذكره الالباني في صحيح الأدب المفرد للبخاري.

- معنى (الأثوار): أي قطع صغيرة من الجبن المجفف .. مثل الجبنة القريش أو قطع جبن صغيرة ..

- وفي رواية بلفظ (قالوا: يا رَسولَ اللهِ، فُلانةُ تَصومُ النَّهارَ وتَقومُ اللَّيلَ، وتُؤذي جيرانَها؟ قال: هيَ في النَّارِ .....) رواه البزار .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب .

- والملاحظ  في هذا الحديث أن أعمال هذه المرأة بالرغم من قبولها (هذا هو الظاهر) .. إلا أنها لم تمنع عنها عذاب الله .. لأنها أساءت معاملة عباد الله .. وقد تأتي مع المفلسين حتى يقتص الله منها حقوق العباد .. والله أعلم .

************************
(مِن الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله)

..:: س4: من هم جماعة المتعبدين التكفيريين المستبيحة للمؤمنين ؟ ::..

- لا تكن كجماعة الخوارج الذين كفروا بعض المسلمين واستباحوهم بتأويل كلام الله بالباطل:

- عن علي بن أبي طالب حينما خرج لقتال الخوارج فقال: (أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: يَخْرُجُ قَوْمٌ مِن أُمَّتي يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ، ليسَ قِرَاءَتُكُمْ إلى قِرَاءَتِهِمْ بشيءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إلى صَلَاتِهِمْ بشيءٍ، وَلَا صِيَامُكُمْ إلى صِيَامِهِمْ بشيءٍ، يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ يَحْسِبُونَ أنَّهُ لهمْ وَهو عليهم، لا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلَامِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ)  صحيح مسلم.

- وفي رواية أخرى بلفظ (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ) صحيح البخاري..

- (ليسَ قِرَاءَتُكُمْ إلى قِرَاءَتِهِمْ بشيءٍ، وَلَا صَلَاتُكُمْ إلى صَلَاتِهِمْ بشيءٍ): دلالة على شدة خشوعهم .. حتى أنكم لو نظرتم لما يفعلونه قراءة قرآن ومن صلاة .. فستتهموا أنفسكم بقلة الإيمان بالنسبة لهم . لإتقانهم قراءة القرآن وخشوعهم في الصلاة .

- (يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ): أي يستقل صلاته جدا حينما يراهم يصلون، ويستقل صيامه حينما يراهم يصومون .. من شدة خشوعهم في الصلاة ومن شدة إلتزامهم في الصيام ..!!

- (يَقْرَؤُونَ القُرْآنَ يَحْسِبُونَ أنَّهُ لهمْ وَهو عليهم): لأنهم قرأوه ويعملون بخلافه ويأولونه كما يتفق وهواهم .. حتى أنه جاء عنهم أنه يأخذون الآيات الخاصة بالكفار ويصفون بها المؤمنين .

- (لا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ تَرَاقِيَهُمْ) قرائتهم للقرآن في الصلاة غير مقبولة .. وقد يكون معنى الصلاة هنا الدعاء .. فيكون دعائهم غير مقبول .

- (يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلَامِ كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ) : أي أنهم أسرع الناس خروجا من الإسلام .. وقد يكون أنه يشتهر عنهم سرعتهم في إخراج الناس عن دينهم بالتكفير ليستبيحوهم .. كما يخرج السهم بسرعة من شدة الرمية .. والله اعلم .

- التنبيه: لا تجعل المظاهر الدينية تخدعك ولكن كن على بصيرة وتحقق ممن تصادفهم في حياتك .. فلعلهم نطفة باقية من هؤلاء الخوارج .!!

************************

(مِن الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله)

..:: س5: من هم جماعة قارئي القرآن الذين يخرج فيهم الدجال ؟ ::..

- لا تكن من جماعة قارئي القرآن دون إيمان الذين يتبعون الدجال في آخر الزمان:

- عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: (أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يجاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ"، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ" -أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً- "حَتَّى يَخْرُجَ في عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ) صحيح بن ماجه .. وذكره الألباني في صحيح الجامع .

- معنى (يَنْشَأُ نَشْءٌ) أي يظهر طائفة من الشباب .

- (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ) أي حُلُوقهم بالصعود إلى محلّ القبول، فلا تقبل قرائتهم  أو يكون المقصود بأن القرآن لا ينزل إلى قلوبهم ليؤثر فيها .

- (كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ) : كلما ظهرت طائفة منهم (قُطِعَ) أي تم كسر شوكته .

- (قَالَ ابْنُ عُمَرَ- سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "كلمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ" -أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً-) يعني أنه ردّده كثيرًا حتّى جَاوز عشرين.. وفي الحديث دلالة على تكرار منابتهم مرارا وتكرارا في مختلف الأزمنة .. وكلما ظهرت منهم طائفة حوربت وقوتلت .. والله أعلم .

- (حَتَى يَخْرُجَ في عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ) : أي أن الدجال يخرج في مواجهة هذه الطائفة فيقطعهم بلا رجعة لهم .. (أو فيتبعوه) .. الله اعلم بمراد النبي صلى الله عليه وسلم .

- التنبية: على أن ليس كل من يقرأ القرآن هو على خير .. فلعل القرآن شاهد عليه وليس شاهدا له .

***********************
(مِن الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله)

..:: س6: من هم جماعة (دعوى الجاهلية) ؟ ::..

- لا تكن من جماعة (انا خير منه) في تعليم القرآن وقرائته:

- وهناك حديث (من ادَّعى دَعوى الجاهليَّةِ فإنَّهُ من جُثى جَهَنَّم، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ وإن صلَّى وصامَ؟ فقالَ: وإن صلَّى وصامَ، فادعوا بدَعوى اللَّهِ الَّذي سمَّاكمُ المسلِمينَ المؤمنينَ، عبادَ اللَّهِ) صحيح الترمذي.

- (من ادَّعى دَعوى الجاهليَّةِ): أي من دعى بما كانت عليه الجاهلية .. مثل التعصب الأعمى بالباطل لأحد الأطراف ، أو الإستعانة بالجن والإستعاذة به ، أو التشاؤم من خلال استخدام الطير ، أو قام بنشر بدع وجعلها من الدين وهي بدع باطلة ، أو قام بتزكية نفسه على الله وعلى الناس .. أو ما شابه ذلك ..

- (جثي جهنم): أي يدخل يكون من أهل جهنم الذين حالهم أنهم يكونوا من الجاثمين على ركبتهم في جهنم .

- تنبيه: فليس كل من أقام العبادات شهد له النبي بأنه صحيح الإيمان حتى ولو صام وصلى .. بل قد يكون من أهل جهنم جزاء تعمد عصيانه واعتداءه على الشرع ..!!

***************************

..:: س7: ما المقصود من ذكر هذه الجماعات الذين خسروا أجر عبادتهم عند الله ؟ ::..

- صديقي المؤمن .. اعلم أن سبب ما ذكرته لك سابقا .. هو أنني وجدت بعض من هذه النفوس السابق ذكرها ظاهرة في حياتنا وتتنمر على عباد الله المؤمنين يمدحون أنفسهم ويحقرون من غيرهم .. خاصة من يحفظون القرآن منهم .. ويقيسون إيمانهم بقدر حفظهم وقرائتهم للقرآن مع اتهامهم للآخرين بقلة الإيمان ويستعلون عليهم استحقارا لهم .. ويكفي أن تعلم ان من يحقر مسلما فقد بات الشر ساكنا في نفسه .. كما نفهم من كلام صلى الله عليه وسلم حينما قال :(بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ) صحيح مسلم.

- وخلاصة ما سبق بيانه من هذه الجماعات ..

1- العبادات من صلاة وصوم وقراءة قرآن .. لا تعصمك عن العقاب من الله في الآخرة .. طالما لم تتب عن تزكية نفسك على الله وعلى عباد الله .. وذلك لأنك عبدت نفسك ونظرت لها بعين الكمال والفضيلة ونظرت لغيرك بعين النقص والتحقير .. فكان عقابك هو أنك تكون مسلوب الأجر من أعمالك عقابا لك ..!!

2- هو أن تفهم أن ليس قراءة القرآن أو العلم به أو أي عبادة تفعلها من صلاة أو صوم .. إن لم تكن من نفس طاهرة محبة (أي تبتغي بعملها وجه الله) .. فاعلم أنك غير مقبول وقد لا يرفع عملك .. وقد يحبط .. وقد يسلب منك ويمنح لآخرين كما في حديث المفلس .. فلا تغتر بهيئتك أو بمظهرك الديني .. لأنك لست بخادع الله ..

3- وانتبه يا صديقي المؤمن .. إلى أن لا تنبهر بصاحب هيئة دينية حتى تمرر أفعاله على كتاب الله وتفحص أحواله جيدا ..!!

- ومن علاماتهم :

أ- لو وجدته يتهم الناس في إيمانهم ويحقر منهم .. ويستعلى بعلمه.

ب- ودائما تجده يمدح نفسه ويكرر ذلك بكلمة (أنا أنا أنا) ..

ج- بل وقد يتطاول منفعلا ويكفر ويبدع من المؤمنين بما يترائى لهواه الخاص .. لأن من يكفرهم ويبدعهم يخالفون رأيه ..!!

د- ويشير لنفسه وجماعته أنه من أهل الحق .. وغيرهم على باطل ..

و- ومن أشهر علاماته أنه يتخذ من مشايخه أربابا من دون الله  .. فتجده دائما يذكر مشايخ بأعينهم فقط ينتمون لفكر واحد ومدرسة واحدة .. مع جحود باقي آراء علماء المسلمين بالرغم من رأيهم الصائب وحجتهم الراجحة ..!! وعموما هذه تسمى خيانة في الأمانة العلمية الدينية .. لأنه كتم العلم الديني ..!!

- فإذا وجدت أحد من هؤلاء الموصوفين .. فابتعد فورا عن هؤلاء ولا تجتمع معهم في مكان حتى لا يصيبك ما أصابهم  وتتلوث بما تلوثوا به في أنفسهم وقلوبهم .. فتكون من الجماعة المتبعة لمنهجية النفس الشيطانية (أنا خير منه) .. فتخسر نفسك ودينك ..!!

- ودائما نقول أن من تاب فإن الله غفور رحيم .  

*******************************

..:: الفصل الأول ::..

:: من مواصفات أهل القرآن وخاصته::

**************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .