بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة النفحات
في مفهوم الحديث النبوي
عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات
(مع التعريف بأهل القرآن وبعض من خسروا أجر عبادتهم عند الله)
(الجزء الحادي عشر)
* فهرس:
:: الفصل الحادي عشر :: عن تأويل بعض كلام النبي لمفهوم حفظ القرآن فقط (مناقشة كلام بعض العلماء)::
1- س52: كيف نناقش كلام
الإمام بن حجر العسقلاني في فهمه لحديث (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل) ؟
2-
س53: كيف يتم مناقشة
فتوى الإمام بن حجر الهيتمي ؟ مناقشته في حديث (اقْرَأ
وارق ورتِّل).
3- س54: كيف يتم مناقشة
كلام الشيخ الألباني ؟ مناقشته في حديث (اقْرَأ وارق
ورتِّل).
4- س55: ما الغرض من مناقشة أقوال بعض العلماء
؟
5- س56: هل يتم حرمانك من
العلم الشرعي لأنك لا تحفظ القرآن ؟
6- س57: هل كان منهج السلف فعلاهو حفظ القرآن دون علمه
والعمل به ؟
**********************
..:: الفصل الحادي عشر ::..
:: مناقشة بعض العلماء في تأوليهم لحديث الحديث
(اقرأ وارتَقِ ورتِّل) ::
**************************
..:: س52: كيف نناقش كلام الإمام بن حجر
العسقلاني في فهمه لحديث (يُقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل) ؟ ::..
* قال الإمام نور الدين الهروي القاري
(المتوفى: 1014هـ):
- بعد أن شرح حديث (يُقالُ
لصاحِبِ القرآنِ اقرأ وارتَقِ ورتِّل كما كنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلَكَ
عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها) صحيح أبي داوود وصحيح بن حبان .
- وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ
أَنَّهُ لَا يَنَالُ هَذَا الثَّوَابَ الْأَعْظَمَ إِلَّا مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ
وَأَتْقَنَ أَدَاءَهُ وَقِرَاءَتَهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ، فَإِنْ قُلْتَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ
الصَّاحِبَ هُوَ الْحَافِظُ دُونَ الْمُلَازِمِ لِلْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ؟
-
قُلْتُ: الْأَصْلُ فِيمَا فِي الْجَنَّةِ أَنَّهُ يَحْكِي مَا فِي الدُّنْيَا ،
وَقَوْلُهُ فِي الدُّنْيَا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُلَازِمَ لَهُ
نَظَرًا لَا يُقَالُ لَهُ صَاحِبُ الْقُرْآنِ عَلَى
الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ لَا يُفَارِقُ الْقُرْآنَ فِي
حَالَةٍ مِنَ الْحَالَاتِ، وَأَيْضًا فَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: " (يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ اقْرَأْ
وَاصْعَدْ فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ أَيْةٍ دَرَجَةً حَتَّى يَقْرَأَ شَيْئًا
مَعَهُ) .. فَقَوْلُهُ (مَعَهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ
حَافِظُهُ ..
-
وَفِي حَدِيثٍ عِنْدَ الرَّامَهُرْمُزِيِّ: (فَإِذَا قَامَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ
بِقِرَاءَتِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ذَكَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ
بِهِ نَسِيَهُ) ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ
مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَظْهِرَهُ أَتَاهُ مَلَكٌ يُعَلِّمُهُ فِي قَبْرِهِ
وَيَلْقَى اللَّهَ وَقَدِ اسْتَظْهَرَهُ) وَفِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ
وَالْبَيْهَقِيِّ (وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ يَتَفَلَّتُ
مِنْهُ وَلَا يَدَعْهُ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، وَمَنْ كَانَ حَرِيصًا
عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَطِيعُهُ وَلَا يَدَعُهُ بَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ مَعَ أَشْرَافِ أَهْلِهِ) وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ
وَغَيْرُهُ (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَقَدِ اسْتَدْرَجَ النُّبُوَّةَ
بَيْنَ جَنْبَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ، لَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ
الْقُرْآنِ أَنْ يَجْهَلَ مَعَ مَنْ يَجْهَلُ وَفِي جَوْفِهِ كَلَامُ اللَّهِ) .أهـ.
-
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: وَالْمَنْزِلَةُ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ
هِيَ مَا يَنَالُهُ الْعَبْدُ مِنَ الْكَرَامَةِ عَلَى حَسَبِ مَنْزِلَتِهِ فِي
الْحِفْظِ وَالتِّلَاوَةِ لَا غَيْرَ، وَذَلِكَ لِمَا عَرِفْنَا مِنْ أَصْلِ
الدِّينِ أَنَّ الْعَامِلَ بِكِتَابِ اللَّهِ الْمُتَدَبِّرَ لَهُ أَفْضَلُ مِنَ
الْحَافِظِ وَالتَّالِي لَهُ إِذَا لَمْ يَنَلْ شَأْنَهُ فِي الْعَمَلِ
وَالتَّدَبُّرِ، وَقَدْ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ
الصِّدِّيقِ وَأَكْثَرُ تِلَاوَةً مِنْهُ وَكَانَ هُوَ أَفْضَلَهُمْ عَلَى
الْإِطْلَاقِ لِسَبْقِهِ عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَبِكِتَابِهِ
وَتَدَبُّرِهِ لَهُ وَعَمَلِهِ بِهِ ..
-
وَإِنْ ذَهَبْنَا إِلَى الثَّانِي وَهُوَ أَحَقُّ الْوَجْهَيْنِ
وَأَتَمُّهُمَا فَالْمُرَادُ مِنَ الدَّرَجَاتِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا
بِالْآيَاتِ سَائِرُهَا وَحِينَئِذٍ تُقَدَّرُ التِّلَاوَةُ فِي الْقِيَامَةِ
عَلَى قَدْرِ الْعَمَلِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَتْلُوَ آيَةً إِلَّا
وَقَدْ أَقَامَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا، وَاسْتِكْمَالُ ذَلِكَ إِنَّمَا
يَكُونُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ لِلْأُمَّةِ
بَعْدَهُ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ فِي الدِّينِ وَمَعْرِفَةِ
الْيَقِينِ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ يَقْرَأُ عَلَى مِقْدَارِ مُلَازَمَتِهِ إِيَّاهُ
تَدَبُّرًا وَعَمَلًا .اهـ.
- ثم عقب الإمام الهروي ردا على الإمام بن حجر وتعقيبا
على كلام الطيبي فقال: وَهُوَ فِي غَايَةٍ مِنَ
الْحُسْنِ وَالْبَهَاءِ وَنِهَايَةِ الظُّهُورِ وَالْجَلَاءِ .. وَلَا عِبْرَةَ
بِطَعْنِ ابْنِ حَجْرٍ فِيهِ وَتَضْعِيفِ كَلَامِهِ وَحَمْلِهِ عَلَى
التَّكْلِفَةِ وَالْمُنَافَاةِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ التَّحْقِيقَ كَمَا
يُسْتَفَادُ مِنْ حَدِيثِ: أَنَّ
مَنْ عَمِلَ بِالْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ يَقْرَؤُهُ دَائِمًا وَإِنْ لَمْ
يَقْرَأْهُ، وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِالْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْهُ
وَإِنْ قَرَأَهُ دَائِمًا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى – (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ
مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) ص29 .. فَمُجَرَّدُ التِّلَاوَةِ
وَالْحِفْظِ لَا يُعْتَبَرُ اعْتِبَارًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْمَرَاتِبُ
الْعَلِيَّةُ فِي الْجَنَّةِ الْعَالِيَةِ .
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة
المصابيح ج4 ص1469-1470
* قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على ما سبق:
1-
ما ذكره الإمام الهروي نقلا عن الإمام الطيبي .. هو ليس من كلام الطيبي وإنما من
كلام الإمام التوربشتي (كما أوضحت في السؤال رقم57) وقد رحته لك .. ولكن الإمام
الهروي لم ينتبه لبداية كلام الطيبي عند شرح الحديث حيث أن الإمام الطيبي وضع رمز
(تو) أي منقول من الإمام التوربشتي .. !!
2-
أما عما ذكره الإمام بن حجر العسقلاني .. فنناقشه فيما احتج به إضافة لما ذكره
الإمام الهروي رحمه الله .. فأقول:
- أولا: أما عن
قول الإمام بن حجر (الْمُلَازِمَ لَهُ نَظَرًا لَا يُقَالُ لَهُ
صَاحِبُ الْقُرْآنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ لَا
يُفَارِقُ الْقُرْآنَ فِي حَالَةٍ مِنَ الْحَالَاتِ) .. ويقصد بقوله (الملازم له نظرا) أي الذي يقراه من المصحف قراءة
بالنظر .. وليس عن حفظ .
-
وأقول : من أين جاء الإمام أن صاحب القرآن لا يقال لمن يقرأه نظرا .. ؟!! ومن أين
جاء الإمام أن صاحب القرآن هو الذي لا يفارقه في أي حالة من الحالات ؟!!
-
فأما كلامه عن أن قاريء القرآن نظرا منه .. لا يقال له صاحب .. فهذا كلام فيه نظر ..!!
لأن الصحبة ليس معناها ديمومية التواجد كالروح مع الجسد ..!! وإلا فصاحب القرآن
يفارق صاحبه عند قضاء الحاجة وعند النوم وعند القتال وعند انشغاله في كسب عمله
..!! وبالتالي بنفس منطق الإمام بن حجر فلا يصح عند هذه المفارقة أن يقال للحافظ
أنه صاحب للقرآن ..!! ولذلك يكون قوله مردودا عليه في هذه الجزئية لأنه لا يصح
عقلا .. فضلا عن أن النص لم يقل (حافظ القرآن) ..!!
- قال الإمام النووي رحمه الله (المتوفى: 676هـ):
- قَالَ الْقَاضِي: وَمَعْنَى (صَاحِبِ الْقُرْآنِ) أَيِ الَّذِي أَلِفَهُ
وَالْمُصَاحَبَةُ الْمُؤَالَفَةُ وَمِنْهُ فُلَانٌ صَاحِبُ فُلَانٍ وَأَصْحَابُ
الْجَنَّةِ وَأَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ
وَأَصْحَابُ الصُّفَّةِ وَأَصْحَابُ إِبِلٍ وَغَنَمٍ وَصَاحِبُ كَنْزٍ وَصَاحِبُ عِبَادَةٍ.
شرح النووي على مسلم ج6 ص77
- والذي نفهمه من كلام القاضي عياض رحمه الله
.. والذي ينقله أغلب شارحي الحديث .. أن المراد به هو الذي يألف القرآن أي يعاهد
القرآن تلاوة وعملا .. سواء كانت التلاوة نظرا أو حفظا مع العمل والتدبر ..!!
- وكما أن الحافظ لا يستطيع قراءة القرآن
في كل الأوقات .. فقاريء المصحف نظرا لا يستطيع أن يقرأه في كل الأوقات ..
بالرغم من إمكانية فعل ذلك في زماننا من خلال الموبايل أو المصحف المحمول والمسمى
بمصحف الجيب ..!! ومع ذلك قد يصاحبك المصحف ولا تتلوه لانشغالك بأعمال الحياة ..!!
- فبطل بذلك ما ذهب إليه قول الإمام بن
حجر من حيث أن مفهوم صحبة القرآن إنما يكون لحافظه وليس لقارئه نظرا ..!! بل صاحب
القرآن يشمل كلاهما .. والله أعلم ..
- والذي يرشدك إلى قوة القول الذي قلته لك ..
هو قوله تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا)
المزمل4 .. فالأمر الإلهي بالترتيل وهو القراءة على مهل مع تدبر .. ولم يفرض
القرآن كيفية أداء للترتيل سواءعن حفظ أو عن قراءة بالنظر من المصحف ..!! وكيف
يفرض ذلك وهو ما لا لعموم الناس قدرة على فعله وهو الحفظ ..!!
- فيتبين لك أن مفهوم (صاحب القرآن) هو الذي يتعاهد القرآن ترتيلا مع العمل به ..
سواءء كان الترتيل عن حفظ أو عن نظر من المصحف ..!!
- ثانيا: أما عن استدلال الإمام بحديث
الإمام أحمد (وَيَصْعَدُ بِكُلِّ أَيْةٍ دَرَجَةً حَتَّى
يَقْرَأَ آخِرَ شَيْءٍ مَعَهُ) .. و استدلاله
بأن َقَوْلُهُ (مَعَهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ حَافِظُهُ .. !!
- فهذا قول فيه نظر أيضا ولا حجة فيه إلى
ما ذهب إليه ..!! ليه ؟
1- لأن كلمة (معه)
تحمل معنى قراءة آخر شيء معه كان قرأه من القرآن .. ولا دلالة فيه على الحفظ ..!!
- ويشهد لذلك قول النبي في الحديث (ورتِّل كَمَا كنت
ترتل فِي الدُّنْيَا) .. ولم يشير إلى تخصيص في كيفية الترتيل .. !! ثم هل
الترتيل معناه الحفظ ؟!! بالتأكيد لا .. وإلا كان واجب على كل مسلم أن يحفظ القرىن
أولا حتى يرتله ..!! فثبت بذلك أن الفضل في الحديث هو لكل شخص كان يرتل في الدنيا
بالكيفية التي أعطاها له الله سواء كانت قراءة حفظا أو قراءة نظرا ..!!
2- بل وبهذا المفهوم الذي ذهب إليه الإمام
بن حجر .. فيكون الحفظة غير العاملين بالقرآن يرتقون .. والعاملون بالقرآن الغير
حافظين له لا يرتقون ..!! فهل هذا كلام يعقل ؟!!
3- فضلا عن وجود ضعف في سند هذه
الرواية التي عند احمد التي فيها لفظ (معه) .. التي استدل بها بهذا اللفظ لوجود ضعق بأحد
رواة سند الحديث وهو عطية بن سعد العوفي .. وإن كان رواية الحديث صحيحة لغيرها .
- والله أعلم .
-
ثالثا: أما عن باقي الأحاديث التي استدل بها الإمام بن حجر .. فلا دلالة فيها على الحديث
الخاص (اقرأ وارتَقِ ورتِّل) ..!!
- بل ولا دلالة فيها لحافظ القرآن فقط دون القاريء من المصحف .. !! لأن هناك من
يقوم الليل بقراءة القرآن من المصاحف ..!!
- وحديث (مَن قرأَ القرآنَ ثم
ماتَ قبلَ أَن يَستظهِرَهُ أَتاهُ ملَكٌ فعلَّمَه في قبرِهِ، ويَلقَى اللهَ تعالى
وقد استظهَرَهُ) رواه بن شاهين في الرغيب في فضائل الأعمال ، ورواه بن
النجار ، ورواه أبي الحسين بن بشران في فوائده – وفي سنده الصبي بن الأشعث له مناكير ، وفي سنده عطيه
العوفي وهو ضعيف .. فالحديث ضعيف .
-
وللتنبيه والتذكرة .. لا أنكر كرامة حفظ القرآن .. ولكني أنكر
تخصيص اللفظ النبوي أو القرآن لرأي دون الآخر بدون وجود مخصص لهذا الرأي دون غيره
.. وطالما اللفظ يحمل الرأي والرأي الآخر فلا يصح تخصيصه .. بل يحمل كل الآراء
عليه لأنه لا تضارب بين الآراء أصلا ..!!
- والله أعلم .
****************************
..:: س53: كيف يتم مناقشة فتوى الإمام بن
حجر الهيتمي ؟ ::..
مناقشته في حديث (اقْرَأ وارق
ورتِّل)
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- جاء في فتاوى الإمام بن حجر الهيتمي (المتوفى:
974هـ):
- وَسُئِلَ نفع الله بِهِ عَن قَوْله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: (يُقَال لصَاحب الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة
اقْرَأ وارق ورتِّل كَمَا كنت ترتل فِي الدُّنْيَا، فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة) صحيح أبي داود .. مَنْ
الْمَخْصُوص بِهَذِهِ الْفَضِيلَة هَل هم من يحفظ الْقُرْآن فِي الدُّنْيَا عَن
ظهر قلبه وَمَات كَذَلِك، أم يَسْتَوِي فِيهِ هُوَ وَمن يقْرَأ فِي الْمُصحف؟
- فأجاب: الخبر المذكور خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب، لا بمن يقرأ
بالمصحف؛ لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس
فيها ولا يتفاوتون قلَّةً وكثرة، وإنما الذي يتفاوتون فيه هو الحفظ عن ظهر قلب،
فلهذا تفاوتت منازلهم في الجنة بحسب تفاوت حفظهم ..، وَمُجَرَّد الْقِرَاءَة فِي
الْمُصحف من غير حفظ لَا يسْقط بهَا الطّلب فَلَيْسَ لَهَا كَبِير فضل كفضل
الْحِفْظ، فتعيَّن أَنه أَعنِي الْحِفْظ عَن ظهر قلب هُوَ المُرَاد فِي الْخَبَر، وَهَذَا ظَاهر
من لفظ الْخَبَر بِأَدْنَى تَأمل، وَقَول الْمَلَائِكَة لَهُ (اقْرَأ وارق) صَرِيح فِي حفظه عَن ظهر قلب
كَمَا لَا يخفى.
الفتاوى
الحديثية ص113.
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وهذا الذي قال به الإمام بن حجر الهيتمي
رحمه الله مردودا عليه لعدة أسباب :
1- لا ادري من أين جاء الإمم بيقين وتحقيق
على أن مراد النبي هو (خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب) ؟!! .. حتى يصرف لفظ النبي صلى الله عليه وسلم بما
لا دليل له عليه .. عن عمومية لفظ القراءة من
كونها (حفظا أو نظرا من المصحف) إلى خصوصية لفظ القرآءة وهو القراءة حفظا فقط ..!!
فأين الدليل على ذلك ؟!!
2- بل ويكفي قول النبي صلى الله عليه وسلم
في الحديث (ورتِّل كَمَا كنت ترتل فِي الدُّنْيَا)
.. ولم يشير إلى تخصيص في كيفية الترتيل .. !! فلماذا البعض يزعم التخصيص
في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الأمر عام ..!! ثم هل الترتيل معناه الحفظ
؟!!
- ما لكم كيف تحكمون يا سادة ؟!!
- لا يوجد دليل تخصيص لما ذهب إليه الإمام
الهيتمي ومن قبله الإمام بن حجر العسقلاني .. إلا محض رأي وظن ..!! ولنناقش بعض
كلامه رحمه الله:
-
أولا:أما عن سبب قوله بذلك بهذا التخصيص وهو (لأن مجرد القراءة في الخط لا يختلف الناس فيها ولا يتفاوتون قلَّةً وكثرة، وإنما
الذي يتفاوتون فيه هو الحفظ عن ظهر قلب، فلهذا تفاوتت منازلهم في الجنة بحسب تفاوت
حفظهم) ..!!
- فكلام الإمام السابق بعضه فيه نظر وبعضه مردود عليه .. ليه ؟
1- لأن الخوارج وأشباههم
موجودون في كل زمان ومكان وسيظلوا موجودين إلى آخر الزمان .. فعلى قول الإمام
فيكون هؤلاء من أصحاب المكانة العليا في الجنة لأنه ما أكثرهم في حفظ القرآن ..!! وعلى
هذا يكون كلام بن حجر الهيتمي حيث قال: (فلهذا
تفاوتت منازلهم في الجنة بحسب تفاوت حفظهم) ..!! هو كلام غير دقيق وغير صحيح على
ظاهره .. وإلا دخل الحفاظ المرائين والضلالية وأشباههم إلى الدرجات العليا في
الجنة ..!!
2- وبالتأكيد سيكون مقصد الإمام هو الحافظ عن ظهر قلب والعامل بالقرآن .. ولو كان هذا مقصد الإمام .. لكان العمل بالقرآن هو محل نظر الله أولا ..
فثبت بذلك أن العمل هو الأصل والإخلاص في القراءة من العمل .. فكان القاريء في المصحف المخلص في قرائته من جملة هذا
الحديث بلا ريب وهو حديث (اقْرَأ وارق ورتِّل) .. لأن
العبرة ليست بالحفظ فقط ..!! وإنما يزيد الإنسان الحافظ العامل بالقرآن بدرجة حفظه
عن الذي يعمل وغير حافظ .. وهذا لا يختلف عليه عقل ولا نص .. لأن مزيد العمل هو
مزيد كرامة من الله ..!!
ثانيا:
أما عن قول الإمام (وَمُجَرَّد الْقِرَاءَة فِي
الْمُصحف من غير حفظ لَا يسْقط بهَا الطّلب فَلَيْسَ لَهَا كَبِير فضل كفضل
الْحِفْظ) ..!! فهذا كلام فيه نظر .. ليه ؟
1- إذا كان التفاوت في الحفظ فقط كما ذكر
الإمام .. فلماذا التدبر والتفكر ؟!! طالما التفاوت يكون على قدر الحفظ ؟!!
- بل لو كان التفاوت بقدر الحفظ فقط .. ففي هذا دعوة للبلادة العقلية وعدم
الإجتهاد في فهم كلام الله .. مع اتهام كثير من أكابر الصحابة لقلة حفظهم ..!!
- فضلا عن أن وفق كلامه سيكون الحافظ الجاهل
أفضل من العالم غير الحافظ .. وسيكون الحافظ غير العامل بالقرآن أفضل من العامل
بالقرآن غير حافظ له ..!! فهل هذا كلام يعقل ..!!
2- ثم من أين جاء الإمام بن حجر الهيتمي بأن الذي يقرأ من المصحف ليس له كبير فضل عن
الحافظ للمصحف ؟!! وكأن الإمام يلغي العمل بالقرآن في مقارنته بين من يحفظ ومن
يقرأ ..!! بدليل أنه أخرج القاريء من المصحف من حديث النبي (اقْرَأ وارق ورتِّل) ..!! فهل هذه مقارنة سليمة ومنصفة
لكل ذي بصيرة ..!!
- فإذا
كان النبي صلى الله عليه وسلم جعل التمييز في العمل بالقرآن حيث قال (الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ،
وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ كَالتَّمْرَةِ
طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلاَ رِيحَ لَهَا ) صحيح البخاري ...
- فلماذا الإمام بن حجر الهيتمي وغيره جعلوا التمييز على
أساس الحفظ فقط ..!! ففي أي نص هذا ..؟!!
- ولكن بكل تاكيد نجد أن يقرأ ويتدبر
ويجتهد في فهم المعنى ومراد الله هو أفضل بما دلت عليه الآيات والأحاديث ..
طبعا مع سلامة القلب .. وإن زاد في الحفظ فوق كل ما سبق فهو سيكون في مزيد فضل من
الله بلا ريب ..
3- لا داعي لتخصيص الفضل بدون نص ولا تخصيص القرآءة بالحفظ
فقط .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصص الفضل بالعمل في القرآن بالعمل ..!!
وإنما أيضا في حديث آخر قد خصص القراءة بالحفظ وغير الحفظ في حديث سابق وهو (مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له .. مع السفرة الكرام ..،
ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده ..، وهو عليه شديد، فله أجران) .. ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد التخصيص
للحافظ في حديث (اقْرَأ وارق ورتِّل) .. لكان
أرشد لذلك بكل وضوح كما في حديث (الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له) ..!!
4- ثم لو تأملنا حديث النبي: (اقرءوا
القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه) صحيح مسلم .. فنفهم منه أن
المراد هو ملازمة تلاوة القرآن بأي وسيلة سواء من المصحف أو بالحفظ .. لأنه لا
يعقل أن يكون معنى (اقرأوا) في الحديث هي بمعنى
(احفظوا) .. وإلا لكان ذلك فيه مشقة بالغة على المؤمنين .. !!
5- ثم لو نظرنا في كتب شارحي الأحاديث حول حديث (اقرأ وارتق)
.. نجد البعض يقول: أن المعنى هو حفظ وتلاوة القرآن .. ولا يقولوا الحفظ فقط ..،
والبعض يقول: التلاوة والحفظ والتدبر والعمل بمعانيه ؟!! وهذا هو غالب قول شارحي
الحديث .. وهذا القول هو الأقرب للصواب .. لأن درجات الجنة تتحق بمجموع كسب المؤمن
من عمله مع الله الذي هو في الأصل اتباع القرآن والعمل به ..!!
- ورحم الله الإمام التوربشتي حينما قال : (قد كان في الصحابة من هو أحفظ لكتاب الله من
أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وأكثر تلاوة منه وكان هو أفضلهم على الإطلاق لسبقه
عليهم في العلم بالله وبكتابه وتدبره وعمله به.) (راجع شرح المشكاة 7/209).
- فيتبين بما لا ريب فيه أن توجيه لفظ النبي في حديث (اقرأ وارتق) أنما هو على
عمومه.. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخصصه بالحافظ ..!! ومن يزعم تخصيصه
بالحافظ فقط فليأت بالدليل وإلا فكلامه فاسد ومردود عليه ..!!
-
ثالثا: أما عن قول الإمام (وَهَذَا ظَاهر من
لفظ الْخَبَر بِأَدْنَى تَأمل) ..
- فقد تبين أن التأمل الذي ذهب إليه الإمام
في فهم الحديث .. هو غير صائب ..!!
-
رابعا: أما عن قول الإمام (وَقَول الْمَلَائِكَة لَهُ (اقْرَأ وارق) صَرِيح فِي حفظه عَن ظهر قلب كَمَا لَا
يخفى) .. !!
1- فهذا لا دليل عليه إلى ما ذهب إليه لأن ممكن يكون الإنسان يقرأ بما في صحيفة
أعماله والتي يكون فيها قرائته للقرآن ..!!
- ثم أجد غرابة في قول الإمام هذا .. وكأنه
يساوي بين حال المؤمن في الآخرة كحاله في الدنيا ..!! شيء غريب ..!! أليس الله قادر
على أن يلهمه ما كان يقرأه في الدنيا كما يثبت في القبر بالقول الثابت ..!!
2- ولو كان ما قاله الإمام صحيحا .. لكان قوله تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) المزمل4 .. المقصود به الحفظ ..!!
وهذا لم يقل به أحد ..!! لأن النبي لم يقل (اقرأ وارتق)
وسكت .. لا .. وإنما قال (ورتِّل
كَمَا كنت ترتل فِي الدُّنْيَا) .. والترتيل قد يكون عن قراءة سواء حفظا أو نظرا من
المصحف ..!!
-
وخلاصة ما سبق:
1- لا داعي لتخصيص فضل الله لطائفة دون غيرهم ..
2- ولا داعي لتخصيص اللفظ النبوي العام دون دليل
إلا محض الظن والرأي ..!! بل أن اللفظ العام هو الأقرب للصواب لأنه يجمع العمل مع
الحفظ .. وهذا ما أرشدنا غليه النبي صلى الله عليه وسلم في كلامه الشريف كما سبق
أوضحنا .
*************************
..:: س54: كيف يتم مناقشة كلام الشيخ الألباني ؟ ::..
مناقشته في حديث (اقْرَأ
وارق ورتِّل)
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الشيخ الألباني ذكر
تعقيبا عند ختام الكلام على الحديث السابق حيث قال: واعلم أن المراد بقوله: (صاحب القرآن)، حافظه عن ظهر قلب على حد قوله صلى الله عليه وسلم (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله..) ، أي أحفظهم .. فالتفاضل في درجات الجنة إنما
هو على حسب الحفظ في الدنيا .. وليس على حسب قراءته
يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم .. ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن .. لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى، وليس للدنيا والدرهم والدينار، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أكثر منافقي أمتي قراؤها) .
السلسلة الصحيحة ج5 ص284
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الذي نفهمه من كلام الشيخ الألباني هو أنه
أخذ نص فتوى بعضا من فتوى الإمام بن حجر العسقلاني مع بعض فتوى الإمام بن حجر
الهيتمي واعتمد عليها في كلامه .. لأنك ستجد الألفاظ متقاربه .. !! وارجع لفتوي بن
حجر الهيتمي في السؤال السابق.
- أولا: أما عن قول الشيخ الألباني (واعلم أن المراد بقوله: (صاحب القرآن)، حافظه عن ظهر قلب ) ..
- فارجع إلى ما مناقشة الإمام بن حجر الهيتمي في (السؤال رقم 59) ..
عند قول الهيتمي: (خاص بمن يحفظه عن ظهر قلب) ..
- أما عن مفهوم (صاحب القرآن) فقد تكلمنا عليه في كلام الإمام بن حجر
العسقلاني في السؤال رقم (60) ..
- وعموما فإن مفهوم (صاحب القرآن) هو الذي يتعاهد القرآن ترتيلا
مع العمل به .. وإنما يكون لقارئه سواء حفظا ونظرا من المصحف .. والله أعلم ..
- ثانيا: وأما ذهب إليه الشيخ الألباني في
الاستدلال بحديث (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله..) .. بعيد عن ألفاظ الحديث محل البحث (اقْرَأ وارق ورتِّل) ..
وذلك لأسباب:
1- لا علاقة بين الحديث محل البحث (اقرأ وارتق) بالحديث الذي استدل به وهو(يؤوم القوم أقرؤهم) .. لأن هذا حديث خاص بأحكام الصلاة في
الدنيا .. والحديث (اقرا وارتق) حديث عام عن بعض
أحوال العاملين بالقرآن في الآخرة .. فما علاقة هذا بذلك ولماذ نخلط الأحاديث ببعض
..!! وإلا فهذا يدفعنا أن نأتي بكل الأحاديث التي تشير إلى أن القراءة عامة ونقول
أن حديث (اقرأ وارتق) يشير إليها ..!! فهل هذا
كلام يعقل ؟!!
2- فضلا عن أن كلمة (أقرؤهم) لا تعني أحفظهم فقط ..!!
فقد جاء في شروط الإمامة التي سيفقدها الناس وستكون من علامات آخر الزمان
.. هو تقديم من يتغنون بالقرآن دون أن يكون أفقه القوم وأعلمهم بكلام الله ..!!
فقد جاء في الحديث : (وَنَشْوٌ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ
مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ فِي الدِّينِ وَلَا
بِأَعْلَمِهِمْ وَفِيهِمْ
مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَأَعْلَمُ يُقَدِّمُونَهُ يُغَنِّيهِمْ غِنَاءً) رواه الطبراني في الكبير وأحمد .. وقال الأرنؤوط في
تخريج مشكل الأثار: إسناده صحيح.
- وفي رواية بلفظ: (وَنَشْوٌ
يَنْشَأُ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ فِي الدِّينِ،
وَلَا بِأَعْلَمِهِمْ، وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُمْ وَأَعْلَمُ
يُقَدِّمُونَهُمْ لِيُغَنِّيَهُمْ غِنَاءً) رواه الطبراني .
- وفي رواية بلفظ: (ونَشْوٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزَامِيَرًا ، يُقَدِّمُونَ
الرجلَ ليس بأفقهِهِمْ و لا
أعْلَمِهِمْ ، مايُقَدِّمُونَهُ إلَّا لِيُغَنِّيَهُمْ) رواه الطبراني .. ذكره الألباني في الصحيحة
.
- وارجع إلى تحقيق هذه الروايات عند السؤال رقم(39) ..
3- ولا يخفى على مؤمن .. حينما نزل
جبريل عليه السلام إلى النبي في غار حراء وقال له: (اقرأ) ثم رد النبي عليه قائلا: (ما أنا بقاريء) صحيح البخاري .. لم يكن قصد جبريل عليه
السلام حينئذ من لفظ (اقرأ) أن يكون بمعنى (احفظ) ..!! ولا يمكن أن يكون مقصود رد
النبي هو: (ما أنا بحافظ) ..!! ولم اجد أحد من علمائنا رضوان الله عليهم قال بذلك
المفهوم على أن لفظ (اقرأ) جاء بمعنى (احفظ) ..!!
- وكل لبيب
للكلام ينتبه ..!!
-
وهذا يدفعنا للتساؤل لنقول: لماذا يتم تاويل كلام النبي صلى الله عليه وسلم إلى تخصيص لم يشير إليه النبي صلى الله عليه وسلم
بلا دليل ..!!
- ثالثا: أما عن قول الشيخ الألباني: (فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ
في الدنيا) ..
- فهذا كلام فيه مخالفة لنص القرآن .. لأن التفاضل في الآخرة إنما يكون بالتقوى لقوله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ) الحجرات13 .. وليس التقوى فقط في قراءة القرآن ..
وإنما التقوى تكون بمجموع علاقة الإنسان مع الله في عباداته ومعاملاته ..!!
- ونكرر ما ذكرنا قوله عند الكلام مع الإمام
بن حجر الهيتمي .. حينما قلت : لا داعي لتخصيص الفضل بدون نص ولا تخصيص
القرآءة بالحفظ فقط .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصص الفضل بالعمل في
القرآن بالعمل ..!! وإنما أيضا في حديث آخر قد خصص القراءة بالحفظ وغير الحفظ في حديث سابق وهو (مثل الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له .. مع السفرة الكرام ..،
ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده ..، وهو عليه شديد، فله أجران) .. ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد التخصيص
للحافظ في حديث (اقْرَأ وارق ورتِّل) .. لكان
أرشد لذلك بكل وضوح كما في حديث (الذي يقرأ القرآن، وهو حافظ له) ..!!
-
رابعا: أما عن قول الشيخ: (وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم)
..
1- فهذا كلام فيه مخالفة صريحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم .. بل اعتداء صريح على اللفظ النبوي ..
وتوجيه الرأي إلى غير مراد النبي صلى الله عليه وسلم .. حيث تأول اللفظ النبوي بما
لا يشير إليه .. لأن اللفظ النبوي هو (ورتِّل كَمَا كنت
ترتل فِي الدُّنْيَا) .. ولم يحدد
وسيلة القرآءة المستخدمة هل هي من الحفظ أم من قراءة المصحف ..!! فلماذا التأويل
إلى ما لم يقل به النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!
2-
ويشهد لما سبق قول النبي في الحديث (ورتِّل كَمَا كنت
ترتل فِي الدُّنْيَا) .. ولم يشير إلى تخصيص في كيفية الترتيل في الدنيا ..
هل هي كانت قراءة عن
الحفظ أم قراءة من المصحف ..!!
- ثم هل الترتيل معناه هو الحفظ ؟!! بالتأكيد لا .. وإلا كان واجب على كل
مسلم أن يحفظ القرآن أولا حتى يرتله حتى يتبع أمر الله (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) المزمل4 ..!!
- فثبت بذلك أن الفضل في الحديث هو لكل شخص كان يرتل في
الدنيا بالكيفية التي أعطاها له الله سواء كانت قراءة عن حفظ أو قراءة عن نظر في
المصحف ..!!
- خامسا: أما عن قول الشيخ (كما توهم البعض)
..!!
- لم يعجبني هذا الأسلوب من الشيخ ..!! فهذا أسلوب نجد فيه
توجيه للرأي الخاص الذي اعتمده في كلامه .. وكأنه الرأي الصائب فقط .. والرأي
الآخر ليس على صواب ..!!
- في حين أن ما ذهب إليه الشيخ ومن قبله مثل بن حجر العسقلاني والهيتمي هو
التوهم بعينه في حمل الحديث على غير معناه الواضح والمفهوم من لفظه ..!!
-
فلا داعي لتأويل ألفاظ الحديث بما لم يقل به النبي صلى الله عليه
وسلم ..
- ولا داعي لاختراع خصوصية فضل فيها مخالفة لنص القرآن
كما أوضحنا ..!!
- ولا داعي لتجاهل مدح النبي لصاحب القرآن إنما هو للعامل به وليس
لمجرد القراءة فقط (سواء حفظا أو نظرا من
المصحف) .. وهذا واضح من حديث الأترجه ..!!
- ولا داعي للإستئثار
بفضيلة ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بمفهوم عام ثم يأتي البعض لتخصيصه بما ليس
له عليه دليل من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم ..!!
-
سادسا: أما عن قول الشيخ (لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى، وليس للدنيا والدرهم والدينار، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أكثر منافقي أمتي قراؤها) ..
- فعجبا للشيخ الألباني .. فهل حفظ القرآن حتى ولو كان ابتغاء وجه الله
هو الذي يجعل الارتقاء لدرجات الجنة العليا ..!!
- فعل هذا المنطق الغريب .. (فالقاريء الحافظ الجاهل) أفضل من (القاريء
العالم غير الحافظ) .. وكذلك (القاريء الحافظ غير العامل به) أفضل من (القاريء
العامل به غير الحافظ له) !! وهذا كلام لا
يمكن أن يقول به عاقل فضلا عن مخالفته للنصوص الشرعية ..!! وذلك على افتراض أن كلا
الطرفين كان مبتغيا وجه الله من وراء فعله ..!!
- وقد تقول: هل ممكن أن يكون الشخص حفظ كلام الله حبا في
الله .. ولكنه لا يعمل به .. !! نعم هذا واقع نعيشه وما أكثر هؤلاء .. بل وما أكثر
من ينقلب على عقبيه وكان حفظه للقرآن لوجه الله .. !! فهل هذا بمنطق الشيخ
الألباني يكون صاحب كرامة على العامل بكلام الله ..؟!! كيف يعقل مؤمن هذا الكلام ..!!
* وخلاصة ما سبق :
- أن كلام النبي صلى الله عليه وسلم هو كلام
عام لقاريء القرآن .. دون تخصيص له سواء كان حافظ أو غير حافظ .. وإنما الكرامة
دائما تكون للمتعهد العمل بالقرآن قراءة وعملا .. وهذا هو صاحب القرآن الذي أشار
له النبي صلى الله عليه وسلم .. !!
- والله أعلم.
***************************
..:: س55: ما الغرض من مناقشة أقوال بعض العلماء ؟ ::..
- أقول لك لماذا قمت بمناقشة آراء بعض العلماء ..
للأسباب التالية :
1- قول النبي في الحديث (ورتِّل كَمَا كنت
ترتل فِي الدُّنْيَا) .. دليل على أنه لم يشير إلى تخصيص في كيفية الترتيل في
الدنيا .. هل هي كانت قراءة عن
الحفظ أم قراءة من المصحف ..!!
2- أردت مناقشة أقوال بعض العلماء معك يا صديقي المؤمن ..
لأني وجدت في زماننا هذا من يتنمَّر استعلاء بحفظه لكلام الله على غيره من
المؤمنين الذين لا يحفظون .. ويحكم عليهم بالحرمان من فضل الله .. ويستأثر بفضل
حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يُقَال لصَاحب الْقُرْآن يَوْم الْقِيَامَة اقْرَأ وارق ورتِّل
كَمَا كنت ترتل فِي الدُّنْيَا، فَإِن منزلتك عِنْد آخر آيَة) صحيح أبي داوود وصحيح بن حبان .. وقال الأرنؤوط على تحقيقبن حبان: إسناده
حسن.
3- ووجدت بعض من المنفرين المؤذيين نفسيا
للمؤمنين .. والذين أصفهم بالمتنمرين .. قد أدى استعلائهم على بعض المؤمنين بالحفظ ..
أن الكثير من الشباب بل والكبار امتنع عن قراءة القرآن لأنه لم يعد يجد لنفسه نصيب
في حديث (اقرأ وارتق) .. لأنه وجد نفسه محروما من
هذه الخصوصية التي أوقفها بعضها المشايخ حكرا على الحفاظ فقط دون غيرهم ..!!
وبالتالي قال من المؤمنين من ظن أنه محروم : ما فائدة القرآن طالما لا نصيب لي في
هذه الكرامة ؟!! .. وهذا بسبب هذه الفتاوى التي أخطأت في تخصيص هذا اللفظ النبوي
دون وجود مخصص لذلك ..!! والتي يستخدمها المتنمرون في زماننا هذا !!
فيحكمون لأنفسهم بفضل الله ويحرمون غيرهم .. وكأن الله
قبل أعمالهم وحكم على غيرهم بعدم القبول .. !! فيا لها من نفوس مُنفِّرة ..!!
*
وخلاصة ما سبق:
- لماذا توجيه الحديث للتفرقة بين من يحفظ ومن
يقرأ من المصحف .. والنبي لم يضع هذه التفرقه وهذا التمييز ..؟!!
***************************
..:: س56: هل يتم حرمانك من العلم الشرعي
لأنك لا تحفظ القرآن ؟ ::..
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- حينما تجد داعية يقول لك .. أن تعليم العلم الشرعي يستوجب حفظ القرآن
أولا .. ثم يستدل على كلامه بقول الإمام النووي رحمه الله فيقول : قال النَّووي رحمه الله: «كان السلف لا يُعَلِّمُون
الحديث والفقه إلاَّ لمن يحفظ القرآن» المجموع (1/ 38) .. !!
- فأول شيء يخطر على بالك لترد
به على هذا الداعية:
1- هل كان الصحابة الذين كانوا يسألون النبي كان
يشترط لهم حفظ القرآن ؟!!
2- فإذا كان ذلك لم يحدث .. وكل شرط ليس في كتاب الله ولا كلام نبيه
فهو شرط باطل ..!! فلماذا يسرد مثل هذا الكلام وينشره بين الناس ليوهمهم أن
التعليم لا يتم إلا بحفظ القرآن ..؟!!
3- والذي نقله هذا الداعية (على افتراض صحة
النقل) عن الإمام النووي رحمه الله .. ففي هذه الجملة نظر .. لأنه مخالف لما كان عليه رسول الله صلى
الله عليه وسلم مع صحابته .. ثم هل كان الصحابة كلهم حافظين للقرآن ..؟!! لا
.. وهل من كانوا يحفظون كانوا فقهاء ومفسرين ؟!! .. لا .. !! وهل كل حافظ للقرآن
بيفهم فيه ؟ .. لا ..!! وهل كان الخوارج وأشباههم في زماننا من حفظة القرآن هم على
خير ؟!! .. لا .. !! بل أن منهم من هم علامات لقيام الساعة كما جاء في الحديث (وليأتينَّ على
النَّاسِ زمانٌ يتعلَّمونَ القرآنَ ويقرئونَهُ
ثمَّ يقولونَ : قد قرأنا ، وعلِمنا فمَن هذا الَّذي هوَ خيرٌ منَّا ؟ .. فَهَل في أولئِكَ مِن خيرٍ ؟
قالوا : يا رسولَ اللَّهِ : فمَن أولئِكَ ؟ قالَ : أولئِكَ منكُم ، وأولئِكَ هُم وقودُ النَّارِ)
رواه الطبراني .. وقال الألباني في صحيح الترغيب: إسناده حسن إن شاء الله .
4- لماذا يتم تدوين مثل هذا الكلام الذي لا فائدة من وراءه إلا ابعاد المؤمنين
عن دينهم مع مزيد من الجهل لهم .. فهل قال هذا رسول الله وهو القائل (بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً) صحيح البخاري.
- مرة أخرى أتسائل .. لماذ ننقل كلاما لا وجود له في
ديننا ونجعل منه ضوابط دينية ..؟!!
***********************
..:: س57: هل كان منهج السلف فعلاهو حفظ القرآن دون علمه والعمل به
؟ ::..
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أخي الحبيب .. قد ذكرت لك في الفصل الثالث من هذه الرسالة .. جملة من أحاديث النبي صلى
الله عليه وسلم (في السؤال رقم 10) .. وأقوال الصحابة والتابعين وأهل العلم في
مسألة أهمية العمل بالقرآن (في السؤال رقم11) ..
- ولكن استكمالا لما سبق (في السؤال رقم 64) .. وردا على بعض من يستعلى بأقوال السلف في حفظ القرآن متجاهلا كلامهم في
العمل به .. حتى جعل لجماعة الملحدين وجماعة منكري الحديث النبوي .. مدخلا للطعن
في الصحابة وغيرهم بأنهم يحفظون دون فهم منهم (وحاشاهم) ... فإليك جملة من أقوال
الصحابة والتابعين .. لتفهم كيف ينظرون للقرآن والعمل به ..
* قال الإمام القرطبي رحمه الله (المتوفى: 671هـ):
-
باب كيفية التعلم والفقه لكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وما جاء أنه سهل على من تقدم العمل به دون حفظه:
1- ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو
الدَّانِيُّ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ لَهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ
مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ: (أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كَانَ يُقْرِئُهُمُ الْعَشْرَ فَلَا يُجَاوِزُونَهَا إِلَى عَشْرٍ
أُخْرَى حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ، فَيُعَلِّمُنَا الْقُرْآنَ
وَالْعَمَلَ جَمِيعًا) .
2-
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن معمر عن عطاء ابن
السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: (ُكنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا عَشْرَ
آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ نَتَعَلَّمِ الْعَشْرَ الَّتِي بَعْدَهَا حَتَّى
نَعْرِفَ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا وَأَمْرَهَا وَنَهْيَهَا) ..، وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ: (أنه بلغه ان عبد الله ابن عُمَرَ
مَكَثَ عَلَى سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِي سِنِينَ يَتَعَلَّمُهَا) .
3-
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ
ثَابِتٍ الْحَافِظُ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى " أَسْمَاءُ مَنْ رَوَى عَنْ
مَالِكٍ": عَنْ مِرْدَاسِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَبِي بِلَالٍ الْأَشْعَرِيِّ
قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: (تَعَلَّمَ عُمَرُ الْبَقَرَةَ فِي
اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا خَتَمَهَا نَحَرَ جَزُورًا) .
4-
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ شَهْرَيَارَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَبِي عَمْرٍو
عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: (إِنَّا صَعُبَ عَلَيْنَا حِفْظُ
أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ، وَسَهُلَ عَلَيْنَا الْعَمَلُ بِهِ، وَإِنَّ مَنْ بَعْدَنَا
يَسْهُلُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ الْقُرْآنِ، وَيَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِهِ) .
5-
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا يُوسُفُ
بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حدثنا إسماعيل ابن إِبْرَاهِيمَ
بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُجَاهِدٍ عن ابن عمر قال: (كان الفضل مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا
يَحْفَظُ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا السُّورَةَ أَوْ نَحْوَهَا، وَرُزِقُوا العمل
بالقران، وان أخر هذه الامة يقرءون الْقُرْآنَ مِنْهُمُ الصَّبِيُّ وَالْأَعْمَى
وَلَا يُرْزَقُونَ الْعَمَلَ بِهِ) .
6- وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ
بِالْحَدِيثِ: لَا يَنْبَغِي لِطَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ
يَقْتَصِرَ عَلَى سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَكُتُبِهِ، دُونَ مَعْرِفَتِهِ وَفَهْمِهِ،
فَيَكُونُ قَدْ أَتْعَبَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْفَرَ بِطَائِلٍ، ولكن
تَحَفُّظُهُ لِلْحَدِيثِ عَلَى التَّدْرِيجِ قَلِيلًا قَلِيلًا مَعَ اللَّيَالِي
وَالْأَيَّامِ.. وَمِمَّنْ وَرَدَ عَنْهُ ذَلِكَ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ
شُعْبَةُ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَمَعْمَرٌ .. قَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ
يَقُولُ: (مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ جُمْلَةً فَاتَهُ جُمْلَةً،
وَإِنَّمَا يُدْرَكُ الْعِلْمُ حَدِيثًا وَحَدِيثِينَ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
7-
وَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: (اعْلَمُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ
تَعْلَمُوا فَلَنْ يَأْجُرَكُمُ بعلمه حتى تعلموا) .
تفسير القرطبي ج1 ص39-40 .. مختصرا .. مع بعض التصرف
بوضع ترقيم لسهولة القراءة والتركيز .
* قال الإمام المروزي رحمه الله (المتوفى:294 هـ):
-
وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ قَرَأَهُ عَبِيدٌ وَصِبْيَانٌ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِتَأْوِيلِهِ، وَلَمْ يَأْتُوا الْأَمْرَ مِنْ قِبَلِ
أَوَّلِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) ص29 ..، وَمَا
تَدَبَّرَ آيَاتِهِ إِلَّا أَتْبَاعُهُ .. مَا هُوَ بِحِفْظِ حُرُوفِهِ
وَإِضَاعَةِ حُدُودِهِ ..!!
-
حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَقُولُ: قَدْ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ
كُلَّهُ، فَمَا أَسْقَطَ مِنْهُ حَرْفًا .. وَقَدْ وَاللَّهِ أَسْقَطَهُ كُلَّهُ .. مَا تَرَى الْقُرْآنَ لَهُ فِي
خُلُقٍ وَلَا عَمِلٍ ..
-
وَحَتَّى عَنْ أَحَدِهِمْ لَيَقُولُ: إِنِّي لَأَقْرَأُ السُّورَةَ
فِي نَفَسٍ .. وَاللَّهِ
مَا هَؤُلَاءِ بِالْقُرَّاءِ وَلَا
الْعُلَمَاءِ وَلَا الْحُكَمَاءِ وَلَا الْوَرِعَةِ .. وَمَتَى كَانَتِ الْقُرَّاءُ تَقُولُ
مِثْلَ هَذَا .. لَا أَكْثَرَ
اللَّهُ فِي النَّاسِ مِثْلَ هَؤُلَاءِ .
-
وقال الحسن: وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ مِنْ شِرَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَقْوَامًا قَرَءُوا
هَذَا الْقُرْآنَ جَهِلُوا سُنَّتَهُ، وَحَرَّفُوهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ .. وَإِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَذَا
الْقُرْآنِ مَنْ عَمِلَ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْرَؤُهُ .
مختصر قيام الليل وقيام رمضان وكتاب الوتر
ص175
- المقصود بالحسن: هو الإمام الحسن بن يسار البصري من أئمة التابعين .. إمام ومحدث وقاضي .. ولد عام 21هـ
، وتوفي رضي الله عنه عام 110 هـ ..
*
ويتبين لك مما سبق كيف كان منهج الصحابة والتابعين في تعاملهم
مع القرآن والأحاديث .. وأنهم اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم .. ويكفيك قول
النبي صلى الله عليه وسلم: )يُؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به) صحيح مسلم ..، وقوله صلى الله عليه
وسلم: (اقرؤوا القرآنَ واعملوا به) رواه أبي
عاصم في آحاد والمثاني برقم 1862 – وذكر الحديث الألباني في صحيح الجامع برقم 1168
..
- ومن فضلك .. ارجع لكلام النبي صلى الله
عليه وسلم فيما ذكرناه من كلامه الشريف عن العمل بالقرآن .. وارجع لكلام الصحابة
والتابعين وأهل العلم .. وذلك عند السؤال العاشر والحادي عشر من الفصل الثالث من
هذه الرسالة .
***********************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفلابد ان نقف عاجزين امام هذا الجهد والاجتهاد في الرأي والتحقيق .. دمت لنا مثلا اعلى في إعمال العقل و الصدح بالحق بدل التبعية العمياء والنقل للتأويل المضلل .. ودمت لنا مثلا أعلى في الرفق والتبسيط والتسهيل .. وادعو الله ان تكون ممن ذكرهم صلى الله عليه وسلم في قوله : *(ألا أُخبِرُكم بمَنْ تحرُمُ عليه النّارُ)؟ قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ قال: (على كلِّ هيِّنٍ ليِّنٍ قريبٍ سهلٍ)* .. آمين ياارب العالمين
ردحذفماشاء الله لاقوة الابالله
ردحذفهذه الرسالة قيمة ، تذكرني بما يدعو له د.شريف يونس في مشروعه القيم "القرءان علم وعمل " ومحاضراته مثل "الهروب من الفهم" و "لا تسودوا وجهي " وغيرها ... جزاك وجزاه كل خير .
ردحذف