ج9: رسالة النفحات في مفهوم الحديث النبوي عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات - هل معنى حديث (بئسما لأحدهم يقول: نَسيتُ آية كيت وكيت) يدل على ذم من ينسى شيئا من القرآن - هل كراهية القول بالنسيان في الحديث (لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ) هي كراهية تحريم أم تنزيه - هل الذي لا يحفظ القرآن قلبه كالبيت الخرب - هل يعيب الرسول أنه نسى آية من القرآن كنسيان مؤقت ؟ (شبهة للقرآنيين والملاحدة) - ما هي أهم نصائح لمن يريد حفظ القرآن - ما هو أهم توجيه ترجوه عند قراءة القرآن أوحفظه.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة النفحات

في مفهوم الحديث النبوي

عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات

(مع التعريف بأهل القرآن وبعض من خسروا أجر عبادتهم عند الله)

(الجزء التاسع)

* فهرس:

:: تابع الفصل التاسع :: عن نسيان حفظ القرآن  ::

1- س44: هل معنى حديث (بئسما لأحدهم يقول: نَسيتُ آية كيت وكيت) يدل على ذم من ينسى شيئا من القرآن ؟

2- س45: هل كراهية القول بالنسيان في الحديث (لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ) هي كراهية تحريم أم تنزيه ؟

3- س46: هل الذي لا يحفظ القرآن قلبه كالبيت الخرب ؟

4- س47: هل يعيب الرسول أنه نسى آية من القرآن كنسيان مؤقت ؟ (شبهة لجماعة القرآنيين والملاحدة)

5- س48: ما هي أهم نصائح لمن يريد حفظ القرآن ؟

6- س49: ما هو أهم توجيه ترجوه عند قراءة القرآن أوحفظه ؟

*************************

..:: تابع : الفصل التاسع ::.. 

:: عن نسيان حفظ القرآن  ::

***********************

..:: س44: هل معنى حديث (بئسما لأحدهم يقول: نَسيتُ آية كيت وكيت) يدل على ذم من ينسى شيئا من القرآن ؟ ::..

- جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بِئْسَما لأَحَدِهِمْ يقولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بَلْ هو نُسِّيَ، اسْتَذْكِرُوا القُرْآنَ فَلَهو أشَدُّ تَفَصِّيًا مِن صُدُورِ الرِّجالِ، مِنَ النَّعَمِ بعُقُلِها) صحيح البخاري.

- وفي رواية بلفظ: (لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هو نُسِّيَ) صحيح مسلم

- معنى (بئسما): أي يدخل في حال الذم من يقول أنه نسي آية كذا وكذا .

- معنى (كيت وكيت): كلمة يعبر بها عن الجمل الكثيرة ..

- معنى (استذكروا):  أي واظبوا على تلاوته والمحافظة عل قراءته، واطلبوا من أنفسكم المذاكرة به .

- معنى (أشد تفصيا): تفلتًا وذهابًا من الذاكرة.

- معنى (من النَّعَم بعقلها): النَّعَم أصلها الإبل والبقرة والغنم والمراد هنا الإبل خاصة لأنها التي تعقل أي تربط بالحبال .

- وقد يظن البعض أن قول النبي صلى الله عليه وسلم (بئس) لمن يحفظ وينسى .. لا .. وإنما قالها ذما لمن يقول بهذا القول وينسب الفعل لنفسه .. أي كراهة أن تقول (نَسِيت) .. وليس لكونك نسيت فعلا .. فأرشد المؤمن إن نسى شيئا فعلا من القرآن وأراد أن يتكلم عن ذلك ويعبِّر عنه فليقل: (نُسِّيت) أي دون إرادة منك ..

- وكأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد هنا إثبات مسألتين:

- الأولى: مسألة النسيان لكلام الله إنما هو بقدرة الله ..

- الثاني: مسألة انسحاب القرآن منك لو انشغلت عنه ..

- أما عن الرأي القائل : بأن "أَوْلَى مَا يُتَأَوَّلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ أَنَّ مَعْنَاهُ ذَمُّ الْحَالِ لَا ذَمُّ الْقَوْلِ" ..، وهذا رأي القاضي عياض والإمام النووي رحمهما الله وغيرهما ..

- فهذا رأي فيه نظر..!! لأن لفظ النبي أولى أن يعتبر به بدلا من تأويل النص لمراد آخر .. حيث قال النبي (بِئْسَما لأَحَدِهِمْ يقولُ) .. فالكلام على القول وليس على الحال .. !! والله أعلم

- أما عن سبب الذم .. فهناك رأيين في المسألة (هما خلاصة عدة آراء) .. فرأي يقول أنه بسبب عقوبة أو غفلة .. والبعض يقول أن هذا خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم .. ولنناقش كلا الرأيين:

- أولا: أما ما يكتبه بعض العلماء عن أن سبب الذم لنسيان الآية هنا نتيجة عقوبة او غفلة .. فهذا لا يصح لسببين:

1- فهو بذلك سيكون متهما للنبي بالغفلة والعقوبة من الله (وحاشاه) لأن جاء في الحديث الصحيح أنه أسقط آية بمعنى نسى .. ولفظ الحديث هو (سَمِعَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ في المَسْجِدِ فَقالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ، لقَدْ أذْكَرَنِي كَذَا وكَذَا آيَةً، أسْقَطْتُهَا في سُورَةِ كَذَا وكَذَا) صحيح البخاري ..، وسيأتي بيان ذلك بعد قليل .. !!

2- أصلا لا دليل على العقوبة أو الغفلة في الحديث ولم يذكره النبي صلى الله عليه وسلم ..!! فلماذا نتقول بتأويل لم يقل به النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!

- وإنما الذم كان على القول بالنسيان ونسبة الفعل لنفسه .. وكأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أراد بذلك إثبات الفعل لله .. مع التنبيه على مداومة ملازمة القرآن وإلا صرف الله حفظه من ذاكرة الإنسان ..

- ولا مانع أن يقال أن سبب الذم لأن لفظ (نسيت) هو لفظ يتشابه فيه قائله مع الذي تهاون وأعرض وغفل عن الله .. كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) طه123 ..، وكقوله (كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا) طه126 .

- ثانيا: ولذلك قال البعض الآخر من العلماء أن سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم لقوله السابق "وهو خاص بزمنه" .. حيث أن هناك آيات في عهد النبي تم نسخها واستبدالها بأخرى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة106.. فكأنه صلى الله عليه وسلم قد سمع البعض يقول نسيت الآية التي كانت نزلت سابقا وتم نسخها كليا (تلاوة ورسما) .. فنهاهم النبي عن ذلك .. حتى يفهمهم أن ذلك إنما كان عن فعل الله ومراده .. ولكن المحكم من آياته فلا ينسيه الله لأنه له حافظ  (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر9. والله أعلم .

- قال الإمام بن الملقن رحمه الله (المتوفى: 804هـ):

- وقوله: (بل هو نُسِّي) يعني أنه عوقب بالنسيان على ذنب كان منه أو على سوء تعهده له، والقيام بحقه.

- وقيل: إنه خاص بزمانه - عليه السلام - والقرآن ينسخ ويرفع فيذهب رسمه وتلاوته ويشتد حفظه عند حملته فيقول القائل منهم: نسيت آية كيت وكيت، فنهاهم عن هذا القول؛ لئلا يتوهموا على محكم القرآن الضياع، فأعلمهم أن الذي يكون من ذلك إنما هو بإذن الله؛ ولما فيه من الحكمة والمصلحة في نسخه ومحوه من قلبه، وأما قول المرء: نسيت كذا. فجائز؛ قال فتى موسى - عليه السلام -: (فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ) الكهف63.

التوضيح لشرح الجامع الصحيح ج24 ص138

* قال الإمام السيوطي رحمه الله (المتوفى: 911 هـ):

- (بئس): فعل الذم.

- (ما): نكرة موصوفة، أي: شيئًا كائنًا لأحدهم.

- (أن يقول): هو المخصوص بالذم.

- (نسيت): وجه الذم نسبة الفعل إلى نفسه، وهو فعل الله. وقيل: هو خاص بزمنه - صلى الله عليه وسلم -، إذ كان من ضروب النسخ نسيان الشيء الذي ينزل فَنُهوا عن نسبة ذلك إليهم، وإنما هو بإذن الله لما رآه من الحكمة.

- (نسي): بضم النون وتشديد السين المكسورة.

التوشيح شرح الجامع الصحيح ج7 ص3191

*************************

..:: س45: هل كراهية القول بالنسيان في الحديث (لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ) هي كراهية تحريم أم تنزيه ؟ ::..

- الذي عليه العلماء هو أن النهي في حديث النسيان (لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هو نُسِّيَ) صحيح مسلم .. إنما هو نهي تنزيه أي لا يتم الحكم به بالتحريم ولا يترتب عقاب على فاعله لأن هذا النهي ثبت من دليل غيره على جواز فعله .

- فإذا كان النهي في الحديث السابق قاله النبي .. فقد ثبت عنه أيضا أنه قال عندما سمع قراءة رجل فقال: (لقَدْ أذْكَرَنِي كَذَا وكَذَا آيَةً، أسْقَطْتُهَا في سُورَةِ كَذَا وكَذَا) صحيح البخاري  .. فدل ذلك على أن النهي ليس تحريما في هذا الحديث (لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هو نُسِّيَ) صحيح مسلم .

- وبالتالي فإن من يستدل بهذا الحديث في تأثيم المسلمين فهو قد انكشف حاله لك بأنه قال بما لم يقل به الله ورسوله ولا حتى علماء المسلمين ..!!

- ملحوظه .. معنى كلمة (تنزيهية): أي بعيدة عن التحريم .. أي أن هذه الكراهة بعيدة تماما عن التحريم الذي يترتب عليه إثم أو عقاب .

**************************

..:: س46: هل الذي لا يحفظ القرآن قلبه كالبيت الخرب ؟ ::..

- من الأحاديث التي يستخدمها بعض محفظي القرآن المتنمرين على المؤمنين بوجوب حفظ القرآن وأن من لم يحفظه فهو كالبيت الخرب .. فيستدلون بحديث (إنَّ الذي ليسَ في جَوفهِ شيءٌ مِنَ القْرآنِ كالبَيْتِ الخَرِبِ) رواه الترمذي وأحمد والحاكم .. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح .. وقال الحاكم: صحيح الإسناد .. وعقب عليه الإمام الذهبي فقال: قابوس لين ..، وضعفه بن القطان في بيان الوهم والإيهام ، وقال الأنؤوط: إسناده ضعيف لضعف قابوس .، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي وضعيف الترغيب.

* قلت (خالد صاحب الرسالة):  

- وسبب تضعيف بعض علماء الحديث لهذا الحديث هو أحد رواته وهو قابوس بن أبي ظبيان .. وهو لين الحديث عند علماء الحديث .. واللين درجة من درجات الضعف عندهم .

- وعن مصطلح اللين .. وهو أحد مراتب الجرح في الحديث .. قال الإمام النووي (المتوفى: 676هـ) في التقريب والتيسير ص53 : أما ألفاظ الجرح، فمراتب، فإذا قالوا لين الحديث كتب حديثه ونظر اعتباراً، وقال الدارقطني: إذا قلت لين لم يكن ساقطاً، ولكن مجروحاً بشيء لا يسقط عن العدالة، وقولهم: ليس بقوي يكتب حديثه، وهو دون لين، وإذا قالوا: ضعيف الحديث فدون ليس بقوي ولا يطرح بل يعتبر به؛ وإذا قالوا: متروك الحديث، أو ذاهبه، أو كذاب، فهو ساقط لا يكتب حديثه.

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من جعل الحديث حسن صحيح .. فإنما لأنه لم يؤاخذ قابوس بهذا اللين أو ظن أن هذا اللين ليس بالذي يرد قبول رواية الحديث .. أو قد لا يكون بعلم عن لين هذا الراوي الخاص بقابوس هذا أحد رواة الحديث .. والله أعلم ..

- والخلاصة هي أن مفهوم الراوي اللين في الحديث هو ما فيه ضعف يسير ويقبل حديثه للإعتبار وليس للإحتجاج به إلا إذا لم ينفرد بهذا الإسناد وجاء بإسناد آخر يتقوى به فيكون حسنا صحيح .. والله أعلم

* أما عن معنى الحديث ..

- فلا علاقة له بما أراد البعض منه أن يتخذه وسيله لتقبيح الذي لا يحفظ القرآن .. لأن معناه أن الذي ليس في باطنه من أخلاق القرآن وإيمانياته .. فهو كالبيت الخرب ..!!

* قال الإمام المظهري رحمه الله (المتوفى: 727 هـ):

- قوله: (إنَّ الذي ليسَ في جوفِهِ شيءٌ من القرآنِ كالبيتِ الخَرِبِ) ..؛ يعني: عمارةُ القلوب بالإيمان والقرآن وذكر الله، فمَنْ خلا قلبُهُ من هذه الأشياء، فقلبُهُ خرابٌ لا خيرَ فيه، كما أنَّ البيتَ الخربَ لا خيرَ فيه.

المفاتيح في شرح المصابيح ج3 ص83

- قال الإمام نور الدين الملا الهروي القاري (المتوفى: 1014هـ):

- (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفِهِ) ، أَيْ قَلْبِهِ (شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ نُسْخَةٌ، أَيِ الْخَرَابُ لِأَنَّ عِمَارَةَ الْقُلُوبِ بِالْإِيمَانِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَزِينَةَ الْبَاطِنِ بِالِاعْتِقَادَاتِ الْحَقَّةِ وَالتَّفَكُّرِ فِي نَعْمَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - .

- وَقَالَ الطِّيبِيُّ: أُطْلِقَ الْجَوْفُ وَأُرِيدَ بِهِ الْقَلْبُ إِطْلَاقًا لِاسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى – (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) الأحزاب4 ، وَاحْتِيجَ لِذِكْرِهِ لِيَتِمَّ التَّشْبِيهُ لَهُ بِالْبَيْتِ الْخَرَابِ بِجَامِعِ أَنَّ الْقُرْآنَ إِذَا كَانَ فِي الْجَوْفِ يَكُونُ عَامِرًا مُزَيَّنًا بِحَسَبِ قِلَّةِ مَا فِيهِ وَكَثْرَتِهِ، وَإِذَا خُلِّيَ عَمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنَ التَّصْدِيقِ وَالِاعْتِقَادِ الْحَقِّ وَالتَّفَكُّرِ فِي آلَاءِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَصِفَاتِهِ يَكُونُ كَالْبَيْتِ الْخَرِبِ الْخَالِي عَمَّا يُعَمِّرُهُ مِنَ الْأَثَاثِ وَالتَّجَمُّلِ اهـ .

- وَكَأَنَّهُ عَدْلٌ عَنْ ظَاهِرِ الْمُقَابَلَةِ الْمُتَبَادِرِ إِلَى الْفَهْمِ، وَإِذَا خُلِّيَ عَنِ الْقُرْآنِ لِعَدَمِ ظُهُورِ إِطْلَاقِ الْخَرَابِ عَلَيْهِ.

- وغَفَلَ ابْنُ حَجْرٍ عَنْ مَلْحَظِهِ وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يُنَاسِبُهُ

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج4 ص1470

* قال الإمام المناوي رحمه الله (المتوفى: 1031هـ):

- (الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفه شَيْء من الْقُرْآن كالبيت الخرب) أَرَادَ بالجوف الْقلب وَفَائِدَة ذكره تَصْحِيح التَّشْبِيه بِالْبَيْتِ الخرب كجوف الانسان الْخَالِي عَمَّا لَا بُد مِنْهُ من التَّصْدِيق والاعتقاد الْحق.

التيسير بشرح الجامع الصغير ج1 ص298

* قال الشيخ المباركفوري رحمه الله (المتوفى: 1414هـ):

قوله: (إن الذي ليس في جوفه) أي قلبه (شي من القرآن كالبيت الخرب) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء المهملة - أي الخراب، لأن عمارة القلوب بإيمان وقراءة القرآن وزينة الباطن بالاعتقادات الحقة والتفكر في نعماء الله تعالى.

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج7 ص209

* قال الإمام الصنعاني رحمه الله (المتوفى: 1182هـ):

- (إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن) أي في حفظه. (كالبيت الخرب) في عدم نفعه لخلوه عن الخير وعن الساكن وفيه حث على حفظ القرآن أو شيء منه.

 التَّنويرُ شَرْحُ الجَامِع الصَّغِيرِ ج3 ص524

* قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على كلام الصنعاني:

- لا أدري من أين أتي الإمام الصنعاني بهذا التخصيص بأنه خاص بالحفظ أو شيء منه ..!! وأحسب أنه جاء به من كلام الإمام بن حجر كما أظهر ذلك الإمام الهروي في كتاب المرعاة ..!!

- وكيف يصح أن يكون الحديث خاص بالحفظ في حين أننا نجد أن كثير من حفظة القرآن كانوا كالبيت الخرب .. والخوارج أبسط مثال على ذلك وغيرهم من الفرق التي ظهرت في التاريخ الإسلامي .. وفي زماننا هذا يوجد بعض من ينتسب لجماعات دينية متاجرا بالقرآن كبعض الرقاة .. ومنهم من يستبيح دم ومال وعرض المسلمين في كل مكان .. ويزعمون أنهم حفظة للقرآن ..!!

- ولو كان الإمام الصنعاني أو بن حجر قالا بالحفظ والعمل به .. لكان الكلام مقبولا ..!! ولكن التخصيص الذي فسره الإمام لا دليل عليه .. ولذلك قال أغلب العلماء أن المقصود بالحديث عمارة القلب بمعاني القرآن الإيمانية والعمل به .. وهذا الرأي هو ما يستقيم معه منطق العقل ويطمئن له القلب ..!

- ختام الكلام على هذا الحديث:

- لو سلمنا بصحة هذا الحديث الضعيف لهؤلاء المحفظين المتنمرين .. فنجد أن الحديث يقول (شَيْء من الْقُرْآن) .. فهذا معناه ليس بالضرورة حفظه كله بل يكفي شيئا منه .. فلماذا تقبحون من لا يحفظ القرآن مثلكم ؟!! .. بل والذي يدل على فساد تفسير مراد الحديث بالحفظ هو أن عموم المؤمنين يحفظون سورة الفاتحة .. فهل هذا كان كافيا ليجعل صدورهم عامرة بالإيمان ؟!! لا .. بل لازال الخراب موجود في كثير من قلوب المؤمنين وكثير منهم يحفظن شيئا من القرآن .. وذلك لأن العبرة ليست بالحفظ وإنما بالإيمان بما يقرأه ويتلوه ويحفظه .. ويكفيك قوله تعالى (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) ص29 ..، (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) العنكبوت49.

- وأكرر على قاريء هذه الرسالة بأن لست معترضا على حفظ القرآن لأن حفظه هو كرامة من الله مع العمل به .. بل ومن لا يقل بهذه الكرامة فقد جحد وأنكر حديث النبي (مَثَلُ الذي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وهو حافِظٌ له مع السَّفَرَةِ الكِرامِ البَرَرَةِ) صحيح البخاري  .. وإنما اعتراضي على تسييس الأحاديث وآراء الفقهاء كما يتفق وأهواء البعض ليجعلوا منها وسيلة للتنمر على الآخرين بالأذى النفسي وذلك لأن كل جريمة الآخرين أنهم سيئي الحفظ وينسون كثيرا ..!!

- فهل أمثال هؤلاء المحفظين يتقون الله ؟!! لا أظن ذلك ..!!

 **************************

..:: س47: هل يعيب الرسول أنه نسى آية من القرآن كنسيان مؤقت ؟ ::..
(شبهة للملاحدة ولجماعة القرآنيين منكري الحديث النبوي)

- جاء في الحديث ما يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم نسى آية من القرآن .. ولكن جماعة منكري الحديث النبوي الذين يتسترون وراء لفظ قرآنيون .. مدعي العلم الذين لزموا البيوت ولم يطلبوا العلم من العلماء وإنما من محض عقولهم المريضة .. قالوا أن هذا يتعارض مع قوله تعالى قوله تعالى: (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) الأعلى6 ..، ومع قوله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) الْقِيَامَة16- 18 ..، ومع قوله تعالى (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) طه114.. أي لا تقرأ وراء جبريل أثناء قرائته لك .. وإنما استمع له وستجده مجموعا في قلبك مثبتا في صدرك وناطقا به لسانك .. فاقرأه بعد ذلك ولا تخاف من ضياعه .. فقد وعدناك بحفظه .

- وكأنهم أخذوا هذه الشبهة من كلام الملحدين الذين قالوا أنه طالما الرسول نسى آية .. فما المانع أن يكون قد نسى آيات ولم يتم البلاغ على هذا الأساس ؟

- أما عن الأحاديث التي أنكرها جماعة المتكيء الشبعان منكرة الاحاديث النبوية .. فهي الاحاديث الآتيه:

1- الحديث الأول: عن السيدة عائشة قالت:(أنَّ رجلًا قامَ منَ اللَّيلِ فقَرأَ فرفعَ صوتَهُ بالقرآنِ فلمَّا أصبحَ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يرحمُ اللَّهُ فلانًا كأيٍّ من آيةٍ أذكُرنيها اللَّيلةَ كنتُ قد أسقطتُها) صحيح أبي داوود.

- معنى (كأيٍّ من آيةٍ): إشارة إلى قوله تعالى (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) يوسف105.

- ومعنى (أسقطتُها): بصيغة المجهول .. ويقصد به النسيان كطبيعة بشرية .. وانها كانت آية بدليل رواية أحمد عن السيدة عائشة بلفظ (سمع النبي - صلى االله عليه وسلم - رجلا يقرأ آية، فقال: رحمه االله، لقد أذكرني آية كنت نسيتها) رواه أحمد.. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

2- الحديث الثاني: عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي الْفَجْرِ فَتَرَكَ آيَةً، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: " أَفِي الْقَوْمِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ؟ " قَالَ أُبَيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ نُسِخَتْ آيَةُ كَذَا وَكَذَا، أَوْ نُسِّيتَهَا؟ قَالَ: " نُسِّيتُهَا) رواه أحمد .. قال الهيثمي:  رواه أحمد والطبراني، ورجاله رجال الصحيح..، وقال الأرنؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخين .

- وسبب قول النبي (أَفِي الْقَوْمِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ): اختبارا له إن كان قد انتبه للآية التي نسيها النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك فهم أبي بن كعب مراد النبي بمجرد أن طلبه .. واجابه مباشرة قبل أن يسأله النبي .. وهذا يدل على فطنة وانتباه أبي بن كعب رضي الله عنه .

- الجواب:

- أولا: علينا أن نتسائل ونقول .. هل النسيان ممتنع على الأنبياء والرسل ؟

- نجد أن هذا غير ممتنع على الأنبياء والرسل ودليل ذلك قول سيدنا موسى للخضر (لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ) الكهف73 ..، وكذلك قال تعالى (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) طه115 .. وسواء كان آدم نبيا أم ليس نبيا أثناء وجوده في الجنة (على اختلاف بين العلماء) .. فالأصل هو حدوث تكليف إلهي مباشر لآدم إلا أنه نسي مع طول المدة ..

- وفي الحديث (صَلَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - قالَ إبْرَاهِيمُ "أحد رواه الحديث": لا أدْرِي زَادَ أوْ نَقَصَ - فَلَمَّا سَلَّمَ قيلَ له: يا رَسولَ اللَّهِ، أحَدَثَ في الصَّلَاةِ شيءٌ؟ قالَ: وما ذَاكَ، قالوا: صَلَّيْتَ كَذَا وكَذَا، فَثَنَى رِجْلَيْهِ، واسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمَّا أقْبَلَ عَلَيْنَا بوَجْهِهِ، قالَ: إنَّه لو حَدَثَ في الصَّلَاةِ شيءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ به، ولَكِنْ إنَّما أنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أنْسَى كما تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وإذَا شَكَّ أحَدُكُمْ في صَلَاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عليه، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ) صحيح البخاري.

- يبقى النسيان نتيجة قصور مؤقت في الملكة الذهنية لا يقدح في خصوصية الإنسان .. وإن كان عذر إلا أنه يترتب عليه آثاره بقدر ما يحتمله هذا الموقف .. ففي حالة سيدنا موسى سامحه الخضر لأن هذه المسامحة بيد الخضر لأنه المعلم .. ومع آدم عوقب عليه ثم طلب الغفران فغفر له .. ومع سيدنا محمد نسى في الصلاة فجبر هذا النسيان مع الله بسجدتي سهو .. 

- ثانيا: علينا أن نتسائل : ما هو الحفظ الإلهي للقرآن ؟ حيث يقول تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر9 .

- هل معناه أن يحفظه الرسول فقط ؟ لا .. ليه لا ؟

- لأنه لو كان معناه أن الرسول يحفظه فقط .. فهذا دليل على أن القرآن ينتهي حفظه الإلهي بموت الرسول وبالتالي فإن ما بعد الرسول فهو غير مؤتمن على حفظ المصحف لأن التأييد الإلهي كان للرسول فقط وليس لغيره ..!!

- ولذلك فإن مفهوم الحفظ الإلهي للقرآن ليس معناه اختزان المعلومات عند الرسول فقط .. وإنما معناه حفظ التبليغ لهذا القرآن لأهل الأرض .. فهذا وعد بالحفظ الإلهي كحفظ تبليغ للنبي وأمة النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك ظل محفوظا مسطورا ومقروءا في صدور الأمة من بعد النبي صلى الله عليه وسلم .. لأنه حفظ تبليغ .. يعني سييسر الله له الأسباب في بقاء حفظه بكل الطرق المتاحة للحفظ التي في عالم الأسباب سواء بالحفظ الذهني أو الكتابي .. وحاليا محفوظ أيضا في وسائل الميديا المختلفة المقروءة والمسموعة .

- ثالثا: أما عن قوله تعالى: (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) ..

1- ما جاء في سبب نزول الآية .. وهو أن النبي كان يُتعب نفسه بكثرة قراءة القرآن، حتى وقت نزول الوحي؛ مخافة أن ينساه ويفلت منه، فاقتضت رحمة الله برسوله أن يطمئنه من هذه الناحية، فنـزلت هذه الآية.

2- لو حملنا حرف (لا) على أنه نفي .. فمعنى الآية أنه وعد من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أنه سيعلمه القرآن ويجمعه في صدره بما لا ينساه أبدا .. يعني: سنحفظ عليك حتى لا تنسى شيئاً.

- ولو حملنا حرف (لا) على أنه نهي .. فهو توجيه إلهي من الله إلى النبي بدوام المحافظة على تلاوة القرآن حتى لا ينس ..

- وغالب علماء التفسير على أن حرف (لا) هو حرف نفي .. لأن الفعل بعدها مثبت الألف .. ولو كان حرف نهي لكانت الآية هكذا (فلا تنس) ..!! فضلا عن أن النهي عن النسيان أمر مستحيل لأنه طبيعة بشرية ..

3- وهذه الآية لوحدها (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى) .. قد تكون دليل على عدم النسيان للقرآن .. ولكن جماعة القرناء المتشابهة قلوبهم .. حذفوا الإستثناء الذي جاء بعد الآية وهو قوله تعالى (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى . إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ) .. يعني: سنحفظ عليك حتى لا تنسى شيئاً، (إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ) يعني: إلا ما شاء الله أن يرفعه وينسخه ويذهبه من قلبك كالآيات التي تم نسخها تلاوة ورسما .. أو يجعلك تنساه من عقلك لحظيا بحكم طبيعتك البشرية .

- رابعا: ولكن هل هذا النسيان يكون بعد التبليغ ؟

- نعم قد يحدث نسيان ذهني مؤقت لآية بحكم الطبيعة البشرية .. ولكن لأن الرسول بلغ القرآن فهو محفوظ سواء عند الرسول أو عند غيره ممن قرا عليهم القرآن وهم حفظة الوحي من أصحابه ..

- يعني حفظ التبليغ حكمه موجود كما هو لم يتغير .. سواء نسى النبي آية في لحظة ذهنية بحكم الطبيعة البشرية أو نسيها احد من أصحابه .. لأن الأصل هو دوام حفظ تبليغ القرآن الذي وعد به الله .. والذي لم يختص بحفظه عند الرسول فقط وإنما الرسول هو مبلغ عن الله .. والله هو الذي يتولى حفظه ..!!

- فافهم وانتبه أكرمك الله لما ذكرته لك .

- خامسا: هل يجوز النسيان على الرسول قبل التبليغ للأمة ؟

- مستحيل أن يحدث ذلك .. أن يكون الرسول قد أبلغه الله بشيء ويكون الرسول نساه .. ليه مستحيل ؟

- لقوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة3 ..

- خلاصة ما سبق:

1- نسيان النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو عن طبيعة بشرية ولا يتعلق بنسيان تبليغ ما أعلمه الله أن يوصله للناس .. وإنما قد يتعلق بما قام بتبليغه فعلا وعلمه المؤمنون .. وهؤلاء المؤمنون هم أيضا من وسائل حفظ القرآن .. فانتبه لهذه الجزئية .. وارجع لما ذكرته لك سابقا .. حتى تغنم بما يشرح صدرك .

2- أنه لا يوجد تعارض بين الآيات والأحاديث كما زعم جماعة مكذبي الحديث الشريف المتسترون وراء مصطلح "جماعة القرآنيون" .. الذين تشابهت قلوبهم على بغض الحديث النبوي .

**********************

..:: س48: ما هي أهم نصائح لمن يريد حفظ القرآن ؟ ::..

1- الإخلاص في حفظ القرآن .. أي تحفظه طلبا لرضا الله وغفران .

- عن أبي أمامة الباهلي قال: (أنَّ رجلًا جاءَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : يا رسولَ اللهِ .. أرأيْتَ رجلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ والذِّكْرَ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( لا شَيْءَ لهُ ) فَأَعادَها ثلاثَ مراتٍ .. يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( لا شَيْءَ لهُ ) .. ثُمَّ قال : (إِنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ إِلَّا ما كان لهُ خَالِصًا وابْتُغِيَ بهِ وجْهُهُ) صحيح النسائي.

- معنى (رجلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ والذِّكْرَ): أي خرج للجِهادِ يَطلُبُ الأجرَ مِن اللهِ ويَجمَعُ معه الرَغبةً في المدحِ والثَّناءِ عند النَّاسِ .. ليقولوا عنه أنه مقاتل عظيم ..!!

- معنى (ابتغى وجه الله): أي قصد بعمله أن يتوجه به إلى الله طالبا رضاه ..

- وكل أنواع العبادات والمعاملات .. إن لم يكن فيها إخلاص لله وابتغاء مرضاته من وراء هذه العباده .. فلا قيمة لعملك عند الله .

2- لا تمدح نفسك وتزكيها على الله وتحسب في نفسك الخيرية على غيرك .. وتذكر قوله تعالى: (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) النجم32.

- (فَلا تُزَكُّو أَنْفُسَكُمْ): فَلا تَمْدَحُوها بِحُسْنِ الأَعْمَالِ.

- والنهي في الآية واضح .. والنهي يرشدك أن من يزكي نفسه إنما هو إنسان نفسه مغرورة وغير سوية .. لأنه حكم لنفسه بالتزكية وهو حكم غيبي لا يعلمه إلا الله .. وهذا يسمى كذب على الله .

- ولكن من حقك أن تسعد في قلبك بأن الله يكرمك بحفظ كتابه .. وتحمده على هذه النعمة الكبيرة التي ينعم بها عليك ..

3- لا تحتقر غيرك وتستنقص منه كلما زادك الله في الحفظ لقلة حفظ الآخر .. ويكفيك أن تتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ) صحيح مسلم.

4- استر حالك مع الله ولا تخبر به أحد .. واجعل حفظك للقرآن هو حالك المستور بينك وبين الله .. فهذا أكمل للإخلاص .. إلا لو كنت تعلم غيرك أو تساعده على الحفظ والتجويد .

*************************

..:: س49: ما هو أهم توجيه ترجوه عند قراءة القرآن أوحفظه ؟ ::..

- اجعل همتك عند قراءة القرآن هي أن يرزقك الله حبه وحب نبيه صلى الله عليه وسلم .. لأن قراءة القرآن سببا لك في محبة الله ورسوله ..

- قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، فَلْيَقْرَأ فِي الْمُصْحَفِ) أخرجه ابن شاهين وأبو نعيم في الحلية .. وذكره الألباني في الصحيحة وصحيح الجامع .

***********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .